الصفحات

الأحد، 24 سبتمبر 2023

الطعن 866 لسنة 4 ق جلسة 6/ 6 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 3 ق 123 ص 1404

جلسة 6 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي الدمراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

------------------

(123)

القضية رقم 866 لسنة 4 القضائية

(أ) موظفو المصانع الحربية 

- سريان أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 على موظفي المصانع الحربية - مناطه ألا يكون ثمة حكم مخالف في القرار رقم 159 لسنة 1953 الصادر من مجلس إدارة المصانع الحربية بشأن نظام موظفي تلك المصانع.
(ب) موظفو المصانع الحربية 

- نقل موظفي المصانع الحربية إلى مصالح أخرى - جوازه دون ما تقيد بالقيود المنصوص عليها في المادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - يشترط لإمكان هذا النقل قيام حالة ضرورة تقتضيه - تقدير قيام مثل هذه الحالة - من إطلاقات الإدارة بشرط عدم إساءة استعمال السلطة.
(ج) موظف 

- المادة 47/ 2 من قانون نظام موظفي الدولة - عدم جواز النظر في ترقية الموظف المنقول من مصلحة إلى مصلحة أخرى إلا بعد مضي سنة من تاريخ نقله - مناط ذلك أن يكون النقل مما يجرى عليه حكم الفقرة الأولى من المادة المذكورة - عدم انطباق حكم المادة 47 بشطريها على من ينقل من المصانع الحربية إلى مصلحة أخرى.

---------------
1 - إن القانون رقم 619 لسنة 1953 بإنشاء مجلس إدارة المصانع الحربية ومصانع الطائرات نص في مادته الثالثة على أن "مجلس الإدارة هو السلطة العليا المهيمنة على المصانع التابعة لوزارة الحربية، وهو المشرف على تصريف الأمور طبقاً لهذا القانون دون التقيد بالنظم الإدارية والمالية المتبعة في مصالح الحكومة"، وبينت المادة الرابعة منه اختصاصات مجلس الإدارة، ومن بينها ما نص عليه في الفقرة 15 منه، وهي "إصدار اللوائح المتعلقة بتعيين موظفي المصانع الحربية ومصانع الطائرات ومستخدميها وعمالها وترقيتهم ونقلهم وتأديبهم وفصلهم وتحديد مرتباتهم وأجورهم ومكافآتهم، دون التقيد بالقوانين واللوائح والنظم الخاصة بموظفي الحكومة، وكذا إصدار اللوائح الخاصة بتنظيم أعمال المخازن والمشتريات واللوائح المالية".واستناداً إلى الفقرة 15 من المادة الرابعة من القانون المشار إليه أصدر مجلس إدارة المصانع الحربية القرار رقم 159 م لسنة 1953 بنظام موظفي تلك المصانع، وقد نص في المادة الأولى منه على أنه "فيما عدا ما هو منصوص عليه في المواد التالية تسري على موظفي المصانع الحربية ومصانع الطائرات أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 والقوانين المعدلة له الخاص بنظام موظفي الدولة".ومفاد هذه المادة أن الأصل أن تسري أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بصفة عامة على جميع موظفي المصانع الحربية أسوة بباقي موظفي الدولة، باعتبار أنه القانون العام المنظم لعلاقة الحكومة بموظفيها، كل ذلك ما لم يتضمن القرار المذكور تنظيماً خاصاً، ففي هذه الحالة يطبق الحكم الخاص الوارد بالقرار، وإن تعارض مع ما ورد بهذا القانون؛ وذلك للظروف الخاصة بالعمل في المصانع الحربية التي تختلف تماماً عن ظروف العمل بالوزارات والمصالح من حيث ضرورة إحاطتها بكثير من السرية التي تقتضي بسط يد إدارة المصانع في شئون موظفيها وعدم تقييدها بأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 فيما يتعارض مع ظروف العمل بالمصانع.
2 - يبين من استعراض نصوص المادة 14 من القرار رقم 159 م لسنة 1953 الصادر من مجلس إدارة المصانع الحربية بشأن نظام موظفي المصانع الحربية والمادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة أن النقل الذي نظمته المادة 47 في فقرتها الأولى بالشروط والقيود الواردة بها قد نظمته المادة 14 من القرار المشار إليه، دون أن تتضمن أي قيد على حق إدارة المصانع الحربية في إجرائه على نحو ما قيدته به المادة 47 في فقرتها الأولى؛ وذلك تحقيقاً للحكمة التي قام عليها القانون رقم 619 لسنة 1953 وأشارت إليه مذكرته الإيضاحية، وكل ما اشترطه القرار لإمكان إجراء النقل قيام حالة ضرورة تقتضي ذلك، وتقرير قيام مثل هذه الحالة أمر متروك لمطلق تقدير الإدارة تقدره على هدى المصلحة العامة لا يحدها في ذلك إلا عيب إساءة استعمال السلطة إذا وجد وقام الدليل عليه.
3 - ما دام نقل المدعي لا يخضع لحكم الفقرة الأولى من المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة فإن ذلك يستتبع بحكم اللزوم عدم انطباق حكم الفقرة الثانية من المادة المذكورة التي تقضي بعدم جواز النظر في ترقية الموظف المنقول من وزارة أو مصلحة إلى وزارة أو مصلحة أخرى إلا بعد مضي سنة على الأقل من تاريخ نقله ما لم تكن الترقية في نسبة الاختيار أو في درجات المصالح المنشأة حديثاً.


إجراءات الطعن

في 17 من أغسطس سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "ب") بجلسة 19 من يونيه سنة 1958 في الدعوى رقم 1165 لسنة 11 قضائية المرفوعة من يوسف عز الدين علام ضد وزارة الحربية، القاضي "أولاً - برفض الدعوى بالنسبة للطعن في القرار المطعون فيه الصادر اعتباراً من 16 من مارس سنة 1957 بنقل المدعي إلى وزارة الشئون الاجتماعية.ثانياً - بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن في قرار الترقية رقم 376 الصادر في 31 من مارس سنة 1957.ثالثاً - بإلزام المدعي بالمصروفات".وطلب رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء للمدعي بطلباته، مع إلزام الوزارة بالمصروفات".وقد أعلن الطعن للحكومة في 31 من أغسطس سنة 1958 وللمدعي في 6 من سبتمبر سنة 1958، وعين لنظره جلسة 28 من مارس سنة 1959، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات، ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 27 من يوليه سنة 1957 أقام المدعي الدعوى رقم 1165 لسنة 11 قضائية ضد وزارة الحربية طالباً الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرارين الصادرين من السيد وزير الحربية: الأول رقم 386 في 6 من إبريل سنة 1957 بنقله إلى وزارة الشئون الاجتماعية، والثاني رقم 376 في 31 من مارس سنة 1957 بترقية السيدين جمال الدين مشرفة ومحمد أنور علي عمارة إلى الدرجة الرابعة الإدارية فيما تضمنه من تخطيه في الترقية لهذه الدرجة، وأحقيته في الترقية إليها اعتباراً من تاريخ القرار المذكور، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.وقال في بيان ذلك إنه في 31 من أكتوبر سنة 1955 طلبت إدارة المصانع الحربية من وزارة الشئون الاجتماعية الموافقة على نقله إليها بعد اطلاعها على ملف خدمته، والتأكد من نزاهته وكفايته، وبعد أن قامت المخابرات بالتحري عنه وتقديمها تقريراً لصالحه، وقد باشر المدعي عمله بإدارة المصانع في 5 من ديسمبر سنة 1955 وقام بعمله خير قيام بمصنعي 27 و99 كأخصائي اجتماعي، وكانت أعماله موضع تقدير الجميع، وقد قام نزاع بينه وبين الصاغ نائب مدير مصنع 27 وأجري تحقيق بينهما حفظت أوراقه بملف المدعي، ومنذ ذلك الحين أخذ السيد نائب مدير المصنع يكيد له، وكان هذا النزاع الشخصي سبباً في صدور قرار بنقل المدعي إلى وزارة الشئون الاجتماعية، وقد صدر هذا القرار في 6 من إبريل سنة 1957 بنقله اعتباراً من 16 من مارس سنة 1957، وكان السبب في ذلك هو الرغبة في تخطي المدعي وتفويت الفرصة عليه في الترقية إلى الدرجة الرابعة؛ إذ قامت إدارة المصانع بإجراء حركة ترقيات في 30 من مارس سنة 1957 تتضمن ترقية كل من السيدين جمال الدين مشرفة ومحمد أنور علي عمارة لدرجة الرابعة الإدارية بالأقدمية المطلقة، وكان المدعي هو الأولى بالترقية؛ إذ كان ترتيبه الأول بين موظفي الدرجة الخامسة الإدارية، ولكن إدارة المصانع خالفت القانون فعملت على التخلص منه بإصدار قرار نقله سالف الذكر، ثم أجرت حركة الترقيات.وقرار النقل المذكور يعتبر جزاء مقنعاً ذا حدين القصد منه حرمان المدعي من الترقية إلى الدرجة الرابعة بالمصانع الحربية وكذلك تفويت الترقية عليه مدة عام على الأقل بوزارة الشئون الاجتماعية، ولو توافر حسن النية لدى إدارة المصانع لقامت بترقيته أولاً ثم نقلته بعد ذلك إذ لم يكن ثمة مانع قانوني يحول دون الترقية؛ فآخر تقرير سري له كان بدرجة جيد جداً (100%).ولما كان قرار النقل باطلاً لصدوره بأثر رجعي تحايلاً على تخطي المدعي، فضلاً عن مخالفة قرار النقل لنص المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة التي تحرم نقل الموظف إذا كان عليه الدور للترقية؛ لذلك تظلم المدعي من ذلك القرار في 31 من مارس سنة 1957، وكان من رأي السيد مفوض الدولة سحب قراري النقل والترقية، ولكن لم يعتمد هذا الرأي؛ ومن أجل ذلك أقام المدعي هذه الدعوى.وقد ردت الوزارة على الدعوى بأن المدعي كان قد نقل من وزارة الشئون الاجتماعية للعمل كمشرف اجتماعي بمصنع 27، ولما تبين أنه لم يحرز التعاون الكامل بينه وبين إدارة المصنع، وتطور الأمر حتى أصبح من العسير عليه الاستمرار في أداء رسالته كرسول خير بين العمال وإدارة المصنع فقد رؤى إعطاؤه فرصة أخرى بنقله إلى مصنع 99 بحلوان، بيد أن الحال استمر على ما هو عليه بحيث اضطر مدير المصنع إلى إعادته للإدارة، ولما كان وجود المدعي بالمصانع الحربية مدعاة إلى إحداث شغب واضطرابات بين صفوف العمال فقد استقر الرأي على إبعاده عن المصانع، وطلب إلى وزارة الشئون الاجتماعية في 19 من ديسمبر سنة 1956 الموافقة على إعادته إليها، فردت في 17 من فبراير سنة 1957 بأن لجنة شئون موظفيها قد وافقت على النقل؛ وبناء على ذلك وافقت لجنة شئون موظفي المصانع على نقله في 9 من مارس سنة 1957 واعتمد قرارها من السيد الوزير في 16 من مارس سنة 1957، ثم صدر القرار الوزاري رقم 386 لسنة 1957 في 6 من إبريل سنة 1957 برفع اسمه من عداد موظفي المصانع نقلاً إلى وزارة الشئون الاجتماعية اعتباراً من تاريخ اعتماد السيد الوزير لقرار اللجنة في 16 من مارس سنة 1957.وأما فيما يختص بما ذكره المدعي من مخالفة النقل لحكم المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فإن إدارة المصانع ترى أنه نظراً لما يقتضيه صالح الأمن بالمصانع، وخشية أن يتأثر مستوى الإنتاج الحربي بعوامل القلق والاضطراب النفسي بين العاملين بها، كان لا بد من نقل المدعي نهائياً؛ نظراً لما يتطلبه الصالح العام دون ما حرج من نص المادة 47 سالفة الذكر.ثم ناقشت الوزارة في مذكرة أخرى حكم القانون في تطبيق المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة، فقالت إنه جاء بالمادة 14 من القرار رقم 159 لسنة 1953 الصادر من مجلس إدارة المصانع الحربية ومصانع الطائرات عن نظام موظفي المصانع ما يأتي: "يجوز نقل الموظف من مصنع إلى آخر بموافقة مدير المصنع المختص أو نقله إلى أية مصلحة أخرى بعد موافقة الجهة المنقول إليها إذا اقتضت ضرورة العمل ذلك، ويكون ذلك بقرار من وكيل الوزارة المختص بعد موافقة مدير المصنع"، وطبقاً للمادة الرابعة فقرة 15 من القانون رقم 619 لسنة 1953 بإنشاء مجلس إدارة المصانع الحربية ومصانع الطائرات فإن للمجلس المذكور أن يصدر اللوائح الخاصة بموظفي المصانع ولو كانت مخالفة للوائح والقوانين المعمول بها في الحكومة.هذا وتنص المادة الأولى من القرار رقم 159 لسنة 1953 على أنه فيما عدا ما هو منصوص عليه في مواد ذلك القرار يسري على موظفي المصانع ومصانع الطائرات أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951، والمجلس - حين تعرض لمسألة نقل الموظف من المصانع إلى مصلحة أو وزارة أخرى ونص في المادة 14 على جواز ذلك - لم يتقيد بالقيد الوارد بالمادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الذي يحظر النقل إذا كان يفوت دور الموظف في الترقية بالأقدمية؛ ومن ثم تكون الإدارة مستثناة من تطبيق المادة 47، بشرط مراعاة المصلحة العامة عند إجراء النقل.ولما كان الثابت أن المدعي نقل لأكثر من جهة بالمصانع؛ لأنه لم يستطع التفاهم مع مديري المصانع؛ ونظراً لما كان يثيره بصفته أخصائياً اجتماعياً من قلاقل بين العمال مما يؤثر على الإنتاج ويضر بصالح العمل، فقد أصدرت المصانع قرار نقله مستهدفة في ذلك الصالح العام، وهو وجوب إبعاد المدعي عن وسط عمال المصانع.وبجلسة 19 من يونيه سنة 1958 حكمت المحكمة "أولاً - برفض الدعوى بالنسبة للطعن في القرار المطعون فيه الصادر اعتباراً من 16 من مارس سنة 1957 بنقل المدعي إلى وزارة الشئون الاجتماعية.ثانياً - بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن في قرار الترقية رقم 376 الصادر في 31 من مارس سنة 1957.ثالثاً - بإلزام المدعي بالمصروفات".وأقامت المحكمة قضاءها على أنه "ثابت من أوراق الدعوى أنه قد طلب من وزارة الشئون الاجتماعية في 19 من ديسمبر سنة 1956 الموافقة على إعادة المدعي إليها، وقد تضمن كتاب الوزارة المذكورة رقم 4906 المؤرخ 17 من فبراير سنة 1957 أن لجنة شئون الموظفين بها قد وافقت بجلستها المنعقدة في 7 و8 من يناير سنة 1957 على إعادته للعمل بها؛ وبناء على ذلك وافقت لجنة شئون موظفي المصانع الحربية في 9 من مارس سنة 1957 على هذا النقل، واعتمد الوزير قرارها في 16 من مارس سنة 1957، وصدر بذلك القرار الوزاري رقم 386 لسنة 1957 في 6 من إبريل سنة 1957 برفع اسم المدعي من عداد موظفي المصانع نقلاً إلى وزارة الشئون الاجتماعية والعمل اعتباراً من 16 من مارس سنة 1957"، وأنه "على الصورة الموصوفة فيما تقدم يكون المدعي قد نقل قانوناً إلى وزارة الشئون الاجتماعية اعتباراً من 16 من مارس سنة 1957، وهو تاريخ اعتماد الوزير لقرار اللجنة، ولا يؤثر في هذا النظر صدور قرار الوزير في تاريخ لاحق برفع اسم المدعي من عداد موظفي المصانع الحربية اعتباراً من تاريخ اعتماد قرار اللجنة، وهذا القرار لم يتضمن سوى رفع اسم المدعي من عداد موظفي المصانع تنفيذاً للنقل الذي تم واستكمل شكله القانوني من تاريخ اعتماد الوزير في 16 من مارس سنة 1957، وقد كان نقل المدعي - كما هو ثابت من ملف خدمته - من وزارة الشئون الاجتماعية إلى إدارة المصانع الحربية اعتباراً من 13 من ديسمبر سنة 1955 تاريخ استلامه العمل على هذه الصورة أيضاً؛ إذ أن القرار رقم 1538 لسنة 1955 قد صدر في 29 من ديسمبر سنة 1955 بنقله اعتباراً من 13 من ديسمبر سنة 1955.....وتأسيساً على ما تقدم فإنه لا مقنع فيما أبداه المدعي من أن قرار النقل قد تضمن أثراً رجعياً"، ثم قالت المحكمة عن أسباب النقل إنه "لا جدال في أن ملف خدمة المدعي قد تضمن تحقيقاً أجري فيما حدث بين المدعي ونائب مدير المصنع 27 الحربي، وقد انتهى التحقيق بمجازاة المدعي بخصم يومين من مرتبه طبقاً للقرار الصادر في 27 من يونيه سنة 1956 الذي تضمن ما أثبته التحقيق من إدانته، وتبع ذلك إلحاق المدعي بالإدارة المالية بموجب خطاب مؤرخ 12 من يوليه سنة 1956، كما تظلم المدعي من هذا الجزاء، وقد رفع تقرير عن المدعي من نائب مدير مصنع 27 إلى سكرتير عام المصانع الحربية بكتاب مدير المصنع المؤرخ 30 من يوليه سنة 1956 الذي جاء فيه ما نصه (وإننا نرى إزاء ذلك عدم جدوى وجود السيد يوسف عز الدين خالد علام بالمصنع، كذلك تنبه على سيادته بتقديم نفسه لمراقبة الأفراد بإدارة المصانع اعتباراً من 5 من يوليه سنة 1956)، ومرفق بملف خدمة المدعي كتاب مؤرخ 10 من يوليه سنة 1956 موجه إلى سكرتير عام المصانع جاء فيه (أتشرف بإحاطة سيادتكم أنه بلغني بأني سألحق بالإدارة المالية (حسابات)، وحيث إن هذا العمل لا يتفق مع مؤهلي ومع سابق عملي بوزارة الشئون الاجتماعية وبالمصانع الحربية، فالرجا التفضل بتعييني في عمل يتناسب مع مؤهلي وسابق خبرتي...)، وقد أشر على هذا الكتاب بأن هذا الإلحاق بصفة مؤقتة إلى أن يبحث له عن محل لباحث اجتماعي في أحد المصانع التي لا يوجد بها باحثون اجتماعيون" ثم عقبت المحكمة على ذلك بأن "الصورة المتقدمة المستخلصة من ملف خدمة المدعي والتي انتهت بتوقيع جزاء عليه ثم نقله إلى إدارة المصانع واعتراضه على هذا النقل تكفي في نظر المحكمة لأن يتأثر بها صالح العمل في المصانع، وتكون ضرورة العمل قد اقتضت ذلك، على أن المحكمة، وقد اطلعت على ما وصف به المدعي أعماله في مجال الرد على الحكومة لإثبات أن نقله لم يكن بمراعاة الصالح العام، فإنها قد اطلعت كذلك على ما جاء في كتاب وكيل وزارة الدفاع الوطني رقم 94/ 2/ 948 المؤرخ 8 من إبريل سنة 1943 من أن المدعي في ناحية أخلاقه العمومية مشاغب ولا يحسن اختيار الألفاظ لرؤسائه ويميل للاضطرابات".وانتهت المحكمة من ذلك إلى أن "الأسباب التي انتهت بنقل المدعي إلى وزارة الشئون الاجتماعية كانت سابقة بشهور على التاريخ الذي صدر فيه القرار المطعون فيه، كما أن المدة التي مكثها المدعي في المصانع الحربية من 13 من ديسمبر سنة 1955 إلى 16 من مارس سنة 1957 كانت من القصر بحيث تتأيد بها دوافع النقل، ولا مقنع بعد ذلك فيما أثاره المدعي للربط بين قرار نقله وقرار الترقية المطعون فيه"، وقالت المحكمة رداً على ما نعاه المدعي على قرار النقل من مخالفته للمادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 إن "المادة 3 من القانون رقم 619 لسنة 1953 بإنشاء مجلس إدارة المصانع الحربية ومصانع الطائرات نصت على أن مجلس الإدارة هو السلطة العليا المهيمنة على المصانع التابعة لوزارة الحربية، وهو المشرف على تصرف الأمور طبقاً لهذا القانون دون التقيد بالنظم الإدارية والمالية المتبعة في مصالح الحكومة، كما نصت الفقرة 15 من المادة 4 بأن يختص مجلس إدارة المصانع بإصدار اللوائح المتعلقة بتعيين موظفي المصانع الحربية ومصانع الطائرات ومستخدميها وعمالها وترقيتهم ونقلهم وتأديبهم وفصلهم وتحديد مرتباتهم وأجورهم ومكافآتهم دون التقيد بالقوانين واللوائح والنظم الخاصة بموظفي الحكومة، وكذا إصدار اللوائح الخاصة بتنظيم أعمال المخازن والمشتريات واللوائح المالية، وقد صدر قرار مجلس إدارة المصانع الحربية ومصانع الطائرات رقم 159 لسنة 1953، ووردت المادة الأولى منه على النحو التالي "فيما عدا ما هو منصوص عليه في المواد التالية تسري على موظفي المصانع الحربية ومصانع الطائرات أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 والقوانين المعدلة له" كما نص في الفقرة الأخيرة من المادة 11 المعدلة بالقرار رقم 203 لسنة 1955 على أنه لا يجوز النظر في ترقية الموظفين الذين ينقلون إلى المصانع إلا بعد مضي سنة على الأقل من تاريخ نقلهم، كما نصت المادة 14 من القرار المذكور على أنه لا يجوز نقل الموظف من مصنع إلى آخر بموافقة مدير المصنع المختص أو نقله إلى أية مصلحة أخرى بعد موافقة الجهة المنقول إليها إذا اقتضت ضرورة العمل ذلك، ويكون ذلك بقرار من وكيل الوزارة المساعد المختص بعد موافقة مدير المصنع بالنسبة للموظفين من الدرجة الثالثة فما دونها، وبقرار من مجلس الإدارة بالنسبة لمن عداهم"، وأنه "إعمالاً للنصوص المتقدمة لا تسري أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بالنسبة للأحكام الخاصة المنصوص عليها في القرارين رقمي 159 لسنة 1953 و203 لسنة 1955، ويجوز نقل الموظف على الصورة المذكورة في المادة 14 من القرار رقم 159 لسنة 1953 إذا اقتضت ضرورة العمل ذلك، ولا توافق المحكمة على ما ذهبت إليه هيئة المفوضين من أن الشق الأخير من الفقرة الأولى من المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة (القيود والضمانات) يسري على موظفي المصانع؛ وذلك للأسباب الآتية: أولاً - لو صح سريان الشق الأخير من الفقرة الأولى من المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة لسرت في شأنهم باقي فقرات المادة 47، في حين أن قيد السنة بالنسبة لترقية الموظف المنقول قد ورد بشأنه نص خاص في المادة 11 من القرار 203 لسنة 1955 رغم وروده في الفقرة الثانية من المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة.ثانياً - لو صح القول بأن باقي فقرات المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة تسري في شأن موظفي المصانع لعدم ورود نصوص في قرار مجلس إدارة المصانع تعالج الحالات المقررة لها فإنه لا يصح قانوناً ومنطقاً القول بأن بعض كلمات من الفقرة الأولى من المادة 47 من قانون موظفي الدولة تسري في شأن موظفي المصانع بجانب المادة 14 من القرار رقم 159 لسنة 1953، ونصها كامل المعالم بحسب عبارته بلا مزيد.ثالثاً - لا يستقيم عملاً القول بأن جملة "إذا كان النقل لا يفوت عليه دوره في الترقية بالأقدمية أو كان بناء على طلبه" الواردة في نهاية الفقرة الأولى من المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة تسري على موظفي المصانع الحربية، مع أن المادة 14 من القرار رقم 159 لسنة 1953 السارية في حقهم تجيز النقل إذا اقتضت ضرورة العمل ذلك.ويبين من ذلك أنه يتعذر التوفيق بين الحكمين فيما لو اجتمعا في مادة واحدة، ويمتنع النقل بحسب رأي المدعي وهيئة مفوضي الدولة إذا كان يفوت عليه دوره في الترقية بالأقدمية حتى ولو اقتضت ضرورة العمل ذلك"، وأنه "لا يغير من النظر المتقدم قول المدعي بأنه كان الأول في ترتيب الأقدمية، وأنه ليس من باعث على إجراء النقل في وقت صدور الترقية، لا مقنع في ذلك؛ لأن الجهة الإدارية تترخص في إجراء الترقيات بحسب الأصول المرعية في الوقت المناسب بما يتفق والصالح العام، كما أن إدارة المصانع هي التي تقدر ملاءمة نقل الموظفين من المصانع وإليها، وما من شك في أن طبيعة العمل في المصانع الحربية تتأثر بما قد لا تتأثر به طبيعة العمل في الجهات الإدارية الأخرى"، وأنه "تأسيساً على ما تقدم يكون القرار الوزاري رقم 386 الصادر في 6 من إبريل سنة 1957 قد صدر على أساس سليم من القانون....".ثم استطردت المحكمة تقول إنه "وقد نقل المدعي إلى وزارة الشئون الاجتماعية اعتباراً من 16 من مارس سنة 1957 نقلاً صحيحاً متفقاً مع أحكام القانون، فمن ثم لا تتوافر لديه المصلحة الشخصية المباشرة للطعن في قرار الترقية المطعون فيه رقم 376 الصادر في 31 من مارس سنة 1957 فيما تضمنه من ترقية بعض موظفي المصانع؛ ومن ثم تكون الدعوى غير مقبولة لانعدام المصلحة بالنسبة للطعن في هذا القرار...".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه يبين من نصوص الفقرة 15 من المادة 4 من القانون رقم 619 لسنة 1953 بإنشاء مجلس إدارة المصانع الحربية ومصانع الطائرات والمادة 14 من القرار رقم 159 لسنة 1953 بنظام موظفي المصانع أن مجلس الإدارة كان في صدد تحديد الجهة المختصة بنقل موظفي المصانع إذا اقتضت ضرورة العمل نقلهم، أما القيود التي ترد على سلطة الإدارة في النقل والضمانات التي يجب توفيرها للموظفين فهذه أمور سكت عنها ويرجع في بيان أحكامها إلى قانون موظفي الدولة بمقتضى الإحالة الواردة في المادة الأولى من قرار مجلس الإدارة رقم 159 لسنة 1953.ولا جدال في أن القيد الذي أوردته المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة في شأن عدم جواز النقل إذا كان يفوت على الموظف دوره في الترقية بالأقدمية - هذا القيد الذي يمثل أصلاً عاماً في شئون الموظفين قنن به المشرع قضاء مستقراً مطرداً بألا يكون النقل قد قصد به الإضرار بالموظف بحيث يخفي في طياته جزاء تأديبياً مقنعاً، ولا أدل على صحة هذا النظر في هذه القضية من أن قرار ترقية اثنين ممن يلون المدعي في الأقدمية قد صدر بعد أسبوعين من موافقة الوزير على نقله وقبيل تنفيذ هذا النقل، ومن مقتضى نقل المدعي أن تمتنع ترقيته في الجهة المنقول إليها لمدة سنة كاملة بحيث يضار ضرراً مضاعفاً، وهو ما حرص المشرع على تفاديه بنصه على ألا يكون النقل مفوتاً على الموظف دوره في الترقية بالأقدمية.
ومن حيث إنه في 12 من ديسمبر سنة 1953 صدر القانون رقم 619 لسنة 1953 بإنشاء مجلس إدارة المصانع الحربية ومصانع الطائرات، ونص في مادته الثالثة على أن "مجلس الإدارة هو السلطة العليا المهيمنة على المصانع التابعة لوزارة الحربية، وهو المشرف على تصريف الأمور طبقاً لهذا القانون دون التقيد بالنظم الإدارية والمالية المتبعة في مصالح الحكومة"، وبينت المادة 4 منه اختصاصات مجلس الإدارة، ومن بينها ما نص عليه في الفقرة 15، وهي "إصدار اللوائح المتعلقة بتعيين موظفي المصانع الحربية ومصانع الطائرات ومستخدميها وعمالها وترقيتهم ونقلهم وتأديبهم وفصلهم وتحديد مرتباتهم وأجورهم ومكافآتهم دون التقيد بالقوانين واللوائح والنظم الخاصة بموظفي الحكومة، وكذا إصدار اللوائح الخاصة بتنظيم أعمال المخازن والمشتريات واللوائح المالية".وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون ما يأتي: "تقتضي السياسة العامة الحالية التخفيف من أحكام المركزية على قدر المستطاع، كما تقضي بالعمل على إحاطة المصانع الحربية بسياج من الاستقلال حتى تتمكن من أداء الرسالة الخطيرة الموكولة إليها دون أن تصطدم بالإجراءات المالية والإدارية العادية التي تخضع لها المصالح الحكومية حسب القوانين واللوائح المعمول بها...".وجاء بختام المذكرة خاصاً بالمادة الرابعة ما يأتي: "كما تضمنت المادة الرابعة بعض تعديلات للأحكام التي كانت متبعة في القانون القديم قصد منها تيسير عمل المصانع وتوسيع اختصاصات مجلس الإدارة؛ تمشياً مع سياسة اللامركزية، وحتى تقوم المصانع بواجباتها المفروضة عليها في جو من الاستقلال والاستقرار". واستناداً إلى الفقرة 15 من المادة 4 من القانون رقم 619 لسنة 1953 المشار إليه أصدر مجلس إدارة المصانع القرار رقم 159 م لسنة 1953 بنظام موظفي تلك المصانع، وقد نص في المادة الأولى منه على أنه "فيما عدا ما هو منصوص عليه في المواد التالية تسري على موظفي المصانع الحربية ومصانع الطائرات أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 والقوانين المعدلة له الخاص بنظام موظفي الدولة"، ونصت المادة 7 على أن "يعتمد وزير الحربية - بناء على اقتراح وكيل الوزارة المساعد المختص - نقل أي موظف من مصلحة أخرى أو وزارة إلى المصانع"، كما نصت المادة 14 على أنه "يجوز نقل الموظف من مصنع إلى آخر بموافقة مدير المصنع المختص أو نقله إلى أية مصلحة أخرى بعد موافقة الجهة المنقول إليها إذا اقتضت ضرورة العمل ذلك، ويكون ذلك بقرار من وكيل الوزارة المساعد المختص بعد موافقة مدير المصنع بالنسبة للموظفين من الدرجة الثالثة فما دونها وبقرار من مجلس الإدارة بالنسبة لمن عداهم".
ومن حيث إن المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة - وهي المنظمة لأحكام نقل الموظفين - تنص على أنه "يجوز نقل الموظف من إدارة إلى أخرى ويجوز نقله من مصلحة أو وزارة إلى مصلحة أو وزارة أخرى إذا كان النقل لا يفوت عليه دوره في الترقية بالأقدمية أو كان بناء على طلبه، ومع ذلك لا يجوز النظر في ترقية الموظف المنقول من وزارة أو مصلحة إلى وزارة أو مصلحة أخرى إلا بعد مضي سنة على الأقل من تاريخ نقله ما لم تكن الترقية في نسبة الاختيار أو في درجات المصالح المنشأة حديثاً...".
ومن حيث إن مفاد نص المادة الأولى من القرار رقم 159 م لسنة 1953 سالف الذكر أن الأصل أن تسري أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بصفة عامة على جميع موظفي المصانع الحربية أسوة بباقي موظفي الدولة باعتبار أنه القانون العام المنظم لعلاقة الحكومة بموظفيها، كل ذلك ما لم يتضمن القرار المذكور تنظيماً خاصاً، ففي هذه الحالة يطبق الحكم الخاص الوارد بالقرار، وإن تعارض مع ما ورد بالقانون رقم 210 لسنة 1951؛ وذلك للظروف الخاصة بالعمل في المصانع الحربية التي تختلف تماماً عن ظروف العمل بالوزارات والمصالح من حيث ضرورة إحاطتها بكثير من السرية التي تقتضي بسط يد إدارة المصانع في شئون موظفيها وعدم تقييدها بأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 فيما يتعارض مع ظروف العمل بالمصانع.وقد كشفت عن ذلك المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 619 لسنة 1953 الخاص بإنشاء مجلس إدارة خاص بالمصانع حين قالت "تقتضي السياسة العامة الحالية التخفيف من أحكام المركزية على قدر المستطاع، كما تقضي بالعمل على إحاطة المصانع الحربية بسياج من الاستقلال حتى تتمكن من أداء الرسالة الخطيرة الموكولة إليها دون أن تصطدم بالإجراءات المالية والإدارية العادية التي تخضع لها المصالح الحكومية حسب القوانين واللوائح المعمول بها..."، وحين قالت في صدد المادة الرابعة المتعلقة باختصاصات مجلس الإدارة أنه قصد بالتعديلات التي أدخلت على تلك المادة "تيسير عمل المصانع وتوسيع اختصاصات مجلس الإدارة؛ تمشياً مع سياسة اللامركزية، وحتى تقوم المصانع بواجباتها المفروضة عليها في جو من الاستقلال والاستقرار".
ومن حيث إنه يبين من استعراض نصوص المادة 14 من القرار رقم 159 م لسنة 1953 والمادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة أن النقل الذي نظمته المادة 47 في فقرتها الأولى بالشروط والقيود الواردة بها قد نظمته المادة 14 من القرار المشار إليه دون أن تتضمن أي قيد على حق إدارة المصانع في إجرائه على نحو ما قيدته به المادة 47 في فقرتها الأولى؛ وذلك تحقيقاً للحكمة التي قام عليها القانون رقم 619 لسنة 1953 وأشارت إليها مذكرته الإيضاحية حسبما سلف البيان، وكل ما اشترطه القرار لإمكان إجراء النقل قيام حالة ضرورة تقتضي ذلك، وتقرير قيام مثل هذه الحالة أمر متروك لمطلق تقدير الإدارة تقدره على هدي المصلحة العامة لا يحدها في ذلك إلا عيب إساءة استعمال السلطة إذا وجد وقام الدليل عليه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه نقل من وزارة الشئون الاجتماعية إلى إدارة المصانع اعتباراً من 13 من ديسمبر سنة 1955، وألحق بالمصنع رقم 27 بوظيفة أخصائي اجتماعي، وأنه في 27 من يونيه سنة 1956 صدر قرار بمجازاته بخصم يومين من مرتبه نظراً لما نسب إليه في الشكوى المقدمة من نائب مدير المصنع وما أثبته التحقيق الذي أجرى معه من إدانته في الآتي: 1 - خطؤه في صدور ألفاظ وجهها إلى السيد نائب مدير المصنع بدعوى أنه لحقه إهانة منه.2 - خروجه عن الحدود اللائقة وثورته وتلويحه بيده في وجهه.3 - عدم اتخاذه الطريق القانوني السليم بتوجهه إلى السيد مدير المصنع بالشكوى إن كان هناك ما يدعو إلى ذلك.وفي أول يوليه سنة 1956 قدم المدعي لمدير المصنع رقم 27 طلباً يذكر فيه أنه "لما كانت عملية الإشراف على المطعم ليست من اختصاصي فألتمس إعفائي منها، ولقد قمت بها طوال هذه المدة لصالح العمل والعمال، ونظراً لما ألاقيه من متاعب أرجو أن يكون عملي في حدود اختصاصي، وهو أخصائي اجتماعي للمصنع، كما أرجو التنبيه بتزويد قسم الشئون الاجتماعية بالمصنع بالعدد اللازم من الموظفين حتى أتمكن من إتمام رسالتي على أتم وجه".وقد رفع هذا الطلب إلى السيد المدير بتأشيرة جاء بها ما يأتي: "(1) الموظف المذكور لا يصلح للإشراف على المطعم نظراً لعدم مقدرته على حسن التصرف ومعاملة الأفراد والتعاون، وقد ثبت فشله في هذه المهمة، وأوافق على إعفائه من مهمة الإشراف على المطعم.(2) فيما يختص بتزويد قسم الخدمة الاجتماعية بالعدد اللازم من الموظفين، فقد سبق نقل السيد الجارحي للعمل به بناء على طلب السيد يوسف علام نفسه، ولكنه أساء معاملته ثم طلب إعادته للحسابات، ولقد اشتكى جميع الموظفين الذين عملوا تحت رياسة السيد المشرف من معاملته علماً بأنهم من الموظفين المشهود لهم بالكفاية.(3) أرى أن المشرف السيد يوسف علام لا ينفع المصنع بشيء".وقد أشر السيد المدير على طلب المدعي في 2 من يوليه سنة 1956 بإخلاء طرفه وتحويله لإدارة المصانع.وفي 2 من يوليه سنة 1956 أيضاً قدم نائب مدير المصنع رقم 27 تقريراً إلى السيد مدير المصنع في شأن المدعي أشار فيه إلى عدم قيام المدعي بأي نشاط ملموس منذ إنشاء قسم الخدمات الاجتماعية وإلى كثرة الشكاوى التي قدمت بشأن سوء إدارة المدعي للمطعم الذي يشرف عليه، وإلى شكوى جميع الموظفين الذين يعملون معه والذين اختارهم بنفسه للعمل معه وطلبهم النقل لعدم إمكانهم التعاون معه لسوء معاملته لهم، مع أنهم من الموظفين المشهود لهم بالكفاية وحسن الخلق، وإلى أنه دائم الشكوى ويشغل الكثير من وقت نائب المدير في أمور تافهة، ثم قال بعد ذلك إن "المفروض في المشرف الاجتماعي أن يكون رسول سلام بين إدارة المصنع والعمال حيث يعمل على بحث حالاتهم والاتصال بإدارة المصانع للعمل على راحتهم وتحسين حالتهم في حدود إمكانيات المصنع، ولكنه يعتبر نفسه خارجاً عن الإدارة في هذا الخصوص ويحاول تفهيم العمال أنه فقط يعمل لمصلحتهم، بينما الجميع لا يرغبون في ذلك، ولا يخفى ما لهذا التصرف من آثار وخيمة، وأن معاملته لزملائه مبنية على عدم الثقة، ويعتقد أن الجميع يتآمرون ضده، ومن هنا جاءت تصرفاته مع زملائه شاذة، واعتقد أن هذا مرض نفسي وليس حالة طبيعية، والخلاصة أن الموظف المذكور السيد يوسف علام ثبت أنه غير منتج وضعيف جداً من الناحية الإدارية حيث تنقصه قوة الشخصية وحسن التصرف والمعاملة وأنه غير قادر على التعاون مع زملائه أو رؤسائه أو مرءوسيه، وأرى أن استمرار وجوده بالمصنع غير مفيد بالمرة، بل على العكس يسبب لنا الكثير من المتاعب"، وقد رفع مدير المصنع هذا التقرير إلى السيد وكيل الوزارة بتأشيرة جاء فيها أن المصنع لا يرى الاحتفاظ به ضمن موظفيه، ثم أرسل مدير المصنع صورة من التقرير إلى السكرتير العام للمصنع، وأخبره أنه نبه على السيد يوسف علام بتقديم نفسه لمراقبة الأفراد اعتباراً من 5 من يوليه سنة 1956، وفي 12 من يوليه سنة 1956 صدر قرار بإلحاق المدعي بالإدارة المالية، فتظلم من هذا النقل، والتمس تعيينه في عمل يتناسب ومؤهله، ثم اتخذت بعد ذلك إجراءات نقل المدعي إلى وزارة الشئون الاجتماعية، وقد وافقت لجنة شئون الموظفين بالوزارة المذكورة بجلستيها المنعقدتين في 3 و8 من يناير سنة 1957 على نقل المدعي إليها، واعتمد السيد الوزير قرارها في 5 من فبراير سنة 1957، ووافقت لجنة شئون موظفي المصانع على نقل المدعي إلى وزارة الشئون بجلسة 9 من مارس سنة 1957، واعتمد السيد وزير الحربية قرارها في 16 من مارس سنة 1957، ثم صدر بعد ذلك القرار الوزاري رقم 386 لسنة 1957 في 6 من إبريل سنة 1957 برفع اسم المدعي من عداد موظفي المصانع الحربية نقلاً إلى وزارة الشئون الاجتماعية والعمل اعتباراً من 16 من مارس سنة 1957.
ومن حيث إنه ظاهر من كل ما تقدم أن إدارة المصانع إنما لجأت إلى نقل المدعي إلى وزارة الشئون الاجتماعية (وزارته الأولى) بعد ما تبين لها من سيرته خلال الفترة الوجيزة التي قضاها في العمل بالمصانع أنه غير منتج، وأن التعاون مفقود بينه وبين زملائه ورؤسائه ومرءوسيه؛ مما يوجب الاضطراب في العمل في هذه الجهة الحساسة، فضلاً عما ورد بتقرير نائب المدير العام من أنه يحاول تفهيم العمال أنه هو وحده الذي يعمل لمصلحتهم دون باقي موظفي ورؤساء المصنع؛ ومن ثم أصبح نقله في تقديرها ضرورة تقتضيها مصلحة العمل بالمصانع.وليس من شك في أن تقدير حالة الضرورة أمر متروك زمامه للجهة الإدارية المختصة لا يحدها في ذلك - على ما سلف البيان - سوى عيب إساءة استعمال السلطة، ولم يقم أي دليل من الأوراق على أن إدارة المصانع إذ نقلت المدعي إلى وزارة الشئون الاجتماعية قد صدرت في ذلك عن ميل أو هوى أو غرض شخصي لا يمت للمصلحة العامة، كما لم يدع المدعي أن نقله قد شابه عيب إساءة استعمال السلطة وإن كان قد أشار إلى أن النزاع الشخصي الذي قام بينه وبين نائب مدير المصنع كان هو الدافع لهذا النقل، وهذا السبب - إن صح - لا ينهض دليلاً على إساءة استعمال السلطة، وإنما يعتبر دليلاً على أن إدارة المصانع حريصة على أن يسود الانسجام والتعاون بين موظفي المصانع حتى تؤدي رسالتها على النحو المرجو، وغني عن القول إنه ما دام نقل المدعي من المصانع الحربية إلى وزارة الشئون الاجتماعية لا يخضع لحكم الفقرة الأولى من المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة فإن ذلك يستتبع بحكم اللزوم عدم انطباق حكم الفقرة الثانية من المادة المذكورة التي تقضي بعدم جواز النظر في ترقية الموظف المنقول من وزارة أو مصلحة إلى وزارة أو مصلحة أخرى إلا بعد مضي سنة على الأقل من تاريخ نقله، ما لم تكن الترقية في نسبة الاختيار أو في درجات المصالح المنشأة حديثاً؛ ذلك أن القيد الوارد في الفقرة المذكورة هو - على ما سبق أن قضت هذه المحكمة (1) - استثناء من الأصل العام الذي يجيز النقل كما يجيز ترقية الموظف المنقول طبقاً للقواعد العامة، فلزم - والحالة هذه - تفسيره تفسيراً ضيقاً في حدود الحكمة التشريعية التي قام عليها، وهي منع التحايل عن طريق النقل لإيثار الموظف المنقول بترقيته في الجهة المنقول إليها في نسبة الأقدمية؛ ومن ثم فإن النقل الذي يرد عليه القيد الاستثنائي المعني بهذا النص - وهو عدم جواز ترقية الموظف المنقول قبل مضي سنة على الأقل - لا ينصرف إلا إلى نقل الموظف نقلاً عادياً، أما إذا كان النقل قد ترتب بحكم اللزوم على نقل الدرجة التي يشغلها الموظف من ميزانية الوزارة أو المصلحة المنقول منها إلى ميزانية الوزارة أو المصلحة المنقول إليها، أو أنشئت درجة جديدة في ميزانية المصلحة، وكان نقله عليها ضرورة اقتضتها المصلحة العامة تنظيماً للأوضاع المصلحية أو كان النقل - كما في خصوصية هذا النزاع - قد تم بسبب قيام حالة ضرورة اقتضت هذا النقل واستند في إجرائه إلى قواعد تنظيمية عامة وضعت تنفيذاً لقانون خاص، فلا يجوز أن يضار الموظف بمثل هذا النقل الذي اقتضته المصلحة العامة، - وهو لا دخل لإرادته فيه - بتفويت دوره في الترقية في نسبة الأقدمية.
ومن حيث إنه لما كان نقل المدعي من المصانع الحربية إلى وزارة الشئون الاجتماعية قد تم صحيحاً مطابقاً للقانون، وكان هذا النقل لا يفوت عليه دوره في الترقية في نسبة الأقدمية في الوزارة المنقول إليها؛ فمن ثم لا تتوافر لديه المصلحة الشخصية المباشرة للطعن في قرار الترقية المطعون فيه رقم 376 الصادر في 31 من مارس سنة 1957 فيما تضمنه من ترقية بعض موظفي المصانع، وتكون دعواه في هذا الخصوص غير مقبولة؛ لانعدام المصلحة.
ومن حيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه، ويكون الطعن - والحالة هذه - غير قائم على أساس سليم من القانون، متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.


(1) راجع الحكم المنشور في السنة الثالثة من هذه المجموعة بند 172، ص 1681.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق