الصفحات

السبت، 30 سبتمبر 2023

الطعن 294 لسنة 34 ق جلسة 18 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 116 ص 801

جلسة 18 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.

-----------------

(116)
الطعن رقم 294 لسنة 34 القضائية

(أ) حكم. "حجية الحكم". أهلية. وصية.
لا حجية للحكم إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب المتصلة به اتصالاً وثيقاً والتي لا يقوم المنطوق بدونها. القضاء بصحة العقد في نزاع يدور حول صدوره من المتصرف وهو في كامل الأهلية أم أنه كان عديم الأهلية لعته. عدم حجية هذا القضاء في المنازعة في هذه التصرفات بأنها تخفي وصايا. اختلاف المنازعتين سبباً. الطعن في التصرف بأنه يخفي وصية يفترض صدوره من ذي أهلية.
(ب) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "كفاية التسبيب". دعوى. "الحكم في الدعوى".
محكمة الموضوع ليست ملزمة بالرد على كل ما يقدمه إليها الخصوم من مستندات وحسبها أن تقيم حكمها على ما يصلح من الأدلة لحمله.
(ج) نقض "أسباب الطعن".
النعي الموجه إلى ما ورد بأسباب الحكم الابتدائي مما لم يأخذ به الحكم المطعون فيه. غير مقبول.
(د) وصية. "قرينة المادة 917 مدني". إثبات. صورية. إرث.
قرينة المادة 917 مدني. مناطها اجتماع شرطين: احتفاظ المتصرف بحيازة العين التي تصرف فيها واحتفاظه بحقه في الانتفاع بها مدى حياته. خلو العقد من النص عليهما لا يمنع محكمة الموضوع من التحقق من توافرهما. للوارث إثبات أن العقد يخفي وصية احتيالاً على أحكام الإرث بكافة طرق الإثبات.

-------------------
1 - لا حجية للحكم إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب المتصلة به اتصالاً وثيقاًَ والتي لا يقوم المنطوق بدونها، فإذا كان الثابت أن النزاع بين الخصوم قد انحصر أولاً فيما إذا كانت العقود الصادرة من المورث لابنه الطاعن قد صدرت منه وهو في كامل أهليته أم أنه كان منعدم الأهلية بسبب العته الشيخوخي الذي أصابه فقضت محكمة الموضوع بصحة تلك العقود واقتصر بحثها في أسباب الحكم على الطعن في العقود بانعدام أهلية المتصرف ولم تعرض في هذه الأسباب إلى ما أثاره المطعون ضدهم بشأن إخفاء هذه التصرفات لوصايا كما لم يتضمن منطوقها فصلاً في هذه المسألة، فإن هذا الحكم لا تكون له حجية فيها لأن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي ولأن الطعن في التصرفات بأنها تخفي وصية لا يتعارض مع الحكم بصدور العقد من ذي أهلية بل أن الطعن بالوصية يفترض صدور التصرف من ذي أهلية. والطعن على التصرف بأنه في حقيقته وصية يعتبر سبباً مختلفاً عن الطعن فيه بانعدام أهلية المتصرف.
2 - محكمة الموضوع ليست ملزمة بالرد على كل ما يقدمه إليها الخصوم من مستندات وحسبها أن تقيم حكمها على ما يصلح من الأدلة لحمله.
3 - إذ كان النعي موجهاً إلى ما ورد في أسباب الحكم الابتدائي مما لم يأخذ به الحكم المطعون فيه فإن هذا النعي يكون غير مقبول.
4 - وإن كان صحيحاً أن القرينة التي نصت عليها المادة 917 من القانون المدني لا تقوم إلا باجتماع شرطين: هما احتفاظ المتصرف بحيازة العين التي تصرف فيها واحتفاظه بحقه في الانتفاع بها مدى حياته إلا أن خلو العقد من النص عليهما لا يمنع قاضي الموضوع؛ إذا تمسك الورثة الذين أضر بهم التصرف بتوافر هذين الشرطين رغم عدم النص عليهما في العقد؛ من استعمال سلطته في التحقيق من توافرهما للوقوف على حقيقة العقد المتنازع عليه وقصد المتصرف من تصرفه وذلك في ضوء ظروف الدعوى وملابساتها غير متقيد في ذلك بما ورد في العقد من نصوص صريحة دالة على تنجيزه لأن للوارث أن يثبت بطريق الإثبات كافة مخالفة هذه النصوص للواقع متى كان قد طعن في العقد بأنه يخفي وصية احتيالاً على أحكام الإرث.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهن أقمن الدعوى رقم 33 سنة 1958 كلي الفيوم على الطاعن والسيدة لوليه مرقص عبد المسيح بطلب الحكم لهن بتثبيت ملكيتهن لأنصبتهن الشرعية البالغ قدرها 12 و3/ 5 قيراط من 24 قيراطاً في العقارات والمنقولات المتروكة عن والدهن والمبينة بصحيفتها وصحيفتي تعديل الطلبات مثالثة بينهن وتسليم هذه الحصص إليهن - وقلن شرحاً لهذه الدعوى إنه بتاريخ 28 فبراير سنة 1957 توفى المرحوم عياد صليب عن تركة وورثه هم زوجته لوليه مرقص وأولاده الطاعن والمطعون ضدهن وكان المورث قد أصيب قبل الوفاة بمدة طويلة بمرض ألزمه الدار ثم بعته شيخوخي أفقده الإرادة و الإدراك ومنذ ذلك الحين استأثر ولده الطاعن بممتلكات أبيه وانتهز فرصة ضعف قواه العقلية ليستصدر منه عقوداً صورية تفيد تصرفه إليه في بعض أملاكه فتقدمن إلى محكمة الأحوال الشخصية بطلب الحجر على والدهن وإذ توفى قبل الانتهاء من تحقيق هذا الطلب والبت فيه أقمن هذه الدعوى بطلباتهن سالفة البيان. وأجاب الطاعن بأنه لا يعارض في الحكم للمطعون ضدهن بنصيبهن في الأموال المتروكة عن والدهن التي حددها في مذكرته دون غيرها من الأعيان والعقارات التي اشتراها من المورث بعقود صحيحة صدرت منه وهو أهل للتعاقد وفي حالة صحة - وفي 5 إبريل سنة 1960 قضت المحكمة "بندب مكتب الخبراء للاطلاع على ملف الدعوى ومستندات الطرفين وبيان ما تركه مورث الطرفين من الأموال والأعيان المبينة بصحيفتي افتتاح الدعوى وتعديل الطلبات وذلك بعد استبعاد ما تصرف فيه للمدعى عليه الأول (الطاعن) وتقدير قيمة هذه التركة وواضع اليد عليها من الورثة وتحديد نصيب المدعيات (المطعون ضدهن) فيما يثبت أنه متروك عن المورث. وبررت المحكمة قضاءها باستبعاد هذه التصرفات بما ثبت لها من مطالعة صورة تحقيق نيابة الأحوال الشخصية في القضية رقم أ ب سنة 1957 كلي أحوال شخصية الفيوم من أن وكيل النيابة المحقق لم يثبت أية ظاهرة من ظواهر ضعف العقل في المورث واستدلت بذلك على أن المورث لم يكن معتوهاً وقت تقديم طلب الحجر في سنة 1957 أو في أي مدة سابقة عليه. وبعد أن باشر الخبير هذه المأمورية تمسك المطعون ضدهن بأن بعض الأعيان والممتلكات الموضحة بصحيفة تعديل الطلبات اشتراها المورث صورياً باسم ولده الطاعن وأن البعض الآخر تم بيعه من المورث للطاعن بموجب عقود بيع صورية قصد بها الإيصاء وحرمانهم من نصيبهن الشرعي في تركة هذا المورث. كما تمسكن بأن الطاعن قد استولى على نصيبهن في الغلال والمواشي والنقود المتروكة عن المورث. ورد الطاعن على ذلك بأن المحكمة إذ انتهت في أسباب حكمها المؤرخ 5/ 4/ 1960 إلى القضاء بصحة العقود الصادرة له من المورث لاكتمال أهليته وكان قضاؤها في هذا الصدد قطعياً ونهائياً فإنها بذلك تكون قد استنفدت ولايتها في هذا الخصوص ولا يجوز لها أن تعود وتبحث هذه المسائل من جديد. وفي 27 فبراير سنة 1962 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها. (ثانياً) وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المدعيات (المطعون ضدهن) بكافة طرق الإثبات أن عقود البيع الصادرة من مورثهن إلى المدعى عليه الأول (الطاعن) عقود صورية قصد بها الإيصاء. (ثالثاً) توجيه اليمين الحاسمة للمدعى عليه بالصيغة الواردة في منطوق هذا الحكم، وبعد حلف اليمين وسماع شهود الطرفين قضت المحكمة في 19 يونيو سنة 1962 قبل الفصل في الموضوع "بإعادة الأوراق إلى مكتب الخبراء لتقييم تركة المورث بما في ذلك العقارات موضوع العقود المطعون عليها بالصورية المنوه عنها بهذا الحكم والحكم الصادر في 27/ 2/ 1962 وبيان ما إذا كانت هذه العقارات تبلغ في قيمتها ثلث التركة أم لا فإن كانت تزيد عن الثلث فعلى الخبير تعيين القدر الزائد" وأقامت المحكمة قضاءها في النزاع الدائر حول التصرفات الصادرة للطاعن من المورث والغير بأنها في حقيقتها تبرع مضاف إلى ما بعد الموت وليست بيعاً منجزاً استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف بالاستئناف رقم 308 سنة 1 قضائية وفي 8 مارس سنة 1964 حكمت تلك المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للتصرفات الصادرة إلى المستأنف (الطاعن) من الغير في الأطيان والعقارات المبينة بصحيفتي افتتاح الدعوى وتعديل الطلبات واعتبار هذه التصرفات صحيحة غير مشوبة بأي بطلان وتأييد الحكم المستأنف فيما انتهى إليه بالنسبة للتصرفات الأخرى الصادرة إلى المستأنف من المورث في الأطيان والعقارات المبينة الحدود والمعالم بصحيفتي افتتاح الدعوى والتعديل على مقتضى ما ورد بالأسباب. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها بطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية ورفضه موضوعاً بالنسبة للمطعون ضدهما الأولى والثالثة وبالجلسة المحددة لنطر الطعن تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن النيابة أسست الدفع ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية على أن الطاعن لم يقم بإعلانها به في الميعاد القانوني.
وحيث إن هذا الدفع صحيح ذلك أن الطعن رفع في 6/ 5/ 1964 وقد أدركه قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون ولما كانت المادة الثالثة من هذا القانون الذي عمل به من تاريخ نشره في 22 يوليو سنة 1965 قد نصت في فقرتها الثانية على أن تتبع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون وكانت المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 سنة 1955 الذي أنشأ دوائر فحص الطعون قد أوجبت على الطاعن أن يعلن الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن وإلا كان الطعن باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه وإذ كانت أوراق الطعن قد خلت مما يثبت قيام الطاعن بإعلان المطعون ضدها الثانية خلال الخمسة عشر يوماً التالية لتاريخ العمل بالقانون المذكور وحتى انقضى الميعاد الذي منحه إياه القانون رقم 4 لسنة 1967 لاستكمال ما لم يتم من الإجراءات التي يقتضيها تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 ولتصحيح ما لم يصح منها وفقاً لحكم تلك الفقرة فإنه يتعين إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 431 مرافعات سالفة البيان والحكم ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية ولما كان الموضوع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه مما يقبل التجزئة فإن البطلان يقتصر عليها ولا يمتد إلى المطعون ضدهما الأخريين اللتين صح إعلانهما بالطعن.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضدهما الأولى والثالثة.
وحيث إنه أقيم على سبعة أسباب ينعى الطاعن في السبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن النزاع في صورته الواردة بصحيفة افتتاح الدعوى يقوم على طلب بطلان تصرفات المورث للطاعن استناداً إلى العته والصورية وتمسكت المطعون عليهن في المذكرة المقدمة لجلسة 22 مارس سنة 1960 بتطبيق المادة 917 من القانون المدني وفي 5 إبريل سنة 1960 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء لبيان ما تركه مورثهما من الأموال والأعيان المبينة وذلك بعد استبعاد ما تصرف فيه للمدعى عليه الأول (الطاعن) وهذا الحكم وإن كان قد انتهى إلى ندب خبير إلا أنه أنهى الخصومة بين الطرفين حول صحة التصرفات المطعون عليها وحسم الوصف القانوني لهذه التصرفات وإذ عادت المحكمة الابتدائية وأصدرت حكمها المستأنف على خلاف ما قضى به حكمها السابق وأيدت محكمة الاستئناف هذا الحكم على الرغم من تمسك الطاعن أمامها بحجية الأمر المقضي التي حازها حكم 5 إبريل سنة 1960 فإن الحكم المطعون فيه يكون مخطئاًَ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه رد على ما تمسك به الطاعن في خصوص حجية الحكم الصادر بتاريخ 5/ 4/ 1960 بقوله "إن أساس الدفع المبدى من المستأنف عليهن (المطعون ضدهن) ببطلان عقود البيع الصادرة إليه من المورث على أساس صورية هذه العقود وأنها في حقيقتها وصية في حين أنهن أسسن البطلان في الدفع الأول المقضى فيه بالحكم الصادر في 5 إبريل سنة 1960 على انعدام أهلية المورث وأنه بذلك يكون السبب مختلفاًَ في الحالين ويكون ما ذهب إليه الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 5/ 4/ 1960 برفض هذا الدفع في محله" وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه صحيح في القانون ذلك أنه لا حجية للحكم إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب المتصلة به اتصالاً وثيقاًَ والتي لا يقوم المنطوق بدونها ولما كان الثابت من الأوراق أن النزاع انحصر أولاً بين الخصوم فيما إذا كانت العقود الصادرة من المورث لابنه الطاعن قد صدرت منه وهو في كامل أهليته أو أنه كان منعدم الأهلية بسبب العته الشيخوخي الذي أصابه وكانت المحكمة قد قضت في 5/ 4/ 1960 بصحة تلك العقود واقتصر بحثها في الأسباب على الطعن في العقود بانعدام أهلية المتصرف ولم تعرض في هذه الأسباب إلى ما أثاره المطعون ضدهن بشأن إخفاء هذه التصرفات لوصايا كما لم يتضمن منطوقها فصلاً في هذه المسألة فإن هذا الحكم لا يكون له أية حجية فيها لأن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي ولأن الطعن في التصرفات بأنها تخفي وصية لا يتعارض مع ما قطعت به المحكمة في حكمها الصادر في 5 إبريل سنة 1960 من صدورها من ذي أهلية بل إن الطعن بالوصية يفترض صدور التصرف من ذي أهلية والطعن على التصرف بأنه في حقيقته وصية يعتبر سبباً مختلفاً عن الطعن فيه بانعدام أهلية المتصرف.
وحيث إن الطاعن ينعى في السببين الأول والسادس على الحكم المطعون فيه فساد الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه انتهى إلى القول بصورية التصرفات الصادرة من المورث لولده الطاعن أخذاً بأقوال شهود المطعون ضدهن في حين أن هذه الأقوال لا تفيد هذا الاستخلاص كما أخذت المحكمة بأقوال بعض الشهود بالنسبة لبعض العقود على أن هذه الأقوال تتناول العقود جميعاً وأسست قضاءها على تلك الأقوال وأغفلت الرد على النقد الذي وجهه إليها الطاعن فجاء حكمها بذلك قاصر البيان.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه حصل ما ذكره الشهود في قوله "ومن حيث إن المحكمة سمعت شهود الطرفين فقرر محمد كيلاني الشاهد الأول للمدعيات أنه توسط في النزاع بين الطرفين وقبل المدعى عليه (الطاعن) التنازل عن التصرفات الصادرة إليه من والده وقرر خليل إبراهيم الشاهد الثاني أن المدعى عليه أشهده على العقود الخاصة بمنزلي الإسكندرية وسنورس وماكينة الطحين والأرض الفضاء وأنه لم يدفع ثمناً لهذه العقارات في حضوره وإن كان البائع قد أقر بقبض الثمن وقرر شفيق حسنين الشاهد الثالث أن المورث اشترى منزل شارع الغندقلي باسم المدعى عليه ودفع الثمن من جيبه الخاص وأضاف أن الأخير كان يعيش مع والده المورث في معيشة واحدة ويدير تجارته ولم يكن لديه أموال خاصة وقرر داود يعقوب الشاهد الرابع أن المدعى عليه كان يشارك والده معيشته ويباشر معه تجارته ولم يكن له تجارة خاصة وأنه لم يتعامل معه شخصياً إلا بعد وفاة والده وخلصت المحكمة إلى أنه "يبين من أقوال شهود المدعيات الذين تطمئن المحكمة إلى أقوالهم وتأخذ بها أن المدعى عليه كان يدير أموال والده وتجارته ولم يكن لديه تجارة خاصة حتى يتوفر لديه المال اللازم لسداد أثمان العقارات المتنازع عليها وعلى ذلك تكون التصرفات المذكورة في حقيقتها تبرعاً مضافاً إلى ما بعد الموت أي وصية" ولما كان هذا الذي حصلته المحكمة من أقوال الشهود بالإضافة إلى القرينتين اللتين ساقتهما وهما أن المورث كان ثرياً طاعناً في السن ولم يكن في حاجة إلى بيع أملاكه وأن الطاعن هو ابنه الوحيد الذي كان يعاونه في أعماله وإدارة أمواله مما يدخل في نطاق سلطتها التقديرية للتدليل وكان ما استخلصته من أقوال الشهود هو استخلاص سائغ يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ولا مخالفة فيه للثابت في أقوالهم وكان أخذ المحكمة بأقوال هؤلاء الشهود وما ذكرته عن اطمئنانها إليها يتضمن الرد المسقط للنقد الذي وجهه إليها الطاعن فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسببين الثالث والسابع مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب ويقول في بيان ذلك إنه قدم للمحكمة شهادة رسمية من السجل التجاري تفيد أو والده اعتزل التجارة منذ سنة 1941 ومع ذلك قالت المحكمة إن الطاعن كان يعاون والده في تجارته. وأن الأموال الجارية باسمه في التجارة كانت في الواقع لحساب والده واستخلصت المحكمة من هذا الذي قررته أن نية المورث قد انصرفت إلى الإيصاء للطاعن بالأموال والعقارات موضوع العقود المتنازع عليها في حين أن الوالد قد توفى في 28 من فبراير سنة 1957 وتمت التصرفات المطعون عليها بعد اعتزاله التجارة بسنوات طويلة وكان حرياً بمحكمة الموضوع وقد قضت على خلاف الثابت بهذه الشهادة الرسمية القاطعة أن تتناولها بالرد وإذ هي لم تفعل فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بأن التصرفات الصادرة من المورث لابنه الطاعن في حقيقتها وصايا على أقوال الشهود وقرائن الأحوال التي استخلصها من وقائع الدعوى وعناصرها وكانت هذه الأدلة والقرائن تكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الشهادة المقدمة من الطاعن الدالة على اعتزال المورث التجارة منذ مدة طويلة سابقة على وفاته إذ المحكمة ليست ملزمة بالرد على كل ما يقدمه إليها الخصوم من مستندات وحسبها أن تقيم حكمها على ما يصلح من الأدلة لحمله.
وحيث إن حاصل السبب الرابع الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك أمام المحكمة الابتدائية بأنه اشترى الأطيان والعقارات المبيعة من والده من ماله الخاص وذكر أنه حتى بفرض أن المورث قد وهبه المال اللازم للشراء فإن هذه الهبة تكون صحيحة بالقبض عملاً بالفقرة الثانية من المادة 488 مدني إلا أن المحكمة الابتدائية اعتبرت هذا الافتراض بمثابة إقرار منه بالهبة ورتبت عليه النتيجة التي وصلت إليها في حكمها وبذلك تكون قد غيرت سبب الدعوى من تلقاء نفسها وهو أمر لا تملكه وإذ جاء الحكم المطعون فيه مؤيداً لهذا القضاء فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول لأنه موجه إلى ما ورد في أسباب الحكم الابتدائي مما لم يأخذ به الحكم المطعون فيه إذ أن محكمة الاستئناف لم تؤسس قضاءها على الافتراض المشار إليه في سبب النعي وإنما أسسته على أقوال الشهود والقرائن التي استخلصتها من وقائع الدعوى وعناصرها - وفقاً لما سلف بيانه عند الرد على السبب الأول - هذا إلى أن هذا النعي يعتبر سبباً جديداً لعدم التمسك به أمام محكمة الاستئناف فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ذلك أنه أجرى تطبيق المادة 917 من القانون المدني مع أنه يشترط لتطبيقها أن يظل المورث حائزاً للعين المبيعة وأن يحتفظ لنفسه بحق الانتفاع طيلة حياته في حين أن الثابت في العقود أن حيازة الأموال المبيعة قد انتقلت إلى الطاعن في حياة المورث وفور صدور البيع كما لم يحتفظ فيها البائع لنفسه بحق الانتفاع بأية طريقة كانت.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه وإن كان صحيحاً أن القرينة التي نصت عليها المادة 917 من القانون المدني لا تقوم إلا باجتماع شرطين هما احتفاظ المتصرف بحيازة العين التي تصرف فيها واحتفاظه بحقه في الانتفاع بها مدى حياته إلا أن خلو العقد من النص عليهما لا يمنع قاضي الموضوع من استعمال سلطته في التحقق من توافر هذين الشرطين للوقوف على حقيقة العقد المتنازع عليه وقصد المتصرف من تصرفه وذلك في ضوء ظروف الدعوى وملابساتها غير متقيد في ذلك بما ورد في العقد من نصوص صريحة دالة على تنجيزه لأن للوارث أن يثبت بطريق الإثبات كافة مخالفة هذه النصوص للواقع متى كان قد طعن في العقد بأنه يخفي وصية احتيالاً على أحكام الإرث. لما كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على الحكم الابتدائي أنه قضى باعتبار التصرفات محل النزاع مضافة إلى ما بعد الموت وقصد بها الاحتيال على قواعد الإرث وتسري عليها أحكام الوصية بناء على ما استخلصه من أقوال الشهود ومن الظروف التي أحاطت بتحريرها ومن أن المورث لم يكن في حاجة إلى المال المتحصل من البيع وأن الطاعن لم يكن في حالة تسمح له بالشراء وكان من شأن هذه الأدلة أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم من أن نية الطرفين قد انصرفت إلى الوصية لا إلى البيع فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي وأحال إلى أسبابه في هذا الخصوص لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق