برياسة جناب المستر بوند
الحكم الصادر في القضية رقم
487 سنة 12 في 4 مايو سنة 1912
(طعن النيابة العمومية وآخرين
ضدّ جورجي أندريا وآخر)
(المجموعة الرسمية سنة 1912
عدد 98) :
وقائع الدعوى
بتاريخ 16 أغسطس سنة 1909
- 30 رجب سنة 1327 رفع ورثة عطية بك الغندور المذكورون دعوى الجنحة هذه مباشرة أمام
محكمة الزقازيق الجزئية على كل من جورجي أندريا وغبريال عبد السيد ومحمد حسن وأعلنوهم
بالحضور أمام تلك المحكمة بجلستها المنعقدة يوم الخميس 30 سبتمبر سنة 1909 للحكم عليهم
بأن يدفعوا لهم مبلغ مائتي جنيه مصري تعويضا ومعاقبتهم بعد سماع طلبات النيابة العمومية
بناء على كون المتهم الأوّل زوّر سندا على المرحوم عطية بك الغندور مورث المدّعين بالحق
المدني بمبلغ 2506 جنيها واستعمل هذا السند المزوّر أمام محكمة الزقازيق الابتدائية
وأمام محكمة الاستئناف الأهلية. وطريقة التزوير هي أن عطية بك الغندور كان اشترى من
جورجي أندريا مصاغا بمبلغ 2506 قرشا فاستبدل القروش في السند بالجنيهات واستمضى عطية
بك على السند بمنزله بعزبته بزمام هرية رزنه يوم أوّل يناير سنة 1905، وهذا الفعل معاقب
عليه بالمادة 183 من قانون العقوبات.
وكذا المتهم غبريال عبد السيد
اشترك مع الأوّل في هذا التزوير بأن ساعده على الأعمال المجهزة والمتممة له في المكان
والزمان المذكورين مع علمه بالتزوير لأنه هو المحرّر للسند. وما وقع منه معاقب عليه
بالمواد 183 و40 و41 عقوبات.
وأيضا المتهم محمد حسن شهد
بصحة هذا السند وبأنه كان حاضرا تحريره وكانت شهادته المزوّرة أمام حضرة القاضي المحقق
بالزقازيق في يوم 14 مايو سنة 1907. وهذا الفعل معاقب عليه بالمادة 259 عقوبات.
وأمام المحكمة الجزئية دفع
المحامون عن المتهمين أوّلا بعدم قبول الدعوى من المدّعين بالحق المدني لسبق الفصل
فيها مدنيا لأن عطية بك الغندور كان ادعى في القضية المدنية بالتزوير في السند المرفوعة
به الدعوى وحكمت محكمة الاستئناف في 30 مارس سنة 1909 بصحته فلا حق للمدعين بالحق المدني
حينئذ في الرجوع بعد ذلك إلى الطعن بالتزوير أمام المحكمة الجنائية. وثانيا بسقوط الحق
في إقامة الدعوى العمومية بناء على كون السند المدعى فيه بالتزوير مضى عليه أكثر من
ثلاث سنوات لغاية رفع الدعوى فقد سقطت بمضي المدّة الطويلة.
وطلب محاميا المدعين بالحق
المدني والنيابة العمومية رفض هذين الدفعين.
ومحكمة الزقازيق الجزئية حكمت
بتاريخ 24 نوفمبر سنة 1909 برفض الدفع الفرعي المقدّم من وكلاء المتهمين وبجواز نظر
الدعوى وقررّت بالتكلم في الموضوع في جلسة اليوم المذكور.
وبعد صدور هذا الحكم انسحب
المتهمون ورفعوا استئنافا عنه في 27 و28 نوفمبر سنة 1909.
ومحكمة الزقازيق الجزئية المذكورة
سمعت موضوع الدعوى في غيبة المتهمين وحكمت في 2 ديسمبر سنة 1909، أوّلا بعدم جواز نظر
دعوى التزوير الموجهة لجورجي أندريا وغبريال عبد السيد لسقوط حق النيابة في رفع الدعوى
العمومية لمضى المدّة الطويلة. وثانيا بحبس جورجي أندريا بسنتين مع الشغل نظير تهمة
الاستعمال المنسوبة إليه وألزمته بأن يدفع للمدعين بالحق المدني مائتي جنيه تعويضا
ومصاريف القضية بأكملها وقدرت له كفالة خمسة آلاف قرش وبأن يدفع للمدّعين أيضا ألف
قرش أتعاب محاماة. وثالثا بحبس محمد حسن النوحي ستة شهور بتشغيل نظير تهمته بأداء شهادة
مزوّرة أمام المحكمة المدنية في يوم 14 مايو سنة 1907 وأقالته من المصاريف وقدّرت له
كفالة ألف قرش وطبقت الواقعتين على مادتي 183 و259 عقوبات.
فرفع المحكوم عليهما معارضة
عن هذا الحكم بتقرير في قلم كتاب المحكمة الجزئية تحرّر يوم 8 ديسمبر سنة 1909.
وبجلسة 14 منه طلب الدفاع
عن المتهمين إيقاف نظر الموضوع حتى يفصل في الاستئناف الذي حصل منهما عن حكم الدفع
الفرعي.
والمحكمة المشار إليها قرّرت
برفض هذا الطلب وأخيرا بجلسة 12 يناير سنة 1910 لم يحضر المتهمان وحكمت المحكمة الجزئية
بسقوط المعارضة واعتبارها كأن لم تكن وألزمت المعارض بالمصاريف.
فرفع المتهمان استئنافا عن
هذا الحكم بتاريخ 20 يناير سنة 1910.
ومحكمة الزقازيق الابتدائية
بصفة استئنافية حكمت بتاريخ 14 مارس سنة 1910 بقبول الاستئناف المقدّم من المتهمين
عن الحكم الصادر في 24 نوفمبر سنة 1909 في الدفع الفرعي شكلا وقرّرت في موضوع هذا الدفع
أوّلا بقبوله فيما يخص الدعوى المدنية وبعدم قبولها. وثانيا برفض الدفع الفرعي فيما
يخص الدعوى العمومية وقبولها. وحدّدت يوم 21 مارس سنة 1910 للمرافعة في الاستئناف المرفوع
عن حكم الموضوع الصادر بتاريخ 12 يناير سنة 1910 وفيها حكمت المحكمة المذكورة بقبول
الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وحبس جورجي أندريا سنة بتشغيل عن
تهمة الاستعمال وحبس محمد حسن ثلاثة شهور بتشغيل عن تهمة الشهادة الزور وإلزامهما بالمصاريف
الجنائية وإلغاء الحكم المستأنف فيما يخص التعويض ورفض طلبات المدّعين بالحق المدني
وإلزامهم بمصاريف الدعوى المدنية.
فرفع المتهمان عن هذين الحكمين
نقضا وإبراما في الميعاد القانوني وكذا المدعون بالحق المدني.
ومحكمة النقض والإبرام حكمت
بتاريخ 4 يونيه سنة 1910 بقبول النقض والإبرام المرفوع من المتهمين والمدّعين بالحقوق
المدنية وإلغاء الحكمين المطعون فيهما وإحالة القضية على محكمة مصر الابتدائية الأهلية
للحكم فيها مجدّدا.
ومحكمة مصر المشار إليها حكمت
بتاريخ 27 فبراير سنة 1912 عملا بالمواد 172 و177 جنايات حضوريا: أوّلا بقبول شكل الاستئنافين
المرفوعين من المتهمين عن حكمي محكمة الزقازيق الجزئية الصادر أوّلهما بتاريخ 24 نوفمبر
سنة 1909 وثانيهما بتاريخ 12 يناير سنة 1910، وثانيا برفض الدفعين الفرعيين المرفوعين
من المتهمين وبعدم سقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية بمضي المدّة الطويلة وبقبول
دعوى المدعية بالحق المدني وتأييد الحكم الصادر من المحكمة الجزئية في 24 نوفمبر سنة
1909، وثالثا بإثبات تنازل المتهمين عن الدفع الخاص ببطلان الإجراءات أمام المحكمة
الجزئية بالنسبة لطلب ردّ أحد القضاة الذي كان حضر بعض الجلسات. ورابعا رفض الدفع المقدّم
من النيابة أمام هذه المحكمة واعتبار الاستئناف المرفوع من المتهمين عن حكم 12 يناير
سنة 1910 شاملا للحكم الغيابي الصادر في ديسمبر سنة 1909، وخامسا في الموضوع بإلغاء
حكمي 2 ديسمبر سنة 1909 و12 يناير سنة 1910 وبراءة المتهمين مما أسند إليهما وبرفض
دعوى المدّعين بالحق المدني وإلزامهم بالمصاريف وألفى قرش أتعاب محاماة للمتهمين.
وفى يوم 16 مارس سنة 1912
قررت النيابة العمومية والمدعيان بالحق المدني بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض والإبرام
وقدم أحمد رأفت بك المحامي عن ورثة المدّعين بالحق المدني تقريرا بأسباب طعنهم في التاريخ
المذكور وقدم سعادة النائب العمومي تقريرا بأسباب طعنه في 16 مارس سنة 1912.
المحكمة
بعد سماع طلبات النيابة العمومية
والمحامين والاطلاع على القضية والمداولة قانونا.
من حيث إن طلب النقض صحيح
شكلا لتقديمه في الميعاد القانوني.
وحيث إن الوجهين اللذين تستند
عليهما النيابة العمومية في تقريرها موضوعهما البحث في مسألة واحدة بشكلين مختلفين.
وهما يمتزجان بالوجه الأوّل من التقرير المقدّم من المدّعين بالحق المدني وتتلخص جميعها
كما يقول الدفاع في هذه المسألة الوحيدة وهى: الاستئناف المرفوع عن حكم المعارضة القاضي
باعتبار المعارضة كأن لم تكن لعدم حضور المعارض يشمل أيضا الحكم الغيابي أم لا.
وحيث إن المبادئ والأحكام
القضائية بعد أن تردّدت قليلا في بادئ الأمر قد ثبتت أخيرا ونهائيا بطريقة لا تقبل
الجدل فقضت بهذا المعنى وهو أن الاستئناف المرفوع عن الحكم القاضي بسقوط المعارضة يشمل
حتما الحكم الأوّل الصادر غيابيا وبناء على ذلك يكون من شأن المحكمة الاستئنافية النظر
في موضوع الدعوى بأكمله (حكم نقض وإبرام فرنسا 14 يونيه سنة 1894 بانديكت سنة 1895
جزء أوّل صحيفة 415).
وحيث إن هذا الحل المطابق
للعقل هو في الوقت ذاته مطابق تماما للمبادئ القضائية. لأن الحكم بخلاف ذلك ينبني عليه
حصر مفعول الاستئناف وجعله قاصرا على حكم سقوط المعارضة فقط فلا يكون إذًا لرافعه أمام
محكمة الاستئناف نفس الحالة التي كانت له أمام المحكمة الابتدائية. وهذا غير جائز القبول.
وحيث إن الوجه الثاني من تقرير
المدّعين بالحق المدني مبنى على وجود تناقض في بيان الوقائع المكوّنة للجريمة فهذا
الوجه لا تأثير له لأن الطعن مرفوع عن حكم براءة وقد استند الحكم فعلا على هذا التناقض
من ضمن الأسباب التي بنى عليها البراءة.
فلهذه الأسباب
حكمت
المحكمة برفض النقض والإبرام المرفوع من النيابة العمومية والمدّعين بالحقوق المدنية
والزام المدّعين بالمصاريف وستمائة قرش أتعاب محاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق