الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 28 أغسطس 2014

الطعن 54932 لسنة 75 ق جلسة 6 /12/ 2005 مكتب فني 56 ق 103 ص 677

جلسة 6 من ديسمبر سنة 2005
 برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة  نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / سمير أنيس، عمر بريك، فرحان بطران وعبد التواب أبو طالب نواب رئيس المحكمة .
-------------
(103)
الطعن 54932 لسنة 75 ق
1) إعدام. نيابة عامة. محكمة النقض "سلطتها".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام . غير لازم . علة ذلك ؟
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها .
2) حكم "تسبيبه. تسبيب معيب " . قصد جنائي . قتل عمد . نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
اعتناق الحكم صورتين متعارضتين لواقعة الدعوى . تناقض يعيبه .
مثال .
3) حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". جريمة " أركانها ". قتل عمد . قصد جنائي .
جناية القتل العمد . تميزها بقصد إزهاق روح المجني عليه. اختلافه عن القصد الجنائي العام المتطلب في سائر الجرائم. أثر ذلك ؟
إدانة المتهم في جناية القتل العمد. وجوب تحدث الحكم عن قصد القتل استدلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تدل عليه بياناً واضحاً. مجرد الحديث عن الفعل المادي لا يفيد توافر هذا القصد. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. قصور.
إزهاق الروح هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه وتكشف عنه .
مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالإدانة في جريمة قتل عمد لعدم استظهار قصد إزهاق الروح .
4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دستور. محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". محاماة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
وجوب تعيين محام لكل متهم في جناية تحال إلى محكمة الجنايات. ما لم يكن قد وكل محامياً للدفاع عنه. المادتان 67 من الدستور، 214 من قانون الإجراءات الجنائية.
المحامون المختصون بالمرافعة أمام محكمة الجنايات . هم المقبولون للمرافعة أمام محكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية . المادة 377 إجراءات جنائية .
عدم وقوف محكمة النقض على أمر قيد المحامي الذي تولى المرافعة عن المحكوم عليه بالإعدام وخلو محضر الجلسة والحكم من ذلك البيان. يصم إجراءات المحاكمة بالبطلان. أساس ذلك ؟
5) محكمة النقض "سلطتها". حكم "بطلانه". بطلان.
لمحكمة النقض نقض الحكم من تلقاء نفسها إذا وقع فيه بطلان. أساس ذلك؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت النيابة العامة قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة (46) من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به حضورياً من إعدام الطاعنة ، دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يُستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين – من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب . يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية شكلاً .
2- لما كان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه حصّل واقعة الدعوى حسبما استقرت في عقيدة المحكمة بما حاصله أن المتهمة – الطاعنة – والبالغة من العمر إحدى وعشرين سنة قد اعتادت التغيب عن منزل والدها والمبيت خارجه بطريقة تثير الشك والريبة في مسلكها، مما أثار غضب أهليتها عليها وأنها إذ خشيت العودة إلى مسكن والدها توجهت حيث إقامة جدتها لأمها وخالها – المجنى عليه – وبعد أن باتت ليلتها طرفهما وفى صباح اليوم التالي حدث شجار بينها وخالها المجنى عليه " ... " وذلك لمعاتبته لها عن تصرفاتها وغيابها تم تعدى عليها بالضرب ،الأمر الذي أثار حفيظتها وغضبها، فصممت على الانتقام منه بقتله وأعدت لذلك سكيناً وما أن أيقنت استغراقه في النوم حتى قامت بطعنه في بطنه قاصدة من ذلك قتله فأحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وأنها قد اعترفت بارتكابها الجريمة . ثم عاد الحكم في معرض استعراضه لأدلة الدعوى ومنها اعتراف المتهمة معتنقاً صورة أخرى للواقعة تتعارض على الصورة السابقة ، إذ ذهب إلى القول " أن المجنى عليه – وفقاً لاعتراف المتهمة بتحقيقات النيابة - عندما عاتبها لتغيبها محتجاً على سلوكها قام بالاعتداء عليها بالضرب " بخنجر " إلا أنها أمسكت يده فسقط أرضاً فقامت بالتقاطه وطعنته به طعنة واحدة في بطنه فأحدثت إصابته وكان ذلك منها دفاعاً عن نفسها ". لما كان ما تقدم ، فإن اعتناق الحكم هاتين الصورتين المتعارضين لواقعة الدعوى ،مما يدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذى يجعلها في حكم الوقائع الثابتة، الأمر الذى يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أي أساس كونت المحكمة عقيدتها في الدعوى . فضلاً عما ينبئ عنه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بالقدر الذى يُؤْمَن معه خطؤها في تقدير مسئولية الطاعنة . ومن ثم يكون حكمها متخاذلا في أسبابه متناقضاً في بيان الواقعة تناقضاً يعيبه بما يوجب نقضه.
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن نية القتل ودلل على توافرها بقوله ".... لما كان ذلك ، وكان الثابت في الأوراق ومن اعتراف المتهمة أنه إثر مشادة كلامية بينها وبين المجنى عليه تطورت إلى مشاجرة قام على إثرها بضربها على وجهها، مما أثار غضبها وصممت على الانتقام منه وقتله فقامت بطعنه أثناء نومه بسكين وهو سلاح خطر ومميت إذا أصاب فضلاً عن طعنه في بطنه وهو موضع قاتل في جسده فزاد ذلك من خطورتها فأحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اعترفت المتهمة في التحقيقات بأنها قامت بطعنه بالسكين في بطنه بنية قتله وإزهاق روحه انتقاماً منه . ومن ثم ، فقد توافر في حقها القصد الجنائي الخاص الذي تتطلبه جريمة القتل العمد المنصوص عليها في المادة 234 من قانون العقوبات ". لما كان ذلك ، وكانت جناية القتل تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكاب الفعل الجنائي إزهاق روح المجنى عليه ، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد العام الذى يتطلبه القانون في سائر تلك الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذي يقضي بإدانة متهم في هذه الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المُسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجنى عليه . وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تُبنى عليه النتيجة التي يتطلب القانون بمقتضاها، يجب أن يبّينها الحكم بياناً واضحاً ويرجعها إلى أصولها في الدعوى وأن لا يكتفى بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها في الحكم ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر نية القتل على ما سلف القول ، وكان ما أورده في هذا الخصوص وما ساقه من أدلة الثبوت استدلالاً منه على توافر نية القتل في حق الطاعنة، لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفته ، ذلك أن ضرب المجنى عليه بسكين في بطنه مرة واحدة، لا يفيد حتماً أن الطاعنة انتوت إزهاق روحه لاحتمال أن لا تتجاوز نيتها- في هذه الحالة - مجرد التعدي . خاصة وأن الثابت بالتحقيقات قولها أنها لم تكن تقصد قتله وإنما كان قصدها الدفاع عـن نفسها وذلك خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعـون فيه مـن أنهـا قررت بذلك ، فإنه وبغـض النظر عما ذهب إليه الحكم ، فإنه لا يغني في ذلك ما قاله من أنها اعترفت أنها كانت تقصد قتله ، إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه ويكشف عنه ، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في هذا الصدد.
4- لما كان الثابت من الاطلاع على محاضر الجلسات أن الطاعنة لم توكل محامياً للدفاع عنها وانتدبت لها المحكمة الأستاذ " ... " المحامي والذي حضر إجراءات المحاكمة وقام بالدفاع عن المحكوم عليها ، إلا أن المحكمة لم تقف على صحة أمر قيده أمام المحاكم الابتدائية وما يعلوها ، إذ أفادت نقابة المحامين أنه لم يستدل عليه . لما كان ذلك ، وكانت المادتان 67 من الدستور و214 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبتا تعيين محام لكل متهم في جناية تحال إلى محكمة الجنايات ما لم يكن قد وكل محامياً للدفاع عنه ، وكانت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية تقضى بأن المحامين المقبولين للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محاكم الجنايات . لما كان ما تقدم بيانه وكانت هذه المحكمة – محكمة النقض – لم تقف على صحيح أمر قيد الأستاذ " ... " المحامي أمام المحاكم الابتدائية وما يعلوها حتى يستقيم القول بأن حضوره إجراءات المحاكمة و مرافعته عن المحكوم عليها قد تم صحيحاً ، وإذ غلب الظن على الأوراق في هذا الشأن ، وكان يتعين حتى تكون إجراءات المحاكمة قد تمت صحيحة أن يكون القطع في صحة هذا الأمر قائماً ولا تحوطه شكوك ولا ريب ، لأنه يتعلق بضمانة أوردها الدستور وعينها المشرع تحديداً في المادتين 214، 377 من قانون الإجراءات الجنائية . ولا ينال من ذلك القول بأن الأصل في الأحكام أن تكون الإجراءات قد روعيت أثناء نظر الدعوى إعمالاً للمادة 30 من القانون 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، إذ أن مناط ذلك أن تكون الإجراءات مذكورة في محضر الجلسة أو الحكم وهو ما خلا كل منهما من بيان قيد المحامي الذي تولى المرافعة عن المحكوم عليها بالإعدام، مما يُصم إجراءات المحاكمة بالبطلان.
5- لما كان العيب الذى لحق الحكم المطعون فيه يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون 57 لسنة 1959، التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة ( 39) وكانت المادة (46) من القانون سالف الذكر قد أوجبت على المحكمة – محكمة النقض – أن تقضى من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا وقع فيه بطلان من هذا القبيل . فمن ثم ، ولِما تقدم جميعه ، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية والطعن المقدم من المحكوم عليها شكلاً ، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة وذلك دون ما حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها : أولاً :- قتلت المجنى عليه " ... "عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدت العزم وبيتت النية على قتله وأعدت لهذا الغرض سلاح أبيض " سكين " وما أن ظفرت به أثناء نومه حتى عاجلته بطعنه قاصده من ذلك قتله فأحدثت إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته . ثانياً :- أحرزت سلاح أبيض دون مسوغ من الضرورة الحرفية أو الشخصية .
وأحالتها إلى محكمة جنايات " .... " لمحاكمتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قررت ، بإحالة الأوراق لفضيلة المفتي لإبداء الرأي الشرعي . ثم وبجلسة ..، قضت حضورياً وبإجماع الآراء – عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1، 25 مكرر/1 ، 30/ 1 من قانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 97 لسنة 1991 والبند رقم (1) من الجدول رقم (1) المستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 7726 لسنة 1998 – بمعاقبة " ... " بالإعدام شنقاً وبمصادرة السلاح المضبوط .
 فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
 كما عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة بالرأي على محكمة النقض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة (46) من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به حضورياً من إعدام الطاعنة ، دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يُستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين – من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب . يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية شكلاً .
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص وقضى بإعدامها ، قد شابه قصور وتناقض في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق ، ذلك أن الحكم المطعون فيه اعتنق صورتين متناقضين لواقعة الدعوى ذلك أنه بعد تحصيله لواقعة الدعوى - حسبما استخلصتها محكمة الموضوع – بما مجمله حدوث مشادة كلامية بين الطاعنة والمجنى عليه انتهت بقيامه بصفعها على وجهها مما أثار حفيظتها فصممت على الانتقام منه بقتله ، فأعدت سكيناً وانتظرته حتى استغرق في النوم فطعنته في بطنه ، إلا أن الحكم عاد في موضع آخر وفي معرض سرده لأدلة الإدانة قِبل المتهمة ومنها اعترافها بجلسة المحاكمة فيقول باعترافها بقتل المجنى عليه دفاعاً عن نفسها عندما حاول التحرش بها جنسياً الأمر الذي يصمه بالتناقض، كما أن الحكم تساند في التدليل على توافر نية القتل قبل الطاعنة على أنها اعترفت بذلك بتحقيقات النيابة ، بيد أن أقوالها لم تتضمن هذا الذى ذهبت إليه المحكمة . كل ذلك ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إن البيّن من الحكم المطعون فيه أنه حصّل واقعة الدعوى حسبما استقرت في عقيدة المحكمة بما حاصله أن المتهمة – الطاعنة – والبالغة من العمر إحدى وعشرين سنة قد اعتادت التغيب عن منزل والدها والمبيت خارجه بطريقة تثير الشك والريبة في مسلكها، مما أثار غضب أهليتها عليها وأنها إذ خشيت العودة إلى مسكن والدها توجهت حيث إقامة جدتها لأمها وخالها – المجني عليه – وبعد أن باتت ليلتها طرفهما وفى صباح اليوم التالي حدث شجار بينها وخالها المجنى عليه " ... " وذلك لمعاتبته لها عن تصرفاتها وغيابها تم تعدى عليها بالضرب، الأمر الذى أثار حفيظتها وغضبها، فصممت على الانتقام منه بقتله وأعدت لذلك سكيناً وما أن أيقنت استغراقه في النوم حتى قامت بطعنه في بطنه قاصدة من ذلك قتله فأحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وأنها قد اعترفت بارتكابها الجريمة . ثم عاد الحكم في معرض استعراضه لأدلة الدعوى ومنها اعتراف المتهمة معتنقاً صورة أخرى للواقعة تتعارض على الصورة السابقة ، إذ ذهب إلى القول " أن المجنى عليه – وفقاً لاعتراف المتهمة بتحقيقات النيابة - عندما عاتبها لتغيبها محتجاً على سلوكها قام بالاعتداء عليها بالضرب " بخنجر " إلا أنها أمسكت يده فسقط أرضاً فقامت بالتقاطه وطعنته به طعنة واحدة في بطنه فأحدثت إصابته وكان ذلك منها دفاعاً عن نفسها ". لما كان ما تقدم ، فإن اعتناق الحكم هاتين الصورتين المتعارضين لواقعة الدعوى ،مما يدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذى يجعلها في حكم الوقائع الثابتة، الأمر الذى يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أي أساس كونت المحكمة عقيدتها في الدعوى . فضلاً عما ينبئ عنه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بالقدر الذى يُؤْمَن معه خطؤها في تقدير مسئولية الطاعنة . ومن ثم ، يكون حكمها متخاذلا في أسبابه متناقضاً في بيان الواقعة تناقضاً يعيبه بما يوجب نقضه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن نية القتل ودلل على توافرها بقوله ".... لما كان ذلك ، وكان الثابت في الأوراق ومن اعتراف المتهمة أنه إثر مشادة كلامية بينها وبين المجني عليه تطورت إلى مشاجرة قام على إثرها بضربها على وجهها، مما أثار غضبها وصممت على الانتقام منه وقتله فقامت بطعنه أثناء نومه بسكين وهو سلاح خطر ومميت إذا أصاب فضلاً عن طعنه في بطنه وهو موضع قاتل في جسده فزاد ذلك من خطورتها فأحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اعترفت المتهمة في التحقيقات بأنها قامت بطعنه بالسكين في بطنه بنية قتله وإزهاق روحه انتقاماً منه . ومن ثم ، فقد توافر في حقها القصد الجنائي الخاص الذى تتطلبه جريمة القتل العمد المنصوص عليها في المادة 234 من قانون العقوبات ". لما كان ذلك ، وكانت جناية القتل تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكاب الفعل الجنائي إزهاق روح المجنى عليه ، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد العام الذي يتطلبه القانون في سائر تلك الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذي يقضى بإدانة متهم في هذه الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المُسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجنى عليه . وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تُبنى عليه النتيجة التي يتطلب القانون بمقتضاها، يجب أن يبّينها الحكم بياناً واضحاً ويرجعها إلى أصولها في الدعوى وأن لا يكتفي بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها في الحكم ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر نية القتل على ما سلف القول ، وكان ما أورده في هذا الخصوص وما ساقه من أدلة الثبوت استدلالاً منه على توافر نية القتل في حق الطاعنة، لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفته ، ذلك أن ضرب المجنى عليه بسكين في بطنه مرة واحدة ، لا يفيد حتماً أن الطاعنة انتوت إزهاق روحه لاحتمال أن لا تتجاوز نيتها- في هذه الحالة - مجرد التعدي . خاصة وأن الثابت بالتحقيقات قولها أنها لم تكن تقصد قتله وإنما كان قصدها الدفاع عـن نفسها وذلك خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعـون فيه من أنها قررت بذلك، فإنه وبغض النظر عما ذهب إليه الحكم ، فإنه لا يغني في ذلك ما قاله من أنها اعترفت أنها كانت تقصد قتله ، إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه ويكشف عنه ، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر الجلسات أن الطاعنـة لم توكل محامياً للدفاع عنها وانتدبت لها المحكمة الأستاذ "... " المحامي والذي حضر إجراءات المحاكمة وقام بالدفاع عن المحكوم عليها ، إلا أن المحكمة لم تقف على صحة أمر قيده أمام المحاكم الابتدائية وما يعلوها ، إذ أفادت نقابة المحامين أنه لم يستدل عليه . لما كان ذلك ، وكانت المادتان 67 من الدستور و 214 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبتا تعيين محام لكل متهم في جناية تحال إلى محكمة الجنايات ما لم يكن قد وكل محامياً للدفاع عنه ، وكانت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية تقضى بأن المحامين المقبولين للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محاكم الجنايات . لما كان ما تقدم بيانه وكانت هذه المحكمة – محكمة النقض – لم تقف على صحيح أمر قيد الأستاذ " ... " المحامي أمام المحاكم الابتدائية وما يعلوها حتى يستقيم القول بأن حضوره إجراءات المحاكمة و مرافعته عن المحكوم عليها قد تم صحيحاً ، وإذ غلب الظن على الأوراق في هذا الشأن ، وكان يتعين حتى تكون إجراءات المحاكمة قد تمت صحيحة أن يكون القطع في صحة هذا الأمر قائماً ولا تحوطه شكوك ولا ريب ، لأنه يتعلق بضمانه أوردها الدستور وعينها المشرع تحديداً في المادتين 214، 377 من قانون الإجراءات الجنائية . ولا ينال من ذلك القول بأن الأصل في الأحكام أن تكون الإجراءات قد روعيت أثناء نظر الدعوى إعمالاً للمادة 30 من القانون 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ،إذ أن مناط ذلك أن تكون الإجراءات مذكورة في محضر الجلسة أو الحكم وهو ما خلا كل منهما من بيان قيد المحامي الذي تولى المرافعة عن المحكوم عليها بالإعدام ، مما يُصم إجراءات المحاكمة بالبطلان . لما كان ذلك ، وكان العيب الذى لحق الحكم المطعون فيه يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون 57 لسنة 1959، التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة ( 39) وكانت المادة (46) من القانون سالف الذكر قد أوجبت على المحكمة – محكمة النقض – أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا وقع فيه بطلان من هذا القبيل . فمن ثم ، ولِما تقدم جميعه ، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية والطعن المقدم من المحكوم عليها شكلاً ، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة وذلك دون ما حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق