الصفحات

الأربعاء، 29 مارس 2023

الطعن 483 لسنة 30 ق جلسة 19 / 10 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 141 ص 897

جلسة 19 من أكتوبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد شمس الدين، ومحمد عبد اللطيف، وأمين فتح الله، والسيد عبد المنعم الصراف.

--------------

(141)
الطعن رقم 483 لسنة 30 القضائية

(أ) عقد. "عقود إدارية". اختصاص. "اختصاص ولائي".
الترخيص باستغلال مقصف بمرفق التليفونات. احتواء العقد على شروط غير مألوفة في القانون الخاص كحق الإدارة في إلغاء العقد ومصادرة التأمين بمجرد الإخلال بالالتزامات المترتبة على العقد. وصف هذا العقد بأنه عقد إداري وصف قانوني صحيح.
(ب) عقد. "عقود إدارية". "حق جهة الإدارة في مصادرة التأمين".
خضوع العقود الإدارية لأصول القانون الإداري دون أحكام القانون الخاص. هذه الأصول تقضي باعتبار الاتفاق على حق جهة الإدارة في مصادرة التأمين من قبيل الجزاءات المالية. حق جهة الإدارة في توقيع الجزاء المتفق عليه دون الالتجاء إلى القضاء لاستصدار حكم به.

--------------
1 - إذ وصف الحكم عقد ترخيص مصلحة السكة الحديد باستغلال أحد المقاصف بمرفق التليفونات بأنه عقد إداري توافرت فيه الخصائص الذاتية للعقد الإداري بإبرامه مع شخص معنوي من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام هو أحد المقاصف ليقدم فيه المأكولات والمشروبات لموظفي وعمال مصلحة التليفونات بأسعار محددة كما تضمن العقد شروطاً غير مألوفة في القانون الخاص إذ أعطى جهة الإدارة الحق في إلغاء العقد ومصادرة التأمين - الذي قدمه المتعاقد معها - بمجرد الإخلال بالالتزامات المترتبة عليه، فإن هذا الوصف صحيح في القانون.
2 - إن العقود الإدارية تحكمها أصول القانون الإداري دون أحكام القانون الخاص. وهذه الأصول تقضي بأن الاتفاق على حق الإدارة في مصادرة التأمين لإخلال المتعاقد بالالتزامات التي يرتبها عليه العقد يعتبر من قبيل الجزاءات المالية التي تملك جهة الإدارة توقيعها عليه وإذ كانت هذه الجزاءات لا تستهدف تقويم اعوجاج في تنفيذ الالتزامات التعاقدية بقدر ما تتوخى تأمين سير المرفق العام بانتظام واطراد فإن سبيل تحقيق هذه الغاية هو منح الإدارة الحق في توقيع الجزاءات الاتفاقية بقيام موجبها دون حاجة للالتجاء إلى القضاء لاستصدار حكم بها. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد خصم قيمة التأمين من جملة المبالغ المحكوم بها للطاعنة (وزارة المواصلات) ابتدائياً رغم النص صراحة في الترخيص على أحقية الإدارة في مصادرته بمجرد إخلال المطعون ضده بالتزاماته المترتبة على العقد ومنها الالتزام الخاص بمقابل الانتفاع بالمقصف المرخص به فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن بصفته وزيراً للمواصلات أقام الدعوى رقم 2333 سنة 54 تجاري كلي القاهرة على المطعون ضدهما طالباً الحكم بإلزامهما متضامنين بدفع مبلغ 681 ج و755 م والفوائد - وقال بياناً لدعواه إنه بمقتضى عقد مؤرخ 10/ 10/ 1953 رخصت مصلحة السكة الحديد إلى المطعون ضده الأول بضمان وتضامن المطعون ضده الثاني باستغلال أحد المقاصف الملحقة بمرفق التليفونات بالقاهرة وذلك لمدة تبدأ من 16/ 4/ 1953 وتنتهي في آخر يونيه سنة 1955 مقابل جعل سنوي قدره 445 ج يدفع على اثني عشر قسطاً شهرياً متساوياً وقد أودع المطعون ضده الأول عند التوقيع على العقد تأميناً قدره 222 ج و500 م، ونص في الفقرة الرابعة من العقد على أن كل تأخير في سداد مقابل الانتفاع المستحق يزيد على ثمانية أيام يعطي للمصلحة الحق في إلغاء الترخيص ومصادرة التأمين بدون حاجة إلى تنبيه رسمي، كما نص في الفقرة الثانية من المادة العاشرة على أن يقوم المرخص له بدفع ما يوازي 2.5% من مقابل الانتفاع السنوي بصفة تأمين ضد الحريق. واستطرد الطاعن قائلاً بأنه إزاء امتناع المطعون ضده الأول عن دفع الأقساط المذكورة في المواعيد المتفق عليها، فقد اضطرت المصلحة إلى إلغاء الترخيص ومصادرة التأمين نفاذاً للبند الرابع سالف الذكر ومطالبة المطعون ضدهما بمقابل الانتفاع المستحق وقيمة التأمين ضد الحريق في سنتي 1953، 1954 ومجموع ذلك بلغ 681 ج و755 م وهو المرفوع به الدعوى وبتاريخ 19/ 4/ 1957 قضت محكمة أول درجة للطاعن بطلباته، استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 75 سنة 77 ق القاهرة طالبين إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعن وبتاريخ 29 نوفمبر سنة 1960 حكمت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المطعون ضدهما الأول بصفته مديناً والثاني ضامناً متضامناً بأن يدفعا للطاعن مبلغ 459 ج و775 م. طعن في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 28/ 12/ 1960 وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 14/ 4/ 1964 إحالته إلى هذه الدائرة حيث نظر أمامها بجلسة 5 أكتوبر سنة 1965 وفيها أصرت النيابة على ما جاء بمذكرتها الثانية التي طلبت فيها نقض الحكم.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب حاصلها مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ عدل الحكم المستأنف بخصم مبلغ التأمين المودع من المطعون ضده الأول من جملة المبلغ المحكوم به ابتدائياً أقام قضاءه على ما قرره من أن المقصود من هذا التأمين هو مجرد الضغط على المرخص له ليقوم بتنفيذ التزاماته، وأنه لا محل لمصادرته في حالة إنهاء الترخيص، فضلاً عن أن الطاعن لم يطلب الحكم له بمصادرة التأمين، هذا في حين أن الترخيص أساس الدعوى هو عقد إداري ورد على استغلال مرفق عام وتضمنت بعض نصوصه شروطاً تخول للمصلحة إلغاء الترخيص ومصادرة التأمين في حالة إخلال المطعون ضدهما بالتزاماتهما المترتبة على العقد، فكان يتعين لذلك إخضاع هذا العقد لأحكام القانون العام، وهي تعطي لجهة الإدارة - حرصاً على سلامة تسيير المرفق العام بانتظام واضطراد - الحق في توقيع الجزاءات المالية المتفق عليها بمجرد إخلال المتعاقد معها في تنفيذ التزاماته دون حاجة إلى الالتجاء إلى القضاء في ذلك ولما كان الشرط الوارد بالعقد بمصادرة التأمين هو من قبيل الجزاءات المالية، فإن الإدارة تملك توقيعه من تلقاء نفسها وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الشرط الصريح وأهدره فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه وإن كان قد وصف العقد أساس الدعوى الوصف القانوني الصحيح بأن اعتبره عقداً إدارياً توافرت فيه الخصائص الذاتية للعقد الإداري بإبرامه بين شخص معنوي من أشخاص القانون العام - وهي مصلحة السكة الحديد - وبين المطعون ضده الأول بقصد إدارة مرفق عام وهو أحد المقاصف التابعة للمصلحة لتقدم فيه المأكولات والمشروبات لموظفي وعمال مصلحة التليفونات بالقاهرة بأسعار محددة, كما تضمن العقد شروطاً غير مألوفة في القانون الخاص، بأن أعطى جهة الإدارة الحق في إلغاء العقد ومصادرة التأمين بمجرد الإخلال بالالتزامات المترتبة عليه، إلا أن المحكمة عندما عرضت إلى الشرط الخاص بمصادرة التأمين قالت في شأنه ما يأتي "وحيث إنه فيما يختص بالتأمين وطلب استنزاله من جانب المستأنفين "المطعون ضدهما" من جهة وطلب مصادرته من جانب المستأنف عليه (الطاعن) من جهة أخرى فإنه يبين أن مبلغ التأمين المشروط في العقد إن هو إلا وسيلة من وسائل الضغط على المتعاقد مع جهة الإدارة حتى يقوم بتنفيذ تعهده على الوجه الأكمل المشروط في العقد، فالغرض من التأمين هو استمرار نفاذ العقد؛ فإذا ما رأت الجهة الإدارية إنهاء العقد زالت الحكمة من تنفيذ شرط مصادرة التأمين وأصبح التأمين في هذه الحالة ضماناً فقط لرجوع الإدارة بالمبالغ التي يحكم بها على المتعاقد معها فلها أن تخصمه من المبلغ المحكوم به ولكن لا يجوز لها أن تصادر التأمين دون خصمه من المبلغ المحكوم به" ثم رتب الحكم على ذلك خصم مبلغ التأمين من المبلغ المحكوم به ابتدائياً وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه في هذا الخصوص غير صحيح في القانون ذلك أن العقود الإدارية تحكمها أصول القانون الإداري دون أحكام القانون الخاص. ولما كانت هذه الصول تقضي بأن الاتفاق على حق الإدارة في مصادرة التأمين لإخلال المتعاقد بالالتزامات التي يرتبها عليه العقد يعتبر من قبيل الجزاءات المالية التي تملك جهة الإدارة توقيعها عليه، وكانت هذه الجزاءات لا تستهدف تقويم اعوجاج في تنفيذ الالتزامات التعاقدية بقدر ما تتوخى تأمين سير المرفق العام بانتظام واضطراد وكان السبيل لتحقيق هذه الغاية هو منح الإدارة الحق في توقيع الجزاءات الاتفاقية بقيام موجبها دون حاجة للالتجاء إلى القضاء لاستصدار الحكم بها - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بخصم قيمة التأمين من جملة المبلغ المحكوم به ابتدائياً رغم النص صراحة في الترخيص على أحقية الإدارة في مصادرته بمجرد إخلال المطعون ضدهما بالتزاماتهما المترتبة على العقد - ومنها الالتزام الخاص بالوفاء بمقابل الانتفاع في المقصف - فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه - ولما سلف بيانه يتعين تأييد الحكم المستأنف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق