الصفحات

الاثنين، 5 أغسطس 2024

الطعن 28 لسنة 23 ق جلسة 8/ 7/ 1953 مكتب فني 4 ج 3 ق 385 ص 1146

جلسة 8 من يوليه سنة 1953

المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة الأستاذ أحمد محمد حسن رئيسا, حضرات المستشارين: إسماعيل مجدي, ومصطفى حسن, وحسن داود, ومحمود إبراهيم إسماعيل أعضاء.

---------------

(385)
القضية رقم 28 سنة 23 القضائية

عفو شامل. 

الجرائم التي يشملها المرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952. لا تدخل فيها جريمة قلب النظم الاجتماعية.

-----------------
إن المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952 إذ نصت على أن "يعفى عفوا شاملا عن الجنايات والجنح الشروع فيهما التي ارتكبت لسبب أو لغرض سياسي وتكون متعلقة بالشئون الداخلية للبلاد" وإذ أشارت المذكرة الإيضاحية لهذا المرسوم بقانون إلى الغرض منه فيما قالته من أن حكمه لا يتناول إلا ما له اتصال بالشئون السياسية الداخلية للبلاد فإن هذا التحديد الذي نص عليه الشارع, ثم شفعه باستثناء الجرائم المضرة بأمن الدولة من جهة الخارج, فيه تعيين لحدود الجريمة السياسية التي قصد شمولها بالعفو. فإذا كانت التهمة المسندة إلى الطاعن تتجاوز هذه الحدود إلى مجال آخر هو العمل على قلب النظم الاجتماعية والاقتصادية والقضاء على طبقة أو طبقات اجتماعية وتسويد طبقة على سائر الطبقات فإن قانون العفو لا يشملها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم: أولا - أداروا في المملكة المصرية جمعية ترمي إلى سيطرة طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات, وإلى القضاء على طبقة اجتماعية, وإلى قلب نظم الدولة الأساسية الاجتماعية والاقتصادية والقضاء على النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية, وكان استعمال القوة والإرهاب والوسائل غير المشروعة ملحوظا في ذلك, وبأن أداروا جمعية سرية تسمى "نواة الحزب الشيوعي المصري" وهى جمعية تستهدف القضاء على طبقة الملاك والرأسماليين وسيادة الطبقة العاملة وحكمها المطلق, وإلغاء الملكية الفردية وجعل وسائل الإنتاج ملكا للدولة كل ذلك عن طريق خلق مجتمع مصري على غرار الوضع القائم في روسيا بالأسلوب الثوري الذي اتبع هناك, ثانيا - انضموا إلى الجمعية سالفة الذكر مع علمهم بأهدافها ووسائلها, ثالثا - روّجوا في المملكة المصرية لتغيير مبادئ الدستور الأساسية والنظم الأساسية للهيئة الاجتماعية وتسويد طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات, وللقضاء على طبقة اجتماعية ولقلب نظم الدولة الأساسية والاجتماعية والاقتصادية, ولهدم النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية وكان استعمال القوة والإرهاب والوسائل غير المشروعة ملحوظا في ذلك بأن أداروا الجمعية سالفة الذكر وانضموا إليها وهى تعمل على تغيير هذه المبادئ التي من شأنها قيام حكم الطبقة العاملة في مصر وسلطانها المطلق والقضاء على طبقة الملاك والرأسماليين وإلغاء الملكية الخاصة وقاموا فعلا بترويج هذه المبادئ. وطلبت عقابهم بالمواد 98 "أ" و98 "ب" و98 "هـ" من قانون العقوبات والمحكمة العسكرية العليا قضت فيها بالإفراج عن الطاعن بضمان مالي قدره عشرون جنيها ووقف السير في إجراءات المحاكمة لحين الفصل في التظلم المقدم منه إلى محكمة الجنايات من عدم إدراج اسمه ضمن من شملهم العفو الشامل, فقدم المتهم تظلما إلى النائب العام فأحاله إلى محكمة جنايات القاهرة التي قضت فيه غيابيا بقبوله شكلا وبرفضه موضوعا. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن يبني طعنه على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ لم يعتبر الجريمة المسندة إلى الطاعن جريمة سياسية بالمعنى الوارد في المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952 مع أن نص هذه المادة لم يذكر عبارة الجريمة السياسية وإنما ذكر الجرائم التي ارتكبت لسبب أو لغرض سياسي, فلم يترك الشارع مجالا للبحث الفقهي في تكييف الجريمة السياسية, بل أفصح عن مراده بما لا يدع مجالا للشبهة في أنه أخذ بالمذهب الشخصي في تحديد معنى الجريمة السياسية, على أن الجريمة المنسوبة إلى الطاعن هي بلا شك جريمة سياسية في نظر المذهبين الشخصي والمادي, ذلك بأن الجرائم المضرة بأمن الدولة سواء من جهة الخارج أو من جهة الداخل هي جرائم سياسية وجريمة الطاعن من بين الجرائم المنصوص عليها في هذين البابين من قانون العقوبات, فالشيوعية لا تعدو أن تكون مذهبا سياسيا وليست نظم الدولة إلا وليدة التفاعل والترابط بين السياسة والاجتماع والاقتصاد, ونظام الدولة السياسي شيوعيا كان أو غير شيوعي لا يهدف إلا إلى إنشاء مجتمع بشري يحيا في المستوى اللائق, ومن ثم يكون نظر الحكم للمذهب الشيوعي نظرا غير سليم.
وحيث إن النيابة العامة رفعت الدعوى على الطاعن وآخرين بأنهم في يوم 4 من جمادي الآخرة سنة 1371 الموافق 29 من فبراير سنة 1952 بدائرة قسم الوايلي بمحافظة القاهرة, أولا: أداروا في المملكة المصرية جمعية ترمي إلى سيطرة طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات وإلى القضاء على طبقة اجتماعية وقلب نظم الدولة الأساسية والاجتماعية والاقتصادية والقضاء على النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية, وكان استعمال القوة والإرهاب والوسائل غير المشروعة ملحوظا في ذلك, وبأن أداروا جمعية سرية تسمى "نواة الحزب الشيوعي المصري", وهى جمعية تستهدف القضاء على طبقة الملاك والرأسماليين وسيادة الطبقة العاملة وحكمها المطلق وإلغاء الملكية الفردية وجعل وسائل الإنتاج ملكا للدولة عن طريق خلق مجتمع مصري على غرار الوضع القائم في روسيا وبالأسلوب الثوري الذي اتبع هناك, ثانيا: انضموا إلى الجمعية السالفة الذكر مع علمهم بأهدافها ووسائلها, ثالثا: روجوا في المملكة المصرية لتغيير مبادئ الدستور الأساسية والنظم الأساسية للهيئة الاجتماعية وتسويد طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات والقضاء على طبقة اجتماعية, ولقلب نظم الدولة الأساسية الاجتماعية والاقتصادية ولهدم النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية, وكان استعمال القوة والإرهاب والوسائل غير المشروعة ملحوظا في ذلك بأن أداروا الجمعية السالفة الذكر وانضموا إليها, وهى تعمل على تغيير هذه المبادئ عن طريق إصدار نشرات وتأليف خلايا وترويج الأفكار التي من شأنها قيام حكم الطبقة العاملة في مصر وسلطانها المطلق والقضاء على طبقة الملاك والرأسماليين وإلغاء الملكية الخاصة وقاموا فعلا بترويج هذه المبادئ.
وحيث إن المحكمة المطعون في حكمها بعد اطلاعها على التحقيقات وأوراق الدعوى, ناقشت في حكمها آراء الشراح في صدد تعريف الجريمة السياسية ثم قالت: "وحيث إن العفو الشامل بطبيعته هو عمل من أعمال السلطة العامة لا يقصد به عادة, وكما حدث في عهود ماضية إلا إسدال ستار النسيان على بعض الجرائم التي ارتكبت في ظروف ومناسبات خاصة, وهو يمحو عن الفعل الذي وقع صفته الجنائية وآثار ذلك, وإذا جاز للشارع أن يعفو عن المجرم السياسي لاعتبارات مختلفة يرجع غالبها إلى اعتقاده بخطأ السياسيين الذين مضوا, أو النظام السياسي الذي كان قائما وقت ارتكابه الفعل, فإن هذه الاعتبارات لا يمكن أن تكون محل نظر عند بحث جرائم الشيوعية التي أساسها قلب النظم الأساسية للمجتمع, أو التي ترمى كما نصت المادة 98 بفقراتها إلى تسويد طبقة اجتماعية على طبقة أو طبقات أخرى, أو للقضاء على طبقة اجتماعية أو على تحبيذ أو ترويج المذاهب التي تهدف إلى شئ من ذلك متى كان استعمال القوة أو الإرهاب أو وسيلة أخرى غير مشروعة ملحوظا في ذلك". ولما كانت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952 قد نصت على أن: "يعفى عفوا شاملا عن الجنايات والجنح والشروع فيهما التي ارتكبت لسبب أو لغرض سياسي وتكون متعلقة بالشئون الداخلية للبلاد, وذلك في المدة بين 26 أغسطس سنة 1936 و23 يوليه سنة 1952 ويأخذ حكم الجريمة السابقة كل جريمة أخرى اقترنت بها أو تقدمتها أو تلتها وكان القصد منها التأهب لفعلها أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب والتخلص من العقوبة أو إيوائهم أو إخفاء أدلة الجريمة", وكانت المذكرة الإيضاحية قد أشارت إلى الغرض من تشريع قانون العفو فيما قالته من أن حكمه لا يتناول إلا ماله اتصال بالشئون السياسية الداخلية للبلاد, وهذا التحديد الذي نص عليه الشارع, ثم شفعه باستثناء الجرائم المضرة بأمن الدولة من جهة الخارج, فيه ما يكفي للرد على ما قاله الطاعن من أن الجرائم المضرة بأمن الدولة عموما ومنها الجريمة المسندة إليه هى من الجرائم السياسية, وليس للطاعن حجة في ورود هذا الاستثناء مقصورا على الجرائم المضرة بأمن الدولة من جهة الخارج, دون ما يضر بأمن الدولة من جهة الداخل, لأن الشارع - كتصريحه في المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون العفو - إنما نص على هذا الاستثناء زيادة في إيضاح الحد الذي وضعه أساسا للتمييز بين ما يدخل في حكم ما يعفى عنه من الجرائم وما يدخل - لما كان ذلك فإن الشارع يكون قد عين حدود الجريمة السياسية التي قصد شمولها بالعفو. ولما كانت التهمة المسندة إلى الطاعن تتجاوز هذه الحدود إلى مجال آخر هو العمل على قلب النظم الاجتماعية والاقتصادية والقضاء على طبقة أو طبقات اجتماعية وتسويد طبقة على سائر الطبقات, فإن الحكم إذ قضى بعدم شمولها بقانون العفو يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا ولا محل بعد ذلك لمجاراة الطاعن فيما يجادل فيه بالنسبة إلى حقيقة المذهب الشيوعي ومبادئه, وما إذا كان يهدف إلى أغراض سياسية قريبة أو بعيدة إلى جانب أهدافه الاجتماعية والاقتصادية, ذلك بأن مرسوم العفو لا يشمل إلا الجرائم السياسية التي عينها والجرائم المرتبطة بها في الحدود التي نص عليها.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق