جلسة 18/12/2023
برئاسة السيد المستشار/ محمد زكي خميس - رئيس الدائرة وعضوية المستشارين: د. عدلان الحاج، إمام عبد الظاهر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الطعنين رقمي 1034، 1041 لسنة 2023 تجاري)
(1) إجراءات "إجراءات الإدخال والتدخل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دعوى "الإدخال والتدخل في الدعوى".
- للمحكمة أثناء سير الدعوى أن تأذن في إدخال الغير لإلزامه بتقديم ما تحت يده من مستندات. ولو أمام محكمة الاستئناف. شرط ذلك. المادة 36 من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية. مثال.
(2) إثبات "الخبرة". تسجيل. عقد "فسخ العقد وانفساخه" "عقد الوكالة التجارية". عمولة. محكمة الموضوع "سلطتها". نقض "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها". وكالة تجارية.
- عقد الوكالة التجارية. ماهيته.
- استخلاص توافر شروط الفسخ الاتفاقي وتحديد الجانب المخل بالتزامه. موضوعي. مادام سائغاً.
- لجنة الـوكالات التـجارية. اختصاصاتها.
- وجوب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية. مؤدى ذلك.
- لمحكمة الموضوع فهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة إليها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداها. لها تفسير صيغ العقود والاتفاقات والمحررات والشروط المختلف عليها بما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين واستظهار النية المشتركة لهما. حد ذلك.
- قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها العمولات المستحقة لها عن التعاملات التي قامت بها الشركة التابعة للطاعنة بموجب اتفاقية الوكالة القياسية المبرمة بينهما. صحيح. مثال.
(3) محكمة النقض "سلطتها". نظام عام. نقض "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها".
- الطعن بالنقض. ماهيته ونطاق سلطة محكمة النقض في نظره.
- التمسك أمام محكمة النقض بدفاع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع أو سبق طرحه أمام محكمة أول درجة وتنازل عنه صاحبه صراحة أو ضمنا ًأمام محكمة الدرجة الثانية. غير جائز. مثال.
(4) إثبات "الخبرة". عمولة. محكمة الموضوع "سلطتها". نقض "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها". وكالة تجارية.
- لمحكمة الموضوع فهم الواقع في الدعوى وتفسير صيغ العقود والمستندات وتقدير الأدلة وتقارير الخبرة. متى أقامت قضائها على أسباب سائغة. عدم التزامها بالرد على المطاعن الموجهة لتقرير الخبير. أخذها به. مفاده: إطراحها. مثال.
- الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان النص في المادة 36 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 35 لسنة 2022 بإصدار قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية، أنه يجوز للمحكمة أثناء سير الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف أن تأذن في إدخال الغير لإلزامه بتقديم محرر تحت يده بشرط أن يكون المحرر الذي تحت يد الخصم منتج في الدعوى، وكان القانون يجيز مطالبته بتقديمه أو تسليمه، أو إذا كان المحرر مشتركًا بينه وبين خصمه ويعتبر المحرر مشتركًا على الأخص إذا كان لمصلحة الخصمين أو كان مثبتًا لالتزاماتهما وحقوقهما المتبادلة، أو إذا استند إليه خصمه في أي مرحلة من مراحل الدعوى، على أن يبين في هذا الطلب، أوصاف المحرر، وفحواه، والواقعة التي يستدل بها عليه والدلائل والظروف المؤيدة لوجوده تحت يد الخصم. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدها الأولى طلبت امام محكمة الاستئناف إدخال المطعون ضدهم من الثالثة حتى العاشرة لتقديم ما تحت يدهم من مستندات تتعلق بمعاملات الوكالة التجارية محل النزاع وقد قدم البعض منهم بعض من تلك المستندات للخبرة المنتدبة بما يكون قبول إدخالهم خصوماً في الاستئناف قد صادف صحيح القانون ويضحى النعي على غير سند خليقاً بالرفض.
2- المقرر أن عقد الوكالة التجارية هو اتفاق بين الموكل الأصلي - الذي قد يكون منتجاً أو صانعاً في الداخل أو الخارج أو مصدراً أو موزعاً حصرياً معتمداً من المنتج بشرط ألا يزاول المنتج أعمال التسويق بنفسه - وبين الوكيل لمباشرة تمثيله في توزيع أو بيع أو عرض أو تقديم سلعه أو خدمة داخل منطقة الوكالة، وبمقتضى هذا العقد يثبت للوكيل ولاية التصرف فيما يتناوله التوكيل دون أن يجاوز حدوده، وإنه لا يجوز مزاولة أعمال الوكالة التجارية في الدولة إلا لمن كان اسمه مقيداً في سجل الوكلاء التجاريين المعد لهذا الغرض بوزارة الاقتصاد والتجارة وألا يعتد بأي وكالة تجارية غير مقيده بهذا السجل ولا تسمع الدعوى بشأنها، وأن عقد الوكالة التجارية يعتبر قائماً لمصلحة المتعاقدين المشتركة وملزماً لطرفيه بمعنى عدم إمكان انفراد الموكل بإنهاء عقد الوكالة أو عدم تجديده دون رضاء الوكيل ما لم يكن هناك سبب مقبول يبرر إنهاءه أو عدم تجديده، إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من اعتبار عقد الوكالة من العقود الرضائية ومن الاتفاق بين طرفيه على اعتباره مفسوخاً من تلقاء نفسه عند إخلال الوكيل بتنفيذ التزامه، وأن الشرط الفاسخ الصريح من شأنه أن يسلب القاضي كل سلطة تقديرية في صدد الفسخ، ولا يبقى له إلا أن يتحقق من حصول المخالفة التي يترتب عليها الفسخ، وأن من المقرر أن استخلاص توافر شروط الفسخ الاتفاقي وتحديد الجانب الذي أخل بالتزامه هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة وكافيه لحمله، وتختص لجنة الـوكالات التـجارية بالنظر في أي نزاع ينشأ بسبب الوكالة التجارية المقيدة لدى الوزارة دون النظر لأطراف هذا النزاع سواء كانوا من أطراف الوكالة التجارية أم من الغير ولا يجوز لأطراف النزاع إقامة دعوى أمام القضاء بشأن ما ينشئ بينهم من نزاع بسبب الوكالة التجارية قبل العرض علي لجنة الوكالات التجارية المشار إليها والتي يجب عليها البدء في نظر النزاع خلال ستين يوماً من تاريخ تقديم طلب نظر النزاع إليها في حال كون الطلب مستوفياً أو من تاريخ استيفاء المستندات المطلوبة، وعند إصدار القرار المنهي للنزاع أمامها جاز لأي من أطرافه الطعن فيه لدى المحكمة المختصة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإخطار بقرار اللجنة وإلا أعتبر قرارها نهائياً ولا يجوز الطعن فيه، كما أنه يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، وأن التزام المتعاقد ليس مقصوراً على ما ورد بالعقد ولكنه يشمل أيضاً كل هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف وطبيعة التصرف، وكان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة إليها تقديماً صحيحاً والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما عداها وتفسير صيغ العقود والاتفاقات وسائر المحررات والشروط المختلف عليها على ضوء القواعد العامة في تفسير العقود واستخلاص ما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين واستظهار النية المشتركة لهما طالما استندت في قضائها إلى أسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت بالأوراق ولم تخرج عن المعنى الظاهر لعبارات الاتفاق دون التقيد بما تفيدة عبارة بعينها من عباراته بل يجب عليها مراعاة ما يستخلص من جماع عباراته وبنوده بأكملها مع الاستهداء بطبيعة التعامل وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقاً للعرف الجاري في المعاملات، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدها تقدمت بشكوى إلى لجنة الوكالات التجارية لدى وزارة الاقتصاد عن الوكالة التجارية رقم .... قبل الطاعنة للمطالبة بالعمولة عن التعاملات التي قامت بها الشركة والتابعة للطاعنة والتي قامت بفتحها في .... وصدر قرار اللجنة بتاريخ 23/8/2021 بأحقية المطعون ضدها في الحصول على عمولتها و في اللجوء للقضاء للمطالبة بكامل مستحقاتها على النحو الثابت بقرار اللجنة، وكان البين من تقريري الخبرة المنتدبة لدى محكمتي الموضوع بدرجتيها أن الطاعنة قد عقدت اتفاقية في فبراير 2013 بينها وبين المطعون ضدها تحت مسمى ".... اتفاقية وكالة قياسية" وأن موضوع الاتفاقية وفقاً للبند 1 منها هو: تعيين .... (الطاعنة) الوكيل (المطعون ضدها) في المنطقة/ المناطق الجغرافية (أبو ظبي) وفقاً للاتفاقية الملحق 1 بصفتها موزع المنتجات وشريك الخدمة للمنتجات، وقد تم تسجيل هذه الاتفاقية كوكالة تجارية تحت رقم .... اتفاقية وكيل حصري مسجل في سجل الوكلاء التجاريين بين الطاعنة والمطعون ضدها في30/5/2015 منطقة النشاط: أبوظبي، وإنه من خلال المستندات والفواتير المقدمة من الشركة المطعون ضدها وبعض من الخصوم المدخلين في الاستئناف والتي لم تقدم الشركة الطاعنة أي مستندات تخالفها فإنه يستحق للمطعون ضدها طرف الشركة الطاعنة عمولات بمبلغ 152,997,80 يورو، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها هذا المبلغ الذي انتهى إليه تقرير الخبير المنتدب من محكمة الاستئناف أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي بعد أن اطمئن لما ورد فيه من أبحاث وما انتهى إليه من نتيجة وبعد الرد على اعتراضات طرفي النزاع على تقرير الخبرة المبدئي وكان ذلك في حدود سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الدليل فيها بما يضحى معه النعي على غير سند من القانون خليقاً بالرفض. وحيث إنه ولما تقدم فإنه يتعين رفض الطعن.
3- المقرر أن الطعن بطريق النقض ليس امتداداً للخصومة الأولى ولا درجة من درجات التقاضي حتى يصح أن يكون للخصوم فيه من الحقوق والمزايا ما كان لهم أمام محكمة الموضوع بدرجتها من تقديم طلبات أو أوجه دفاع جديدة لم يسبق عرضها من قبل على كلتا المحكمتين إنما هو خصومة خاصة حرم فيها المشرع على محكمة النقض إعادة نظر الموضوع للفصل فيه من جديد إلا على النحو المبين في القانون، وجعل مهمتها مقصورة على القضاء في صحة الأحكام الانتهائية من حيث أخذها أو عدم أخذها بحكم القانون فيما يكون قد عرض على محكمة الموضوع من الطلبات وأوجه الدفاع، وأنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض بدفاع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع، يستوي في ذلك ما يتصل منه بأصل الحق موضوع الدعوى أو بوسيلة من وسائل الدفاع أو بإجراء من إجراءات الإثبات أو بإجراءات الخصومة التي سبقت الحكم المطعون فيه، كما لا يجوز التحدي أمام محكمة النقض بدفاع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع أو كان قد سبق طرحه أمام محكمة أول درجة ثم تنازل عنه صاحبه صراحة أو ضمنا ًأمام محكمة الدرجة الثانية، لما كان ذلك وكانت الطاعنة لم يسبق لها التمسك بالدفاع الوارد بوجه النعي أمام محكمة الاستئناف بل تمسكت بمذكرتها الختامية المقدمة منها بجلسة 4/10/2023 تعقيباً على تقرير لجنة الخبرة المنتدبة من محكمة الاستئناف بما ورد بتقريرها بشأن صحة ما ورد به من استمرار الوكالة التجارية محل النزاع حتى تاريخ 3/5/2023 وبإخلال المطعون ضدها الأولى بالتزاماتها، بما لا يجوز معه التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض خاصة وأن هذا الدفع غير متعلق بالنظام العام بما يضحى معه النعي على غير سند من صحيح القانون خليقاً بعدم القبول.
4- المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتفسير صيغ العقود والمستندات وتقدير الأدلة المقدمة فيها ومنها تقارير الخبرة واستخلاص ما ترى أنه الواقع الصحيح طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها وهي غير ملزمة من بعد أن ترد بأسباب خاصة على ما أبداه الخصم من مطاعن على تقرير الخبير لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تر في دفاع الخصم ما ينال من صحة النتيجة التي توصل إليها الخبير في تقريره ولا ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير، لما كان ذلك وكان البين من تقرير لجنة الخبرة المنتدبة لدى لمحكمة الاستئناف إخلال المطعون ضدها الأولى بالتزاماتها الواردة بعقد الوكالة التجارية المبرم بينها والطاعنة بأن قامت عبر شركتها التابعة لها بجبل علي - المطعون ضدها الثانية - بالعمل مباشرة داخل المنطقة الجغرافية المحددة بموجب الاتفاقية المبرمة بينها والطاعنة والمصنفة وكالة تجارية والمسجلة أصولاً بما يعد تحايلاً على العقد المبرم بينهما وفقاً للمادة 7 من قانون الوكالات التجارية رقم 18 لسنة 1981 الواجب النفاذ وقد قامت لجنة الخبرة بمراسلة الجهات المدخلة بكافة طرق التواصل للحصول منها على البيانات المتعلقة بالنزاع لبيان عما إذا كانت تلك الجهات قد قامت بالشراء أو إصدار طلبات توريد أو أوامر شراء من الشركة المطعون ضدها الأولى أو عبر شركتها التابعة لها بجبل علي - المطعون ضدها الثانية - أو أي مواد من منتجات الشركة المطعون ضدها الأولى خلال الفترة الممتدة من سنة 2017 حتى تاريخ إيداع التقرير رداً على اعتراضات الطاعنة فقد ورد للخبرة مذكرة من المطعون ضدها الثالثة تدفع فيها بعدم جواز إدخالها في الاستئناف وإنها تنكر كافة ادعاءات الطاعنة فيما يخص معاملاتها مع المطعون ضدها الأولى كما نفت المطعون ضدها الرابعة في كتابها للخبرة وجود أي علاقة او تعاملات بينها والمطعون ضدها الأولى، وقد وردت صور فواتير مشتريات المطعون ضدها العاشرة صادرة من المطعون ضدها الأولى وكذا من الشركة المطعون ضدها الثامنة في حين امتنع المطعون ضدهم الخامسة والسادسة والسابعة والتاسعة عن الرد على مراسلات الخبرة ومن ثم فإنه إضافة لما توصلت إليه الخبرة المنتدبة من محكمة أول درجة من عمولات مستحقة للطاعنة بمبلغ 151,922,52 يورو فإنه يستحق لها مبلغ إضافي بنسبة عموله 5% عن مقداره 1075,27 يورو ليصبح المستحق لها في ذمة المطعون ضدها مبلغ 152,997,80 يورو، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بتعديل المبلغ المقضي به للطاعنة في ذمة المطعون ضدها الأولى وفق ما انتهى إليه تقرير لجنة الخبرة المنتدبة والمشكلة من خبير متخصص في الوكالات التجارية وآخر حسابي بعد أن اطمأنت لما ورد فيه من أبحاث وما انتهى إليه من نتيجة بعد الرد على كافة اعتراضات الطاعنة الواردة بوجه النعي وانتهى إلى أن باقي ما تطالب به الطاعنة من عمولات عن أعمال ذكرت أنها نما إلى علمها أنها تمت تحت مظلة الوكالة الحصرية، فلم تقدم المستندات المؤيدة لها، وقد خاطبت الخبرة الجمارك والتي قررت أنها لا يوجد لديها أي بيانات عن ذلك، ورفضت إعادة المأمورية للخبرة أو ندب لجنة خبرة جديدة لبحث اعتراضات الطاعنة على تقرير الخبرة النهائي لما وجدت فيه ما يكفي لحمل قضائها وكان ذلك في حدود سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الدليل فيها بما يضحى معه النعي مجرد جدل في سلطة محكمة الموضوع التقديرية بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض خليقاً بالرفض.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــــة
وحيث إن الواقعات - وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة في الطعن رقم 1041 لسنة 2023 تجاري أبو ظبي أقامت الدعوى رقم 2141 لسنة 2022 تجاري بسيطة أبوظبي بطلب الحكم بإلزام الشركتين المطعون ضدهما الأولى والثانية بالتضامن والتضامم بأن يؤديا لها مبلغ 151,922 يورو أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي قيمة العمولات المستحقة لها والتي نمت إلى علمها والفائدة القانونية بواقه 12% سنوياً من تاريخ الاستحقاق في 4/2/2020 وحتى تمام السداد، واحتياطياً ندب خبير متخصص في الوكالات التجارية للوقوف على مستحقاتها لديهما والحكم بما تسفر عنه الخبرة، على سند من القول أنها أبرمت والمطعون ضدها الأولى اتفاقية وكالة تجارية حصرية في شهر فبراير عام 2013 لتسويق منتجات تلك الأخيرة وشركاتها المرتبطة المدرجة بشهادة سجل الوكالات التجارية مقابل العمولة المتفق عليها بين الطرفين وقد التزمت الطاعنة بتسويق منتجات المطعون ضدها الأولى وشركاتها المشار إليها وتم تسجيل تلك الوكالة واعتمادها لدى الجهات المعنية بالدولة وقامت المطعون ضدها الأولى بتأسيس الشركة المطعون ضدها الثانية إلا انهما لم تلتزمان بسداد العمولة المستحقة لها وخالفت شروط الوكالة الحصرية بأن باشرا توزيع منتجاتهما عن غير طريق الطاعنة بما أضر بها فأقامت الدعوى، حكمت المحكمة بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى الدائرة التجارية الكلية بالمحكمة التجارية، ونفاذاً لذلك القضاء فقد أعيد قيد الدعوى برقم 252 لسنة 2022 تجاري كلي أبوظبي وندب القاضي المشرف لجنة خبرة وبعد أن أودعت اللجنة تقريرها، عدلت الطاعنة طلباتها إلى طلب الحكم بإلزام المطعون ضدهما الأولى والثانية بالتضامن فيما بينهما بأن يؤديا لها مبلغ 21,588,165,12 درهماً والفائدة القانونية بواقع 12% سنوياً من تاريخ الاستحقاق في 4/2/2020 وحتى تمام السداد، حكمت المحكمة بإلزام الشركة المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي للطاعنة مبلغ 151,922,53 يورو أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي والفائدة القانونية بواقع 3% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد بما لا يجاوز أصل الدين.
استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 227 لسنة 2023 تجاري أبوظبي وأدخلت المطعون ضدهم من الثالثة وحتى العاشرة بطلب إلزامهم بتقديم ما تحت يدهم من مستندات دالة على ما قاموا بشرائه من منتجات الوكالة وكمياتها وقيمتها والقضاء لها بطلباتها الختامية لدى محكمة أول درجة، كما استأنفته الشركة المطعون ضدها الأولى بالاستئناف رقم 243 لسنة 2023 تجاري أبوظبي، ضمت المحكمة الاستئنافين وندبت لجنة خبرة وبعد أن أودعت اللجنة تقريرها قضت محكمة الاستئناف بتاريخ 12/10/2023 في الاستئناف رقم 227 لسنة 2023 تجاري أبوظبي بتعديل الحكم المستأنف بجعل المبلغ المحكوم به 152,997,80 يورو أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي بدلاً من مبلغ 151,922,53 يورو وتأييده فيما عدا ذلك وفي الاستئناف رقم 243 لسنة 2023 تجاري أبوظبي برفضه.
طعنت المطعون ضدها الأولى في هذا القضاء بطريق النقض بالطعن رقم 1034 لسنة 2023 تجاري أبو ظبي، أودعت المطعون ضدها مذكرة التمست فيها رفض الطعن، كما طعنت فيه الطاعنة بذات الطريق بالطعن رقم 1041 لسنة 2023 تجاري أبو ظبي، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنهما جديران بالنظر فحددت جلسة لنظرهما وفيها ضمت الطعن الأخير إلى الأول.
أولاً: الطعن رقم 1034 لسنة 2023 تجاري أبو ظبي
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الأول من سببي الطعن على الحكم المطعون مخالفة القانون إذ رفض الدفع المبدى منها بعدم جواز إدخال المطعون ضدهم من الثانية حتى العاشرة خصوماً في الدعوى لأول مرة أمام محكمة الاستئناف وفقاً لنص الفقرة 6 من المادة 167 من قانون الإجراءات المدنية رغم عدم إدخالهم خصوماً أمام محكمة أول درجة وقد رتب الحكم المطعون فيه على قبول إدخالهم خصوماً لأول مرة أمام محكمة الاستئناف الاعتداد بالمستندات والفواتير المقدمة من بعضهم وتعديل المبلغ المقضي به ابتدائياً بالزيادة مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 36 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 35 لسنة 2022 بإصدار قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية، أنه يجوز للمحكمة أثناء سير الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف أن تأذن في إدخال الغير لإلزامه بتقديم محرر تحت يده بشرط أن يكون المحرر الذي تحت يد الخصم منتج في الدعوى، وكان القانون يجيز مطالبته بتقديمه أو تسليمه، أو إذا كان المحرر مشتركًا بينه وبين خصمه ويعتبر المحرر مشتركًا على الأخص إذا كان لمصلحة الخصمين أو كان مثبتًا لالتزاماتهما وحقوقهما المتبادلة، أو إذا استند إليه خصمه في أي مرحلة من مراحل الدعوى، على أن يبين في هذا الطلب، أوصاف المحرر، وفحواه، والواقعة التي يستدل بها عليه والدلائل والظروف المؤيدة لوجوده تحت يد الخصم. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدها الأولى طلبت امام محكمة الاستئناف إدخال المطعون ضدهم من الثالثة حتى العاشرة لتقديم ما تحت يدهم من مستندات تتعلق بمعاملات الوكالة التجارية محل النزاع وقد قدم البعض منهم بعض من تلك المستندات للخبرة المنتدبة بما يكون قبول إدخالهم خصوماً في الاستئناف قد صادف صحيح القانون ويضحى النعي على غير سند خليقاً بالرفض.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ قضى بإلزامها بالمبلغ المقضي به على سند من إخلالها بالتزاماتها التعاقدية بعدم سداد العمولة المستحقة للمطعون ضدها رغم أن العقد شريعة المتعاقدين وعدم الاتفاق على نسبة عمولة محددة فيه وثبوت الاتفاق الصريح بين الطرفين بعدم استحقاق المطعون ضدها لأي عمولات إلا إذا أثبتت تلك الأخيرة مشاركتها وتأثيرها في الحصول على الصفقة لصالح الطاعنة وأن نسبة العمولة يتم تحديدها حسب جهود المطعون ضدها وتختلف من حالة إلى أخرى بحيث لم تتجاوز 2,14% وإن المطعون ضدها لا تستحق أي عمولة فضلاً عن أن الخبرة المنتدبة من محكمة أول درجة قد حددت العمولات التي قالت إنها مستحقة للمطعون ضدها عن أمر الشراء الخاص بالشركة .... دون سند مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مرود، ذلك أن عقد الوكالة التجارية هو اتفاق بين الموكل الأصلي - الذي قد يكون منتجاً أو صانعاً في الداخل أو الخارج أو مصدراً أو موزعاً حصرياً معتمداً من المنتج بشرط ألا يزاول المنتج أعمال التسويق بنفسه - وبين الوكيل لمباشرة تمثيله في توزيع أو بيع أو عرض أو تقديم سلعه أو خدمة داخل منطقة الوكالة، وبمقتضى هذا العقد يثبت للوكيل ولاية التصرف فيما يتناوله التوكيل دون أن يجاوز حدوده، وإنه لا يجوز مزاولة أعمال الوكالة التجارية في الدولة إلا لمن كان اسمه مقيداً في سجل الوكلاء التجاريين المعد لهذا الغرض بوزارة الاقتصاد والتجارة وألا يعتد بأي وكالة تجارية غير مقيده بهذا السجل ولا تسمع الدعوى بشأنها، وأن عقد الوكالة التجارية يعتبر قائماً لمصلحة المتعاقدين المشتركة وملزماً لطرفيه بمعنى عدم إمكان انفراد الموكل بإنهاء عقد الوكالة أو عدم تجديده دون رضاء الوكيل ما لم يكن هناك سبب مقبول يبرر إنهاءه أو عدم تجديده، إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من اعتبار عقد الوكالة من العقود الرضائية ومن الاتفاق بين طرفيه على اعتباره مفسوخاً من تلقاء نفسه عند إخلال الوكيل بتنفيذ التزامه، وأن الشرط الفاسخ الصريح من شأنه أن يسلب القاضي كل سلطة تقديرية في صدد الفسخ، ولا يبقى له إلا أن يتحقق من حصول المخالفة التي يترتب عليها الفسخ، وأن من المقرر أن استخلاص توافر شروط الفسخ الاتفاقي وتحديد الجانب الذي أخل بالتزامه هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة وكافيه لحمله، وتختص لجنة الـوكالات التـجارية بالنظر في أي نزاع ينشأ بسبب الوكالة التجارية المقيدة لدى الوزارة دون النظر لأطراف هذا النزاع سواء كانوا من أطراف الوكالة التجارية أم من الغير ولا يجوز لأطراف النزاع إقامة دعوى أمام القضاء بشأن ما ينشئ بينهم من نزاع بسبب الوكالة التجارية قبل العرض علي لجنة الوكالات التجارية المشار إليها والتي يجب عليها البدء في نظر النزاع خلال ستين يوماً من تاريخ تقديم طلب نظر النزاع إليها في حال كون الطلب مستوفياً أو من تاريخ استيفاء المستندات المطلوبة، وعند إصدار القرار المنهي للنزاع أمامها جاز لأي من أطرافه الطعن فيه لدى المحكمة المختصة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإخطار بقرار اللجنة وإلا أعتبر قرارها نهائياً ولا يجوز الطعن فيه، كما أنه يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، وأن التزام المتعاقد ليس مقصوراً على ما ورد بالعقد ولكنه يشمل أيضاً كل هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف وطبيعة التصرف، وكان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة إليها تقديماً صحيحاً والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما عداها وتفسير صيغ العقود والاتفاقات وسائر المحررات والشروط المختلف عليها على ضوء القواعد العامة في تفسير العقود واستخلاص ما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين واستظهار النية المشتركة لهما طالما استندت في قضائها إلى أسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت بالأوراق ولم تخرج عن المعنى الظاهر لعبارات الاتفاق دون التقيد بما تفيدة عبارة بعينها من عباراته بل يجب عليها مراعاة ما يستخلص من جماع عباراته وبنوده بأكملها مع الاستهداء بطبيعة التعامل وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقاً للعرف الجاري في المعاملات، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدها تقدمت بشكوى إلى لجنة الوكالات التجارية لدى وزارة الاقتصاد عن الوكالة التجارية رقم .... قبل الطاعنة للمطالبة بالعمولة عن التعاملات التي قامت بها الشركة والتابعة للطاعنة والتي قامت بفتحها في .... وصدر قرار اللجنة بتاريخ 23/8/2021 بأحقية المطعون ضدها في الحصول على عمولتها وفي اللجوء للقضاء للمطالبة بكامل مستحقاتها على النحو الثابت بقرار اللجنة، وكان البين من تقريري الخبرة المنتدبة لدى محكمتي الموضوع بدرجتيها أن الطاعنة قد عقدت اتفاقية في فبراير 2013 بينها وبين المطعون ضدها تحت مسمى ".... اتفاقية وكالة قياسية" وأن موضوع الاتفاقية وفقاً للبند 1 منها هو: تعيين .... (الطاعنة) الوكيل (المطعون ضدها) في المنطقة/ المناطق الجغرافية (أبو ظبي) وفقاً للاتفاقية الملحق 1 بصفتها موزع المنتجات وشريك الخدمة للمنتجات، وقد تم تسجيل هذه الاتفاقية كوكالة تجارية تحت رقم .... اتفاقية وكيل حصري مسجل في سجل الوكلاء التجاريين بين الطاعنة والمطعون ضدها في30/5/2015 منطقة النشاط: أبوظبي، وإنه من خلال المستندات والفواتير المقدمة من الشركة المطعون ضدها وبعض من الخصوم المدخلين في الاستئناف والتي لم تقدم الشركة الطاعنة أي مستندات تخالفها فإنه يستحق للمطعون ضدها طرف الشركة الطاعنة عمولات بمبلغ 152,997,80 يورو، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها هذا المبلغ الذي انتهى إليه تقرير الخبير المنتدب من محكمة الاستئناف أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي بعد أن اطمئن لما ورد فيه من أبحاث وما انتهى إليه من نتيجة وبعد الرد على اعتراضات طرفي النزاع على تقرير الخبرة المبدئي وكان ذلك في حدود سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الدليل فيها بما يضحى معه النعي على غير سند من القانون خليقاً بالرفض. وحيث إنه ولما تقدم فإنه يتعين رفض الطعن.
ثانياً: الطعن رقم 1041 لسنة 2023 تجاري أبو ظبي
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب لاستناده إلى تقرير خبير باطل كلياً وقاصر قصوراً مبطلاً لعدم تحقيق المأمورية المناطة به وعدم تقديم أي دليل جديد في الدعوى بعد أن حذت الخبرة المنتدبة من محكمة الاستئناف حذو خبرة المحكمة الابتدائية ودون مواجهة المستندات القاطعة المقدمة من الطاعنة وأضافت مبلغ ضئيل عن المبلغ الذي توصلت إليه الخبرة المنتدبة من محكمة أول درجة وخالفت المهام المكلفة بها بموجب حكم الاستئناف والتي حددت تشكيل لجنة الخبرة المنتدبة منها بخبيرين متخصصين في مجال الوكالات التجارية وثالث حسابي وكان تشكيل تلك اللجنة من خبيرين فقط وليس ثلاثة خبراء إذ تشكلت من خبير حسابي وآخر متخصص في تأسيس الشركات ولم تتضمن تلك اللجنة خبيراً متخصصاً في مجال الوكالات التجارية بما يوصم تقريرها بالبطلان ومن ثم الحكم المطعون فيه لاستناده على ذلك التقرير الباطل مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن الطعن بطريق النقض ليس امتداداً للخصومة الأولى ولا درجة من درجات التقاضي حتى يصح أن يكون للخصوم فيه من الحقوق والمزايا ما كان لهم أمام محكمة الموضوع بدرجتها من تقديم طلبات أو أوجه دفاع جديدة لم يسبق عرضها من قبل على كلتا المحكمتين إنما هو خصومة خاصة حرم فيها المشرع على محكمة النقض إعادة نظر الموضوع للفصل فيه من جديد إلا على النحو المبين في القانون، وجعل مهمتها مقصورة على القضاء في صحة الأحكام الانتهائية من حيث أخذها أو عدم أخذها بحكم القانون فيما يكون قد عرض على محكمة الموضوع من الطلبات وأوجه الدفاع، وأنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض بدفاع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع، يستوي في ذلك ما يتصل منه بأصل الحق موضوع الدعوى أو بوسيلة من وسائل الدفاع أو بإجراء من إجراءات الإثبات أو بإجراءات الخصومة التي سبقت الحكم المطعون فيه، كما لا يجوز التحدي أمام محكمة النقض بدفاع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع أو كان قد سبق طرحه أمام محكمة أول درجة ثم تنازل عنه صاحبه صراحة أو ضمنا ًأمام محكمة الدرجة الثانية، لما كان ذلك وكانت الطاعنة لم يسبق لها التمسك بالدفاع الوارد بوجه النعي أمام محكمة الاستئناف بل تمسكت بمذكرتها الختامية المقدمة منها بجلسة 4/10/2023 تعقيباً على تقرير لجنة الخبرة المنتدبة من محكمة الاستئناف بما ورد بتقريرها بشأن صحة ما ورد به من استمرار الوكالة التجارية محل النزاع حتى تاريخ 3/5/2023 وبإخلال المطعون ضدها الأولى بالتزاماتها، بما لا يجوز معه التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض خاصة وأن هذا الدفع غير متعلق بالنظام العام بما يضحى معه النعي على غير سند من صحيح القانون خليقاً بعدم القبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع إذ أقام قضاءه بتعديل الحكم المستأنف بشأن المبلغ المقضي به بجعله 152,997,80 يورو أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي بدلاً من مبلغ 151,922,53 يورو استناداً لتقرير لجنة الخبرة المنتدبة من محكمة الاستئناف رغم قصوره وعدم تنفيذ المهام المكلفة بها بالانتقال إلى مقار المطعون ضدهم المدخلين في الاستئناف لفحص ما لديهم من مستندات متعلقة بموضوع النزاع واكتفت بمراسلاتهم إلكترونياً وببعض ردودهم على تلك المراسلات وعدم تحقيق دفاع الطاعنة والرد على اعتراضاتها على تقرير الخبرة المبدئي بشكل مقتضب دون تحقيق دفاعها بمخاطبة كافة موانئ الدولة بشكل عام وموانئ دبي وجبل علي بشكل خاص ودون إلزام الشركات والمشاريع التي وردت بكشف تقرير الخبير الاستشاري المقدم من الطاعنة والتي تم توريد بضائع ومنتجات خاضعة للوكالة التجارية محل النزاع للوقوف على كافة المعلومات بشأن الكميات والأسعار وفي حال رفض إجابتهم طلب الخبرة أن تثبت تلك الأخيرة ذلك في تقريرها أو الانتقال إلى مقارهم لفحص ما لديهم من مستندات طبقاً للمهام المكلفة بها لجنة الخبرة بالحكم الصادر بندبها وخالف الحكم المطعون فيه إقرار المطعون ضدهما الأولى والثانية الوارد بمذكرتهما الجوابية على الدعوى الابتدائية بجلسة 7/9/2022 ببيع منتجات مباشرة للزبائن في منطقة الوكالة إذ ورد بتلك المذكرة أن تعيين الطاعنة كموزع حصري لا يمنع المطعون ضدها الثانية من بيع منتجاتها مباشرة إلى عميل في منطقة التوزيع الجغرافي المحددة داخل أبوظبي ومن ثم تستحق الطاعنة عمولة على الصفقات التي يبرمها الموكل بنفسه أو بواسطة غيره في المنطقة المخصصة لنشاط الوكيل ولم تبرم تلك الصفقات نتيجة سعي الوكيل وفقاً للمادة 7 من قانون الوكالات التجارية رقم 18 لسنة 1981 وتعديلاته وقد أرشدت الطاعنة الخبرة عن بعض الصفقات التي علمت بها أخفاها المطعون ضدهما الأولى والثانية عنها بسوء نية بغرض عدم سداد العمولة المستحقة لها وهو ما اضطرها إلى إدخال المطعون ضدهم من الثالثة للأخيرة لتقديم المستندات المبينة بصحيفة الطعن التي تحت يد كل منهم الخاصة ببيع منتجات الوكالة التجارية مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتفسير صيغ العقود والمستندات وتقدير الأدلة المقدمة فيها ومنها تقارير الخبرة واستخلاص ما ترى أنه الواقع الصحيح طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها وهي غير ملزمة من بعد أن ترد بأسباب خاصة على ما أبداه الخصم من مطاعن على تقرير الخبير لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تر في دفاع الخصم ما ينال من صحة النتيجة التي توصل إليها الخبير في تقريره ولا ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير، لما كان ذلك وكان البين من تقرير لجنة الخبرة المنتدبة لدى لمحكمة الاستئناف إخلال المطعون ضدها الأولى بالتزاماتها الواردة بعقد الوكالة التجارية المبرم بينها والطاعنة بأن قامت عبر شركتها التابعة لها بجبل علي - المطعون ضدها الثانية - بالعمل مباشرة داخل المنطقة الجغرافية المحددة بموجب الاتفاقية المبرمة بينها والطاعنة والمصنفة وكالة تجارية والمسجلة أصولاً بما يعد تحايلاً على العقد المبرم بينهما وفقاً للمادة 7 من قانون الوكالات التجارية رقم 18 لسنة 1981 الواجب النفاذ وقد قامت لجنة الخبرة بمراسلة الجهات المدخلة بكافة طرق التواصل للحصول منها على البيانات المتعلقة بالنزاع لبيان عما إذا كانت تلك الجهات قد قامت بالشراء أو إصدار طلبات توريد أو أوامر شراء من الشركة المطعون ضدها الأولى أو عبر شركتها التابعة لها بجبل علي - المطعون ضدها الثانية - أو أي مواد من منتجات الشركة المطعون ضدها الأولى خلال الفترة الممتدة من سنة 2017 حتى تاريخ إيداع التقرير رداً على اعتراضات الطاعنة فقد ورد للخبرة مذكرة من المطعون ضدها الثالثة تدفع فيها بعدم جواز إدخالها في الاستئناف وإنها تنكر كافة ادعاءات الطاعنة فيما يخص معاملاتها مع المطعون ضدها الأولى كما نفت المطعون ضدها الرابعة في كتابها للخبرة وجود أي علاقة او تعاملات بينها والمطعون ضدها الأولى، وقد وردت صور فواتير مشتريات المطعون ضدها العاشرة صادرة من المطعون ضدها الأولى وكذا من الشركة المطعون ضدها الثامنة في حين امتنع المطعون ضدهم الخامسة والسادسة والسابعة والتاسعة عن الرد على مراسلات الخبرة ومن ثم فإنه إضافة لما توصلت إليه الخبرة المنتدبة من محكمة أول درجة من عمولات مستحقة للطاعنة بمبلغ 151,922,52 يورو فإنه يستحق لها مبلغ إضافي بنسبة عموله 5% عن مقداره 1075,27 يورو ليصبح المستحق لها في ذمة المطعون ضدها مبلغ 152,997,80 يورو، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بتعديل المبلغ المقضي به للطاعنة في ذمة المطعون ضدها الأولى وفق ما انتهى إليه تقرير لجنة الخبرة المنتدبة والمشكلة من خبير متخصص في الوكالات التجارية وآخر حسابي بعد أن اطمأنت لما ورد فيه من أبحاث وما انتهى إليه من نتيجة بعد الرد على كافة اعتراضات الطاعنة الواردة بوجه النعي وانتهى إلى أن باقي ما تطالب به الطاعنة من عمولات عن أعمال ذكرت أنها نما إلى علمها أنها تمت تحت مظلة الوكالة الحصرية، فلم تقدم المستندات المؤيدة لها، وقد خاطبت الخبرة الجمارك والتي قررت أنها لا يوجد لديها أي بيانات عن ذلك، ورفضت إعادة المأمورية للخبرة أو ندب لجنة خبرة جديدة لبحث اعتراضات الطاعنة على تقرير الخبرة النهائي لما وجدت فيه ما يكفي لحمل قضائها وكان ذلك في حدود سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الدليل فيها بما يضحى معه النعي مجرد جدل في سلطة محكمة الموضوع التقديرية بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض خليقاً بالرفض.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق