الصفحات

السبت، 30 سبتمبر 2023

الطعن 471 لسنة 37 ق جلسة 30 / 1 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 23 ص 119

جلسة 30 من يناير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة المستشارين: عدلي بغدادي، ومحمود المصري، وأحمد سميح طلعت، ومصطفى الفقي.

---------------

(23)
الطعن رقم 471 لسنة 37 القضائية

(1)، (2) - بيع. وصية. "قرينة المادة 917 مدني" إثبات. صورية. إرث.
(1) مجرد بيع المورث حق الانتفاع بالعقار لوارث بعد تصرفه في حق الرقبة إليه غير مانع من اعتبار التصرف وصية. م 917 مدني.
(2) قرينة م 917 مدني. مناطها: احتفاظ المتصرف بحيازة العين التي تصرف فيها وبحق الانتفاع بها مدى حياته. خلو العقد من النص عليهما لا يمنع محكمة الموضوع من التحقيق من توافرهما. للوارث إثبات أن العقد يخفي وصية احتيالاً على أحكام الإرث بكافة طرق الإثبات.
(3)، (4). محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل." إثبات. "قرائن قضائية". حكم "القصور في التسبيب. ما يعد كذلك".
(3) التفات الحكم عن التحدث عن المستندات التي قدمها الخصم مع ما قد يكون لها من الدلالة. قصور.
(4) استقلال محكمة الموضوع بتقدير القرائن القضائية. محله اطلاعها عليها وإخضاعها لتقديرها. عدم بحثها. قصور.
(5) إرث. وصية. "حكم". "القصور في التسبيب". نقض.
دفاع الورثة بأن تصرف المورث لأحدهم يخفي وصية استناداً إلى مستندات وقرائن. دفاع جوهري. إغفال الرد عليه. قصور.

---------------
1 - مجرد بيع المورث حق الانتفاع بالعقارات موضوع الدعوى إلى ولديه القاصرين بعد أن كان قد تصرف إليهما في حق الرقبة، لا يمنع من اعتبار التصرف وصية وفقاً للمادة 917 من القانون المدني، إذ لا يعدو ذلك أن يكون بمثابة بيع الرقبة وحق الانتفاع ابتداء مع النص على تنجيز التصرف، وهو ما لا يحول بين الطاعنات - باقي الورثة - وبين إثبات مخالفة هذا النص للواقع.
2 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه وإن كان صحيحاً أن القرينة التي نصت عليها المادة 917 من القانون المدني، لا تقوم إلا باجتماع شرطين هما احتفاظ المتصرف بحيازة العين التي تصرف فيها وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته، إلا أن خلو العقد من النص عليها لا يمنع قاضي الموضوع من استعمال سلطته في التحقق من توفر هذين الشرطين للوقوف على حقيقة العقد المتنازع عليه وقصد المتصرف من تصرفه وذلك في ضوء ظروف الدعوى وملابساتها غير متقيد في ذلك بما ورد في العقد من نصوص صريحة دالة على تنجيزه، لأن للوارث أن يثبت بطرق الإثبات كافة مخالفة هذه النصوص للواقع، متى كان قد طعن في العقد بأنه يخفي وصية احتيالاً على أحكام الإرث.
4 - القول باستقلال محكمة الموضوع بتقدير القرائن القضائية وبإطراح ما لا ترى الأخذ به منها محله أن تكون قد اطلعت عليها وأخضعتها لتقديرها فإذا بان من الحكم أن المحكمة لم تطلع على تلك القرائن، وبالتالي لم تبحثها فإن حكمها يكون قاصراً قصوراً يبطله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنات أقمن ضد المطعون عليها عن نفسها وبصفتها الدعوى رقم 342 سنة 1963 مدني كلي بني سويف، وطلبن الحكم بتثبيت ملكيتهن إلى 21 فداناً و14 قيراطاً شيوعاً في 43 فداناً و12 قيراطاً و23 سهماً أطياناً زراعية وإلى 145.5 متراً شيوعاً في منزل مساحته 300 متر مربع مبينة جميعها بصحيفة الدعوى وقلن بياناً لذلك إن مورث الطرفين تصرف في معظم ما يملك من عقارات إلى المطعون عليها وولديها منه تصرفاً صورياً لم ينفذ حال حياته بل ظل واضعاً اليد على ما تصرف فيه حتى وفاته، وإذ استأثرت المطعون عليها بالتركة عقب وفاته وأنكرت على الطاعنات حقهن الشرعي في الميراث، فقد أقمن عليها هذه الدعوى بالطلبات سالفة البيان، وفي 3/ 1/ 1966 قضت المحكمة الابتدائية بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي أن تصرفات المورث هي في حقيقتها وصية، وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قضت في 13/ 2/ 1972 ببطلان كافة التصرفات الصادرة من المورث إلى المطعون عليها وولديها القاصرين واعتبار العقارات المتصرف فيها تركة للمورث تقسم بين ورثته. استأنفت المطعون عليها عن نفسها وبصفتها هذا الحكم بالاستئناف رقم 26 سنة 5 قضائية بني سويف وبعد أن نظرت محكمة الاستئناف الدعوى بجلسة 9/ 5/ 1967 حددت للنطق بالحكم جلسة 11/ 6/ 1967 وصرحت لمن يشاء من الخصوم بتقديم مذكرة خلال أسبوعين، وفي 7/ 6/ 1967 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى فيما تناولته العقود الصادرة من المورث إلى ولديه. طعنت الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت رأيها. وحيث إن مما تنعاه الطاعنات على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقلن إنهن تمسكن في مذكراتهن المقدمة إلى محكمة الاستئناف لجلسة 11/ 6/ 1967 التي كانت محددة للنطق بالحكم بأن التصرفات محل النزاع الصادرة من مورث الطرفين إلى ولديه القاصرين تعتبر وصية في حقهن، إذ احتفظ لنفسه بحيازة ما تصرف فيه وبحقه في الانتفاع به مدى حياته، وأن عقود الإيجار التي استدلت بها المطعون عليها على أن المورث كان يؤجر بعض الأطيان المتصرف فيها بصفته ولياً طبيعياً على ولديه المذكورين هي عقود صورية اصطنعت على غير الحقيقة إبان مرضه لاتخاذها دليلاً على تنجيز تلك التصرفات وقد شهد الشهود أمام محكمة الدرجة الأولى بمحالفة هذه العقود للواقع، وقدمت الطاعنات تدليلاً على ذلك عقود إيجار وأوامر أداء وإيصالات صادرة من المورث تفيد أنه ظل يقوم بتأجير ما تصرف فيه لحسابه الخاص. غير أن الحكم المطعون فيه لم يعن باستعراض هذه الأدلة أو مناقشتها واقتصر في تسبيب قضائه على القول بأن عقود الإيجار المقدمة من المطعون عليها تفيد أن المورث كان يؤجر الأطيان المتصرف فيها بصفته ولياً طبيعياً على ولديه وليس بصفته الشخصية، وأنه بعد أن كان قد احتفظ بحقه في الانتفاع بها عاد فباع هذا الحق إليهما بعقد مشهر في سنة 1956، وهو فيما ترى الطاعنات قول مرسل لا يصلح سبباً لإطراح ما تمسكن به من أن التصرفات محل النزاع تعتبر وصية وأن العقود المقدمة من المطعون عليها صورية مما يعيب الحكم بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه يبين من الاطلاع على الصورة الرسمية للمذكرة المقدمة من الطاعنات إلى محكمة الاستئناف لجلسة 11/ 6/ 1967 والمودعة ملف الطعن أنهن تمسكن فيها بأن التصرفات الصادرة من المورث إلى ولديه القاصرين تخفي وصية احتيالاً على أحكام الإرث، وأن عقود الإيجار المقدمة من المطعون عليها هي عقود صورية، وقدمن إثباتاً لذلك المستندات والقرائن المشار إليها في سبب النعي على النحو السالف بيانه، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع إلا بقوله "إنه بالاطلاع على عقود الإيجار المقدمة من المستأنفة المطعون عليها بحافظها رقم 15 ملف ابتدائي يبين أن المورث كان يؤجر الأطيان التي تصرف فيها لولديه القاصرين بصفته ولياً طبيعياً عليهما ولم يكن يؤجرها بصفته الشخصية وأن حيازته لهذه الأطيان لم تكن لحسابه بل لحساب ولديه القاصرين اللذين باع لهما هذه الأطيان، وأنه بعد أن كان المورث قد احتفظ بحق الانتفاع مدى الحياة عاد فباع هذا الحق لابنيه بالعقد المشهر في 29 أغسطس سنة 1956، وأنه مما سبق بيانه يتضح أن الشرطين اللازمين لاعتبار العقود الصادرة من المورث لولديه وصية غير متوفرين، الأمر الذي يتعين معه ضرورة اعتبارها بيوعاً منجزة" وكان مجرد بيع المورث حق الانتفاع بالعقارات موضوع الدعوى بعد تصرفه في حق الرقبة إلى ولديه القاصرين لا يمنع من اعتبار التصرف وصية وفقاً للمادة 917 من القانون المدني إذ لا يعدو ذلك أن يكون بمثابة بيع الرقبة وحق الانتفاع ابتداء مع النص على تنجيز التصرف، وهو ما لا يحول بين الطاعنات وبين إثبات مخالفة هذا النص للواقع، لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه وإن كان صحيحاً أن القرينة التي نصت عليها المادة آنفة الذكر لا تقوم إلا باجتماع شرطين هما احتفاظ المتصرف بحيازة العين التي تصرف فيها وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته، إلا أن خلو العقد من النص عليهما لا يمنع قاضي الموضوع من استعمال سلطته في التحقق من توفر هذين الشرطين للوقوف على حقيقة العقد المتنازع عليه وقصد المتصرف من تصرفه، وذلك في ضوء ظروف الدعوى وملابساتها غير متقيد في ذلك بما ورد في العقد من نصوص صريحة دالة على تنجيزه، لأن للوارث أن يثبت بطرق الإثبات كافة مخالفة هذه النصوص للواقع متى كان قد طعن في العقد بأنه يخفي وصية احتيالاً على أحكام الإرث، وكان ما أقام عليه الحكم قضاءه مما سلفت الإشارة إليه يفيد أن المحكمة لم تطلع على ما ركنت إليه الطاعنات من مستندات وقرائن تمسكن بدلالتها على أن المورث ظل واضعاً اليد على ما تصرف فيه لولديه حتى وفاته، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عن التحدث عنها بشيء مع ما قد يكون لها من الدلالة، فإنه يكون مشوباً بالقصور كما أن القول باستقلال محكمة الموضوع بتقدير القرائن القضائية وبإطراح ما لا ترى الأخذ به منها محله أن تكون قد اطلعت عليها وأخضعتها لتقديرها فإذا بان من الحكم أن المحكمة لم تطلع على تلك القرائن وبالتالي لم تبحثها فإن حكمها يكون أيضاً قاصراً قصوراً يبطله. لما كان ذلك وكان دفاع الطاعنات بأن التصرفات الصادرة من المورث إلى ولديه القاصرين تخفي وصية استناداً إلى المستندات والقرائن المشار إليها، وأن عقود الإيجار التي قدمتها المطعون عليها للتدليل بها على تنجيز تلك التصرفات هي عقود صورية تخالف حقيقة الواقع هو دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن إغفال المحكمة الرد على هذا الدفاع من شأنه أن يعيب الحكم بالقصور في التسبيب ومخالفة القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق