وحيث إنه عن الدفع بعدم توافر ظرف سبق الإصرار فهو يقوم على توافر عنصرين هما عنصر زمني وهو يقتضي أن تكون هناك فترة من الوقت بعد نشوء فكره القتل وتنفيذ الجريمة أي يجب أن يكون لدى الجاني من الفرصة ما يسمح له بالتروي والتفكير المطمئن فيما هو مقدم عليه والعنصر الثاني هو العنصر النفسي وهو متعلق بحالة المتهم النفسية من هدوء البال والنفس ورباطة الجأش والروية أي أن يكون الجاني في حالة نفسية هادئة في جو بعيد عن ثورة الغضب والهياج النفسي وما دام الجاني انتهى بتفكيره إلى خطة معينة رسمها لنفسه قبل تنفيذ الجريمة فان ظرف سبق الإصرار يعد متوافرا . وكان سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها منها القاضي استخلاصاً ، وكان البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات القاضي يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتوافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ولما كان ذلك وكانت الخلافات بين المتهم والمجني عليه سابقة وقديمة على يوم الواقعة مما آثار حفظيته وأوغَر صَدْرَه من المجني عليه فترقب حضور المجني عليه لعمله انتقاماً منه وأعَد لذلك اللقاء سلاحاً ناريا يحمله وراودته فكرة إيذائه بدنياً إذا ما سنحت له الفرصة واتجه نشاطه الذهني إلى تحقيق ذلك الغرض والتي نازعته إليه دوافع نفسه واختارته وانتواه بعد أن قيم نهائيا نشاطه الإجرامي الذي هو نتاج العقل والإرادة معاً بوقت كاف يسمح بالتدبر والتروي من المتهم في الجريمة قبل إقدامه على مقارفتها الأمر الذي تنتهي معه المحكمة بحق من ظروف الدعوى هذه إلى توافر ظرف سبق الإصرار لدى المتهم على ارتكاب جريمة القتل العمد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق