جلسة
١٦ من نوفمبر سنة ١٩٧٠
برياسة
السيد المستشار/ محمود العمراوي، وعضوية السادة المستشارين/ أنو أحمد خلف،
وإبراهيم الديواني، ومصطفى الأسيوطي, ومحمد ماهر حسن.
---------------
(٢٦٦)
الطعن رقم 1339 لسنة ٤٠ القضائية
(1) حكم " تسبيبه . تسبيب معيب ". إثبات "إثبات . بوجه
عام". قتل خطأ . إصابة خطأ .
اقتصار الحكم على بيان واقعة الدعوي دون إيراده لأدلة ثبوت الواقعة :
بعناصرها القانونية ومضمون كل دليل ، يجعله قاصرا. أساس ذلك. المادة 310 إجراءات .
(2) طعن "ميعاده " " تقرير الطعن ". دعوى مدنية .
دعوى جنائية . حكم " الطعن في الحكم " " تسبيبه . تسبيب معيب
". إثبات "إثبات . بوجه عام". نقض " حالات الطعن "
"الخطأ في تطبيق القانون وتأويله".
الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم الجنائية ، في المواد الجنائية.
والمدنية ، منوط بالخصوم أنفسهم توافر العذر القهري المانع من الطعن
عدم جواز محاسبة الطاعن على التأخر في رفع الطعن بقالة إمكانه توكيل
غيره في رفع الطعن عدم بحث الحكم لمرض المدعي المدني لبيان ما اذا كان يترتب عليه
عند. ثبوته تأخيره في رفع الاستئناف بحجة استطاعته توكيل محام خطأ في تأويل
القانون .
----------------
1 - متى كان يبين من مراجعة الحكم الابتدائي
المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه اقتصر على بيان واقعة الدعوى دون أن يورد
أدلة الثبوت على هذه الواقعة ومضمون كل دليل منها، فإنه يكون قاصراً، ذلك بأن
قانون الإجراءات الجنائية أوجب في المادة 310 منه في كل حكم بالإدانة أن يشتمل -
فضلاً عن بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف
التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة. حتى يتضح وجه استدلاله
بها وسلامة مأخذها، تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على
الواقعة كما صار إثباتها بالحكم، وإلا كان الحكم قاصراً. وإذ كان ذلك، وكان الحكم
لم يبين وجه استدلاله على ثبوت الواقعة بعناصرها القانونية والتفت كلية عن إيراد
الأدلة التي تساند إليها في قضائه بالإدانة وبيان فحواها, فإنه يكون قاصراً بما
يستوجب نقضه.
2 - إن الطعن في المواد الجنائية منوط
بالخصوم أنفسهم، ومن ثم فإذا كان الطاعن قد منعه عذر قهري عن أن يطعن في الحكم،
فإن ميعاد الطعن يمتد حتى يزول العذر، ولا يصح في هذه الحالة محاسبته على أساس أنه
كان عليه أن يوكل غيره في رفع الطعن، لأن الطعن بواسطة وكيل، هو حق خوله القانون
له، فلا يصح أن يؤخذ عليه إذا رأى عدم استعماله، والتقرير به بشخصه، وإذ كان
الظاهر من الحكم أنه لم يعرض لمرض المدعي بالحقوق المدنية لاستجلاء ما إذا كان
عذراً كافياً أو غير كاف لتبرير تأخيره عن رفع الاستئناف، تأسيساً على أنه كان في
استطاعته أن يوكل محامياً عنه لرفعه في الميعاد, فإنه يكون قد أخطأ في تأويل
القانون بما يستوجب نقضه.
----------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن مع آخر بأنهما في ليلة 25 مارس سنة 1967
بدائرة مركز ميت غمر محافظة الدقهلية: (أولا): تسببا خطأ في موت ........ وكان ذلك
بإهمالهما وعدم مراعاتهما للقوانين واللوائح بأن قاد أولهما السيارة بحالة ينجم
عنها الخطر على حياة الأشخاص فاصطدم بالسيارة التي كان يقف بها المتهم الثاني
بالطريق دون أن يضيء النور الخلفي لها، فتسبب عن ذلك إصابة المجني عليه سالف الذكر
بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته (ثانيا): تسببا خطأ في إصابة
كل من ..... و....... وابنه ........ وكان ذلك بإهمالهما وعدم مراعاتهما للقوانين
واللوائح بأن قاد أولهما سيارة بحالة ينجم عنها الخطر على حياة الأشخاص فاصطدم
بالسيارة التي كان يقف بها المتهم الثاني بالطريق دون أن يضيء النور الخلفي لها
فتسبب عن ذلك إصابة المجني عليه سالف الذكر بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي
(ثالثا) أيضا: قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص للخطر. (رابعا) أيضا: لم يتبع
تعليمات المرور بأن سير سيارة غير مستوفية لشروط الأمن. وطلبت عقابهما بالمواد
238/1 و244 من قانون العقوبات والمواد 1 و2 و81 و88 من القانون رقم 449 لسنة 1965.
وادعى كل من ..... "والدة المجني عليه" و........ "زوجته"
و...... "شقيق المجني عليه" مدنيا قبل المتهم بمبلغ 51ج على سبيل التعويض
المؤقت. كما ادعى ...... "الطاعن" مدنيا قبل المتهم بمبلغ 51ج على سبيل
التعويض المؤقت و........... بمبلغ 300ج على سبيل التعويض. ومحكمة مركز ميت غمر
الجزئية قضت في الدعوى حضوريا اعتباريا للأول وحضوريا للثاني عملا بمواد الاتهام
(أولا): بحبس المتهم الأول سنتين مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وبحبس
المتهم الثاني ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ لما هو منسوب
إليهما. (ثانيا): بإلزام المتهمين بأن يدفعا لوالد وزوجة وشقيق المرحوم ........
مبلغ 51ج على سبيل التعويض المؤقت و........ مبلغ خمسين جنيها على سبيل التعويض
ولـ........ مبلغ عشرة جنيهات على سبيل التعويض، فضلا عن المصاريف المدنية
المناسبة وجنيهين مقابل أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنسبة لورثة ..........
بالنفاذ المعجل ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنف كل من المتهمين والمدعين
بالحق المدني الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت في الدعوى
حضوريا (أولا): بعدم قبول استئناف كل من المدعين بالحق المدني شكلا للتقرير به بعد
الميعاد مع إلزام كل منهما بمصاريفه. (ثانيا) قبول استئناف المتهمين شكلا وفي
الموضوع - بالنسبة إلى المتهم الأول بتعديل الحكم والاكتفاء بحبس المتهم سنة واحدة
مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك، وبالنسبة للمتهم الثاني بتأييد الحكم المستأنف مع
وقف تنفيذ العقوبة المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم. فطعن وكيل المحكوم
عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
----------------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن المقدم من المحكوم عليه هو أن الحكم المطعون فيه -
إذ دانه بجريمتي القتل والإصابة الخطأ - قد شابه قصور في التسبيب وفساد في
الاستدلال، ذلك بأنه اقتصر على بيان واقعة الدعوى دون أن يعن بإيراد مضمون الأدلة
التي استند إليها في ثبوت الجريمة قبله مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مراجعة الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم
المطعون فيه أنه اقتصر على بيان واقعة الدعوى التي حصلها بقوله ((حيث إن الواقعة
على ما تبين للمحكمة تتحصل في أنه لدى إيقاف المتهم الثاني لسيارته النقل بالطريق
الزراعي الممتد بين بنها وميت غمر ليلاً دون أن يضيء مصابيحها الخلفية أو ينتحي
بها بعيدا عن الجزء المسفلت من الطريق قدمت سيارة المتهم الأول (الطاعن ) بسرعة
فائقة - ورغم ظهور سيارة أمامها في الاتجاه المضاد تتبادل معها الإضاءة لم يخفف من
سرعتها حتى إذا ما فوجئ بوقوف سيارة المتهم الثاني أمامه لم يستطع تفادي الاصطدام
بها أو إيقاف سيارته بعيداً عنها فاصطدم بها من الخلف، وترتب على ذلك وفاة
......... متأثراً بالإصابات التي حدثت له وإصابة كل من المتهم الأول و...........
و........... و.......... بالإصابات المبينة بالتقارير الطبية المرفقة، ثم خلص إلى
إدانة الطاعن وزميله بقوله ((وحيث إن خطأ المتهمين ثابت في حقهما على النحو السابق
بيانه، وقد ساهم كل من المتهمين بخطئه هذا في وقوع الحادث فإنه يتعين إدانتهما في
التهمة الأولى)) دون أن يورد أدلة الثبوت على هذه الواقعة ومضمون كل دليل منها فإنه
يكون قاصراً، ذلك بأن قانون الإجراءات الجنائية أوجب في المادة 310 منه في كل حكم
بالإدانة أن يشتمل - فضلاً على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة - بياناً تتحقق به
أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها، والأدلة التي استخلصت منها المحكمة
بالإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها، تمكيناً لمحكمة النقض من
مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان الحكم
قاصراً. لما كان ذلك، وكان الحكم لم يبين وجه استدلاله على ثبوت الواقعة بعناصرها
القانونية والتفت كلية عن إيراد الأدلة التي تساند إليها في قضائه بالإدانة وبيان
فحواها، فإنه يكون قاصراً بما يستوجب نقضه والإحالة بالنسبة للطاعن والمحكوم عليه
الآخر ........... الذي لم يقرر بالطعن لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.
وحيث إن حاصل ما ينعاه ......... - المدعي الثاني بالحقوق المدنية -
على الحكم المطعون فيه هو أنه إذ قضى بعدم قبول الاستئناف المقدم منه شكلاً
للتقرير به بعد الميعاد، قد خالف القانون، ذلك بأنه لم يعرض للشهادة المرضية التي
قدمها لإثبات عذره في عدم التقرير بالاستئناف في الميعاد القانوني مكتفياً بالقول
بأنه كان في استطاعته توكيل غيره للتقرير به بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة محضر جلسة 31/12/1968 أن الطاعن قدم شهادة
مرضية وتقرير علاج من مستشفى الجمهورية يدلان على أنه كان مريضاً حتى تاريخ تقديم
الشهادة. وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لعذر المرض هذا وبرر قضاءه بعدم قبول استئناف
الطاعن شكلاً للتقرير به بعد الميعاد بقوله ((وتلتفت المحكمة عما قالا به من وجود
عذر لديهما منعهما من التقرير بالاستئناف في الميعاد إذ كان في استطاعتهما توكيل
محام للتقرير بالاستئناف نيابة عنهما في الميعاد)). لما كان ذلك، وكان الطعن في
المواد الجنائية منوط بالخصوم أنفسهم فإذا كان الطاعن قد منعه عذر قهري عن أن يطعن
في الحكم فإن ميعاد الطعن يمتد حتى يزول العذر، ولا يصح في هذه الحالة محاسبته على
أساس أنه كان عليه أن يوكل غيره في رفع الطعن لأن الطعن بواسطة وكيل هو حق خوله
القانون له فلا يصح أن يؤخذ عليه إذا رأى عدم استعماله والتقرير به بشخصه. وإذن
فإذا كان الظاهر من الحكم أنه لم يعرض لمرض المدعي بالحقوق المدنية لاستجلاء ما
إذا كان عذراً كافياً أو غير كاف لتبرير تأخيره عن رفع الاستئناف بناء على أنه كان
في استطاعته أن يوكل محامياً عنه لرفعه في الميعاد. فأنه يكون قد أخطأ في تأويل
القانون بما يستوجب نقضه بالنسبة للمدعي المدني الطاعن والإحالة. لما كان ما تقدم،
فإن الحكمين المطعون فيهما يكونان معيبين بما يستوجب نقضهما والإحالة وإلزام
الطاعن الأول المصروفات المدنية.