الصفحات

الجمعة، 24 مارس 2023

الطعن 536 لسنة 36 ق جلسة 12 / 5 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 131 ص 810

جلسة 12 من مايو سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، ومحمد أسعد محمود.

---------------

(131)
الطعن رقم 536 لسنة 36 القضائية

أوراق تجارية. "التظهير التام". إثبات. "عبء الإثبات". سند إذني.
التظهير التام للورقة التجارية. أثره. نقل ملكية الحق إلى المظهر إليه، وتطهيرها من الدفوع إذا كان حسن النية. المظهر إليه مفترض فيه حسن النية. المدين هو الذي يتحمل عبء نفي هذه القرينة. سوء النية هو مجرد علم المظهر إليه وقت التظهير بوجود الدفع دون حاجة لإثبات التواطؤ.

---------------
التظهير التام ينقل ملكية الحق الثابت في الورقة إلى المظهر إليه ويطهرها من الدفوع بحيث لا يجوز للمدين الأصلي فيها التمسك في مواجهة المظهر إليه حسن النية بالدفوع التي كان يستطيع التمسك بها قبل المظهر. وحسن النية مفترض في الحامل الذي يتلقى الورقة بمقتضى تظهير ناقل للملكية، وعلى المدين إذا ادعى سوء نية هذا الحامل عبء نفي هذه القرينة بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن. ويكفي لاعتبار الحامل سيء النية إثبات مجرد علمه وقت التظهير بوجود دفع يستطيع المدين توجيهه للمظهر ولو لم يثبت التواطؤ بينه وبين المظهر على حرمان المدين من الدفع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 418 سنة 1963 إفلاس كلي القاهرة بطلب الحكم بشهر إفلاس الطاعنين وتحديد يوم 16/ 1/ 1962 تاريخاً مؤقتاً للتوقف عن الدفع. وقال في بيان دعواه إنه يداين الطاعنين المذكورين في مبلغ 325 ج و700 م بمقتضى ثلاثة سندات إذنية مؤرخة 30/ 7/ 1961 لصالح أحمد محمد قطب، الأول بمبلغ 105 ج استحقاق 15/ 1/ 1962 والثاني بمبلغ 105 استحقاق 15/ 2/ 1962 والثالث بمبلغ 115 ج استحقق 15/ 3/ 1962، وبتاريخ 30/ 8/ 1961 ظهر إليه المستفيد هذه السندات، وإذ طالب الطاعنين بقيمتها وامتنعا على الوفاء بها فقد أقام دعواه بطلباته السالفة. وبتاريخ 18/ 4/ 1964 قضت محكمة أول درجة بشهر إفلاس الطاعنين واعتبار يوم 24/ 10/ 1963 تاريخاً مؤقتاً للتوقف عن الدفع وتعيين المطعون ضده الثاني وكيلاً مؤقتاً للدائنين. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 320 سنة 81 ق تجاري القاهرة، ولدى نظر الاستئناف تدخل المطعون ضدهما الثالث والرابع طالبين الانضمام إلى المطعون ضده الأول. ومحكمة الاستئناف حكمت في 15/ 6/ 1965 بقبول تدخل كل من المطعون ضدهما المذكورين خصماً في الاستئناف منضماً للمطعون ضده الأول وبتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت على رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم قرر أن الطاعنين لا يستطيعان التمسك في مواجهة المظهر إليهما - المطعون ضدهما الأول والثالث - بالدفوع التي كانا يستطيعان التمسك بها قبل المظهر، تأسيساً على أن التظهير الصادر إليهما هو تظهير ناقل للملكية فيطهر الورقة التجارية من الدفوع بالنسبة لهما، لأنه لم يثبت ما يدل على تواطئهما مع المظهر، وهذا من الحكم غير صحيح في القانون لأنه لا يقيد من قاعدة عدم الاحتجاج بالدفوع إلا الحامل الحسن النية، وحسن النية في هذا الخصوص ينتفي بمجرد علم الحامل بوجود الدفع، وقد تمسك الطاعنان في دفاعهما أمام محكمة الموضوع بأن السندات المطالب بها باطلة لانعدام سببها وأن المظهر "أحمد محمد قطب " قد حصل عليها بطريق التهديد وقدم للمحاكمة عن ذلك جنائياً في الجنحة رقم 2336 سنة 1962 الأزبكية وفيها قضي بمعاقبته بالحبس لمدة ستة أشهر وبأن المظهر إليهما يعلمان بالظروف التي حررت فيها السندات المذكورة وبالعيب الذي يلحقها، واستدلا على ذلك بالحكم الصادر في الجنحة المشار إليها وبأن المطعون ضده الأول يعمل في مكتب الأستاذ محمد رشدي نعمان المحامي الوكيل عن المظهر وقد حضر عنه بقسم شرطة عابدين في تحقيقات تلك الجنحة وأدلى بأقواله فيها نيابة عنه وبأن المطعون ضده المذكور لم يقم بالمطالبة بقيمة السندات إلا بعد مضي أكثر من سنتين من تاريخ تظهيرها إليه، كما تمسك الطاعنان بأن المطعون ضده الثالث يعلم بالعيب الذي يلحق بالسندين المظهرين إليه إذ سبق أن ظهرت إليه جميع السندات موضوع جريمة التهديد، وأوقع بموجبها حجزاً على السيارة المملوكة للطاعنين، ولما ألغي هذا الحجز لجأ المستفيد أحمد محمد قطب إلى المطعون ضده الأول وظهر إليه السندات الثلاثة موضوع دعوى الإفلاس، الأمر الذي يدل على سوء نيتهم جميعاً، وإذ لم يعن الحكم المطعون فيه بتحقيق دفاع الطاعنين وهو دفاع - لو ثبت - ينتفي معه حسن نية المطعون ضدهم، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور علاوة على خطئه في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان التظهير التام بنقل ملكية الحق الثابت في الورقة إلى المظهر إليه ويطهرها من الدفوع، بحيث لا يجوز للمدين الأصلي فيها التمسك في مواجهة المظهر إليه حسن النية بالدفوع التي كان يستطيع التمسك بها قبل المظهر، وكان حسن النية مفترضاً في الحامل الذي يتلقى الورقة بمقتضى تظهير ناقل للملكية، وعلى المدين إذا ادعى سوء نية هذا الحامل عبء نقض هذه القرينة بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن، وكان يكفي لاعتبار الحامل سيء النية إثبات مجرد علمه وقت التظهير بوجود دفع يستطيع المدين توجيهه للمظهر ولو لم يثبت التواطؤ بينه وبين المظهر على حرمان المدين من الدفع. لما كان ذلك وكان الثابت من مذكرة الطاعنين المقدمة لمحكمة الاستئناف في 14/ 11/ 1964 والمودعة صورتها الرسمية بملف الطعن أنهما تمسكا بأن المظهر إليهما - المطعون ضدهما الأول والثالث - سيئا النية، وأنهما يعلمان بالظروف التي حررت فيها السندات الإذنية موضوع الدعوى واستندا إلى أنهما اشتريا من أحمد محمد قطب "المظهر" سيارة وحررا له بباقي الثمن سندات إذنية قام بتظهيرها إلى بنك الجمهورية، وبتاريخ 20/ 7/ 1961 أنذرهما البائع بفسخ عقد البيع واسترداد السيارة بدعوى أنهما تأخرا في الوفاء بقيمة بعض هذه السندات في مواعيد استحقاقها، وبتاريخ 30/ 7/ 1961 وتحت تأثير التهديد تمت التسوية بينهما وبينه بوساطة محاميه - الأستاذ محمد رشدي نعمان - على إلغاء السندات المظهرة إلى بنك الجمهورية واستبدل بها السندات موضوع الدعوى إلا أن بنك الجمهورية لجأ إلى القضاء وطالبهما بقيمة السندات المظهرة إليه وقد حكم له بها واقتضى قيمتها منهما، وبذلك أضحت السندات الجديدة باطلة لانعدام سببها غير أن أحمد محمد قطب ظهرها إلى المطعون ضده الثالث الذي أوقع بها حجزاً على السيارة، ولما ألغي هذا الحجز لجأ إلى المطعون ضده الأول وظهر إليه السندات الثلاثة المرفوعة بها دعوى الإفلاس، كما أوعز إلى المطعون ضده الثالث أن يتدخل في الاستئناف لينضم إلى زميله المطعون ضده الأول في طلب شهر الإفلاس بموجب سندين من السندات التي كانت مظهرة إليه وثبت أن أحمد محمد قطب كان قد حصل من الطاعنين على السندات المظهرة منه إلى المطعون ضدهما الأول والثالث بطريق التهديد، وقدم من أجل ذلك للمحاكمة الجنائية وقضي بمعاقبته بالحبس في الجنحة رقم 2336 سنة 1962 الأزبكية، وأشير في أسباب ذلك الحكم إلى الوقائع المتقدمة، وكان الطاعنان قد دللا على سوء نية المطعون ضده الأول بأنه يعمل وكيلاً لمكتب الأستاذ محمد رشدي نعمان المحامي والوكيل عن أحمد محمد قطب والذي حضر عنه في تحقيقات الجنحة المشار إليها وأدلى بأقواله فيها نيابة عنه، وقدما تأييداً لذلك إلى محكمة الاستئناف شهادة مستخرجة من مكتب توثيق القاهرة تفيد أن الأستاذ محمد رشدي نعمان قد وكل المطعون ضده الأول في مباشرة أعماله القضائية، ودللا على سوء نية المطعون ضده الثالث بأنه سبق أن ظهرت إليه السندات موضوع جريمة التهديد، وأنه أوقع بموجبها حجزاً على السيارة وقد قضي بإلغائه، واستندا في ذلك إلى الحكم الصادر في الجنحة المشار إليها، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أطرح هذا الدفاع استناداً إلى قوله "وأما بخصوص الدين الذي أشهر الإفلاس من أجله فقد قرر الحكم المستأنف أن تظهير السند الإذني تظهيراً تاماً ناقلاً للملكية وقد توافرت فيه البيانات المذكورة بالمادة 134 من القانون التجاري فيعتبر الدائن في هذه الحالة حاملاً حسن النية مالكاً للقيمة الواردة به، ولا يجوز تمسك محرر السند قبل الحامل بالدفوع التي يمكن إبداؤها قبل المستفيد الأول بخصوص العلاقة القانونية التي من أجلها أنشئ السند فعدم سداد المدين قيمة السند للحامل وقت الاستحقاق وتحرير احتجاج عدم دفع عنه، فإن ذلك كاف لاعتبار المدين متوقفاً عن الدفع، والثابت من السندات الثلاثة المرفوع بشأنها الدعوى المؤرخة 30/ 7/ 1961 أنها ظهرت تظهيراً تاماً ناقلاً للملكية للمدعي (المطعون ضده الأول) بتاريخ 30/ 8/ 1961 وقبل تواريخ استحقاقها، ومن ثم فقد انتقلت للمدين القيمة الواردة بهذه السندات، ولا يجوز للمدعى عليهما "الطاعنين" أن يدفعا في مواجهته بالدفوع التي كان يمكنهما إبداؤها قبل المستفيد الأول وعلى ذلك فلا تلتفت المحكمة إلى ما أثاره المدعى عليهما (الطاعنان) من دفاع في هذا الخصوص، وكان يتعين عليهما سداد قيمة هذه السندات للمدعي (المطعون ضده الأول) عقب إنذارهما بالوفاء بقيمتها، وأنه "ثابت من السندين المقدمين من الخصم المتدخل أحمد حسن علي (المطعون ضده الثالث) أنهما ظهرا إليه تظهيراً كاملاً ناقلاً للملكية، والتظهير الناقل للملكية يطهر الحق الثابت في الورقة من الدفوع العالقة به، وليس في الأوراق ما يدل على وجود تواطؤ بين حاملي السندات وبين الدائن الأصلي، ومن ثم فمهما قيل من وجود نزاع بين المستأنفين (الطاعنين) وبين أحمد محمد قطب الدائن الأصلي حول الدين المبين بالسندات المظهرة فإن هذا النزاع لا يمتد أثره إلى حاملي هذه السندات بعد أن طهرها التظهير من الدفوع" وكان ما قرره الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لا يحمل الرد على ما قدمه الطاعنان لمحكمة الموضوع من أدلة على سوء نية المطعون ضدهما الأول والثالث ذلك لأن ما ذهب إليه الحكم من أنه يجب لانتفاء حسن نية الحامل أن يثبت التواطؤ بينه وبين المظهر، ينطوي على خطأ في تطبيق القانون، لأنه يكفي - وعلى ما سلف البيان - لاعتبار الحامل سيء النية إثبات مجرد علمه وقت التظهير بوجود الدفع، وإذ حجب الحكم المطعون فيه نفسه بهذا الخطأ عن الرد على دفاع الطاعنين بما يقتضيه هذا الدفاع، الذي لو صح لكان من شأنه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه يكون فوق خطئه في تطبيق القانون، قد شابه قصور في التسبيب مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق