الصفحات

الجمعة، 21 أكتوبر 2022

الطعن 4117 لسنة 56 ق جلسة 11 / 12 / 1986 مكتب فني 37 ق 198 ص 1039

جلسة ١١ من ديسمبر سنة ١٩٨٦

برياسة السيد المستشار: حسن جمعة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مصطفى طاهر وحسن عميره وحسن عشيش ومحمد حسام الدين الغرياني.

--------------

(١٩٨)
الطعن رقم ٤١١٧ لسنة ٥٦ القضائية

(١) مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير توافر قصد الاتجار في المواد المخدرة. موضوعي.
ضآلة كمية المخدر أو كبرها من الأمور النسبية التي تقع في تقدير المحكمة.
للمحكمة أن ترى في التحريات ما يبرر الإذن بالتفتيش وأن تطرحها فيما عداه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل لا يجوز إثارته أمام النقض. مثال:
(٢) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". اعتراف". مواد مخدرة.
إثبات الضابط المنوط به القبض والتفتيش مواجهته للمطعون ضده بالمضبوطات واعترافه له بحيازتها بقصد الاتجار. قول يخضع لتقدير المحكمة لا يعد اعترافاً بواقعة الاتجار.
(٣) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". قصد جنائي. جريمة "أركانها". مواد مخدرة.
وجود مدية ملوثة بالمخدر لا يقطع في ذاته ولا يلزم عنه حتماً ثبوت واقعة الاتجار في المخدر.
(٤) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إحالة. ارتباط. محكمة الجنح. مواد مخدرة. سلاح.
انتهاء محكمة الجنح إلى أن الجنحة المحالة إليها من محكمة الجنايات. مرتبطة بالجناية التي عوقب عنها المتهم ارتباطاً لا يقبل التجزئة. أثره: عدم جواز توقيع عقوبة عنها.
مثال.
(٥) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". ارتباط. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة. سلاح.
حق محكمة الجنايات أن تفصل الجنحة المحالة إليها مرتبطة بجناية وإحالتها إلى المحكمة الجزئية. متى تبين لها قبل تحقيقها أنه لا وجه لهذا الارتباط. مخالفة ذلك. لا بطلان. أساس ذلك؟.
عدم التزام محكمة الجنايات ببيان أسباب فصل الجنحة عن الجناية.
مثال:
(٦) مواد مخدرة. تفتيش. التفتيش بإذن" "التفتيش بغير إذن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير حالة التلبس". تلبس. مأمورو الضبط القضائي. دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش".
متى يجوز تفتيش من يتواجد مع المأذون بتفتيشه؟
تقدير قيام حالة التلبس أو انتفاؤها. موضوعي.
النعي على المحكمة تجاوزها سلطتها في تقدير الدليل. غير جائز. علة ذلك؟ مثال لتسبيب سائغ لقبول الدفع ببطلان القبض والتفتيش.
(٧) مواد مخدرة. مصادرة. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". عقوبة "تطبيقها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب تفسير نص المادة ٤٢ من القانون ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ على هدى القاعدة المنصوص عليها في المادة ٣٠ عقوبات التي تحمي حقوق الغير حسن النية.
المصادرة وجوباً تستلزم أن يكون الشيء المضبوط محرماً تداوله بالنسبة للكافة.
عدم جواز القضاء بمصادرة الشيء المضبوط إذا كان مباحاً لصاحبه الذي لم يكن فاعلاً أو شريكاً في الجريمة.
ثبوت ملكية الدراجة المضبوطة وانقطاع صلة مالكها بالجريمة يحولان دون الحكم بمصادرتها.

--------------
١ - لما كان من المقرر أن توافر قصد الاتجار المنصوص عليها في المادة ٣٤ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً كما أن ضآلة كمية المخدر أو كبرها هي من الأمور النسبية التي تقع في تقدير المحكمة وكان للمحكمة أن تجزئ تحريات الشرطة التي تعول عليها في تكوين عقيدتها فتأخذ بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه، ومن سلطتها التقديرية أيضاً أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأظهر اطمئنانه إلى التحريات المسوغة لإصدار إذن التفتيش ولكنه لم ير فيها وفي أقوال الضابط محررها ما يقنعه بأن إحراز المطعون ضده للمخدر كان بقصد الاتجار - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض.
٢ - لما كان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن المطعون ضده لم يسأل في محضر الضبط ولم يعترف بإحرازه المخدر بقصد الاتجار - كما ذهبت النيابة الطاعنة - وإنما الثابت به الإجراءات التي اتبعها الضابط في القبض والتفتيش وأنه واجه المطعون ضده بالمضبوطات فاعترف له بحيازتها بقصد الاتجار وأنه قام بشرائها مشاركة هو والمطعون ضده الثاني الذي يتجر معه فيها، وهو ما لا يعد اعترافاً منه بما أسند إليه ولا يعدو ما أثبته الضابط في هذا الشأن كونه مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن عدم اطمئنانها إليه في هذا الشق.
٣ - إن وجود المدية ملوثة بالمخدر لا يقطع في ذاته ولا يلزم عنه حتماً ثبوت واقعة الاتجار في المخدر.
٤ - فصل محكمة الجنايات جنحة إحراز السلاح الأبيض عن جناية إحراز المخدر يترتب عليه ألا توقع محكمة الجنح على المطعون ضده الأول عقوبة عن الجنحة إذا تبين من التحقيق الذي تجريه أنها مرتبطة بالفعل المكون للجناية التي عوقب عليها ارتباطاً يقبل التجزئة.
٥ - لما كانت المادة ٣٨٣ من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لمحكمة الجنايات إذا أحيلت إليها جنحة مرتبطة بجناية ورأت قبل تحقيقها أن لا وجه لهذا الارتباط أن تفصل الجنحة وتحيلها إلى المحكمة الجزئية وواضح أن القاعدة التي أتى بها هذا النص إنما هي قاعدة تنظيميه لإعمال محكمة الجنايات ولم يرتب القانون على عدم مراعاتها البطلان ولا هي تعتبر من الإجراءات الجوهرية المشار إليها في المادة ٣٣١ من ذلك القانون. وكانت المحكمة قد قضت في حكمها بفصل جنحة إحراز السلاح الأبيض المسندة للمطعون ضده الأول عن جناية إحراز المخدر بغير قصد من القصود التي دانه عنها وكان لا وجه للارتباط بين هذه الجناية وتلك الجنحة قد يؤثر على الفصل في الدعوى على ما سلف بسطه، وكانت محكمة الجنايات غير ملزمة ببيان الأسباب التي بنت عليها أمرها بفصل الجنحة عن الجناية، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الوجه لا يكون مقبولاً.
٦ - متى اقتصر الإذن بالقبض والتفتيش على المطعون ضده الأول، فإنه ما كان يجوز لرجل الضبط القضائي المأذون له بإجرائه أن يفتش المطعون ضده الثاني إلا إذا توافرت حالة التلبس بالجريمة طبقاً للمادة ٣٠ من قانون الإجراءات الجنائية ووجدت دلائل كافية على اتهامه في جناية إحراز المخدر المضبوط مع المتهم الآخر وفقاً للمادة ٣٤/ ٢ من القانون. ولما كان تقدير قيام أو انتفاء التلبس بالجريمة وتقدير الدلائل على صلة المتهم بالجريمة المتلبس بها ومبلغ كفايتها يكون بداءة لرجل الضبط القضائي تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع بغير معقب عليها، فلا يصح النعي على المحكمة وهي بسبيل ممارسة حقها في التقدير بأنها تجاوزت سلطتها. ولما كان الثابت مما أورده الحكم في بيان الواقعة على نحو ما سلف الإشارة إليها وفي إيراده أقوال شاهدي الواقعة أنه أطرح أقوالهما بصدد ما قرره من أن المطعون ضده الأول ذكر لهما عقب تفتيشه وضبط المخدر معه أنه هو والمتهم الثاني قد ابتاعا المخدر من آخر وتقاسما سوياً ما دفعاه من ثمن وأنهما هدفا من شرائه الاتجار فيه مما يفصح عن عدم اطمئنانه إليهما في هذا الشق، ومن ثم تكون الأوراق قد خلت مما ينبئ عن اتصاله بجريمة إحرازه لمادة المخدر التي ضبطت مع المأذون بتفتيشه ولم تقم به الدلائل الكافية على اتهامه بهما مما يجيز القبض عليه وتفتيشه، فإن ما انتهى إليه الحكم من قبول الدفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه يكون سديداً في القانون، ولا يصح من بعد الاستناد إلى الدليل المستمد من ضبط المادة المخدرة معه باعتباره وليد القبض والتفتيش الباطلين وينحل ما تثيره النيابة العامة في هذا الشأن إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
٧ - لما كان نص المادة ٤٢ من القانون ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ الذي يقضي بمصادرة وسائل نقل المخدر المضبوط في جميع الأحوال إنما يجب تفسيره على هدي القاعدة المنصوص عليها في المادة ٣٠ من قانون العقوبات التي تحمي حقوق الغير حسن النية، وكانت المصادرة وجوباً تستلزم أن يكون الشيء المضبوط محرماً تداوله بالنسبة للكافة، أما إذا كان الشيء مباحاً لصاحبه الذي لم يكن فاعلاً أو شريكاً في الجريمة كما هي واقع الحال بالنسبة للمطعون ضده الثاني، ومن ثم فإن ثبوت ملكيته للدراجة المضبوطة وانقطاع صلته بالجريمة يحولان دون الحكم بمصادرتها ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد.

--------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما المتهم الأول: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ٢ - أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال" المتهم الثاني: أحرز بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهما إلى محكمة جنايات طنطا لمحاكمتهما طبقاً للقيد الوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ١/ ١، ٢، ٣٧، ٣٨، ٤٢ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانونين رقمي ٤٠ لسنة ١٩٦٦، ٦١ لسنة ١٩٧٧ والبند رقم ٥٧ من الجدول رقم ١ المرفق والمعدل بقرار وزير الصحة رقم ٢٩٥ لسنة ١٩٧٦ مع إعمال المادة ١٧ من قانون العقوبات والمادة ٣٠٤/ ٢ من قانون الإجراءات الجنائية (أولاً): بمعاقبة.... بالحبس مع الشغل لمدة سنة وبتغريمه مبلغ خمسمائة جنيه وبمصادرة المخدر والمطواة المضبوطين. (ثانياً): ببراءة.... من التهمة المسندة إليه. (ثالثاً): بإحالة الجنحة موضوع التهمة الثانية المنسوبة إلى المتهم الأول إلى محكمة الجنح المختصة.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

--------------

المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه نفي عن المطعون ضده الأول قصد الاتجار دون أن يفطن إلى توافره في حقه من التحريات ومن كبر حجم الكمية المضبوطة ومن ضبط مدية ملوثة بالمخدر ومن اعترافه أثناء الضبط لشاهدي الواقعة بالاتجار فيه، كما أنه قضى - بغير حق بإحالة جنحة إحراز السلاح الأبيض المسندة إليه إلى محكمة الجنح المختصة دون أن يعرض لمدى ارتباطها بالجناية التي دانه بها، هذا فضلاً عن أنه قضى ببراءة المطعون ضده الثاني من تهمة إحرازه جوهر مخدر بقصد التعاطي تأسيساً على بطلان القبض والتفتيش لعدم صدور إذن من النيابة بهما أو قيام حالة التلبس مع أن الثابت لهما عند ضبط المخدر معه أنه ابتاعه هو المطعون ضده الثاني معاً ودفعا سوياً ثمن شرائه بما يبيح لهما القبض عليه وتفتيشه، وأخيراً فإن الحكم المطعون فيه أغفل القضاء بمصادرة الدراجة البخارية المضبوطة والمملوكة للمطعون ضده الثاني والتي استخدمت في نقل المخدر، في حين أن المادة ٤٢ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ توجب القضاء بمصادرتها كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "بأنها تتحصل في أن التحريات السرية التي أجراها الرائد.... رئيس وحدة مكافحة المخدرات بالمحلة الكبرى دلت على أن المتهم..... المقيم بسوق اللبن بقسم أول المحلة الكبرى يحرز مواد مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وبناء على ذلك فقد استصدر إذناً من النيابة العامة....... لضبطه وتفتيشه وكذلك تفتيش مسكنه وفي ذات اليوم اتصل به أحد مصادره السرية وأخبره بأن المتهم متواجد في طريق سكة زفتى مستقلاً دراجته البخارية ويقودها له المدعو..... فأسرع بالانتقال إلى ذلك المكان وبرفقته الشاهد الثاني حيث شاهد المتهم يستقل دراجة بخارية يقودها أحد الأشخاص فقام بغلق الطريق أمام الدراجة بمعاونة رجال الشرطة المرافقين له وتمكن من ضبطه وكذلك ضبط قائد الدراجة المتهم الثاني وبتفتيش المتهم الأول.... عثر معه على طربتين من المخدر الحشيش في جيب البالطو الداخلي الأيسر الذي كان يرتديه كما عثر على مبلغ ثمانية جنيهات بجيب الجلباب الأيسر العلوي الخارجي كما عثر على مطواة قرن غزال بجيب البالطو الأيسر الخارجي وبمواجهته بالمخدر المضبوط معه اعترف له بإحرازه، وبتفتيشه المتهم الثاني عثر معه على قطعة صغيرة من مخدر الحشيش مغلفة بورقة سلوفانية صفراء اللون في جيب البنطلون الأيمن العلوي الصغير الذي يرتديه كما ضبط معه مبلغ تسعة جنيهات وقد أورى تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي أن المادة المضبوطة مع المتهم الأول من مخدر الحشيش وتزن صافياً ٤٠٣.٨ جرام "وأورد على ثبوتها في حق المطعون ضده الأول أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها استمدها من أقوال شاهدي الإثبات وتقرير معامل التحاليل الكيماوية وقد عرض الحكم لقصد الاتجار ونفى توافره في حق المطعون ضده الأول بقوله "وحيث إن النيابة العامة نسبت إلى المتهم الأول أنه أحرز المادة المخدرة المضبوطة بقصد الاتجار فيها ولا تشاطرها المحكمة هذا الرأي وترى عن حق أن الأوراق والتحقيقات قد خلت من دليل يقيني على توافر هذا القصد لديه ولا يغير من هذا النظر ما قرره ضابط الواقعة وزميله في هذا الصدد ترديداً لما سطر في محضر التحريات فتطرحه المحكمة جانباً إذ لم يضبط المتهم وهو يمارس نشاط الاتجار في المخدرات أو ما ينم على أنه مارس الاتجار في المواد المخدرة ولا يغير من هذا الرأي كبر حجم كمية المخدر المضبوط طالما أن الأوراق قد خلت من دليل ثابت وقوي يؤكد ممارسة المتهم الاتجار في المواد المخدرة". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن توافر قصد الاتجار المنصوص عليها في المادة ٣٤ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً كما أن ضآلة كمية المخدر أو كبرها هي من الأمور النسبية التي تقع في تقدير المحكمة وكان للمحكمة أن تجزئ تحريات الشرطة التي تعول عليها في تكوين عقيدتها فتأخذ بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه، ومن سلطتها التقديرية أيضاً أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأظهر اطمئنانه إلى التحريات المسوغة لإصدار إذن التفتيش ولكنه لم ير فيها وفي أقوال الضابط محررها ما يقنعه بأن إحراز المطعون ضده للمخدر كان بقصد الاتجار وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن المطعون ضده لم يسأل في محضر الضبط ولم يعترف بإحرازه المخدر بقصد الاتجار - كما ذهبت النيابة الطاعنة - وإنما الثابت به الإجراءات التي اتبعها الضابط في القبض والتفتيش وأنه واجه المطعون ضده بالمضبوطات فاعترف له بحيازتها بقصد الاتجار وأنه قام بشرائها مشاركة هو المطعون ضده الثاني الذي يتجر معه فيها، وهو ما لا يعد اعترافاً منه بما أسند إليه ولا يعدو ما أثبته الضابط في هذا الشأن كونه مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن عدم اطمئنانها إليه في هذا الشق، كما أن وجود المدية ملوثة بالمخدر لا يقطع في ذاته ولا يلزم عنه حتماً ثبوت واقعة الاتجار في المخدر ما دامت المحكمة قد اقتنعت للأسباب التي بينتها في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى - أن الإحراز كان بغير قصد من القصود وفي إغفال المحكمة التحدث عنها ما يفيد ضمناً أن المحكمة لم تر فيها ما يدعو إلى تغيير وجه الرأي في الدعوى ومن ثم يكون النعي في غير محله. لما كان ذلك، وكان فصل محكمة الجنايات جنحة إحراز السلاح الأبيض عن جناية إحراز المخدر يترتب عليه ألا توقع محكمة الجنح على المطعون ضده الأول عقوبة عن الجنحة إذا تبين من التحقيق الذي تجريه أنها مرتبطة بالفعل المكون للجناية التي عوقب عليها ارتباطاً يقبل التجزئة ومن ثم تنتفي مصلحة الطاعنة في النعي على الحكم في هذا الوجه. لما كان ذلك، وكانت المادة ٣٨٣ من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لمحكمة الجنايات إذا أحيلت إليها جنحة مرتبطة بجناية ورأت قبل تحقيقها أن لا وجه لهذا الارتباط أن تفصل الجنحة وتحيلها إلى المحكمة الجزئية وواضح أن القاعدة التي أتى بها هذا النص إنما هي قاعدة تنظيميه لإعمال محكمة الجنايات ولم يرتب القانون على عدم مراعاتها البطلان ولا هي تعتبر من الإجراءات الجوهرية المشار إليها في المادة ٣٣١ من ذلك القانون. وكانت المحكمة قد قضت في حكمها بفصل جنحة إحراز السلاح الأبيض المسندة للمطعون ضده الأول عن جناية إحراز المخدر بغير قصد من القصود التي دانه عنها وكان لا وجه للارتباط بين هذه الجناية وتلك الجنحة قد يؤثر على الفصل في الدعوى على ما سلف بسطه، وكانت محكمة الجنايات غير ملزمة ببيان الأسباب التي بنت عليها أمرها بفصل الجنحة عن الجناية، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الوجه لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد قضى ببراءة المطعون ضده الثاني على سند من قوله أن إذن التفتيش الصادر لم يكن خاصاً به وأن المطعون ضده الأول هو المقصود بالضبط والتفتيش وبالتالي فلم يصدر إذن بتفتيش المتهم الثاني ولم يضبط في حالة من حالات التلبس التي تبيح لضابط الواقعة تفتيشه كما أن الأوراق قد خلت من ثمة دليل يقيني على ارتباط المتهم الثاني مع المتهم الأول ومن ثم يكون ما وقع عليه من قبض وتفتيش باطلين ويبطل تبعاً لذلك ما نتج عنهما وانتهى الحكم إلى قبول الدفع المبدى من محاميه ببطلان القبض والتفتيش وبإطراح ما أسفر عنه ذلك التفتيش لمخالفته لأحكام القانون. لما كان ذلك، وكان ما خلص إليه الحكم فيما تقدم صحيح في القانون ذلك بأنه وقد اقتصر الإذن بالقبض والتفتيش على أن المطعون ضده الأول، فإنه ما كان يجوز لرجل الضبط القضائي المأذون له بإجرائه أن يفتش المطعون ضده الثاني إلا إذا توافرت حالة التلبس بالجريمة طبقاً للمادة ٣٠ من قانون الإجراءات الجنائية ووجدت دلائل كافية على اتهامه في جناية إحراز المخدر المضبوط مع المتهم الآخر وفقاً للمادة ٣٤/ ٢ من القانون. ولما كان تقدير قيام أو انتفاء التلبس بالجريمة وتقدير الدلائل على صلة المتهم بالجريمة المتلبس بها ومبلغ كفايتها يكون بداءه لرجل الضبط القضائي تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع بغير معقب عليها، فلا يصح النعي على المحكمة وهي بسبيل ممارسة حقها في التقدير بأنها تجاوزت سلطتها إذ أن في ذلك ما يجر في النهاية إلى توقيع العقاب على برئ وهو أمر يؤذي العدالة وتتأذى منه الجماعة مما يتحتم عليه إطلاق يد القاضي في تقدير سلامة الدليل وقوته ودون قيد فيما عدا الأحوال المستثناة قانوناً، ما دامت الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها هذا التقدير سائغة وصالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. ولما كان الثابت مما أورده الحكم في بيان الواقعة على نحو ما سلف الإشارة إليها وفي إيراده أقوال شاهدي الواقعة أنه أطرح أقوالهما بصدد ما قرراه من أن المطعون ضده الأول ذكر لهما عقب تفتيشه وضبط المخدر معه أنه هو والمتهم الثاني قد ابتاعا المخدر من آخر وتقاسما سوياً ما دفعاه من ثمن وأنهما هدفا من شرائه الاتجار فيه مما يفصح عن عدم اطمئنانه إليهما في هذا الشق، ومن ثم تكون الأوراق قد خلت مما ينبئ عن اتصاله بجريمة إحرازه لمادة المخدر التي ضبطت مع المأذون بتفتيشه ولم تقم به الدلائل الكافية على اتهامه بها مما يجيز القبض عليه وتفتيشه، فإن ما انتهى إليه الحكم من قبول الدفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه يكون سديداً في القانون، ولا يصح من بعد الاستناد إلى الدليل المستمد من ضبط الماد المخدرة معه باعتباره وليد القبض والتفتيش الباطلين وينحل ما تثيره النيابة العامة في هذا الشأن إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى عدم وجود ارتباط بين المطعون ضده الثاني والمتهم الأول الذي دانه بجريمة إحراز المخدر الذي ضبط معه. وكانت الدراجات البخارية غير محرم إحرازها وكان نص المادة ٤٢ من القانون ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ الذي يقضي بمصادرة وسائل نقل المخدر المضبوط في جميع الأحوال إنما يجب تفسيره على هدي القاعدة المنصوص عليها في المادة ٣٠ من قانون العقوبات التي تحمي حقوق الغير حسن النية، وكانت المصادرة وجوباً تستلزم أن يكون الشيء المضبوط محرماً تداوله بالنسبة للكافة، أما إذا كان الشيء مباحاً لصاحبه الذي لم يكن فاعلاً أو شريكاً في الجريمة كما هي واقع الحال بالنسبة للمطعون ضده الثاني، ومن ثم فإن ثبوت ملكيته للدراجة المضبوطة وانقطاع صلته بالجريمة يحولان دون الحكم بمصادرتها ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق