الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 28 أغسطس 2014

الطعن 4861 لسنة 61 ق جلسة 28 / 12 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 295 ص 1584

جلسة 28 من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى حسيب، خيري فخري، حسين نعمان نواب رئيس المحكمة وفتحي حنضل.

--------------

(295)
الطعن رقم 4861 لسنة 61 القضائية

(1، 2) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. مسئولية "مسئولية تقصيرية: مسئولية المتبوع". محكمة الموضوع "مسائل الواقع". نقض "أسباب الطعن: السبب الموضوعي".
(1) الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق. عدم اكتسابها أية حجية أمام القضاء المدني. علة ذلك. قرار النيابة بحفظ أوراق جنحة لعدم معرفة الفاعل. لا يحوز حجية تمنع المحكمة المدنية من استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية المدنية.
(2) مساءلة المتبوع عن أعماله تابعه غير المشروعة. كفاية ثبوت أن الحادث نتج عن خطأ التابع ولو تعذر تعيينه من بين تابعيه. إقامة الحكم المطعون فيه قضاءه بمسئولية الطاعنة عن التعويض لرده الحادث الذي نجم عنه إصابة المطعون عليه إلى خطأ أحد تابعيها. نعي الطاعنة عليه بالخطأ لانتفاء مسئوليتها لصدور أمر النيابة بحفظ الجنحة لعدم معرفة الفاعل. جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتحصيله وفهمه وتقديره. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(3) تأمينات اجتماعية. تعويض. مسئولية "مسئولية تقصيرية: مسئولية المتبوع". كفالة.
تنفيذ الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية التزامها بشأن تأمين إصابات العمل. لا يخل بما يكون للعامل أو ورثته من حق قبل الشخص المسئول عن الإصابة. مسئولية رب العمل عن أعمال تابعه. جواز رجوع العامل على رب العمل استناداً إلى أحكام المسئولية التقصيرية باعتباره متبوعاً مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع. شرطه. م 174 مدني. مسئولية المتبوع ليست مسئولية ذاتية وإنما هي في حكم مسئولية الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون. م 68/ 2 ق 79 لسنة 1975. نطاق تطبيقها.
(4) تعويض "تقديره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير التعويض".
تقدير التعويض. سلطة قاضي الموضوع. شرطه.
(5، 6) تقادم "تقادم مسقط" "التقادم الثلاثي: وقف التقادم" "انقطاع التقادم". تعويض "دعوى التعويض". "مسئولية تقصيرية". دعوى "الدعوى الجنائية".
(5) دعوى التعويض المدنية التي تتبع الدعوى الجنائية. لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية. م 172 مدني.
(6) الدعوى الجنائية في مواد الجنح. انقضاءها بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة. انقطاع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وبالأمر الجنائي أو إجراءات الاستدلال. شرطه. اتخاذها في مواجهة المتهم أو إعلانه بها رسمياً. تخلف ذلك. لازمة. انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. أثره. زوال المانع الذي كان سبباً في وفق سريان تقادم دعوى المضرور المدنية قبل المسئول.
(7) نقض "صحيفة الطعن" "أسباب الطعن" "السبب المجهل". بطلان.
وجوب اشتمال صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بُني عليها وإلا كان باطلاً. م 253 مرافعات. مقصوده. تحديد أسباب الطعن وتعريفها تعريفاً دقيقاً نافياً عنه الغموض أو الجهالة يبين منها العيب الذي يغزوه إلى الحكم وموضعه وأثره في قضائه.

-------------------
1 - الحكم الجنائي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الذي يُقيد القضاء المدني فيما يتصل بوقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم وهذه الحجية لا ثبت إلا للأحكام الفاصلة في الدعوى الجنائية دون غيرها من الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق لأن هذه القرارات لا تفصل في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة وإنما تفصل في توافر أو عدم توافر الظروف التي تجعل الدعوى صالحة لإحالتها إلى المحكمة المختصة للفصل في موضوعها ومن ثم فلا تكتسب هذه القرارات أية حجية أمام القضاء المدني، ويكون له أن يقضي بتوافر الدليل على وقوع الجريمة أو نسبتها إلى المتهم على خلاف القرار الصادر من سلطة التحقيق. لما كان ذلك، فإن قرار النيابة بحفظ أوراق الجنحة المشار إليها لا يحوز حجية تمنع المحكمة المدنية من استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية المدنية.
2 - إقامة الحكم قضاءه بمسئولية الطاعنة عن التعويض على ما استخلصه من أوراق الجنحة آنفة الذكر أن الخطأ وقع من أحد العمال التابعين لها الذي أدار مفتاح تشغيل الآلة "البريمة" أثناء قيام المطعون عليه بأعمال صيانتها مما نجم عنه حدوث إصابته فإنه يكون قد رد الحادث إلى خطأ تابع الطاعنة ورتب على ذلك مسئوليتها عن الضرر، وكان مؤدى هذا الذي قرره الحكم المطعون في أنه قطع - وفي نطاق ما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديرية - وبأسباب سائغة أن مرتكب الفعل الضار رغم الجهالة بفاعله أو تعذر تعيينه من بين العاملين لديها هو أحد تابعي الطاعنة وكان يكفي في مساءلة المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة أن يثبت أن الحادث قد نتج عن خطأ التابع ولو تعذر تعيينه من بين تابعيه وكان الثابت أنه لم يصدر حكم جنائي بات فاصلاً في الدعوى الجنائية ينفي الخطأ في جانب أي من العاملين بالشركة والذي سبب إصابة المطعون عليه فإن تعييب الحكم بما ورد بسبب النعي لا يعدو أن يكون - في حقيقته - جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتحصيله وفهمه وتقديره وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويكون ما قرره الحكم في صدد مسئولية الطاعنة عن التعويض صحيحاً في القانون.
3 - النص في المادة 66 من القانون 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي - المنطبق على واقعة الدعوى - مقتضاه أن تنفيذ الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لالتزامها الناشئ عن القانون المذكور لا يُخل بما يكون للمؤمن له - العامل وورثته - من حق قبل الشخص المسئول، ولما كانت المادة 174/ 1 من القانون المدني نصت على أن المتبوع يكون مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشرع متى كان واقعاً منه حال تأدية وظيفته أو بسببها، وكانت مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة ليست مسئولية ذاتية إنما هي في حكم مسئولية الكفيل المتضامن كفالة ليس مصدرها العقد وإنما مصدرها القانون فيكون مسئولاً عن تابعه وليس مسئولاً معه ومن ثم فإنه لا جدوى من التحدي في هذه الحالة بنص المادة 68/ 2 سالفة الذكر والتي لا تُجيز للعامل الرجوع على صاحب العمل لاقتضاء التعويض إلا عن خطئه الشخصي الذي يترتب المسئولية الذاتية، وذلك أن مجال تطبيق هذه المادة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو عند بحث مسئولية رب العمل الذاتية. لما كان ذلك، وكان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه بني قضاءه بإلزام الطاعنة بالتعويض المقضي به، وعلى سند مما استخلصه من توافر عناصر مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة غير المشروعة، فإنه لا يكون قد خالف القانون. لما كان ما تقدم، وكان العامل يقتضي حقه في التعويض عن إصابة العمل من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية في مقابل الاشتراكات التي شارك هو ورب العمل في دفعها بينما يتقاضى حقه في التعويض قبل المسئول عن الفعل الضار بسبب الخطأ الذي ارتكبه المسئول فليس ثمة ما يمنع من الجميع بين الحقين.
4 - لقاضي الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة التامة في تقدير التعويض طالما لم يوجد نص فى القانون يلزمه بإتباع معايير معينة لتقديره.
5 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة 172 من القانون المدني أنه إذا كان العمل الضار يستتبع قيام دعوى جنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية.
6 - مؤدي نص المادتين 15، 17 من قانون الإجراءات الجنائية أن الدعوى الجنائية في مواد الجنح تنقضي بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة وتنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أُعلن بها بوجه رسمي، فإذا مضت مدة التقادم دون تمام ذلك فإن لازمه انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، ومنذ هذا الانقضاء يزول المانع الذي كان سبباً في وقف سريان تقادم دعوى المضرور المدنية قبل المسئول.
7 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن العبرة في بيان أسباب الطعن بالنقض هي بما اشتملت عليه صحيفة الطعن وحدها بما لا يُغني عنه الإحالة في هذا البيان إلى أوراق أخرى وأنه يجب طبقاً للمادة 253 من قانون المرافعات أن تشتمل الصحيفة ذاتها على بيان هذه الأسباب بياناً دقيقاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياًً نافياً عنه الغموض أو الجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه، وإذ لم تبين الطاعنة أوجه الدفاع التي تعيب على الحكم المطعون فيه إغفاله إيرادها أو الرد عليها بما لا يُغني عنه إحالتها في هذا الشأن إلى مذكرتها المقدمة أمام محكمة الاستئناف بجلسة 6/ 7/ 1991، فإن النعي بهذا السبب يكون مجهلاً ومن ثم غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 17136 سنة 1989 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بتاريخ 21/ 1/ 1989 ضد الشركة الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي له مبلغ 60000 جنيه، وقال بياناًً لذلك إنه بتاريخ 6/ 9/ 1985 وأثناء قيامه بعمله لديها في صيانة البريمة الخاصة بها قام مجهول من بين تابعيها بإدارة مفتاح التشغيل ونتيجة لخطئه هذا حثت إصابته بالإصابات المبينة بالتقرير الطبي وتحرر عن ذلك قضية الجنحة رقم 1156 سنة 1985 الحوامدية وفيها أمرت النيابة العامة بحفظها لعدم معرفة الفاعل وإذ لحقته من جراء إصابته أضرار مادية وأدبية يُقدر التعويض الجابر لها بالمبلغ المطالب به فقد أقام الدعوى. بتاريخ 27/ 2/ 1990
حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون عليه مبلغ 8000 جنيه. استأنف المطعون عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2623 سنة 107 ق، كما استأنفته الطاعنة لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم 3828 سنة 107 ق وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين، حكمت بتاريخ 7/ 8/ 1991 في الاستئناف الأول بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنف ضدها - الطاعنة - بأن تؤدي للمطعون عليه مبلغ 18000 جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً، وفي الاستئناف الثاني برفضه. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على أربعة أسباب تنعي الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إنه لما كانت النيابة العامة قد أمرت بحفظ الأوراق لعدم معرفة الفاعل فإن مرتكب الفعل الضار يكون مجهولاً وغير معلوم صفته ومن ثم تنتفي مسئوليتها عن الحادث وإذ أقام الحكم قضاءه بإلزامها بالتعويض تأسيساً على أن مجهولاً من بين عمالها هو الذي ارتكب الفعل الذي سبب الضرر للطعون عليه بما يوجب
مسئوليتها عن التعويض باعتبارها متبوعاً له فإنه يكون قد أقام قضاءه على أساس مسئولية افتراضها وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم الجنائي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الذي يقيد القضاء المدني فيما يتصل بوقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم وهذه الحجية لا تثبت إلا للأحكام الفاصلة في الدعوى الجنائية دون غيرها من الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق لأن هذه القرارات لا تفصل في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة وإنما تفصل في توافر أو عدم توافر الظروف التي تجعل الدعوى صالحة لإحالتها إلى المحكمة المختصة للفصل في موضوعها ومن ثم فلا تكتسب هذه القرارات أية حجية أمام القضاء المدني، ويكون له أن يقضي بتوافر الدليل على وقوع الجريمة أو نسبتها إلى المتهم على خلاف القرار الصادر من سلطة التحقيق؛ لما كان ذلك، فإن قرار النيابة بحفظ أوراق الجنحة المشار إليها لا يحوز حجية تمنع المحكمة المدنية من استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية المدنية وكان الحكم قد أقام قضاءه بمسئولية الطاعنة عن التعويض على ما استخلصه من أوراق الجنحة آنفة الذكر أن الخطأ وقع من أحد العمال التابعين لها الذي أدار مفتاح تشغيل الآلة "البريمة" أثناء قيام المطعون عليه بأعمال صيانتها مما نجم عنه حدوث إصابته فإنه يكون قد رد الحادث إلى خطأ تابع الطاعنة ورتب على ذلك مسئوليتها عن الضرر، وكان مؤدى هذا الذي قرره الحكم المطعون في أنه قطع - وفي نطاق ما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديرية - وبأسباب سائغة أن مرتكب الفعل الضار رغم الجهالة بفاعله أو تعذر تعيينه من بين العاملين لديها هو أحد تابعي الطاعنة وكان يكفي في مساءلة المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة أن يثبت أن الحادث قد نتج عن خطأ التابع ولو تعذر تعيينه من بين تابعيه وكان الثابت أنه لم يصدر حكم جنائي بات فاصلاً في الدعوى الجنائية ينفي الخطأ في جانب أي من العاملين بالشركة والذي سبب إصابة المطعون عليه فإن تعييب الحكم بما ورد بسبب النعي لا يعدو أن يكون - في حقيقته - جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتحصيله وفهمه وتقديره وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويكون ما قرره الحكم في صدد مسئولية الطاعنة عن التعويض صحيحاً في القانون ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إنه طبقاً للمادة 68 من القانون رقم 79 لسنة 1975 لا يجوز للعامل أو ورثته الرجوع عليها لاقتضاء التعويض إلا بثبوت الخطأ الشخصي الموجب لمسئوليتها الذاتية وإذ انتفت مسئوليتها هذه عن الحادث بعد أن أمرت النيابة العامة بحفظ الأوراق في قضية الجنحة لعدم معرفة الفاعل هذا إلى ثبوت تقاضي المطعون عليه حقوقه التأمينية من الهيئة المختصة فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بإلزامها بالتعويض على أساس مسئوليتها طبقاً للمادتين 163, 174 من القانون المدني وأجاز له الجمع بين التعويض وتلك المستحقات يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النص في المادة 66 من القانون 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي - المنطبق على واقعة الدعوى – على أن "تلتزم الجهة المختصة بجميع الحقوق المقررة وفقاً لأحكام هذا الباب حتى ولو كانت الإصابة تقتضي مسئولية شخص آخر خلاف صاحب العمل دون إخلال بما يكون للمؤمن عليه من حق قبل الشخص المسئول"، مقتضاه أن تنفيذ الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لالتزامها الناشئ عن القانون المذكور لا يخل بما يكون للمؤمن له - العامل وورثته - من حق قبل الشخص المسئول، ولما كانت المادة 174/ 1 من القانون المدني نصت على أن المتبوع يكون مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه حال تأدية وظيفته أو بسببها، وكانت مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة ليست مسئولية ذاتية إنما هي في حكم مسئولية الكفيل المتضامن كفالة ليس مصدرها العقد وإنما مصدرها القانون فيكون مسئولاً عن تابعه وليس مسئولاً معه ومن ثم فإنه لا جدوى من التحدي في هذه الحالة بنص المادة 68/ 2 سالفة الذكر والتي لا تجيز للعامل الرجوع على صاحب العمل لاقتضاء التعويض إلا عن خطئه الشخصي الذي يترتب المسئولية الذاتية، وذلك أن مجال تطبيق هذه المادة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو عند بحث مسئولية رب العمل الذاتية. لما كان ذلك، وكان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه بني قضاءه بإلزام الطاعنة بالتعويض المقضي به، وعلى سند مما استخلصه من توافر عناصر مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة، فإنه لا يكون قد خالف القانون. لما كان ما تقدم، وكان العمل يقتضي حقه في التعويض عن إصابة العمل من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية في مقابل الاشتراكات التي شارك هو ورب العمل في دفعها بينما يتقاضي حقه في التعويض قبل مسئول عن الفعل الضار بسبب الخطأ الذي ارتكبه المسئول فليس ثمة ما يمنع من الجمع بين الحقين وكان لقاضي الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة التامة في تقدير التعويض طالما لم يوجد نص في القانون يلزمه بإتباع معايير معينه لتقديره, وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن عليه بهذا السبب يكون في جملته على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بسقوط دعوى التعويض بالتقادم عملاً بالمادة 172 من القانون المدني لرفعها بعد انقضاء أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الحادث الذي ضبط عنه قضية الجنحة رقم 1156 سنة 1985 الحوامدية في 6/ 9/ 1985 والتي أصدرت النيابة العامة فيها قراراً بحفظ الأوراق لعدم معرفة الفاعل ولم يرفع عليه دعواه بالتعويض إلا بتاريخ 4/ 12/ 1989 غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفع وألزمها بالتعويض المقضي به وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة 172 من القانون المدني أنه إذا كان العمل الضار يستتبع قيام دعوى جنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية، وأن مؤدى نص المادتين 15، 17 من قانون الإجراءات الجنائية أن الدعوى الجنائية في مواد الجنح تنقضي بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة وتنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أُعلن بها بوجه رسمي. فإذا مضت مدة التقادم دون تمام ذلك فإن لازمه انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، ومنذ هذا الانقضاء يزول المانع الذي كان سبباً في وقف سريان تقادم دعوى المضرور المدنية قبل المسئول. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن النيابة العامة أمرت بحفظ المحضر رقم 1156 سنة 1985 جنح الحوامدية مؤقتاً لعدم معرفة الفاعل وكان هذا الأمر بالحفظ هو إجراء إداري صدر عن النيابة العامة بوصفها السلطة التي تُهيمن على جمع الاستدلالات فإنه لا يقيدها ولا يجوز لها العدول عنه في أي وقت إلى ما قبل انقضاء الدعوى الجنائية. وإذ لم يتم معرفة الفاعل حتى انقضت الدعوى الجنائية في 5/ 9/ 1988 فإنه منذ هذا التاريخ يبدأ تقادم الدعوى المدنية ولمدة ثلاث سنوات نهايتها في يوم 6/ 9/ 1991 بعدها يسقط الحق فيها, وكان المطعون عليه قد أقام الدعوى بطلب اقتضاء التعويض في 21/ 11/ 1989 وقبل سقوط الحق فيها, فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنة بأداء التعويض للمطعون عليه لا يكون أخطأ في القانون ويكون هذا النعي في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الرابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها أوردت بمذكرة دفاعها المقدمة بجلسة 6/ 7/ 1991 الأسباب التي تركن إليها في طلبها رفض دعوى المطعون عليه غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن إيراد هذا الدفاع أو الرد عليه وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن العبرة في بيان أسباب الطعن بالنقض هي بما اشتملت عليه صحيفة الطعن وحدها بما لا يُغني عنه الإحالة في هذا البيان إلى أوراق أخرى وأنه يجب طبقاً للمادة 253 من قانون المرافعات أن تشتمل الصحيفة ذاتها على بيان هذه الأسباب بياناً دقيقاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنه الغموض أو الجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه، وإذ لم تبين الطاعنة أوجه الدفاع التي تعيب على الحكم المطعون فيه إغفاله إيرادها أو الرد عليها بما لا يُغني عنه إحالتها في هذا الشأن إلى مذكرتها المقدمة أمام محكمة الاستئناف بجلسة 6/ 7/ 1991، فإن النعي بهذا السبب يكون مجهلاً ومن ثم غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق