الصفحات

الثلاثاء، 23 يوليو 2024

الطعن 269 لسنة 23 ق جلسة 22 / 11 / 1956 مكتب فني 7 ج 3 ق 132 ص 920

جلسة 22 من نوفمبر سنة 1956

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد ومحمد عبد الواحد على ومحمد متولى عتلم وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

-------------

(132)
القضية رقم 269 سنة 23 القضائية

(أ) ضرائب. رسم الأيلولة. تركة. 

تقدير قيمة عقار موروث موجود في بلد أجنبي لتحصيل رسم الأيلولة. القاعدة في ذلك. القانون رقم 142 سنة 1944.
(ب) حكم "تسبيب كاف". محكمة الموضوع. 

قيام قضاء الحكم على ما حصله من فهم الواقع نتيجة لأقيسة منطقية ليس في بناء مقدماتها قاعدة قانونية يمكن تصور وقوع الخطأ فيها. لا خطأ.
(ج) دفاع. إثبات. 

طلب اتخاذ إجراءات التحقيق. عدم التزام المحكمة باتخاذ إجراءات التحقيق متى رأت في وقائع الدعوى ما يكفي للفصل فيها.

----------------
1 - القاعدة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 36 من القانون رقم 142 سنة 1944 بفرض رسم أيلولة على التركات - من أن تكون قيمة العقارات المخلفة عن المورث مساوية لاثني عشر ضعفا للقيمة الإيجارية السنوية المتخذة أساسا لربط العوائد - هذه القاعدة تسرى على العقارات الموجودة في مصر وكذلك على العقارات الموجودة في البلاد الأجنبية كلما كانت القيمة الإيجارية السنوية لتلك العقارات في هذه البلاد هي المتخذة أساسا لربط عوائد الأملاك عليها - أما إذا لم يكن ثمة قيمة إيجارية متخذة في البلد الأجنبي أساسا لربط العوائد على العقار الموجود في ذلك البلد خضع العقار الموروث في تقدير قيمته إلى طرق التقدير الأخرى المنصوص عليها في المادة 37 من ذلك القانون.
2 - متى أقام الحكم قضاءه على مقتضى ما حصله من فهم الواقع نتيجة لأقيسة منطقية ليس في بناء مقدماتها قاعدة قانونية يمكن تصور وقوع الخطأ فيها فرأى الحكم في ذلك لا معقب عليه.
3 - المحكمة غير ملزمة باتخاذ إجراءات التحقيق إذا كانت ترى في وقائع الدعوى ما يكفي للفصل فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المرحوم أحمد إحسان مورث الطاعنة توفى في يوم 10 من يونيه سنة 1942 وفى يوم 31 من يناير سنة 1950 أصدرت لجنة تقدير التركات قرارا قدرت فيه تركته بمبلغ 168021 جنيها و609 مليمات يخص الطاعنة منه مبلغ 14828 جنيها و459 مليما يستحق عنها ضريبة مقدارها 443 جنيها و138 مليما فطعنت الطاعنة في هذا القرار أمام محكمة مصر الابتدائية وقيد طعنها برقم 1668 سنة 1950 كلى مصر وطلبت الحكم بتخفيض نصيبها من تركة مورثها إلى مبلغ 7024 جنيها و167 مليما مستندة في ذلك إلى الأسباب الآتية: أولا - أن لجنة تقدير التركات استبعدت نصيبها فى الوقف مع أنها مستحقة فيه. ثانيا - حسبت للجنة قيمة منقولات بعوامة للمورث بمبلغ 938 جنيها مع أن هذه المنقولات ليست مملوكة له بل لزوجته. ثالثا - قدرت اللجنة مبلغ 1345 جنيها و171 مليما قيمة مجموعة نقود ذهبية وفضية مع أنها أشياء أثرية لا تدخل فى تقدير ضريبة التركات. رابعا - قدرت اللجنة قيمة منزل تركة المورث باستامبول بمبلغ 52466 جنيها و755 مليما وهذا التقدير مبالغ فيه إذ لو قدرت الضريبة العادية لكانت قيمة المنزل بما فيه من منقولات 6642 جنيها. خامسا - قدرت اللجنة مبلغ 14326 جنيها و414 مليما قيمة إيجارات متأخرة مع أن هذه الديون قد سقطت بمضي المدة. وفي 28 من يناير سنة 1952 قضى بتعديل قرار لجنة تقدير التركات وجعل نصيب الطاعنة فى التركة مبلغ 14661 جنيها و459 مليما أخذا بوجهة نظر الطاعنة فيما يتعلق بالنقود الذهبية والفضية دون غيرها من أوجه اعتراضها، استأنفت الطاعنة هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 85 تجارى مصر سنة 69 القضائية - وفى 8 من يناير سنة 1953 قضى بتأييد الحكم المستأنف. فطعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وطلبت الطاعنة كما طلبت النيابة العامة إحالته إلى الدائرة المدنية فقررت المحكمة إحالته لنظره بجلسة 25 من أكتوبر سنة 1956.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول قصورا في التسبيب وإخلالا بحق الدفاع ذلك أن المطعون عليها قدرت ضمن عناصر التركة ديونا لمورث الطاعنة مقدارها 14326 جنيها و414 مليما مع أن هذه الديون قد سقطت بمضى المدة وقد اعترضت الطاعنة على ذلك أمام محكمة الدرجة الأولى كما كررت اعتراضها أمام محكمة الاستئناف وطلبت ندب خبير ليقوم بتحقيق وجود هذه الديون ولكن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع بغير قوله "إن هذه المحكمة تقر محكمة أول درجة على ما ارتأته بخصوص هذا الاعتراض لما ذكرته من أسباب خصوصا وأن المستأنفة لم تقدم لهذه المحكمة الدليل على ما تدعيه" وتقول الطاعنة إن في هذا الرد إخلالا بحق الدفاع إذ أن كل أوراق التركة تحت يد المطعون عليها والحارس المعين على التركة فلم يكن في مقدور الطاعنة إقامة الدليل على ما يدعيه هذا فضلا عن أن الحكم لم يتناول الرد على طلب الطاعنة ندب خبير لتحقيق واقعة سقوط الديون بمضي المدة وفى ذلك كله قصور في التسبيب مبطل للحكم فضلا عن إخلاله بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود بما أقام الحكم المطعون فيه قضاءه عليه في خصوصه إذ قال "إن المستأنفة - الطاعنة - لم تبين الديون التي تقول إنها سقطت حال حياة المورث في حين أن مصلحة الضرائب ذكرت أن الخبير استبعد كل الديون الي سقطت في حال حياة المورث فتكون أقوالها بشأن ذلك لا دليل عليها" ويبين من ذلك أن دفاع مصلحة الضرائب المطعون عليها كان يستند إلى أنها قد استبعدت الديون التي سقطت حال حياة مورث الطاعنة فكان على الطاعنة إزاء ذلك أن تبين للمحكمة الديون الأخرى التي تدعى أنها سقطت ولم تستبعد على الرغم من سقوطها إذ هي المكلفة بالبيان وإقامة الدليل على ما تدعيه فإذا هي عجزت عن إقامة هذا الدليل ولم تبين الديون التي تدعى سقوطها لتمكن المحكمة بعد هذا البيان من تحقيق الادعاء حق للمحكمة بعد هذا التجهيل أن تأخذ بما تراه كافيا لتكوين عقيدتها فى صحة هذا الادعاء ولا يكون فى أخذها بتقدير المطعون عليها ما يعاب عليه. وليس فى قول الطاعنة إن مستندات التركة وأوراقها لم تكن تحت يدها ما يعفيها من إثبات ما تدعيه إذ رسم لها القانون فى المادة 253 من قانون المرافعات طريق هذا الإثبات إذا كانت أوراق التركة ومستنداتها ليست فى حيازتها كما تدعى، ولا يعيب الحكم المطعون فيه كذلك عدم استجابته إلى ما طلبته الطاعنة من ندب خبير إذ أن المحكمة غير ملزمة باتخاذ إجراءات التحقيق إذا كانت ترى فى وقائع الدعوى ما يكفى للفصل فيها، ويبين من ذلك أن النعى على الحكم بهذا السبب نعى غير سديد فيتعين رفضه.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الآخر خطأ فى تطبيق القانون وفى تأويله من وجهين يتحصل الوجه الأول فى أنها أى الطاعنة استندت فى دفاعها أمام محكمة أول درجة وأمام محكمة الاستئناف إلى أن لجنة تقدير التركات أخطرت فى احتساب قيمة الأثاث الموجود بعوامة للمورث ضمن أصول التركة فى حين أن هذا الأثاث لم يكن مملوكا للمورث بل هو مملوك لزوجته السيدة نافعه محمود عطا ولكن الحكم المطعون فيه أخذ بوجهة نظر الحكم الابتدائى وقضى بصحة إدخال هذا الأثاث ضمن تركة المورث وهو أمر يخالف التطبيق الصحيح للقانون، وهذا النعى مردود بأن ما أقام الحكم المطعون فيه قضاءه عليه فى خصوصه لا يعدو أن يكون استخلاصا لواقعة من واقعات الدعوى استند فيه إلى مصادره الموجود فيها إذ قال: "وحيث إنه بالنسبة للسبب الثانى فإنه لو أن العرف قد جرى على أن المنقولات مملوكة للزوجة المسلمة إلا أن هذه القاعدة لا يمكن تطبيقها فى هذه الدعوى لأنه لم يقم الدليل على أن الأثاث الموجود فى العوامة مملوك للزوجة لأن المورث قد احتفظ فى قصوره بمصر وحلوان واستانبول وعوامته من الأثاث المختلف الأنواع ما لا يمكن معه القول بأن كل ذلك كان أثاث الزوجة وخاصة أن الزوجة نفسها لم تدع هذا الطعن (الملكية) فضلا عن أن المادة 13 من القانون لم تعف من الرسم إلا الأثاث والمفروشات المخصصة لسكن أسرة المتوفى ما دام محتفظا بها لهذا الغرض..." ويبين من ذلك أن الحكم أقام قضاءه على مقتضى ما حصله من فهم الواقع نتيجة لأقيسة منطقية ليس فى بناء مقدماتها قاعدة قانونية يمكن تصور وقوع الخطأ فيها ورأى الحكم فى ذلك لا معقب عليه.
وحيث إن الوجه الآخر يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه أخذ بتقدير لجنة تقدير التركات للمنزل الذى تركه مورث الطاعنة باستانبول وكان هذا التقدير مستندا إلى تقدير خبراء هناك قدروا قيمته بمبلغ 52466 جنيها و755 مليما مع أن الفقرة الثانية من المادة 36 من القانون رقم 142 سنة 1944 بفرض رسم أيلولة على التركات تنص على أنه "تقدر قيمة الأملاك الخاضعة لعوائد المبانى بما يعادل إثنى عشر مثلا من القيمة الإيجارية السنوية المتخذة أساسا لربط العوائد" وهذا القانون هو الواجب تطبيقه على كل عناصر التركة سواء فى ذلك ما كان موجودا منها فى مصر أو فى خارج مصر، وقد قدمت الطاعنة أوراقا رسمية صادرة من الحكومة التركية تفيد ربط عوائد على المنزل فى استانبول وتبين قيمته الإيجارية، فكان يجب أن يكون التقدير مستندا إلى ذلك تطبيقا للقانون ولكن الحكم المطعون فيه فرق فى ذلك بين العقارات الموجودة فى مصر والعقارات الموجودة فى الخارج فقال إن طريقة التقدير التى نصت عليها الفقرة الثانية من المادة 36 خاصة بالعقارات الموجودة فى مصر دون تلك الموجودة فى الخارج وفى ذلك مخالفة للقانون.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه إذ تحدث عن تقدير قيمة منزل استانبول أنه قال "وحيث إن محامى المستأنفة - الطاعنة - طلب فرض الضريبة فى القطر المصرى على سراى استانبول طبقا لبيان الحكومة العثمانية المقدمة صورته عن القيمة الإيجارية لهذا العقار المعتبرة أساسا لتقدير الضريبة عليه من تاريخ وفاة المتوفى سواء كان ذلك عن المنزل أو عن الأرض المتصلة به وقد تبين من الجواب الرسمى للحكومة التركية أن القيمة التى اعتبرت أساسا لفرض الضريبة هى 19200 ليرة عثمانية عن المنزل و1600 ليرة عن الأرض الفضاء، وأن الإيراد السنوى عنهما هو 2600 ليرة عثمانية ولهذا يجب فرض الضريبة فى القطر المصرى على هذا الأساس". ثم قال الحكم ردا على هذا الدفاع: "وحيث كما أن الأصل فى فرض الضريبة على إيراد رؤوس الأموال المنقولة تحسب أو تربط على مقدار الأرباح الحقيقية، كما نصت على ذلك المادتان 43 و45 من القانون رقم 14 لسنة 1939 فإن الأصل أيضا أن رسم الأيلولة يحسب على القيمة الحقيقة للتركة. وهذه القاعدة إذا كان لم يرد بها نص صريح فى القانون رقم 142 سنة 1944 المعدل بالقانون رقم 27 لسنة 1950 فإن العدل وروح القانون يفرضها. وإذا كانت المادة 36 من القانون رقم 142 سنة 1944 قد ذكرت الأسس التى يكون تقدير قيمة التركة بمقتضاها فذلك إنما لغرض الوصول إلى القيمة الحقيقة للتركة وقد نصت الفقرة الثانية من تلك المادة على أن الأملاك الخاضعة لعوائد المبانى تقدر قيمتها بما يعدل اثنى عشر مثلا للقيمة الإيجارية السنوية المتخذة أساسا لربط العوائد والمفهوم أن المشرع يقصد الأملاك الموجودة فى مصر...".
وحيث إن هذا الذى أقام الحكم المطعون فيه قضاءه عليه مخالف للقانون ذلك أن المشرع إذ وضع أساسا لتقدير قيمة العقارات المخلفة عن المورث فنص فى المادة 36/ 2 من القانون رقم 142 سنة 1944 بأن تكون هذه القيمة مساوية لاثنى عشر ضعفا للقيمة الإيجارية السنوية المتخذة أساسا لربط العوائد رأى أن هذا التقدير الحكمى لقيمة العقار يمثل الحد الذى يكفى لفرض رسم عليه فى نظير أيلولة العقار إلى ورثة المتوفى وقد قصد المشرع من وضع قاعدة لهذا التقدير الحكمى أن يتفادى المجادلة فى تقدير قيمة العقار من جهة وعدم إخضاعها للظروف المختلفة التى تؤثر فى التقدير من جهة أخرى سواء أكان العقار فى مصر أو خارجها لقيام حكمة النص فى الحالتين، ولو أن القصد انصرف إلى قصر القاعدة على ما هو موجود من العقارات فى مصر دون تلك الموجودة فى الخارج لما أعوز المشرع النص على ذلك ولوضع القاعدة التى تتبع فى تقدير تلك العقارات أسوة بما فعل فى شأن السندات والأوراق المصرية والأجنبية فقد نص فى الفقرة الثالثة من المادة 36 على التفرقة بين ما هو مقيد منها بالبورصات المصرية وما هو غير مقيد بها ووضع قواعد خاصة لتقدير قيمة كل من النوعين على حدة كما نظم طريق الطعن فى تقدير قيمة ما ليس معتبرا بالبورصات المصرية، وفى ذلك ما يدل على أن المشرع قصد إلى تعميم القاعدة المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة 36 على العقارات الموجودة فى البلاد الأجنبية كلما كانت القيمة الإيجارية السنوية لتلك العقارات هى المتخذة أساسا لربط عوائد الأملاك عليها ويبدو أن هذا هو الحال فى الجمهورية التركية إذ يؤخذ من المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 56 سنة 1954 المعدل للأمر العالى الصادر فى 13 من مارس سنة 1884 بشأن ربط العوائد على الأملاك المبينة أن أساس ربط العوائد في تركيا مماثل للأساس الذى وضعه المشرع المصري وقد استأنس المشرع بالتشريع التركي عند وضع القانون - أما إذا لم يكن ثمة قيمة إيجارية متخذة في بلد أجنبي أساسا لربط العوائد على العقار الموجود في ذلك البلد الأجنبي خضع العقار الموروث فى تقدير قيمته إلى طرق التقدير الأخرى المنصوص عليها فى المادة 37 من هذا القانون.
وحيث إنه لذلك يكون النعي على الحكم بهذا الوجه فى محله ويتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا في خصوص قضائه بالأخذ بتقدير لجنة تقدير التركات لقيمة منزل مورث الطاعنة باستانبول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق