الصفحات

الأحد، 3 نوفمبر 2024

الطعن 1549 لسنة 29 ق جلسة 29 / 2/ 1960 مكتب فني 11 ج 1 ق 34 ص 181

جلسة 29 من فبراير سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.

-------------------

(34)
الطعن رقم 1549 لسنة 29 القضائية

(أ) اشتراك.
المساهمة في الجريمة بصفة أصلية. الفاعل عن طريق ارتكاب الجريمة. مثال في سرقة بإكراه.
مساهمة المتهم في فعل السرقة أو الاعتداء المكونين لجريمة السرقة بإكراه.
(ب) و(ج) سرقة.
الظروف المشددة للعقوبة. جناية المادة 314/ 2 ع.
المعول عليه فيها. وقوع أفعال قسرية تعطل مقاومة المجني عليه وتترك به أثر جروح.
ما لا يعيب تسبيب أحكام الإدانة فيها.
خطأ الحكم في تحديد مكان إحدى إصابات المجني عليه.
تبرئة المتهمين من تهمة إحراز السلاح الناري موضوع جريمة سرقته بالإكراه - نتيجة عدم فهم المحكمة مدلول الإحراز - ما دام الحكم قد بين أركان الجريمة التي دانهم بها ودلل على وقوعها منهم بأدلة سائغة.

------------------
1 - ظرف الإكراه في السرقة من الظروف العينية التي تلحق ماديات الجريمة، وكل من ساهم من المتهمين في فعل السرقة أو الاعتداء المكونين لجريمة السرقة بإكراه يعتبر فاعلاً أصلياً في هذه الجريمة.
2 - خطأ الحكم في تحديد مكان إحدى إصابات المجني عليه وهل هي في الساق اليمنى أو اليسرى لا يعيب الحكم ما دام أن ذلك ليس له من أثر في قيام الجريمة التي دان المتهمين بها إذ المعول عليه في جناية السرقة بإكراه المنطبقة على المادة 314/ 2 من قانون العقوبات هو أن تكون هناك أفعال قسرية من شأنها تعطيل مقاومة المجني عليه وأن يترك الإكراه أثر جروح - وهو ما أثبته الحكم في حق المتهمين.
3 - قضاء الحكم ببراءة المتهمين من تهمة إحراز السلاح الناري المسندة إليهم استناداً إلى عدم ضبط السلاح لدى أحد منهم، كما أنه لم يثبت إحرازهم له - نتيجة عدم فهم المحكمة لمدلول معنى الإحراز في القانون - وإن كان غير متفق مع ما انتهى إليه من إدانة المتهمين في جريمة سرقة السلاح بالإكراه إلا أن ذلك لا يعيبه بالنسبة لما قضى به في هذه الجريمة الأخيرة التي أثبت وقوعها من المتهمين وبين أركانها وأقام الأدلة السائغة على ثبوتها في حقهم وهو ما يكفي لحمل الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: أولاً - سرقوا البندقية الأميرية من شيخ خفراء أرمنت الحيط شرق بطريق الإكراه الواقع عليه بأن ضربه المتهمان الأول والثاني بعصا فأحدثا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي وأمسك الرابع ببندقيته محاولاً انتزاعها فلما قاومه تجمع عليه بقية المتهمين وعطلوا بذلك مقاومته وتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من سرقة البندقية. ثانياً - أحرزوا بندقية مششخنة بغير ترخيص. وقررت النيابة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 314/ 1 - 2 من قانون العقوبات و1 و26/ 2 من القانون رقم 364 سنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 من القسم الأول المرفق به. وادعى المجني عليه مدنياً بمبلغ مائة جنيه قبل المتهمين بالتضامن مع المصاريف والأتعاب. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بالمادتين 314/ 1 - 2 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من الطاعنين بالسجن ثلاث سنوات وذلك عن التهمة الأولى وبإلزامهم متضامنين أن يدفعوا للمدعي بالحق المدني حسن عكاشة يوسف مبلغ ثلاثين جنيهاً على سبيل التعويض المدني ومصروفات الدعوى المدنية ومقابل أتعاب المحاماة وببراءتهم من التهمة الثانية. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن أوجه الطعن التي اشتمل عليها التقريران المقدمان من الطاعنين تتحصل فيما يأتي: أولاً - إن الحكم المطعون فيه جاء مشوباً بالقصور وفساد الاستدلال، إذ لم يرد الحكم المطعون فيه على ما أثاره الدفاع من عدم إمكان الرؤية في مكان الحادث رداً مقنعاً، فخالف في ذلك الثابت من الرسم البياني الملحق بالمعاينة وما ثبت كذلك من أن المصباح الذي قيل بأنه كان مضاء في وقت الحادث كان معلقاً في مكان يبعد عن محل الحادث بحوالي 12 متراً، وقد اعتمد الحكم في إطراحه لهذا الدفاع على ما أدلى به المجني عليه للمحقق عند إجراء المعاينة وما أسفرت عنه المعاينة الثانية من إمكان الرؤية، كذلك جاء الحكم قاصراً في بيان وجه مساءلة جميع الطاعنين عن السرقة بإكراه وفي الرد على ما أبداه الدفاع من أن الاتهام ملفق ضدهم وأن الواقعة لا تعدو أن تكون ضرباً بسيطاً وقع على المجني عليه من أشخاص مجهولين أو من الطاعن الثالث وآخرين. هذا فضلاً عن أن الحكم أورد في تحصيله لواقعة الدعوى أن المجني عليه أصيب في فخذه الأيمن مع أن الثابت من أقواله ومن التقرير الطبي أن الإصابة في الساق الأيسر.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله "إنه في ليلة 23 من شهر نوفمبر سنة 1957 كان المجني عليه حسن عكاشة يوسف وهو شيخ خفراء ناحية أرمنت الحيط... حاملاً معه بندقيته الأميرية، وحوالي الساعة 7 من مساء اليوم المذكور وأثناء مروره بأحد شوارع البلدة خرج عليه المتهم الثالث فتحي علي الصادق من خلف حائط وبيده عصا أراد أن يضرب بها المجني عليه فالتفت الأخير نحوه وأمسك بالعصا وعلى أثر ذلك خرج عليه المتهمون محمد علي الصادق وحسين عبد الله فراج وحسن أحمد شحاتة فضربه محمد علي الصادق بعصا على جبهته من الأمام وضربه حسن عبد الله فراج بعصا أصابته في فخذه الأيمن، فسقط المجني عليه على الأرض وتمكن بذلك المتهمون وبهذه الوسيلة من الإكراه من تعطيل مقاومة المجني عليه وسرقة بندقيته الأميرية بأن انتزعها من على كتفه المتهمان الثالث والرابع فتحي علي الصادق وحسن أحمد شحاتة ثم ولى المتهمون هاربين بعد أن أحدثوا بالمجني عليه إصابات ورد بيانها بالتقرير الطبي الشرعي، وقد وقع حادث الاعتداء والسرقة بالطريق العام وبالقرب من مصباح يضئ الطريق للمارة، وقد ضبطت البندقية في زراعة قصب تجاور منزل المتهمين"، ثم عرض الحكم بعد ذلك لما يثيره الطاعنون في وجه الطعن بقوله "إن ما دفع به المتهمون التهمة عن أنفسهم مردود بما ثبت من أقوال المجني عليه من أن المتهمين كانوا في مواجهته بدليل إصابته في جبهته وفخذه الأيمن وقد ورد بيان ذلك بالتقرير الطبي فتمكن بذلك من رؤيتهم وساعده على التأكد منهم وجود مصباح كان يشع نوره على مكان الحادث وما ثبت من المعاينة أن الرؤية ممكنة على ضوء المصباح المثبت على زاوية مضيفة المجني عليه من الجهة القبلية حسبما ثبت من محضر معاينة النيابة وأقوال الشهود أمام المحكمة في تصويرهم موقع المصباح بما يبين أن موقع المصباح بالرسم الكروكي مجرد خطأ مادي لا يتفق والتصوير الطبيعي للحادث، ومن ثم يتعين إهدار ذلك الدفاع" ثم عرض الحكم لتوافر ركن الإكراه بقوله: "إن ركن الإكراه المندمج في جريمة السرقة متوافر لدى المتهمين بما ثبت للمحكمة من شهادة المجني عليه من أنه شاهد المتهمين ورآهم خارجين عليه من مخبئهم أثناء مروره وسط البلد واعتداء المتهمين الأولين عليه وهما في مواجهته بأن ضربه الأول محمد علي الصادق بعصا على جبهته فأحدثت به إصابتين بالجبهة وضربه المتهم الثاني بعصا على فخذه الأيمن فأحدثت به إصابة، وقد تأيد ذلك بما ورد بالتقرير الطبي من وجود إصابات بالمجني عليه في هذين الموضعين وأنها تحدث من الضرب بعصا، وقد قصد المتهمون من ذلك التعدي شل وتعطيل مقاومة المجني عليه وتمكنوا جميعاً من ذلك وبطريق الإكراه الواقع عليه من سرقة بندقيته الأميرية". وقد استند الحكم في إدانة الطاعنين إلى أقوال المجني عليه ونائب العمدة ووكيل شيخ الخفراء والصادق محمد إبراهيم وإلى ما أسفرت عنه المعاينة وما دل عليه التقرير الطبي الشرعي.
وحيث إنه لما كان يبين مما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، وكان الحكم فضلاً عن ذلك قد عرض لدفاع الطاعنين وفنده بما يبرر رفضه. لما كان ذلك، وكان خطأ الحكم في تحديد مكان إحدى إصابات المجني عليه وهل هي في ساقه اليمنى أو اليسرى - بفرض حدوثه - لا يعيب الحكم ما دام أن ذلك ليس له من أثر في قيام الجريمة التي دان الطاعنين بها، إذ المعول عليه في جناية السرقة بإكراه المنطبقة على المادة 314/ 2 من قانون العقوبات هو أن يكون هناك أفعال قسرية من شأنها تعطيل مقاومة المجني عليه وأن يترك الإكراه أثر جروح وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعنين، وكان ظرف الإكراه في السرقة من الظروف العينية التي تلحق ماديات الجريمة فإن كل من ساهم من المتهمين في فعل السرقة أو الاعتداء المكونين لجريمة السرقة بإكراه يعتبر فاعلاً أصلياً في هذه الجريمة. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الوجه يكون لا محل له. ثانياً - إن الحكم المطعون فيه جاء متناقضاً في أسبابه، ذلك بأن دان الطاعنين في تهمة سرقة البندقية بالإكراه أخذاً بأقوال المجني عليه وشهوده مع أنه قضي ببراءتهم من تهمة إحراز البندقية المسروقة قولاً منه بأن إحراز الطاعنين لها يفتقر إلى الدليل، الأمر الذي جعل أسبابه متماحية ينقض بعضها بعضاً - ويرى الطاعنون أنه كان يتعين على المحكمة وقد قضت ببراءتهم من تهمة إحراز السلاح أن تقضي أيضاً ببراءتهم من تهمة السرقة.
وحيث إنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه إنه قضى ببراءة الطاعنين من تهمة إحراز السلاح الناري المسندة إليهم استناداً إلى عدم ضبط السلاح لدى أحد منهم، كما أنه لم يثبت إحرازهم له - ما قاله الحكم من ذلك مرده في واقع الأمر إلى عدم فهم المحكمة لمدلول معنى الإحراز في القانون، وإن كان غير متفق مع ما انتهى إليه من إدانة الطاعنين في جريمة السرقة بالإكراه إلا أن ذلك لا يعيبه بالنسبة لما قضى به في هذه الجريمة الأخيرة التي أثبت وقوعها من الطاعنين وأقام الأدلة السائغة على ثبوتها في حقهم وهو ما يكفي لحمل الحكم. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الوجه يكون غير مقبول. ثالثاً - إن الحكم أخطأ في الإسناد، إذ اعتمد الحكم في إدانة الطاعنين على شهادة المجني عليه وباقي شهود الإثبات ومن بينهم الصادق محمد إبراهيم وهي تتحصل في أن المجني عليه أخبرهم أن المتهمين سرقوا بندقيته بعد أن اعتدوا عليه بالضرب مع أن الشاهد المذكور وهو ابن عم المجني عليه قرر في التحقيق وبالجلسة أنه لم يسأل المجني عليه عن أسماء المتهمين ولا عن كيفية وقوع الحادث وأن كل ما سمعه منه هو أنه ضرب على رأسه فقط.
وحيث إنه لما كان الثابت من الاطلاع على الأوراق أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهد الصادق محمد إبراهيم يطابق ما ورد على لسانه بمحضر الجلسة ومؤداه أنه حين سمع بالاعتداء على المجني عليه بادر بالذهاب إليه فأخبره أنه مصاب في رأسه، ثم حضر على الأثر وكيل شيخ الخفراء فأخبره المجني عليه بأن الطاعنين ضربوه وسرقوا بندقيته وقد أيد الشاهد في قوله هذا وكيل شيخ الخفراء ونائب العمدة. لما كان ذلك، فإن ما يرمي به الطاعنون الحكم من خطأ الإسناد يكون على غير أساس. رابعاً - إن الحكم المطعون فيه شابه القصور والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الحاضر مع الطاعن الأول "محمد علي الصادق دفع التهمة المسندة إليه بأنه مريض بالربو وأنه لا يستطيع مع إصابته بهذا المرض أن يشترك في الحادث على النحو الذي صوره المجني عليه، كما نفى التهمة أيضاً بوجوده في منزله وقت الحادث، وقد أيده شاهده في ذلك ولكن الحكم أعرض عن هذا الدفاع ولم يرد عليه.
وحيث إنه لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع أبدى في مرافعته أن الطاعن الأول مريض بالربو وأن مثل هذا المرض يقعده من إتيان فعل الاعتداء المنسوب إليه، فضلاً عما عرف عنه من حسن السيرة، وكان ما أشار إليه الدفاع من ذلك قد جاء في سياق مرافعته بقصد التشكيك في أقوال شهود الإثبات ولم يقدم للمحكمة دليلاً على صحته، كما أنه لم يطلب إليها تحقيقه فهو دفاع موضوعي لا تلتزم المحكمة بالرد عليه استقلالاً، إذ الرد عليه مستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي استند إليها الحكم في إدانة الطاعن. لما كان ذلك، فإن ما يثار في هذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته لدى محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق