الصفحات

السبت، 30 سبتمبر 2023

الطعن 771 لسنة 5 ق جلسة 19 / 11 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 25 ص 162

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل ومحمود محمد إبراهيم وأبو الوفا زهدي محمد المستشارين.

-----------------

(25)

القضية رقم 771 لسنة 5 القضائية

دعوى - طلبات في الدعوى - رسوم قضائية 

- اشتمال الدعوى على طلبين أحدهما أصلي والآخر احتياطي - لا يترتب عليه اعتبارها مشتملة على طلبات متعددة - استحقاق أرجح الرسمين للخزانة - الحكم باستبعاد الطلب الاحتياطي بحجة عدم تسديد رسمه - غير سديد طالما أن الرسم المستحق على الطلب الأصلي قد دفع وكان مساوياً لرسم الطلب الاحتياطي - أساس ذلك - الفقرة الرابعة من المادة السادسة من لائحة الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية الصادر بها القانون رقم 90 لسنة 1944.

---------------
إن تقدم المدعي بطلب أصلي وآخر احتياطي لا يترتب عليه اعتبار الدعوى مشتملة على طلبات متعددة يتعدد الرسم المستحق على كل منها؛ ذلك أن المدعي لا يطلب الحكم له بالطلبين الأصلي والاحتياطي معاً وإنما يطلب الحكم بواحد منهما فقط واختار أحدهما بصفة أصلية والآخر بصفة احتياطية في حالة رفض الطلب الأصلي، وقد نصت الفقرة الرابعة من المادة السابعة من لائحة الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية الصادر بها القانون رقم 90 لسنة 1944 على أنه "في حالة وجود طلبات تبعية لبعض الطلبات الأصلية يستحق أرجح الرسمين للخزانة. كذلك يكون الحكم في حالة ما إذا كانت بعض الطلبات مقدمة للمحكمة على سبيل الخيرة فيكتفي بالنسبة لها وللطلبات الأخرى محل الخيرة بأرجح الرسمين للخزانة".
وترتيباً على ذلك فإنه إذا كان الطلب الأصلي رسمه ثابت ومساو لرسم الطلب الاحتياطي وقد سدده المدعي حين رفع الدعوى بطلبه الأصلي، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون مخالفاً للقانون فيما قضى به من استبعاد الطلب الاحتياطي.


إجراءات الطعن

بتاريخ 25 من إبريل سنة 1959 أودعت سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن مقدم من السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في الحكم الصادر بجلسة 27 من يوليه سنة 1958 من المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين في القضية رقم 414 لسنة 3 القضائية المرفوعة من حسين خليل خيري ضد وزارة الزراعة والقاضي بقبول الطلب الأصلي شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات وباستبعاد الطلب الثاني الوارد بمذكرة المدعي المودعة سكرتيرية المحكمة في 27 من يوليه سنة 1958 لعدم سداد الرسوم عنه. وينصب طعن السيد رئيس هيئة المفوضين على ما قضى به الحكم بشأن استبعاد الطلب الاحتياطي لعدم سداد الرسوم عنه ويطلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى للمحكمة الإدارية للفصل فيها. أعلنت صحيفة الطعن للحكومة في 14 من يوليه سنة 1959 وللمدعي في 22 منه وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 26 من يونيه سنة 1960 وأحيل إلى المحكمة الإدارية العليا لجلسة 29 من أكتوبر سنة 1960 وبعد سماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما هو ثابت من أوراق الطعن تتحصل في أن المدعي رفع هذه الدعوى ضد وزارة الزراعة أمام المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة المذكورة في 25 من أغسطس سنة 1956 طلب فيها الحكم بإلغاء القرار رقم 1014 الصادر في 7 من مارس سنة 1956 بإجراء ترقيات إلى الدرجة الخامسة (كادر فني متوسط) فيما تضمنه من تخطيه في الترقية في نسبة الاختيار وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال بياناً لدعواه إنه حصل على دبلوم الزراعة المتوسطة في سنة 1937 والتحق بخدمة وزارة الزراعة في 24 من إبريل سنة 1938 في الدرجة الثامنة بفرع التدخين التابع لمصلحة وقاية المزروعات ونقل في 26 من فبراير سنة 1941 إلى قسم التفتيش الزراعي وألحق بفرع تنفيذ القوانين. وفي 10 من يوليه سنة 1951 حصل على دبلوم الدراسات التكميلية الزراعية فوضعته الوزارة في الدرجة السادسة (كادر فني متوسط) من تاريخ حصوله على المؤهل المذكور وقد قدر رئيسه المباشر كفايته في سنة 1954 بمائة درجة فخفضها مدير التفتيش إلى 99 درجة. وفي سنة 1955 قدرت كفايته بمائة درجة ولم يجر عليها رئيس المصلحة أي تغيير وترتب على هذا أن أصبح متوسط كفايته في السنتين 99.5 درجة، وقد تخطته الوزارة في الترقيات التي أجرتها في 30 من يونيه سنة 1955 ولم يتظلم أملاً في الترقية في أول حركة تالية ولكنها تخطته في الحركة التي صدرت في 7 من مارس سنة 1956 بالقرار رقم 1014 مفضلة عليه زميلاً له أحدث منه تخرجاً والتحاقاً بالخدمة وأقدمية في الدرجات الثامنة والسابعة والسادسة هو المهندس عبد السلام حسين حرب الموظف بقسم الكيمياء التابع لمصلحة الزراعة بدعوى أن متوسط تقدير كفايته في العامين السابقين مائة من مائة، والمهندس المذكور حصل على دبلوم الزراعة المتوسطة في سنة 1939 والتحق بالخدمة في سنة 1940 أي أنه لاحق للمدعي في تاريخ التخرج والخدمة والدرجة الثامنة ولئن كان قد حصل على الدرجة السابعة معه إلا أن المدعي سبقه في الحصول على دبلوم الدراسات التكميلية لزراعية فوضع في الدرجة السادسة من 10 من يوليه سنة 1951 في حين أن المطعون في ترقيته وضع فيها من 10 من يونيه سنة 1952. ويقول المدعي إنه وإن كان القانون قد نص على أن المعول عليه هو درجة كفاية الموظف في التقريرين المقدمين عن أعماله في العامين السابقين على الترقية إلا أن المفهوم أن التفاوت بين موظفين بنصف درجة لا يمكن أن يعد مترجماً عن أفضلية أحدهما على الآخر إلا إذا كان واضع التقريرين واحداً أما إذا كانت التقارير من رئيسين مختلفين فلا يمكن أن يضبط المعيار.
وقدم المدعي مذكرة أضاف بها إلى طلباته الواردة في صحيفة الدعوى طلباً بصفة احتياطية في حالة عدم الحكم له بالطلب الأصلي وهو الحكم بإلغاء القرار الصادر في 8 من مارس سنة 1958 بالأمر رقم 1024 بإجراء ترقيات إلى الدرجة الخامسة الفنية المتوسطة فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى هذه الدرجة في نسبة الاختيار مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وأسس طلبه الاحتياطي على أن جميع المرقين بالاختيار ابتداء من السيد فؤاد حلمي إلى آخر من بالكشف جميعهم تالون له في أقدمية الدرجة السادسة وجميعهم لم يحصلوا على مؤهل دراسي بعد دبلوم الزراعة وهو يزيد عنهم في المؤهل العلمي وأقدمية الدرجة السادسة، وتقارير كفايته في العامين السابقين هو مائة في المائة فليس بينهم من يفضله.
وقد أجابت الوزارة على الطلب الأصلي بأن المطعون في ترقيته إلى الدرجة الخامسة الفنية في الحركة الصادر بها القرار رقي في نسبة الاختيار وطبقاً لما تنص عليه المادة 40 من قانون التوظف تكون الترقية إلى الدرجات المخصصة للاختيار حسب ترتيب درجات الكفاية في العامين الأخيرين ومتوسط تقريري المطعون في ترقيته في العامين 1953، 1954 مائة درجة ومتوسط تقريري المدعي في هذين العامين هو 99.5 درجة. وعن الطلب الاحتياطي فقد أجابت الوزارة بأن لجنة شئون الموظفين بالوزارة بجلستيها المنعقدتين في يومي 15، 23 من فبراير سنة 1958 وضعت قواعد للترقية إلى درجات الاختيار وكان الشرط الذي وضعته اللجنة للترقية بالاختيار من الدرجة السادسة إلى الدرجة الخامسة في الكادر الفني العالي هو أن تكون الترقية إلى تلك الدرجة حسب أقدمية الحصول على الدرجة السابعة وبشرط الحصول على مائة درجة في التقريرين السريين الأخيرين وكانت اللجنة تستهدف من وضع تلك القاعدة ترقية الموظفين الأكفاء الممتازين الذين التحقوا بالخدمة من مدة طويلة واكتسبوا من طول هذه المدة خبرة ومزايا مع امتيازهم وكفاءتهم ولم تقصر اللجنة هذه القاعدة على الترقية من الدرجة السادسة إلى الخامسة، بل إنه روعي في الترقية بالاختيار إلى الدرجات السادسة والخامسة والرابعة في هذا الكادر أقدمية الدرجة السابعة مع الحصول على مائة درجة في التقريرين السريين الأخيرين. وفي الكادر الكتابي روعيت أقدمية الدرجة الثامنة في الترقيات بالاختيار إلى الدرجات السابعة والسادسة والخامسة والرابعة. وفي الكادر الفني العالي روعيت أقدمية الدرجة السادسة في الترقية إلى الدرجتين الرابعة والثالثة بالاختيار. والمدعي حصل على دبلوم الزراعة المتوسطة في سنة 1937 وعلى دبلوم الدراسات التكميلية الزراعية سنة 1951 وطبقاً لقانون المعادلات الدراسية اعتبر في الدرجة السابعة من 24 من إبريل سنة 1940 وفي السادسة من 10 من يوليه سنة 1951 وقد حصل على مائة درجة في التقريرين السريين عن عامي 1955 و1956 ولم يدركه الدور للترقية بالأقدمية كما لم تنطبق عليه القاعدة الموضوعة للترقية بالاختيار.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين أصدرت في 27 من يوليه سنة 1958 حكمها المطعون فيه وهو يقضي بقبول الطلب الأصلي شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام المدعي بالمصروفات وباستبعاد الطلب الثاني الوارد بمذكرة المدعي المودعة سكرتيرية المحكمة في 27 من يوليه سنة 1958 لعدم سداد الرسوم عنه. وأقامت قضاءها بالنسبة للطلب الأصلي على أن الترقية بالاختيار بالقرار المطعون فيه تمت في ظل حكم المادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بعد تعديلها بالقانون رقم 579 لسنة 1952 وقبل تعديلها بالقانون رقم 73 لسنة 1957 وأن المطعون ضده حصل على 100 درجة في تقريريه عن عامي 1953، 1954 وهو أعلى من متوسط تقارير من سبقوه في الأقدمية ممن لم تتناولهم الترقية ومنهم المدعي الذي كان متوسط تقريريه السريين في العامين المذكورين 99.5 درجة، وأشارت إلى ما قضت به المحكمة العليا بجلسة 10 من نوفمبر سنة 1956 في الطعن رقم 1443 لسنة 2 القضائية من أن هذه التقديرات لا رقابة للقضاء عليها ولا سبيل إلى مناقشتها لتعلقها بصميم اختصاص الإدارة التي ليس للقضاء أن ينصب نفسه مكانها، ولما كان ثمة فارق فعلي في الدرجات المقدرة ينهض عنصراً مرجحاً لكفة المطعون في ترقيته على زميله في مجال الاختيار للترقية على أساس الكفاية فإن قيام هذا الفارق يشهد بصحة التطبيق القانوني وينفي إساءة استعمال السلطة ويكون القرار المطعون فيه مطابقاً للقانون.
أما عن الطلب الاحتياطي فقد قالت المحكمة أنه منبت الصلة بالطلب الأصلي لاختلاف موضوع كل من الطعنين إذ الطلب الأصلي ينصب على إلغاء قرار 7 من مارس سنة 1956 بينما الطلب الاحتياطي على إلغاء القرار الصادر في 8 من مارس سنة 1958، ومن ثم فلا يمكن اعتبار الطلب الثاني طلباً احتياطياً للطلب الأصلي بل هو في واقع الأمر دعوى إلغاء جديدة موجهة إلى قرار إداري جديد منبت الصلة بالقرار الأصلي، ولما كان المدعي لم يقم بسداد الرسم عن هذا الطلب فإنه تطبيقاً للمادة 13 من القانون رقم 90 الصادر في 19 من يوليه سنة 1944 بتنظيم الرسوم القضائية يستبعد من جدول المحكمة.
ومن حيث إن الطعن ينصب على ما قررته المحكمة من استبعاد الطلب الاحتياطي لعدم سداد الرسوم، ويقوم على أنه طبقاً للمادة السابعة من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية إذا اشتملت الدعوى الواحدة على طلبات متعددة معلومة القيمة ناشئة عن سند واحد قدر الرسم باعتبار مجموع الطلبات فإذا كانت ناشئة عن سندات مختلفة قدر الرسم باعتبار كل سند على حدة. وإذا اشتملت الدعوى على طلبات مجهولة القيمة جميعها أخذ الرسم الثابت عن كل طلب منها على حدة إلا إذا كان بينها ارتباط يجعلها في حكم الطلب الواحد ففي هذه الحالة يستحق بالنسبة لهذه الطلبات رسم واحد. وأن المدعي تقدم بطلب إلغاء القرار الصادر في 8 من يوليه سنة 1958 بصفة احتياطية ولم تكن له مصلحة في مثل هذا الطلب لو أجيب إلى الطلب الأصلي ومن ثم يتعين اعتبارهما في حكم الطلب الواحد ولا يكون ثمة رسم على الطلب الاحتياطي.
ومن حيث إن تقدم المدعي بطلب أصلي وآخر احتياطي لا يترتب عليه اعتبار الدعوى مشتملة على طلبات متعددة يتعدد الرسم المستحق على كل منها؛ ذلك لأن المدعي لا يطلب الحكم له بالطلبين الأصلي والاحتياطي معاً وإنما يطلب الحكم بواحد منهما فقط واختار أحدهما بصفة أصلية والآخر بصفة احتياطية في حالة رفض الطلب الأصلي. وقد نصت الفقرة الرابعة من المادة السابعة من لائحة الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية الصادر بها القانون رقم 90 لسنة 1944 على أنه "في حالة وجود طلبات تبعية لبعض الطلبات الأصلية يستحق أرجح الرسمين للخزانة. كذلك يكون الحكم في حالة ما إذا كان بعض الطلبات مقدمة للمحكمة على سبيل الخيرة فيكتفي بالنسبة لها وللطلبات الأخرى محل الخيرة بأرجح الرسمين للخزانة".
ومن حيث إن الطلب الأصلي رسمه ثابت ومساو لرسم الطلب الاحتياطي وقد سدده المدعي حين رفع الدعوى بطلبه الأصلي؛ ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون مخالفاً للقانون فيما قضى به من استبعاد الطلب الاحتياطي ومن إلزام المدعي بمصروفات الدعوى قبل الفصل في هذا الطلب، ويتعين إلغاؤه وإعادة الدعوى إلى المحكمة الإدارية للفصل في الطلب الاحتياطي وفي مصروفات الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من استبعاد الطلب الاحتياطي ومن إلزام المدعي بالمصروفات وبإعادة القضية للمحكمة الإدارية لوزارة الزراعة للفصل في الطلب الاحتياطي.

الطعن 35 لسنة 31 ق جلسة 23 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 119 ص 820

جلسة 23 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، محمد صادق الرشيدي، وإبراهيم علام، وعثمان زكريا

-----------------

(119)
الطعن رقم 35 لسنة 34 القضائية

مسئولية. "مسئولية تقصيرية". مسئولية المتبوع عن أعمال التابع غير المشروعة".
المادتان 151/ 2 و152 ب من القانون المدني. علاقة التبعية بين التابع والمتبوع. قوامها.

---------------
مقتضى حكم المادتين 151/ 2 و152 من القانون المدني القديم أن علاقة التبعية تقوم على السلطة الفعلية التي تثبت للمتبوع في رقابة التابع وتوجيهه سواء عن طريق العلاقة العقدية أو غيرها وسواء استعمل المتبوع هذه السلطة أو لم يستعملها طالما أنه كان في استطاعته استعمالها (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المرحوم زخريا دوراكسي - مورث الفريق الأول من المطعون ضدهم - أقام الدعوى رقم 207/ 45 مدني كلي شبين الكوم ضد وزارة الأشغال - الطاعنة - وضد المطعون ضد الثاني والمرحوم عبد السلام الفار - مورث الفريق الثالث من المطعون ضدهم - وطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 405 ج و802 م والفوائد. وقال بياناً لدعواه إن الطاعنة أسندت إلى المطعون ضده الثاني ومورث الفريق الثالث من المطعون ضدهم عملية توسيع مصرف منوف، وإذ تسبب هذان الأخيران عند قيامهما بتنفيذ المشروع في إتلاف زراعية بطاطس له في أرض يستأجرها وأقام عليها وعلى الوزارة الطاعنة الدعوى رقم 651/ 45 مستعجل شبين الكوم بطلب إثبات حالة الزراعة التالفة وتقدير ما أصابها من ضرر وقدر الخبير الذي ندبته المحكمة ذلك الضرر بالمبالغ المطالب به فقد أقام دعواه الحالية بطلباته المتقدمة الذكر. وبتاريخ 15 من إبريل سنة 1946 قضت محكمة أول درجة حضورياً بالنسبة للطاعنة وغيابياً بالنسبة للمطعون ضده الثاني ومورث الفريق الثالث من المطعون ضدهم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لمورث الفريق الأول من المطعون ضدهم المبلغ المشار إليه. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 684 سنة 63 ق، وفي 22 مارس سنة 1948 قضت المحكمة بإيقافه حتى يفصل في المعارضة المرفوعة من المحكوم عليهما غيابياً وأثناء نظر المعارضة أدخل مورث الفريق الثالث من المطعون ضدهم المطعون ضده الرابع ضامناً له في الدعوى وطلب الحكم عليه بما عساه أن يحكم به ضده. وبتاريخ 19 مارس سنة 1951 حكمت المحكمة في هذه المعارضة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الفريق الأول من المطعون ضدهم أن المعارضين قاما بتوسيع المصرف المشار إليه وأن عمالهما تسببوا في إتلاف زراعية البطاطس موضوع النزاع بأن ألقوا عليها الأتربة الناتجة من عملية توسيع ذلك المصرف وصرحت لمورث الفريق الثالث من المطعون ضدهم بالنفي. وبعد سماع الشهود حكمت المحكمة في 28 فبراير سنة 1960 في الدعوى الأصلية بإلزام الفريق الثالث من المطعون ضدهم وهم ورثة المرحوم عبد السلام الفار الذي توفى أثناء نظر المعارضة بأن يدفعوا من تركة مورثهم للفريق الأول من المطعون ضدهم مبلغ 405 ج و802 م وفي دعوى الضمان بإلزام المطعون ضده الرابع بأن يدفع لهؤلاء الورثة مبلغ 202 ج و901 م ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وبعد تعجيل وزارة الأشغال - الطاعنة - للاستئناف أحالته المحكمة إلى محكمة استئناف طنطا بعد إنشائها لاختصاصها بنظره، حيث قيد بجدولها تحت رقم 58/ 11 ق. وفي 21 نوفمبر سنة 1963 حكمت هذه المحكمة الأخيرة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت في الأولى منهما الرأي برفض الطعن ودفعت في الثانية ببطلانه بالنسبة للمطعون ضده الرابع لعدم إعلانه بتقرير الطعن والتزمت رأيها في الموضوع وفي الجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أن الطعن رفع في 20 يناير سنة 1964 وقد أدركه قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون. ولما كانت المادة الثالثة من هذا القانون الذي عمل به من تاريخ نشره في 22 يوليه سنة 1965 قد نصت في فقرتها الثانية على أن تتبع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون، وكانت المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 لسنة 1955 الذي أنشأ دوائر فحص الطعون قد أوجبت على الطاعن أن يعلن الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن وإلا كان الطعن باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، وكان مقتضى نص الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون رقم 43 لسنة 1965 ونص المادة 11 من قانون إصداره والمادة الأولى من قانون المرافعات أن ميعاد الخمسة عشر يوماً الذي يجب على الطاعن إعلان الطعن فيه يبدأ من 22 يوليه سنة 1965 وهو تاريخ نشر القانون رقم 43 لسنة 1965، وإذ خلت أوراق الطعن مما يدل على قيام الطاعن بهذا الإعلان خلال هذا الميعاد، وكانت الأوراق خالية أيضاً مما يثبت أن الطاعن قام بإعلان الطعن في الميعاد الذي انفتح بعد ذلك بالقانون رقم 4 لسنة 1967 لاستكمال ما لم يتم من الإجراءات التي يقتضيها نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 ولتصحيح ما لم يصح منها وفقاً لحكم تلك الفقرة، وهذا الميعاد الجديد - طبقاً لما يقضي به نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 4 لسنة 1967 المشار إليه - هو خمسة عشر يوماً تبدأ من تاريخ نشر هذا القانون في 11 مايو سنة 1967 بالنسبة للطعون التي لم تكن قد طرحت وقتئذ على المحكمة ومنها هذا الطعن الذي طرح على المحكمة لأول مرة بجلسة 2 إبريل سنة 1968، لما كان ما تقدم فإنه يتعين وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 431 من قانون المرافعات السالف الإشارة إليه والقضاء ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضده الرابع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لمن عدا المطعون ضده الرابع. وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون وفساد الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه بمسئوليتها على أنه كانت لها سلطة فعلية على المقاول الذي أسندت إليه عملية توسيع المصرف، مع أن البند 55 من عقد المقاولة الخاص بهذا المشروع ينص على أن المقاول وحده هو المسئول عن أخطائه التي تؤدي إلى الإضرار بالغير. وقد أتيح لهذا المقاول أن يهيمن على العمل ويتصرف فيه مستقلاً عن الوزارة بما تنتفي به تبعيته لها وبالتالي مسئولية هذه الأخيرة عن أخطائه. ولا ينهض دليلاً على تبعيته للوزارة ما شهد به المهندس سيد الميرغني محمد المداح الذي وكلت إليه الوزارة الإشراف على تنفيذ المشروع من أنه كان يتولى الرقابة على عمل المقاول طوال المدة التي استغرقتها عملية توسيع المصرف حتى إتمامها وأن هذه الرقابة كانت تقتضي العمل من جانبه على أن يحول دون وقوع المقاول في الأخطاء - ذلك أن مؤدى هذه الأقوال أن إشراف المهندس المذكور إنما كان قاصراً على لفت نظر المقاول إلى الأخطاء الفنية وما يقع في العمل من مخالفته للمواصفات المنصوص عليها في العقد، وإذ استند الحكم إلى أقوال هذا الشاهد ورتب على ذلك اعتبار الوزارة مسئولة عن خطأ المقاول فإنه يكون قد خالف القانون وشابه الفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان مقتضى حكم المادة 151/ 2 والمادة 152 من القانون المدني القديم الذي يحكم واقعة الدعوى أن علاقة التبعية تقوم على السلطة الفعلية التي تثبت للمتبوع في رقابة التابع وتوجيهه سواء عن طريق العلاقة العقدية أو غيرها وسواء استعمل المتبوع هذه السلطة أو لم يستعملها طالما أنه كان في استطاعته استعمالها، وكان يكفي لإلزام رب العمل بتعويض الضرر الذي يلحق بالغير عن فعل المقاول الذي اتفق معه على القيام بعمل له - إذا كان المقاول في مركز التابع لرب العمل على النحو المتقدم - أن يثبت أن الخطأ الذي نجم عن الضرر قد وقع من المقاول، وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بمسئولية الوزارة الطاعنة على قوله "إن تلك السلطة الفعلية المقررة للوزارة المستأنفة (الطاعنة) على المقاولين الذين عهدت إليهم القيام بعملية ذات نفع عام هي توسيع مصرف عمومي إنما يتولى تلك السلطة على هؤلاء المقاولين نيابة عن الحكومة موظفوها المنوط بهم الإشراف على تنفيذ تلك العملية، وقد أقر بذلك بمحضر التحقيق المهندس المشرف على هذه العملية وهو سيد ميرغني محمد المداح بشهادته لدى المحكمة الابتدائية وقد باشر هذا الإشراف والرقابة حتى تمت العملية وتسلم المصرف ومن مقتضيات أعمال وظيفته الحيلولة دون إحداث المقاول أي خطأ عند تنفيذ العملية يستوجب مسئولية الحكومة، فكان على هذا المهندس بما له من سلطة التوجيه والإشراف والمراقبة منع الإتلاف الذي حدث بزراعة مورث المستأنف عليهم الثلاثة الأول (الفريق الأول من المطعون ضدهم)"، وكان هذا الذي قرره الحكم صحيحاً في القانون ويؤدي إلى مساءلة الوزارة الطاعنة عن الفعل الخطأ للمقاولين باعتبارهما تابعين لها بما كان لها من سلطة فعلية عليهما بواسطة موظفيها أثناء قيامها بالعمل المتفق عليه ولم يقتصر عمل هؤلاء الموظفين على مجرد الإشراف الفني بل تجاوزه إلى التدخل الإيجابي في تنفيذ العملية حتى تمت وتسلمت الحكومة المصرف. لما كان ذلك وكان لا وجه للاحتجاج بأن الحكم لم يعمل مقتضى البند 55 من عقد المقاولة المبرم بين الطرفين فيما نص عليه من أن المقاول هو وحده المسئول عن الأضرار التي تصيب الغير من أخطائه وذلك إزاء ما حصله الحكم على النحو المتقدم من ثبوت السلطة الفعلية للوزارة الطاعنة على هذا المقاول في تسيير العمل. لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أنه اكتفى في سبيل التدليل على تبعية مقاول المشروع للطاعنة بما قرره من أن هذه الأخيرة ناطت بالمهندس التابع لها مهمة الإشراف على العمل ورقابته وأنه كان من مقتضيات وظيفته أن يحول دون وقوع المقاول في أخطاء. وإذ لم يكشف الحكم عن سبب هذه التبعية ولم يبين مدى هذا الإشراف ومظهره وما إذا كان قد نتج عنه خطأ أثر في سير الأعمال وأدى إلى الإضرار بالغير أو أن هذا الإشراف اتخذ صورة التدخل الإيجابي من جانب الوزارة في عمليات التنفيذ الموكولة للمقاول فإنه يكون معيباً بالقصور وأضافت الطاعنة أن الحكم عول على ما شهد به ذلك المهندس من أن الوزارة ندبت أحد مهندسي المساحة لمعاينة زراعات أخرى غير الزراعة موضوع النزاع أصابها التلف بسبب أخطاء نفس المقاول وذلك تمهيداً لتعويض أصحابها. وإذ استخلص الحكم من ذلك تسليم الوزارة بمسئوليتها بالنسبة للواقعة موضوع هذه الدعوى، مع أنه بفرض أن الوزارة أبدت استعدادها لتعويض بعض أصحاب الزراعات فإنه لا يصح أن يعد ذلك تسليماً منها بتعويض سواهم، فإن الحكم يكون معيباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي بوجهيه مردود ذلك أنه لما كان الحكم قد أقام قضاءه بمسئولية الوزارة عن فعل المقاول الذي نجم عنه الضرر موضوع النزاع على ثبوت تبعية ذلك المقاول لها بسبب قيام سلطتها الفعلية عليه في الرقابة والتوجيه على النحو الذي جاء في الرد على السبب الأول، وكان هذا الذي قرره الحكم في حدود سلطته التقديرية سائغاً ويكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعي عليه بالقصور يكون على غير أساس. وإذ لا يؤثر في سلامة الحكم ما استطرد إليه بعد ذلك تزيداً عن تسليم الوزارة بمسئوليتها بناء على ما قرره المهندس الذي تولى الإشراف على تنفيذ المشروع من أن الوزارة أبدت استعداداً لتعويض أصحاب الزراعات الأخرى التي تلفت بفعل المقاول، فإن النعي على الحكم بفساد الاستدلال يكون غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن بالنسبة لمن عدا المطعون ضده الرابع.


[(1)] راجع نقض 7/ 11/ 1967 - طعن 22 لسنة 34 ق مج السنة 18 رقم 243 ص 1614.

الطعن 347 لسنة 37 ق جلسة 1 / 2 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 25 ص 131

جلسة أول فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، علي عبد الرحمن، وأحمد صفاء الدين.

-----------------

(25)
الطعن رقم 347 لسنة 37 القضائية

عقد. "العقد الإداري". اختصاص. "الاختصاص الولائي". قضاء مستعجل. تنفيذ. تأميم.
اختصاص القضاء الإداري بالفصل في المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية. صدور حكم في هذه المنازعات بالإلزام. اختصاص القضاء المستعجل بنظر الإشكالات الوقتية المتعلقة بتنفيذه. عكس ذلك المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت والمتصلة بموضوع المنازعات الخارجة من اختصاص القضاء العادي. مثل.

----------------
إنه وإن كانت محكمة القضاء الإداري هي المختصة وحدها بالفصل في المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية، إلا أنه متى صدر الحكم فيها بالإلزام أصبح سنداً يمكن التنفيذ به على أموال المحكوم عليه، فتختص المحاكم المدنية بمراقبة إجراءات التنفيذ، والنظر في مدى صحتها وبطلانها باعتبارها صاحبة الولاية العامة بالفصل في جميع المنازعات المتعلقة بالمال، ويختص القضاء المستعجل باعتباره فرعاً منها بنظر الإشكالات الوقتية المتعلقة بالتنفيذ، إذ لا شأن لهذه الإشكالات بأصل الحق الثابت بالحكم المستشكل فيه، كما أنها لا تعد طعناً على الحكم، وإنما تتصل بالتنفيذ ذاته للتحقق من مطابقته لأحكام القانون، وذلك بخلاف المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت، والتي تتصل بموضوع المنازعات الخارجة عن اختصاص القضاء العادي، والتي قد يرى القاضي المستعجل فيها ما لا يراه قاضي الدعوى، وهي المسائل التي استقر قضاء هذه المحكمة على عدم اختصاص القضاء المستعجل بنظرها. وإذ كان الواقع في الدعوى أن الإشكال المرفوع من المطعون عليه قد قصد به منع التنفيذ على السيارة المملوكة له، استناداً إلى أن الدين المحجوز من أجله الثابت بحكم محكمة القضاء الإداري يتعلق بالمنشأة التي كان يملكها، وأنه لم يعد مسئولاً عن أدائه بعد تأميم هذه المنشأة، وزيادة أصولها عن خصومها، دون أن يكون مبنى الإشكال نزاعاً مما يختص به القضاء الإداري وحده، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى باختصاصه بنظر الإشكال تطبيقاً لنص المادة 49/ 1 من قانون المرافعات السابق يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن وزارة التموين أوقعت بتاريخ 28/ 5/ 1966 حجزاً على سيارة مملوكة لـ....... تنفيذاً للحكم رقم 1165 لسنة 15 قضائية الصادر من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 786 ج والفوائد القانونية والمصاريف، فاستشكل المدين في التنفيذ بالدعوى رقم 58 لسنة 1966 مستعجل سوهاج استناداً إلى أن المنشأة التي صدر بشأنها الدين المحكوم به قد آلت إلى الدولة بمقتضى القانون رقم 51 لسنة 1963، وأن الدولة أصبحت مسئولة عن حقوق المنشأة والتزاماتها السابقة على التأميم في حدود ما آل إليها منها وقد أسفر تقييم المنشأة عن زيادة الأصول عن الخصوم بمبلغ 150 ألف جنيه ودفعت وزارة التموين بعدم اختصاص القضاء المستعجل ولائياً بنظر الدعوى. وبتاريخ 25/ 12/ 1966 حكمت المحكمة بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المستشكل فيه وقضت برفض الدفع في الأسباب، واستأنفت الوزارة هذا الحكم لدى محكمة سوهاج الابتدائية طالبة إلغاءه والحكم بقبول الدفع وقيد الاستئناف برقم 10 لسنة 1967 مستأنف مستعجل سوهاج، وفي 12/ 4/ 1967 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها، وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى على أن الإشكال في تنفيذ الحكم الصادر من القضاء الإداري متى تعلق بالمال ولم يكن مبناه إجراء من الإجراءات أو أمراً من الأمور التي خص بها المشرع جهة القضاء الإداري وإنما كان عن وقائع لاحقة للحكم المستشكل فيه يعتبر عقبة من عقبات التنفيذ التي يختص بنظرها القضاء المستعجل طبقاً لنص المادة 49/ 1 من قانون المرافعات، في حين أن المادة العاشرة من القانون رقم 55 سنة 1959 قد خصت القضاء الإداري وحده بالفصل في المنازعات الخاصة بالعقود الإدارية، وقد ورد لفظ "المنازعات" عاماً ومطلقاً ليشمل المنازعات الموضوعية والمسائل المستعجلة المتفرعة عنها سواء كانت إشكالات في التنفيذ أم دعاوى إثبات حالة أم غيرها من المسائل التي يخشى عليها من فوات الوقت، وهو ما أقرته محكمة النقض في حكمها الصادر في 31/ 3/ 1965، ولما كان الحكم المستشكل في تنفيذه قد صدر من محكمة القضاء الإداري في نزاع ناشئ عن عقد إداري يخرج عن اختصاص القضاء العادي، فإن القضاء المستعجل باعتباره فرعاً منه يكون غير مختص بنظر الإشكال المرفوع عنه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي وبوقف تنفيذ الحكم المستشكل فيه، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إليه في أسبابه قد أقام قضاءه برفض الدفع على "أنه وإن كانت القاعدة الأصلية تقضي بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر المسائل المستعجلة التي تتصل بالمنازعات الموضوعية التي تخرج من ولاية القضاء العادي إلا أنه بالنسبة للإشكالات الوقتية في تنفيذ الأحكام يوجد ثمة اعتبار آخر له أهميته يجب مراعاته عند تطبيقها وهو أن التنفيذ يجري على المال، وأن جهة القضاء العادي التي يتفرع عنها القضاء المستعجل هي صاحبة الولاية العامة في المنازعات المتصلة بالمال، وعلى هذا فإن القضاء المستعجل يختص بالإشكالات الوقتية حتى ولو كان السند المنفذ به يتصل بجهة قضاء أخرى" وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون، ذلك أنه وإن كانت محكمة القضاء الإداري هي المختصة وحدها بالفصل في المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية، إلا أنه متى صدر الحكم فيها بالإلزام أصبح سنداً يمكن التنفيذ به على أموال المحكوم عليه فتختص المحاكم المدنية بمراقبة إجراءات التنفيذ والنظر في مدى صحتها وبطلانها باعتبارها صاحبة الولاية العامة بالفصل في جميع المنازعات المتعلقة بالمال، ويختص القضاء المستعجل باعتباره فرعاً منها بنظر الإشكالات الوقتية المتعلقة بالتنفيذ، إذ لا شأن لهذه الإشكالات بأصل الحق الثابت بالحكم المستشكل فيه، كما أنها لا تعد طعناً على الحكم وإنما تتصل بالتنفيذ ذاته التحقق من مطابقته لأحكام القانون، وذلك بخلاف المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت والتي تتصل بموضوع المنازعات الخارجية عن اختصاص القضاء العادي والتي قد يرى القاضي المستعجل فيها ما لا يراه قاضي الدعوى وهي المسائل التي استقر قضاء هذه المحكمة على عدم اختصاص القضاء المستعجل بنظرها. إذ كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى أن الإشكال المرفوع من المطعون عليه قد قصد به منع التنفيذ على السيارة المملوكة له استناداً إلى أن الدين المحجوز من أجله الثابت بالحكم رقم 1165/ 15 ق محكمة القضاء الإداري يتعلق بالمنشأة التي كان يملكها، وأنه لم يعد مسئولاً عن أدائه بعد تأميم هذه المنشأة وزيادة أصولها عن خصومها دون أن يكون مبنى الإشكال نزاعاً مما يختص به القضاء الإداري، وحده، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى باختصاصه بنظر الإشكال تطبيقاً لنص المادة 49/ 1 من قانون المرافعات يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 695 لسنة 5 ق جلسة 19 / 11 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 24 ص 155

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني ومصطفى كامل إسماعيل وعبد الفتاح بيومي نصار وأبو الوفا زهدي محمد المستشارين.

-------------------

(24)

القضية رقم 695 لسنة 5 القضائية

إعانة غلاء المعيشة - حسابها 

- قرار مجلس الوزراء الصادر في 29/ 10/ 1952 بمنحها الموظفين والمستخدمين والعمال المعينين على اعتمادات مؤقتة - شرط استحقاقها هو استمرار بقائهم في الخدمة مدة سنة - ربطها على المرتب أو الأجر المقرر للمؤهل أو المقرر طبقاً لقواعد التعيين - هذا المرتب أو الأجر هو المستحق في 29/ 10/ 1952 بالنسبة للموجودين في الخدمة في هذا التاريخ ومضت عليهم سنة دون صرف الإعانة، وهو المستحق في اليوم التالي لمضي السنة بالنسبة لغيرهم - استبعاد الزيادة في المرتب أو الأجر عند حساب الإعانة بالنسبة لمن يحصلون على أكثر من المقرر قانوناً - خصم الزيادة من إعانة الغلاء محسوبة على الأساس المتقدم - الحكمة من إجراء استبعاد الزيادة المذكورة وخصمها - بيان ذلك.

------------------
إن مجلس الوزراء وافق بجلسته المنعقدة في 29 من أكتوبر سنة 1952 على رأي اللجنة المالية المبين في مذكرتها التي جاء بها:
"... بما أن بعض اعتمادات الميزانية التي يجوز تعيين موظفين أو مستخدمين أو عمال عليها، بالرغم من وصفها بأنها مؤقتة، غير أنها قد تستمر سنتين أو ثلاث أو أكثر حسب نوع العمل المخصص له الاعتماد. لذلك يرى ديوان الموظفين بمذكرة له تاريخها 13 من سبتمبر سنة 1952 أن الأمر يحتاج وضع قواعد ثابتة لتنظيم حالات الموظفين والمستخدمين والعمال الذين يعينون على اعتمادات مؤقتة من حيث استحقاقهم لإعانة غلاء المعيشة، وبناء عليه يقترح الديوان منحهم إعانة الغلاء بعد مضي سنة من تاريخ تعيينهم على أساس ماهيتهم أو أجورهم في اليوم التالي لمضي سنة عليهم بالخدمة، ومن يكون منهم الآن في الخدمة ومضى عليه سنة ولا تصرف له هذه الإعانة تمنح إليه من تاريخ موافقة مجلس الوزراء على أساس ماهيته أو أجره في ذلك التاريخ - وقد بحثت اللجنة المالية هذا الاقتراح ورأت الموافقة عليه بشرط ألا تكون الماهية أو الأجر الذي يتقاضاه الموظف أو المستخدم أو العامل يزيد عما هو مقرر لمؤهله أو ما هو مقرر طبقاً لقواعد التعيين على أنه في حالة ما إذا كان الموظف أو المستخدم أو العامل يحصل على ماهية أو أجر يزيد عن الماهية أو الأجر القانونيين تخصم هذه الزيادة من إعانة الغلاء..." - ومفاد هذا أن مجلس الوزراء أقر منح إعانة غلاء المعيشة للموظفين والمستخدمين والعمال المعينين على اعتمادات مؤقتة متى استمر بقاؤهم في الخدمة مدة سنة، على أن يكون استحقاقهم لهذه الإعانة بعد مضي السنة من تاريخ تعيينهم، ومن يكون منهم في الخدمة في 29 من أكتوبر سنة 1952 ومضى عليه سنة ولم تصرف له هذه الإعانة يمنحها من هذا التاريخ، وتقدر الإعانة في الحالة الأولى على أساس ماهيتهم أو أجورهم في اليوم التالي لمضي السنة، وفي الحالة الثانية على أساس هذه الماهيات أو الأجور في التاريخ المشار إليه، وذلك كله بشرط أن تكون الماهية أو الأجر الذي يتقاضاه الموظف أو المستخدم أو العامل المقرر لمؤهله أو المقرر طبقاً لقواعد التعيين لا أزيد منه، فإن زادت الماهية أو الأجر عن الماهية أو الأجر القانونيين خصمت الزيادة من إعانة الغلاء. ومقتضى هذا الشق الأخير من قرار مجلس الوزراء أن شرط استحقاق إعانة غلاء المعيشة للموظفين والمستخدمين والعمال المعينين على اعتمادات مؤقتة هو ألا يزيد المرتب أو الأجر الذي يتقاضاه الواحد منهم على ما هو مقرر قانوناً لمؤهله أو ما هو مقرر طبقاً لقواعد التعيين، ومعنى هذا ربط إعانة الغلاء أصلاً بالمرتب أو الأجر القانوني والاعتداد بهذا المرتب أو الأجر في تحديد مقدارها بوصفه وعاءها الصحيح، فإذا كان الموظف أو المستخدم أو العامل المعين على اعتماد مؤقت حصل على مرتب أو أجر أزيد من المرتب أو الأجر القانوني فإنه يمنح إعانة الغلاء وفقاً لقاعدة منحها أي محسوبة على أساس المرتب أو الأجر القانوني باستبعاد الزيادة حتى لا يتميز على مثيله الدائم أو على زميله المؤقت الذي لا يتقاضى سوى المرتب أو الأجر القانوني على أن تخصم الزيادة - وهي أساس الفارق - من إعانة الغلاء لتساوي المراكز النهائية، أي أن الشارع لاحظ أن ثمة فريقاً من الموظفين والمستخدمين والعمال المعينين على اعتمادات مؤقتة يتقاضى أفراده بسبب أوضاعهم الخاصة وظروف الاعتمادات المعينين عليها - مرتبات أو أجور تزيد على المرتبات أو الأجور القانونية المقررة لمؤهلاتهم أو المقررة طبقاً لقواعد التعيين، وأقام بناء على هذا النظر حكماً مناطه مطابقة المرتب أو الأجر لما هو مقرر للمؤهل أو ما هو مقرر وفقاً لقواعد التعيين أو زيادته على ذلك، رد فيه حساب إعانة غلاء المعيشة إلى الأصل الموحد وهو المرتب أو الأجر القانوني للمساواة في المعاملة بين صاحب هذا المرتب أو الأجر وبين من يحصل على المزيد منه حتى لا ينال هذا الأخير إعانة على الزيادة يتضاعف بها تميزه - وقد يكون مرعياً في منحه إياها أنها من قبيل الإعانة - وقضى بخصم هذه الزيادة من إعانة غلاء المعيشة المستحقة على الأساس المتقدم تحقيقاً لهذه المساواة، ومن ثم فإن منح إعانة الغلاء بالشروط والقيود الزمنية الواردة في قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 إنما يكون على أساس المرتب أو الأجر القانوني، ودون الزيادة الحاصلة فيه.


إجراءات الطعن

في 15 من إبريل سنة 1959 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد وزير الزراعة بالإقليم المصري سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 695 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين بجلسة 16 من فبراير سنة 1959 في الدعوى رقم 342 لسنة 5 القضائية "محاكم" المقامة من علي إبراهيم الحاذق ضد وزارة الزراعة، القاضي "بأحقية المدعي في إعانة غلاء المعيشة من اليوم التالي لمضي سنة عليه في الخدمة، وذلك على التفصيل المبين بأسباب هذا الحكم وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952، وألزمت الحكومة بالمصروفات". وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه "إحالة هذا الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة" وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 13 من يونيه سنة 1959، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه إلى أنها ترى أن "الطعن في الحكم بطلب إلغائه غير مستند إلى أساس من القانون حقيقاً بالرفض". وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم المطعون عليه أية مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 19 من يونيه سنة 1960، وفي 8 من يونيه سنة 1960 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة، وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا لنظره بجلسة 5 من نوفمبر سنة 1960. وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 342 لسنة 5 القضائية "محاكم" ضد وزارة الزراعة أمام المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 16 من سبتمبر سنة 1958 ذكر فيها أنه عين بقسم أبحاث آفات القطن بمصلحة وقاية المزروعات بوزارة الزراعة في 2 من مارس سنة 1955 في وظيفة عامل فحص بأجر يومي قدره 200 مليم بدون إعانة غلاء المعيشة. وقد جرت المصلحة على تعيينه لمدة ستة شهور ثم فصله لمدة يوم واحد في نهاية المدة المذكورة وإعادة تعيينه في اليوم التالي مباشرة بقصد حرمانه من إعانة غلاء المعيشة التي قرر مجلس الوزراء بجلسة 29 من أكتوبر سنة 1952 استحقاق أمثاله المعينين بصفة غير منتظمة لها بعد مضي سنة من تاريخ تعيينهم. ولما كان قد عين في 2 من مارس سنة 1955 فإنه يستحق إعانة الغلاء لمضي أكثر من سنة على تعيينه بالمصلحة وتمتعه بجميع مزايا موظفي الدولة. ولذا يطلب "الحكم باستحقاقه لإعانة غلاء المعيشة على أجره الحالي بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 أكتوبر سنة 1952 الخاص بإعانة غلاء المعيشة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المصلحة بالمصاريف والأتعاب". وقد ردت الجهة الإدارية على هذه الدعوى بأن المدعي عين اعتباراً من 2 من مارس سنة 1955 عامل فحص موسمي بأجر يومي قدره 200 مليم شامل لإعانة غلاء المعيشة، وذلك بصفة موسمية ولمدد محددة يفصل في نهايتها ويعاد تعيينه بعدها، ولم يتقاض إعانة غلاء معيشة لأنه لم يمض في الخدمة سنة كاملة بدون فاصل، والأجر الذي يتقاضاه شامل لإعانة الغلاء. وقد أودع السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهى فيه إلى أنه يرى "الحكم بأحقية المدعي في إعانة غلاء المعيشة بعد مضي سنة من تاريخ تعيينه على أساس أجره في اليوم التالي لمضي هذه السنة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء في 29 أكتوبر سنة 1952 وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الوزارة بالمصروفات".
وبجلسة 16 من فبراير سنة 1959 قضت المحكمة "بأحقية المدعي في إعانة غلاء المعيشة من اليوم التالي لمضي سنة عليه في الخدمة، وذلك على التفصيل المبين بأسباب هذا الحكم وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 وألزمت الحكومة بالمصروفات". وأقامت قضاءها على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 إنما يعني بأحكامه معالجة حالة فئة الموظفين المستخدمين والعمال الذين يتصف عملهم بعدم الانتظام وأن المدعي يفيد من هذا القرار، إذ يتضح من الأوراق أن الوزارة درجت على فصله كل ثلاثة أو أربعة أشهر وإعادة تعيينه بعد يوم أو اثنين، ومن ثم فإنه يستحق إعانة غلاء المعيشة بعد مضي سنة عليه من الخدمة، ولا حجة في القول بأن أجره روعي فيه أن يكون شاملاً لإعانة غلاء المعيشة لعدم قيام الدليل على ذلك، ولما كان الثابت من الأوراق أن المذكور عين في مهنة عامل فحص بذرة بأجر يومي قدره 200 مليم وهو الأجر المقرر لهذه المهنة في كادر العمال، فإنه لم يكن يحصل على أية زيادة عن الأجر المقرر للمهنة التي عين فيها، لذا تحسب إعانة غلاء المعيشة المستحقة له حسب حالته الاجتماعية وبالفئات المقررة على أساس الأجر المشار إليه. وقد طعنت وزارة الزراعة في هذا الحكم بعريضة أودعتها سكرتيرية هذه المحكمة في 15 من إبريل سنة 1959 طلبت فيها، إحالة هذا الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة. واستندت في أسباب طعنها إلى أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 اشترط لكي ينتفع العامل أو الموظف بأحكامه ألا يكون ما يتقاضاه من ماهية أو أجر في 29 من أكتوبر سنة 1952 يزيد عما هو مقرر لمؤهله، أو ما هو مقرر طبقاً لقواعد التعيين، وبالرجوع إلى الكشوف الملحقة بكادر العمال يبين أن مهنة المدعي وهي عامل فحص (لوزة القطن أو بذرته) مقرر لها الفئة (140/ 300) في الكشف رقم (1)، كما أنه ورد في البند "سابعاً" من أحكام الكادر المذكور أنه لا يجوز أن يتقاضى العامل عند تعيينه أجراً يزيد على أول مربوط الدرجة التي حددت له، أي أنه ما كان يجوز تعيين المدعي إلا بأجر مقداره 140 مليماً يومياً وهو إذ منح 200 مليم فإنه يكون قد عين بأجر يزيد عما هو مقرر لتعيين أمثاله، وبذا يتخلف عنه شرط الإفادة من أحكام قرار مجلس الوزراء آنف الذكر؛ وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد خالف القانون وقامت به حالة من حالات الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا. وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه إلى أن "الطعن في الحكم بطلب إلغائه غير مستند إلى أساس من القانون حقيق بالرفض". وأسست رأيها على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 إنما يعني بأحكامه الموظفين والمستخدمين والعمال الذين يعينون بصفة غير منتظمة على اعتمادات مؤقتة، أمثال المدعي، وأنه لا دليل على أن أجر هذا الأخير روعي في تحديده شموله لإعانة غلاء المعيشة، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب الحق فيما قضى به من استحقاق المدعي إعانة غلاء المعيشة من اليوم التالي لمضي سنة عليه في الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952، وذلك حسب حالته الاجتماعية بالفئات المقررة قانوناً.
ومن حيث إن مجلس الوزراء وافق بجلسته المنعقدة في 29 من أكتوبر سنة 1952 على رأي اللجنة المالية المبين في مذكرتها التي جاء بها:
"... بما أن بعض اعتمادات الميزانية التي يجوز تعيين موظفين أو مستخدمين أو عمال عليها، بالرغم من وصفها بأنها مؤقتة، غير أنها قد تستمر سنتين أو ثلاث أو أكثر حسب نوع العمل المخصص له الاعتماد - لذلك يرى ديوان الموظفين بمذكرة له تاريخها 13 من سبتمبر سنة 1952 أن الأمر يحتاج إلى وضع قواعد ثابتة لتنظيم حالات الموظفين والمستخدمين الذين يعينون على اعتمادات مؤقتة من حيث استحقاقهم لإعانة غلاء المعيشة، وبناء عليه يقترح الديوان منحهم إعانة الغلاء بعد مضي سنة من تاريخ تعيينهم على أساس ماهيتهم أو أجورهم في اليوم التالي لمضي سنة عليهم بالخدمة. ومن يكون منهم الآن في الخدمة ومضى عليه سنة ولا تصرف له هذه الإعانة تمنح إليه من تاريخ موافقة مجلس الوزراء على أساس ماهيته أو أجره في ذلك التاريخ - وقد بحثت اللجنة المالية هذا الاقتراح ورأت الموافقة عليه بشرط ألا تكون الماهية أو الأجر الذي يتقاضاه الموظف أو المستخدم أو العامل يزيد عما هو مقرر لمؤهله أو ما هو مقرر طبقاً لقواعد التعيين على أنه في حالة ما إذا كان الموظف أو المستخدم أو العامل يحصل على ماهية أو أجر يزيد عن الماهية أو الأجر القانونيين تخصم هذه الزيادة من إعانة الغلاء..." - ومفاد هذا أن مجلس الوزراء أقر منح إعانة غلاء المعيشة للموظفين والمستخدمين والعمال المعينين على اعتمادات مؤقتة متى استمر بقاؤهم في الخدمة مدة سنة، على أن يكون استحقاقهم لهذه الإعانة بعد مضي السنة من تاريخ تعيينهم، ومن يكون منهم في الخدمة في 29 من أكتوبر سنة 1952 ومضى عليه سنة ولم تصرف له هذه الإعانة يمنحها من هذا التاريخ، وتقدر الإعانة في الحالة الأولى على أساس ماهياتهم أو أجورهم في اليوم التالي لمضي السنة، وفي الحالة الثانية على أساس هذه الماهيات أو الأجور في التاريخ المشار إليه. وذلك كله بشرط أن تكون الماهية أو الأجر الذي يتقاضاه الموظف أو المستخدم أو العامل هو المقرر لمؤهله أو المقرر طبقاً لقواعد التعيين لا أزيد منه، فإن زادت الماهية أو الأجر عن الماهية أو الأجر القانونيين خصمت الزيادة من إعانة الغلاء. ومقتضى هذا الشق الأخير من قرار مجلس الوزراء أن شرط استحقاق إعانة غلاء المعيشة للموظفين والمستخدمين والعمال المعينين على اعتمادات مؤقتة هو ألا يزيد المرتب أو الأجر الذي يتقاضاه الواحد منهم على ما هو مقرر قانوناً لمؤهله أو ما هو مقرر طبقاً لقواعد التعيين ومعنى هذا ربط إعانة الغلاء أصلاً بالمرتب أو الأجر القانوني والاعتداد بهذا المرتب أو الأجر في تحديد مقدارها بوصفه وعاءها الصحيح. فإذا كان الموظف أو المستخدم أو العامل المعين على اعتماد مؤقت يحصل على مرتب أو أجر أزيد من المرتب أو الأجر القانوني فإنه يمنح إعانة الغلاء وفقاً لقاعدة منحها أي محسوبة على أساس المرتب أو الأجر القانوني باستبعاد الزيادة حتى لا يتميز على مثيله الدائم أو على زميله المؤقت الذي لا يتقاضى سوى المرتب أو الأجر القانوني على أن تخصم الزيادة - وهي أساس الفارق - من إعانة الغلاء لتساوي المراكز النهائية، أي أن الشارع لاحظ أن ثمة فريقاً من الموظفين والمستخدمين والعمال المعينين على اعتمادات مؤقتة يتقاضى أفراده بسبب أوضاعهم الخاصة وظروف الاعتمادات المعينين عليها - مرتبات أو أجوراً تزيد على المرتبات أو الأجور القانونية المقررة لمؤهلاتهم أو المقررة طبقاً لقواعد التعيين، وأقام بناء على هذا النظر حكماً مناطه مطابقة المرتب أو الأجر لما هو مقرر للمؤهل أو ما هو مقرر وفقاً لقواعد التعيين، أو زيادته على ذلك، رد فيه حساب إعانة غلاء المعيشة إلى الأصل الموحد وهو المرتب أو الأجر القانوني للمساواة في المعاملة بين صاحب هذا المرتب أو الأجر وبين من يحصل على المزيد منه حتى لا ينال هذا الأخير إعانة على الزيادة يتضاعف بها تميزه - وقد يكون مرعياً في منحه إياها أنها من قبيل الإعانة - وقضى بخصم هذه الزيادة من إعانة غلاء المعيشة المستحقة على الأساس المتقدم تحقيقاً لهذه المساواة. ومن ثم فإن منح إعانة الغلاء بالشروط والقيود الزمنية الواردة في قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 إنما يكون على أساس المرتب أو الأجر القانوني، ودون الزيادة الحاصلة فيه.
ومن حيث إنه ظاهر من الأوراق أن المدعي معين في وظيفة عامل فحص (لوزة القطن أو بذرته) وهي من وظائف العمال العاديين الواردة في الكشف رقم (1) من الكشوف الملحقة بكادر العمال في الفئة (140/ 300) ببداية قدرها 140 مليماً وهو الأجر المقرر قانوناً. ولما كان المذكور قد منح منذ تعيينه الأول في 2 من مارس سنة 1955 أجراً يومياً قدره 200 مليم، فإنه يكون قد حصل على أجر يزيد على ما هو مقرر قانوناً في كادر العمال لمثل مهنته، ومن ثم فإنه يستحق - والحالة هذه - إعانة غلاء المعيشة حسب حالته الاجتماعية وبالفئات المقررة على أساس الأجر القانوني وهو 140 مليماً من اليوم التالي لمضي سنة عليه في الخدمة، وذلك بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952، على أن تخصم الزيادة في أجره من إعانة الغلاء وإذ قضى الحكم المطعون فيه باستحقاقه هذه الإعانة على أساس أجر يومي قدره 200 مليم، فإنه يكون قد جانب الصواب، ويتعين تعديله على الوجه المتقدم، مع إلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وباستحقاق المدعي إعانة غلاء المعيشة على الوجه المبين بالأسباب وألزمت الحكومة بالمصروفات المناسبة.

الطعن 140 لسنة 33 ق جلسة 23 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 118 ص 816

جلسة 23 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.

---------------

(118)
الطعن رقم 140 لسنة 33 القضائية

أموال الدولة. "أموال عامة". "صفة المال العام". تنفيذ عقاري.
معيار التعرف على صفة المال العام هو التخصيص للمنفعة العامة. المخابئ التي تنشئها الدولة على أملاكها الخاصة. الأرض المقامة عليها تعتبر من الأموال العامة. لا يجوز الحجز عليها ما بقيت مخصصة لهذا الغرض.

----------------
إن المشرع إذ نص في المادة 87 من القانون المدني على أن تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم، فقد دل على أن المعيار في التعرف على صفة المال العام هو التخصيص للمنفعة العامة وأن هذا التخصيص كما يكون بموجب قانون أو قرار يجوز أن يكون تخصيصاً فعلياً. ولما كان التخصيص للمنفعة العامة بالنسبة للمال المملوك للدولة ملكية خاصة هو تهيئة هذا المال ليصبح صالحاً لهذه المنفعة رصداً عليها، وكان الثابت أن الأرض التي اتخذت عليها إجراءات الحجز العقاري مملوكة للدولة ملكية خاصة وقد أقامت عليها مخبأ لحماية الجمهور من الغارات الجوية، وإذ تؤدي المخابئ التي تنشئها الدولة على أراضيها خدمة عامة بسبب إنشائها لحماية الكافة، فإن لازم ذلك أن تعتبر الأرض موضوع إجراءات الحجز العقاري المقام عليها المخبأ من الأموال العامة، فلا يجوز الحجز عليها ما دامت محتفظة بتخصيصها للمنفعة العامة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها اتخذت في القضية رقم 45 سنة 1960 بيوع كلي الإسكندرية إجراءات الحجز العقاري على قطعة أرض مساحتها 467.63 متراً مربعاً كائنة بشارع محسن بقسم كرموز بالإسكندرية قالت إنها مملوكة لمصلحة الأملاك وذلك تأسيساً على أنها تداين هذه الأخيرة بموجب الحكم الصادر من محكمة الإسكندرية الابتدائية في القضية رقم 1091 سنة 1951 مدني الإسكندرية وأمر تقدير المصروفات الصادر فيها والحكم الاستئنافي الصادر في الدعوى رقم 281 سنة 12 ق استئناف الإسكندرية. وإذ أودعت الطاعنة بتاريخ 5/ 9/ 1960 قائمة شروط البيع فقد أقام الطاعنون الدعوى رقم 1840 لسنة 1960 مدني كلي الإسكندرية مقررين فيها باعتراضات ثلاثة على هذه القائمة وطلبوا الحكم بقبول هذه الاعتراضات شكلاً وفي الموضوع ببطلان التنفيذ لعدم إنذار الحائز وهي بلدية الإسكندرية ولوقوعه على مال غير مملوك للمدين وبعدم جواز التنفيذ على العقار محل الإجراءات لأنه من أملاك الدولة المخصصة للمنفعة العامة - وبتاريخ 17/ 2/ 1960 حكمت المحكمة بقبول الاعتراضات شكلاً وبرفضها موضوعاً. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 259 سنة 17 ق الإسكندرية وبتاريخ 31/ 1/ 1963 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي بنقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن الثابت أن الأرض موضوع إجراءات الحجز العقاري وإن كانت أصلاً من أموال الدولة الخاصة إلا أن بلدية الإسكندرية باعتبارها أحد أشخاص القانون العام أقامت عليها مخبأ أعد إعداداً خاصاً لوقاية الجمهور من الغارات وأصبحت الأرض بمجرد إنشاء المخبأ عليها من أموال الدولة العامة التي لا يجوز الحجز عليها طبقاً للمادة 87 من القانون المدني. غير أن الحكم المطعون فيه قضى بأن مجرد إقامة بلدية الإسكندرية المطعون عليها السادسة مخبأ على قطعة الأرض موضوع إجراءات الحجز لا يكفي لاعتبار هذه الأرض من أموال الدولة العامة تأسيساً على أنه قد صدرت قوانين تلزم الأفراد بإقامة المخابئ في دورهم الخاصة دون أن يعتبر ذلك تخصيصاً لمنفعة عامة، هذا في حين أن المخابئ التي ينشئها الأفراد في دورهم لا تخصص إلا لمنفعة هؤلاء أما المخابئ التي ينشئها الدولة فهي مخصصة لمنفعة الجمهور. وإذ رتب الحكم على ما ذهب إليه أنه لم يعتبر الأرض موضوع إجراءات الحجز العقاري من الأملاك العامة التي لا يجوز الحجز عليها، فإنه يكون قد شابه فساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن المشرع إذ نص في المادة 87 من القانون المدني على أن "تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم" فقد دل على أن المعيار في التعرف على صفة المال العام هو التخصيص للمنفعة العامة وأن هذا التخصيص كما يكون بموجب قانون أو قرار يجوز أن يكون تخصيصاً فعلياً. ولما كان التخصيص الفعلي للمنفعة العامة بالنسبة للمال المملوك للدولة ملكية خاصة هو تهيئة هذا المال ليصبح صالحاً لهذه المنفعة رصداً عليها، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الأرض التي اتخذت عليها إجراءات الحجز العقاري مملوكة للدولة ملكية خاصة وأن محافظة الإسكندرية - المطعون عليها السادسة - أقامت عليها مخبأ لحماية الجمهور من الغارات الجوية، وإذ تؤدي المخابئ التي تنشئها الدولة على أراضيها خدمة عامة بسبب إنشائها لحماية الكافة، فإن لازم ذلك أن تعتبر الأرض موضوع إجراءات الحجز العقاري المقام عليها المخبأ من الأموال العامة فلا يجوز الحجز عليها ما دامت محتفظة بتخصيصها للمنفعة العامة. ولا محل لما استدل به الحكم المطعون فيه من أن التزام بعض الأفراد بإقامة مخابئ في دورهم لا يؤدي إلى اعتبارها مخصصة لمنفعة عامة، إذ أن هذا القول إن صح بالنسبة للمخابئ التي تقام في دور الأفراد لمنفعة ساكنيها، فإنه لا يصح بالنسبة لما تقوم الدولة بإنشائه من مخابئ على أرضها وإن كانت الأرض مملوكة لها في الأصل ملكاً خاصاً إذ تعتبر الأرض وقد أقيم عليها مخبأ لمنفعة الكافة مالاً عاماً مخصصاً للمنفعة العامة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر من الأملاك الخاصة الأرض موضوع إجراءات الحجز العقاري التي اتخذتها المطعون ضدها رغم تخصيص هذه الأرض بالفعل لمنفعة عامة بإقامة مخبأ عليها لمنفعة الكافة، وإذ رتب الحكم على ما ذهب إليه جواز الحجز على هذه الأرض، فإنه يكون قد شابه فساد الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف وفي موضوع الاعتراضات على قائمة شروط البيع المودعة بتاريخ 5/ 9/ 1960 في القضية 45 سنة 1960 بيوع كلي الإسكندرية بقبول الاعتراض الثالث وببطلان إجراءات التنفيذ العقاري المتخذة من المطعون عليها على الأرض موضوع الإجراءات.

الطعن 401 لسنة 5 ق جلسة 19 / 11 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 23 ص 151

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي ومصطفى كامل إسماعيل ومحمد عزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدي محمد المستشارين.

----------------

(23)

القضية رقم 401 لسنة 5 القضائية

موظف - دعوى - اختصاص 

- تعريف الموظف العام - الأمر العسكري رقم 72/ 73 عام 1953 بالاستيلاء على مرفق الإنارة بمدينة الإسماعيلية الذي كانت تديره شركة توريد الكهرباء والثلج وضم موظفيه إلى بلدية الإسماعيلية - اعتبار هؤلاء موظفين عامين - الأنظمة الواجبة التطبيق على حالتهم - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر المنازعات المتعلقة بمرتباتهم - أساس ذلك.

----------------
إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن الموظف العام هو الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام، تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق، ومن ثم يشترط لاعتبار الشخص موظفاً عاماً شرطان: أن يكون قائماً بعمل دائم، وأن يكون هذا العمل في خدمة مرفق عام أو مصلحة عامة، ولكي يكتسب عمال المرافق العامة صفة الموظف العمومي يجب أن يدار المرفق العام عن طريق الاستغلال المباشر. وغني عن القول أن مرفق الإنارة بمدينة الإسماعيلية وقد ضم إلى بلدية الإسماعيلية بموجب الأمر العسكري رقم 72/ 73 عام 1953 وضم موظفو هذا المرفق إلى البلدية فقد أصبح موظفو هذا المرفق موظفين عموميين بحكم تبعيتهم لمجلس بلدي الإسماعيلية وتسري عليهم تبعاً لذلك الأحكام والأنظمة المقررة بالنسبة لموظفي الإدارة الحكومية فيما لم يرد به نص خاص في الأمر العسكري رقم 72/ 73 عام 1953، وبهذه المثابة فإن الاختصاص بنظر المنازعة المتعلقة بمرتب المدعي ينعقد للمحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية دون غيرها وذلك بناء على نص الفقرة الثانية من المادة 13 من القرار بقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة.


إجراءات الطعن

في يوم 28 من فبراير سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة المفوضين عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية بجلسة 29 من ديسمبر سنة 1958 في الدعوى رقم 528 لسنة 3 القضائية المرفوعة من موريس فهمي سيداروس ضد وزارة الشئون البلدية والقروية (مجلس بلدي الإسماعيلية) القاضي "بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وألزمت المدعي المصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب الواردة في عريضة طعنه "الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم باختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإعادتها للفصل في موضوعها". وقد أعلن الطعن للحكومة في 24 من مايو، 3 من يونيه سنة 1959 وإلى الخصم في 30 من مايو سنة 1959 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 22 من مايو سنة 1960 حيث أحيل إلى المحكمة الإدارية العليا لجلسة 29 من أكتوبر سنة 1960 ثم أرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم بإعادة تسوية حالته منذ التحاقه بخدمة بلدية الإسماعيلية في 18 من أغسطس سنة 1953 على أساس منحه مرتباً شهرياً قدره 19 جنيهاً و219 مليماً وصرف مكافأة سنوية بواقع مرتب شهر عن كل سنة مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام مجلس بلدي الإسماعيلية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه إن مجلس بلدي الإسماعيلية استولى على مرفق الإنارة من شركة توريد الكهرباء والثلج بموجب الأمر العسكري رقم 72/ 73 سنة 1953 وضم موظفو هذا المرفق إلى البلدية تبعاً لذلك ونص على عقوبة الحبس لكل مخالف وقد تعهدت البلدية أن تصرف لجميع الموظفين المنقولين إليها كافة ما يتمتعون به من حقوق وامتيازات في الشركة، وقد كانت الشركة تصرف له مرتباً شهرياً قدره 19 جنيهاً و219 مليماً منها 14 جنيهاً و500 مليم مرتباً أصلياً، جنيهان و219 مليماً إعانة غلاء معيشة، وجنيهان علاوة استثنائية شهرية كما كانت تخصم له 25% من قيمة استهلاكه للتيار الكهربائي إلا أن البلدية أغفلت هذا الضمان واستقطعت من راتبه جنيهين ولم تجد شكواه لجهة الإدارة نفعاً.
وبجلسة 29 من ديسمبر سنة 1958 قضت المحكمة الإدارية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات. وأسست قضاءها على أن الأساس الذي بنى عليه المدعي دعواه هو أنه كان من مستخدمي مرفق الإنارة الذي استولت عليه بلدية الإسماعيلية من شركة توريد الكهرباء والثلج واشترطت على نفسها (أي البلدية) عند الاستيلاء على المرفق أن تصرف لكل الموظفين المنقولين إليها من الشركة صاحبة الامتياز كافة حقوقهم وامتيازاتهم التي كانوا يتقاضونها من هذه الشركة وأن شعبة الرأي بمجلس الدولة قد أصدرت فتوى في هذا الخصوص محصلها أن المجلس البلدي ملزم بتشغيل هؤلاء المستخدمين بماهياتهم وأجورهم التي كانوا يتقاضونها فعلاً باعتبار أن عقود استخدامهم المبرمة بينهم وبين الشركة قائمة وأن القانون الواجب التطبيق عليهم هو قانون العمل الفردي، ومتى ثبت أن علاقة المدعي بمجلس بلدي الإسماعيلية هي علاقة أجير برب العمل يحكمها قانون عقد العمل الفردي وتخرج بذلك عن نطاق علاقات القانون العام، فإن الدعوى بحالتها تخرج بدورها عن نطاق ولاية القضاء الإداري، ويؤكد هذا أن المجلس البلدي ما زال يصرف أجر المدعي على بند "هـ" مكافآت ولم تدرج له ولأقرانه درجات بميزانية المجلس، فضلاً عن أن دعواه لا تعدو أن تكون مطالبة عقدية لأنها أثر من آثار العقد المبرم بينه وبين الشركة، وهذا يحكمه عقد العمل الفردي أي القانون الخاص وبذلك تنتفي عنه صفة الموظف العمومي، تلك الصفة التي ينعقد معها الاختصاص بنظر المنازعات الخاصة بالمرتبات للقضاء الإداري.
ومن حيث إن مبنى الطعن أنه مع التسليم بأن المدعي يخضع لقانون عقد العمل الفردي إلا أن ذلك لا يجعله في حالة تعاقدية مع الإدارة بل تكون هذه القواعد بمثابة تنظيم لائحي لحالة هؤلاء الموظفين، يخضعون له حتى تضع لهم الإدارة ما تراه من القواعد وأن المعول عليه في التفرقة بين الوضع اللائحي والوضع التعاقدي إنما يستمد من مدى حرية إرادة الموظف في تحديد وضعه من رب العمل، وقبول هذا الوضع من الناحية القانونية وللتعديل حسب إرادة الطرفين، وقد كلف موظفو الشركة بالعمل في المجلس البلدي المدعى عليه مما قطع الصلة بينهم وبين العلاقة التعاقدية التي تقوم أصلاً على سلطان الإرادة وأدخلهم في وضع لا حرية للإرادة فيه بل ينهض في الواقع على سلطان القانون وبذلك تكون العلاقة إدارية قائمة بين جهة إدارية وموظف عمومي يقوم بوظيفة عامة في مرفق عام ويخضع لنظام لائحي وإن كان مستعاراً من نظام قانون عقد العمل الفردي.
ومن حيث إنه يجب التنبيه بادئ ذي بدء إلى أن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن الموظف العام هو الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام، تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق، ومن ثم يشترط لاعتبار الشخص موظفاً عاماً شرطين: أن يكون قائماً بعمل دائم وأن يكون هذا العمل في خدمة مرفق عام أو مصلحة عامة، ولكي يكتسب عمال المرافق العامة صفة الموظف العمومي يجب أن يدار المرفق العام عن طريق الاستغلال المباشر. وغني عن القول أن مرفق الإنارة بمدينة الإسماعيلية وقد ضم إلى بلدية الإسماعيلية بموجب الأمر العسكري رقم 72/ 73 عام 1953 وضم موظفو هذا المرفق إلى البلدية فقد أصبح موظفو هذا المرفق موظفين عموميين بحكم تبعيتهم لمجلس بلدي الإسماعيلية وتسري عليهم تبعاً لذلك الأحكام والأنظمة المقررة بالنسبة لموظفي الإدارة الحكومية فيما لم يرد به نص خاص في الأمر العسكري رقم 72/ 73 عام 1953. وبهذه المثابة فإن الاختصاص بنظر المنازعة المتعلقة بمرتب المدعي ينعقد للمحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية دون غيرها وذلك بناء على نص الفقرة الثانية من المادة 13 من القرار بقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين إلغاؤه على الوجه المبين بالمنطوق.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية بنظر الدعوى وبإحالتها إليها للفصل فيها.

الطعن 373 لسنة 34 ق جلسة 18 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 117 ص 811

جلسة 18 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد.

----------------

(117)
الطعن رقم 373 لسنة 34 القضائية

استئناف. "ميعاد التكليف بالحضور". "اعتبار الاستئناف كأن لم يكن". دعوى. نظام عام.
ميعاد الثلاثين يوماً المحدد في المادة 405/ 2 مرافعات معدلة بالقانون 100 لسنة 1962. ميعاد حضور. جزاء عدم مراعاته اعتبار الاستئناف كأن لم يكن وهو نفس الجزاء المقرر في المادة 78 من قانون المرافعات لعدم مراعاة ميعاد التكليف بالحضور بالنسبة للدعوى المبتدأة. هذا الجزاء مقرر لمصلحة المستأنف عليه ولا تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها لعدم اتصاله بالنظام العام. لا يغير من ذلك أن هذا الجزاء يقع بقوة القانون يتحتم توقيعه في حالة طلبه من صاحب المصلحة. للأخير التنازل عنه صراحة أو ضمناً.

----------------
ميعاد الثلاثين يوماً المحدد في القفرة الثانية من المادة 405 من قانون المرافعات بعد تعديله بالقانون رقم 100 لسنة 1962 هو ميعاد حضور بصريح النص والجزاء المقرر في هذه الفقرة لعدم مراعاة هذا الميعاد وهو اعتبار الاستئناف كأن لم يكن إذا لم يتم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال الميعاد المذكور - وهو بعينه الجزاء المقرر في المادة 78 من قانون المرافعات عدم مراعاة ميعاد التكليف بالحضور بالنسبة للدعوى المبتدأة - هذا الجزاء مقرر لمصلحة المستأنف عليه حتى يتفادى ما يترتب على تراخي المستأنف في إعلان الاستئناف من إطالة الأثر المترتب على تقديم صحيفته لقلم المحضرين في قطع التقادم والسقوط. ولم يوجب المشرع على المحكمة الحكم بهذا الجزاء من تلقاء نفسها خلافاً لما كان عليه الحال في المادة 406 مكرر مرافعات قبل إلغائها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 ومن ثم فالجزاء في صورته الجديدة لا يتصل بالنظام العام ولا تحكم به المحكمة بغير طلب من الخصوم. ولا يغير من ذلك أن هذا الجزاء يقع بقوة القانون بمجرد انقضاء ميعاد الثلاثين يوماً دون أن يتم تكليف المستأنف عليه بالحضور إذ معنى هذا أنه يتحتم على المحكمة أن توقع الجزاء في حالة طلبه من صاحب المصلحة ولا يكون لها خيار فيه. ولكن للأخير أن يتنازل عنه صراحة أو ضمناً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول "مدير مصلحة الأملاك بصفته" أقام الدعوى رقم 845 سنة 1960 كلي مصر على الطاعنين والمطعون ضدهم الثالث والرابع والخامس وفهمي السراج طالباً الحكم في مواجهة الطاعن الثاني وفهمي السراج (أولاً) بفسخ التعاقد الخاص بانتفاع المدعى عليه الأول "المطعون ضده الثالث" بالإقطاعية المبينة الحدود والمعالم بالعريضة وكف منازعته وتسليمها للمصلحة بما عليها من مبان أو أشجار أو زراعة (ثانياً) إلزام المدعى عليه الأول بأن يدفع للمصلحة الطالبة مبلغ 2060 ج و541 م قيمة الإيجار المتأخر طرفه بما فيه الديون والسلف المقيدة عليه بحساب العهد وفوائد هذا المبلغ من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد بواقع 4% سنوياً وبعريضة أعلنت للمدعى عليهم السابقين في 27/ 11/ 1960 و1/ 12/ 1960 و10/ 1/ 1961 طلب المدعي الحكم أيضاً ببطلان التصرف الصادر من المطعون ضده الثالث إلى الطاعنين وشطب ومحو كافة التسجيلات الخاصة بهذا التصرف وبتاريخ 20 إبريل سنة 1963 قضت محكمة أول درجة (أولاً) بفسخ التعاقد الخاص بانتفاع المدعى عليه الأول بالإقطاعية الزراعية المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى ومحضر التسليم المؤرخ 15/ 7/ 1939 الموقع عليه منه وبطلان التصرفات الصادرة منه لباقي المدعى عليهم (الطاعنين) وإلزامه برد الإقطاعية وتسليمها للمدعي بصفته بالحالة التي كان عليها قبل العقد (ثانياً) وقبل الفصل في باقي الطلبات بندب خبير من مكتب خبراء وزارة العدل لبيان المبالغ التي يستحقها كل من المدعي بصفته والمدعى عليه الأول قبل الآخر نتيجة لفسخ عقد الانتفاع بالإقطاعية موضوع الدعوى فاستأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بتكليف بالحضور وقدموا صحيفة الاستئناف إلى قلم المحضرين في 3/ 6/ 1963 وأعلنت للمطعون ضدهما الثالث محمد إبراهيم شلبي في 12/ 9/ 1963 وللرابع توفيق السعيد طربوش في 15/ 9/ 1963 وإلي باقي المستأنف عليهم في الميعاد القانوني وقيد استئنافهم برقم 238 سنة 15 ق وطلبوا إلغاء الحكم المستأنف والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة واحتياطياً برفضها وبتاريخ 6 إبريل سنة 1964 قضت تلك المحكمة باعتبار الاستئناف كأن لم يكن وبتقرير تاريخه 4 يونيه سنة 1964 طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وطلبت مصلحة الأملاك الأميرية - المطعون ضدها الأولى - رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن وصممت على هذا الرأي بالجلسة المحددة لنظره.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه اعتبر الجزاء المقرر في المادة 405 مرافعات بعد تعديلها بالقانون 100 سنة 1962 لعدم إعلان الاستئناف في الميعاد وهو اعتباره كأن لم يكن متعلقاً بالنظام العام وتقضي المحكمة به من تلقاء نفسها دون طلب من الخصم وهذا منه خطأ في تطبيق القانون إذ أن ذلك الجزاء لا يتصل بالنظام العام ولهذا فليس للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها بل يتعين أن يطلبه الخصم قبل التكلم في الموضوع وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى باعتبار الاستئناف المرفوع من الطاعنين كأن لم يكن لعدم إعلانه إلى المطعون ضدهما الثالث والرابع في ميعاد الثلاثين يوماً المنصوص عليه في المادة 405/ 2 مرافعات وذلك على الرغم من عدم طلبهما أو طلب أحد المستأنف عليهم توقيع هذا الجزاء فإن الحكم المطعون فيه يكون مخطئاً في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك لأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه باعتبار الاستئناف كأن لم يكن على قوله "وحيث إن المادة 405 من قانون المرافعات حسب التعديل الوارد عليها بالقانون رقم 100 سنة 1962 تقضي في فقرتها الأولى بأن يرفع الاستئناف بتكليف بالحضور مستوف للشروط الواردة فيها ثم نصت الفقرة الثانية منها على أن يعتبر الاستئناف كأن لم يكن إذا لم يتم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال ثلاثين يوماً من تقديم الصحيفة إلى قلم المحضرين. وحيث إن الثابت من صحيفة الاستئناف أنها قدمت إلى قلم محضري هذه المحكمة في 3/ 6/ 1963 ومع ذلك لم يتم إعلان المستأنف عليهما الثاني - محمد إبراهيم شلبي - إلا في 12/ 9/ 1963 والثالث - توفيق السعيد طربوش الشهير باسم علي الديب - إلا في 15/ 9/ 1963 أي بعد الميعاد المحدد في الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر - وحيث إن الثابت في الدعوى أن المستأنف ضده الأول مدير عام مصلحة الأملاك كان قد أقام الدعوى أمام محكمة أول درجة ملتمساً الحكم بفسخ التعاقد الخاص بانتفاع المستأنف ضده الثاني - محمد إبراهيم شلبي - بالإقطاعية وكف المنازعة والتسليم وقضت محكمة أول درجة بجلسة 20/ 4/ 1963 بفسخ التعاقد وببطلان التصرفات الصادرة من المدعى عليه الأول لباقي المدعى عليهم ومنهم المستأنفين... فالنزاع على هذه الصورة غير قابل للتجزئة ويترتب على عدم إعلان الاستئناف لبعض المستأنف عليهم في الميعاد اعتبار الاستئناف برمته كأن لم يكن ولما كان سريان المواعيد التي حددها القانون لإجراء معين هي من النظام العام تخضع لرقابة القضاء دون حاجة لطلب الخصم ولذلك يتعين الحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن" وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه باعتبار الاستئناف كأن لم يكن خطأ في القانون ذلك لأن ميعاد الثلاثين يوماً المحدد في الفقرة الثانية من المادة 405 من قانون المرافعات بعد تعديله بالقانون رقم 100 سنة 1962 هو ميعاد حضور بصريح النص والجزاء المقرر في هذه الفقرة لعدم مراعاة هذا الميعاد وهو اعتبار الاستئناف كأن لم يكن إذا لم يتم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال الميعاد المذكور - وهو بعينه الجزاء المقرر في المادة 78 من قانون المرافعات لعدم مراعاة ميعاد التكليف بالحضور بالنسبة للدعوى المبتدأة - هذا الجزاء مقرر لمصلحة المستأنف عليه حتى يتفادى ما يترتب على تراخي المستأنف في إعلان الاستئناف من إطالة الأثر المترتب على تقديم صحيفته لقلم المحضرين في قطع التقادم والسقوط ولم يوجب المشرع على المحكمة الحكم بهذا الجزاء من تلقاء نفسها خلافاً لما كان عليه الحال في المادة 406 مكرر قبل إلغائها بالقانون رقم 100 سنة 1962 حيث كانت توجب على المستأنف إعلان استئنافه إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم الاستئناف وإلا كان الاستئناف باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه مما يؤكد أن الجزاء في صورته الجديدة لا يتصل بالنظام العام فلا تحكم به المحكمة بغير طلب من الخصوم ولا يغير من ذلك أن هذا الجزاء يقع بقوة القانون بمجرد انقضاء ميعاد الثلاثين يوماً دون أن يتم تكليف المستأنف عليه بالحضور إذ أن هذا معناه أنه يتحتم على المحكمة أن توقع هذا الجزاء في حالة طلبه من صاحب المصلحة ولا يكون لها خيار فيه ولصاحب المصلحة أن يتنازل عنه صراحة أو ضمنا. لما كان ما تقدم وكان يبين من الأوراق أن المطعون ضدهما اللذين أعلنا بالاستئناف بعد الميعاد لم يطلبا اعتبار الاستئناف كأن لم يكن وأن محكمة الاستئناف قد قضت به من تلقاء نفسها فإن حكمها المطعون فيه يكون مخطئاً في القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 391 لسنة 5 ق جلسة 19 / 11 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 22 ص 146

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي والدكتور ضياء الدين صالح وحسني جورجي المستشارين.

-----------------

(22)

القضية رقم 391 لسنة 5 القضائية

موظف 

- علاقة الموظف بالحكومة تنظيمية - خضوع نظامه القانوني للتعديل وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة - سريان التنظيم الجديد عليه بأثر حال من تاريخ العمل به - عدم سريانه بأثر رجعي يمس المراكز القانونية الذاتية إلا بنص خاص في قانون وليس في أداة أدنى - تضمن التنظيم الجديد لمزايا ترتب أعباء مالية على الخزانة العامة - عدم سريانه إلا من تاريخ العمل به إلا إذا قصد سريانه من تاريخ سابق - مثال بالنسبة لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9/ 5/ 1948 بتسوية حالة المدرسين المؤهلين فنياً والذين سبق لهم الاشتغال في وظائف كتابية في الوزارات المختلفة وفقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 5/ 3/ 1945 - نفاذه من تاريخ صدوره - أساس ذلك.

---------------
إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، فمركز الموظف من هذه الناحية هو مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت وليس له أن يحتج بأن له حقاً مكتسباً في أن يعامل بالنظام القديم الذي عين في ظله، ومرد ذلك إلى أن الموظفين هم عمال المرافق العامة وبهذه المثابة يجب أن يخضع نظامهم القانوني للتعديل والتغيير وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة - ويتفرع عن ذلك أن النظام الجديد يسري على الموظف بأثر حال مباشر من تاريخ العمل به ولكنه لا يسري بأثر رجعي بما من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت لصالح الموظف في ظل النظام القديم قانوناً كان أو لائحة، إلا بنص خاص في قانون وليس في أداة أدنى منه كاللائحة. وإذا تضمن النظام الجديد - قانوناً كان أو لائحة - مزايا جديدة للوظيفة ترتب أعباء مالية على الخزانة فالأصل ألا يسري النظام الجديد في هذا الخصوص إلا من تاريخ العمل به - إلا إذا كان واضحاً منه أنه قصد أن يكون نفاذه من تاريخ سابق.
وترتيباً على ما تقدم فإن قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مايو سنة 1948 بتسوية حالة المدرسين ذوي المؤهلات الفنية في التدريس والذين سبق لهم الاشتغال في وظائف كتابية في الوزارات المختلفة ثم نقلوا لوظائف التدريس يكون قد أنشأ حقاً جديداً للمدعي وزملائه بتسوية حالتهم وفقاً للقواعد الواردة في قرار 5 من مارس سنة 1945 بشأن تسوية حالة موظفي مجالس المديريات الذين ضموا لوزارة المعارف العمومية وغيرهم من الطوائف وليس كاشفاً لحق ثابت لهم في هذا القرار حسبما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، وقد جاء القرار المذكور خالياً من النص على أن يكون نفاذه من تاريخ سابق عليه، ومن ثم فإن هذا التنظيم الجديد لا يسري إلا من تاريخ العمل به ويؤكد ذلك أن وزارة التربية والتعليم طلبت من وزارة المالية في يناير سنة 1952 تسوية حالة من أفادوا من قرار 9 من مارس سنة 1948 من تاريخ العمل بقرار 5 من مارس سنة 1945 وقدرت المبلغ المطلوب صرفه بستة عشر ألف جنيه فرفضت وزارة المالية ذلك في يونيه سنة 1954.


إجراءات الطعن

في يوم 28 من فبراير سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 9 من ديسمبر سنة 1958 في القضية رقم 651 لسنة 10 القضائية المرفوعة من السيد/ فلتس أبادير ضد وزارة التربية والتعليم والقاضي باستحقاق المدعي تسوية حالته طبقاً للقواعد الواردة في قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مايو سنة 1945 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات. وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة للأسباب الواردة في عريضة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات - وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 18 من مايو سنة 1959 وللمدعي في 21 منه، وعين لنظره أمام هيئة فحص الطعون جلسة 22 من مايو سنة 1960 وأحيل للمرافعة لجلسة 15 من أكتوبر سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام هذه الدعوى بتظلم قدمه للجنة القضائية لوزارة التربية والتعليم في 27 من فبراير سنة 1952 طلب فيه معاملته بقرار 5 من مارس سنة 1945 وضم مدة خدمته في الوظائف الكتابية إلى مدة خدمته في التدريس وذلك أسوة بزملائه الذين طبق عليهم هذا القرار بموجب أحكام قضائية، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية - وقد أحيلت الدعوى بعد ذلك إلى محكمة القضاء الإداري لأن المدعي ينتمي إلى الكادر الفني العالي وقدم مذكرة في 14 من ديسمبر سنة 1958 خلص فيها إلى الطلبات السابقة. وذكر المدعي أنه حاصل على دبلوم المعلمين العليا سنة 1929 والماجستير في الآثار المصرية سنة 1934، وكان قد التحق بخدمة الحكومة في سنة 1925 بوظيفة كاتب في الدرجة الثامنة الكتابية بمصلحة السكك الحديدية ثم عين في وزارة التربية والتعليم مدرساً في الدرجة السادسة في سنة 1936 واعتبرت أقدميته فيها من يونيه سنة 1936. وقد ردت الوزارة على ذلك بأنها في سبيل تسوية حالة المدعي بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مايو سنة 1948. وفي أثناء سير الدعوى أصدرت الوزارة قراراً بتاريخ 27 من فبراير سنة 1957 بتسوية حالة المدعي على أن لا تصرف الفروق المالية إليه إلا اعتباراً من 9 من مايو سنة 1948. وبجلسة 29 من ديسمبر سنة 1958 حكمت المحكمة بصرف الفروق المالية إلى المدعي اعتباراً من 5 من مارس سنة 1945 وألزمت الحكومة بالمصروفات. وأقامت قضاءها على أن الواضح من ملف خدمة المدعي أنه التحق بمصلحة السكك الحديدية في وظيفة كاتب بماهية شهرية قدرها 7 جنيهات و500 مليم في 6 من أغسطس سنة 1925. وحصل على دبلوم المعلمين العليا سنة 1929 ودبلوم الآثار المصرية سنة 1934 ثم نقل إلى وزارة التربية والتعليم اعتباراً من 2 من نوفمبر سنة 1936 مدرساً بها وطبقت عليه قواعد الإنصاف فاعتبر في الدرجة السادسة من 12 من يونيه سنة 1929 وهو تاريخ اعتماد نتيجة المعلمين العليا بماهية 20 جنيهاً و500 مليم من 3 من يناير سنة 1944 ثم صدر القرار رقم 103 في 27 من فبراير سنة 1957 بتسوية حالته طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مايو سنة 1948 على أن يحصل من مرتبه الإنصاف من 3 من يناير سنة 1944 إلى 8 من مايو سنة 1948 بعد إقراره بقبول ذلك التحصيل. ولما كان الواضح من قراري مجلس الوزراء الصادرين في 5 من مارس سنة 1945 و9 من مايو سنة 1948 أنه إثر صدور قرار مجلس الوزراء في 5 من مارس سنة 1945 استطلعت الوزارة رأي وزارة المالية في شأن الموظفين الحاصلين على مؤهلات فنية في التدريس وكانوا يشغلون وظائف كتابية وطبقت عليهم قواعد الإنصاف ثم نقلوا بحالتهم إلى الوزارة للانتفاع بهم في التدريس، بأنه ليس من العدالة أن ينالهم غبن في ماهياتهم باحتساب ثلاثة أرباع المدد السابقة بل يحسن تطبيق قرار 5 من مارس سنة 1945 عليهم لأن نقلهم كان للانتفاع بهم، وقد رأت المالية الموافقة على هذا الطلب فصدر قرار مجلس الوزراء في 9 من مايو سنة 1948 على تسوية حالة المدرسين ذوي المؤهلات الفنية في التدريس والذين سبق لهم الاشتغال في وظائف كتابية في الوزارات المختلفة ثم نقلوا لوظائف التدريس بتطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945 عليهم وذلك مساواة لهم بأقرانهم المدرسين ذوي المؤهلات الفنية في التدريس الذين كان لهم مدد خدمة في وظائف كتابية وعوملوا بهذا القرار.
ولما كانت الحكمة من صدور القرار المذكور هي المساواة بين الطائفة التي ينتمي إليها المدعي (وهي طائفة المدرسين ذوي المؤهلات الفنية في التدريس الذين سبق لهم الاشتغال في وظائف كتابية في الوزارات المختلفة ثم نقلوا لوظائف التدريس) بأقرانهم المدرسين ذوي المؤهلات الفنية وكانوا يشتغلون في وظائف كتابية بالهيئات الخاصة كمدارس مجالس المديريات وعوملوا بأحكام قرار 5 مارس سنة 1945 وهذه المساواة لا تكون إلا بتطبيق القرار الأخير على حالة المدعي وصرف فروق التسوية اعتباراً من تاريخ صدوره في 5 من مارس سنة 1945 إذ أن القرار الصادر في أول مايو سنة 1948 قد كشف عن حق ثابت للمدعي في قرار 5 من مارس سنة 1945 فمن ثم يتعين صرف الفروق المالية إليه اعتباراً من هذا التاريخ.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مايو سنة 1948 قد أنشأ حقاً جديداً للمدعي بتسوية حالته بالتطبيق للقواعد الواردة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945 وليس كاشفاً لحق ثابت له كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه، فلا يكون نافذاً إلا من تاريخ العمل به.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة [(1)] قد جرى على أن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح فمركز الموظف من هذه الناحية هو مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت وليس له أن يحتج بأن له حقاً مكتسباً في أن يعامل بالنظام القديم الذي عين في ظله، ومرد ذلك إلى أن الموظفين هم عمال المرافق العامة وبهذه المثابة يجب أن يخضع نظامهم القانوني للتعديل والتغيير وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة. ويتفرع عن ذلك أن النظام الجديد يسري على الموظف بأثر حال مباشر من تاريخ العمل به، ولكنه لا يسري بأثر رجعي بما من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت لصالح الموظف في ظل النظام القديم، قانوناً كان أو لائحة، إلا بنص خاص في قانون وليس بأداة أدنى منه كلائحة، وإذا تضمن النظام الجديد، قانوناً كان أو لائحة، مزايا جديدة للوظيفة ترتب أعباء مالية على الخزانة فالأصل ألا يسري النظام الجديد في هذا الخصوص إلا من تاريخ العمل به - إلا إذا كان واضحاً منه أنه قصد أن يكون نفاذه من تاريخ سابق.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مايو سنة 1948 بتسوية حالة المدرسين ذوي المؤهلات الفنية في التدريس والذين سبق لهم الاشتغال في وظائف كتابية في الوزارات المختلفة ثم نقلوا لوظائف التدريس يكون قد أنشأ حقاً جديداً للمدعي وزملائه، بتسوية حالتهم وفقاً للقواعد الواردة في قرار 5 من مارس سنة 1945 بشأن تسوية حالة موظفي مجالس المديريات الذين ضموا لوزارة المعارف العمومية وغيرهم من الطوائف وليس كاشفاً لحق ثابت لهم في هذا القرار حسبما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، وقد جاء القرار المذكور خالياً من النص على أن يكون نفاذه من تاريخ سابق عليه، ومن ثم فإن هذا التنظيم الجديد لا يسري إلا من تاريخ العمل به. ويؤكد ذلك أن وزارة التربية والتعليم طلبت من وزارة المالية في يناير سنة 1952 تسوية حالة من أفادوا من قرار 9 من مارس سنة 1948 من تاريخ العمل بقرار 5 من مارس سنة 1945 وقدرت المبلغ المطلوب صرفه بستة عشر ألف جنيه فرفضت وزارة المالية ذلك في يونيه سنة 1954. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين القضاء بإلغائه وبرفض دعوى المدعي وإلزامه بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.


[(1)] راجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في القضية رقم 82 لسنة 1 القضائية بجلسة 11 من فبراير سنة 1956 المنشور بمجموعة السنة الأولى العدد الثاني ص 481.

الطعن 294 لسنة 34 ق جلسة 18 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 116 ص 801

جلسة 18 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.

-----------------

(116)
الطعن رقم 294 لسنة 34 القضائية

(أ) حكم. "حجية الحكم". أهلية. وصية.
لا حجية للحكم إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب المتصلة به اتصالاً وثيقاً والتي لا يقوم المنطوق بدونها. القضاء بصحة العقد في نزاع يدور حول صدوره من المتصرف وهو في كامل الأهلية أم أنه كان عديم الأهلية لعته. عدم حجية هذا القضاء في المنازعة في هذه التصرفات بأنها تخفي وصايا. اختلاف المنازعتين سبباً. الطعن في التصرف بأنه يخفي وصية يفترض صدوره من ذي أهلية.
(ب) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "كفاية التسبيب". دعوى. "الحكم في الدعوى".
محكمة الموضوع ليست ملزمة بالرد على كل ما يقدمه إليها الخصوم من مستندات وحسبها أن تقيم حكمها على ما يصلح من الأدلة لحمله.
(ج) نقض "أسباب الطعن".
النعي الموجه إلى ما ورد بأسباب الحكم الابتدائي مما لم يأخذ به الحكم المطعون فيه. غير مقبول.
(د) وصية. "قرينة المادة 917 مدني". إثبات. صورية. إرث.
قرينة المادة 917 مدني. مناطها اجتماع شرطين: احتفاظ المتصرف بحيازة العين التي تصرف فيها واحتفاظه بحقه في الانتفاع بها مدى حياته. خلو العقد من النص عليهما لا يمنع محكمة الموضوع من التحقق من توافرهما. للوارث إثبات أن العقد يخفي وصية احتيالاً على أحكام الإرث بكافة طرق الإثبات.

-------------------
1 - لا حجية للحكم إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب المتصلة به اتصالاً وثيقاًَ والتي لا يقوم المنطوق بدونها، فإذا كان الثابت أن النزاع بين الخصوم قد انحصر أولاً فيما إذا كانت العقود الصادرة من المورث لابنه الطاعن قد صدرت منه وهو في كامل أهليته أم أنه كان منعدم الأهلية بسبب العته الشيخوخي الذي أصابه فقضت محكمة الموضوع بصحة تلك العقود واقتصر بحثها في أسباب الحكم على الطعن في العقود بانعدام أهلية المتصرف ولم تعرض في هذه الأسباب إلى ما أثاره المطعون ضدهم بشأن إخفاء هذه التصرفات لوصايا كما لم يتضمن منطوقها فصلاً في هذه المسألة، فإن هذا الحكم لا تكون له حجية فيها لأن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي ولأن الطعن في التصرفات بأنها تخفي وصية لا يتعارض مع الحكم بصدور العقد من ذي أهلية بل أن الطعن بالوصية يفترض صدور التصرف من ذي أهلية. والطعن على التصرف بأنه في حقيقته وصية يعتبر سبباً مختلفاً عن الطعن فيه بانعدام أهلية المتصرف.
2 - محكمة الموضوع ليست ملزمة بالرد على كل ما يقدمه إليها الخصوم من مستندات وحسبها أن تقيم حكمها على ما يصلح من الأدلة لحمله.
3 - إذ كان النعي موجهاً إلى ما ورد في أسباب الحكم الابتدائي مما لم يأخذ به الحكم المطعون فيه فإن هذا النعي يكون غير مقبول.
4 - وإن كان صحيحاً أن القرينة التي نصت عليها المادة 917 من القانون المدني لا تقوم إلا باجتماع شرطين: هما احتفاظ المتصرف بحيازة العين التي تصرف فيها واحتفاظه بحقه في الانتفاع بها مدى حياته إلا أن خلو العقد من النص عليهما لا يمنع قاضي الموضوع؛ إذا تمسك الورثة الذين أضر بهم التصرف بتوافر هذين الشرطين رغم عدم النص عليهما في العقد؛ من استعمال سلطته في التحقيق من توافرهما للوقوف على حقيقة العقد المتنازع عليه وقصد المتصرف من تصرفه وذلك في ضوء ظروف الدعوى وملابساتها غير متقيد في ذلك بما ورد في العقد من نصوص صريحة دالة على تنجيزه لأن للوارث أن يثبت بطريق الإثبات كافة مخالفة هذه النصوص للواقع متى كان قد طعن في العقد بأنه يخفي وصية احتيالاً على أحكام الإرث.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهن أقمن الدعوى رقم 33 سنة 1958 كلي الفيوم على الطاعن والسيدة لوليه مرقص عبد المسيح بطلب الحكم لهن بتثبيت ملكيتهن لأنصبتهن الشرعية البالغ قدرها 12 و3/ 5 قيراط من 24 قيراطاً في العقارات والمنقولات المتروكة عن والدهن والمبينة بصحيفتها وصحيفتي تعديل الطلبات مثالثة بينهن وتسليم هذه الحصص إليهن - وقلن شرحاً لهذه الدعوى إنه بتاريخ 28 فبراير سنة 1957 توفى المرحوم عياد صليب عن تركة وورثه هم زوجته لوليه مرقص وأولاده الطاعن والمطعون ضدهن وكان المورث قد أصيب قبل الوفاة بمدة طويلة بمرض ألزمه الدار ثم بعته شيخوخي أفقده الإرادة و الإدراك ومنذ ذلك الحين استأثر ولده الطاعن بممتلكات أبيه وانتهز فرصة ضعف قواه العقلية ليستصدر منه عقوداً صورية تفيد تصرفه إليه في بعض أملاكه فتقدمن إلى محكمة الأحوال الشخصية بطلب الحجر على والدهن وإذ توفى قبل الانتهاء من تحقيق هذا الطلب والبت فيه أقمن هذه الدعوى بطلباتهن سالفة البيان. وأجاب الطاعن بأنه لا يعارض في الحكم للمطعون ضدهن بنصيبهن في الأموال المتروكة عن والدهن التي حددها في مذكرته دون غيرها من الأعيان والعقارات التي اشتراها من المورث بعقود صحيحة صدرت منه وهو أهل للتعاقد وفي حالة صحة - وفي 5 إبريل سنة 1960 قضت المحكمة "بندب مكتب الخبراء للاطلاع على ملف الدعوى ومستندات الطرفين وبيان ما تركه مورث الطرفين من الأموال والأعيان المبينة بصحيفتي افتتاح الدعوى وتعديل الطلبات وذلك بعد استبعاد ما تصرف فيه للمدعى عليه الأول (الطاعن) وتقدير قيمة هذه التركة وواضع اليد عليها من الورثة وتحديد نصيب المدعيات (المطعون ضدهن) فيما يثبت أنه متروك عن المورث. وبررت المحكمة قضاءها باستبعاد هذه التصرفات بما ثبت لها من مطالعة صورة تحقيق نيابة الأحوال الشخصية في القضية رقم أ ب سنة 1957 كلي أحوال شخصية الفيوم من أن وكيل النيابة المحقق لم يثبت أية ظاهرة من ظواهر ضعف العقل في المورث واستدلت بذلك على أن المورث لم يكن معتوهاً وقت تقديم طلب الحجر في سنة 1957 أو في أي مدة سابقة عليه. وبعد أن باشر الخبير هذه المأمورية تمسك المطعون ضدهن بأن بعض الأعيان والممتلكات الموضحة بصحيفة تعديل الطلبات اشتراها المورث صورياً باسم ولده الطاعن وأن البعض الآخر تم بيعه من المورث للطاعن بموجب عقود بيع صورية قصد بها الإيصاء وحرمانهم من نصيبهن الشرعي في تركة هذا المورث. كما تمسكن بأن الطاعن قد استولى على نصيبهن في الغلال والمواشي والنقود المتروكة عن المورث. ورد الطاعن على ذلك بأن المحكمة إذ انتهت في أسباب حكمها المؤرخ 5/ 4/ 1960 إلى القضاء بصحة العقود الصادرة له من المورث لاكتمال أهليته وكان قضاؤها في هذا الصدد قطعياً ونهائياً فإنها بذلك تكون قد استنفدت ولايتها في هذا الخصوص ولا يجوز لها أن تعود وتبحث هذه المسائل من جديد. وفي 27 فبراير سنة 1962 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها. (ثانياً) وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المدعيات (المطعون ضدهن) بكافة طرق الإثبات أن عقود البيع الصادرة من مورثهن إلى المدعى عليه الأول (الطاعن) عقود صورية قصد بها الإيصاء. (ثالثاً) توجيه اليمين الحاسمة للمدعى عليه بالصيغة الواردة في منطوق هذا الحكم، وبعد حلف اليمين وسماع شهود الطرفين قضت المحكمة في 19 يونيو سنة 1962 قبل الفصل في الموضوع "بإعادة الأوراق إلى مكتب الخبراء لتقييم تركة المورث بما في ذلك العقارات موضوع العقود المطعون عليها بالصورية المنوه عنها بهذا الحكم والحكم الصادر في 27/ 2/ 1962 وبيان ما إذا كانت هذه العقارات تبلغ في قيمتها ثلث التركة أم لا فإن كانت تزيد عن الثلث فعلى الخبير تعيين القدر الزائد" وأقامت المحكمة قضاءها في النزاع الدائر حول التصرفات الصادرة للطاعن من المورث والغير بأنها في حقيقتها تبرع مضاف إلى ما بعد الموت وليست بيعاً منجزاً استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف بالاستئناف رقم 308 سنة 1 قضائية وفي 8 مارس سنة 1964 حكمت تلك المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للتصرفات الصادرة إلى المستأنف (الطاعن) من الغير في الأطيان والعقارات المبينة بصحيفتي افتتاح الدعوى وتعديل الطلبات واعتبار هذه التصرفات صحيحة غير مشوبة بأي بطلان وتأييد الحكم المستأنف فيما انتهى إليه بالنسبة للتصرفات الأخرى الصادرة إلى المستأنف من المورث في الأطيان والعقارات المبينة الحدود والمعالم بصحيفتي افتتاح الدعوى والتعديل على مقتضى ما ورد بالأسباب. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها بطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية ورفضه موضوعاً بالنسبة للمطعون ضدهما الأولى والثالثة وبالجلسة المحددة لنطر الطعن تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن النيابة أسست الدفع ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية على أن الطاعن لم يقم بإعلانها به في الميعاد القانوني.
وحيث إن هذا الدفع صحيح ذلك أن الطعن رفع في 6/ 5/ 1964 وقد أدركه قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون ولما كانت المادة الثالثة من هذا القانون الذي عمل به من تاريخ نشره في 22 يوليو سنة 1965 قد نصت في فقرتها الثانية على أن تتبع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون وكانت المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 سنة 1955 الذي أنشأ دوائر فحص الطعون قد أوجبت على الطاعن أن يعلن الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن وإلا كان الطعن باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه وإذ كانت أوراق الطعن قد خلت مما يثبت قيام الطاعن بإعلان المطعون ضدها الثانية خلال الخمسة عشر يوماً التالية لتاريخ العمل بالقانون المذكور وحتى انقضى الميعاد الذي منحه إياه القانون رقم 4 لسنة 1967 لاستكمال ما لم يتم من الإجراءات التي يقتضيها تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 ولتصحيح ما لم يصح منها وفقاً لحكم تلك الفقرة فإنه يتعين إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 431 مرافعات سالفة البيان والحكم ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية ولما كان الموضوع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه مما يقبل التجزئة فإن البطلان يقتصر عليها ولا يمتد إلى المطعون ضدهما الأخريين اللتين صح إعلانهما بالطعن.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضدهما الأولى والثالثة.
وحيث إنه أقيم على سبعة أسباب ينعى الطاعن في السبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن النزاع في صورته الواردة بصحيفة افتتاح الدعوى يقوم على طلب بطلان تصرفات المورث للطاعن استناداً إلى العته والصورية وتمسكت المطعون عليهن في المذكرة المقدمة لجلسة 22 مارس سنة 1960 بتطبيق المادة 917 من القانون المدني وفي 5 إبريل سنة 1960 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء لبيان ما تركه مورثهما من الأموال والأعيان المبينة وذلك بعد استبعاد ما تصرف فيه للمدعى عليه الأول (الطاعن) وهذا الحكم وإن كان قد انتهى إلى ندب خبير إلا أنه أنهى الخصومة بين الطرفين حول صحة التصرفات المطعون عليها وحسم الوصف القانوني لهذه التصرفات وإذ عادت المحكمة الابتدائية وأصدرت حكمها المستأنف على خلاف ما قضى به حكمها السابق وأيدت محكمة الاستئناف هذا الحكم على الرغم من تمسك الطاعن أمامها بحجية الأمر المقضي التي حازها حكم 5 إبريل سنة 1960 فإن الحكم المطعون فيه يكون مخطئاًَ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه رد على ما تمسك به الطاعن في خصوص حجية الحكم الصادر بتاريخ 5/ 4/ 1960 بقوله "إن أساس الدفع المبدى من المستأنف عليهن (المطعون ضدهن) ببطلان عقود البيع الصادرة إليه من المورث على أساس صورية هذه العقود وأنها في حقيقتها وصية في حين أنهن أسسن البطلان في الدفع الأول المقضى فيه بالحكم الصادر في 5 إبريل سنة 1960 على انعدام أهلية المورث وأنه بذلك يكون السبب مختلفاًَ في الحالين ويكون ما ذهب إليه الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 5/ 4/ 1960 برفض هذا الدفع في محله" وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه صحيح في القانون ذلك أنه لا حجية للحكم إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب المتصلة به اتصالاً وثيقاًَ والتي لا يقوم المنطوق بدونها ولما كان الثابت من الأوراق أن النزاع انحصر أولاً بين الخصوم فيما إذا كانت العقود الصادرة من المورث لابنه الطاعن قد صدرت منه وهو في كامل أهليته أو أنه كان منعدم الأهلية بسبب العته الشيخوخي الذي أصابه وكانت المحكمة قد قضت في 5/ 4/ 1960 بصحة تلك العقود واقتصر بحثها في الأسباب على الطعن في العقود بانعدام أهلية المتصرف ولم تعرض في هذه الأسباب إلى ما أثاره المطعون ضدهن بشأن إخفاء هذه التصرفات لوصايا كما لم يتضمن منطوقها فصلاً في هذه المسألة فإن هذا الحكم لا يكون له أية حجية فيها لأن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي ولأن الطعن في التصرفات بأنها تخفي وصية لا يتعارض مع ما قطعت به المحكمة في حكمها الصادر في 5 إبريل سنة 1960 من صدورها من ذي أهلية بل إن الطعن بالوصية يفترض صدور التصرف من ذي أهلية والطعن على التصرف بأنه في حقيقته وصية يعتبر سبباً مختلفاً عن الطعن فيه بانعدام أهلية المتصرف.
وحيث إن الطاعن ينعى في السببين الأول والسادس على الحكم المطعون فيه فساد الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه انتهى إلى القول بصورية التصرفات الصادرة من المورث لولده الطاعن أخذاً بأقوال شهود المطعون ضدهن في حين أن هذه الأقوال لا تفيد هذا الاستخلاص كما أخذت المحكمة بأقوال بعض الشهود بالنسبة لبعض العقود على أن هذه الأقوال تتناول العقود جميعاً وأسست قضاءها على تلك الأقوال وأغفلت الرد على النقد الذي وجهه إليها الطاعن فجاء حكمها بذلك قاصر البيان.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه حصل ما ذكره الشهود في قوله "ومن حيث إن المحكمة سمعت شهود الطرفين فقرر محمد كيلاني الشاهد الأول للمدعيات أنه توسط في النزاع بين الطرفين وقبل المدعى عليه (الطاعن) التنازل عن التصرفات الصادرة إليه من والده وقرر خليل إبراهيم الشاهد الثاني أن المدعى عليه أشهده على العقود الخاصة بمنزلي الإسكندرية وسنورس وماكينة الطحين والأرض الفضاء وأنه لم يدفع ثمناً لهذه العقارات في حضوره وإن كان البائع قد أقر بقبض الثمن وقرر شفيق حسنين الشاهد الثالث أن المورث اشترى منزل شارع الغندقلي باسم المدعى عليه ودفع الثمن من جيبه الخاص وأضاف أن الأخير كان يعيش مع والده المورث في معيشة واحدة ويدير تجارته ولم يكن لديه أموال خاصة وقرر داود يعقوب الشاهد الرابع أن المدعى عليه كان يشارك والده معيشته ويباشر معه تجارته ولم يكن له تجارة خاصة وأنه لم يتعامل معه شخصياً إلا بعد وفاة والده وخلصت المحكمة إلى أنه "يبين من أقوال شهود المدعيات الذين تطمئن المحكمة إلى أقوالهم وتأخذ بها أن المدعى عليه كان يدير أموال والده وتجارته ولم يكن لديه تجارة خاصة حتى يتوفر لديه المال اللازم لسداد أثمان العقارات المتنازع عليها وعلى ذلك تكون التصرفات المذكورة في حقيقتها تبرعاً مضافاً إلى ما بعد الموت أي وصية" ولما كان هذا الذي حصلته المحكمة من أقوال الشهود بالإضافة إلى القرينتين اللتين ساقتهما وهما أن المورث كان ثرياً طاعناً في السن ولم يكن في حاجة إلى بيع أملاكه وأن الطاعن هو ابنه الوحيد الذي كان يعاونه في أعماله وإدارة أمواله مما يدخل في نطاق سلطتها التقديرية للتدليل وكان ما استخلصته من أقوال الشهود هو استخلاص سائغ يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ولا مخالفة فيه للثابت في أقوالهم وكان أخذ المحكمة بأقوال هؤلاء الشهود وما ذكرته عن اطمئنانها إليها يتضمن الرد المسقط للنقد الذي وجهه إليها الطاعن فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسببين الثالث والسابع مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب ويقول في بيان ذلك إنه قدم للمحكمة شهادة رسمية من السجل التجاري تفيد أو والده اعتزل التجارة منذ سنة 1941 ومع ذلك قالت المحكمة إن الطاعن كان يعاون والده في تجارته. وأن الأموال الجارية باسمه في التجارة كانت في الواقع لحساب والده واستخلصت المحكمة من هذا الذي قررته أن نية المورث قد انصرفت إلى الإيصاء للطاعن بالأموال والعقارات موضوع العقود المتنازع عليها في حين أن الوالد قد توفى في 28 من فبراير سنة 1957 وتمت التصرفات المطعون عليها بعد اعتزاله التجارة بسنوات طويلة وكان حرياً بمحكمة الموضوع وقد قضت على خلاف الثابت بهذه الشهادة الرسمية القاطعة أن تتناولها بالرد وإذ هي لم تفعل فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بأن التصرفات الصادرة من المورث لابنه الطاعن في حقيقتها وصايا على أقوال الشهود وقرائن الأحوال التي استخلصها من وقائع الدعوى وعناصرها وكانت هذه الأدلة والقرائن تكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الشهادة المقدمة من الطاعن الدالة على اعتزال المورث التجارة منذ مدة طويلة سابقة على وفاته إذ المحكمة ليست ملزمة بالرد على كل ما يقدمه إليها الخصوم من مستندات وحسبها أن تقيم حكمها على ما يصلح من الأدلة لحمله.
وحيث إن حاصل السبب الرابع الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك أمام المحكمة الابتدائية بأنه اشترى الأطيان والعقارات المبيعة من والده من ماله الخاص وذكر أنه حتى بفرض أن المورث قد وهبه المال اللازم للشراء فإن هذه الهبة تكون صحيحة بالقبض عملاً بالفقرة الثانية من المادة 488 مدني إلا أن المحكمة الابتدائية اعتبرت هذا الافتراض بمثابة إقرار منه بالهبة ورتبت عليه النتيجة التي وصلت إليها في حكمها وبذلك تكون قد غيرت سبب الدعوى من تلقاء نفسها وهو أمر لا تملكه وإذ جاء الحكم المطعون فيه مؤيداً لهذا القضاء فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول لأنه موجه إلى ما ورد في أسباب الحكم الابتدائي مما لم يأخذ به الحكم المطعون فيه إذ أن محكمة الاستئناف لم تؤسس قضاءها على الافتراض المشار إليه في سبب النعي وإنما أسسته على أقوال الشهود والقرائن التي استخلصتها من وقائع الدعوى وعناصرها - وفقاً لما سلف بيانه عند الرد على السبب الأول - هذا إلى أن هذا النعي يعتبر سبباً جديداً لعدم التمسك به أمام محكمة الاستئناف فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ذلك أنه أجرى تطبيق المادة 917 من القانون المدني مع أنه يشترط لتطبيقها أن يظل المورث حائزاً للعين المبيعة وأن يحتفظ لنفسه بحق الانتفاع طيلة حياته في حين أن الثابت في العقود أن حيازة الأموال المبيعة قد انتقلت إلى الطاعن في حياة المورث وفور صدور البيع كما لم يحتفظ فيها البائع لنفسه بحق الانتفاع بأية طريقة كانت.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه وإن كان صحيحاً أن القرينة التي نصت عليها المادة 917 من القانون المدني لا تقوم إلا باجتماع شرطين هما احتفاظ المتصرف بحيازة العين التي تصرف فيها واحتفاظه بحقه في الانتفاع بها مدى حياته إلا أن خلو العقد من النص عليهما لا يمنع قاضي الموضوع من استعمال سلطته في التحقق من توافر هذين الشرطين للوقوف على حقيقة العقد المتنازع عليه وقصد المتصرف من تصرفه وذلك في ضوء ظروف الدعوى وملابساتها غير متقيد في ذلك بما ورد في العقد من نصوص صريحة دالة على تنجيزه لأن للوارث أن يثبت بطريق الإثبات كافة مخالفة هذه النصوص للواقع متى كان قد طعن في العقد بأنه يخفي وصية احتيالاً على أحكام الإرث. لما كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على الحكم الابتدائي أنه قضى باعتبار التصرفات محل النزاع مضافة إلى ما بعد الموت وقصد بها الاحتيال على قواعد الإرث وتسري عليها أحكام الوصية بناء على ما استخلصه من أقوال الشهود ومن الظروف التي أحاطت بتحريرها ومن أن المورث لم يكن في حاجة إلى المال المتحصل من البيع وأن الطاعن لم يكن في حالة تسمح له بالشراء وكان من شأن هذه الأدلة أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم من أن نية الطرفين قد انصرفت إلى الوصية لا إلى البيع فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي وأحال إلى أسبابه في هذا الخصوص لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس.