الصفحات

الجمعة، 24 مارس 2023

الطعن 203 لسنة 30 ق جلسة 29 / 4 / 1965 مكتب فني 16 ج 2 ق 86 ص 527

جلسة 29 من إبريل سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

------------------

(86)
الطعن رقم 203 لسنة 30 القضائية

(أ) حكم. "الطعن في الأحكام". "الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع". مسئولية. "المسئولية التقصيرية". تعويض.
قضاء الحكم الاستئنافي في أسبابه المتصلة بالمنطوق بوقوع خطأ من الطاعن ومسئوليته عن تعويض الضرر الذي ترتب على عمله غير المشروع. فصل بصفة قطعية في شق من الموضوع وإنهاء للخصومة في شأنه. جواز الطعن فيه استقلالاً. عدم الطعن فيه بالنقض في الميعاد. الطعن في هذا الحكم مع الحكم الأخير الصادر بتقدير التعويض. سقوط الحق في الطعن في الحكم الأول.
(ب) استئناف. "نطاق الاستئناف". نقض. "نطاقه". "ميعاد الطعن".
حكم المادة 404 مرافعات استثناء من القواعد العامة في الطعن في الأحكام. وجوب حصر تطبيقه في نطاق الاستئناف. عدم جواز القياس عليه في حالة الطعن بطريق النقض.
(ج) نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجديد".
عدم اعتراض الخصم على تقرير الخبير أمام محكمة الموضوع. ما يثيره الطاعن خاصاً بخروج الخبير عن مأموريته المحددة. سبب جديد لا يقبل الطعن به على الحكم بطريق النقض.
(د) تعويض. "عناصر التعويض عن العمل غير المشروع". "تفويت الفرصة".
تفويت الفرصة في الكسب أمر محقق يجب التعويض عنه عند تقدير التعويض عن العمل غير المشروع.
(هـ) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير التعويض الجابر للضرر". تعويض. "تقديره". مسئولية.
بيان الحكم عناصر الضرر. تقدير التعويض الجابر لهذا الضرر من سلطة محكمة الموضوع.

---------------
1 - إذا كان الحكم الاستئنافي بندب خبير لتصفية الحساب بين طرفي الدعوى قد قطع في أسبابه المتصلة بالمنطوق بوقوع خطأ من جانب البنك الطاعن لاتخاذه إجراءات باطلة في بيع الأسهم المرهونة وبمسئوليته عن تعويض الضرر الذي لحق المطعون ضده بسبب هذا العمل غير المشروع وقد اقتصر الحكم الصادر بعد ذلك على تقدير مبلغ التعويض المستحق للمطعون ضده متقيداً في تقرير مسئولية البنك الطاعن بما قضى به الحكم الأول، فإن هذا الحكم الأول يكون قد فصل بصفة قطعية في شق من الموضوع كان مثار نزاع من الخصوم وأنهى الخصومة في شأنه بحيث لا يجوز للمحكمة إعادة النظر فيه ومن ثم يجوز الطعن فيه على استقلال وفقاً لنص المادة 378 من قانون المرافعات لاشتماله على قضاء في الموضوع. فإذا كان هذا الحكم قد صدر في 27/ 1/ 1959 فإن ميعاد الطعن بالنقض يكون بالتطبيق لنص المادتين الخامسة والسادسة من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن بالنقض ثلاثين يوماً من تاريخ العمل بالقانون المذكور في 21 من فبراير سنة 1959 فإذا كان الطاعن لم يطعن فيه إلا مع الحكم الأخير الصادر في الاستئناف في 15 من مارس سنة 1960 فإن حقه في الطعن في الحكم الأول يكون قد سقط وفقاً للمادة 381 مرافعات.
2 - لم ترد المادة 404 من قانون المرافعات في الفصل الأول من الباب الثاني عشر المخصص للأحكام العامة بطرق الطعن في الأحكام وإنما وردت في الفصل الثالث المعد للاستئناف ولم يرد لها نظير في الأحكام الخاصة بالنقض سواء في قانون المرافعات أو في القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وإذ كان حكم تلك المادة وهو استثناء من القواعد العامة المقررة للطعن في الأحكام فإنه يجب حصر تطبيقه في نطاق الاستئناف ولا يجوز القياس عليه في حالة الطعن بطريق النقض.
3 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في تقريراته أن الطاعن لم يبد اعتراضاً ما على تقرير الخبير ولم يقدم الطاعن من جانبه إلى محكمة النقض ما ينقض قول الحكم في هذا الشأن ويدل على أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بخروج الخبير عن المأمورية التي حددتها له المحكمة فإن كل ما يثيره الطاعن في سبب الطعن خاصاً بهذا الخروج يكون سبباً جديداً لا يقبل الطعن به على الحكم.
4 - ليس في القانون ما يمنع من أن يدخل في عناصر التعويض ما كان للمضرور من رجحان كسب فوته عليه العمل غير المشروع ذلك أنه إذا كانت الفرصة أمراً محتملاً فإن تفويتها أمر محقق يجب التعويض عنه.
5 - متى كان الحكم قد بين عناصر الضرر الذي لحق المطعون ضده فإن تقدير التعويض الجابر لهذا الضرر هو من سلطة قاضي الموضوع ما دام لا يوجد في القانون نص يلزم باتباع معايير معينة في خصوصه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بعقد تاريخه 15/ 5/ 1946 قبل البنك الطاعن فتح اعتماد بحساب جار للمطعون ضده بضمان قراطيس مالية أودعها لديه هذا الأخير على سبيل الرهن ونص في هذا العقد على أنه يجب أن تغطي قيمة هذه القراطيس بحسب سعرها في البورصة 50% من الرصيد المدين للحساب على الأقل فإذا انخفضت قيمتها عن هذا الحد يلتزم المطعون ضده بأن يدفع الفرق نقداً أو يقدم ضماناً تكميلياً فإن لم يفعل يكون للبنك الحق في بيع الأوراق المالية المرهونة بالكيفية المبينة في المادة 84 من قانون التجارة المختلط واقتضاء دينه بالأولوية من الناتج من البيع - وقد أخذ المطعون ضده في سحب مبالغ من هذا الاعتماد حتى بلغ رصيده المدين في آخر ديسمبر سنة 1952 حسب كشوف البنك مبلغ 1606 ج و550 م وإذ كانت الأوراق المالية المرهونة قد انخفض سعرها حتى أصبحت قيمتها لا تغطي نصف هذا المبلغ فقد أرسل البنك إلى المطعن ضده بتاريخ 22 يونيه سنة 1953 خطاباً مسجلاً يطلب إليه فيه تسوية حسابه في ظرف ثلاثة أيام وإلا اضطر لتنفيذ شروط العقد ولما لم يستجب المطعون ضده إلى هذا الطلب استصدر البنك في 22 من الشهر المذكور أمراً من قاضي الأمور الوقتية بمحكمة القاهرة الابتدائية بتقدير مطلوبه مؤقتاً بمبلغ 1656 ج 955 م وبتوقيع حجز ما للمدين لدى الغير وفاء لهذا المبلغ وملحقاته القانونية تحت يد بنك مصر والشركة المصرية لتجفيف الخضروات وتحديد جلسة لنظر الموضوع وقام البنك في 27 من ذات الشهر بإعلان المحجوز لديهما بتوقيع هذا الحجز كما أعلن مدينه المطعون ضده به وبتاريخ الجلسة التي حددت لنظر طلب الدين وصحة الحجز وقد قيدت هذه الدعوى برقم 2841 سنة 1953 تجاري كلي القاهرة وأثناء سيرها استصدر البنك الطاعن في 13 من سبتمبر سنة 1953 أمراً من قاضي الأمور الوقتية ببيع خمسمائة سهم من أسهم الشركة المصرية لتجفيف الخضروات المرهونة لديه على أن يتم البيع بمعرفة لجنة البورصة وبالمزاد العلني بعد اتخاذ إجراءات النشر القانونية وبتسليمه الناتج من البيع وبتاريخ 10 من الشهر المذكور قام البنك بإعلان مدينه بأن اللجنة حددت للبيع يوم 24 من هذا الشهر وقد تم البيع في اليوم المذكور بسعر يتراوح ما بين 144 و153 قرشاً للسهم الواحد وبلغ صافي الناتج من البيع بعد خصم المصاريف والعمولة وقدرهما (25 ج و210 م) مبلغ 720 ج و790 م وبعد أن حصل البنك على هذا المبلغ عدل طلباته في دعواه إلى طلب إلزام المطعون ضده بأن يدفع له مبلغ 1012 ج و451 م مع الفوائد بواقع 7% ابتداء من 15/ 2/ 1954 حتى السداد - ولم يتمسك في مذكرته الختامية بطلب صحة الحجز - وطلب المطعون ضده رفض الدعوى ووجه بجلسة 7/ 3/ 1956 دعوى فرعية إلى البنك الطاعن طلب فيها إلزامه بأن يدفع له مبلغ 1747 ج و656 م تأسيساً على أن مجموع المبالغ التي سحبها وفوائدها المتفق عليها بلغ حسب تقدير الخبير الذي كانت قد ندبته المحكمة 4374 ج و344 م سدد منه 2811 ج قبل رفع الدعوى بإقرار البنك يضاف إلى ذلك مبلغ 3311 ج القيمة الحقيقية لأسهمه التي باعها البنك بإجراءات مخالفة للقانون وبأقل من سعرها الحقيقي ومجموع هذين المبلغين 6122 ج وبذلك يكون البنك قد اقتضى منه ما يزيد على مطلوبه بمقدار المبلغ الذي رفع به دعواه الفرعية وبتاريخ 30 من يونيه سنة 1957 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية: (أولاً) في الدعوى الأصلية بإلزام المطعون ضده بأن يدفع للبنك الطاعن مبلغ 1012 ج و451 م وفوائده القانونية بواقع 7% من أول يناير سنة 1955 حتى تمام الوفاء والمصروفات المناسبة. (ثانياً) في الدعوى الفرعية برفضها وإلزام رافعها (المطعون ضده)... بمصروفاتها. وقد استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه بجدولها برقم 345 سنة 74 ق وطلب فيه إلغاء الحكم المستأنف والحكم له بطلباته في دعواه الفرعية ورفض الدعوى الأصلية وأسس استئنافه على أن الإجراءات التي اتخذها البنك لبيع الأسهم المرهونة هي إجراءات باطلة لمخالفتها للقانون الذي يوجب حصول البيع بالكيفية المنصوص عنها في قانون المرافعات دون تلك المبينة في قانون التجارة ما دام القرض المضمون بالرهن مدنياً وليس تجارياً وأن البنك باتخاذه هذه الإجراءات الباطلة قد ارتكب خطأ يستوجب تعويضه عما لحقه من ضرر بسبب بيع الأسهم بأقل من سعرها الحقيقي ولدى نظر هذا الاستئناف رفع البنك الطاعن استئنافاً فرعياً بمذكرة طلب فيها رفض الاستئناف الأصلي وتعديل الحكم المستأنف بجعل المبلغ المقضي له به 1151 ج و171 م وفوائده التعاقدية مجمدة شهرياً وبتاريخ 27/ 1/ 1959 أصدرت محكمة الاستئناف حكماً حضورياً قطعت في أسبابه (أولاً) بأحقية البنك في تقاضي فوائد مركبة من المطعون ضده على حسابه الجاري (ثانياً) بخطأ البنك في اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في قانون التجارة لبيع الأسهم المرهونة وبأحقية المطعون ضده في تعويضه عن الأضرار التي لحقته بسبب اتخاذ هذه الإجراءات التي اعتبرتها المحكمة باطلة - وأسست المحكمة قضاءها بمسئولية البنك على أنه وقد ثبت لها أن المطعون ضده لم يقدم الأسهم تأميناً لعمل تجاري فإن الحساب الجاري المضمون بهذا الرهن يكون عملاً مدنياً بالنسبة إليه مما كان يستوجب أن يتبع في بيع الأسهم المرهونة الإجراءات المنصوص عليها في الفصل الثالث من الباب الثاني من قانون المرافعات دون الإجراءات المبينة في قانون التجارة وأنه لا عبرة بقبول المطعون ضده في العقد بيع هذه الأسهم بالإجراءات الواردة في هذا القانون الأخير لأن إجراءات التنفيذ من قواعد النظام العام التي لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها وانتهت المحكمة في منطوق حكمها هذا إلى إعادة المأمورية إلى مكتب الخبراء الحكوميين لتعديل تصفية الحساب بين الطرفين على أساس نتيجة ما يجريه من تحقيق لبيان قيمة أرباح الأسهم التي باعها البنك بطريق مخالف للقانون من تاريخ البيع حتى يوم صدور ذلك الحكم ولبيان سعر السهم في هذا التاريخ وهل يزيد أو ينقص عن السعر الذي بيع به - وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 15/ 3/ 1960 في الاستئنافين الأصلي والفرعي بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المطعون ضده بأن يدفع للبنك الطاعن مبلغ 289 ج و347 م والمصروفات المناسبة عن الدرجتين مع المقاصة في أتعاب المحاماة - وبتاريخ 14/ 4/ 1960 طعن البنك في هذا الحكم الأخير بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة انتهت فيها إلى أنها ترى رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 24/ 11/ 1963 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعى الطاعن في السببين الأول والرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن هذا الحكم أقام قضاءه باستحقاق المطعون ضده للتعويض الذي قرره له وخصمه من دين البنك الطاعن في ذمته على أن هذا البنك قد أخطأ باتخاذه الإجراءات المنصوص عليها في قانون التجارة في بيع الأسهم المرهونة وأن هذه الإجراءات وقعت باطلة لمخالفتها للقانون الذي يقضي باتباع الإجراءات المبينة في قانون المرافعات، هذا في حين أن المطعون ضده قد قبل صراحة في العقد أن يكون بيع أسهمه المرهونة بالكيفية المبينة في قانون التجارة وقد تمت إجراءات البيع جميعها في مواجهته وبأمر من قاضي الأمور الوقتية ولم يشبها خفاء أو غش ولم يطعن المطعون ضده في هذا الأمر على الرغم من أن باب الطعن فيه كان مفتوحاً أمامه مما يفيد قبوله الصريح له وللإجراءات التي أذن باتباعها في بيع الأسهم ويجعل لذلك الأمر حجية الشيء المحكوم فيه وأنه ما دام البنك الطاعن قد استعمل حقاً له مشروعاً ومقرراً له في العقد ولم يلجأ لهذه الإجراءات بقصد الكيد للمطعون ضده وإنما لمجرد الحصول على دينه بعد أن امتنع المدين عن الوفاء به فإنه لا يلتزم بأي تعويض ولو شاب تلك الإجراءات بطلان لمخالفتها للنظام العام، هذا إلى أن المطعون ضده قد التزم في عملية ذات صفة تجارية وقبل صراحة في العقد خضوعه لأحكام قانون التجارة على اعتبار أن الدين الذي فتح له به الحساب الجاري كان لغرض تجاري فإذا هو استعمل هذا القرض بعد ذلك في أغراض مدنية فليس له أن يتحلل من أحكام هذا القانون ويكون قضاء الحكم المطعون فيه ببطلان الإجراءات التي اتبعت في بيع الأسهم المرهونة مخالفاً للعقد الذي هو شريعة المتعاقدين ومخالفاً أيضاً للقانون.
وحيث إنه لما كان الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في 27 من يناير سنة 1959 هو الذي قطع في أسبابه المتصلة بالمنطوق بوقوع الخطأ من جانب البنك الطاعن لاتخاذه إجراءات باطلة في بيع الأسهم المرهونة وبمسئوليته عن تعويض الضرر الذي لحق المطعون ضده بسبب هذا العمل غير المشروع وقد اقتصر الحكم الصادر في 15 من مارس سنة 1960 على تقدير مبلغ التعويض المستحق للمطعون ضده متقيداً في تقرير مسئولية البنك الطاعن بما قضى به الحكم الأول بصفة قطعية من قيامها. لما كان ذلك، فإن النعي الوارد بالسببين المتقدمين يكون بجميع ما تضمنه موجهاً إلى الحكم الصادر في 27/ 1/ 1959 وإذ كان هذا الحكم بما قطع به في أسبابه من قيام مسئولية الطاعن على النحو الوارد فيه يكون قد فصل بصفة قطعية في شق من الموضوع كان مثار نزاع بين الخصوم وأنهى الخصومة في شأنه بحيث لا يجوز للمحكمة إعادة النظر فيه فإن هذا الحكم يجوز الطعن فيه على استقلال وفقاًً لنص المادة 378 من قانون المرافعات لاشتماله على قضاء في الموضوع ولما كان ذلك الحكم قد صدر حضورياً في 27/ 1/ 1959 فإن ميعاد الطعن فيه بالنقض يكون بالتطبيق لنص المادتين الخامسة والسادسة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - ثلاثين يوماً من تاريخ العمل بالقانون المذكور وهو 21/ 2/ 1959 وإذ كان البنك الطاعن لم يطعن فيه إلا بالطعن الحالي الذي قرر به في 14 من أبريل سنة 1960 فإن حقه في الطعن فيه يكون قد سقط طبقاً للمادة 381 من قانون المرافعات وبالتالي يكون النعي بالسببين الأول والرابع الموجه لهذا الحكم غير مقبول. ولا يجوز الاستناد إلى المادة 404 من هذا القانون في القول بإجازة الطعن في ذلك الحكم مع الحكم الأخير الصادر في موضوع الدعوى ولو بعد فوات ميعاد الطعن بالنسبة للحكم الأول ذلك أنه حتى لو صح الرأي القائل بأن نص تلك المادة ينطبق على جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ولو اشتملت على قضاء موضوعي - وهو الرأي الذي لم تأخذ به هذه المحكمة في قضائها السابق - فإن المادة 404 لم ترد في الفصل الأول من الباب الثاني عشر المخصص "للأحكام العامة" لطرق الطعن في الأحكام وإنما وردت في الفصل الثالث المعد للاستئناف ولم يرد لها نظير في الأحكام الخاصة بالنقض سواء في قانون المرافعات أو في القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وإذ كان حكم تلك المادة هو استثناء من القواعد العامة المقررة للطعن في الأحكام فإنه يجب حصر تطبيقه في نطاق الاستئناف ولا يجوز القياس عليه في حالة الطعن بطريق النقض.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب ذلك أن محكمة الاستئناف قد حصرت في حكمها الصادر في 27/ 1/ 1959 مأمورية الخبير الذي ندبته في أمرين (الأول) التعرف على أرباح الأسهم التي باعها البنك في المدة منذ تاريخ بيعها حتى يوم صدور ذلك الحكم (والثاني) بيان سعر السهم الواحد منها في اليوم المذكور، أي يوم 27/ 1/ 1959 - وقد باشر الخبير مأموريته وانتهى في تقريره إلى أنه لم توزع أرباح لتلك الأسهم في المدة آنفة الذكر وأن سعر السهم الواحد منها كان في يوم 26/ 1/ 1959 وهو اليوم السابق لصدور الحكم مائة وتسعين قرشا - إلا أن الخبير لم يقف عند هذا الحد بل تجاوز حدود المأمورية التي رسمتها له المحكمة فراح يفسر ما ورد بأسباب الحكم تفسيراً خاطئاً بقوله إن المحكمة قصدت إلى أن تحدد لبيان الأسعار فترة تنحصر بين تاريخ بيع الأسهم بيعاً جبرياً وبين تاريخ صدور حكمها وأنها رأت أن تحدد فرص البيع التي كان البنك الطاعن سبباً في إضاعتها على المطعون ضده بسبب إجراءات البيع الباطلة - وتأسيساً على هذا التفسير الخاطئ اعتبر الخبير أن تعويض الضرر الذي لحق المطعون ضده يكون باحتساب سعر البيع على أساس متوسط أعلى سعر بلغه السهم في سنة 1954 وهو 268 قرشاً حيث حرم المطعون ضده - في رأيه - من فرصة البيع بهذا السعر، وعلى الرغم مما في هذه النتيجة التي انتهى إليها الخبير من شذوذ وخروج على حدود مأموريته فإن الحكم المطعون فيه قد اعتمدها وأخذ بها بغير تبرير ما سوى قوله إن الخبير اتخذ سبيلاً قويماً في أبحاثه وفي تنفيذ الحكم الذي حدد مهمته. وإذ كان الحكم لم يبين ما هو ذلك السبيل القويم الذي سلكه الخبير كما لم يفصح عن الأسباب التي دعت المحكمة إلى العدول عما سبق أن قررته في حكمها القاضي بندب الخبير من أن يكون الأساس في احتساب ثمن بيع الأسهم هو سعرها في يوم صدور ذلك الحكم - وجعل هذا الأساس هو متوسط أعلى سعر بلغة السهم في المدة من تاريخ البيع حتى تاريخ ذلك الحكم - فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في تقريراته أن الطاعن لم يبد اعتراضاً ما على تقرير الخبير وكان الطاعن لم يقدم من جانبه إلى محكمة النقض ما ينقض قول الحكم في هذا الشأن ويدل على أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بخروج الخبير عن المأمورية التي حددتها له المحكمة فإن كل ما يثيره الطاعن في هذا السبب خاصاً بهذا الخروج يكون سبباً جديداً لا يقبل الطعن به على الحكم - أما ما يعيبه الطاعن على هذا الحكم من عدوله عن الأساس الذي قررته المحكمة لتقدير التعويض في حكمها القاضي بتعيين الخبير ومن قصوره في تبرير هذا العدول وتبرير أخذه بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير فإن هذا النعي مردود بأنه يبين من الحكم الصادر في 27/ 1/ 1959 بتعيين الخبير أن محكمة الاستئناف بعد أن قطعت في أسبابه بمسئولية البنك قالت "وبما أن المستأنف (المطعون ضده) محق في طلب تعويضه عما حصل له من أضرار وأن المحكمة في تقدير ذلك ترى بادئ الرأي إعادة المأمورية إلى الخبير لتقدير هذا الضرر على أساس ما فاته من كسب من ريع هذه الأسهم وما لحقه من ضرر من ارتفاع سعرها عن السعر الذي بيعت به" ثم حددت المحكمة في منطوق حكمها هذا مأمورية الخبير على الوجه الآتي "تعديل تصفية الحساب بين الطرفين على أساس نتيجة ما يجريه الخبير من تحقيق لبيان قيمة أرباح الأسهم التي باعها البنك بطريق مخالف للقانون من تاريخ البيع حتى اليوم وذلك بالانتقال إلى مركز الشركة الخاصة بهذه الأسهم والاطلاع على دفاترها لبيان ذلك وبيان سعر السهم الآن وهل هو يزيد أو ينقص عن السعر الذي بيع به" - ومن هذا يبين أن محكمة الاستئناف قررت في أسباب حكمها هذا أحقية المطعون ضده في تعويضه عن الأضرار التي لحقته بسبب بيع أسهمه بطريق مخالف للقانون وذكرت أن من بين عناصر الضرر الواجب جبره ما ضاع على المطعون ضده نتيجة ارتفاع سعر أسهمه عن السعر الذي باعها به البنك - وإذا كانت المحكمة قد عهدت إلى الخبير فيما عهدت إليه به بيان سعر السهم وقت صدور الحكم القاضي بندبه إلا أنها لم تصرح في أسباب هذا الحكم أو في منطوقه باتخاذها هذا السعر أساساً لتقدير ثمن الأسهم المبيعة فإذا رأت المحكمة بعد أن قدم الخبير تقريره الأخذ بما انتهى إليه من أن جبر الضرر الذي لحق المطعون ضده يتحقق باحتساب سعر بيع الأسهم على أساس متوسط الأسعار التي تم التعامل بها في سنة 1954 وهي السنة التالية للسنة التي تم فيها البيع فإن ذلك من المحكمة لا يعتبر عدولاً عما سبق أن قررته في حكمها القاضي بندب الخبير كما أنها وقد ذكرت في أسباب حكمها الأخير أن المطعون ضده أقر الأسس التي قام عليها تقرير الخبير وأن الطاعن لم يحضر ولم يبد اعتراضاً على هذا التقرير وأنها ترى أن الخبير قد اتخذ سبيلاً قويماً في أبحاثه وفي تنفيذ الحكم الذي حدد مهمته - وذلك بعد أن بينت ماهية الأبحاث التي أجراها الخبير وما أسفرت عنه فإن ذلك من المحكمة يكفي لحمل قضائها باعتماد النتيجة التي انتهى إليها الخبير ومن ثم يكون النعي على حكمها بالقصور في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ أسس تقديره للتعويض على متوسط أعلى سعر بلغه السهم خلال السنوات من 1953 إلى 1959 وبذلك يكون قد هيأ للمطعون ضده الفرصة للاستفادة من ظروف لا دخل له فيها وقرر له كسباً مبناه مجرد الحظ ولا حق له في الإفادة منه وتقدير التعويض على هذا النحو فيه خروج على القواعد المتعارف عليها في تأسيس التعويض والتي توجب تقديره - لو صح أن للمطعون ضده حقاً فيه - على أساس اختلاف سعر السهم يوم البيع عن السعر الذي بيع به فعلاً.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه متى كان الحكم المطعون فيه قد بين عناصر الضرر الذي لحق المطعون ضده فإن تقدير التعويض الجابر لهذا الضرر هو من سلطة قاضي الموضوع ما دام لا يوجد في القانون نص يلزم باتباع معايير معينة في خصوصه كما أن القانون لا يمنع من أن يدخل في عناصر التعويض ما كان للمضرور من رجحان كسب فوته عليه العمل غير المشروع ذلك أنه إذا كانت الفرصة أمراً محتملاً فإن تفويتها أمر محقق يجب التعويض عنه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق