الصفحات

الأحد، 15 سبتمبر 2024

الطعن 5 لسنة 41 ق جلسة 16 /11 / 1977 مكتب فني 28 ج 2 ق 290 ص 1681

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1977

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، وصلاح نصار ومحمود رمضان وإبراهيم فراج.

-----------------

(290)
الطعن رقم 5 لسنة 41 القضائية

(1) إصلاح زراعي. اختصاص. " اختصاص ولائي".
انفراد لجان الفصل في المنازعات الزراعية بالفصل في المنازعات الناشئة عن تأجير الأراضي الزراعية من الباطن. قاصر على العقود القائمة وقت العمل بالقانون 178 - لسنة 1952. العقود السابقة التي تحولت إلى عقود بين المؤجر والمستأجر من الباطن مباشرة. اختصاص القضاء العادي بنظر المنازعات بشأنها.
(2) استئناف. إرث.
استئناف بعض الورثة الحكم الصادر بإلزامهم شخصياً بالدين. القضاء بإلزام المستأنفين لكامل الدين من تركة مورثهم. لا يعد إضراراً لهم بطعنهم. علة ذلك.
(3) حكم. دعوى" الطلبات في الدعوى ".
وجوب عدم تجاوز الحكم طلبات الخصوم. العبرة بالمقدار المطلوب لا عبرة بالأسس الحسابية أو العناصر التي بنيت عليها.
(4) إصلاح زراعي. إيجار " إيجار الأراضي الزراعية ".
عقود الإيجار من الباطن المبرمة قبل صدور القانون 178 لسنة 1952 قيام العلاقة فيها بين المؤجر والمستأجر من الباطن مباشرة لا حاجة لإنذار المستأجر بإبطال عقده. م25 ق 52 لسنة 1969.
(5، 6) وقف. إيجار.
(5) عدم جواز استئجار ناظر الوقف لأعيانه ولو بأكثر من أجر المثل م 630 مدني.
(6) عدم جواز تنازل ناظر الوقف عن النظارة لغيره حال صحته إلا في مجلس القاضي.

-------------------
1 - مفاد المادة (32) من القانون 178 لسنة 1952 المعدلة بالقانون 52 لسنة 1969 والمادة 3 من القانون 54 لسنة 1966 قبل إلغائه بالقانون 67 لسنة 1975 أن المشرع قد اختص لجان الفصل في المنازعات الزراعية وحدها دون جهات القضاء الأخرى بالفصل في المنازعات الناشئة عن تأجير الأراضي الزراعية لمن لا يزرعها بنفسه، وعدم جواز تأجيرها من الباطن أو التنازل عن إيجارها أو مشاركة الغير فيها، إلا أن هذا الاختصاص الانفرادي مقصور على المنازعات الناشئة عن العقود القائمة وقت العمل بالمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي، أما عقود التأجير من الباطن التي كانت معقودة قبل صدور هذا القانون وتحولت إلى عقود إيجار أصلية تقوم العلاقة فيها مباشرة بين المالك وبين المستأجر، فيبقى الاختصاص بصددها متمحضا للقضاء المدني باعتباره الجهة الأصلية ذات الولاية العامة في التقاضي. ولما كان الواقع في الدعوى أن الطاعنين لا يمارون في أن مورثهم كان يؤجر من باطنه الأرض التي كانت مؤجرة إليه من الناظرة السابقة للوقف في تاريخ سابق على صدور قانون الإصلاح الزراعي، وكانت العلاقة بهذه المثابة قد أصبحت مباشرة بين المالك وبين المستأجر من الباطن دون المستأجر الأصلي، فإنه يكون قد انحسرت صفة المستأجر أو الوسيط عن مورث الطاعنين ويكون لا محل للقول باختصاص استئثاري للجان في هذه الحالة.
2 - إذا كانت قاعدة ألا يضار الطاعن بطعنه قاعدة أصيلة من قواعد التقاضي، تستهدف ألا يكون من شأن رفع الطعن تسوئ مركز الطاعن أو إثقال الأعباء عليه، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الدعوى أقيمت ضد الطاعنين والمطعون عليه الرابع بطلب الحكم بإلزامهم أداء المبلغ المرفوعة به الدعوى من تركة المورث، وكان الحكم الابتدائي قضى بإلزامهم شخصياً بالمبلغ المحكوم به، وإذ استأنفه الطاعنون وحدهم دون المطعون عليه الرابع ناعين على الحكم الابتدائي هذا القضاء، فقد عدله الحكم المطعون فيه بانقاص المبلغ المقضي به مع جعل الالتزام من تركة المورث، فإن الحكم فى هذه الحدود لا يترتب عليه إساءة لمركز مورثهم وأن التنفيذ به عليها من شأنه نقص حصة كل منهم فيها بمقدار حصته في المبلغ المقضي به وليس بأكثر منها.
3 - إذ كان الطلب هو الذى يحدد النزاع ويجب الرجوع إليه لمعرفة إن كان القاضي قد حكم فيما طلبه الخصوم أو تجاوزه أهمل بعضاً، وكان المعتبر في التزام الحكم طلبات الخصوم هو عدم تجاوزه القدر المطلوب دون التزام للأسس الحسابية أو العناصر التي بنيت عليهما، ولما كان ما قضى به الحكم وهو مبلغ 1460 جنيهاً و721 مليماً أقل مما حددته المطعون عليهما الأولى والثانية في مذكرتهما الختامية بمبلغ 1499 جنيهاً و 97 مليماً ، فإن الحكم به لا يتجاوز القدر المطالب به.
4 - مؤدى ما تنص عليه المادة (39 مكرراً) من المرسوم بقانون 178 لسنة 1942 المضافة بالقانون رقم 197 لسنة 1952 المعمول به من تاريخ نشره في 18 سبتمبر 1952 - والفقرة الثانية من القرار التفسيري رقم 2 لسنة 1953، أن عقود الإيجار المبرمة قبل صدور المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي والواردة في المادتين سالفتي الذكر تقوم فيها العلاقة الإيجارية مباشرة بين المالك والمستأجر من الباطن دون المستأجر الأصلي، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص من المستندات المقدمة في الدعوى إلى أن مورث الطاعنين كان يستغل أطيان ميت رهينة المؤجرة إليه قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي بطريق التأجير لصغار الفلاحين وهو ما لم يكن موضوع نعى من الطاعنين، فإن إقامته قضاءه على انتهاء العلاقة الإيجارية عن هذه الأطيان وزوال صفة المورث كمستأجر لها يكون صحيحاً دون حاجة لاشتراط توجيه الإنذار المنصوص عليه في المادة 35 من القانون رقم 52 لسنة 1966 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي والتي يقتصر حكمها على دعاوى فسخ عقود الإيجار وإخلاء المستأجرين من الأرض المؤجرة متى أخلوا بالتزام جوهري يقضى به القانون أو العقد فلا يسري على دعاوى البطلان المترتبة على مخالفة ما تقضى به المادة 32 من ذات القانون والتي لم تشترط لترتيب البطلان على مخالفة حكمها توجيه مثل هذا الإنذار.
5 - النص في الفقرة الأولى من المادة 630 مدنى صريح على أنه ليس لناظر الوقف أن يستأجر أعيان الوقف ولو كان الاستئجار بأجر المثل بل ولو بأكثر من أجر المثل، درءاً لمظنة التهمة، إذ أن الناظر هو المؤجر ولو أجيز له استئجار الوقف لكان مستأجراً من نفسه.
6 - الرأي المعول عليه أن المشروط له النظر متى كان حال صحته لا يجوز له أن يتنازل تنازلاً صريحاً عن النظر أو أن يفوض غيره بأن يسند إليه شئون الوقف ويحله مقام نفسه استقلالاً؛ إلا في مجلس القاضي، بحيث يتعين على المحكمة المختصة أن تقيم غيره في الولاية وإلا فهو باق على ولايته حتى يقرر سواه، لأنه بمثابة عزل معلق على ولاية آخر لا يتم بعزله نفسه وردها عن النظر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن فى أن المطعون عليهما الأولتين أقامتا الدعوى رقم 3212 لسنة 1966 مدنى أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد الطاعنين وباقي المطعون عليه بطلب الحكم فى مواجهة المطعون عليه الثالث بإلزام الطاعنين والمطعون عليه الأخر بأن يدفعوا من تركة مورثهم المرحوم ...... مبلغ 2141 جنيه و 616 مليم وقالتا شرحاً لها أنهما تمتلكان مساحة 1 ف و12 ط و13.5 س مشاعاً في 8 ف و10 ط و12 س أطياناً زراعية بناحية ميت رهينة مركز العياط و 2/ 5 5 قيراطاً من أربعة وعشرين قيراطاً في المنزل رقم 28 حارة الفراشين بالبغالة والعقار رقم 44 شارع درب الحصر بقسم الخليفة والمكون من ثلاثة حرانيت و1 ف و23 ط و6 س مشاعاً في - 7ف و 16ط أطياناً زراعية بناحية قمن العروس مركز الواسطى، وقد آلت بعض هذه العقارات استحقاقاً في وقف المرحوم ...... الصادر به كتابا الوقف من محكمة مصر الشرعية بتاريخ 20/ 3/ 1913 و10/ 11/ 1927، والبعض الآخر ميراثاً عن والدتهما ...... المتوفاة في 25/ 6/ 1952 وشقيقهما ...... المتوفاة فى 4/ 6/ 1961، وإذ كان شقيقها المرحوم ...... مورث الطاعنين والمطعون عليه الأخير والمتوفى في 25/ 10/ 1961 يحصل ريع هذا القدر بصفته ناظراً على الوقف بعد وفاة والدتهم ثم حارساً عليه بمقتضى القانون رقم 180 لسنة 1952 دون أن يؤدى إليهما نصيبهما من الريع، فقد استصدرتا وشقيقتهما ...... قبل وفاتها حكما بتعيين المطعون عليه الثالث حارسا على الأعيان موضوع النزاع ثم أقامتا الدعوى. وبتاريخ 28/ 2/ 1967 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء لبيان ما إذا كان مورث الطاعنين قد حازا الأعيان في المدة من 25/ 10/ 1961 حيازة مادية أو قانونية وما سبب هذه الحيازة مع تقدير ريع الأعيان ونصيب كل من المطعون عليهما الأولتين فيه ومن يلتزم به وما يكون قد أدى لهما منه، وبعد أن قدم الخبير تقريره دفع الطاعنون والمطعون عليه الأخير بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 2724 لسنة 1961 مدنى القاهرة الابتدائية وبعد اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبسقوط الحق المطالب به بالتقادم الخمسي، وبتاريخ 28/ 1/ 1969 عادت المحكمة فحكمت برفض الدفعين بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل وبعدم الاختصاص الولائي وبإعادة المأمورية إلى الخبير لإتمامها، وبعد أن قدم الخبير تقرير التكميلي حكمت في 5/ 5/ 1970 بإلزام الطاعنين والمطعون عليه الرابع في مواجهة المطعون عليه الثالث بأن يدفعوا للمطعون عليهما الأولتين مبلغ 1526 جنيهاً و 174 مليماً. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 2378 لسنة 87 ق القاهرة طالبين إلغاءه والحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة واحتياطياً برفضها أو بسقوط الحق المطالب به بالتقادم الخمسي، وبتاريخ 12/ 11/ 1970 حكمت محكمة الاستئناف برفض الدفعين بعدم قبول الدعوى وبالتقادم وبتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنين بأن يدفعوا من تركة مورثهم المرحوم ...... مبلغ 1460 جنيهاً و 721 مليماً. طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الراى برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ذلك أنه أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، حالة أن ما أثير فيها من نزاع حول بطلان عقدي الإيجار الصادرين لمورثهم لتأجيره العين المؤجرة لصغار الزارعين إعمالاً لنص المادة 32 من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 يدخل في الاختصاص الانفرادي للجنة الفصل في المنازعات الزراعية طبقاً للمادة 3 من القانون رقم 54 لسنة 1966، وكان يتعين على المحكمة أن توقف الدعوى طالما دفعت بمسألة تشير نزاعاًً تختص بالفصل فيه جهة قضاء أخرى عملاً بالمادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 والمادة 129 من قانون المرافعات، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 32 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي معدلة بالقانون رقم 52 لسنة 1966 على أن "يكون تأجير الأراضي الزراعية لمن يتولى زراعتها بنفسه. ولا يجوز للمستأجر تأجيرها من الباطن أو التنازل عن الإيجار للغير أو مشاركته فيها. ويقع باطلاً كل تعاقد يتم بالمخالفة للحكم المتقدم ، ويشمل البطلان أيضاً العقد المبرم بين المؤجر والمستأجر الأصلي. وتقضي بالبطلان لجنة الفصل في المنازعات الزراعية متى طلب إليها ذو الشأن ذلك، ولا يخل هذا البطلان بحق المالك في مطالبة المستأجر الأصلي والمستأجر من الباطن بما له من حقوق أو بتعويض ما أصابه من أضرار." وفي المادة 3 من القانون رقم 54 لسنة 1966 بشأن لجان الفصل في المنازعات الزراعية - قبل إلغائه بالقانون رقم 67 لسنة 1975 - على أنه "تختص لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بنظر المنازعات الناشئة عن العلاقة الإيجارية في الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي البور والصحراوية أو القابلة للزراعة وبوجه خاص تختص اللجنة وحدها بالفصل في المسائل الآتية (أ) المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام المواد من 32 إلى 36 مكرراً "ز" من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي (ب)..."، وإن دل على أن المشرع قد اختص لجان الفصل في المنازعات الزراعية وحدها دون جهات القضاء الأخرى بالفصل في المنازعات الناشئة عن تأجير الأراضي الزراعية لمن لا يزرعها بنفسه، وعدم جواز تأجيرها من الباطن أو التنازل عن إيجارها أو مشاركة الغير فيها، إلا أن هذا الاختصاص الانفرادي مقصور على المنازعات الناشئة عن العقود القائمة وقت العمل بالمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي، أما عقود التأجير من الباطن التي كانت معقودة قبل صدور هذا القانون وتحولت إلى عقود إيجار أصلية تقوم العلاقة فيها مباشرة بين المالك وبين المستأجر من الباطن - على ما سيلى بيانه فى الرد على السبب الثالث فيبقى الاختصاص بصددها متمحضا للقضاء المدني باعتباره الجهة الأصلية ذات الولاية العامة في التقاضي. ولما كان الواقع في الدعوى أن الطاعنين لا يمارون في أن مورثهم كان يؤجر من باطنه الأرض التي كانت مؤجرة إليه من الناظرة السابقة للوقف في تاريخ سابق على صدور قانون الإصلاح الزراعي، وكانت العلاقة بهذه المثابة قد أصبحت مباشرة بين المالك وبين المستأجر من الباطن دون المستأجر الأصلي، فإنه يكون قد انحسرت صفة المستأجر أو الوسيط عن مورث الطاعنين ويكون لا محل للقول باختصاص استئثاري للجان في هذه الحالة وإذ انتهى الحكم إلى هذه النتيجة فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفى بيان ذلك يقولون إن الحكم قضى بما لم يطلبه الخصوم من وجهين: (الأول) أنه ألزمهم بالمبلغ المقضي به دون المطعون عليه الأخير الذى لم يستأنف الحكم الابتدائي رغم صدوره ضدهم جميعاً، مما يستوجب استنزال نصيبه من المقدار المحكوم به، وبذلك يكونون قد أضيروا باستئنافهم ( الثاني) أنه أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من إلزامهم بمبلغ 1516 جنيه و 174 مليم بعد استنزال مبلغ 65 جنيه و 454 مليم سقط الحق فيه بالتقادم، حالة أن ما قضى به الحكم الابتدائي يجاوز طلبات الخصوم الختامية المحددة في مذكرتهم أمام محكمة أول درجة بمبلغ 1499 جنيه و 97 مليم وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه لما كانت قاعدة ألا يضار الطاعن بطعنه قاعدة أصيلة من قواعد التقاضي، تستهدف ألا يكون من شأن رفع الطعن تسوئ مركز الطاعن أو إثقال الأعباء عليه، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الدعوى أقيمت ضد الطاعنين والمطعون عليه الرابع بطلب الحكم بإلزامهم أداء المبلغ المرفوعة به الدعوى من تركة المورث، وكان الحكم الابتدائي قضى بإلزامهم شخصياً بالمبلغ المحكوم به، وإذ استأنفه الطاعنون وحدهم دون المطعون عليه الرابع ناعين على الحكم الابتدائي هذا القضاء، فقد عدله الحكم المطعون فيه بانقاص المبلغ المقضي به إلى 1460 جنيهاً و721 مليماً مع جعل الالتزام من تركة المورث، فإن الحكم في هذه الحدود لا يترتب عليه إساءة لمركز الطاعنين أو زيادة الأعباء عليهم طالما أن التزامهم بالمبلغ المحكوم به هو من تركة مورثهم وأن التنفيذ به عليها من شأنه نقص حصة كل منهم فيها بمقدار حصته في المبلغ المقضي به وليس بأكثر منها. لما كان ذلك وكان الطلب هو الذي يحدد النزاع ويجب الرجوع إليه لمعرفة إن كان القاضي قد حكم فيما طلبه الخصوم أو تجاوزه أو أهمل بعضه، وكان المعتبر في التزام الحكم طلبات الخصوم هو عدم تجاوزه القدر المطلوب دون التزام للأسس الحسابية أو العناصر التي بنيت عليها، ولما كان ما قضى به الحكم وهو مبلغ 1460 جنيها و 721 مليماً أقل مما حددته المطعون عليها الأولى والثانية في مذكرتهما الختامية بمبلغ 1499 جنيها و97 مليما فإن ما حكم به لا يتجاوز القدر المطالب به، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث مخالفة القانون والقصور في التسبيب ويقول الطاعنون بياناً لذلك إن الحكم قضى برفض الدفع بالتقادم الخمسي على سند من زوال مورثهم كمستأجر لأطيان الوقف تبعاً لقيامه بتأجير أرض ميت رهينة موضوع عقد الإيجار المؤرخ 29/ 7/ 1951 للغير بالمخالفة لما تقضى به المادة 32 من قانون الإصلاح الزراعي والقرار التفسيري رقم 2 لسنة 1953 وتبعاً لاشتراط النظارة له مع أخرى في حجة الوقف على أطيان ناحية قمن العروس موضوع عقد الإيجار المؤرخ 26/ 4/ 1951 وعدم قيامه برد النظر حتى يعين القاضي من يقوم مقامه، حالة أن الدعوى رفعت دون توجيه إنذار إليهم طبقاً لنص المادة 35 من القانون رقم 52 لسنة 1966 وأن قواعد القانون المدني الواجبة التطبيق دون القواعد الشرعية خالية مما يوجب تنحى مورثهم عن النظارة حيث لم يثبت عليه باشتراطها له أو ممارسته عملاً من أعمالها. هذا إلى أن الحكم افترض تولى مورثهم النظر على الوقف دون أن يقيم الدليل على هذا الافتراض أو يبين المصدر الذى استقى منه ذلك، وهو ما يعيبه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان مؤدى ما تنص عليه المادة 39 مكرراً من المرسوم بقانون 178 لسنة1952 المضافة بالقانون رقم 197 لسنة 1952 المعمول به من تاريخ نشره في 18 سبتمبر 1952 من أنه " مع مراعاة حكم المادة 33 تمتد عقود الإيجار التي تنتهي مدتها بنهاية السنة الزراعية الجارية عند العمل بهذا القانون وذلك لمدة سنة زراعية أخرى إذ كان المستأجر يزرع الأرض بنفسه سواء كان مستأجراً أصلياً أو من الباطن. وفى الحالة الأخيرة تقوم العلاقة مباشرة بين المستأجر من الباطن والمالك " وما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة الثانية من القرار التفسيرى رقم 2 لسنة 1953 من أن " عقود الإيجار المبرمة قبل صدور المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعى بين المالك والوسيط التى لاتنتهى العلاقة مدتها بنهاية السنة الزراعية الجارية عند صدور القانون المذكور تقوم العلاقة فيها مباشرة بين المالك وبين المستأجر من الباطن دون المستأجر وذلك للمدة الباقية من العقد " ،أن عقود الإيجار المبرمة قبل صدور المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي والواردة في المادتين سالفتي الذكر تقوم فيها العلاقة الإيجارية مباشرة بين المالك والمستأجر من الباطن دون المستأجر الأصلي، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص من المستندات المقدمة في الدعوى إلى أن مورث الطاعنين كان يستغل أطيان ميت رهينة المؤجرة إليه قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي بطريق التأجير لصغار الفلاحين وهو ما لم يكن موضع نعى من الطاعنين، فإن إقامته قضاءه على انتهاء العلاقة الإيجارية عن هذه الأطيان وزوال صفة المورث كمستأجر لها يكون صحيحاً دون حاجة لاشتراط توجيه الإنذار المنصوص عليه فى المادة 35 من القانون رقم 52 لسنة 1966 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي التي يقتصر حكمها على دعاوى فسخ عقود الإيجار وإخلاء المستأجرين من الأرض المؤجرة متى أخلوا بالتزام جوهري يقضى به القانون أو العقد فلا يسري على دعاوى البطلان المترتبة على مخالفة ما تقضى به المادة 32 من ذات القانون والتي لم تشترط لترتيب البطلان على مخالفة حكمها توجيه مثل هذا الإنذار. لما كان ذلك وكان النص في الفقرة الأولى من المادة 630 المدني على أنه " لا يجوز للناظر أن يستأجر الوقف ولو بأجر المثل" صريح في أنه ليس لناظر الوقف أن يستأجر أعيان الوقف ولو كان الاستئجار بأجر المثل بل ولو بأكثر من أجر المثل، درءاً لمظنة التهمة، إذ أن الناظر هو المؤجر ولو أجيز له استئجار الوقف لكان مستأجراً من نفسه، وكان الرأي المعول عليه أن المشروط له النظر متى كان حال صحته لا يجوز له أن يتنازل تنازلاً صريحاً عن النظر أو أن يفوض غيره بأن يسند إليه شئون الوقف ويحله مقام نفسه استقلالاً، إلا في مجلس القاضي، بحيث يتعين على المحكمة المختصة أن تقيم غيره في الولاية وإلا فهو باق على ولايته حتى يقرر سواه، لأنه بمثابة عزل معلق على ولاية آخر لا يتم بعزل نفسه وردها عن النظر، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص قوله "... وحيث إنه بالنسبة لأرض قمن العروس فالثابت من الاطلاع على كتاب الوقف المحررة حجته في 10 نوفمبر 1927 أن الواقف قد أوقف أرضا زراعية بناحية قمن العروس مركز الواسطى جعل النظر عليها بعد وفاته لزوجته... ... ومن بعدها لولده... ... مورث المستأنفين - الطاعنين - وشقيقته... ... سوية بينهما. ومن الاطلاع على عقد الإيجار المؤرخ 26/ 4/ 1951 والمقدم من المستأنفين أمام محكمة أول درجة أن الناظرة السابقة...... قد أجرت بصفتها الأرض الكائنة بناحية قمن العروس إلى والدها ...... - مورث - المستأنفين - عن 1951/ 1952 التي تنتهي في أكتوبر 1952 بسعر إيجار الفدان الواحد ستة عشر جنيها. ولما كانت ...... بإقرار طرفي النزاع قد توفيت في 25/ 6/ 1952 وكان الواقف قد شرط الولاية على وقفه من بعدها لاثنين هما مورث المستأنفين وشقيقته...... ولم يقم الأول برد النظر حتى يضم القاضي للثانية من يقوم مقامه أو يفوض إليها أمر الوقف بفردها (م 159 من قانون العدل والإنصاف لقدري باشا). وكان لا يجوز أن يؤجر عقار الوقف لنفسه لأن الواحد لا يتولى طرفي العقد (م195 من القانون المذكور ) لما كان ذلك جميعه فقد انتفت صفة الاستئجار عن مورث المستأنفين بتوليه النظارة مع شقيقته... ... على أعيان الوقف بناحية قمن العروس منذ 25/ 6/ 1962 ... فإن هذا الذى أثبته الحكم لا مخالفة فيه لأحكام القانون المدني ولا ينطوي على تعارض مع القواعد المتواضع عليها في مسائل الأوقاف. وإذ انتهى الحكم تبعاً لذلك إلى رفض الدفع بالتقادم الخمسي فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفى بيان ذلك يقول الطاعنون أنهم تقدموا أمام محكمة الموضوع بمخالصة مؤرخة 17/ 11/ 1954 - تفيد محاسبة مورثهم مع المرحومة..... عن ريع المنزل رقم 28 حارة الفراشين عن المدة من أول يوليه 1952 حتى آخر نوفمبر 1954 وجاء بها أن إيجار الشقة سكنة 70 قرشاً شهرياً وهو ما يقطع بأن المنزل كان في حراسة المرحومة ....... وبعد سلامة ما قدره الخبير لهذه الأجرة بمبلغ 4 جنيهات و 500 مليم شهرياً، كما قدموا تفويضاً إلى مورثهم من وكيل المطعون عليهما الأولين برفع دعوى مطالبة بريع إحدى شقق هذا المنزل اعتباراً من 4/ 5/ 1961 وقد تضمن ما يثبت صفته كمستأجر للأطيان الزراعية محل النزاع، وحافظة مستندات اشتملت على علم وصول مؤرخ 12/ 10/ 1955 يفيد استلام المطعون عليها الثانية من المرحومة..... مبلغ مائة قرش باقي حساب المنزل حتى أكتوبر سنة 1955 وخطاب صادر من المطعون عليهما الأولتين تطلبان فيه من مورث الطاعنين التدخل لدى المرحومة ...... لترسل إليهما ما يخصهما في ريع المنزل ومخالصة مؤرخة 4/ 11/ 1957 صادرة من المطعون عليهما الأولى لصالح المرحومة ..... عن صافى ريع المنزل حتى نهاية ديسمبر 1954، ورغم تمسكهم بحجية هذه المستندات أمام محكمة الموضوع فقد أغفل الحكم المطعون فيه بحث هذا الدفاع الجوهري ولم يعن بتحقيقه وهو ما يعيبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد خلص صحيحاً وفق ما تقدم بيانه عند الرد على السبب الثالث إلى زوال صفة الطاعنين كمستأجر لأطيان النزاع، وعرض لما أثاره الطاعنون من نزاع بشأن ريع المنزل رقم 28 حارة الفراشين وللمخالصة المقدمة منهم والمؤرخة 17/ 11/ 1954 أورد في هذا الخصوص قوله " وحيث إنه عن المنزل رقم 28 حارة الفراشين فالثابت من الاطلاع على محاضر أعمال الخبير قيامه بالمعاينة وتحريه من المستأجرين عمن كان يتولى التأجير وإدارة شئون العقار وقولهم أنه مورث المستأنفين - الطاعنين - ومن ثم يكون ما انتهى إليه من أنه مستغل العقار على أساس من الواقع وأن المحكمة ترى أن ما ذهبت إليه محكمة أول درجة من تأييد تقدير الخبير لريع حصة المستأنف عليهما - المطعون عليهما الأولتين - في هذين العقارين سليم للأسباب التي استند إليها وفصلها في تقريره المقدم لتلك المحكمة"، وكان هذا الذى أورده الحكم يكفى لحمل قضائه ويتضمن الرد المسقط لدلالة ما قدمه الطاعنون من مستندات فإنه لا يعيبه عدم التحدث عن كل منها على حدة، إذ أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع غير ملزمة بالتحدث في حكمها عن كل قرينة من القرائن غير القانونية التي يدلى بها الخصوم استدلالاً على دعواهم من طريق الاستنباط كما أنها غير مكلفة بأن تورد كل حجج الخصوم وتفنيدها طالما أنها أقامت قضائها على ما يكفى لحمله لأن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها التعليل الضمني لاطراح هذه القرائن، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق