الصفحات

الأحد، 3 نوفمبر 2024

الطعن 592 لسنة 55 ق جلسة 26 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ج 1 ق 60 ص 295

جلسة 26 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي وزكي عبد العزيز.

----------------

(60)
الطعن رقم 592 لسنة 55 القضائية

(1) دعوى. التزام "التنفيذ بطريق التعويض". محكمة الموضوع.
الإعذار. ماهيته. الأصل فيه أن يكون بورقة رسمية من أوراق المحضرين. الإعلان بصحيفة دعوى التعويض. شرط اعتباره إعذاراً. اشتماله على تكليف المدين بالوفاء. محكمة الموضوع سلطتها في تقدير اشتمال هذه الصحيفة على هذا التكليف من عدمه. شرطه.
(2) إثبات. خبرة.
إغفال الخبير دعوة الخصوم أمامه. أثره.
(3، 4) مسئولية "مسئولية عقدية". محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
(3) عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي. خطأ تقوم به مسئوليته.
(4) محكمة الموضوع. سلطتها في استخلاص ثبوت الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما. شرطه.

-------------------
1 - إعذار المدين هو وضعه قانوناً في حالة المتأخر في تنفيذ التزامه، والأصل في هذا الإعذار أن يكون بورقة رسمية من أوراق المحضرين يبين الدائن فيها أنه يطلب من المدين تنفيذ الالتزام. ومن ثم فلا يعد إعذاراً - إعلانه بصحيفة دعوى التعويض لإخلال المدين بتنفيذ التزام من التزاماته إلا إذا اشتملت صحيفتها على تكليفه بالوفاء بهذا الالتزام، وتقدير اشتمال هذه الصحيفة على هذا التكلف من المسائل الموضوعية التي تخضع لسلطة قاضي الموضوع في أن يأخذ بالتفسير الذي يراه مقصوداً من العبارات الواردة بالصحيفة دون رقابة من محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله.
2 - مفاد نص المادة 146 من قانون الإثبات أن البطلان الذي صرح به النص إنما يترتب على إغفال الخبير دعوة الخصوم أمامه.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي أو التأخير في تنفيذه يعتبر في ذاته خطأ يرتب مسئوليته.
4 - استخلاص ثبوت الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما هو من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض إلا بالقدر الذي يكون فيه استخلاصه غير سائغ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 7588 لسنة 82 مدني أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعن بصفته بطلب إلزامه أن يؤدي إليه مبلغ ستة آلاف وسبعين جنيهاً، وقال شرحاً للدعوى أنه اشترى من الطاعن بموجب عقد بيع مؤرخ 8 من مارس سنة 1978 الشقة المبينة بالصحيفة وتحدد بالعقد ميعاد غايته يونيه سنة 1978 لتسليمه هذه الشقة صالحة للسكنى، وإذ تقاعس الطاعن عن تنفيذ التزامه بتسليمه العين المبيعة في الميعاد المتفق عليه فقد أقام الدعوى رقم 4890 لسنة 80 مستعجل مصر الجديدة بطلب إثبات حالة الشقة وتقدير تكاليف إعدادها للسكنى حسب شروط العقد، فندب في تلك الدعوى المستعجلة خبيراً انتهى في تقديره إلى تحديد تكاليف الاعتداد بالمبلغ المطالب به فأقام الدعوى مرفقاً بها هذا التقرير ليحكم له بمطلبه فيها. وبتاريخ 16 من ديسمبر سنة 1982 قضت محكمة أول درجة بالطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 4805 لسنة 100 قضائية القاهرة، وفي 10 من يناير سنة 1985 - حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف -، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأولين منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بوجوب إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى لعدم قيام المطعون ضده بإعذاره بتنفيذ التزامه كإجراء يتعين القيام به قبل رفع دعواه بطلب التعويض، وإذ قضى الحكم بالتعويض للمطعون ضده على سند من اشتمال صحيفة افتتاح الدعوى على تكليفه بالوفاء بهذا الالتزام رغم خلوها منه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن إعذار المدين هو وضعه قانوناً في حالة المتأخر في تنفيذ التزامه، والأصل في هذا الإعذار أن يكون بورقة رسمية من أوراق المحضرين يبين الدائن فيها أنه يطلب من المدين تنفيذ الالتزام، ومن ثم فلا يعد إعذاراً إعلانه بصحيفة دعوى التعويض لإخلال المدين بتنفيذ التزام من التزاماته إلا إذا اشتملت صحيفتها على تكليفه بالوفاء بهذا الالتزام، وتقدير اشتمال هذه الصحيفة على هذا التكليف من المسائل الموضوعية التي تخضع لسلطة قاضي الموضوع في أن يأخذ بالتفسير الذي يراه مقصوداً من العبارات الواردة بالصحيفة دون رقابة من محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رفض ما تمسك به الطاعن في هذا الصدد بقوله "وحيث إن صحيفة افتتاح الدعوى الابتدائية والمعلنة إلى المستأنف (الطاعن) قد تضمنت وجوب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع حسن النية وإجبار المدين على تنفيذ التزامه تنفيذاً عينياً متى كان ذلك ممكناً وهو ما يعد إعذار طبقاً للمادة 219 من القانون المدني" وكان ما انتهى إليه الحكم من اشتمال صحيفة افتتاح الدعوى على إعذار الطاعن - على هذا النحو - سائغاً وله مأخذه مما ورد بالصحيفة وتحتمله عباراتها بغير مسخ لها فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف ببطلان تقرير الخبير - سند المطعون ضده في تقدير التعويض المطالب به - لعدم دعوته للطاعن قبل البدء في مهمته ذلك أن الإخطارات التي أرسلت إليه من الخبير ارتدت له دون أن يتسلمها وبذلك لم تتحقق الغاية من هذا الإخطار وإذ رفض الحكم المطعون فيه إبطال هذا التقرير بمقولة أن البطلان لا يترتب إلا على إغفال الخبير دعوة الخصوم أما إذا تمت الدعوة فقد انتفى البطلان ولو لم تصل هذه الدعوة إلى الخصوم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن مفاد نص المادة 146 من قانون الإثبات أن البطلان الذي صرح به النص إنما يترتب على إغفال الخبير دعوة الخصوم أمامه، ولما كان الأصل في الإجراءات أنها روعيت، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته أن ما ثبت بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى رقم 4890 لسنة 81 مستعجل مصر الجديدة ومحاضر إعماله هو أنه وجه الدعوة إلى الخصوم بكتب مسجلة فحضر المطعون ضده ولم يحضر الطاعن وارتدت الخطابات المرسلة له، وإذ كان الطاعن قدم لهذه المحكمة صورة رسمية من تقرير الخبير - بعد سحب التقرير من ملف الدعوى إثر الفصل في الاستئناف - دون أن يرفق بها صورة رسمية من الإخطارات المرتدة مبيناً فيها سبب ارتدادها للوقوف على مدى تحقق الغاية من الإخطار بوصول الدعوة إلى الطاعن من عدمه ومن ثم يكون ما ساقه الطاعن من نعي على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد مفتقراً إلى الدليل.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه القصور في التسبيب إذ لم يبين في أسباب قضائه الدليل على توافر عناصر المسئولية الموجبة للتعويض الذي قضى به، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي أو التأخير في تنفيذه يعتبر في ذاته خطأ يرتب مسئوليته، وكان استخلاص ثبوت الخطأ والضرر وعلاقة السببيه بينهما هو من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض إلا بالقدر الذي يكون فيه استخلاصه غير سائغ، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالتعويض المقضي به على سند من توافر عناصر المسئولية العقدية وذلك بقوله "وحيث إن الثابت أن المدعي (المطعون ضده) تعاقد مع المدعى عليه الأول (الطاعن) .... على شراء شقة مكونة من خمس حجرات ودورتين للمياه وجميع أرضياتها دوكيش ...... والثابت أنه طبقاً لتقرير الخبير..... أن الأعمال التي لم يقم بها المدعى عليه الأول بصفته هي جميع الأجهزة الصحية و...... وأن قيمة المبالغ اللازمة لإنهاء الأعمال الناقصة 6060 جنيهاً....... ولاشك أن ترك المدعى عليه الأول شقة النزاع بدون تشطيبها قد الحق ضرراً بالمدعي وكانت المحكمة ترى أن التعويض عن الضرر المباشر والمتوقع عن ذلك الإخلال بالتنفيذ يقدر بمبلغ 6070 جنيهاً طبقاً لما بينه الخبير ......... فإن المحكمة...... تقضي بإلزامه بصفته بأداء مبلغ 6070 جنيهاً للمدعي". وكان استخلاص ثبوت عناصر المسئولية على هذا النحو سائغاً وله مأخذه من الأوراق فإن ما يثيره الطاعن من نعي بهذا السبب ينحل إلى جدل موضوعي فيما تملك محكمة الموضوع تقديره تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق