الصفحات

الأربعاء، 27 سبتمبر 2023

الطعن 587 لسنة 6 ق جلسة 29 / 10 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 4 ص 20

جلسة 29 من أكتوبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي - نائب رئيس المجلس، وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل - المستشارين.

----------------

(4)

القضية رقم 587 لسنة 6 القضائية

قرار إداري 

- قرار الخصم من المرتب - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - القرار الصادر بالخصم من مرتب الموظف لدين عليه - ليس من القرارات الإدارية القابلة للإلغاء أو وقف التنفيذ - اعتبار الدعوى في شأنه منازعة في راتب تندرج تحت الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 بتنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة اختصاصه بنظرها على هذا الاعتبار - أساس ذلك.

--------------
إن اختصاص القضاء الإداري بنظر المنازعات الخاصة بالمرتبات منصوص عليه في المادة الثانية من القانون رقم 55 لسنة 1959 الخاص بتنظيم مجلس الدولة - وهو اختصاص مطلق شامل لأصل تلك المنازعات ولجميع ما يتفرع منها، وبهذه المثابة تنظر المحكمة ما يكون قد صدر بشأن تلك المرتبات من قرارات أو إجراءات وذلك باعتبارها من العناصر المتفرعة عن المنازعات الأصلية في حدود اختصاصها الكامل بالنسبة إليها؛ ومن ثم فإذا استقطعت الإدارة جزءاً من راتب الموظف استيفاء لدين عليه فإن هذا الاستقطاع هو في ذاته مثار المنازعة في راتبه تختص المحكمة بنظرها بمقتضى اختصاصها الكامل - ولا يكون القرار الصادر بالخصم من المرتب من القرارات الإدارية القابلة للإلغاء والتي يجوز وقف تنفيذها طبقاً للمادة 21 من القانون سالف الذكر والتي نصت على أنه "لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه...." - ومؤدى هذا أنه لا يجوز اتخاذ طريق وقف تنفيذ القرار إلا حيث يوجد قرار متخذ بشأنه دعوى بإلغائه.


إجراءات الطعن

في يوم 26 من يناير سنة 1960 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 2 من ديسمبر سنة 1959 في القضية رقم 1216 لسنة 13 القضائية المرفوعة من السيد/ حسين عطية مصطفى ضد وزارة الداخلية، والقاضي "بوقف تنفيذ القرار الصادر من المدعى عليها القاضي باستقطاع ربع مرتب المدعي شهرياً وفاء لمبلغ 157.500 جنيه وإلزام المدعى عليها مصاريف الطلب. وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب الواردة في عريضة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم بعدم أحقية المدعى عليها في الخصم من راتب المدعي واستحقاق المدعي لرد ما خصم من راتبه وفاء لمبلغ 157.500 جنيه وإلزام المدعى عليها المصروفات - وقد أعلن الطعن للحكومة في 26 من مارس سنة 1960 وللمدعي في 10 من إبريل سنة 1960 وعين لنظره جلسة أول مايو سنة 1960 أمام هيئة فحص الطعون ثم أحيل للمرافعة أمام المحكمة العليا لجلسة أول أكتوبر سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إنه سبق الحكم بقبول الطعن شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام هذه الدعوى بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 11 من أغسطس سنة 1959 طلب فيها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من وزير الداخلية باستقطاع ربع مرتبه شهرياً وفاء لمبلغ 157.500 جنيه قيمة نصف التعويض المحكوم به ضد الوزارة بالتضامن مع القائمقام مصطفى حافظ رجب مأمور مركز أبو حمص سابقاً. وفي الموضوع بإلغاء القرار سالف الذكر وكافة الآثار المترتبة عليه واعتباره كأن لم يكن مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقال شرحاً لذلك أنه في يناير سنة 52 تمكن من ضبط السيارة رقم 939 نقل بحيرة كانت تحمل مواشي سرقت بدائرة مركز أبو حمص وكان المدعي وقتئذ ضابطاً لنقطة كوم القناطر التابعة للمركز المذكور وحرر محضراً بضبطها أثبت فيه أن السيارة وجدت بحالة جيدة ولكنه تعذر عليه تسليمها في المركز بسبب تفريغ إطاراتها وهطول الأمطار فسلمها في مكان ضبطها لمأمور المركز وأقام عليها حراسة مسلحة وقد تحرر عن الحادث محضر الجنحة رقم 310 لسنة 1952 أبو حمص حكم فيها استئنافياً ببراءة صاحب السيارة المدعو بخيت رمضان الذي رفع دعوى مستعجلة لإثبات حالة السيارة قيدت برقم 69 لسنة 1952 دمنهور، وقدر الخبير الذي ندبته المحكمة مبلغ 210 جنيه للمصروفات والإتلاف ثم رفع صاحب السيارة الدعوى رقم 34 كلي دمنهور ضد وزارة الداخلية والقائمقام مصطفى حافظ رجب بصفته مأمور مركز أبو حمص مطالباً بتعويض قدره 500 ج وقد حكم فيها بإلزامهما بدفع مبلغ 300 جنيه والمصروفات المناسبة و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. ولما استؤنف هذا الحكم قضت محكمة استئناف الإسكندرية بجلسة 22 من ديسمبر سنة 1955 في الاستئناف رقم 8 لسنة 11 ق بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنفين بصفتهما بأن يدفعا للمستأنف عليه مبلغ 300 جنيه والمصروفات المناسبة لهذا المبلغ عن الدرجتين ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وعقب صدور هذا الحكم شكلت الوزارة مجلس تحقيق لتحديد المسئولية عن التعويض المحكوم به ضدها واستدعى المدعي أمام هذا المجلس وأبدى دفاعه ولكن المجلس أصدر قراره في 8 من مارس سنة 1959 باعتباره مسئولاً بالاشتراك مع القائمقام مصطفى حافظ رجب عن التعويض المحكوم به مناصفة بينهما. وأعلن بهذا القرار في 18 من مارس سنة 1959 فتظلم منه في 13 من مايو سنة 1959 ولكن الوزارة لم تستجب لتظلمه - وينعى على هذا القرار أنه صدر من سلطة لا تملكه أصلاً، وهي مجلس التحقيق، فضلاً عن مخالفته للقانون وتعديه على حكم نهائي صادر من جهة قضائية في حدود اختصاصها القضائي في دعوى التعويض التي رفعت ضد الوزارة والقائمقام مصطفى حافظ رجب ولم يختصم فيها المدعي للحكم عليه بما عساه أن يحكم ضدهما وصدر الحكم بالتعويض على هذين الأخيرين وحدهما فلا يصح لمجلس التحقيق بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات على صدور هذا الحكم النهائي ويدعي لنفسه السلطة في أن يصدر حكماً تتوزع به المسئولية عن التعويض المحكوم به، بين القائمقام مصطفى حافظ وبين المدعي الذي لم توجه إليه أية مطالبة؛ والثابت من الحكم الابتدائي والاستئناف الصادر في دعوى التعويض أن المحكمة أقامت قضاءها بالتعويض على ما أثبته في محضر البوليس من أن السيارة كانت في حالة جيدة وقت تسليمها للمأمور وأنه أقام عليها حراسة مسلحة وأن ما فقد من أدواتها وما تلف من أجزائها كان بسبب إهمال الرجال الذين كانوا يتبعون المأمور في حراستها.
ويضاف إلى ذلك أن المادة 173 فقرة أولى من القانون المدني تنص على أنه "تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر والشخص المسئول عنه". وقد مضت أكثر من سبع سنوات على واقعة ضبط السيارة وأكثر من ست سنوات على ثبوت الأضرار التي لحقت بها وأكثر من ثلاث سنوات على صدور الحكم الاستئنافي. وخلص المدعي من ذلك إلى أن القرار المطعون فيه قد صدر باطلاً بطلاناً مطلقاً بل إنه يعد في حكم المعدوم. وانتهى إلى طلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذه وذلك لأن استقطاع ربع مرتبه من شأنه أن يلحق به ضرراً بليغاً يؤثر في معاشه ومعاش أسرته الكبيرة العدد - وطلب في الموضوع الحكم بإلغائه - وبجلسة 2 من ديسمبر سنة 1959 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ القرار الصادر من الوزارة المدعى عليها القاضي باستقطاع ربع مرتب المدعي شهرياً وفاء لمبلغ 157.500 جنيه وألزمت الوزارة بمصروفات هذا الطلب. وأقامت قضاءها على أنه ليس ثمة شك في أن قرار الوزارة المدعى عليها بخصم مبلغ التعويض المحكوم به عليها من راتب المدعي هو قرار إداري وأن طلب المدعي وقف تنفيذ هذا القرار يحدوه الاستعجال لما يبدو من أن راتب المدعي هو مورد رزقه الوحيد، كما أن الطلب ظاهر الجدية لأن الحكم إنما صدر ضد الوزارة ومأمور المركز وفات الوزارة إدخال المدعي في الدعوى وأن مجلس التحقيق عمد إزاء فقد محضر ضبط السيارة إلى سماع الشهود من جديد بعد أن مضى على الحادث سبع سنوات وأصدر قراره بتقرير مسئولية المدعي.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن التكييف السليم لهذه الدعوى هو أنها من دعاوى المنازعة في الراتب لا من دعاوى الإلغاء وكان يتعين على المدعي أن يطلب الحكم بعدم أحقية الحكومة في الخصم من راتبه واسترداد ما خصم منه لهذا السبب، فإذا أساء فهم الوسيلة ولم يوجه دعواه على الأساس السليم فإن ذلك لا يمنع المحكمة إذا استشفت حقيقة مقصده، من أن تصدر حكمها في الدعوى على أساس أنها من دعاوى التسوية التي لا محل للحكم فيها بوقف التنفيذ، إذ الواضح أن الخصم الذي أوقعته الوزارة على راتب المدعي في غير محله لا يعتبر قراراً إدارياً يجوز إيقاف تنفيذه، فضلاً عن أن المسئولية عن تلف السيارة وعطلها قد حددها حكم القضاء وقد ألقاها على الوزارة والمأمور ولم يحكم فيها على المدعي، وتبينت المحكمة أن المحضر الذي حرر على أثر ضبط السيارة قد فقد وقامت الوزارة بسؤال الشهود بعد مضي حوالي سبع سنوات من وقوع الحادث مما يتعذر معه الأخذ بهذا التحقيق، ولذلك يتعين الأخذ بما أثبته الحكم تحديداً للمسئولية ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون فيما انتهى إليه ويتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بعدم أحقية الوزارة في الخصم من راتب المدعي واستحقاق المدعي لرد ما خصم من راتبه وبإلزام الوزارة بالمصروفات.
ومن حيث إن اختصاص القضاء الإداري بنظر المنازعات الخاصة بالمرتبات منصوص عليه في المادة الثانية من القانون رقم 55 لسنة 1959 الخاص بتنظيم مجلس الدولة - وهو اختصاص مطلق شامل لأصل تلك المنازعات ولجميع ما يتفرع منها. وبهذه المثابة تنظر المحكمة ما يكون قد صدر بشأن تلك المرتبات من قرارات أو إجراءات وذلك باعتبارها من العناصر المتفرعة عن المنازعات الأصلية في حدود اختصاصها الكامل بالنسبة إليها؛ ومن ثم فإذا استقطعت الإدارة جزءاً من راتب الموظف استيفاء لدين عليه فإن هذا الاستقطاع هو في ذاته مثار المنازعة في راتبه تختص المحكمة بنظرها بمقتضى اختصاصها الكامل - ولا يكون القرار الصادر بالخصم من المرتب من القرارات الإدارية القابلة للإلغاء والتي يجوز وقف تنفيذها طبقاً للمادة 21 من القانون سالف الذكر، والتي نصت على أنه "لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه...." ومؤدى هذا أنه لا يجوز اتخاذ طريق وقف تنفيذ القرار إلا حيث يوجد قرار متخذ بشأنه دعوى بإلغائه.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى بوقف منطوق القرار الصادر بالخصم من راتب المدعي استيفاء لما ينشأ في ذمته بسبب يتعلق بأداء وظيفته، يكون قد خالف القانون ويتعين والحالة هذه إلغاؤه ورفض طلب وقف التنفيذ.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف التنفيذ، وألزمت المدعي بمصروفات هذا الطلب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق