الصفحات

الثلاثاء، 23 يوليو 2024

الطعن 16 لسنة 23 ق جلسة 22 / 11 / 1956 مكتب فني 7 ج 3 ق 131 ص 914

جلسة 22 من نوفمبر سنة 1956

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: اسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد على، ومحمد متولى عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

-----------------

(131)
القضية رقم 16 سنة 23 القضائية

(أ) عمل. تأديب. تعويض. فسخ. 

فصل رب العمل العامل لتغيبه عن عمله دون سبب مشروع أكثر من سبعة أيام متوالية. قيام العامل برفع الدعوى مطالبا بالتعويض عن فسخ العقد. الحكم بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي واقعة الغياب المشار إليها. اعتراض العامل على هذا الحكم بمقولة عدم اتباع رب العمل قبل الفصل قواعد التأديب المنصوص عليها في قرار وزير الشئون الاجتماعية الصادر في 8/ 8/ 1945. غير جائز.
(ب) شهادة. إثبات. "الشهود والبينة". 

حق محكمة الموضوع في الأخذ بأقوال شاهد دون آخر وببعض أقوال الشاهد.

----------------
1 - إذا فصل رب العمل العامل لانقطاعه عن عمله دون سبب مشروع أكثر من سبعة أيام متوالية استنادا إلى ما تخوله إياه الفقرة الخامسة من المادة 30 من القانون رقم 41 لسنة 1944 ورفع العامل الدعوى مطالبا بتعويض عن فسخ العقد فأحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفى واقعة غياب العامل عن عمله دون سبب مشروع أكثر من سبعة أيام متوالية، فلا يجوز للعامل الاعتراض على هذا الحكم بمقولة إن رب العمل لم يتبع قبل الفصل قواعد التأديب المنصوص عليها في قرار وزير الشئون الاجتماعية الصادر في 8/ 8/ 1945 من وجوب إخطاره كتابة بما نسب إليه التحقيق معه فيما وقع منه وسماع دفاعه وتدوين ذلك كله في محضر يحفظ بالمحل.
2 - لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال شاهد دون آخر وأن تأخذ ببعض أقوال الشاهد مما ترتاح إليه وتثق به دون البعض الآخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع الدعوى - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن رفع الدعوى الابتدائية رقم 1621 سنة 1947 كلي مصر ضد المطعون عليهما بصفتهما ممثلي شركة مخازن التبريد المتحدة وقال بأن الشركة تعاقدت معه في 28/ 6/ 1946 على تعيينه مديرا للقسم التجاري بها بمرتب شهري قدره 40 جنيها مع نسبة قدرها 5% من صافي أرباح هذا القسم إلا أن نشاطه المتواصل في عمله لم يصادف هوى لدى المطعون عليه الثاني الذي أخذ يضع العراقيل في سبيله حتى انتهى به الأمر إلى أن أصدر في 13/ 11/ 1946 أمرا تعسفيا بفصله اعتبارا من يوم 4 من نوفمبر سنة 1946 تأسيسا على واقعة غير صحيحة وهى أنه انقطع عن العمل من التاريخ المذكور مع وقائع أخرى مختلفة ولذا طلب الحكم بإلزام المطعون عليهما بصفتهما بأن يدفعا له مبلغ 800 جنيه باعتبار أن هذا المبلغ هو قيمة الأجر المستحق له عن المدة الباقية من العقد وقدرها عشرون شهرا مع الاحتفاظ بباقي حقوقه التي يخولها له عقد العمل ودفع المطعون عليهما الدعوى بأن الطاعن أخل بواجبه كموظف إخلالا خطيرا لجملة اعتبارات تبيح للشركة فسخ العقد بدون تعويض طبقا للمادة 30/ 6 من قانون عقد العمل الفردي رقم 41 لسنة 1944 - وبتاريخ 15/ 1/ 1948 قضت محكمة أول درجة برفض دعوى الطاعن وإلزامه بالمصروفات و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة فاستأنف هذا الحكم بالقضية رقم 338 سنة 66 ق لدى محكمة استئناف القاهرة التي حكمت في 29/ 10/ 1950 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهما بكافة الطرق القانونية أن الطاعن تغيب عن عمله أكثر من سبعة أيام متوالية بدون سبب مشروع ولينفي هو ذلك بنفس الطرق - وبعد سماع شهود الطرفين قضت بتاريخ 13/ 5/ 1951 في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته على الدائرة المدنية وأبدت النيابة العامة رأيها برفض الطعن.
وحيث إن الطعن بنى على أربعة أسباب يتحصل السبب الأول منها والشق الأول من السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وجاء قاصر التسبيب ذلك أنه أغفل تطبيق أحكام القرار الوزاري الصادر من وزير الشئون الاجتماعية بتاريخ 8/ 8/ 1945 بشأن القواعد التي يتحتم اتباعها في تأديب العمال وأيد الحكم الابتدائي الذي أقر فصل الطاعن من عمله بغير مكافأة وبدون سبق إعلانه في حين أوجب القرار الوزاري المذكور على رب العمل مراعاة إجراءات معينه قبل توقيع أي جزاء تأديبي على العامل وقد تمسك الطاعن في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون عليهما لم يتخذا شيئا من الإجراءات التي نص عليها القرار الوزاري المشار إليه من وجوب إخطاره كتابة بما نسب إليه والتحقيق معه فيه وسماع دفاعه عنه وتدوين ذلك كله في محضر يحفظ بالمحل إلا أن الحكم لم يلتفت إلى هذا الدفاع ولم يرد عليه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه وإن جاز اعتبارا فسخ عقد العمل دون مكافأة ودون سبق إعلان العامل في الحالات المبينة في المادة 30 من القانون رقم 41 لسنة 1944 ومنها ما جاء في الفقرة الخامسة من هذه المادة من تغيب العامل دون سبب مشروع أكثر من سبعة أيام متوالية - من الجزاءات التأديبية، وكانت المادة الثامنة من قرارات وزير الشئون الاجتماعية الصادر فى 8/ 8/ 1945 بشأن القواعد التي تتبع في تأديب العمال تنص على أنه "لا يجوز توقيع العقوبة على العامل إلا بعد إخطاره كتابة بما نسب إليه وبعد التحقيق معه فيما وقع منه وسماع دفاعه وتدوين ذلك كله فى محضر يحفظ بالمحل، ولا يسرى هذا الحكم على عقوبة الإنذار أو الغرامة التي لا تتجاوز أجر ثلاثة أيام" وكانت هذه الإجراءات مما يتعين على رب العمل اتباعها باعتبارها من النظام العام الذى كلفته المادة 40 من القانون رقم 41 لسنة 1944 بما نصت عليه عقوبة جنائية لمخالفة بعض أحكام هذا القانون وكذا القرارات الوزارية الصادرة بتنفيذه ومنها قرار 8/ 8/ 1945 سالف الذكر وكان إغفال اتباع قواعد التأديب المنصوص عليها في هذا القرار قبل توقيع جزاء الفصل التأديبي على العامل مما يترتب عليه بطلان هذا الجزاء إلا أن هذا البطلان الذي يشوب الجزاء التأديبي بسبب ما لحقه من عيب شكلي لا يستتبع حتما القضاء للعامل بالتعويض عن فسخ العقد بغير بحث في صحة الأسباب التي بني عليها هذا الفسخ ذلك أن لرب العمل أن يتمسك عند مجابهته بدعوى التعويض بأن العامل لم يقم من جانبه بالتزاماته المشروطة في عقد العمل وفي القانون وللمحكمة أن تكلفه بإثبات ما وقع من العامل مما كان يقتضي فسخ العقد وأن تبيح للعامل نفى ما نسب إليه وأن تحكم على هدى ما يتضح لها من هذا التحقيق فى جميع الأحوال سواء أكانت قواعد التأديب قد اتبعت قبل فسخ العقد أو لم تتبع. فمتى كان الثابت - كما هو الحال في الدعوى - أن محكمة الموضوع أحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفى واقعة غياب الطاعن عن عمله دون سبب مشروع أكثر من سبعة أيام متوالية، ثم حكمت بناء على ما استخلصته من هذا التحقيق بأن فسخ العقد كان في محله ورفضت دعوى التعويض ولم تلتفت إلى ما أثاره الطاعن من عدم اتباع قواعد التأديب قبل الفسخ فإنها لا تكون قد خالفت القانون أو شاب حكمها القصور.
وحيث إن حاصل السبب الثالث والشق الثاني من السبب الثاني أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد شابه المسخ والقصور إذ انحرف بالمعنى الظاهر لوظيفة الطاعن المنصوص عليها في عقد العمل بأنها "مدير القسم التجاري بالشركة" وامتد بها لكي تشمل الإشراف على مصنع النشا، ومدى صلاحيته رغم وجود موظف فنى غير مسئول عن هذه الصناعة ولم يورد الحكم في أسبابه من الاعتبارات المعقولة ما يبرر عدوله عن المعنى الظاهر لعبارة العقد إلى المعنى الذى ذهب إليه. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه لم يرد على ما تمسك به الطاعن في دفاعه من عدم جواز تحميله مسئولية الإشراف على صناعة النشا ومدى صلاحية هذه المادة لخروج ذلك عن العمل المتفق عليه والذي لا يجوز تكليفه بغيره عملا بالمادة 19 من القانون رقم 41 لسنة 1944 الخاص بعقد العمل الفردي.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه غير منتج ذلك أن الحكم المطعون فيه استند إلى أسباب تختلف عن أسباب الحكم الابتدائي ولا علاقة لها بتفسير عقد الاتفاق المعقود بين الطاعن والشركة بشأن العمل الموكول إليه بل أقيم قضاؤه على ما ثبت من تغيبه عن العمل أكثر من سبعة أيام متوالية بدون سبب مشروع.
وحيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في الإسناد إذ نسب إلى الشاهد محمود محمد عطيه فيما استخلصه من شهادته فى التحقيق الذى جعله دعامته الوحيدة أنه قرر أن الطاعن لم يكن يحضر إلى الشركة لتأدية أي عمل في حين أن الثابت من أقوال هذا الشاهد أن الطاعن كان يحضر عنده كل يوم وكان يمر على التجار يوميا كعادته.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن ما استخلصه الحكم المطعون فيه من انقطاع الطاعن عن العمل في المحل الذى كلف بنقل مكتبه إليه ومن "أن حضوره إلى المركز الرئيسي للشركة كما قال شاهده على أفندي محمد عطية لم يكن لتأدية أي عمل وإنما كان لكتابة خطابات بالاعتراض على نقله ولمعرفة نتيجة وساطة هذا الشاهد لدى المستأنف عليه الثاني لإلغاء هذا النقل" له أصله الثابت في محضر التحقيق إذ يبين من الاطلاع على الصورة الرسمية لهذا المحضر - المقدمة بحافظة مستندات الطاعن بملف الطعن - أن الشاهد المشار إليه - وصحة اسمه محمود محمد عطيه - قال في شهادته إن الطاعن "لم يذهب إلى مقره الجديد إنما كان يأتي يوميا إلى في المكتب لأنه لم يقطع الأمل من إلغاء هذا الأمر (أي أمر النقل) وفي نفس مكتبي كتب بضع خطابات اعتراض لحضرة عضو مجلس الإدارة المنتدب" وأن هذا الشاهد أيضا ردا على سؤال "هل تجزم أن المستأنف كان في الفترة بين 4 و13 من نوفمبر سنة 1946 قد باشر عملا من أعمال الشركة" أجاب بقوله "هو لم يقدم لى أى عمل والمعتاد أنه بعد أن يمر على التجار يحضر كشف بالمطلوبات لهؤلاء التجار وعليه توقيعه وأنا أعتمده ونرسله للمخزنجي لتنفيذه وهو لم يقدم لي أي شيء..." ولما كان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال شاهد دون آخر وأن تأخذ بعض أقوال الشاهد مما ترتاح إليه وتثق به دون البعض الآخر وكان ما أخذ به الحكم المطعون فيه من أقوال هذا الشاهد له أصله الثابت في شهادته بمحضر التحقيق على ما سلف بيانه فان الحكم لا يكون قد شابه أي خطأ في الإسناد.
وحيث إنه تأسيسا على ما تقدم يكون الطعن في غير محله متعينا رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق