الصفحات

الأربعاء، 29 مارس 2023

الطعن 41 لسنة 36 ق جلسة 23 / 6 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 171 ص 1068

جلسة 23 من يونيه سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، ومحمد أسعد محمود.

---------------

(171)
الطعن رقم 41 لسنة 36 القضائية

مقاولة." ضمان عيوب البناء". التزام. "الالتزام بنتيجة". مسئولية. مبان.
التزام المقاول بضمان عيوب البناء. التزام بنتيجة. تحقق الضمان إذا تبين وجود العيب في البناء خلال عشر سنوات من وقت التسليم ولو لم تنكشف آثار العيب إلا بعد انقضاء هذه المدة.

--------------
مفاد نص المادة 409 من القانون المدني السابق والمادة 651 من القانون المدني الحالي المقابلة للمادة السابقة، أن التزام المقاول هو التزام بنتيجة، هي بقاء البناء الذي يشيده سليماً ومتيناً لمدة عشر سنوات بعد تسليمه، وأن الإخلال بهذا الالتزام يقوم بمجرد إثبات عدم تحقق تلك النتيجة دون حاجة لإثبات خطأ ما، وأن الضمان الذي يرجع إلى تنفيذ المقاول أعمال البناء يتحقق إذا ظهر وجود العيب في البناء خلال عشر سنوات من وقت التسليم ولو لم تنكشف آثار العيب وتتفاقم أو يقوم التهدم بالفعل إلا بعد انقضاء هذه المدة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث المطعون عليهم المرحوم حسين سليمان عطيه أقام بتاريخ 27 أغسطس سنة 1948 ضد الطاعن الدعوى رقم 1723 سنة 1950 مدني كلي القاهرة، وطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 1080 ج. وقال بياناً لدعواه إنه بموجب عقد مؤرخ 20 سبتمبر سنة 1946 اتفق مع الطاعن على إنشاء مبان هي دور علوي فوق دور أرضي من منزل مملوك للطاعن وكذلك إنشاء سور يحيط به مبنى ملحق بالحديقة، وإذ قام بإنشاء هذه المباني وتسليمها وبقي له بذمة الطاعن من قيمة المقاولة المبلغ المطالب به فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان. دفع الطاعن الدعوى بأن خللاً قد أصاب المباني التي أقامها مورث المطعون عليهم. وبتاريخ 12 فبراير سنة 1952 قضت المحكمة بندب مكتب الخبراء لمعاينة العقار وبيان ما حدث به من خلل وما إذا كان مرده إلى عيب في متانة البناء لم يستطع الطاعن اكتشافه عند التسليم مع تقدير مدى هذا الخلل والتكاليف اللازمة لإصلاحه. وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره قضت المحكمة بتاريخ 13 ديسمبر سنة 1954 بإلزام الطاعن أن يدفع لمورث المطعون عليهم مبلغ 961 ج و800 م. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 282 سنة 72 ق، وبتاريخ 10 مايو سنة 1959 قضت المحكمة بندب مكتب الخبراء لمعاينة المباني التي أقامها مورث المطعون عليهم وبيان ما بها من خلل وتصدعات وشقوق وهبوط وما تداعى أو سقط منها سواء منها القديم أو الجديد والقيمة اللازمة لإصلاح ذلك إصلاحاً يؤمن من كل خطر ويحفظ متانة المبنى كما لو أنشئ سليماً، وبيان مدة الخلو وما كان يدره من ريع فيما لو لم تكن به هذه التلفيات، وتأثير ذلك على قيمة البناء من حيث النقص والمتانة والعمر وثمنه في السوق إذا ما أريد بيعه، وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره، قضت المحكمة بتاريخ 22 مايو سنة 1964 بإعادة المأمورية إلى مكتب الخبراء لقياس السور الذي قام مورث المطعون عليهم ببنائه وتقدير قيمته على أساس السعر المتفق عليه وبيان ما إذا كان الطاعن قد نفذ قرار البلدية بهدم الدور العلوي إلى سطح الدور الأرضي، وإذا كان قد نفذه فهل كان يترتب على ذلك إمكان بقاء الدور الأرضي دون هدم، وإذا كان الطاعن قد قام بالإصلاحات التي أشار إليها الخبير المنتدب أمام محكمة أول درجة هل كان يمكن بقاء المنزل كله دون هدم أم أن هذه الإصلاحات لو نفذت ما كانت لتعفي المنزل من الهدم وتقدير قيمة الدور العلوي فيما لو بيع أنقاضاً إذا كان تنفيذ قرار هدم الدور العلوي يعفي الدور الأرضي من الهدم، وبعد أن قدم مكتب الخبراء ملحق تقريره قضت المحكمة بتاريخ 21 نوفمبر سنة 1965 بتأييد الحكم المستأنف. قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بإلزامه بالمبلغ الباقي من عملية المقاولة، استناداً إلى أن الخبير الذي ندبته محكمة الاستئناف لمعاينة المباني التي أقامها مورث المطعون عليهم والذي انتهى الخبير في تقريره إلى أنه لا يجدي فيها الإصلاح ويتعين هدمها حتى سطح الأرض وإلى أن هذا الخبير قام بمعاينة هذه المباني بعد انقضاء فترة ضمان المقاول لسلامتها وهي عشر سنوات من تاريخ تسليمها، هذا في حين أنه إذا ظهر وجود العيب بالمباني خلال عشر سنوات من تسليمها تحقق ضمان المقاول لسلامتها ولو لم تكتشف آثار العيب وتفاقمه أو لم يقع تهدم المباني إلا بعد انقضاء هذه الفترة. ويقول الطاعن إنه على الرغم من أن الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة وقام بمعاينة المباني قبل انقضاء عشر سنوات من تاريخ تسليمها قد أثبت أنه ظهر بها تصدعات وشروخ متسعة في الحوائط ترجع إلى عدم اتباع مورث المطعون عليهم للأصول الفنية وإقامته لحوائط الدور العلوي على سطح الدور الأرضي مباشرة وتحميل البناء على العروق والألواح بدون وجود حوائط بالدور الأرضي أسفلها وبدون عمل تقوية للسقف الخاص بالدور الأرضي أسفل هذه الحوائط، علاوة على رمي سقف الدور العلوي بخرسانة مسلحة على هذه الحوائط مما زاد من الحمل الملقى على العروق الخشبية الخاصة بسقف الدور الأرضي ونتج عنه ترخيم بهذه الحوائط وتصدعات وأن هذه التصدعات تظهر عقب البناء مباشرة على شكل شروخ شعرية بسيطة وتستمر في الاتساع بسبب ازدياد ترخيم السقف أسفلها، كما أثبت الخبير الذي ندبته محكمة الاستئناف بحكمها الصادر في 10/ 5/ 1959 أن العيب في المباني هو بذاته الذي أثبته الخبير المنتدب من محكمة أول درجة، وأن الخلل الذي حصل فيها هو نتيجة للخلل والتصدعات التي أشار إليها خبير محكمة أول درجة وقال بشأنها إنها سوف تتفاقم وتتزايد بمرور الزمن، وأثبت الخبير بعد أن أعادت المحكمة المأمورية إليه بحكمها الصادر في 22 مايو سنة 1964 أن الطاعن نفذ قرار البلدية بهدم الدور العلوي للمبنى الرئيسي لغاية سطح الدور الأرضي، وأن هذا الدور ما زال رغم إصلاحه محتاجاً لتقوية أسقفه، فإن الحكم المطعون فيه أغفل دلالة هذه التقارير على أن عيوب البناء ظهر وجودها خلال مدة الضمان، وأن من شأن هذه العيوب أن تتفاقم وتهدد سلامة البناء بالخطر، وانتهى الحكم رغم ذلك إلى عدم ضمان مورث المطعون عليهم، وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب. وينعى الطاعن بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بأن الأضرار التي لحقته من العيب في المباني التي أقامها مورث المطعون عليهم لا تتمثل فقط في تكاليف إصلاح العيوب الخطيرة في الدور العلوي التي أشار إليها الخبير المنتدب من محكمة أول درجة بل إنها تشمل ما نقص من متانة بناء الدور الأرضي بما يؤثر في عمره وفي قيمته في السوق، كما تمسك بما أصابه من أضرار نتيجة لما ضاع عليه من أرباح بسبب عدم انتفاعه بالمباني بسبب إخلائها نتيجة للتصدع والتلف الذي حصل فيها، إلا أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع في هذا الخصوص بأن الطاعن لم يقم بإجراء الإصلاحات التي ترتبت على وجود العيب في البناء وهو ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي بسببيه في محله، ذلك أن المادة 409 من القانون المدني السابق إذ تنص على أن "المهندس المعماري والمقاول مسئولان مع التضامن عن خلل البناء في مدة عشر سنين ولو كان ناشئاً عن عيب في الأرض" وتنص المادة 651 من القانون المدني الحالي المقابلة للمادة السابقة البيان على أن "يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيدوه من مبان أو أقاموه من منشآت ثابتة أخرى، وذلك ولو كان التهدم ناشئاً عن عيب في الأرض ذاتها... ويشمل الضمان المنصوص عليه في الفترة السابقة ما يوجد في المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته. وتبدأ مدة السنوات العشر من وقت تسليم العمل". فقد أفاد هذا الحكم الوارد في هاتين المادتين أن التزام المقاول هو التزام بنتيجة، هي بقاء البناء الذي يشيده سليماً ومتيناً لمدة عشر سنوات بعد تسليمه وأن الإخلال بهذا الالتزام يقوم بمجرد إثبات عدم تحقق تلك النتيجة دون حاجة لإثبات خطأ ما، وأن الضمان الذي يرجع إلى تنفيذ المقاول أعمال البناء يتحقق إذا ظهر وجود العيب في البناء خلال عشر سنوات من وقت التسليم، ولو لم تنكشف آثار العيب وتتفاقم أو يقوم التهدم بالفعل إلا بعد انقضاء هذه المدة، ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه نقل عن تقرير الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة بحكمها الصادر في 12 فبراير سنة 1952 وقام بالمعاينة فبل انقضاء عشر سنوات من تاريخ عقد المقاولة أن هذا الخبير انتهى إلى أن الدور العلوي بالمبنى الرئيسي الذي أنشأه مورث المطعون عليهم حدثت به عدة شروخ وتصدعات مبينة تفصيلاً في التقرير وذلك نتيجة عيب في البناء وعدم مراعاة الأصول الفنية عند إنشائه، إذ كان على المقاول أن يقوم بتقوية أسقف الدور الأرضي الحاملة لحوائط الدور العلوي وأن هذا العيب تنتج عنه شروخ شعرية بسيطة عقب البناء تستمر في الاتساع فيما بعد وتظهر بوضوح بعد فترة من الزمن، وأن هذه التصدعات خطيرة ويخشى من تركها على حالها، وأثبت الحكم أن الخبير الذي ندبته محكمة الاستئناف بحكمها الصادر في 10 مايو سنة 1959 انتهى إلى وجود تصدعات وشروخ وترميمات في المباني، وأن المنزل بحالته هذه لا يجدي فيه الإصلاح ويلزم هدمه حتى سطح الأرض، كما أثبت الحكم ما ورد بتقرير الخبير الذي أعيدت إليه المأمورية بناء على حكم محكمة الاستئناف الصادر في 22 مايو سنة 1964 من أن الدور العلوي هدم وأن الدور الأرضي بالمبنى الرئيسي ما زال بحاجة إلى تقوية أسقفه رغم إصلاحه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم تحقق الضمان قبل مورث المطعون عليهم على أن ما ثبت من تقرير الخبير الذي صدر الحكم بندبه في 10 مايو سنة 1929 من أن المنزل بحالته التي شاهده عليها لا يجدي فيه الإصلاح ويتعين هدمه حتى سطح الأرض، قد أجرى الخبير معاينته بعد انقضاء الفترة المقررة قانوناً لضمان المقاول لسلامة المباني وهي عشر سنوات، وكان هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه قد حجبه عن بحث الوقت الذي ظهر فيه وجود العيب في المباني قبل تفاقمه وظهور الحالة التي وجدت عليها المباني وقت حصول المعاينة المشار إليها، وعن تحقيق ذلك على ضوء ما أثبته هذا الخبير نفسه أو ما أثبته خبير محكمة أول درجة السابق عليه وما أثبته خبير محكمة الاستئناف اللاحق له على النحو السالف بيانه، وما قد تحمله هذه التقارير الثلاثة أو غيرها من دلالة على أن هذا العيب قد وجد خلال المدة المقررة قانوناً لضمان المقاول لسلامة المباني أو بعدها، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال. لما كان ما تقدم وكان الثابت من الحكم أن الطاعن تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن من عناصر الضرر الذي أصابه نتيجة خطأ مورث المطعون عليهم في إقامة المباني المعيبة، فضلاً عما في هذه المباني من عيوب تهدد مباني الدور الأرضي القديم الذي كان سليماً بالانهيار نتيجة خطأ مورث المطعون عليهم في إنشاء مباني الدور العلوي بطريقة غير فنية، وطلب أن يكون التعويض شاملاً تكاليف إقامة مبنى آخر مماثل للمبنى القديم الذي تسبب مورث المطعون عليهم في تصدعه، وما ضاع عليه بسبب عدم استغلال المبنى طوال تسع سنوات نتيجة لما فيه من عيوب وأنه بذلك يكون دائناً لمورث المطعون عليهم لا مديناً له، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص، بأن معاينة الخبير الذي ندبته محكمة الاستئناف قد حصلت بعد فوات عشر سنوات من تاريخ تسليم المباني المعيبة، وإلى أنه لم يثبت أن خللاً آخر قد طرأ خلال مدة العشر سنوات خلاف ما أظهره خبير محكمة أول درجة، وأن التصدعات التي حصلت بعد ذلك في بناء الدور العلوي ترجع إلى تراخي الطاعن في إجراء الإصلاحات فيه والتي أشار إليها الخبير الأول، وكان هذا الذي قرره الحكم وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول لا يصلح رداً على دفاع الطاعن بشأن ما أثاره عن الضرر الذي أصابه نتيجة لتلف مباني الدور الأرضي وبقاء البناء شاغراً مدة تسع سنوات، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال أيضاً بما يستوجب نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق