الصفحات

الخميس، 22 أغسطس 2024

الطعن 1366 لسنة 93 ق جلسة 4 / 2 / 2024

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الأحد ( ج )
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / سعيد فنجري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / سيد حامد وضياء الدين جبريل زيادة " نائبي رئيس المحكمة " وحاتم عمر وعماد الدين صدقي عيسى

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / مصطفى حنفي.

وأمين السر السيد / هشام موسى إبراهيم.

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بمدينة القاهرة.
في يوم الأحد 23 من رجب سنة 1445 ه الموافق 4 من فبراير سنة 2024 م.
أصدرت الحكم الآتي :-
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 1366 لسنة 93 القضائية.

المرفوع من:
...... " المحكوم عليه "
ضد
النيابة العامة

----------------

" الوقائع "

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم ۱۲۱۳۰ لسنة ۲۰۲۲ مركز ملوي (والمقيدة بالجدول الكلي برقم ١٦٣٩ لسنة ۲۰۲۲ جنوب المنيا)
بأنه في يوم 11 من يونيه سنة ۲۰۲۲ بدائرة مركز ملوي - محافظة المنيا :-
1 - هتك عرض المجني عليها الطفلة / ..... - ٩ سنوات - بالقوة بان انتهز سقوطها أرضاً فاصطحبها إلى داخل منزلة زاعما تهدئتها من روعها وما أن انفرد بها حتى استقدمها نحوه وقربها إليه واسجاها فوق مرقدة حسر عنها بنطالها ونزع ثيابه عنه وأولج قضيبه بين ردفيها على النحو المبين بالتحقيقات.
2 - أحرز جوهراً مخدراً حشيشاً وكان ذلك بقصد التعاطي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
وأحالته إلى محكمة جنايات المنيا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى والد المجني عليها - بوكيل عنه - مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسة عشر ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بجلسة 15 من نوفمبر سنة ۲۰۲۲ وعملاً بالمادة ٢٦٨/ ١ ، ٢ من قانون العقوبات، والمواد ۱ ، ۲ ، ۳۷/ 1 من القانون رقم ١۸۲ لسنة ۱۹٦٠ المعدل بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ۱۹۸۹ والبند رقم "٥٦" من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم ٤٦ لسنة ۱۹۹۷ مع إعمال المادة ۱۷ من قانون العقوبات، والمادة 309/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، بمعاقبة المتهم / ..... أولاً : بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات عن التهمة الأولى، ثانياً : بالحبس مع الشغل لمدة سنة وغرامة عشرة آلاف جنيه عن التهمة الثانية وإلزامه بالمصاريف الجنائية وبإحالة الدعوي المدنية للمحكمة المدنية المختصة.
وبتاريخ 2 من يناير سنة ۲۰۲۳ قرر المحكوم عليه بشخصه من أمام قلم كتاب المحكمة المختصة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
وبتاريخ 10 من أكتوبر سنة ٢٠٢٣ أودعت مذكرة بأسباب الطعن للمحكوم عليه موقع عليها من الأستاذ/ ...... المحامي وهي من المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة النقض.
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
---------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر قانوناً.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي هتك عرض طفلة لم تبلغ الثامنة عشر من العمر بالقوة، وإحراز جوهر (الحشيش) المخدر بقصد التعاطي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه حُرر في عبارات عامة مجملة وخلا من بيان كافٍ لواقعة الدعوى وأدلتها ومضمونها بياناً تتحقق به أركان الجريمتين اللتين دانه بهما، لا سيما وأنه لم يورد مضمون أقوال شهود الإثبات في بيان وافٍ، وتساند إلى أدلة لا تصلح، معولاً في ذلك على أقوال شهود الإثبات رغم تناقض وتعدد رواياتهم بمحضر جمع الاستدلالات عنها بتحقيقات النيابة، وحداثة سن من سئلوا على سبيل الاستدلال ودون حلف يمين وقرابتهم للمجني عليها ووجود خصومة ثأرية مع طرفي الواقعة مما ينبئ عن الكيدية، ولم يفطن إلى أن التحريات لم تتوصل إلى حقيقة الواقعة وقطعت بوجود خلافات سابقة، ودانه رغم بطلان إجراءات أخذ العينة لانتفاء حالة التلبس، وعول على الدليل المستمد من تلك الإجراءات رغم بطلانها، وعول على نتيجة فحص الكاشف الاستدلالي السريع رغم عدم دقتها وعشوائيتها وإمكانية وقوع الخطأ في نتائجه، ولا يصلح سنداً للإدانة، غافلاً عما قدمه من مستندات، وطلبه القضاء بالبراءة، وأخيراً دانه دون أن يُعمل في حقه قاعدة أن الأصل في الإنسان افتراض البراءة، الأمر الذى يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي، وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة، والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، وكان تحصيل المحكمة للواقعة وأدلتها قد جاء كافياً ووافياً للإحاطة بها وواضحاً في الدلالة على أن المحكمة قد ألمت بظروفها والأدلة والقرائن عليها ودانت الطاعن وهي على بصر وبصيرة وبينة من أمرها، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الفعل المادي في جريمة هتك العرض؛ يتحقق بأي فعل مخل بالحياء العرضي للمجنى عليها ويستطيل على جسمها، ويخدش عاطفة الحياء عندها من هذه الناحية، ولا يلزم الكشف عن عورتها، بل يكفي لتوافر هذا الركن أن يكون الفعل الواقع على جسدها قد بلغ من الفحش والإخلال بالحياء العرضي درجة تسوغ اعتباره هتك عرض سواء أكان بلوغها هذه الدرجة قد تحقق عن طريق الكشف عن عورة من عورات المجني عليها أم عن غير هذا الطريق، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة هتك العرض يتحقق بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل، ولا عبرة بما يكون قد دفع الجاني إلى فعلته أو بالغرض الذي توخاه منها، وكان ما أورده الحكم كافياً لإثبات توافر هذه الجريمة بأركانها بما فيها ركناها المادي والمعنوي، ولا يلزم أن يتحدث الحكم عنهما على استقلال، متى كان فيما أورده من وقائع، وظروف ما يكفي للدلالة على قيامها، فإنه ينتفي عن الحكم قالة القصور في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمواد المخدرة اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأي صورة عن علم وإرادة، إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن هذا الركن، بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفى للدلالة عليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في منطق سائغ وتدليل مقبول أن عينتي دم وبول الطاعن ثبت احتواؤها على مخدر الحشيش وهو ما يكفى للتدليل على إحرازه لمخدر الحشيش وعلى علمه بكنهه لدى تعاطيه، فإن ما ينعاه في هذا الصدد غير سديد. لمَّا كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في نطاق سلطتها التقديرية إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، واطمأنت كذلك إلى أقوال شهود الإثبات وتقرير مستشفى الصحة وعلاج الادمان بالمنيا ومعاينة النيابة العامة لمكان الواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في القوة التدليلية لهذه الأدلة أو في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة والقول بأنها غير صالحة كدليل إدانة محض جدل في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب، ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه، طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها، أو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة، وأن قرابة الشاهد للمجنى عليها لا تمنع من الأخذ بأقواله متى اقتنعت المحكمة بصدقها، وكما أن القانون قد أجاز سماع الشهود الذين لم تبلغ سنهم أربع عشرة سنة بدون حلف يمين على سبيل الاستدلال، ولم يحرم على القاضي الأخذ بتلك الأقوال التي يدلى بها على سبيل الاستدلال إذا آنس فيها الصدق، فهي عنصر من عناصر الإثبات يقدره القاضي حسب اقتناعه، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الشهود واقتناعه بحدوث الواقعة على الصورة التي شهدوا بها، فإن منازعة الطاعن حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها أقوال الشهود أو محاولة تجريحها - بمقولة وجود خصومة قائمة أو أخذه بأقوال شهود في الدعوى بحجة أن سؤالهم كان بغير حلف يمين على سبيل الاستدلال ما دام أن الطاعن لا يمارى في قدرة هؤلاء الشهود على التمييز وتحمل الشهادة، إذ أن عدم حلفهم اليمين لا ينفي عن الأقوال التي يدلوا بها أنها شهادة، أو ما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق وكيدية التهمة - ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استند في إثبات التهمتين في حق الطاعن إلى أقوال شهود الإثبات وتقرير مستشفى الصحة وعلاج الادمان بالمنيا ومعاينة النيابة العامة لمكان الواقعة ولم يعول في ذلك على ما تضمنته تحريات الشرطة التي لم يشر إليها في مدوناته، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان إجراءات أخذ العينة من الطاعن من قبل النيابة لانتفاء حالة التلبس هو من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع به أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم تحمل مقوماته نظراً لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض، لما كان الثابت من محضري جلستي المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع ببطلان إجراءات أخذ العينة منه لانتفاء حالة التلبس، وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان فإنه لا يقبل من الطاعن إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، ويضحى منعاه في هذا الخصوص غير مقبول، وفضلاً عن ذلك، أن المادة ٢٩ من قانون الإجراءات الجنائية تجيز لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يستعينوا بأهل الخبرة وأن يطلبوا رأيهم شفهياً أو بالكتابة بغير حلف يمين وكان من المقرر أن عضو النيابة العامة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية له من الاختصاص ما يخوله قانون الإجراءات الجنائية لسائر رجال الضبطية القضائية في الفصلين الأول والثاني من الباب الثاني منه بما في ذلك ما تجيزه لهم المادة ٢٩ من هذا القانون أثناء جمع الاستدلالات من الاستعانة بأهل الخبرة وطلب رأيهم شفهياً أو بالكتابة بغير حلف يمين، كما أن قيام - المختص- بمستشفى الصحة النفسية بأخذ عينة وتحليلها لا تأثير له على سلامة الإجراءات لا سيما أنه جاء تنفيذاً لقرار النيابة العامة، وإذ كان الطاعن لا يماري أن إجراء أخذ العينة قد تم نفاذاً لأمر النيابة العامة، فإن النعي على الحكم بهذا السبب لا يكون له وجه. لمَّا كان ذلك، وكان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته، ومتى كان لا بطلان في أخذ الفني عينة منه على نحو ما سلف، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقواله وما أسفر عنه تحليل عينة بوله ودمه من تعاطيه المخدر في الإدانة، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة، فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى صحة إجراءات أخذ العينة وإلى تقرير فحصها واستندت إلى الرأي الفني وما جاء به من أنه بفحص عينتي بول ودم الطاعن ثبت تعاطيه لجوهر الحشيش المخدر، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض، فضلاً عن أن البين من الاطلاع على محضري جلستي المحاكمة أن الطاعن أو المدافع لم يثر شيئاً مما ورد بوجه نعيه، بشأن أن التقرير لا يصلح سنداً للإدانة، ومن ثم فليس له النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها كما لا يجوز له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من الرجوع إلى محضري جلستي المحاكمة والحكم المطعون فيه أنها خلت من إثبات ما يزعمه الطاعن تقديمه مستندات تأييداً لدفاعه، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن تمحيص تلك المستندات وإبداء رأيها في دلالتها على صحة دفاعه، فضلاً عن أنه من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى والتي تكفي لحمل قضائها- كما هو الحال في الدعوى المطروحة-، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أدلة مستقاة من أقوال شهود الإثبات وتقرير مستشفى الصحة وعلاج الادمان بالمنيا ومعاينة النيابة العامة لمكان الواقعة وهي أدلة مقبولة وسائغة تكفي لحمله ولها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي، وكفلت المحكمة للطاعن الحق في نفيها بالوسائل التي قدرت مُناسبتِها وفقاً للقانون دون أن تقيم قضاءها على افتراض إدانته فإن ما يثيره الطاعن من أن الحكم قد دانه دون أن يُعمل في حقه قرينة البراءة يكون لا محل له، وحسب محكمة النقض أن تُنوه إلى أن الحكم المطعون فيه قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجبة التطبيق فإن خطأه في عدم ذكر مواد قانون الطفل التي دان الطاعن بها لا يبطله ولا يقتضي نقضه اكتفاء بتصحيح أسبابه بإضافة المواد 2 ، 95 ، ١١٦ مكرر من قانون الطفل رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ المعدل، عملاً بالمادة ٤٠ من القانون ٥٧ لسنة ١٩٥٩ في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق