الصفحات

الجمعة، 24 مارس 2023

الطعن 111 لسنة 36 ق جلسة 12 / 5 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 130 ص 803

جلسة 12 من مايو سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، ومحمد أسعد محمود.

------------------

(130)
الطعن رقم 111 لسنة 36 القضائية

(أ) ملكية. "أسباب كسب الملكية". تقادم. "التقادم المكسب". حيازة.
الملكية حق دائم. لا يمنع ذلك من اكتساب الغير هذه الملكية إذا توافرت له الحيازة بشروطها.
(ب) حكم. "تسبيب الحكم".
إغفال ذكر نصوص المستندات في الحكم. لا عيب. طالما أنها مقدمة للمحكمة وترافع بشأنها الخصوم.
(ج) حكم. "تسبيب الحكم". إثبات. "القرائن القضائية".
استناد الحكم إلى جملة قرائن تؤدي في مجموعها إلى النتيجة التي انتهى إليها. عدم جواز المجادلة في إحداها بمجردها بدعوى عدم كفايتها.
(د) حكم. "تسبيب الحكم". إثبات. "البينة".
الاطمئنان إلى صدق الشاهد. مرده. وجدان القاضي.

------------------
1 - إنه وإن كانت الملكية حقاً دائماً لا يسقط أبداً عن المالك، إلا أن من حق الغير كسب هذه الملكية إذا توافرت له الحيازة الصحيحة بالشرائط التي استلزمها القانون.
2 - متى كان ما أورده الحكم، فيه بيان لما جاء بمستندات الدعوى، فإنه لا يعيبه إغفاله ذكر نصوص هذه المستندات التي اعتمد عليها في قضائه، ما دام أن هذه المستندات كانت مقدمة إلى المحكمة وترافع بشأنها الخصوم بما يكفي معه تقدير ما استخلصته المحكمة منها.
3 - متى كانت القرائن التي ساقها الحكم المطعون فيه تؤدي في مجموعها إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإنه لا يجوز المجادلة في إحداها بمجردها بدعوى عدم كفايتها.
4 - الاطمئنان إلى صدق الشاهد مرده إلى وجدان القاضي وشعوره دون معقب عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورث الطاعنين أقام الدعوى رقم 100 لسنة 1943 مدني أمام محكمة الزقازيق الابتدائية ضد المطعون عليهم يطلب الحكم بثبوت ملكيته لفدانين من الأطيان الزراعية موضحي الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وكف منازعة المطعون عليهم والتسليم. وقال شرحاً لها إنه بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 25 من فبراير 1922 اشترى ممن يدعى إسماعيل محمد دقن الفدانين المشار إليهما واستصدر حكماً بصحة التوقيع في الدعوى رقم 119 لسنة 1938 مدني كلي الزقازيق ثم قام بشهر ذلك الحكم بتاريخ 22 من نوفمبر 1938، وإذ نازعه المطعون عليهم في ملكية هذه الأرض فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان. أجاب المطعون عليهم على الدعوى بأن هذين الفدانين يدخلان ضمن أرض اشتروها بمقتضى عقدين مسجلين في 27 من يناير سنة 1922، 16 من يوليو سنة 1929 علاوة على تملكهما ذلك القدر بوضع اليد المدة الطويلة. وتوفى مورث الطاعنين أثناء نظر الدعوى وعجلها ورثته (الطاعنون)، وبتاريخ 12 من فبراير 1945 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى، استأنف الطاعنون هذا الحكم، وقيد الاستئناف برقم 698 لسنة 62 ق القاهرة ثم برقم 183 لسنة 1 ق المنصور وبعد إصدار عدة أحكام بالإحالة إلى التحقيق وبندب خبراء لتطبيق المستندات على الطبيعة حكمت محكمة الاستئناف في 27 من ديسمبر 1965 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعنون بالأول والثالث والرابع منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون إنه وقد انتهى الحكم أخذاً بتقرير الخبير إلى أن عقد شراء الطاعنين المؤرخ 25 من فبراير سنة 1922 والمسجل في 22 من نوفمبر سنة 1938 ينطبق تماماً على الفدانين موضوع النزاع على نقيض عقدي المطعون عليهم المسجلين في سنتي 1922، 1929 واللذين لا ينطبقان عليها، فإنه كان يتعين القضاء بتثبيت ملكيتهم للقدر موضوع النزاع بناء على عقدهم المسجل الناقل للملكية غير أن الحكم وقد تطلب رغم ذلك إثبات وضع يدهم المدة الطويلة المكسبة للملكية، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، هذا إلى أن الحكم أنكر على الطاعنين وضع يدهم على الأطيان موضوع النزاع على سند من أن ذلك ثابت من مطالعة الأوراق والمستندات والمذكرات والأحكام الصادرة تباعاً، مع أن هذه العبارة المرسلة المجهلة لا تكفي بذاتها قواماً للحكم، كما استند الحكم في هذا الخصوص إلى تراخي مورث الطاعنين في تسجيل العقد الصادر إليه حتى سنة 1938 وإلى أنه جعل التسليم ضمن طلباته، مع أن مرد طلب التسليم أن المطعون عليهم كانوا قد استردوا حيازة الأطيان موضوع النزاع بموجب الحكم الصادر لصالحهم في الدعوى رقم 1540 لسنة 1954 مدني ههيا وتم استلامهم لها بمقتضى محضر التسليم المؤرخ 28 من إبريل 1943، الأمر الذي يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي مردود في شقه الأول بأنه وإن كانت الملكية حقاً دائماً لا يسقط أبداً عن المالك إلا أن من حق الغير كسب هذه الملكية إذا توافرت له الحيازة الصحيحة بالشرائط التي استلزمها القانون. لما كان ذلك وكان المطعون عليهم قد ردوا على دعوى الطاعنين التي يستندون فيها إلى تسجيل الحكم بصحة توقيع البائع على العقد الصادر لمورثهم وإلى أن ملكية الأطيان موضوع ذلك العقد قد انتقلت إليهم من تاريخ التسجيل، ردوا بأنهم تملكوا الأطيان بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، فلا على الحكم إذا هو محص هذا الدفاع وعمد إلى المقارنة بين وضع يد كل من الطاعنين والمطعون عليهم، مبيناً في أسبابه أن هؤلاء الآخيرين قد توافرت لهم شرائطه القانونية، ثم انتهى إلى رفض دعوى الطاعنين بتثبيت ملكيتهم ويكون النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون بهذا الشق على غير أساس. والنعي في باقي ما ورد به مردود، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه استدل على وضع يد المطعون عليهم بقوله... "بخصوص وضع اليد فقد أشار تقرير الخبير بعد استعراضه لمراحل النزاع إلى القول بأن مورث المستأنفين (الطاعنين) لم يكن له أي وضع يد لا بنفسه ولا بالوساطة على الأرض المتنازع عليها وأن الباقي في وضع يد المستأنف عليهم (المطعون عليهم) منذ مدة تزيد على العشرين سنة" ثم قرر في موضع آخر أن "الثابت أن مورث المستأنفين اشترى أولاً صفقة بعقد عرفي. مؤرخ 18 من يونيه 1919 ولم يضع اليد على القدر المشترى وهو عن قطعة أرض تخالف تلك موضوع التقاضي، ثم بتاريخ 20 من فبراير سنة 1922 اشترى المورث من ذات البائع له الفدانين موضوع الخصومة بديلة عن الأخرى التي تبين أنها مرهونة للغير واستمر العقد بدون أية إجراءات لإشهاره حتى تاريخ 22 من نوفمبر سنة 1938، وهذا يقطع بأن المشتري لم يكن واضعاً اليد في هذا التاريخ خاصة وأنه في صحيفة افتتاح دعواه يطالب بالتسليم. ثم أجرى محاولة لوضع يده برفعه دعوى مطالبة بإيجار ضد أحد الناس ولما عرف بها المستأنف عليهم سارعوا بالتدخل فيها وبعد قبولهم خصوماً خشي المورث سوء العاقبة فترك الخصومة، ثم عاود محاولته ثانية برفعه دعوى إيجار أخرى وحصل على حكم باستلام الأرض خلال سنة 1940 ولما عرف المستأنف عليهم بأمرها أقاموا دعوى الحيازة رقم 1540 لسنة 1940 ههيا وقضت المحكمة برد حيازتهم، فاستأنف مورث المستأنفين وقضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم الصادر برد حيازة المستأنف عليهم وذلك بعد أن سمعت شهود الخصوم الذين أوضحوا أن المستأنف عليهم هم الذين كانوا يضعون اليد قبل واقعة التسليم" وقرر الحكم بعد ذلك في موضع ثالث أنه.... "وإن كان تقرير الخبير المودع أخيراً قد أورد أن المستأنفين يضعون اليد على مساحة 9 ط و12 س من أرض النزاع، فإن الثابت من الأوراق والقضايا المنضمة والمذكرات أن المستأنفين لم يكونوا يضعون اليد على تلك الأرض إلا من تاريخ محضر التسليم الحاصل سنة 1940 وقبل ذلك كانت في حيازة المستأنف عليهم، وذلك بالإضافة إلى ما أورده الخبير من أن بعض أجزاء القطعة المتنازع عليها والتي في وضع يد المستأنف عليهم تدخل ضمن عقود ملكيتهم في خلال سنة 1922 وذلك إذا ما اقترن به أن مورث المستأنفين كان قد اشترى هذه المساحة في عام 1922 ولم يتم تسجيله إلا في سنة 1938 وأنها لم تكن في وضع يده وقتئذ، أما بخصوص باقي المساحة المتنازع عليها فأورد الخبير في تقريره أنها في وضع يد المستأنف عليهم على تلك القطعة طوال الفترة السابقة والتي بدأت ما بين عام 1922 وهو تاريخ عقد ملكية المستأنف عليهم وتاريخ استلام المستأنفين للأرض بموجب محضر التسليم الحاصل في سنة 1940، ثم جاءت فترة بعدئذ كانت الحيازة فيها غير مستوفاة لشروطها فلم تكن مستقرة أو هادئة وهذا جميعه يقطع بأن وضع اليد الطويل المكسب كان للمستأنف عليهم على الأرض جميعها". وإذ كان هذا الذي أورده الحكم فيه بيان لما جاء بمستندات الدعوى فإنه لا يعيبه إغفاله ذكر نصوص هذه المستندات التي اعتمد عليها في قضائه ما دام أن هذه المستندات كانت مقدمة إلى المحكمة وترافع بشأنها الخصوم بما يكفي معه تقرير ما استخلصته المحكمة منها، لما كان ما تقدم وكانت القرائن التي ساقها الحكم المطعون فيه تدل على أن المطعون عليهم هم الذين كانوا يضعون اليد على الأطيان موضوع النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية وتؤدي في مجموعها إلى هذه النتيجة فإنه لا يجوز المجادلة في إحداها بمجردها بدعوى عدم كفايتها، ويكون النعي على الحكم بالقصور في التسبيب أو الفساد في الاستدلال على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم استبعد أقوال شهود الطرفين في صدد إثبات وضع اليد استناداً إلى أنها جاءت مطلقة وخالية مما يفيد تحديد الأجزاء التي يضع كل من الطاعنين والمطعون عليهم اليد عليها، في حين أن أقوال شهود الطاعنين قد حددت موقع الأرض ومساحتها وأبانت استيفاء وضع يدهم للشروط القانونية الأمر الذي يعيب الحكم بمخالفة الثابت في الأوراق.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن نقل عن تقرير الخبير أن الطاعنين يضعون اليد على مساحة 9 ط و12 س فحسب من الفدانين موضوع النزاع طبقاً للحدود الثابتة في عقد البيع الصادر إلى مورثهم، بينما يضع المطعون عليهم اليد على باقي الفدانين مع تعيين مقدار ما يضع كل اليد عليه، عقب الحكم على ذلك وهو في معرض تقدير أقوال شهود الطرفين وبعد أن اعتمد ما جاء بتقرير الخبير في هذا الخصوص بأنه "لا يعول على هذه الأقوال ولا يأخذ بما تضمنته لأن كل فريق مالأ من أشهده". ولما كان هذا الذي قرره الحكم يؤدي بمفهومه إلى أن المحكمة لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود نفياً وإثباتاً على السواء لأن شهادتهم جاءت مناقضة لما ورد بتقرير الخبير على النحو السالف بيانه، وكان حمل مقصود الحكم على هذا المعنى ليس من شأنه أن ينسب إلى الشهود ما لم يرد على ألسنتهم ولا يتعارض مع ما يمكن استخلاصه منها، وكان الاطمئنان إلى صدق الشاهد مرده إلى وجدان القاضي وشعوره دون معقب عليه، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة الثابت بالأوراق على النحو الذي يثيره الطاعنون بسبب النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السببين الخامس والسادس تناقض الأسباب من وجهين (أولهما) أن الحكم المطعون فيه على الرغم من اتخاذه أسباباً خاصة به أحال إلى أسباب الحكم الابتدائي جملة دون أن يتحرز فيقصر الإحالة إلى ما لا يتعارض منها مع أسبابه، ذلك أن محكمة أول درجة ذهبت إلى أن عقد تمليك مورث الطاعنين لا ينطبق في حدوده على أرض النزاع في حين أن محكمة الاستئناف خالفت هذا النظر وأخذت بما ورد بتقرير الخبير من انطباق تلك الحدود واستندت إلى وضع يد المطعون عليهم على أرض النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية مما يعيب الحكم المطعون فيه بالتناقض (وثانيهما) أنه على الرغم من سبق قضاء المحكمة الابتدائية بإلزام الطاعنين بمصروفات الدرجة الأولى فإن محكمة الاستئناف ألزمتهم بمصروفات مرحلتي التقاضي وأصبحت بذلك مصروفات محكمة أول درجة مقضياً بها مرتين وهو ما لم يطلبه المطعون عليهم.
وحيث إن النعي في شقه الأول غير صحيح، ذلك أنه لما كانت محكمة أول درجة لم تقرر أن العقد المملك لمورث الطاعنين والصادر له بتاريخ 25 من فبراير سنة 1922 لا ينطبق على أرض النزاع، وإنما أطلقت هذا الوصف على العقد الأول المؤرخ 18 من يونيو سنة 1919 والذي كان قد صدر له ابتداء ثم عدل عنه وحرر العقد الثاني بديلاً عنه، فإن النعي بتناقض الأسباب بين الحكمين الابتدائي والاستئنافي يكون في غير محله. والنعي في شقه الثاني مردود، ذلك أن قضاء المحكمة الاستئنافية بتأييد الحكم المستأنف بإلزام الطاعنين بالمصروفات عن درجتي التقاضي لا يعني إلا تأكيد القضاء الأول فيما ورد به بشأن مصروفات الدعوى أمام محكمة أول درجة ولا يؤدي إلى إلزام الطاعنين بهذه المصروفات مرتين.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق