الصفحات

السبت، 30 سبتمبر 2023

الطعن 391 لسنة 5 ق جلسة 19 / 11 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 22 ص 146

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي والدكتور ضياء الدين صالح وحسني جورجي المستشارين.

-----------------

(22)

القضية رقم 391 لسنة 5 القضائية

موظف 

- علاقة الموظف بالحكومة تنظيمية - خضوع نظامه القانوني للتعديل وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة - سريان التنظيم الجديد عليه بأثر حال من تاريخ العمل به - عدم سريانه بأثر رجعي يمس المراكز القانونية الذاتية إلا بنص خاص في قانون وليس في أداة أدنى - تضمن التنظيم الجديد لمزايا ترتب أعباء مالية على الخزانة العامة - عدم سريانه إلا من تاريخ العمل به إلا إذا قصد سريانه من تاريخ سابق - مثال بالنسبة لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9/ 5/ 1948 بتسوية حالة المدرسين المؤهلين فنياً والذين سبق لهم الاشتغال في وظائف كتابية في الوزارات المختلفة وفقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 5/ 3/ 1945 - نفاذه من تاريخ صدوره - أساس ذلك.

---------------
إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، فمركز الموظف من هذه الناحية هو مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت وليس له أن يحتج بأن له حقاً مكتسباً في أن يعامل بالنظام القديم الذي عين في ظله، ومرد ذلك إلى أن الموظفين هم عمال المرافق العامة وبهذه المثابة يجب أن يخضع نظامهم القانوني للتعديل والتغيير وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة - ويتفرع عن ذلك أن النظام الجديد يسري على الموظف بأثر حال مباشر من تاريخ العمل به ولكنه لا يسري بأثر رجعي بما من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت لصالح الموظف في ظل النظام القديم قانوناً كان أو لائحة، إلا بنص خاص في قانون وليس في أداة أدنى منه كاللائحة. وإذا تضمن النظام الجديد - قانوناً كان أو لائحة - مزايا جديدة للوظيفة ترتب أعباء مالية على الخزانة فالأصل ألا يسري النظام الجديد في هذا الخصوص إلا من تاريخ العمل به - إلا إذا كان واضحاً منه أنه قصد أن يكون نفاذه من تاريخ سابق.
وترتيباً على ما تقدم فإن قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مايو سنة 1948 بتسوية حالة المدرسين ذوي المؤهلات الفنية في التدريس والذين سبق لهم الاشتغال في وظائف كتابية في الوزارات المختلفة ثم نقلوا لوظائف التدريس يكون قد أنشأ حقاً جديداً للمدعي وزملائه بتسوية حالتهم وفقاً للقواعد الواردة في قرار 5 من مارس سنة 1945 بشأن تسوية حالة موظفي مجالس المديريات الذين ضموا لوزارة المعارف العمومية وغيرهم من الطوائف وليس كاشفاً لحق ثابت لهم في هذا القرار حسبما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، وقد جاء القرار المذكور خالياً من النص على أن يكون نفاذه من تاريخ سابق عليه، ومن ثم فإن هذا التنظيم الجديد لا يسري إلا من تاريخ العمل به ويؤكد ذلك أن وزارة التربية والتعليم طلبت من وزارة المالية في يناير سنة 1952 تسوية حالة من أفادوا من قرار 9 من مارس سنة 1948 من تاريخ العمل بقرار 5 من مارس سنة 1945 وقدرت المبلغ المطلوب صرفه بستة عشر ألف جنيه فرفضت وزارة المالية ذلك في يونيه سنة 1954.


إجراءات الطعن

في يوم 28 من فبراير سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 9 من ديسمبر سنة 1958 في القضية رقم 651 لسنة 10 القضائية المرفوعة من السيد/ فلتس أبادير ضد وزارة التربية والتعليم والقاضي باستحقاق المدعي تسوية حالته طبقاً للقواعد الواردة في قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مايو سنة 1945 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات. وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة للأسباب الواردة في عريضة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات - وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 18 من مايو سنة 1959 وللمدعي في 21 منه، وعين لنظره أمام هيئة فحص الطعون جلسة 22 من مايو سنة 1960 وأحيل للمرافعة لجلسة 15 من أكتوبر سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام هذه الدعوى بتظلم قدمه للجنة القضائية لوزارة التربية والتعليم في 27 من فبراير سنة 1952 طلب فيه معاملته بقرار 5 من مارس سنة 1945 وضم مدة خدمته في الوظائف الكتابية إلى مدة خدمته في التدريس وذلك أسوة بزملائه الذين طبق عليهم هذا القرار بموجب أحكام قضائية، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية - وقد أحيلت الدعوى بعد ذلك إلى محكمة القضاء الإداري لأن المدعي ينتمي إلى الكادر الفني العالي وقدم مذكرة في 14 من ديسمبر سنة 1958 خلص فيها إلى الطلبات السابقة. وذكر المدعي أنه حاصل على دبلوم المعلمين العليا سنة 1929 والماجستير في الآثار المصرية سنة 1934، وكان قد التحق بخدمة الحكومة في سنة 1925 بوظيفة كاتب في الدرجة الثامنة الكتابية بمصلحة السكك الحديدية ثم عين في وزارة التربية والتعليم مدرساً في الدرجة السادسة في سنة 1936 واعتبرت أقدميته فيها من يونيه سنة 1936. وقد ردت الوزارة على ذلك بأنها في سبيل تسوية حالة المدعي بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مايو سنة 1948. وفي أثناء سير الدعوى أصدرت الوزارة قراراً بتاريخ 27 من فبراير سنة 1957 بتسوية حالة المدعي على أن لا تصرف الفروق المالية إليه إلا اعتباراً من 9 من مايو سنة 1948. وبجلسة 29 من ديسمبر سنة 1958 حكمت المحكمة بصرف الفروق المالية إلى المدعي اعتباراً من 5 من مارس سنة 1945 وألزمت الحكومة بالمصروفات. وأقامت قضاءها على أن الواضح من ملف خدمة المدعي أنه التحق بمصلحة السكك الحديدية في وظيفة كاتب بماهية شهرية قدرها 7 جنيهات و500 مليم في 6 من أغسطس سنة 1925. وحصل على دبلوم المعلمين العليا سنة 1929 ودبلوم الآثار المصرية سنة 1934 ثم نقل إلى وزارة التربية والتعليم اعتباراً من 2 من نوفمبر سنة 1936 مدرساً بها وطبقت عليه قواعد الإنصاف فاعتبر في الدرجة السادسة من 12 من يونيه سنة 1929 وهو تاريخ اعتماد نتيجة المعلمين العليا بماهية 20 جنيهاً و500 مليم من 3 من يناير سنة 1944 ثم صدر القرار رقم 103 في 27 من فبراير سنة 1957 بتسوية حالته طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مايو سنة 1948 على أن يحصل من مرتبه الإنصاف من 3 من يناير سنة 1944 إلى 8 من مايو سنة 1948 بعد إقراره بقبول ذلك التحصيل. ولما كان الواضح من قراري مجلس الوزراء الصادرين في 5 من مارس سنة 1945 و9 من مايو سنة 1948 أنه إثر صدور قرار مجلس الوزراء في 5 من مارس سنة 1945 استطلعت الوزارة رأي وزارة المالية في شأن الموظفين الحاصلين على مؤهلات فنية في التدريس وكانوا يشغلون وظائف كتابية وطبقت عليهم قواعد الإنصاف ثم نقلوا بحالتهم إلى الوزارة للانتفاع بهم في التدريس، بأنه ليس من العدالة أن ينالهم غبن في ماهياتهم باحتساب ثلاثة أرباع المدد السابقة بل يحسن تطبيق قرار 5 من مارس سنة 1945 عليهم لأن نقلهم كان للانتفاع بهم، وقد رأت المالية الموافقة على هذا الطلب فصدر قرار مجلس الوزراء في 9 من مايو سنة 1948 على تسوية حالة المدرسين ذوي المؤهلات الفنية في التدريس والذين سبق لهم الاشتغال في وظائف كتابية في الوزارات المختلفة ثم نقلوا لوظائف التدريس بتطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945 عليهم وذلك مساواة لهم بأقرانهم المدرسين ذوي المؤهلات الفنية في التدريس الذين كان لهم مدد خدمة في وظائف كتابية وعوملوا بهذا القرار.
ولما كانت الحكمة من صدور القرار المذكور هي المساواة بين الطائفة التي ينتمي إليها المدعي (وهي طائفة المدرسين ذوي المؤهلات الفنية في التدريس الذين سبق لهم الاشتغال في وظائف كتابية في الوزارات المختلفة ثم نقلوا لوظائف التدريس) بأقرانهم المدرسين ذوي المؤهلات الفنية وكانوا يشتغلون في وظائف كتابية بالهيئات الخاصة كمدارس مجالس المديريات وعوملوا بأحكام قرار 5 مارس سنة 1945 وهذه المساواة لا تكون إلا بتطبيق القرار الأخير على حالة المدعي وصرف فروق التسوية اعتباراً من تاريخ صدوره في 5 من مارس سنة 1945 إذ أن القرار الصادر في أول مايو سنة 1948 قد كشف عن حق ثابت للمدعي في قرار 5 من مارس سنة 1945 فمن ثم يتعين صرف الفروق المالية إليه اعتباراً من هذا التاريخ.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مايو سنة 1948 قد أنشأ حقاً جديداً للمدعي بتسوية حالته بالتطبيق للقواعد الواردة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945 وليس كاشفاً لحق ثابت له كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه، فلا يكون نافذاً إلا من تاريخ العمل به.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة [(1)] قد جرى على أن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح فمركز الموظف من هذه الناحية هو مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت وليس له أن يحتج بأن له حقاً مكتسباً في أن يعامل بالنظام القديم الذي عين في ظله، ومرد ذلك إلى أن الموظفين هم عمال المرافق العامة وبهذه المثابة يجب أن يخضع نظامهم القانوني للتعديل والتغيير وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة. ويتفرع عن ذلك أن النظام الجديد يسري على الموظف بأثر حال مباشر من تاريخ العمل به، ولكنه لا يسري بأثر رجعي بما من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت لصالح الموظف في ظل النظام القديم، قانوناً كان أو لائحة، إلا بنص خاص في قانون وليس بأداة أدنى منه كلائحة، وإذا تضمن النظام الجديد، قانوناً كان أو لائحة، مزايا جديدة للوظيفة ترتب أعباء مالية على الخزانة فالأصل ألا يسري النظام الجديد في هذا الخصوص إلا من تاريخ العمل به - إلا إذا كان واضحاً منه أنه قصد أن يكون نفاذه من تاريخ سابق.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مايو سنة 1948 بتسوية حالة المدرسين ذوي المؤهلات الفنية في التدريس والذين سبق لهم الاشتغال في وظائف كتابية في الوزارات المختلفة ثم نقلوا لوظائف التدريس يكون قد أنشأ حقاً جديداً للمدعي وزملائه، بتسوية حالتهم وفقاً للقواعد الواردة في قرار 5 من مارس سنة 1945 بشأن تسوية حالة موظفي مجالس المديريات الذين ضموا لوزارة المعارف العمومية وغيرهم من الطوائف وليس كاشفاً لحق ثابت لهم في هذا القرار حسبما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، وقد جاء القرار المذكور خالياً من النص على أن يكون نفاذه من تاريخ سابق عليه، ومن ثم فإن هذا التنظيم الجديد لا يسري إلا من تاريخ العمل به. ويؤكد ذلك أن وزارة التربية والتعليم طلبت من وزارة المالية في يناير سنة 1952 تسوية حالة من أفادوا من قرار 9 من مارس سنة 1948 من تاريخ العمل بقرار 5 من مارس سنة 1945 وقدرت المبلغ المطلوب صرفه بستة عشر ألف جنيه فرفضت وزارة المالية ذلك في يونيه سنة 1954. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين القضاء بإلغائه وبرفض دعوى المدعي وإلزامه بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.


[(1)] راجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في القضية رقم 82 لسنة 1 القضائية بجلسة 11 من فبراير سنة 1956 المنشور بمجموعة السنة الأولى العدد الثاني ص 481.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق