عودة الى صفحة التعليق على اتفاقية جنيف الأولى لتحسين حال الجرحى والمرضى بالقوات المسلحة في الميدان، 1949 👈 (هنا)
Commentary of 2016
نص المادة
لا تكون أحكام هذه الاتفاقية عقبة في سبيل الأنشطة الإنسانية التي يمكن أن تقوم بها اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو أية هيئة إنسانية أخرى غير متحيزة بقصد حماية وإغاثة الجرحى والمرضى وأفراد الخدمات الطبية والدينية، شريطة موافقة أطراف النزاع المعنية.
التحفظات والإعلانات
لا يوجد
1. المقدمة
1120 - تمنح المادة 9 الهيئات الإنسانية غير المتحيزة الحق في عرض أداء أنشطة إنسانية على أطراف نزاع مسلح دولي. وورد صراحةً ذكر اللجنة الدولية للصليب الأحمر باعتبارها مثالًا على الكيانات التي يحق التعويل عليها بشأن هذا الحكم. ويمكن أن تتخذ الأنشطة الإنسانية شكل الإغاثة أو الحماية.
1121 - إمكانية الوصول إلى المستفيدين من الأنشطة الإنسانية مرهونة بموافقة أطراف النزاع المعنية. غير أن القانون الدولي بوجه عام والقانون الدولي الإنساني بوجه خاص قد تطورا منذ عام 1949 إلى الدرجة التي لا يكون معها لأطراف النزاعات المسلحة مطلق الحرية لتقرير كيفية استجابتها لعرض خدمات تقدمه هيئة إنسانية غير متحيزة للاضطلاع بأنشطة إنسانية. ومن ناحية أخرى، يجب على الأطراف في جميع الأوقات تقييم العرض بحسن نية بما يتفق مع التزاماتها القانونية الدولية فيما يتعلق بالاحتياجات الإنسانية. وعلى ذلك، حين تكون الأطراف غير قادرة على تلبية الاحتياجات الإنسانية لهؤلاء الأشخاص أو غير راغبة في ذلك، فإن القانون الدولي يقتضي منها أن تستجيب لعروض الخدمات التي تقدمها الهيئات الإنسانية غير المتحيزة لأداء تلك الأنشطة نيابةً عنها. وإذا تعذر تلبية الاحتياجات الإنسانية بطريقة أخرى بخلاف عرض الخدمات، فإن رفض عرض من هذا القبيل يُعتبر تعسفًا، ومن ثمَّ يتعارض مع القانون الدولي. ولا يخل أي مما سبق ذكره بحق الأطراف التي تمنح موافقتها في فرض تدابير رقابة على الأنشطة الإنسانية لأسباب تتعلق بالضرورة العسكرية الملحة.
1122 غالبًا ما يشار إلى حق الهيئات الإنسانية غير المتحيزة القائم على معاهدات في أن تعرض الاضطلاع بأنشطة إنسانية على أطراف نزاع مسلح بعبارة الحق في عرض خدمات. وفيما يتعلق بالنزاعات المسلحة الدولية، تجسد ذاك الحق في المادة 9 المشتركة (المادة 10 من الاتفاقية الرابعة) بين اتفاقيات جنيف الأربع. غير أن فئة الأشخاص الذين يمكن أن تُؤدى الأنشطة المذكورة من أجلهم تختلف من اتفاقية إلى أخرى: ففي الاتفاقية الأولى نجد "الجرحى والمرضى وأفراد الخدمات الطبية والدينية"؛ وفي الاتفاقية الثانية "الجرحى والمرضى والغرقى وأفراد الخدمات الطبية والدينية"؛ وفي الاتفاقية الثالثة "أسرى الحرب". وأخيرًا، في الاتفاقية الرابعة "الأشخاص المدنيين". والفرق في الصياغة لا يعكس سوى اختلاف فئات الأشخاص الذين تشملهم كل اتفاقية بالحماية. وتلك هي الحال في اتفاقيات جنيف الثلاث الأولى على الأقل. بيد أن فئة الأشخاص المستفيدين من أحكام المادة 10 من اتفاقية جنيف الرابعة ("الأشخاص المدنيون") أوسع نطاقًا من فئة الأشخاص الذين تنطبق عليهم صفة "الأشخاص المحميين" استنادًا إلى المادة 4. والفئات المشار إليها في اتفاقيات جنيف الأربع ليست حصرية، إذ إن القانون الدولي قد تطور إلى الدرجة التي يمكن معها ممارسة الحق في عرض الخدمات لكل من يتضرر من نزاع مسلح.
1123 تتناول اتفاقية جنيف الرابعة هذا الموضوع بمزيد من التحديد والقوة في سياق الاحتلال،[1] علاوة على المادة 10 منها التي تتعلق بالنزاعات المسلحة الدولية بوجه عام. ويتناول البروتوكول الإضافي الأول بإسهاب الحق في عرض الخدمات في النزاعات المسلحة الدولية.[2] وبالتوازي مع ذلك، نجد أيضًا القواعد التي تنظم الحق في عرض الخدمات فيما يخص النزاعات المسلحة غير الدولية حسبما هو منصوص عليه في المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف وفي البروتوكول الإضافي الثاني.[3] وهذا الأساس القانوني الواسع ليس بالأمر المستغرب، فهو يبرز قاعدة بديهية مفادها أن كل نزاع مسلح يولد احتياج للمساعدة الإنسانية والحماية بصرف النظر عن تصنيفه القانوني. وعلى ذلك، سلمت الدول بأن اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهيئات الإنسانية الأخرى غير المتحيزة لهما دور في تلبية هذه الاحتياجات الإنسانية بغض النظر عن تصنيف النزاع المسلح باعتبار ذلك من مسائل القانون الدولي. وحيث إن المادة 9 لا تنطبق إلا على النزاعات المسلحة الدولية، فإن هذا التعليق لا يتناول الأنشطة الإنسانية التي تجرى في سياق النزاعات المسلحة غير الدولية.
1124 إن قدرة الهيئات الإنسانية غير المتحيزة ورغبتها في الاضطلاع بأنشطة إنسانية لا يغير من أن وقوع المسؤولية الرئيسية عن تلبية الاحتياجات الإنسانية للأشخاص المتضررين من النزاعات المسلحة الدولية إنما تقع، وفقًا للقانون الدولي، على عاتق أطراف النزاع. وينبغي لأنشطة الهيئات الإنسانية غير المتحيزة أن تكمل فقط، عند الضرورة، جهود الدول الرامية إلى تلبية تلك الاحتياجات. ولهذا السبب أيضًا لا يقع على عاتق الهيئات الإنسانية غير المتحيزة التزام بموجب القانون الدولي بعرض خدماتها، كما يتضح من صياغة المادة 9 "يمكن أن تقوم...". وتؤدي تلك الهيئات هذا الدور وفقًا لسلطتها التقديرية. بيد أن الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، من جهتها، عليها واجب بأن تنظر بجدية في أي طلب تقدمه لها سلطاتها العامة للاضطلاع بأنشطة إنسانية تقع في نطاق ولايتها، شريطة أداء تلك الأنشطة مع الامتثال للمبادئ الأساسية للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر (يشار إليها فيما يلي بلفظ "الحركة").[4] وينبع هذا الواجب من وضعها الخاص المنصوص عليه في النظام الأساسي للحركة[5] ودورها الفريد من نوعه في مساعدة السلطات العامة في بلادها في المجال الإنساني. وترد المبادئ الأساسية في ديباجة النظام الأساسي الذي أقره المؤتمر الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر، ويجمع بين الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف لعام 1949 إلى جانب مكونات الحركة، وبالتالي، يمكن اعتباره ذا حجية.[6]
1125 تختلف القواعد المتعلقة بحق الهيئات الإنسانية غير المتحيزة في عرض خدماتها عن القواعد الملزمة لأطراف النزاعات المسلحة الدولية، إلى جانب غيرها من الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقيات جنيف، بإجازة وتيسير مرور رسالات الإغاثة بسرعة ودون عرقلة. وفي حين يبيح النوع الأول من القواعد لأطراف النزاعات، في ظل ظروف معينة، رفض عرض الخدمات بشكل قانوني، ينص النوع الثاني على التزام تلك الأطراف بإجازة وتيسير مرور المساعدات بمجرد موافقتها على تقديم المساعدة الإنسانية. وبعبارة أخرى، يجب على الطرف المعني بعد قبوله عرض الخدمات أن يسمح بالتنفيذ حتى ولو كانت الأنشطة الإنسانية موجهة للسكان الخاضعين لسيطرة العدو، شريطة عدم المساس بحق هذا الطرف في فرض تدابير الرقابة.[7]
1126 ينبغي عدم الخلط بين الحق في عرض الخدمات، الذي يشار إليه أيضًا في بعض الأحيان بعبارة "الحق في المبادرة الإنسانية"، وبين ما يسمى "حق التدخل الإنساني"، أو بينه وبين "مسؤولية الحماية"، وهما مفهومان مختلفان أثارا الكثير من الجدال، على سبيل المثال، بشأن ما إذا كان القانون الدولي يبيح تدابير مثل التهديد باستخدام القوة أو استخدامها عندما تكون بواعز من اعتبارات إنسانية.[8] وبالمثل، فإن تحليل المادة 9 يظل دون مساس بحق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في التصرف على النحو الذي يراه مناسبًا فيما يخص الأنشطة الإنسانية، وذلك على أساس ميثاق الأمم المتحدة المؤرخ في عام 1945 وتمشيًا مع أثر قراراته بموجب القانون الدولي. وينظم هذه المسائل القانون الدولي بصفة عامة والقانون الخاص باستخدام القوة (قانون شن الحرب (jus ad bellum)) بصفة خاصة. وبالتالي، يجب أن تبقى تلك الأنشطة منفصلة عن مسألة الأنشطة الإنسانية التي تنفذ في إطار المادة 9.
Back to top
2. الخلفية التاريخية
1127 في وقت مبكر يعود إلى الحرب الفرنسية البروسية (1870 - 1871)، شرعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في أنشطة لاستعادة الروابط بين الجنود الذين سقطوا في أيدي العدو وأسرهم.
1128 يمكن الوقوف على أول اعتراف قائم على معاهدة بعمل "جمعيات إغاثة أسرى الحرب" التي "تهدف إلى أن تكون واسطة العمل الخيري" في لوائح لاهاي المؤرخة في عامي 1899 و1907.[9] وكانت هذه أول مرة تكرس فيها معاهدة دور أنشطة إنسانية محددة في أوقات النزاع المسلح.
1129 ازداد هذا النوع من العمل زيادة كبيرة حين أنشأت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أثناء الحرب العالمية الأولى الوكالة الدولية لأسرى الحرب وتولت إدارتها.[10] ولا تقتصر أنشطة الوكالة على استعادة الروابط العائلية فحسب، بل تشمل أيضًا نقل المراسلات والطرود والأموال إلى أسرى الحرب، فضلًا عن إعادة الأفراد العسكريين شديدي المرض أو الجرح إلى أوطانهم أو احتجازهم في بلد محايد. كما استحدثت الوكالة أنشطة خاصة بالمحتجزين من المدنيين.[11]
1130 وفي ضوء تلك التجربة، تضمنت اتفاقية جنيف لعام 1929 بشأن أسرى الحرب أول إشارة صريحة إلى حق اللجنة الدولية للصليب الأحمر في عرض الخدمات التي تتعلق بحماية أسرى الحرب.[12] ويمكن اعتبار المادة 88 من اتفاقية جنيف لعام 1929 الإرهاص المباشر الذي خرجت منه المادة 9 من اتفاقية جنيف الثالثة. وتنص تلك المادة على أن "لا تشكل الأحكام سالفة الذكر [التي تتناول تنفيذ الاتفاقية] عقبة في سبيل العمل الإنساني الذي يمكن أن تقوم به اللجنة الدولية للصليب الأحمر [كما وردت] بقصد حماية أسرى الحرب، شريطة موافقة الأطراف المتحاربة المعنية.[13]
1131 عند مقارنة المادة 88 من اتفاقية جنيف لعام 1929 والمادة 9 المشتركة من اتفاقيات جنيف لعام 1949، يمكن الوقوف على الاختلافات الثلاثة التالية:
(1) يمنح نص اتفاقية عام 1929 الحق في عرض الخدمات إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر فقط، في حين يمنح نص اتفاقيات عام 1949 هذا الحق إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر وإلى "أية هيئة إنسانية غير متحيزة أخرى". وجاءت هذه الإضافة نتيجة لاقتراح قدم أثناء المؤتمر الدبلوماسي الذي عقد في عام 1949 واعتمد بعد نقاش محدود للموضوع.[14] وتعمد القائمون على صياغة اتفاقيات جنيف اختيار صيغة "أية هيئة إنسانية غير متحيزة أخرى" ولم يتطرقوا إلى ضرورة أن تكون تلك الهيئة "معترف بها على الصعيد الدولي"،[15] أو أن تكون ذات طابع دولي. ومن ثمَّ لا يتعين على الهيئات الراغبة في استيفاء شروط التوصيف وفقًا للمادة 9 المشتركة أن تلعب دورًا نشطًا في إقليم أكثر من دولة واحدة.[16]
(2) يتطرق نص اتفاقية عام 1929 فقط إلى "الحماية" بوصفها نشاطًا إنسانيًا، في حين أن نص اتفاقيات عام 1949 أضاف "الإغاثة".[17] وبينما يحق لجميع الهيئات الإنسانية غير المتحيزة أن تعرض خدماتها في ميادين الإغاثة والحماية الإنسانية، لا بد من التشديد على أن الأطراف السامية المتعاقدة، عبر مختلف أحكام اتفاقيات جنيف التي ذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر صراحةً، قد منحت ولاية فريدة من نوعها للجنة الدولية للصليب الأحمر للاضطلاع بأنشطة معينة تدخل في نطاق الحماية الإنسانية. وتلك هي الحال، على سبيل المثال، بشأن زيارة أسرى الحرب (انظر المادة 126(4) من اتفاقية جنيف الثالثة). وللاطلاع على مناقشة بشأن الاختلافات بين أنشطة "الإغاثة" وأنشطة "الحماية" الإنسانية رغم الرابطة الوثيقة بينهما، انظر القسم (ج)-2(أ).
(3) نص اتفاقية عام 1929 يمنح الحق في عرض الخدمات فقط فيما يتعلق بحماية "أسرى الحرب" (اتفاقية جنيف الثالثة)، في حين أنه في وقتنا الحالي أدرج هذا الحق في نص جميع اتفاقيات جنيف الأربع المؤرخة في عام 1949، الأمر الذي يتيح عرض أداء أنشطة إنسانية أيضًا من أجل "الجرحى والمرضى وأفراد الخدمات الطبية والدينية" (اتفاقية جنيف الأولى)، ومن أجل "الجرحى والمرضى والغرقى وأفراد الخدمات الطبية والدينية" (الاتفاقية الثانية)، ومن أجل "الأشخاص المدنيين" (الاتفاقية الرابعة).[18]
Back to top
3. المناقشة
3-1. "لا تكون أحكام هذه الاتفاقية عقبة"
1132 تكمن أهمية العبارة الافتتاحية للمادة 9 في التأكيد على أنه لا يجوز تفسير أي من أحكام اتفاقيات جنيف على أنه يقيد حق الهيئات الإنسانية غير المتحيزة في عرض خدماتها على جميع أطراف النزاع. وتتضمن اتفاقيات جنيف وبروتوكولاها الإضافيان عددًا من الأحكام التي تنص صراحةً على دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر والجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر وجمعيات الإغاثة الأخرى.[19] والسمة المميزة للحق في عرض الخدمات، على النحو المنصوص عليه في المادة 9، هو أن عرض الخدمات لا يشترط أن يقتصر على الأنشطة المشار إليها في تلك الأحكام؛ وإنما سلمت الأطراف السامية المتعاقدة صراحةً بأن الهيئات الإنسانية غير المتحيزة يحق لها قانونًا أن تعرض أداء أي نشاط إنساني تراه مناسبًا لتلبية الاحتياجات الإنسانية الناجمة عن النزاع المسلح. وبالمثل، ليس على اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو أي هيئة إنسانية أخرى غير متحيزة أن تعمل كبديل للدول الحامية بالمعنى المقصود في المادة 10(3) المشتركة حتى يتسنى لها عرض خدماتها وفقًا للمادة 9 المشتركة. ويمنح الحق في عرض الخدمات ولاية مستقلة للجنة الدولية للصليب الأحمر أو أي هيئة إنسانية أخرى غير متحيزة لعرض مساعدة وحماية الأشخاص المتضررين من النزاعات المسلحة. وهذه الولاية منفصلة عن الدور الذي يمكن أن تضطلع به اللجنة الدولية للصليب الأحمر بحسبانها بديلًا عن الدول الحامية.[20]
1133 تمنح المادة 9 اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو أي هيئة إنسانية أخرى غير متحيزة الحق في عرض خدماتها بغض النظر عن أي نهج مسبق أو طلب من طرف في النزاع المعني. وعند تقديم عرض للخدمات، لا يجوز اعتباره عملًا غير ودي أو تدخلًا غير مشروع في الشؤون الداخلية للدولة بصفة عامة أو في النزاع بصفة خاصة. كما لا يجوز اعتباره اعترافًا بطرف في النزاع أو تأييدًا له.[21] وعلى ذلك، فإن عرض الخدمات وتفعيله لا يجوز حظره أو تجريمه بموجب القوانين التشريعية أو غيرها من القوانين التنظيمية. ومن ناحية أخرى، ليس هناك ما يمنع طرف في نزاع مسلح غير دولي من دعوة اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو غيرها من الهيئات الإنسانية غير المتحيزة في أي وقت للاضطلاع ببعض الأنشطة الإنسانية. بيد أنه باعتبار ذلك من مسائل القانون الدولي، تلك الهيئات في مندوحة من قبول طلبات من هذا القبيل؛ إذ إنها تقرر وفقًا لسلطتها التقديرية ما إذا كانت ستستجيب للطلب.[22] غير أنه لكي يكون الحق في عرض الخدمات الذي يستند إلى معاهدة نافذ المفعول، يجب على الطرف السامي المتعاقد عندما يكون طرفًا في نزاع مسلح دولي التأكد من أن المسؤولين عن اتخاذ القرار في هذا الصدد متاحون لتلقي العرض.
1134 لأغراض المادة 9، ليس هناك ما يدعو الهيئات التي تعرض خدماتها أو الكيانات التي تتلقى تلك العروض إلى الاتفاق على التصنيف القانوني لحالة النزاع، أي ما إذا كان يصنف نزاعًا مسلحًا، وما إذا كان طابعه دوليًا أو غير دولي في حالات النزاع المسلح. وعلى نفس المنوال، إن عرض الاضطلاع بأنشطة إنسانية لا يؤثر على الوضع القانوني الدولي للكيان الموجه إليه العرض.[23] وبالتالي، فإن عرض الخدمات على حكومة إحدى الدول التي لا تعترف بعض الدول بها حكومة شرعية ليس له أي تأثير على مطالبة تلك الحكومة بالاعتراف.[24] كما لا يجوز تفسير عرض الخدمات على أنه تأييد للأسباب التي دفعت بالكيان إلى الانخراط في النزاع المسلح.
Back to top
3-2. الأنشطة الإنسانية التي تنفذ من أجل الأشخاص المحميين
3-2-1. الأنشطة الإنسانية
1135 يقتصر نطاق تطبيق المادة 9 على الأنشطة الإنسانية التي يتعين الاضطلاع بها في النزاعات المسلحة الدولية. ويشير نص المادة في اتفاقية جنيف الأولى إلى أن "الأنشطة الإنسانية" يمكن أن تكون بقصد "حماية" و"إغاثة" الجرحى والمرضى وأفراد الخدمات الطبية والدينية، وذلك رغم خلو اتفاقيات جنيف من تعاريف لتلك المفاهيم.[25]
1136 مصطلحا "حماية" و"مساعدة" (يمكن استخدام المصطلح الأخير بالتبادل مع مصطلح "إغاثة") هما مصطلحان منفصلان، إلا إنهما غالبًا ما يترابطان ويتداخلان من حيث الممارسة العملية: إذ إن مساعدة الأشخاص المتضررين من النزاعات المسلحة هي أيضًا حماية لهم والعكس بالعكس.[26] وحين يتلقى المتضررون من النزاعات المسلحة المساعدة، فإنهم يتمتعون بالحماية حيث إن الهيئات الإنسانية غير المتحيزة موجودة بين ظهرانيهم، ومن ثمَّ يمكن أن تساعد في ردع انتهاكات الإطار القانوني الذي يحمي الجرحى والمرضى وأفراد الخدمات الطبية والدينية. وبالمقابل، رفع مستوى امتثال أطراف النزاع لاتفاقية جنيف الأولى، على سبيل المثال، قد يعني أن الخدمات الطبية لديها إمكانية الحصول على ما يكفي من الإمدادات الطبية للاعتناء بالجرحى والمرضى.
1137 إن الهدف من هذين النوعين من الأنشطة الإنسانية هو الحفاظ على حياة وكرامة الأشخاص المتضررين من النزاعات المسلحة. ويتحدد وفقًا لظروف كل حالة على حدة ما إذا كان أحد نوعي الأنشطة الإنسانية أو الآخر كافيًا لتحقيق تلك الغاية أو ما إذا كان هناك حاجة لأداء نوعي الأنشطة معًا في الوقت نفسه. ويمكن الوقوف على إشارة إلى ما يوصف بأنه "إنساني" في تعريف مبدأ "الإنسانية" الأساسي. وهذا المبدأ، الذي أقرته أيضًا محكمة العدل الدولية،[27] هو الأول بين المبادئ الأساسية السبعة للحركة. ويمكن أن نستدل من التعريف على أن الأنشطة الإنسانية هي جميع الأنشطة التي "تسعى إلى تجنب المعاناة الإنسانية وتخفيفها أينما وجدت"، وتهدف إلى "حماية الحياة والصحة وضمان احترام الإنسان".[28]
1138 تحتوي الوثائق المتعددة الصادرة عن المجتمع الإنساني على تعاريف مماثلة لمصطلح "إنسانية".[29] وبالمثل جرى إقرار تعاريف بعض المبادئ الأساسية الأخرى، مثل مبدأ عدم التحيز (انظر الفقرات 1160- 1162). وعلى ذلك، ترسخت المفاهيم التي استحدثها القانون الدولي الإنساني بوصفها مفاهيم عملية للمجتمع الإنساني الأوسع نطاقًا، لا سيما تلك المتعلقة بالأنشطة التي تجرى في وقت السلم.
1139 "الأنشطة الإنسانية"، في سياق النزاعات المسلحة، هي الأنشطة التي ترمي إلى الحفاظ على حياة الأشخاص المتضررين من النزاع وأمنهم وكرامتهم وسلامتهم البدنية والنفسية، أو تلك التي تسعى إلى استعادة تلك السلامة حال التعدي عليها. ويجب أن تكون تلك الأنشطة معنية بالبشر على هذا النحو. ومن ثمَّ، يجب ألا تتأثر الأنشطة الإنسانية وطريقة تنفيذها، بحسبانها تتلمس هداها أيضًا من شرط عدم التحيز (انظر الفقرات من 1160 إلى 1162)، بأي اعتبار سياسي أو عسكري أو بأي اعتبار يتعلق بالسلوك السابق للشخص، بما في ذلك السلوك الذي قد يستوجب العقاب وفقًا للقواعد الجنائية أو غيرها من القواعد التأديبية. وتسعى الأنشطة الإنسانية إلى الحفاظ على حياة الإنسان وأمنه وكرامته وسلامته البدنية والنفسية دون أي دافع آخر سوى تحقيق هذه الغاية. وأخيرًا، يقتصر تركيز الجهات التي تعرض أداء أنشطة إنسانية على احتياجات الأشخاص المتضررين من النزاع، بصرف النظر عن الحقوق الإضافية المكفولة لهم وفقًا لقانون حقوق الإنسان واجب التطبيق.
1140 بالإضافة إلى التوجيه النظري المذكور أعلاه، لم تضع الأطراف السامية المتعاقدة قائمة بالأنشطة التي تراها أنشطة إنسانية. ويتماشى هذا مع استحالة توقع الاحتياجات الإنسانية التي قد تنشأ نتيجة لنزاع مسلح معين؛ نظرًا لأن طبيعة النزاعات المسلحة قد تتغير، وقد تتغير الاحتياجات الإنسانية تبعًا لها. ويستحيل عمومًا تحديد الأنشطة التي تتسم في سياق معين بطابع الحفاظ على حياة الأشخاص المتضررين وأمنهم وكرامتهم وسلامتهم البدنية والنفسية، وبخاصة حين يدوم النزاع المسلح لعدة سنوات أو حتى عدة عقود.
1141 يقتصر منح الحق في عرض أداء أنشطة إنسانية، كما ورد في المادة 9، على اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو أي هيئة إنسانية أخرى غير متحيزة (للاطلاع على تحليل هذين المصطلحين، انظر القسم (ج)-3). أما أنشطة الإغاثة، فيجوز أداؤها أيضًا من جانب الجهات الفاعلة الأخرى، مثل أجهزة الدول التي لا توصف بأنها هيئات إنسانية غير متحيزة. ورغم أن هذه الأنشطة قد تخفف من المعاناة الإنسانية، إلا أن المادة 9 المشتركة لا تشملها بالتغطية.[30]
Back to top
3-2-2. الحماية
1142 تخول المادة 9 اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو أي هيئة إنسانية أخرى غير متحيزة أن تعرض أداء أنشطة إنسانية من أجل "حماية" فئات معينة من الأشخاص المتضررين من النزاعات المسلحة الدولية. ولفظ "تحمي" بمعناه العادي يعني "الحفاظ على المرء في مأمن من الأذى أو الإصابة".[31] والقانون الإنساني بدوره يتضمن من بين أهدافه الأساسية "حماية" الأشخاص في حالات النزاع المسلح ضد إساءة استعمال السلطة من جانب أطراف النزاع.
1143 لا تقدم المادة 9 توجيهًا بشأن الأنشطة المحددة التي قد تستخدمها الهيئات الإنسانية غير المتحيزة لكي تضمن أن السلطات وغيرها من الجهات الفاعلة المعنية "تحمي" الأشخاص امتثالًا للإطار القانوني واجب التطبيق. وتتباين الآراء بشأن ماهية أنشطة الحماية حتى فيما بين الهيئات الإنسانية غير المتحيزة نفسها. وترى اللجنة الدولية للصليب الأحمر واللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات،[32] أن مفهوم "الحماية" يشمل جميع الأنشطة الرامية إلى كفالة الاحترام التام لحقوق الفرد وفقًا لروح ونص قواعد القوانين ذات الصلة، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وقانون اللاجئين.[33]
1144 بناءً على ما تقدم، يشير مصطلح "أنشطة الحماية"، في سياق القانون الإنساني، إلى جميع الأنشطة التي تسعى إلى ضمان وفاء السلطات والجهات الفاعلة الأخرى المعنية بالتزاماتها في دعم حقوق الأفراد المتضررين من النزاع المسلح (وليست مجرد مسألة بقائهم على قيد الحياة).[34] وتشمل أنشطة الحماية الأنشطة التي ترمي إلى الحيلولة دون ارتكاب انتهاكات للقانون الإنساني في المقام الأول، على سبيل المثال، بتقديم الاحتجاجات إلى السلطات أو بتعزيز التعريف بالقانون، إلى جانب الأنشطة التي تسعى إلى ضمان وقف السلطات لانتهاكات القواعد واجبة التطبيق عليها أو وضع حد لها.
1145 تهدف اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عند تنفيذ أنشطتها للحماية في سياق النزاعات المسلحة، إلى ضمان انتباه السلطات إلى قواعد القانون الإنساني ذات الصلة أو غيرها من القواعد الأساسية التي تحمي الأشخاص في حالات العنف وتنفيذها. وقد تشمل تلك الأنشطة إجراء زيارات للأشخاص المحرومين من حريتهم.[35] وقد تبذل اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضًا مساعيها الحميدة لدى أطراف النزاع، لا سيما لتيسير تسوية الخلافات فيما يتعلق بتطبيق أو تفسير أحكام اتفاقية جنيف الأولى أو تنفيذ أي ترتيب تتفق عليه الأطراف.[36] وفي سياق اتفاقية جنيف الأولى، قد ترتبط عروض الخدمات أيضًا بأنشطة من قبيل جمع الجرحى والمرضى والموتى من ساحة المعركة.[37] وبصورة أعم، يجوز أن تقترح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أداء أي نشاط تراه ضروريًا لرصد مدى تنفيذ قواعد القانون الإنساني واجبة التطبيق أو القواعد الأساسية الأخرى التي تحمي الأشخاص في حالات العنف.[38]
1146 تستخدم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أثناء ممارستها أنشطة الحماية والعون على السواء، نُهُجًا شتى مثل الإقناع عبر لقاءات ثنائية محاطة بالسرية لحمل السلطات على الامتثال للقواعد واجبة التطبيق عليها، لا سيما القواعد التي تحكم توفير الخدمات الأساسية.[39] وحين ترى اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن جهودها لن تحقق استجابة مرضية في الوقت المناسب من جانب السلطات وأن المشكلة خطيرة، فإنها قد تشارك في الوقت نفسه في الدعم الملائم لتقديم تلك الخدمات مباشرةً أو تقديم بديل عنها أو الأمرين معًا.[40] وفي هذه الحالة، ينبغي ألا يغيب عن الأذهان أن أطراف النزاع هي التي تتحمل المسؤولية الأساسية عن ضمان تلبية الاحتياجات الإنسانية.[41] وحين تعجز اللجنة الدولية للصليب الأحمر، رغم ما تبذله من جهود وفي حالة الانتهاكات الجسيمة والمتكررة للقانون الإنساني، عن إقناع السلطات بالنهوض بمسؤولياتها في هذا الصدد، يجوز لها في ظل ظروف معينة أن تلجأ إلى أساليب أخرى مثل الشجب العلني.[42]
1147 بعيدًا عن اتفاقيات جنيف، أصبح مصطلح "الحماية" يعني أمورًا مغايرة من منظور مختلف الجهات الفاعلة، ولا تدخل تلك الأمور بالكامل في نطاق المادة 9 المشتركة. وهذا يعقد التحليل النظري من حيث الممارسة العملية. على سبيل المثال، حين تكلف جهة عسكرية فاعلة، مثل وحدة تشارك في بعثة لإقرار السلام أذنت بها الأمم المتحدة، بأن "تحمي" السكان المدنيين، قد تدخل أنشطة ونهُج مختلفة في الحسبان ولا سيما استخدام القوة المسلحة. ورغم استخدام نفس المصطلح، يكتسي مصطلح "الحماية" في هذا السياق معنى يختلف كثيرًا عن النهج الذي تتبعه الهيئات الإنسانية غير المتحيزة عند الاضطلاع بأنشطة الحماية.
Back to top
3-2-3. الإغاثة/ العون
1148 تخول المادة 9 اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو أي هيئة إنسانية أخرى غير متحيزة أن تعرض أداء أنشطة الإغاثة من أجل الأشخاص المتضررين من النزاعات المسلحة الدولية. ولفظ "الإغاثة" بمعناه العادي يعني "تخفيف أو إزالة الألم أو القلق أو الشدة".[43] وينطبق مصطلح "الإغاثة" في الغالب، حسبما هو مستخدم في اتفاقيات جنيف، على الأنشطة الرامية إلى تلبية الاحتياجات الإنسانية التي تنشأ في حالات الطوارئ. وينبغي تفسير هذا المصطلح بالاقتران مع مصطلح "العون" الأوسع نطاقًا المستخدم في المادة 81(1) من البروتوكول الإضافي الأول، الذي يرمي أيضًا إلى تغطية الاحتياجات الأطول أجلًا والمتكررة، بل وحتى المزمنة.[44] ولم تقدم أي من المعاهدات سالفة الذكر تعريفًا للفظ الإغاثة أو العون. كما إن عدم وجود تعريف شامل أو قائمة بأنشطة محددة يغطيها مصطلح "العون" يتماشى مع حقيقة أن الحاجة إلى العون الإنساني قد لا تكون بالضرورة هي ذاتها في كل سياق وقد تتطور بمرور الوقت.
1149 يشير مصطلح "أنشطة العون" إلى جميع الأنشطة والخدمات وعمليات توصيل المواد التي تنفذ أساسًا في مجالات الصحة، والمياه، والموئل (خلق بيئة معيشية مستدامة)، والأمن الاقتصادي (الذي عرفته اللجنة الدولية للصليب الأحمر على أنه "ظروف الأفراد أو الأسر المعيشية أو المجتمعات القادرة على تغطية احتياجاتها الأساسية ونفقاتها التي لا يمكن تفاديها، بطريقة مستدامة وفقًا لمعاييرها الثقافية").[45] وتهدف تلك الأنشطة إلى ضمان قدرة الأشخاص العالقين في النزاعات المسلحة على النجاة والعيش بكرامة. ومن الناحية العملية، يختلف نوع أنشطة الإغاثة تبعًا لماهية المستفيدين وطبيعة احتياجاتهم. فأنشطة الإغاثة التي تقدم للأشخاص المصابين في ساحة المعركة، على سبيل المثال، لن تكون هي ذات الأنشطة التي تؤدى من أجل أسرى حرب داخل معسكر. ومن المبادئ الأساسية للقانون الإنساني أنه أيًا ما كان نشاط الإغاثة، ينبغي ألا يعتبر قطعًا ذا طبيعة تعزز القدرات العسكرية للعدو، بما في ذلك على سبيل المثال، تقديم المساعدة الطبية للمقاتلين الجرحى.
Back to top
3-2-4. المستفيدون
1150 تذكر المادة 9 من اتفاقية جنيف الأولى، أداء الأنشطة الإنسانية من أجل "الجرحى والمرضى وأفراد الخدمات الطبية والدينية". ويشير مصطلح "الجرحى والمرضى" إلى الأشخاص الذين تشملهم المادتان 12 و13؛ بينما يشير مصطلح "أفراد الخدمات الطبية" إلى الأشخاص الذين تشملهم المواد 24 و25 و26 و27؛ ويشير مصطلح "أفراد الخدمات الدينية" إلى "رجال الدين الملحقين بالقوات المسلحة" الذين تشملهم المادة 24، وتشير حسب الأحوال إلى الموظفين الدينيين الذين يعملون وفقًا للمادة 26 أو المادة 27.[46] ورغم أن الحق في عرض الخدمات غير منصوص عليه صراحةً في المادة 9، فإنه يمكن أن يتصل أيضًا بأنشطة تؤدى لصالح الموتى إذ تنطوي المواد 15 و16 و17 على مجموعة من الالتزامات تتعلق بهم. وبالمثل، يتفرع عن المنطق الذي تستند إليه اتفاقية جنيف الأولى أن الحق في عرض الخدمات يمكن أيضًا ممارسته، في بعض الظروف، من أجل حماية الأعيان (مثل المنشآت الطبية العسكرية والطائرات الطبية) التي تشملها الاتفاقية الأولى بالحماية أو من أجل كفالة أدائها لوظيفتها. وتلك الأعيان مشمولة بالحماية نظرًا لما تعود به من نفع على الأشخاص الذين تسبغ عليهم الاتفاقية الأولى حمايتها.[47]
1151 تؤثر النزاعات المسلحة على أشخاص آخرين بخلاف أولئك المحدد صراحةً اندراجهم تحت فئات المستفيدين الواردة في النسخ الأربع للمادة 9 المشتركة (المادة 10 من اتفاقية جنيف الرابعة) أو من يستوفون شروطها. وليس هناك نص على أن تلك الفئات هي الوحيدة التي يجوز أن تعرض اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو أي هيئة إنسانية أخرى غير متحيزة خدماتها من أجلها.[48] وعلاوة على ذلك، يجوز ممارسة الحق في عرض الخدمات لصالح الأشخاص بغض النظر عما إذا كان ينطبق عليهم وصف "الأشخاص المحميين" بمفهوم أي من اتفاقيات جنيف الأربع. ويتجلى ذلك في المادة 10 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تستخدم مصطلح "الأشخاص المدنيين" بدلًا من مصطلح "الأشخاص المحميين" الأضيق نطاقًا حسبما هو محدد في المادة 4 من اتفاقية جنيف الرابعة.
1152 علاوة على ما سلف، لا يلزم أن يكون الأشخاص ضحايا إخلال بمعيار قانوني واجب التطبيق حتى يستفيدوا من الأنشطة الإنسانية. ويتجلى هذا التفسير واسع النطاق بشأن ماهية المستفيدين من الأنشطة الإنسانية في المادة 81(1) من البروتوكول الإضافي الأول، التي تشير إلى "ضحايا المنازعات"، وتؤكده الممارسات اللاحقة للدول: عند الموافقة على عرض خدمات، لا تقصر أطراف النزاع عادةً موافقتها على الأنشطة الإنسانية التي تقدم فقط للأشخاص الذين ينطبق عليهم وصف "الأشخاص المحميين" بالمعنى الوارد في اتفاقيات جنيف. وأخيرًا، لا يمس ما سبق ذكره بإمكانية ممارسة الهيئات الإنسانية غير المتحيزة أنشطة أخرى مثل تلك التي تقع ضمن مجال الوقاية (على سبيل المثال، زيادة الوعي بالقانون الدولي الإنساني)، بل وممارستها أيضًا، لصالح المقاتلين الأصحاء.
Back to top
3-3. اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو أي هيئة إنسانية أخرى غير متحيزة
3-3-1. اللجنة الدولية للصليب الأحمر
1153 اللجنة الدولية للصليب الأحمر هي المنظمة الوحيدة التي ذكرتها بالاسم المادة 9 والمادة 3(2) المشتركة عند الحديث عن الحق في عرض الخدمات. وفي تلك السياقات، يشار إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر بوصفها مثالًا على المنظمات من قبيل الهيئات الإنسانية غير المتحيزة. فاللجنة الدولية للصليب الأحمر تجسد من منظور صائغي اتفاقيات جنيف السمات الأساسية للهيئة الإنسانية غير المتحيزة. ومن جهة أخرى، إن إسباغ الحق في عرض الخدمات على اللجنة الدولية للصليب الأحمر بوصفها مثالًا للهيئة الإنسانية غير المتحيزة مرهون بأن تعمل اللجنة بتلك الصفة في جميع الأوقات. وينطبق هذا الشرط، عن طريق الاستدلال، على أي منظمة أخرى تسعى إلى أن تدخل في نطاق المادة 9.
1154 تنطوي اتفاقيات جنيف المؤرخة في عام 1949 والبروتوكولان الإضافيان المؤرخان في عام 1977 الملحقان بالاتفاقيات بقدر انطباقهما على النزاعات المسلحة الدولية على عدد هائل من الأحكام التي تمنح بموجبها الأطراف السامية المتعاقدة اللجنة الدولية للصليب الأحمر صراحةً الحق في عرض أداء أنشطة إنسانية معينة.[49] وعلى نحو موازٍ، يوفر النظام الأساسي والنظام الداخلي للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر أيضًا أساسًا قانونيًا للجنة الدولية للصليب الأحمر لعرض خدماتها في مثل تلك النزاعات.[50] وتنص المادة 5(3) من النظام الأساسي على أنه "يجوز للجنة الدولية [للصليب الأحمر] أن تقوم بأية مبادرة إنسانية تدخل في نطاق دورها المحدد كمؤسسة ووسيط محايدين ومستقلين، وأن تنظر في أية مسألة تتطلب أن تبحثها مثل هكذا مؤسسة".[51]
Back to top
3-3-2. أي هيئة إنسانية أخرى غير متحيزة
1155 حق عرض الخدمات ليس حكرًا على اللجنة الدولية للصليب الأحمر؛ إذ تمنح المادة 9 نفس الحق إلى "أية هيئة إنسانية أخرى غير متحيزة". ولم تورد اتفاقيات جنيف تعريفًا لهذا المفهوم، كما لما تتناوله بمزيد من التوضيح.[52]
1156 حين أدرجت الأطراف السامية المتعاقدة تلك العبارة في نص المادة 9 خلال المؤتمر الدبلوماسي الذي عقد في عام 1949، كان ما يدور في خلدها في المقام الأول هو الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر.[53] ومنذ عام 1949، ازدادت الهيئات التي تعتبر نفسها هيئات إنسانية غير متحيزة بالمعنى الوارد في المادة 9، والتي تعترف بها أطراف النزاعات المسلحة على هذا النحو، عددًا وتنوعًا زيادة كبيرة لتشمل بعض المنظمات غير الحكومية والمنظمات الحكومية الدولية على السواء.
1157 ليس ثمة ما يقتضي بأن يقتصر نطاق أنشطة الهيئات على الأنشطة الإنسانية حتى تستوفي الشروط التي تجعل منها "هيئة إنسانية".[54] وعلى ذلك، فإن الهيئات التي تركز فقط على الأنشطة الإنمائية قبل اندلاع النزاع المسلح يمكن أن تصبح فيما بعد هيئات إنسانية لأغراض المادة 9 وذلك دون المساس بإمكانية أدائها في الوقت عينه أنشطة ذات طبيعة مختلفة في مكان آخر. بيد أن المادة 9 تشترط أن تكون الجهة الراغبة في عرض خدماتها "هيئة". وبالتالي، فإن أفرادًا لا تربطهم علاقة متينة حتى وإن ساهمت أنشطتهم في تخفيف المعاناة الإنسانية لا يستوفي ذاك الشرط وفقًا لهذه المادة.[55] وتلك هي الحال أيضًا فيما يخص الأشخاص العاديين الراغبين في الانخراط في أنشطة خيرية. وينبغي أن تكون الهيئة الراغبة في أن تصبح "هيئة إنسانية" بالمعنى الوارد في هذه المادة قادرة في جميع الأوقات على الامتثال للمعايير المهنية للأنشطة الإنسانية،[56] وإلا جابهت، على الصعيد العملي، خطر تشكك السلطات التي تعرض عليها خدماتها في طبيعتها غير المتحيزة والإنسانية.
1158 تحتاج الهيئات الإنسانية إلى موارد مالية من أجل تمويل موظفيها وعملياتها وشراء السلع والخدمات الضرورية. ولذلك، فإن التعامل في الأموال لا يمكن اعتباره بأي شكل من الأشكال سببًا لانحسار الطابع "الإنساني" عن الهيئة وعن أنشطتها. وعلاوة على ذلك، ليس هناك ما يحول دون توطيد الهيئة علاقتها مع جهات اقتصادية فاعلة مثل الشركات الخاصة أو المملوكة للدولة، شريطة أن تستمر في العمل كهيئة إنسانية غير متحيزة. وتتضمن الأمثلة على هذا النوع من العلاقات ما يلي: حالة بيع جهة اقتصادية فاعلة لديها القدرة على تقديم الخدمات الإنسانية، مثل شركات الطيران التجاري التي تستخدم لنقل مواد الإغاثة، خدماتها لهيئات إنسانية غير متحيزة لقاء ربح؛ أو تقديم تلك الجهات خدماتها للهيئات الإنسانية غير المتحيزة بلا مقابل، على سبيل المثال، في إطار برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات.
1159 هناك مجموعة واسعة من الحالات التي يمكن فيها للجهات الاقتصادية الفاعلة أن تشارك في أنشطة إنسانية، حتى حين تقدم خدمات مجانية في إطار نشاط إنساني معين، على سبيل المثال، في إطار برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات، إلا أن خاصيتها الأخرى الساعية إلى الربح تحول دون توصيفها كهيئة إنسانية غير متحيزة بالمعنى الدقيق. ومن الأمثلة على مشاركة من هذا القبيل تقديم الجهات الاقتصادية الفاعلة خدمات إنسانية مباشرةً سواء استنادًا إلى علاقة تعاقدية مع هيئة إنسانية غير متحيزة أو بناءً على مبادرة منها. وعلى ذلك، لا يجوز للجهات الاقتصادية الفاعلة التمسك بحقها في عرض خدماتها بالمعنى المقصود في المادة 9 إذ ينحسر عنها وصف الهيئات الإنسانية غير المتحيزة.
1160 تنص اتفاقيات جنيف على أن تكون الهيئات الإنسانية التي ترغب في عرض خدماتها وفقًا للمادة 9 "غير متحيزة". ويشير مصطلح عدم التحيز إلى المسلك اللازم اتخاذه إزاء الأشخاص المتضررين من النزاع المسلح عند تخطيط الأنشطة الإنسانية المقترحة وتنفيذها. ومصطلح "عدم التحيز"، باعتباره أحد المبادئ الأساسية واجبة التطبيق على جميع مكونات الحركة، هو شرط عدم ممارسة أي "تمييز على أساس الجنسية أو العرق أو المعتقدات الدينية أو الوضع الاجتماعي أو الآراء السياسية" أو أي معايير مماثلة أخرى.[57] وعلاوة على ذلك، فإن المبدأ الأساسي لعدم التحيز، الذي أقرته محكمة العدل الدولية،[58] يقتضي من عناصر الحركة أن "تسعى إلى تخفيف معاناة الأفراد وفقًا لاحتياجاتهم فقط، وإلى إعطاء الأولوية لأشد حالات الضيق إلحاحًا". وهذا التعريف، بوصفه من إجراءات الممارسة الجيدة، لا تتبناه مكونات الحركة فحسب بل تبناه أيضًا العديد من الجهات الفاعلة من خارج الحركة.
1161 ليس كافيًا أن تدعي الهيئات من جانب واحد أنها مؤهلة لأن تكون "هيئة إنسانية غير متحيزة" حتى يمكن توصيفها على هذا النحو: فهي بحاجة إلى أن تحرص على العمل في جميع الأوقات دون تحيز وبإنسانية. ومن حيث الواقع العملي، من المهم أن يلمس طرف النزاع المسلح الذي تُعرض عليه الخدمات أن الهيئة غير متحيزة وإنسانية على السواء، وأن يثق أيضًا بأنها ستتصرف تبعًا لذلك.
1162 يطبق مبدأ عدم التحيز في مرحلتي تخطيط الأنشطة الإنسانية وتنفيذها على السواء: حيث إن احتياجات الأشخاص المتضررين من النزاع هي وحدها ما يلهم الهيئات الإنسانية عند طرح مقترحاتها وترتيب أولوياتها وقراراتها عند تحديد الأنشطة التي يتعين الاضطلاع بها ومكان وكيفية تنفيذها (على سبيل المثال، من يتلقى المساعدة الطبية أولًا).
1163 ولينطبق على المنظمات وصف هيئات إنسانية غير متحيزة بالمعنى المقصود في المادة 9، ليس ثمة شرط يتعلق بموقع مقرها الرئيسي الذي قد يقع خارج إقليم الدولة التي يدور فيها النزاع المسلح المعني.[59]
1164 يختلف مفهوم عدم التحيز عن مفهوم الحياد. ولا تشترط المادة 9 على المنظمات الراغبة في أن تصبح هيئات إنسانية بمقتضى هذا الحكم أن تكون "محايدة". وفي سياق الأنشطة الإنسانية، يشير مصطلح "الحياد" إلى المسلك اللازم اتخاذه إزاء أطراف النزاع المسلح. والحياد هو أيضًا أحد المبادئ الأساسية للحركة، ووصفته على النحو التالي: "لكي تحتفظ الحركة بثقة الجميع، تمتنع عن تأييد أي طرف من الأطراف في الأعمال العدائية أو المشاركة، في أي وقت، في الخلافات ذات الطابع السياسي أو العرقي أو الديني أو الأيدولوجي". رغم عدم اشتراط الحياد بموجب هذه المادة، فإنه من حيث الممارسة، هناك سياقات يسهّل فيها اتخاذُ مسلك حيادي مؤكد قبولَ أطراف النزاع المعني للمنظمات. وعلى هذا الأساس، قد ترفض الهيئات الإنسانية غير المتحيزة التي تميل إلى أحد طرفي النزاع أو ينظر إليها على أنها تميل إليه.
Back to top
3-4. "شريطة موافقة أطراف النزاع المعنية"
3-4-1.شرط الموافقة
1165 منذ إقرار اتفاقيات جنيف في عام 1949، أصبح الشرط القائم على معاهدة بالتماس موافقة أطراف النزاع والحصول عليها هو الجانب الذي حظي بأكبر قدر من الأخذ والرد من حيث الإطار القانوني واجب التطبيق على الأنشطة الإنسانية في النزاعات المسلحة.[60] فمن ناحية، منحت الأطراف المتعاقدة السامية للجنة الدولية للصليب الأحمر والهيئات الإنسانية الأخرى غير المتحيزة الحق في عرض الاضطلاع بأنشطة إنسانية من جانب واحد. ومن ناحية أخرى، يشير التفسير المباشر للمادة 9 إلى أن هذا الحق لا يشكل بالضرورة حق الدخول، أي ضمان استمرار القدرة على تنفيذ الأنشطة الإنسانية المقترحة. ويظل حق الدخول مرهونًا "بموافقة أطراف النزاع المعنية".
1166 لأغراض هذه المادة، يجب تفسير عبارة "أطراف النزاع المعنية" تفسيرًا ضيقًا؛ إذ يلزم التماس الموافقة والحصول عليها فقط من الطرف السامي المتعاقد الذي (1) ينطبق عليه وصف "طرف" في النزاع المسلح الدولي المعني، (2) ويكون "معنيًا" لأن الأنشطة الإنسانية المقترحة تنفذ داخل إقليمه أو في منطقة خاضعة لسيطرته، كما هي الحال مع دول الاحتلال.[61] وبالتالي ووفقًا للمادة 9، لا يلزم طلب موافقة الطرف الخصم في النزاع المسلح الدولي. وتلك هي الحال مثلًا حتى عندما تحتاج قوافل الإغاثة المقترحة إلى المرور عبر إقليم الطرف الخصم. ففي هذه الحالة فإن هذا الطرف ليس "معنيًا"، لأغراض المادة 9، نظرًا لأن الأنشطة الإنسانية المقترحة لن تنفذ داخل إقليمه وإن كان هناك مجموعة مختلفة من القواعد تنظم موقفه فيما يتعلق بالتزامه بالسماح "بالمرور" وتيسيره (انظر الفقرة 1168).[62] بيد أنه يلزم التماس موافقة ذاك الطرف وفقًا للقانون الدولي العام.[63]
1167 على نفس المنوال وباعتبار ذلك من مسائل القانون الدولي واجب التطبيق على النزاعات المسلحة الدولية، لن يكون هناك حاجة لالتماس الموافقة والحصول عليها، وفقًا للمادة 9 لأداء أنشطة إنسانية في إقليم أحد أطراف النزاع أو منطقة خاضعة لسيطرته، من الدول المحايدة عندما تنطلق منها الأنشطة الإنسانية المقترحة أو تمر عبر إقليمها: فتلك الدول ليست "معنية" بالمعنى المقصود في المادة 9. غير أنه مرة أخرى يتعين التماس موافقة الدولة المحايدة، في هذه الحالة، وفقًا للقانون الدولي العام.[64]
1168 عند هذه النقطة، يبدأ دور التمييز الذي جرت الإشارة إليه في المقدمة (انظر الفقرة 1125) بين التماس موافقة أحد أطراف النزاع والحصول عليها من أجل الاضطلاع بأنشطة إنسانية من ناحية، وبين التزام الأطراف بالسماح بمرور الأنشطة الإنسانية وتيسيره من ناحية أخرى. ووفقًا للشروط المنصوص عليها في المادة 23 من اتفاقية جنيف الرابعة والمادة 70(2) من البروتوكول الإضافي الأول، يجب على جميع الأطراف السامية المتعاقدة، سواء أكان ينطبق عليها وصف أطراف في النزاع أم لم ينطبق، أن تجيز وتيسر المرور السريع ودون عراقيل لجميع رسالات وتجهيزات الإغاثة والعاملين عليها المرسلة إلى السكان المدنيين التابعين لطرف آخر حتى لو كان خصمًا، أي أنها يجب أن تسمح بقبول عرض الخدمات التي يتعين تنفيذها.[65] وإذا ما رفضت تلك الدول إجازة وتيسير عمليات الإغاثة، فإنها تمنع في واقع الأمر تلبية الاحتياجات الإنسانية للأشخاص المتضررين من النزاع المسلح، ومن ثمَّ تصبح الموافقة المقدمة من أطراف النزاع باطلة.
1169 لا تشير المادة 9 إلى كيفية إبداء الموافقة. يمكن أن تأخذ الموافقة شكل الرد الخطي على الهيئة التي عرضت خدماتها، كما يمكن أيضًا أن تبلغ شفويًا. وفي حالة عدم وضوح الإبلاغ بالموافقة، يمكن للهيئة الإنسانية غير المتحيزة أن تتأكد من موافقة طرف النزاع المعني ضمنًا على الأقل، بقبوله الضمني، لتنفيذ الأنشطة الإنسانية المقترحة التي جرى إخطاره بها مقدمًا حسب الأصول.
Back to top
3-4-2. عدم جواز الامتناع عن الموافقة بصورة تعسفية
1170 لا توفر اتفاقيات جنيف أي توجيهات بشأن قيام ظروف قد يرفض فيها أحد أطراف النزاع بصورة مشروعة الموافقة على عرض لأداء أنشطة إنسانية من قبيل الأنشطة التي تنفذ في سياق اتفاقية جنيف الأولى لمصلحة الجرحى والمرضى وأفراد الخدمات الطبية والدينية الذين تشملهم الاتفاقية الأولى.
1171 يختلف التقييم القانوني للوضع باختلاف مسألة ما إذا كان عرض الخدمات مقدمًا إلى دولة احتلال (الأمر الذي لا نتطرق إليه هنا)[66] أو إلى طرف في نزاع مسلح دولي بخلاف دول الاحتلال (وهو الأمر الذي نحن بصدد التعرض له).
1172 في عام 1949، كان فهم شرط التماس موافقة أطراف النزاع المعنية والحصول عليها موضوعًا في سياق الدول التي تتمتع بسيادة تكاد تكون مطلقة: فطرف النزاع المسلح الذي يتلقى عرض خدمات، لا يرى إن أيًا من قواعد القانون الدولي تحجب سلطته التقديرية الكاملة. بيد أنه كان مفهومًا في ذلك الوقت أنه عند رفض أحد أطراف النزاع عرض للخدمات، فإن ذاك الطرف يتحمل مسؤولية قانونية دولية عما يترتب على ذلك من عواقب لها طبيعة أو أثر يخل بالتزاماته الإنسانية تجاه المستفيدين المقصودين.[67]
1173 منذ عام 1949، تطور القانون الدولي بوجه عام والقانون الإنساني بوجه خاص إلى الدرجة التي لا يكون معها لأطراف النزاعات المسلحة الدولية التي تقدم إليها هيئة إنسانية غير متحيزة عرضًا للخدمات، مطلق الحرية في تقرير كيفية استجابتها لهذا العرض. وقد أصبح من المقبول الآن تحقق ظروف تكون فيها الأطراف ملزمة، بمقتضى القانون الدولي، بمنح موافقتها على عرض أداء خدمات إنسانية تقدمه هيئة إنسانية غير متحيزة. وبعبارة أخرى، هناك ظروف يستتبع فيها رفض عروض من هذا القبيل المسؤولية القانونية الدولية لهذا الطرف.
1174 وقد تطور القانون الدولي، على وجه الخصوص، استرشادًا بالممارسات اللاحقة للدول، إلى درجة يمكن معها الخلوص إلى أنه لا يجوز رفض منح الموافقة استنادًا إلى أسس تعسفية.[68] وبالتالي، يجب أن يرتكز أي عائق (أو عوائق) أمام الأنشطة الإنسانية على أسباب سليمة، وعلى طرف النزاع الذي تُلتمس موافقته تقييم أي عرض للخدمات بحسن نية[69] بما يتماشى مع التزاماته القانونية الدولية بشأن الاحتياجات الإنسانية. وبالتالي، إذا لم يرغب طرف في نزاع مسلح دولي أو كان غير قادر على تلبية الاحتياجات الإنسانية لأولئك الأشخاص، فيجب عليه قبول عرض الخدمات من هيئة إنسانية غير متحيزة. وإذا تعذر تلبية الاحتياجات الإنسانية بطريقة أخرى، فإن رفض عرض الخدمات يصبح تعسفيًا، ومن ثمَّ يشكل انتهاكًا للقانون الدولي.
1175 لا يقدم القانون الدولي إيضاحًا ذا حجية بشأن كيفية تفسير معيار "التعسف".[70] ولا يزال هذا التقييم مقترنًا بالسياق المحدد الذي يرد فيه. ومع ذلك، هناك حالات لا يعتبر فيها بوضوح أن رفض الموافقة أمر تعسفي. وتلك هي الحال، على سبيل المثال، إذا كان الطرف الذي تلقى العرض راغبًا وقادرًا على تلبية الاحتياجات الإنسانية، والأهم أنه يؤدي ذلك فعليًا بطريقة غير متحيزة. ومن ناحية أخرى، يمكن اعتبار الرفض تعسفيًا إذا كان ينطوي على إخلال بالتزامات الطرف بموجب القانون الإنساني أو غيره من مجالات القانون الدولي مثل قانون حقوق الإنسان الساري. وهذه هي الحال، على سبيل المثال، حين يكون الطرف المعني غير قادر أو غير راغب في تقديم العون الإنساني للأشخاص المتضررين من النزاع المسلح، بل وأكثر من ذلك إذا لم تتحقق احتياجاتهم الأساسية التي تكفل لهم كرامة العيش.
1176 وعلاوة على ما تقدم، يجب الانتباه إلى حظر انتهاج تجويع السكان المدنيين أسلوبًا من أساليب الحرب.[71] وعلى ذلك، حين يراد من نقص الإمدادات، أو يمكن التوقع، أن يؤدي إلى تجويع السكان المدنيين، فليس ثمة سبب سليم لرفض عرض هيئة إنسانية غير متحيزة لتقديم أنشطة إنسانية.[72] وينص النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المؤرخ في عام 1998 على أن "تعمد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغوثية على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف" يمثل جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية.[73]
1177 على نفس المنوال، فإن رفض الموافقة، صراحةً أو ضمنًا، بغية التسبب في تفاقم معاناة المدنيين يصنف أيضًا تعسفًا. ويمكن أيضًا اعتبار رفض منح الموافقة تعسفًا حين يقوم الرفض على أساس التمييز الضار، أي حين يكون الغرض منه حرمان الأشخاص من الإغاثة أو الحماية الإنسانية الواجبة على أساس الجنسية أو العرق أو المعتقد الديني أو الطبقة أو الرأي السياسي.
1178 لا تشكل الضرورة العسكرية سببًا صحيحًا بموجب القانون الإنساني لرفض عرض سليم للخدمات أو رفض الأنشطة الإنسانية التي تقترحها الهيئات الإنسانية غير المتحيزة بكاملها.
1179 موافقة الأطراف على الاضطلاع بأنشطة إنسانية تظل، في جميع الأوقات، دون مساس بحق الأطراف في فرض تدابير رقابة. ويمكن أن تشمل هذه التدابير ما يلي: التحقق من طبيعة المساعدة؛ ووضع ترتيبات فنية لتقديم المساعدة؛ وتقييد الأنشطة الإنسانية مؤقتًا لأسباب الضرورة العسكرية الملحة.[74] وإذا أسفرت تدابير التحقق عن استنتاج مفاده أن النشاط متحيز أو غير إنساني بطبيعته، فإنه يجوز رفض السماح به. غير أن وضع هذه الضوابط والقيود وتنفيذها لا يجوز أن يصل، فيما يخص جميع المقاصد والأغراض العملية، إلى مستوى رفض الموافقة. وبعبارة أخرى، فإن الحق في الرقابة الذي يقره القانون الإنساني لا ينبغي أن يؤخر دون مبرر العمليات الإنسانية أو يجعل تنفيذها أمرًا مستحيلًا. وفي هذا الصدد، لا يمكن التذرع بالضرورة العسكرية الملحة في ظروف استثنائية إلا من أجل تنظيم - وليس حظر - وصول المساعدات الإنسانية، ويجوز فقط تقييد حرية تنقل العاملين في المجال الإنساني من الناحيتين الزمنية والمكانية.[75] وقد تشمل أسباب الضرورة العسكرية الملحة، على سبيل المثال، منع التدخل في عملية عسكرية جارية أو موقوفة مؤقتًا.
1180 - لا يشير القانون الإنساني إلى ما يحدث حين ترفض دولة طرف في نزاع مسلح دولي منح موافقتها في ظروف تخل بالتزاماتها القانونية الدولية. وأخيرًا، فإن مشروعية أداء الهيئات الإنسانية غير المتحيزة لأنشطة إنسانية في تحدٍ لرفض تعسفي لعرضها للخدمات، يتعين تقييمها على أساس قواعد أخرى واجبة التطبيق من القانون الدولي والقانون الداخلي.[76]
ثبت المراجع المختارة
Barrat, Claudie, Status of NGOs in International Humanitarian Law, Brill Nijhoff, Leiden, 2014.
Blondel, Jean-Luc, ‘L’assistance aux personnes protégées’, Revue international de la Croix-Rouge, Vol. 69, No. 767, October 1987, pp. 471–489.
– ‘The meaning of the word “humanitarian” in relation to the Fundamental Principles of the Red Cross and Red Crescent’, International Review of the Red Cross, Vol. 29, No. 273, December 1989, pp. 507–515.
– ‘Genèse et évolution des principes fondamentaux de la Croix-Rouge et du Croissant Rouge’, Revue international de la Croix-Rouge, Vol. 73, No. 790, August 1991, pp. 369–377.
Bouchet-Saulnier, Françoise, ‘Consent to humanitarian access: An obligation triggered by territorial control, not States’ rights’, International Review of the Red Cross, Vol. 96, No. 893, March 2014, pp. 207–217.
de Geouffre de La Pradelle, Paul, ‘Une conquête méthodique : le droit d’initiative humanitaire dans les rapports internationaux’, in Christophe Swinarski (ed.), Études et essais sur le droit international humanitaire et sur les principes de la Croix-Rouge en l’honneur de Jean Pictet, Martinus Nijhoff Publishers, The Hague, 1984, pp. 945–950.
Fast, Larissa, ‘Unpacking the principle of humanity: Tensions and implications’, International Review of the Red Cross, Vol. 97, Nos 897/898, Spring/Summer 2015, pp. 111–131.
Forsythe, David P., ‘International Humanitarian Assistance: The Role of the Red Cross’, Buffalo Journal of International Law, Vol. 3, No. 2, 1996–1997, pp. 235–260.
Gentile, Pierre, ‘Humanitarian organizations involved in protection activities: a story of soul-searching and professionalization’, International Review of the Red Cross, Vol. 93, No. 884, December 2011, pp. 1165–1191.
Gillard, Emanuela-Chiara, ‘The law regulating cross-border relief operations’, International Review of the Red Cross, Vol. 95, No. 890, June 2013, pp. 351–382.
Harroff-Tavel, Marion, ‘Neutrality and Impartiality – The importance of these principles for the International Red Cross and Red Crescent Movement and the difficulties involved in applying them’, International Review of the Red Cross, Vol. 29, No. 273, December 1989, pp. 536–552.
Heintze, Hans-Joachim and Lülf, Charlotte, ‘Non-State Actors Under International Humanitarian Law’, in Math Noortmann, August Reinisch and Cedric Ryngaert (eds), Non-State Actors in International Law, Hart Publishing, Oxford, 2015, pp. 97–111.
Institute of International Law, ‘Humanitarian Assistance’, Resolution of the Bruges Session, 2 September 2003, available at http://www.idi-iil.org/idiE/resolutionsE/2003_bru_03_en.PDF.
ICRC, ‘ICRC Q&A and lexicon on humanitarian access’, International Review of the Red Cross, Vol. 96, No. 893, March 2014, pp. 359–375.
– The Fundamental Principles of the International Red Cross and Red Crescent Movement, ICRC, Geneva, 2015.
Junod, Sylvie S., ‘Le mandat du CICR durant un conflit armé. Le mandat et les activités du Comité international de la Croix-Rouge’, The Military Law and Law of War Review, Vol. 43, 2004, pp. 103–110.
Kalshoven, Frits, ‘Impartiality and Neutrality in Humanitarian Law and Practice’, International Review of the Red Cross, Vol. 29, No. 273, December 1989, pp. 516–535.
Kolb Robert, ‘De l’assistance humanitaire : la résolution sur l’assistance humanitaire adoptée par l’Institut de droit international à sa session de Bruges en 2003’, Revue international de la Croix-Rouge, Vol. 86, No. 856, December 2004, pp. 853–878.
Kuijt, Emilie Ellen, Humanitarian Assistance and State Sovereignty in International Law: Towards a Comprehensive Framework, Intersentia, Cambridge, 2015.
Labbé, Jérémie, and Daudin, Pascal, ‘Applying the humanitarian principles: Reflecting on the experience of the International Committee of the Red Cross’, International Review of the Red Cross, Vol. 97, No. 897/898, Spring/Summer 2015, pp. 183–210.
Lattanzi, Flavia, ‘Humanitarian Assistance’, in Andrew Clapham, Paola Gaeta and Marco Sassòli (eds), The 1949 Geneva Conventions: A Commentary, Oxford University Press, 2015, pp. 231–255.
Oxford Guidance on the Law Relating to Humanitarian Relief Operations in Situations of Armed Conflict, by Dapo Akande and Emanuela-Chiara Gillard, commissioned & published by UN Office for the Coordination of Humanitarian Affairs, 2016.
Plattner, Denise, ‘Assistance to the civilian population: the development and present state of international humanitarian law’, International Review of the Red Cross, Vol. 32, No. 288, June 1992, pp. 249–263.
Ryngaert, Cédric, ‘Humanitarian Assistance and the Conundrum of Consent: A Legal Perspective’, Amsterdam Law Forum, Vol. 5, No. 2, 2013, pp. 5–19.
Sandoz, Yves, ‘Le droit d’initiative du Comité international de la Croix-Rouge’, German Yearbook of International Law, Vol. 22, 1979, pp. 352–373.
Schwendimann, Felix, ‘The legal framework of humanitarian access in armed conflict’, International Review of the Red Cross, Vol. 93, No. 884, December 2011, pp. 993–1008.
Spieker, Heike, ‘Humanitarian Assistance, Access in Armed Conflict and Occupation’, version of March 2013, in Rüdiger Wolfrum (ed.), Max Planck Encyclopedia of Public International Law, Oxford University Press, http://www.mpepil.com.
Stoffels, Ruth Abril, ‘Legal regulation of humanitarian assistance in armed conflict: Achievements and gaps’, International Review of the Red Cross, Vol. 86, No. 855, September 2004, pp. 515–546.
Swinarski, Christophe, ‘La notion d’un organisme neutre et le droit international’, in Christophe Swinarski (ed.), Études et essais sur le droit international humanitaire et sur les principes de la Croix-Rouge en l’honneur de Jean Pictet, ICRC/Martinus Nijhoff Publishers, The Hague, 1984, pp. 819–835.
Swiss Confederation, Federal Department of Foreign Affairs, Humanitarian Access in Situations of Armed Conflict: Practitioners’ Manual, 2014.
Toebes, Brigit, ‘Health and Humanitarian Assistance: Towards an Integrated Norm under International Law’, Tilburg Law Review, Vol. 18, No. 2, 2013, pp. 133–151.
Vukas, Budislav, ‘Humanitarian Assistance in Cases of Emergency’, version of March 2013, in Rüdiger Wolfrum (ed.), Max Planck Encyclopedia of Public International Law, Oxford University Press, http://opil.ouplaw.com/home/EPIL.
----------------
[1] - انظر على وجه التحديد المادتين 59 و63 من اتفاقية جنيف الرابعة (المادة 69 من البروتوكول الإضافي الأول للاستفاضة).
[2] - انظر البروتوكول الإضافي الأول، المادة 81. ويستفيض البروتوكول أيضًا في عرض القواعد واجبة التطبيق على عمليات الإغاثة الإنسانية في النزاعات المسلحة الدولية؛ انظر المادتين 70 و71.
[3] - انظر المادة 3(2) المشتركة بين اتفاقيات جنيف والمادة 18(1) من البروتوكول الإضافي الثاني.
[4] - المؤتمر الدولي الثلاثون للصليب الأحمر والهلال الأحمر، جنيف، 2007، القرار 2، الطبيعة الخاصة لعمل حركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر والشراكات ودور الجمعيات الوطنية بصفتها جهات مساعدة للسلطات العامة في المجال الإنساني، الفقرة 4(أ).
[5] - النظام الأساسي للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر (1986)، المادة 4(3).
[6] - صدرت المبادئ الأساسية للمرة الأولى عن المؤتمر الدولي العشرين للصليب الأحمر والهلال الأحمر في فيينا عام 1965، ثم أدمجت في ديباجة النظام الأساسي للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، الذي اعتمده المؤتمر الدولي الخامس والعشرون للصليب الأحمر عام 1986، وعدل عامي 1995 و2006. انظر أيضًا الإشارة إلى "المبادئ التي وضعتها المؤتمرات الدولية للصليب الأحمر" الواردة في المادة 44(2) من اتفاقية جنيف الأولى. وعلى نفس المنوال، تنص المادة 81(2) من البروتوكول الإضافي الأول "على المبادئ الأساسية للصليب الأحمر المقررة في مؤتمرات الصليب الأحمر الدولية".
[7] - انظر المادة 23 من اتفاقية جنيف الرابعة والمادتين 70 و71 من البروتوكول الإضافي الأول (وبخاصة فيما يتعلق بالتزام أطراف النزاع وكل طرف سام متعاقد بأن "يسمح ويسهل المرور السريع وبدون عرقلة لجميع إرساليات وتجهيزات الغوث والعاملين عليها"؛ انظر المادة 70(2)–(3) من البروتوكول الإضافي الأول). انظر أيضًا دراسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بشأن القانون الدولي الإنساني العرفي (2005)، القاعدتين 55 و56 (واجبتا التطبيق في المنازعات المسلحة الدولية وغير الدولية على حد سواء). لمزيد من المناقشات، انظر الفقرة 1179.
[8] - Vaughan Lowe and Antonios Tzanakopoulos, ‘Humanitarian Intervention’, version of May 2011, in Rüdiger Wolfrum (ed.), Max Planck Encyclopedia of Public International Law, Oxford University Press, para. 2, http://opil.ouplaw.com/home/EPIL.
[9] - المادة 15 من لوائح لاهاي المؤرخة في عام 1899 والمادة 15 من لوائح لاهاي المؤرخة في عام 1907(المتطابقة جوهريًا).
[10] - للاطلاع على عرض تاريخي:see Gradimir Đjurović, The Central Tracing Agency of the International Committee of the Red Cross: Activities of the ICRC for the Alleviation of the Mental Suffering of War Victims, Henry Dunant Institute, Geneva, 1986; and André Durand, History of the International Committee of the Red Cross, Volume II: From Sarajevo to Hiroshima, Henry Dunant Institute, Geneva, 1984, pp. 34–48.خلال الحرب العالمية الثانية، بدأت اللجنة الدولية للصليب الأحمر العمل بالوكالة المركزية لأسرى الحرب. وفي عام 1960، جرى تغيير اسم الوكالة ليصبح الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين، وهو الاسم الذي تحمله حتى يومنا هذا. للاطلاع على التفاصيل، انظر التعليق على المادة 123 من اتفاقية جنيف الثالثة.
[11] - See Gradimir Đjurović, The Central Tracing Agency of the International Committee of the Red Cross: Activities of the ICRC for the Alleviation of the Mental Suffering of War Victims, Henry Dunant Institute, Geneva, 1986, pp. 50–62.
[12] - انظر اتفاقية جنيف بشأن أسرى الحرب (1929)، المادتين 79 و88. مع بعض التغييرات، أصبحت المادة 79 المادة 123 من اتفاقية جنيف الثالثة.
[13] - أُقرت المادة 88 خلال المؤتمر الدبلوماسي الذي عقد في 1929 دون أي مناقشة موضوعية. انظر أعمال مؤتمر جنيف الدبلوماسي لعام 1929، الصفحة 520.
[14] - Final Record of the Diplomatic Conference of Geneva of 1949, Vol. II-B, pp. 21, 60 and 111.
[15] - Ibid. p. 60.
[16] - Ibid. p. 111.
[17] - أضيف لفظ "إغاثة" خلال مؤتمر الخبراء الحكوميين الذي عقد في عام 1947 بخصوص اتفاقية أسرى الحرب؛ See Report of the Conference of Government Experts of 1947, p. 268.
[18] - Final Record of the Diplomatic Conference of Geneva of 1949, Vol. II-B, p. 21.اعتبارًا من عام 1930، كانت المادة 5(2) من النظام الأساسي للجنة الدولية للصليب الأحمر تتضمن الصورة السابقة للمادة 5(3) من النظام الأساسي الحالي للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر. وفي مشروع اتفاقية طوكيو لعام 1934 بشأن حماية المدنيين، اقترحت ثلاثة قواعد تتناول أنشطة إنسانية من أجل المدنيين؛ انظر مشاريع المواد 8 و19 و25 من تلك الاتفاقية.
[19] - من الأمثلة على أحكام من هذا القبيل ما يلي: المادة 10(3) المشتركة (المادة 11(3) من اتفاقية جنيف الرابعة)؛ والمادة 125(1) من اتفاقية جنيف الثالثة؛ والمادة 142 من اتفاقية جنيف الرابعة؛ والمادتان 5(3) و(4) من البروتوكول الإضافي الأول؛ والمادة 18 من البروتوكول الإضافي الثاني. وفيما يتعلق باللجنة الدولية للصليب الأحمر، تقدم المادة 81(1) من البروتوكول الإضافي الأول التمييز التالي: بخصوص المهام المسندة صراحةً إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر بموجب اتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الأول، تستخدم المادة مصطلح "المهام الإنسانية"؛ وبخصوص جميع الأنشطة الأخرى التي يجوز أن تعرض اللجنة الدولية للصليب الأحمر أداءها، تستخدم المادة مصطلح "أي نشاط إنساني آخر".
[20] - انظر بشأن العلاقة بين الحق في عرض الخدمات ودور اللجنة الدولية للصليب الأحمر كبديل عن الدول الحامية، التعليق على المادة 10، القسم (ي).
[21] - انظر البروتوكول الإضافي الأول، المادة 70(1)، الجملة الثانية: "لا تعتبر عروض الغوث التي تتوفر فيها الشروط المذكورة أعلاه تدخلًا في النزاع المسلح ولا أعمالًا غير ودية".See also ICJ, Military and Paramilitary Activities in and against Nicaragua case, Merits, Judgment, 1986, para. 242:"ليس ثمة شك في أن تقديم المعونة الإنسانية الخالصة لأشخاص أو قوات في بلد آخر، أيًّا كانت انتماءاتهم أو أهدافهم السياسية، لا يمكن اعتباره تدخلًا غير مشروع، أو بأنه يخالف بأي شكل من الأشكال القانون الدولي".
[22] - فيما يتعلق بالوضع الخاص للجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر في هذا الصدد، انظر الفقرة 1124.
[23] - هذه النقطة وردت صراحةً في الجملة الثانية من المادة 3(4) المشتركة، التي تنطبق أيضًا فيما يتعلق بممارسة الحق في عرض الخدمات في النزاعات المسلحة غير الدولية؛ انظر التعليق على المادة 3 المشتركة، الفقرة 825.
[24] - انظر أيضًا الجملة الأولى من المادة 4 من البروتوكول الإضافي الأول التي تثير نفس النقطة على الأقل بشكل غير مباشر: "لا يؤثر تطبيق الاتفاقيات وهذا اللحق «البروتوكول» وكذلك عقد الاتفاقيات المنصوص عليها في هذه المواثيق، على الوضع القانوني لأطراف النزاع".
[25] - بالمثل، تستخدم المادة 81 من البروتوكول الإضافي الأول مفهوم "الأنشطة الإنسانية" دون إيراد تعريف له.
[26] - منذ عام 1949، أصبح مصطلحا "الحماية" و"الإغاثة" - إلى جانب مختلف الأنشطة التي تندرج تحت هذين المفهومين - يعني أمورًا مغايرة من منظور مختلف الجهات الفاعلة. للاطلاع على تفسير مصطلح "الحماية" في سياق الحق في عرض الخدمات، انظر القسم (ج)-2(ب؛ وللاطلاع على تفسير مصطلح "الإغاثة" في سياق الحق في عرض الخدمات، انظر القسم (ج)-2(ج).
[27] - ICJ, Military and Paramilitary Activities in and against Nicaragua case, Merits, Judgment, 1986, para. 242.
[28] - يمكن الاطلاع على المزيد من المناقشات بشأن مبدأ "الإنسانية" والمصطلحات ذات الصلة في:Jean S. Pictet, ‘Commentary on the Fundamental Principles of the Red Cross (I)’, International Review of the Red Cross, Vol. 19, No. 210, June 1979, pp. 130–149.إن استخدام مصطلح "الحياة" في هذا التعريف لا يمس بحقيقة جواز أداء الأنشطة الإنسانية لصالح الأموات أيضًا، على سبيل المثال، يجب أيضًا التعامل مع رفات الموتى عبر احترام الكرامة الإنسانية (انظر الفقرتين 1145 و1150).See also Larissa Fast, ‘Unpacking the principle of humanity: Tensions and implications’, International Review of the Red Cross, Vol. 97, Nos 897/898, Spring/Summer 2015, pp. 111–131.
[29] - يمكن الوقوف على تعريف آخر لمصطلح "الإنسانية" في مشروع اسفير: الميثاق الإنساني والمعايير الدنيا في مجال الاستجابة الإنسانية، الذي يشير إلى "الواجب الإنساني: الذي يقضي باتخاذ التدابير اللازمة لتفادي المعاناة الإنسانية الناجمة عن الكوارث أو النزاعات، أو التخفيف من حدتها"، (الميثاق الإنساني، الفقرة 1). انظر أيضًا بشأن "الحاجات الإنسانية"، قواعد السلوك من أجل الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر والمنظمات غير الحكومية أثناء الإغاثة في حالات الكوارث، جنيف، 1994، صفحة 3: "أولوية الحاجات الإنسانية".
[30] - حين يعرض طرف سام متعاقد أداء الأنشطة الإنسانية نفسها فيما يتصل بالنزاعات المسلحة الدولية التي يكون طرفاها طرفان ساميان متعاقدان آخران، على سبيل المثال، عن طريق وزارة متخصصة، فهذه الأنشطة لا تغطيها المادة 9. هذه النقطة أيضًا تأتي تابعة لاستخدام التمييز الوارد في المادة 59(2) من اتفاقية جنيف الرابعة: "دول أو هيئة إنسانية غير متحيزة" (التأكيد بوضع خط تحت الكلمة مضاف من جانبنا).
[31] - Concise Oxford English Dictionary, 12th edition, Oxford University Press, 2011, p. 1153.
[32] - أنشئت اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات في عام 1992 استجابة لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 46/182 بشأن تعزيز المساعدة الإنسانية. واللجنة الدائمة هي منتدى مشترك بين الوكالات للتنسيق ووضع السياسات وصنع القرارات التي تشمل الجهات الفاعلة الرئيسية في المجال الإنساني التابعين وغير التابعين للأمم المتحدة.
[33] - انظر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، المعايير المهنية الخاصة بأنشطة الحماية التي تضطلع بها الوكالات الإنسانية ومنظمات حقوق الإنسان في النزاعات المسلحة وحالات العنف الأخرى، الإصدار الثاني، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، جنيف، 2013، صفحة 12. انظر أيضًا:Inter-Agency Standing Committee, IASC Operational Guidelines on the Protection of Persons in Situations of Natural Disasters, The Brookings – Bern Project on Internal Displacement, Bern, January 2011, p. 5.
[34] - ICRC Protection Policy, April 2008, p. 3.
[35] - انظر اتفاقية جنيف الثالثة، المادة 126(4)؛ واتفاقية جنيف الرابعة، المادة 143(5).
[36] - انظر التعليق على المادة 6، الفقرة 973؛ والتعليق على المادة 11، القسم (ه)-6.
[37] - انظر التعليق على المادة 15، الفقرتين 1490 و1518.
[38] - انظر أيضًا النظام الأساسي للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر (1986)، المادة 5(2)، البنود (ج) و(د) و(ز).
[39] - تعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر على أساس السرية بوصفها أسلوب عملها الرئيسي. غير أن نهج السرية لا يتعلق فقط بأنشطة اللجنة في مجال الحماية كما هي الحال في سياق الاحتجاز؛ بل هي شرط أساسي لعمل اللجنة الإنساني في مجمله. وتزيد السرية من فرص اللجنة في الوصول إلى ضحايا النزاعات المسلحة وحالات العنف الأخرى، والدخول في حوار ثنائي مع السلطات المعنية حتى يتسنى لها أداء رسالتها الإنسانية، وتحسين أمن المستفيدين وموظفيها في الميدان. لمزيد من المعلومات، انظر اللجنة الدولية للصليب الأحمر:‘The International Committee of the Red Cross’s (ICRC’s) confidential approach. Specific means employed by the ICRC to ensure respect for the law by State and non-State authorities’, reproduced in International Review of the Red Cross, Vol. 94, No. 887, September 2012, pp. 1135–1144. For further information, see ICRC, ‘Action by the International Committee of the Red Cross in the event of violations of international humanitarian law or of other fundamental rules protecting persons in situations of violence’, International Review of the Red Cross, Vol. 87, No. 858, June 2005, pp. 393–400.
[40] - ICRC Assistance Policy, adopted by the Assembly of the ICRC on 29 April 2004 and reproduced in International Review of the Red Cross, Vol. 86, No. 855, September 2004, pp. 677–693, at 682.
[41] - اضطلاع اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو أي هيئة إنسانية أخرى غير متحيزة بأنشطة عون وبالتالي حلولها السلطات أو إكمال جهودها لا يعني أن عليها التزامًا قانونيًا بذلك. وتتضح هذه النقطة كذلك في استخدام عبارة "يمكن أن تقوم" الواردة في المادة 9. انظر أيضًا الفقرة 1133 من التعليق الماثل.The ICRC Assistance Policy, adopted by the Assembly of the ICRC on 29 April 2004 and reproduced in International Review of the Red Cross, Vol. 86, No. 855, September 2004, pp. 677–693, at 683:توضح سياسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بشأن المساعدة الظروف التي توافق فيها اللجنة الدولية للصليب الأحمر على العمل كبديل وتوفير الخدمات مباشرةً إلى السكان.
[42] - For further information, see ICRC, ‘Action by the International Committee of the Red Cross in the event of violations of international humanitarian law or of other fundamental rules protecting persons in situations of violence’, International Review of the Red Cross, Vol. 87, No. 858, June 2005, pp. 393–400.
[43] - Concise Oxford English Dictionary, 12th edition, Oxford University Press, 2011, p. 1215.
[44] - ICRC Assistance Policy, adopted by the Assembly of the International Committee of the Red Cross on 29 April 2004 and reproduced in International Review of the Red Cross, Vol. 86, No. 855, September 2004, pp. 677–693, at 677.
[45] - ICRC Assistance Policy, adopted by the Assembly of the ICRC on 29 April 2004 and reproduced in International Review of the Red Cross, Vol. 86, No. 855, September 2004, pp. 677–693, at 678.للاطلاع على أمثلة على أنشطة محددة تغطيها تلك المصطلحات على نحو ما اضطلعت به اللجنة الدولية للصليب الأحمر، انظر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الأنشطة الصحية: مساعدة الأشخاص المتضررين بسبب النزاع المسلح وحالات العنف الأخرى، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، جنيف، 2015؛ والأمن الاقتصادي، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، جنيف، 2013.
[46] - لأغراض البروتوكول الإضافي الأول، انظر تعريف مصطلحي "الجرحى" و"المرضى" في المادة 8(أ)، ومصطلح "أفراد الخدمات الطبية" في المادة 8(ج)، ومصطلح "أفراد الهيئات الدينية" في المادة 8(د).
[47] - لمزيد من التفاصيل بشأن تلك العلاقة، انظر على سبيل المثال التعليقات على المادة 19 (المنشآت الثابتة والوحدات الطبية المتحركة)، الفقرة 1772؛ والتعليقات على المادة 35 (وسائل نقل الجرحى والمرضى أو المهمات الطبية)، الفقرة 2363.
[48] - يلاحظ أن المادة 3(2) المشتركة لا تتعرض لهذه المسألة تحديدًا، حيث تنص فقط على أنه "يجوز لهيئة إنسانية غير متحيزة، كاللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن تعرض خدماتها على أطراف النزاع". انظر أيضًا المادة 81 من البروتوكول الإضافي الأول التي تشير إلى "ضحايا المنازعات" بوصفهم المستفيدين من الأنشطة الإنسانية، وكذلك المادة 5(2)(د) من النظام الأساسي للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر المؤرخ في عام 1986. وللاطلاع على توضيح، انظر المبادئ التوجيهية بشأن التشريد الداخلي (1998)، المبدأ 25(2): "يحق للمنظمات الإنسانية الدولية وغيرها من الأطراف المعنية عرض خدماتها لمساعدة المشردين داخليًا".
[49] - للاطلاع على الفرق بين الحق في عرض الخدمات والأحكام التي ورد فيها دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر صراحةً فيما يتعلق بنشاط معين، انظر الفقرة 1132.
[50] - انظر فيما يتعلق بخلفية ذينك النظامين والوضع القانوني لهما، الفقرة 1124.
[51] - النظام الأساسي والنظام الداخلي للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر (1986)، المادة 5(3). كما يمكن العثور على أحكام أخرى ذات صلة بذينك النظامين في المادة 5(2).
[52] - انظر بالإضافة إلى ذلك، الإشارات إلى المؤتمر دبلوماسي الذي عقد عام 1949 في الفقرة 1131.
[53] - لمزيد من التفاصيل، انظر الفقرة 1131.
[54] - للاطلاع على تحليل بشأن الأنشطة التي ترقى إلى مستوى "الأنشطة الإنسانية"، انظر القسم (ج)-2.
[55] - تستخدم المادة 3(2) المشتركة صيغة "هيئة إنسانية غير متحيزة"، التي يمكن اعتبارها مطابقة جوهريًا لمصطلح "هيئة إنسانية غير متحيزة" الوارد في المادة 9؛ انظر التعليق على المادة 3، الفقرة 788. [ملحوظة من المترجم: اللفظ المستخدم في كلا المادتين هو "هيئة" على اختلاف في النص الانجليزي حيث استخدم مترادفين "body" و"organization"].
[56] - انظر على سبيل المثال، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، المعايير المهنية الخاصة بأنشطة الحماية التي تضطلع بها الوكالات الإنسانية ومنظمات حقوق الإنسان في النزاعات المسلحة وحالات العنف الأخرى، الطبعة الثانية، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، جنيف، 2013. تبرز هذه المعايير، التي جرى إقرارها خلال عملية تشاور قادتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الاتفاق في الفكر بين الهيئات الإنسانية ووكالات حقوق الإنسان (وكالات الأمم المتحدة، ومكونات الحركة، والمنظمات غير الحكومية). وترى اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن معايير الحماية التي توفرها الوكالات ينبغي ألا تقل عن المعايير الواردة في الصك الماثل.
[57] - لم تظهر عبارة "أي معايير مماثلة أخرى" في المادة 9 المشتركة، إلا إنها تظهر في مواد أخرى من اتفاقيات جنيف. انظر على سبيل المثال المادة 12(2) من الاتفاقية الأولى.
[58] - ICJ, Military and Paramilitary Activities in and against Nicaragua case, Merits, Judgment, 1986, para. 242.انظر أيضًا الميثاق الإنساني لمشروع أسفير، الفقرة 6 التي تنص على أنه:يتوجب تقديم المساعدة [الإنسانية] وفقًا لمبدأ عدم التحيز، الذي يتطلب أن يتم تقديمها على أساس الحاجة فقط، وبما يتناسب مع هذه الحاجة. وهذا يعكس مبدأ عدم التمييز الأوسع نطاقًا الذي مفاده: أنه لا ينبغي التمييز ضد أي شخص بسبب وضعه، من حيث العمر، أو نوع الجنس، أو الأصل، أو اللون، أو العرق، أو التوجه الجنسي، أو اللغة، أو المعتقد الديني، أو الإعاقة، أو الحالة الصحية، أو الرأي سواءً كان سياسيًا أو غيره، أو الأصل القومي أو الاجتماعي.
[59] - انظر أيضًا الفقرة 1131 بشأن المناقشة التي جرت بخصوص هذا الموضوع أثناء المؤتمر الدبلوماسي الذي عقد في عام 1949.
[60] - يظهر هذا الشرط أيضًا في أحكام معاهدات أخرى تتناول الحق في عرض الخدمات؛ انظر التعليق على المادة 3 المشتركة، القسم (ي)-6(أ). انظر أيضًا المادة 70(1) من البروتوكول الإضافي الأول والمادة 18(2) من البروتوكول الإضافي الثاني.
[61] - الأنشطة الإنسانية في سياق الاحتلال هي أكثر تنظيمًا منها في سياق نزاع مسلح دولي لا يصل إلى مستوى الاحتلال. انظر اتفاقية جنيف الرابعة، المادتين 55 و59.
[62] - بالمثل، انظر المادة 70(1) من البروتوكول الإضافي الأول، التي أضفت مزيدًا من الإيضاح على تلك المسألة بأن اشترطت فقط "موافقة الأطراف المعنية على هذه الأعمال" وذلك في معرض إشارتها إلى أعمال الإغاثة التي تنفذ في منطقة خاضعة لسيطرة طرف في النزاع.
[63] - See, however, Oxford Guidance on the Law Relating to Humanitarian Relief Operations in Situations of Armed Conflict, pp. 36–38.
[64] - للاطلاع على تفسير مصطلح "الدول المحايدة"، انظر التعليق على المادة 4، القسم (ج)-1.
[65] - انظر اتفاقية جنيف الرابعة، المادة 23؛ والبروتوكول الإضافي الأول، المادة 70(3). انظر أيضًا دراسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بشأن القانون الدولي الإنساني العرفي (2005)، القاعدتين 55 و56 (هاتان القاعدتان واجبتا التطبيق على النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية).
[66] - بشأن حالات الاحتلال، تنص المادة 59(1) من اتفاقية جنيف الرابعة على معايير أكثر صرامة. انظر أيضًا المادة 69 من البروتوكول الإضافي الأول.
[67] - Pictet (ed.), Commentary on the First Geneva Convention, ICRC, 1952, pp. 110–111: هذه الأنشطة الإنسانية جميعها مرهونة بشرط أخير وحيد ألا وهو موافقة أطراف النزاع المعنية. ومن الواضح أن هذا الشرط صارم، ولكن يمكنني القول أنه ينتج تلقائيًا. ومن الواضح أيضًا أن الدول المتحاربة ليست ملزمة بغض الطرف عما تنفذه أي منظمة أجنبية من أنشطة من أي نوع داخل إقليمها. وهذا أمر غير وارد الحدوث. وليس على الدول إبداء سبب لرفضها، فالقرار يعود لها كليًا. ولكن حين تكون تلك الدول ملزمة بتطبيق اتفاقية جنيف، فإنها يجب أن تتحمل وحدها المسؤولية إذا رفضت المساعدة في تنفيذ التزاماتها.
[68] - حدث نفس التطور بموجب القانون الدولي الإنساني العرفي؛ انظر هنكرتس/ دوزوالد بك، التعليق على القاعدة 55 (التي تتناول الإغاثة الإنسانية للمدنيين المحتاجين إليها)، الصفحتين 175 و176: "المنظمات الإنسانية لا تستطيع العمل دون موافقة الطرف المعني. كما لا يجوز رفض الموافقة لأسباب تعسفية". وردت هذه العبارة في دراسة القانون العرفي في سياق قاعدة تتناول "الإغاثة الإنسانية للمدنيين المحتاجين إليها". ومن الناحية المنطقية، تنطبق نفس القاعدة على عرض حماية أو مساعدة الجرحى أو المرضى أو الغرقى، مثلما تنطبق على عرض الخدمات التي تقدم بغرض حماية أسرى الحرب أو مساعدتهم. وليس هناك ما يدعو إلى تنظيم عروض الخدمات من هذا القبيل بصورة مختلفة، وإلا سيؤدي ذلك إلى حالة عبثية وغير منطقية بصورة جلية: إذ يُحظر على أطراف النزاع رفض عرض خدمات من أجل المدنيين بصورة تعسفية، ولكن يمكنهم رفضها حين يوجه عرض الخدمات لفائدة فئات أخرى من الأشخاص المتضررين من النزاع المسلح. انظر أيضًا الوثائق الرسمية لمؤتمر جنيف الدبلوماسي 1974-1977، المجلد الثاني عشر، صفحة 336، حيث ذكر ممثل جمهورية ألمانيا الاتحادية فيما يتعلق بعبارة "رهنًا بموافقة طرف النزاع المعني على أعمال الإغاثة" (هذه النقطة أقرها العديد من المندوبين الآخرين) أنه: "لا تفيد هذه العبارة ضمنًا أن الأطراف المعنية تتمتع بحرية مطلقة وغير محدودة في رفض منح موافقتها على أعمال الإغاثة. فالطرف الذي يرفض الموافقة لا بد وأن يستند رفضه إلى أسباب سليمة، لا إلى أسباب تعسفية أو أسباب مبنية على أهواء". انظر أيضًا المبادئ التوجيهية المتعلقة بالتشرد الداخلي (1998)، المبدأ 25(2): "يجب ألا يُمتنع اعتباطًا عن الموافقة [على عرض خدمات من منظمة إنسانية دولية أو غيرها من الأطراف المعنية]، وبخاصة إذا لم يكن بوسع السلطات المعنية تقديم المساعدة الإنسانية المطلوبة أو كانت راغبة عن ذلك". وللاطلاع على مثالين حديثين، انظر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، القرار رقم 2139 بشأن سوريا، 22 شباط/ فبراير 2014، الفقرة 10 من الديباجة: ""إذ يدين في الوقت نفسه جميع حالات منع وصول المـساعدات الإنـسانية، وإذ يـشير إلى أن منـع وصـول المـساعدات الإنـسانية بـصورة تعـسفية وحرمـان المـدنيين مـن مـواد لا غـنى عنـها لبقــائهم علــى قيــد الحيــاة، بمــا في ذلــك تعمــد عرقلــة إمــدادات الإغاثــة وســبل الوصــول، يمكن أن يشكلا انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني؛ والقرار رقم 2216 بشأن اليمن، 14 نيسان/ أبريل 2015، الفقرة 10 من الديباجة، التي تتضمن صياغة مطابقة اعتبارًا من عبارة "إذ تشير".
[69] - اللجنة الدولية للصليب الأحمر، القانون الدولي الإنساني وتحديات النزاعات المسلحة المعاصرة، تقرير معد من أجل المؤتمر الدولي الحادي والثلاثين للصليب الأحمر والهلال الأحمر، جنيف، 2011، صفحة 25.
[70] - See also ICRC, Q&A and lexicon on humanitarian access, June 2014, p. 11.
[71] - انظر البروتوكول الإضافي الأول، المادة 54(1)؛ ودراسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بشأن القانون الدولي الإنساني العرفي (2005)، القاعدة 53.
[72] - اللجنة الدولية للصليب الأحمر، القانون الدولي الإنساني وتحديات النزاعات المسلحة المعاصرة، تقرير معد من أجل المؤتمر الدولي الحادي والثلاثين للصليب الأحمر والهلال الأحمر، جنيف، 2011، صفحة 25.
[73] - انظر النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (1998)، المادة 8(2)(ب)(25).
[74] - انظر البروتوكول الإضافي الأول، المادة 70(3)؛ انظر أيضًا هنكرتس/ دوزوالد بك، التعليق على القاعدة 55، صفحة 176.
[75] - انظر دراسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بشأن القانون الدولي الإنساني العرفي (2005)، القاعدة 56.
[76] - فيما يتعلق بالقانون الدولي، انظر تحديدًا المادة 71(4) من البروتوكول الإضافي الأول. وفيما يتعلق بالتشريع الوطني، يتعين النظر في اللوائح الداخلية المتعلقة بالدخول في الإقليم الوطني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق