الصفحات

الخميس، 20 أكتوبر 2022

الطعن 4118 لسنة 56 ق جلسة 11 / 12 / 1986 مكتب فني 37 ق 199 ص 1050

جلسة ١١ من ديسمبر سنة ١٩٨٦

برياسة السيد المستشار: حسن جمعة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مصطفى طاهر وحسن عميرة وصلاح البرجي ومحمد حسام الدين الغرياني.

---------------

(١٩٩)
الطعن رقم ٤١١٨ لسنة ٥٦ القضائية

(١) استيلاء على مال عام. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره". موظفون عموميون.
تحقق جناية الاستيلاء المؤثمة بالمادة ١١٣ عقوبات. متى استولى الموظف أو من في حكمه بغير حق على مال أو تكون له قيمة أدبية أو اعتبارية للدولة أو غيرها من الجهات المنصوص عليها بالمادة ١١٩ من هذا القانون بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية التملك.
مثال:
(٢) استيلاء على مال عام. جريمة "أركانها". قصد جنائي. موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تسليم المال إلى الموظف بسبب الوظيفة ليس شرطاً في جريمة الاستيلاء.
تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة الاستيلاء على مال عام. غير لازم. شرط ذلك؟
مثال:
(٣) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من جماع الأدلة المطروحة.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز. أمام النقض.
(٤) استيلاء على مال عام. تزوير. ارتباط. اختصاص. قانون "تفسيره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اختصاص محاكم أمن الدولة العليا دون غيرها بالفصل في جناية الاستيلاء المرتبطة بجناية أو جنحة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة المعاقب عليها بالمادة ١١٣/ ٢ عقوبات. أساس ذلك؟
(٥) تزوير "تزوير الأوراق الرسمية". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
صدور الورقة فعلاً من الموظف المختص بتحريرها ليس شرطاً في جريمة التزوير في الورقة الرسمية. إعطاء الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها كاف لتحقيق الجريمة ولو نسب صدورها كذباً إلى موظف عام للإيهام برسميتها.
(٦) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل، "دفاع" الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال. علة ذلك؟.
(٧) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تقدير آراء الخبراء. موضوعي. عدم التزام المحكمة بالرد على الطعون الموجهة إلى تقاريرهم. ما دامت قد أخذت بها. أساس ذلك؟
عدم التزام المحكمة. بندب خبير آخر في الدعوى. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها.
(٨) استيلاء على مال عام. تزوير. ارتباط. عقوبة "العقوبة المبررة. نقض "المصلحة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
انتفاء مصلحة الطاعنة في النعي على الحكم بأوجه تتصل بجريمة التزوير. ما دامت العقوبة المقضي بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجناية الاستيلاء مجردة من ظرف الارتباط بجريمة تزوير محرر أو استعماله.

---------------
١ - من المقرر أن جناية المادة ١١٣ عقوبات تتحقق متى استولى الموظف أو من في حكمه بغير حق على مال للدولة أو غيرها من الجهات المنصوص عليها بالمادة ١١٩ من هذا القانون بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملك المال وتضييعه على ربه، وإذ كانت عبارة "مال أو أوراق أو غيرها" الواردة بالمادة ١١٣ عقوبات قد صيغت بألفاظ عامة يدخل في مدلولها ما يمكن تقويمه بالمال وما تكون له قيمة أدبية أو اعتبارية وهو ما ينطبق على العينتين محل الاتهام اللتين أخذنا بقصد تحليلهما لما لهما من قيمة في الكشف عن قيام جريمة تعاطي مخدر.
٢ - لما كان لا يشترط لقيام جريمة الاستيلاء ما يشترط في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة ١١٢ عقوبات من أن يكون المال مسلماً إلى الموظف بسبب الوظيفة، فإن ما أثبته الحكم من قيام الطاعنة - والتي لا تجحد صفتها كموظفة عامة - بالاستيلاء على العينتين آنفتي البيان وإعدامهما تتوافر به سائر الأركان القانونية لجناية الاستيلاء المنصوص عليها في المادة ١١٣ سالفة الذكر التي دانها الحكم بها، وإذ كان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هذه الجريمة ما دامت الواقعة الجنائية التي أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافر نية الاختلاس لدى الطاعنة، ومن ثم فإن ما تنعاه على الحكم من دعوى الخطأ في تطبيق القانون لا يكون له محل.
٣ - لما كان لمحكمة الموضوع أن ترد الواقعة إلى صورتها الصحيحة التي ترتسم في وجدانها من جماع الأدلة المطروحة أمامها على بساط البحث وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بالأدلة التي تطمئن إليها وأن تطرح ما عداها، فإن نعى الطاعنة على الحكم عدم أخذه بدفاعها القائم على أن المتهم الآخر قام بتوصيل حرزي العينتين لمعمل التحليل لا يعدو أن يكون محاولة لإعادة الجدل في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
٤ - لما كان الشارع قد نص في القانون رقم ١٠٥ لسنة ١٩٨٠ بإنشاء محاكم أمن الدولة على اختصاص محاكم أمن الدولة العليا دون غيرها بالفصل في جرائم معينة ومن بينها الجرائم المنصوص عليه بالباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والتي - تندرج ضمنها جناية الاستيلاء المرتبطة بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة المعاقب عليها بمقتضى الفقرة الثانية من المادة ١١٣ من قانون العقوبات، وإذ جاء نص هذه المادة مطلقاً يتسع مدلوله ليشتمل الارتباط بجريمة تزوير أو استعمال سواء كانت هذه الجريمة جناية أو جنحة، فإن النعي بعدم اختصاص المحكمة - بوصفها محكمة أمن دولة عليا - بنظر جريمة التزوير المرتبطة بجناية الاستيلاء ما دام أن التزوير مجرد جنحة لا يكون سديداً.
٥ - لا يشترط في جريمة التزوير في الورقة الرسمية أن تكون قد صدرت فعلاً من الموظف المختص بتحريرها بل يكفي لتحقق الجريمة - وهو الشأن في حالة الاصطناع أن تعطي الورقة المصطنعة شكل الورقة الرسمية ومظهرها ولو نسب صدورها كذباً إلى موظف عام برسميتها.
٦ - المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
٧ - الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعترافات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على المطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها، وهي كذلك لا تلتزم بندب خبير آخر ما دامت الواقعة قد وضحت لديها.
٨ - انتفاء مصلحة الطاعنة في النعي على الحكم بأوجه تتصل بجريمة التزوير طالما أن العقوبة المقضي بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجناية الاستيلاء التي دانها الحكم بها مجردة من الظرف المشدد الخاص بارتباطها بجريمة تزوير محرر أو استعماله.

---------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة وآخر: بأنهما المتهمة الأولى (طاعنة): بصفتها موظفة عمومية "مشرفة تمريض" بمستشفى رأس التين العام اختلست حرز عينتي القيء والدم المأخوذتين من.... المتهم في الجناية رقم.... مخدرات الجمرك لإرسالها لمعامل التحليل والمسلمة إليها بسبب وظيفتها وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير واستعمال محرراً مزوراً ارتباطاً لا يقبل التجزئة هما: أنها في الزمان والمكان آنف الذكر وبصفتها السابقة ارتبكت أثناء تأدية وظيفتها تزويراً في خطاب موجه من مستشفى رأس التين إلى إدارة المعامل وكان ذلك بزيادة كلمات ووضع إمضاءات مزورة بأن أثبتت بنهاية الخطاب ما يفيد تسليم العينة للمعامل ووقعت بإمضاء نسبته زوراً إلى المختص باستلام العينات بالمعمل واستعملت المحرر المزور أنف الذكر بجعله مستنداً من مستندات المستشفى وقدمته أثناء تحقيق جنائي مع علمها بتزويره. المتهم الثاني (الآخر): اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمة الأولى في ارتكاب الجريمة آنفة الذكر بأن اتفق معها على اختلاس الحرز وساعدها على ذلك بادعاء استلامه له وتسليمه للمختص بالمعامل الكيماوية فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا..... لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بالنسبة للمتهمة الأولى (الطاعنة) وغيابياً بالنسبة للمتهم (الآخر)..... عملاً بالمواد ٤٠/ ٢ - ٣، ٤١، ٢٧، ١١٢، ١١٢ مكرراً، ١١٣/ ١، ١١٨، ١١٩/ أ، ١١٩ مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادة ١٧ من ذات القانون بحبس كل منهما سنة واحدة مع الشغل وتغريمهما بالتضامن فيما بينهما خمسمائة جنيهاً وبعزلهما من وظيفتهما لمدة سنتين وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم بالنسبة للمتهمة الأولى ومن تاريخ صيرورة الحكم نهائياً بالنسبة للمتهم الثاني.
فطعن الأستاذ/ ..... المحامي عن الأستاذ/ ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

--------------

المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجناية الاختلاس المرتبطة بجريمتي تزوير محرر واستعماله قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه عاقبها عن جريمة الاختلاس رغم عدم توافر عناصرها القانونية لانتفاء صفة المال عن العينتين موضوع الاتهام وعدم تسليمهما إلى الطاعنة بسبب وظيفتها وتخلف القصد الجنائي لديها فضلاً عن اتهامها بالاختلاس يتعارض مع ما جاء بأقوال المتهم الآخر في الدعوى من أنه سلم حرزي العينتين إلى معمل التحليل، كما أنه لا اختصاص للمحكمة - بوصفها محكمة أمن دولة عليا - بالفصل في جريمة التزوير إذ لا تعدو هذه الجريمة - بفرض قيامها - أن تكون جنحة لانتفاء اختصاص الطاعنة بإصدار المحرر المدعى بتزويره، وقد دفعت الطاعنة بأن التوقيع المنسوب إليها تزويره مماثل للتوقيع الصحيح للموظفة المختصة بمعمل التحليل ودللت على ذلك بتقديم عدة محررات إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع، وعول في إثبات وقوع التزوير على تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وبرغم ما أثارته الطاعنة من أن من وضعته تنقصها الخبرة الكافية واعتمدت على أوراق استكتاب لم تحرر في ظروف طبيعية ولم تورد من الأسانيد ما يبرر النتيجة التي انتهى إليها التقرير واستدلال الطاعنة على ذلك بتقرير خبير استشاري مقدم منها وطلبها ندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بالقاهرة لبحث أوجه اعتراضها فإن المحكمة لم تجبها إلى طلبها أو تعرض لدفاعها في هذا الشأن، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما يجمل في أن الطاعنة بوصفها المشرفة على قسم الاستقبال بمستشفى رأس التين العام أقحمت نفسها على عمل الحكيمة المختصة التي تولت أخذ عينتين من دم وغسيل معدة أحد المشتبه في تناولهم مادة مخدرة بقصد إرسالها إلى معمل التحليل واستولت على هاتين العينتين وأعدمتهما وقامت إخفاء لجريمتها بتحرير خطاب يتضمن إرسال العينتين إلى معمل التحليل ووقعته بإمضاء مزور نسبته إلى الموظفة المختصة بالمعمل بما يفيد استلامها حرزي العينتين على خلاف الحقيقة واستعملت هذا الخطاب بتقديمه إلى سلطات التحقيق، وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة بحق الطاعنة أدلة مستمدة من أقوال الشهود وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة إعمالاً لسلطتها في إسباغ الوصف القانوني السليم على الواقعة قد انتهت إلى إدانة الطاعنة عن جريمة الاستيلاء بغير حق على مال للدولة المرتبطة بجريمتي تزوير محرر واستعماله المعاقب عليها بالمادة ١١٣ من قانون العقوبات بدلاً من جريمة الاختلاس المرتبطة بجريمتي تزوير واستعمال المعاقب عليها بالمادة ١١٢ من هذا القانون التي رفعت بها الدعوى عليها، وكان من المقرر أن جناية المادة ١١٣ عقوبات تتحقق متى استولى الموظف أو من في حكمه بغير حق على مال للدولة أو غيرها من الجهات المنصوص عليها بالمادة ١١٩ من هذا القانون بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملك المال وتضييعه على ربه، وإذ كانت عبارة "مال أو أوراق أو غيرها" الواردة بالمادة ١١٣ عقوبات قد صيغت بألفاظ عامة يدخل في مدلولها ما يمكن تقويمه بالمال وما تكون له قيمة أدبية أو اعتبارية وهو ما ينطبق على العينتين محل الاتهام اللتين أخذنا بقصد تحليلهما لما لهما من قيمة في الكشف عن قيام جريمة تعاطي مخدر، وكان لا يشترط لقيام جريمة الاستيلاء ما يشترط في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة ١١٢ عقوبات من أن يكون المال مسلماً إلى الموظف بسبب الوظيفة، فإن ما أثبته الحكم من قيام الطاعنة - والتي لا تجحد صفتها كموظفة عامة - بالاستيلاء على العينتين آنفتي البيان وإعدامهما تتوافر به سائر الأركان القانونية لجناية الاستيلاء المنصوص عليها في المادة ١١٣ سالفة الذكر التي دانها الحكم بها، وإذ كان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هذه الجريمة ما دامت الواقعة الجنائية التي أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافر نية الاختلاس لدى الطاعنة، ومن ثم فإن ما تنعاه على الحكم من دعوى الخطأ في تطبيق القانون لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص في تدليل سائغ ومنطق مقبول أن الطاعنة استولت على حرزي العينتين وأعدمتهما وأطرح ما جاء بأقوال شريكها المتهم الآخر من أنه قام بتسليم الحرزين لمعمل التحليل وكان لمحكمة الموضوع أن ترد الواقعة إلى صورتها الصحيحة التي ترتسم في وجدانها من جماع الأدلة المطروحة أمامها على بساط البحث وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بالأدلة التي تطمئن إليها وأن تطرح ما عداها، فإن نعي الطاعنة على الحكم عدم أخذه بدفاعها القائم على أن المتهم الآخر قام بتوصيل حرزي العينتين لمعمل التحليل لا يعدو أن يكون محاولة لإعادة الجدل في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الشارع قد نص في القانون رقم ١٠٥ لسنة ١٩٨٠ بإنشاء محاكم أمن الدولة على اختصاص محاكم أمن الدولة العليا دون غيرها بالفصل في جرائم معينة ومن بينها الجرائم المنصوص عليه بالباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والتي تدرج ضمنها جناية الاستيلاء المرتبطة بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة المعاقب عليها بمقتضى الفقرة الثانية من المادة ١١٣ من قانون العقوبات، وإذ جاء نص هذه المادة مطلقاً يتسع مدلوله ليشتمل الارتباط بجريمة تزوير أو استعمال سواء كانت هذه الجريمة جناية أو جنحة، فإن النعي بعدم اختصاص المحكمة - بوصفها محكمة أمن دولة عليا - بنظر جريمة التزوير المرتبطة بجناية الاستيلاء ما دام أن التزوير مجرد جنحة لا يكون سديداً، فضلاً عن أن ما ذهبت إليه الطاعنة من أن التزوير المسند إليها يعتبر جنحة لانتفاء اختصاصها الوظيفي بإصدار المحرر المزور هو قول مخالف لصحيح القانون، لما هو مقرر من أنه - لا يشترط في جريمة التزوير في الورقة الرسمية أن تكون قد صدرت فعلاً من الموظف المختص بتحريرها بل يكفي لتحقق الجريمة - وهو الشأن في حالة الاصطناع أن تعطي الورقة المصطنعة شكل الورقة الرسمية ومظهرها ولو نسب صدورها كذباً إلى موظف عام برسميتها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وكان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعترافات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها، وهي كذلك لا تلتزم بندب خبير آخر ما دامت الواقعة قد وضحت لديها، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة جميعه بشأن جريمة التزوير لا يكون له محل، هذا إلى انتفاء مصلحتها في النعي على الحكم بأوجه تتصل بجريمة التزوير طالما أن العقوبة المقضي بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجناية الاستيلاء التي دانها الحكم بها مجردة من الظرف المشدد الخاص بارتباطها بجريمة تزوير محرر أو استعماله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق