الصفحات

السبت، 25 مارس 2023

الطعن 152 لسنة 36 ق جلسة 21 / 5 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 142 ص 886

جلسة 21 من مايو سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

----------------

(142)
الطعن رقم 152 لسنة 36 القضائية

تسجيل. "الأفضلية بين المشترين". دعوى. "دعوى صحة التعاقد". صورية. "صورية مطلقة". بيع.
قاعدة الأسبقية في تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد. لا مجال لإعمالها إذا كان أحد العقدين صورياً صورية مطلقة.

---------------
لا مجال لإعمال الأسبقية في تسجيل صحيفتي دعوى صحة التعاقد إذا كان أحد العقدين صورياً صورية مطلقة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن عقد الطاعن صوري صورية مطلقة، فإنه لا يكون ثمة محل للمفاضلة بينه وبين عقد المتدخلين استناداً إلى أسبقية تسجيل صحيفة دعوى صحة عقد الطاعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن محمد السيد محمد عامر "الطاعن" أقام الدعوى رقم 18 سنة 1964 مدني كلي شبين الكوم ضد شعبان أحمد حسين "المطعون ضده الأخير" طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 16/ 11/ 1963 والمتضمن بيع المدعى عليه له 8 ط 12 س أطياناً زراعية مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى مقابل ثمن قدره 450 ج. ولدى نظر الدعوى تدخل كل من سعيد محمد أحمد حسين وعبد ربه محمد أحمد حسين وزاكية إبراهيم شلبي بصفتها وصية على ابنها القاصر عبد الغني محمد أحمد حسين طالبين رفضها، تأسيساً على أنهم اشتروا من ذات البائع 6 ط من القدر المبيع للمدعي وذلك بالعقد الابتدائي المؤرخ 17/ 11/ 1963 مقابل ثمن قدره 270 جنيه، وأنهم إذ كانوا قد سددوا الثمن للبائع، فقد أقاموا عليه الدعوى رقم 4 سنة 1964 مدني كلي شبين الكوم بطلب صحة هذا العقد ودفعوا بصورية عقد المدعي صورية مطلقة إضراراً بحقهم، وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين طعن البائع في العقد الصادر للمتدخلين بالتزوير، غير أنه لم يعلن شواهده. وبتاريخ 22/ 11/ 1964 حكمت المحكمة بسقوط الادعاء بالتزوير وبتغريم البائع 25 جنيه للخزانة العامة وبقبول تدخل المتدخلين الثلاثة في الدعوى رقم 18 سنة 1964، وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المتدخلون بكافة الطرق بما فيها شهادة الشهود صورية العقد المؤرخ 16/ 11/ 1963 الصادر من البائع لهم إلى محمد السيد عامر صورية مطلقة وأباحت النفي بذات الطرق، وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين عادت وبتاريخ 24/ 1/ 1965 فحكمت في الدعوى رقم 4 سنة 1964 برفضها وفي الدعوى رقم 18 سنة 1964 بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر من شعبان أحمد حسين بتاريخ 16/ 11/ 1963 والمتضمن بيعه للمدعي أرضاً زراعية مساحتها 8 ط 12 س. واستأنف المتدخلون هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى رقم 18 سنة 1964 وبصحة ونفاذ عقد البيع الصادر لهم بتاريخ 17/ 11/ 1963 وقيد استئنافهم برقم 147 سنة 15 قضائية. وبتاريخ 11/ 1/ 1966 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم (أولاً) في القضية رقم 4 سنة 1964 مدني كلي شبين الكوم بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 17/ 11/ 1963 والمتضمن شراء المتدخلين 6 ط مقابل ثمن قدره 270 ج، (ثانياً) في القضية رقم 18 سنة 1964 ببطلان عقد البيع المؤرخ 16/ 11/ 1963 والمتضمن شراء الطاعن 8 ط و12 س ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في تقرير الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة تمسكت النيابة برأيها الوارد في مذكرتها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن في السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن ذلك الحكم أقام قضاءه بصورية عقد الطاعن على ما استخلصه من أقوال شهود المتدخلين مع أن تلك الأقوال لا تؤدي إلى ذلك إذ شهد أولهم أنه لا يعرف شيئاً عن العقد الصادر للطاعن وكل ما شهد به الشاهدان الآخران هو أنهما علما بأن البائع باع إلى الطاعن أرضاً زراعية وما قرره هؤلاء الشهود - من أن البائع طالب المتدخلين بأن يدفعوا له مبلغ تسعين جنيهاً زيادة على الثمن المسمى في عقدهم مدعياً بخس الثمن، وأنه هددهم ببيع العقار مرة أخرى إن لم يفعلوا - لا تؤدي إلى صورية عقد الطاعن. ويضيف الطاعن إلى ما تقدم أن القرائن التي استدل بها الحكم على الصورية قرائن فاسدة إذ القرينة الأولى هي علم الطاعن بسبق تصرف البائع في الأرض المبيعة، وهذا العلم بفرض ثبوته لا يدل على صورية عقده، والقرينة الثانية هي كون الطاعن فقيراً لا يستطيع دفع الثمن المسمى في العقد، وهو أمر لا دليل عليه في الأوراق بل ينقضه ما شهد به أول شهود المتدخلين من أنه كان مرشحاً للعمودية، والقرينة الثالثة هي أن المتدخلين يضعون اليد على الأرض المبيعة وهو ما لا دليل عليه في الأوراق لأن أحداً من الشهود لم يشهد به، والقرينة الرابعة هي أن الطاعن قريب لزوجة البائع مع أن المتدخلين أوثق قرابة بالبائع منه إذ هو عمهم.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بصورية عقد الطاعن على قوله "ومن حيث إنه عن العقد الصادر من المستأنف ضده الأول إلى المستأنف ضده الثاني والمؤرخ 16/ 11/ 1963 فإن أقوال شهود المستأنفين وظروف الدعوى وملابساتها وقرائن الأحوال فيها قاطعة الدلالة في أنه عقد صوري صورية مطلقة وليس له وجود حقيقي، فقد شهد عمدة الناحية وشيخها أنه حرر بعد أربعين يوماً من وفاة المرحوم عوض الله أحمد حسين بتاريخ 13/ 11/ 1963، ومفاد ذلك أنه وضع له تاريخ سابق على عقد المستأنفين بيوم واحد بقصد إخفاء الحقائق الثابتة التي أوضحتها ظروف الحال وهي أن المستأنف ضده الثاني أراد أن يقتضي من المشترين المستأنفين أكثر من الثمن المقبوض فلما رفضوا ثارت ثائرته وحرر عقد المستأنف ضده الثاني، وهو ابن أخت زوجته، التي تعمدت أن تشهد على العقد وأن تمثل أمام المحكمة لتؤدي شهادة مغرضة تدعيماً للعقد الذي حرره زوجها إلى ابن أختها، وليس أدل على ذلك من أنها حين سئلت عن وضع اليد على الأطيان المبيعة قررت أن ابن أختها هو الواضع اليد ثم ما لبثت أن أقرت بوضع يد المستأنفين وأن الأرض نزعت بعد ذلك من تحت يدهم، وقد أجمع الشهود على أن البيع الحاصل للمستأنف ضده تم بعد نزاع ثار بين البائع والمستأنفين اشترك فيه عبد الجواد عامر شقيق المستأنف ضده الثاني وعلم به الخاص والعام فليس بمعقول أن هذا الأخير يدفع المبلغ الكبير المسمى في عقده ودون أن يستلم العين المبيعة اللهم إلا إذا كان مسخراً من خالته زوجة البائع، وهو ما تراه هذه المحكمة مطمئنة إلى أن عقده ليس له وجود ظاهر ولم يدفع له ثمن أخذاً بقرائن الأحوال في الدعوى من أن العقد حرر كيداً للمستأنفين ولصالح من تربطه وشائج القربى بالبائع وزوجته وصدر لصالح شخص لم يكن في حالة يسر تمكنه من أداء هذا الثمن، ولم يتسلم المبيع عقب التعاقد، ولا يغير من هذا النظر ما قرره شهوده الذين لا تطمئن المحكمة إلى أقوالهم جملة وتفصيلاً، ذلك أن كاتب العقد أجير سخر للكتابة والثانية زوجة البائع التي وقعت كشاهدة على خلاف ما جرى عليه سلوك أهل الريف، والآخر وهو قطب محمد عبد الله فليس له توقيع على العقد وقد قرر في شأن ذلك أنه حضر مجلس العقد ولم يوقع لعدم وجود ختمه معه رغم أن ذلك لم يكن ليمنعه من التوقيع بالبصمة" ثم ذكر الحكم "أنه بعد أن تم التصرف الصوري أسرع المتعاقدان إلى رفع الدعوى وليس ثمة نزاع بينهما وتحددت جلسة سابقة على الجلسة المحددة لدعوى المستأنفين بيومين مع أنها قدمت وأعلنت في تاريخ لاحق عليها ولما علم المستأنفون بها تدخلوا خصماً ثالثاً في الدعوى فلجأ البائع إلى الطعن بالتزوير في التصرف الصادر إلى المستأنفين بينما وقف إلى جانب المستأنف ضده الثاني يشد أزره" ويبين من هذا الذي ذكره الحكم أن القرائن التي ساقها ليست قاصرة على تلك التي أسند الطاعن الفساد إليها، وإنما اعتمد معها على قرائن أخرى سكت الطاعن عن تعييبها. وإذ كان ذلك وكانت تلك القرائن يكمل بعضها بعضاً وتصلح في مجموعها لإثبات الصورية وكان ما عابه الطاعن على بعضها في غير محله لأن تهديد البائع للمتدخلين بالتصرف مرة أخرى في العقار إذا هم لم يدفعوا له أكثر من الثمن المسمى في العقد له دلالته السائغة فيما استخلصه الحكم من صورية عقد الطاعن، ولا ينال من ذلك ما قرره شهود المتدخلين من أنهم لم يعرفوا مضمون ذلك العقد ذلك أن عدم علمهم لا ينال من دلالة التهديد بإعادة البيع، ولأن الشهود قد أجمعوا على أن الأرض المبيعة كانت في حيازة المتدخلين إلى أن حدث شجار حول وضع اليد انتهى برفع يدهم عنها، ولأن درجة قرابة البائع للمتدخلين وقد ثبت الخلاف بينه وبينهم لا تحول دون التصرف الصوري لقريب آخر، ولأن الطاعن لم يقدم ما يدل على يساره، وإذ كان ذلك وكان ما أسنده الحكم للشهود مطابقاً لأقوالهم في التحقيق - الذي أجرته محكمة أول درجة على ما هو ثابت من الصورة الرسمية لذلك التحقيق - والمقدمة من الطاعن - وكان ما استخلصه الحكم من هذه الأقوال سائغاً ومؤدياً إلى ما انتهى إليه، فإن النعي في جملته يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي أقام قضاءه برفض دعوى المتدخلين على أن تسجيل الطاعن لصحيفة دعواه بصحة التعاقد كان أسبق من تسجيل المتدخلين لصحيفة دعواهم وقد ألغى الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي دون أن يرد على أسبابه، بذلك أهدر أثر أسبقية تسجيل دعوى صحة التعاقد وما يترتب على ذلك من أفضلية عقد الطاعن دون أن يذكر أسباباً لذلك، وهو منه مخالفة للقانون وقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لا مجال لإعمال الأسبقية في تسجيل صحيفتي دعوى صحة التعاقد إذا كان أحد العقدين صورياً صورية مطلقة، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى بأسباب سائغة - على ما ورد في الرد على السبب الأول - إلى أن عقد الطاعن صوري صورية مطلقة، فإنه لا يكون ثمة محل للمفاضلة بينه وبين عقد المتدخلين استناداً إلى أسبقية تسجيل صحيفة دعوى صحة عقد الطاعن. وإذ كان ذلك فإن الحكم لم يكن في حاجة إلى الرد على أسباب الحكم الابتدائي، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه التناقض، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم تردد بين أحكام الغش وأحكام الصورية مع اختلافهما، وقد أدى به هذا التردد إلى أنه أصبح لا يبين منه الأساس القانوني الذي بني عليه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كانت الصورية نوعاً من الغش وكان الحكم قد انتهى بالأسباب السائغة التي ذكرها إلى صورية عقد الطاعن صورية مطلقة فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق