الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 5 فبراير 2013

عدم انطباق قانون المطبوعات على منع تداول الصحف

قضية رقم 253 لسنة 25 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، الثالث من يونيه سنة 2012م ، الموافق الثالث عشر من رجب سنة 1433 ه .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : ماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه
والدكتور عادل عمر شريف وتهانى محمد الجبالى ورجب عبدالحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / حاتم حمد بجاتو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبدالسميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 253 لسنة 25 قضائية " دستورية " .
المقامة من
1 السيد / حسين محمد حسين عبدالرازق
2 السيدة / أمينة هانم إبراهيم رشيد
3 السيد / محمد رجائى محمد الميرغنى عبدالعال
4 السيدة / فريدة عبدالمؤمن النقاش
5 السيد / أحمد جمال الدين عبد الرحمن
6 السيد / على أحمد بدرخان
ضد
1 السيد رئيس الجمهورية
2 السيد رئيس مجلس الوزراء
3 السيد وزير الإعلام
الإجراءات
بتاريخ السادس عشر من شهر سبتمبر سنة 2003 ، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ، طلبًا للحكم بعدم دستورية نص المادة (9) من المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1936 بشأن المطبوعات .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين، طلبت فى الأولى الحكم برفض الدعوى ، وفى الثانية الحكم أصليًا بعدم قبول الدعوى ، واحتياطيًا برفضها .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن وزير الإعلام كان قد وافق بتاريخ 16/10/1998 على منع تداول العدد رقم 17 بتاريخ 15-28/10/1998 من جريدة كايرو تايمز ، وهى جريدة نصف شهرية ، مرخص لها من قبرص ، وتطبع باللغة الإنجليزية فى إحدى المناطق الحرة فى مصر ؛ وجاء هذا القرار استجابة لتوصيات جهات الأمن بمنع التداول ، نظرًا لما تضمنته الجريدة من مقالات تنتقد الأوضاع السياسية فى البلاد وسيطرة أجهزة الدولة المفرطة على مباشرة الحقوق والحريات فيها . وإذ تضرر المدعون من هذا القرار ، ورأوا فيه انتهاكًا لحقوقهم الدستورية ؛ فقد أقاموا ، استقلالاً ، عددًا من الدعاوى القضائية أمام جهة القضاء الإدارى ، طالبين فيها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء هذا القرار ، والتصريح لهم برفع دعوى دستورية فى شأن نص المادة (9) من المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1936 بشأن المطبوعات ، الذى استند إليه وزير الإعلام فى إصدار قراره المطعون فيه . وبجلسة 24/6/2003 ، حال نظر محكمة القضاء الإدارى ( الدائرة الأولى ) الشق العاجل من إحدى تلك الدعاوى ، وهى الدعوى رقم 2693 لسنة 53 قضاء إدارى ، قررت ضم باقى الدعاوى أرقام 2695 ، 2696 ، 2697 ، 2699 ، 2701 لسنة 53 قضاء إدارى ، إليها للارتباط ، وليصدر فيها حكم واحد ، مع التأجيل لجلسة 17/9/2003 ، والتصريح للمدعين بإقامة الدعوى الدستورية ؛ فأقام المدعون دعواهم فى 16/9/2003 ، على ما سبق بيانه ، ناعين على النص الطعين مخالفته للمواد 47 و48 و49 و65 من دستور سنة 1971 ، وانتهاكه لمجموعة من المبادئ الأساسية المتعلقة بحرية التعبير وحرية الرأى وحرية تداول المعلومات ، والتى كفلتها كذلك العديد من المواثيق الدولية .
وحيث إنه بتتبع التطور التشريعى لتنظيم المطبوعات والجرائد (الصحف ) فى مصر ، يتبين أن المشرع بدءًا من العمل بأحكام المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1931 بشأن المطبوعات ( الملغى ) ، وإن اعتبر الجرائد من صنوف المطبوعات ، إلا أنه مايز بينهما فى المعاملة ، حين اختص الأولى بأحكام خاصة بها تتناول القائمين عليها ، وكيفية تأسيسها ، وإدارتها ، وإخراجها ، والتزاماتها المهنية ، وأحوال منع ما يصدر منها فى الخارج من الدخول إلى البلاد محافظة على النظام العام أو الدين أو الآداب . وعلى النهج ذاته، صدر القانون رقم 20 لسنة 1936 بشأن المطبوعات ، والذى عدّد المطبوعات فى صدر المادة الأولى منه بأنها " كل الكتابات أو الرسوم أو القطع الموسيقية
أو الصور الشخصية أو غير ذلك من وسائل التمثيل متى نقلت بالطرق الميكانيكية أو الكيمائية أو غيرها فأصبحت بذلك قابلة للتداول " ، وحدد المقصود بالجريدة فى الفقرة الثالثة من المادة ذاتها ، بأنها " كل مطبوع يصدر باسم واحد بصفة دورية فى مواعيد منتظمة أو غير منتظمة " . ومع اعتباره الجرائد من صنف المطبوعات ، شأن القانون السابق عليه ، إلا أنه أفردها أيضًا بالعديد من الأحكام ، التى تنطبق عليها دون غيرها من المطبوعات ، من حيث تأسيسها ، والقائمين عليها ، وإدارتها ، وكيفية إصدارها وتداولها ، ليفترق بها من خلال هذا التنظيم عما تخضع له غيرها من المطبوعات من أحكام . وآية ذلك أنه فى مجال منع تداول المطبوعات الواردة من الخارج ، مراعاة لاعتبارات النظام العام ، فقد انطوى القانون على حكمين ، أحدهما ينصرف إلى عموم المطبوعات ، وقد ورد النص عليه فى المادة (9) المطعون عليها ، الذى جرى نصها على أنه " يجوز محافظة على النظام العام أن تمنع مطبوعات صادرة فى الخارج من الدخول والتداول فى مصر ، ويكون هذا المنع بقرار من مجلس الوزراء ( والذى أصبح رئيس الجمهورية بموجب القانون رقم 283 لسنة 1956 بإدخال بعض التعديلات على التشريعات القائمة ، ثم وزير الإعلام عملاً بأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 402 لسنة 1983 بتفويض وزير الدولة للإعلام فى بعض الاختصاصات )…." ، والحكم الثانى ينصب على الجرائد على وجه الخصوص ، وقد أوردته المادة (21) من القانون ذاته ، حين نصت على أنه " يجوز محافظة على النظام العام أن يمنع عدد معين من جريدة تصدر فى الخارج من الدخول أو التداول فى مصر ، وذلك بقرار من وزير الداخلية " … ومؤدى هذه المغايرة ، انحسار إمكانية تطبيق نص المادة (9) المطعون عليه ، فى شأن الصحف والجرائد ، باعتبار أن الأخيرة خضعت منذ البداية لتنظيم مغاير خاص بها ، ومقصور عليها دون غيرها من المطبوعات ، هو الذى تضمنه نص المادة (21) السالفة الإشارة إليها . وهو ما يفيد بالضرورة إن نطاق سريان المادة (9) ، وإن شمل المطبوعات بصفة عامة ، إلا أنه لا يمتد إلى الصحف ، والتى هى بمنأى عن تطبيق أحكامه ، احترامًا لذلك التنظيم الخاص الذى رسمه المشرع فى شأن هذه الأخيرة . وفى ذلك ما يؤكد وضوحًا على أن قصد المشرع قد اتجه منذ البداية إلى إخراج الصحف أو الجرائد من عداد المطبوعات المشمولة بنص المادة (9) المطعون عليها . ومن ثم ، فلا تكون مخاطبة بأحكامه.
وحيث إنه لا يغير مما تقدم ، فى واقع الأمر ، ما لحق الأحكام المتعلقة بالصحافة ، وحرية الرأى ، وتداول الصحف ومنها الحكم الخاص بمنع تداول الصحف الأجنبية فى البلاد لدواعى المحافظة على النظام العام من تطور ، عكسته على وجه الخصوص أحكام القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة ، والقانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة ، والتى جاءت إعمالاً لما استحدثه دستور سنة 1971 بعد تعديله سنة 1980 فى شأن الصحافة ، واعتبارها سلطة شعبية ، وما أدى إليه ذلك من إعلاء حرية الصحافة والرأى والكلمة ، وحظر الرقابة على الصحف ، وحظر مصادرتها أو تعطيلها أو إلغاء ترخيصها بالطريق الإدارى . ذلك أن مقتضى هذا التطور هو تحرير الصحافة من أية عوائق إدارية كانت تحول دون حرية تداولها ، وتضمنتها التشريعات السابقة عليه ، ونسخها بمقتضى أحكامه تبعًا لذلك ، على نحو يتعذر معه إخضاعها مجددًا للقيود الواردة فى نص المادة (9) المطعون عليها من القانون رقم 20 لسنة 1936 بشأن المطبوعات .
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها ، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ، أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات المطروحة أمام محكمة الموضوع ، بما مفاده أن يكون هناك ضرر واقعى قد لحق بالمدعى ، وأن يكون هذا الضرر عائدًا إلى النص المطعون فيه ، فإذا لم يكن النص قد طبق أصلاً على من ادعى مخالفته الدستور ، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه ، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه ، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة . لما كان ذلك ، وكانت رحى النزاع الموضوعى تدور حول طلب الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار وزير الإعلام بمنع تداول إحدى أعداد صحيفة " كايرو تايمز " فى مصر ، والذى لا يحكمه وفق صحيح أحكام القانون رقم 20 لسنة 1936 المشار إليه نص المادة (9) منه المطعون عليه ، والسارى آنذاك . ومن ثم فإن الفصل فى مدى دستورية ذلك النص وأيًا كان وجه الرأى فى ذلك لا يرتب انعكاسًا على الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع ، مما لا تتوافر معه للمدعين ، تبعًا لذلك ، مصلحة شخصية ومباشرة فى الطعن بعدم دستوريته ؛ الأمر الذى لزامه القضاء بعدم قبول الدعوى .
وحيث إنه لا ينال مما تقدم أن يكون القائمون على تنفيذ نص المادة (9) المطعون عليها قد استندوا إلى أحكامه بطريق الخطأ لإصدار قرار منع تداول الصحيفة المعترض عليه ، على الرغم من أن هذا النص ، وعلى ما سبق البيان، لا ينطبق على الصحف أصلاً . فالاستناد الخاطئ لنص فى القانون ، وإعماله فى غير مجال انطباقه ، لا يترتب عليه قبول النظر فى طلب الحكم بعدم دستوريته . إذ إن الفصل فى دستورية النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور – وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة – لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً ، ولا بالصورة التى فهمها القائمون على تنفيذها ، وإنما يكون مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه إلى الضوابط التى فرضها على الأعمال التشريعية جميعها .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعين المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق