الصفحات

السبت، 30 سبتمبر 2023

الطعن 223 لسنة 34 ق جلسة 18 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 115 ص 795

جلسة 18 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

--------------

(115)
الطعن رقم 223 لسنة 34 القضائية

حكم. "حجية الأحكام". قوة الأمر المقضي. إثبات. "حجية الشيء المحكوم فيه".
للحكم القطعي حجية الشيء المحكوم فيه من يوم صدوره ولو كان قابلاً للطعن. هذه الحجية تمنع الخصوم من رفع دعوى جديدة وليس للمحكمة التي أصدرته ولا لمحكمة غيرها أن تعيد النظر فيما قضى به - إذا تمسك الخصم الآخر بالحجية - ما لم تكن هي المحكمة التي يحصل التظلم إليها منه بإحدى طرق الطعن. وقف حجية الحكم بمجرد رفع استئناف عنه حتى يقضى بتأييده فنعود له حجيته أو بإلغائه فتزول عنه. عدم تقيد المحكمة المرفوع إليها النزاع بحجية حكم طعن فيه بالاستئناف طالما لم يقض برفضه قبل أن تصدر حكمها في الدعوى. المادة 397 مرافعات. جواز استئناف الأحكام الصادرة في حدود النصاب الانتهائي على خلاف حكم سابق لم يجز قوة الشيء المحكوم به لعدم صيرورته انتهائياً.

---------------
لكل حكم قضائي قطعي حجية الشيء المحكوم فيه من يوم صدوره ولو كان قابلاً للطعن فيه. وهذه الحجية تمنع الخصوم من رفع دعوى جديدة بادعاءات تناقض ما قضى به هذا الحكم ولا يجوز معها للمحكمة التي أصدرته ولا لمحكمة غيرها أن تعيد النظر فيما قضي به إذا تمسك الخصم الآخر بحجيته إلا إذا كانت هي المحكمة التي يحصل التظلم إليها منه بإحدى طرق الطعن القانونية، إلا أن هذه الحجية مؤقتة وتقف بمجرد رفع استئناف عن هذا الحكم وتظل موقوفة إلى أن يقضى في الاستئناف فإذا تأيد الحكم عادت إليه حجيته، وإذا ألغي زالت عنه هذه الحجية. ويترتب على وقف حجية الحكم نتيجة لرفع الاستئناف عنه أن المحكمة التي يرفع إليها نزاع فصل فيه هذا الحكم لا تتقيد بهذه الحجية طالما لم يقض برفض هذا الاستئناف قبل أن تصدر حكمها في الدعوى. وقد أعمل قانون المرافعات هذه القاعدة في المادة 397 منه فأجاز استئناف جميع الأحكام الصادرة في حدود النصاب الانتهائي إذا كان الحكم صادراً على خلاف حكم سابق لم يحز قوة الشيء المحكوم به ويطرح الحكم السابق على المحكمة الاستئنافية إذا لم يكن قد صار انتهائياً عند رفع الاستئناف. ومفاد ذلك أن المحكمة التي يرفع إليها الاستئناف عن الحكم الثاني المخالف لحجية الحكم الأول لا تتقيد بهذه الحجية بل إن لها أن تعيد النظر في الحكمين غير متقيدة بأيهما طالما أن الحكم الأول لم يكن قد صار انتهائياً وقت صدور الحكم الثاني لأنه بهذه الانتهائية يصبح حائزاً لقوة الأمر المقضي التي لا تجوز مخالفتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الهيئة العامة للسكك الحديدية "الطاعنة" أقامت الدعوى رقم 1897 سنة 1952 مدني كلي القاهرة على المطعون ضدهم طالبة الحكم عليهم متضامنين الأول من ماله الخاص والباقين من تركة مورثهم المرحوم سيد أحمد آدم بأن يدفعوا لها مبلغ 5640 ج والفوائد القانونية وقالت شرحاً لها إنه بمقتضى عقد بيع مؤرخ 5 من نوفمبر سنة 1944 اشترى منها المطعون ضده الأول والمرحوم سيد أحمد آدم مورث باقي المطعون ضدهم الفحم الرجوع الناتج من منطقة القباري في المدة من أول يناير سنة 1945 إلى 31 أكتوبر سنة 1945 بسعر المتر المكعب 5 ج و500 م - وأنهما امتنعا عن استلام كميات الفحم المتعاقد عليها والتي بلغ حجمها 1880 متراً مكعباً وذلك على الرغم من التنبيه عليهما مراراً باستلام هذه الكميات ودفع ثمنها مما اضطرها إلى إعادة بيعها بالمزاد على حسابهما عملاً بالبند العاشر من عقد البيع فرسا مزادها على المدعو جمعه محمد مندور بسعر المتر المكعب 2 ج و500 م وإذ كان هذا السعر ينقص عن السعر المتعاقد عليه بمقدار ثلاثة جنيهات فإن مجموع الخسارة التي أصابتها في كمية الفحم كلها تكون 5640 ج وقد طالبت المطعون ضده الأول ومورث الباقين بالوفاء لها بهذا المبلغ فامتنعا وأقاما عليها الدعوى رقم 720 سنة 1946 مدني كلي القاهرة بطلب فسخ العقد وإلزامها بأن ترد إليهما التأمين والثمن المدفوعين منهما مع التعويض وقد قضي للمطعون ضده الأول في هذه الدعوى بتاريخ 27 مايو سنة 1951 بمبلغ 390 ج قيمة نصيبه بحق النصف في التأمين المدفوع والمعجل من ثمن الفحم الذي لم يتسلمه ورفضت المحكمة القضاء له بالتعويض تأسيساً على ما سجلته في حكمها من عدم وقوع خطأ من الهيئة الطاعنة وثبوت التقصير في جانبه - وعلى أثر صدور هذا الحكم أقامت الهيئة الطاعنة الدعوى الحالية بطلباتها سالفة الذكر كما استصدرت أمراً بتوقيع الحجز تحت يدها على ما للمطعون ضدهم في ذمتها وفاء للمبلغ المطالب به وطلبت في الدعوى رقم 3318 سنة 1952 مدني كلي القاهرة الحكم بصحة هذا الحجز وجعله نافذاً. وضمت محكمة القاهرة الابتدائية الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد وطلب المطعون ضدهم رفضهما تأسيساً على أن الهيئة الطاعنة هي التي أخلت بالتزاماتها بأن امتنعت عن تسليم الفحم المبيع مما حدا بالمطعون ضده الأول ومورث الباقين إلى رفع الدعوى رقم 720 سنة 1946 المشار إليها فيما سبق على الهيئة الطاعنة وفي 24 إبريل سنة 1962 قضت محكمة القاهرة الابتدائية برفض الدعويين فاستأنفت الهيئة الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1778 سنة 79 ق وكان ضمن ما تمسكت به في صحيفة استئنافها وفي مذكراتها أن الحكم الابتدائي صدر على خلاف حكم سابق هو الحكم الصادر في دعوى المطعون ضدهم رقم 720 سنة 1946 مدني كلي القاهرة والذي قضى برفض طلب التعويض تأسيساً على أن المشتريين (المطعون ضده الأول ومورث باقي المطعون ضدهم) هما اللذان أخلا بالتزاماتهما الناشئة عن العقد المؤرخ 5 نوفمبر سنة 1944. وأضافت الطاعنة أن هذا الحكم السابق قد أصبح نهائياً لأنها وإن كانت قد استأنفته بالاستئناف رقم 710 سنة 68 ق إلا أنه قضى بتاريخ 7 مارس سنة 1963 بوقف السير فيه وظل هذا الاستئناف موقوفاً مدة زادت على خمس سنوات فانقضت بذلك الخصومة فيه عملاً بالمادة 307 مرافعات مما يترتب عليه صيرورة الحكم الابتدائي نهائياً وحائزاً لقوة الأمر المقضي وفي 4 فبراير سنة 1964 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف - وبتقرير تاريخه 4 إبريل سنة 1964 طعنت الهيئة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة ثلاث مذكرات رأت في الأولى منها نقض الحكم المطعون فيه وعدلت في المذكرتين الثانية والثالثة عن هذا الرأي وطلبت رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها الأخير.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وفي بيان ذلك تقول الهيئة الطاعنة إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أنها هي التي قصرت في الوفاء بالتزاماتها الناشئة عن العقد المؤرخ 5 نوفمبر سنة 1944 بأن امتنعت عن تسليم الفحم المبيع للمشتريين "المطعون ضده الأول ومورث الباقين" وفقاً لما هو متفق عليه في العقد وأنه لذلك لا يكون لها حق الرجوع عليهما بأي تعويض - وإذ كان الحكم الصادر بتاريخ 27 مايو سنة 1951 في الدعوى رقم 720 سنة 1946 مدني كلي القاهرة والتي كان قد رفعها المطعون ضده الأول ومورث الباقين على الطاعنة بطلبات منها طلب إلزامها بالتعويض بسبب عدم تنفيذها التزاماتها الناشئة عن نفس العقد قد قضي برفض طلبهم التعويض تأسيساً على ما سجله في أسبابه المرتبطة بالمنطوق من أن المشتريين هما اللذان تراخيا بغير عذر مقبول في استلام الفحم المبيع بمقتضى ذلك العقد فإنه بذلك يكون قد قطع بعدم وقوع تقصير من جانب الهيئة الطاعنة في تنفيذ التزاماتها ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعواها - على أساس وقوع التقصير منها في تنفيذ هذه الالتزامات - قد فصل في النزاع على خلاف ما جرى به قضاء الحكم السابق وأخطأ بذلك في تطبيق القانون ولا يشفع له في مخالفة الحكم السابق ما قرره من أن الحكم المذكور لم يصبح انتهائياً ذلك لأن عدم انتهائيته لا تمنع من اكتسابه حجية الشيء المحكوم فيه ويتعين على جهة القضاء التي يثار أمامها النزاع من جديد أن تلتزم هذه الحجية وأن تعمل حكمها.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأنه وإن كان كل حكم قضائي قطعي تكون له حجية الشيء المحكوم فيه من يوم صدوره ولو كان قابلاً للطعن فيه، وهذه الحجية تمنع الخصوم من رفع دعوى جديدة بادعاءات تناقض ما قضى به هذا الحكم ولا يجوز معها للمحكمة التي أصدرته ولا لمحكمة غيرها أن تعيد النظر فيما قضي به إذا تمسك الخصم الآخر بحجيته إلا إذا كانت هي المحكمة التي يحصل التظلم إليها منه بإحدى طرق الطعن القانونية إلا أن هذه الحجية مع ذلك مؤقتة وتقف بمجرد رفع استئناف عن هذا الحكم وتظل موقوفة إلى أن يقضى في الاستئناف فإذا تأيد الحكم عادت إليه حجيته وإذا ألغي زالت عنه هذه الحجية ويترتب على وقف حجية الحكم نتيجة لرفع الاستئناف عنه أن المحكمة التي يرفع إليها نزاع فصل فيه هذا الحكم لا تتقيد بهذه الحجية طالما لم يقض برفض هذا الاستئناف قبل أن تصدر حكمها في الدعوى. وقد أعمل قانون المرافعات هذه القاعدة في المادة 397 منه فأجاز استئناف جميع الأحكام الصادرة في حدود النصاب الانتهائي إذا كان الحكم صادراً على خلاف حكم سابق لم يحز قوة الشيء المحكوم به ويطرح الحكم السابق على المحكمة الاستئنافية إذا لم يكن قد صار انتهائياً عند رفع الاستئناف - مفاد ذلك أن المحكمة التي يرفع إليها الاستئناف عن الحكم الثاني المخالف لحجية الحكم الأول لا تتقيد بهذه الحجية بل إن لها أن تعيد النظر في الحكمين غير متقيدة بأيهما طالما أن الحكم الأول لم يكن قد صار انتهائياً وقت صدور الحكم الثاني لأنه بهذه الانتهائية يصبح حائزاً لقوة الأمر المقضي التي لا تجوز مخالفتها. لما كان ذلك وكان الثابت أن الحكم الأول - الصادر في الدعوى رقم 720 سنة 1946 مدني كلي القاهرة - لم يكن قد صار انتهائياًَ إلى أن صدر الحكم المطعون فيه لأن المطعون ضده الأول كان قد استأنفه ولما يكن قد فصل في هذا الاستئناف، فإن الحكم المطعون فيه إذ بحث مسئولية الهيئة الطاعنة من جديد وانتهى إلى وقوع التقصير منها في تنفيذ ما التزمت به في عقد البيع من تسليم المبيع وفق الحدود التي رسمها هذا العقد ونفي التقصير في جانب المشتريين (المطعون ضده الأول ومورث باقي المطعون ضدهم) وذلك على خلاف ما انتهى إليه الحكم الصادر في الدعوى رقم 720 سنة 1946 مدني كلي القاهرة وقال الحكم المطعون فيه في تبرير هذه المخالفة "إنه لا يغير من النظر الذي انتهى إليه أن تذهب محكمة القاهرة الابتدائية في الحكم الصادر منها في الدعوى رقم 720 سنة 1946 المذكورة إلى أن المشتريين قد تراخيا بغير عذر مقبول في استلام الفحم الرجوع المبيع إذ أن هذا الحكم لم يعد انتهائياً فقد استأنفه المستأنف عليه الأول (المطعون ضده الأول) كما يقول المستأنفان في صحيفة استئنافهما بالاستئناف رقم 710 سنة 68 ق القاهرة الذي قضى بوقف السير فيه ولما يقض فيه بانقضاء الخصومة بعد حتى يسوغ القول بأن ذلك الحكم قد أصبح انتهائياً" لما كان ذلك وكانت الطاعنة لم تضمن أسباب طعنها أن الحكم الأول الصادر في الدعوى رقم 720 لسنة 1946 كان قد صار انتهائياً وقت صدور الحكم المطعون فيه فإن هذا الحكم لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إنه لذلك يتعين رفض الطلب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق