الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 12 ديسمبر 2018

الطعن 5 لسنة 46 ق جلسة 9 /11 / 1977 مكتب فني 28 ج 2 أحوال شخصية ق 283 ص 1644

جلسة 9 من نوفمبر سنة 1977

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيسا المحكمة وعضوية السادة المستشارين محمد الباجورى، صلاح نصار، محمود رمضان، إبراهيم فراج.

----------------

(283)
الطعن رقم 5 لسنة 46 ق "أحوال شخصية"

(1، 2، 3) أحوال شخصية " الطلاق". محكمة الموضوع.
(1) التطليق للضرر شرطه أن تصبح العشرة بين الزوجين مستحيلة بسبب إيذاء الزوج لزوجته بالقول أو بالفعل. معيار الضرر شخصى.
(2) إقامة الزوجية دعواها بالتطليق للضرر. إيرادها بعض صور الضرر جواز إقامة محكمة الموضوع حكمها على صور أخرى تضمنتها وقائع الدعوى تتحقق بها المضارة.
(3) حق الزوج فى تأديب زوجته بالضرب. لا يلجأ إليه إلا بعد سلوك طريق الموعظة الحسنة والهجر فى المضاجع. وجوب أن يتوقف عليه رجوع الزوجة من نشوزها. لمحكمة الموضوع سلطة تقديره.
(4) إثبات " الكتابة .
الورقة الرسمية. حجة بما دون فيها. مثال بشأن حكم لم يهدر حجية الورقة الرسمية ولم يأخذ بها.
(5، 6) أحوال شخصية. نيابة عامة. حكم " تسبيبه".
(5) كفاية إثبات الطلبات الختامية للنيابة بأسباب الحكم دون أسانيدها.
(6) الحظر تقديم مذكرات من الخصوم بعد إيداع النيابة مذكرتها م 95 مرافعات. قاصر على دعاوى الأحوال الشخصية التى تكون فيها النيابة طرفاً منضماً.
(7) دعوى "تقديم المذكرات" . حكم.
عدم تعويل المحكمة على المذكرة المقدمة من أحد الخصوم. نعى الخصم الآخر على المحكمة قبولها بتلك المذكرة لا محل له.

-----------------
1 - مؤدى نص المادة السادسة من المرسوم بقانون 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية، وأن الشارع أوجب كى يحكم القاضى بالتطليق أن يكون الضرر أو الأذى واقعان من الزوج دون الزوجة، وأن تصبح العشرة بين الزوجين مستحيلة بين أمثالهما، ويقصد بالضرر فى هذا المجال إيذاء الزوج زوجته بالقول أو بالفعل إيداء لا يليق بمثلها بحيث تعتبر معاملة الزوج لزوجته فى العرف معاملة شاذة ضارة تشكو منها المرأة ولا ترى الصبر عليها، ومعيار الضرر الذى لا يستطاع معه دوام العشرة، ويجيز التطليق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو معيار شخصى لا مادى يختلف باختلاف البيئة والثقافة ومكانة المضرور فى المجتمع.
2 - إذ كان البين من صحيفة الدعوى الابتدائية أن المطعون عليها وإن ساقت فيها بعض صور سوء المعاملة التى تلقاها من الطاعن، وضربت على ذلك أمثلة من قبيل الهجر والامتناع عن الانفاق والإهانة على مسمع من الزملاء إلا أنها فى طلباتها الختامية اقتضت على الحكم بتطليقها بائناً بالتطليق لأحكام المادة السادسة آنفة الإشارة، مما مفاده أنها جعلت من الأضرار سبباً للتفريق بينهما، ومن ثم فلا تثريب على محكمة الموضوع إن هى ضربت صفحاً على الأسئلة التى عددتها المطعون عليها طالما وجدت من وقائع الدعوى عناصر يتحقق بها المضارة وفق حكم المادة التى أقيمت الدعوى بالاستناد إليها.
3 - حق التأديب الشرعى المعبر عنه بالضرائب فى الآية الكريمة "واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع وأضر بوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا" ولا يلجأ إلا بعد سلوك سبيل الموعظة الحسنة - والهجر فى المضاجع باعتباره الوسيلة الثالثة والأخيرة للاصلاح، والراى فيه أن يقتصر مجاله حال انحراف البيئة وغلبة الأخلاق الفاسدة، ولا يباح إلا إذا رأى الرجل أن رجوع المرأة عن نشوزها يتوقف عليه، فهو منوط بالضرورة الأشد وأشبه بالحلال المكروه، وتقديره بهذه المثابة متروك لقاضى الموضوع، وإذ انتهى الحكم أن اعتداء الطاعن على المطعون عليها بالطريق العام وانفراط عقدها وتلويث ملابسها وتجمهر المارة حولها فيه تجاوز لحق التأديب الشرعى بمراعاة البيئة التى ينتمى إليها الخصيمان المتداعيان، فإنه لا سلطان عليه فى ذلك طالما كان استخلاصه سائغا.
4 - إذ كان مفاد المادة 11 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أن الورقة الرسمية تعد حجة بما دون فيها من أمور قام بها محورها فى حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشأن فى حضوره، وكان ما أورده الحكم من أن ما جاء بالشهادة الرسمية من عدم منح الطاعن أجازة فى الفترة المحددة بها لا يحول دون خروجه من المعسكر بعد انتهاء عمله أو تكليفه بعمل فإنه لا يكون قد أنطوى على إهدار لحجة هذه الشهادة وما تضمنته من بيانات صادرة من الموظف الرسمى الذى حررها، لما فيه من تسليم بعدم وجود الطاعن فى إجازة بالفعل وقتذاك هذا إلى أن استخلاص وجود الطاعن فى مهمة بعيداً عن عمله واحتمال وجوده بالقاهرة حسبما قرر الحكم تظاهره الشهادة الرسمية المقدمة من المطعون عليها أمام محكمة أول درجة والثابت فيها أنه كان فى مأمورية خارجية خلال المدة من 17/ 3/ 1973 حتى 25/ 3/ 1973 ومن ثم يكون إثيار الحكم أقوال شاهدى المطعون عليها أمر يحتمله منطق الأمر.
5 - إذ قرر الحكم المطعون فيه أن " النيابة العامة قدمت مذكرة انتهت فيها إلى طلب الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف" فإن هذا الذى أورده الحكم كان لتحقيق غرض الشارع من وجوب تدخل النيابة العامة فى قضايا الأحوال الشخصية.
6 - النيابة العامة بعد صدور القانون رقم 628 سنة 1955 أصبحت طرفاً أصلياً فى قضايا الأحوال الشخصية التى لا تختص بها المحاكم الجزائية، والمادة 95 من قانون المرافعات بشأن حظر تقديم مذكرات من الخصوم بعد إيداع النيابة مذكرتها محلها طبقاً لصريح نصها الدعاوى التى تكون النيابة فيها طرفاً منضماً.
7 - إنه وإن كان بين من مذكرة الطاعن أنه غير مؤشر عليها بما يفيد عدم قبولها كما يبين من مذكرة المطعون عليها أنه مؤشر عليها بما يفيد إعلانها للطاعن أو وكيله، إلا أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول على شيء مما جاء بهاتين المذكرتين ولم يشر إليهما إطلاقاً، ومن ثم فإن قبول المحكمة المذكرة المطعون عليها بغرض حصوله - لا يكون قد أخل بأى حق للطاعن.


المحكمة:

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 190 لسنة 1973 " أحوال شخصية " أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعن طالبة الحكم بتطليقها منه طلقة بائنة. وقالت شرحاً لدعواها إنها زوجة له بموجب عقد شرعى صحيح مؤرخ 10/ 7/ 1969، وأنه طردها من منزل الزوجية وامتنع عن الانفاق عليها منذ أول يونيو سنة 1970، ودأب على الذهاب إليها فى الجامعة التى تدرس بها وإهانتها والإساءة أمام زملائها، وأنه طلقها بتاريخ 15/ 1/ 1973 ثم راجعها فى 9/ 2/ 1973، وإذ أصبحت العشرة بينهما مستحيلة، ويحق لها طلب التطليق عملاً بالمادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 فقد أقامت الدعوى بطلباتها. وبتاريخ 20/ 10/ 1973 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أنها زوجة الطاعن وعلى عصمته وفى طاعته، وأنه دأب على الاعتداء عليها على نحو لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما، وبعد سماع شهود الطرفين عادت وحكمت فى 8/ 2/ 1976 برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 27 لسنة 92 ق "أحوال شخصية" القاهرة طالبة إلغاءه والحكم بطلباتها، فقضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وتطليق المطعون عليها من الطاعن طلقة بائنة. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول وبالسبب الثانى وبالوجهين الأول والثالث من السبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم بنى قضاءه بالتطليق على سند من اطمئنانه لأقوال شاهدى المطعون عليها من روءيتهما الاعتداء الواقع عليها من الطاعن، الذى أمسكها من ذراعها متفوها بعبارة " ما لكيش أهل أتفاهم معاهم " ، واستشف الحكم من أوراق الدعوى عدم الوفاق بين الزوجين من سبق طلاق الطاعن لها ومراجعته إياها وتردد الخصومات القضائية بينهما، فى حين أن الثابت أن المطعون عليها استندت فى دعواها إلى عناصر محددة هى الهجر والطرد والامتناع عن الإنفاق والاهانة أمام الزملاء والدأب على الإيذاء، وقد فند الطاعن توافر هذه العناصر وتمسك بوجوب بحثها ما دامت مسوقة كوحدة متماسكة إنبنى عليها طلب التطليق، غير أن الحكم أغفل التحدث عن هذه العناصر كلها أو تحقق دفاعه بشأنها، وعمد إلى إضافة وقائع جديدة لم تتمسك بها المطعون عليها من سبق وقوع الطلاق وقيام الشقاق وتبادل الدعاوى بينهما، ومع أنها لا تندرج ضمن الأسباب الموجبة للتطليق، الأمر الذى يفتقد معه التطابق بين الدعوى وأدلتها وبينها والحكم الصادر فيها، هذا إلى أنه بفرض صحة أقوال شاهدى المطعون عليها فإنها لا تنم عن عدوان من الطاعن، وإنما تستهدف الرغبة فى معاودة الحياة الزوجية بالإضافة إلى أن إجماع الفقه على أن الضرر الذى لايستطاع معه دوام العشرة والذى يبيح القضاء بالتطليق هو الضرب المبرح الذى تنتج عنه الجروح والكسور أو السب المقنع، وما نسب إلى الطاعن لم يتجاوز فيه حدود حق التأديب الذى أباحته الشريعة الإسلامية للأزواج: ولا يترتب عليه عقوبة جنائية أو دعوى بطلب التطليق، ولا يؤدى إلى استحالة المعاشرة الزوجية، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أن النص فى المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية على أنه "إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما يجوز لها أن تطلب من القاضى التفريق، وحينئذ يطلقها القاضى طلقة بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن الإصلاح بينهما ..." يدل على أن الشارع أوجب كى يحكم القاضى بالتطليق أن يكون الضرر أو الأذى واقعا من الزوج دون الزوجة، وأن تصبح العشرة بين الزوجين مستحيلة بين أمثالها، ويقصد بالضرر فى هذا المجال إيذاء الزوج وزوجته بالقول أو بالفعل إيذاء لا يليق بمثلها بحيث تعتبر معاملة الزوج لزوجته فى العرف معاملة شاذة ضارة تشكو منها المرأة ولا ترى الصبر عليها، ومعيار الضرر الذى لا يستطاع معه دوام العشرة، ويجيز التطليق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو معيار شخصى لا مادى - يختلف باختلاف البيئة والثقافة ومكانة المضرور فى المجتمع. ولما كان فى صحيفة الدعوى الابتدائية أن المطعون عليها وإن ساقت فيها بعض صور سوء المعاملة التى تلقاها من الطاعن، وضربت على ذلك أمثلة من قبيل الهجر والامتناع عن الانفاق والإهانة على مسمع من الزملاء إلا أنها فى طلباتها الختامية اقتصرت على الحكم بتطليقها بائناً بالتطليق لأحكام المادة السادسة آنفة الإشارة، مما مفاده، أنها جعلت من الأضرار سبباً للتفريق بينهما، ومن ثم فلا تثريب على محكمة الموضوع إن هى ضربت صفحاً على الأسئلة التى عددتها المطعون عليها طالما وجدت من وقائع الدعوى عناصر يتحقق بها المضارة وفق حكم المادة التى أقيمت الدعوى بالاستناد إليها. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع تستقل بتقدير عناصر الضرر دون رقابة عليها من محكمة النقض ما دامت استدلت على ذلك بأدلة سائغة وكان الحكم المطعون فيه قد أورد فى هذا الخصوص قوله... إن الثابت من شهادة شاهدى المستأنفة المطعون عليها (شقيقها وخالها) أنهما شهدا بأنهما كانا فى عملهما بالشركة وجاء من أبلغهما بوقوع اعتداء على المستأنفة من زوجها فشاهدا المستأنف عليه - الطاعن- فأسرعا إلى مكان الاعتداء (أمام محل الأميركين) فشاهدا المستأنف عليه ممسكا بذراعها وعقدها فرط على الأرض وذكرت لهما أن المستأنف عليه اعتدى عليها بالضرب وحاول إركابها سيارة أجرة بالقوة فبادر إلى التبيلغ وحررا بالواقعة محضرا بالشرطة كما قاما بإبلاغ الشرطة العسكرية المختصة ..."
وكان هذا الذى أورده الحكم استخلاصاً موضوعياً سائغاً مما تستقل به محكمة الموضوع ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق ويؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها ويكفى لحمل قضائه تدليلاً على حصول الإضرار المبرر للتطليق، فإن ما يثيره الطاعن بسبب النعى لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية فى تقدير الدليل لا تقبل أمام هذه المحكمة، كما لا يعيبه استطراده تزيداً إلى ذكر أسباب أخرى من قبيل سبق الطلاق واستمرار الشقاق وتردد الخصومات إذ لم يكن لها من تأثير على قضاء الحكم، لما كان ما تقدم وكان حق التأديب الشرعى المعبر عنه بالضرب بالآية الكريمة " واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا " لا يلجأ إلا بعد سلوك سبيل الموعظة الحسنة - والهجر فى المضاجع باعتباره الوسيلة الثالثة والأخيرة للاصلاح، وكان الراى فيه أن يقتصر مجاله حال انحراف البيئة وغلبة الأخلاق الفاسدة، ولا يباح إلا إذا رأى الرجل أن رجوع المرأة عن نشوزها يتوقف عليه، فهو منوط بالضرورة الأشد وأشبه بالحلال المكروه، وتقديره بهذه المثابة متروك لقاضى الموضوع، وإذ انتهى الحكم أن اعتداء الطاعن على المطعون عليها بالطريق العام، وانفراط عقدها وتلويث ملابسها وتجمهر المارة حولها فيه تجاوز لحق التأديب الشرعى بمراعاة البيئة التى ينتمى إليها الخصيمان المتداعيان، فإنه لا سلطان عليه فى ذلك طالما كان استخلاصه على ما سبق بيانه سائغاً، ويكون النعى على الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعى بالوجه الثانى من السبب الأول وبالوجه الثانى من السبب الثالث مخالفة القانون والفساد فى الاستدلال ، وفى بيان ذلك يقول الطاعن إنه قدم لمحكمة الموضوع شهادة رسمية صادرة من وحدته العسكرية تفيد أنه كان يوم الاعتداء المزعوم موجوداً بمقر عمله بمرسى مطروح، غير أن الحكم أهدر دلالة هذه الشهادة على سند مما تضمنته من عدم حصوله على إجازات خلال المدة من 15/ 2/ 1973 حتى 31/ 3/ 1973 لا يمنع من خروجه بعد انتهاء عمله المنوط به أو تكليفه بعمل فى الخارج، مع أن هذه الشهادة رسمية لها حجيتها قبل الكافة ما لم يثبت تزويرها، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون. هذا إلى أن المقرر أن الدليل الظنى لا يمكن أن يناقض دليلاً قطعياً، وغير مقبول أن يتمكن الطاعن من مبارحة مقر عمله بناحية مرسى مطروح إلى القاهرة بعد انتهاء فترة عمله بالمعسكر وعودته فى الصباح التالى لعمله، وهو ما يشوب الحكم بالفساد فى الاستدلال.
وحيث إن النعى فى غير محله، ذلك أنه لما كان مفاد المادة 11 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أن الورقة الرسمية تعد حجة بما دون فيها من أمور قام بها محررها فى حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشأن فى حضوره، وكان ما أورده الحكم من أن ما جاء بالشهادة الرسمية من عدم منح الطاعن أجازة فى الفترة المحددة بها لا يحول دون خروجه من المعسكر بعد انتهاء عمله أو تكليفه بعمل فى خارجه فإنه لا يكون قد أنطوى على إهدار لحجية هذه الشهادة وما تضمنته من بيانات صادرة من الموظف الرسمى الذى حررها، لما فيه من تسليم بعدم وجود الطاعن فى إجازة بالفعل وقتذاك هذا إلى أن استخلاص وجود الطاعن فى مهمة بعيداً عن محل عمله واحتمال وجوده بالقاهرة حسبما قرر الحكم تظاهره الشهادة الرسمية المقدمة من المطعون عليها أمام محكمة أول درجة والثابت فيها أنه كان فى مأمورية خارجية خلال المدة من 17/ 3/ 1973 حتى 25/ 3/ 1973 ومن ثم يكون إثبات الحكم أقوال شاهدى المطعون عليها أمرا يحتمله منطق الأمور، ويكون النعى عليه بمخالفة القانون والفساد فى الاستدلال على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الرابع من السبب الثالث القصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أورد بمدوناته أن النيابة طلبت رفض الاستئناف دون أن توضح رأيها فى الواقعة وفى الأسانيد القانونية والموضوعية التى استندت إليها بالمخالفة لما أوجبته المادة 178 من قانون المرافعات وهو ما يعيب الحكم بالقصور فى التسبيب.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه قرر أن " النيابة العامة قدمت مذكرة انتهت فيها إلى طلب الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف" فإن هذا الذى أورده الحكم كاف لتحقيق غرض الشارع من وجوب تدخل النيابة العامة فى قضايا الأحوال الشخصية، ومن ثم فإن النعى عليه بهذا السبب يكون فى غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع من وجهين : (الأول) أن محكمة الاستئناف قررت بجلسة 4/ 1/ 1976 لإصدار الحكم فيها يوم 8/ 2/ 1976وصرحت لكل من الطرفين بتقديم مذكرات إلى ما قبل هذا التاريخ بأسبوعين، رغم أن المادة 95 من قانون المرافعات حظرت على الخصوم تقديم مذكرات بعد إيداع النيابة مذكرتها، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون. (الثانى) أن محكمة الاستئناف لم تقبل المذكرة التى قدمها الطاعن فى فترة حجز القضية للحكم وفى الميعاد المسموح له به، وفى ذات الوقت قبلت مذكرة من المطعون عليها دون أن تطلعه عليها رغم تقديمها بعد الميعاد وتضمنت دفاعاً لم يسبق إبداؤه فى مواجهتها، وهو ما يعيب الحكم بالإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن النعى غير سديد فى وجهه الأول لأن النيابة العامة بعد صدور القانون رقم 628 لسنة 1955 أصبحت طرفاً أصلياً فى قضية الأحوال الشخصية التى لا تختص بها المحاكم الجزائية، والمادة 95 من قانون المرافعات محلها طبقاً لصريح نصها الدعاوى التى تكون النيابة فيها طرفاً منضماً. والنعى مردود فى وجهه الثانى بأنه وإن كان يبين من مذكرة الطاعن أنه غير مؤشر عليها بما يفيد عدم قبولها، كما يبين من مذكرة المطعون عليها أنه مؤشر عليها بما يفيد إعلانها للطاعن أو وكيله، إلا أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول على شيء مما جاء بهاتين المذكرتين ولم يشر إليهما إطلاقاً، ومن ثم فإن قبول المحكمة المذكرة المطعون عليها - بفرض حصوله - لا يكون قد أخل بأى حق للطاعن بالإضافة إلى أن عدم قبول المحكمة لمذكرة الطاعن مفتقر للدليل. ويكون النعى فى غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق