جلسة 14 من أبريل سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ حامد ذکي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ أشرف محمود أبو يوسف، رضا إبراهيم کرم الدين نائب رئيس المحكمة سعيد محمد
البنداري وعبد المجيد محمود عبد المجيد.
---------------
(85)
الطعن رقم 10711 لسنة 76 القضائية
(1 - 5) تأمينات اجتماعية "إصابة
العمل"، تعويض "الخطأ الموجب للتعويض: تحديده". حكم "عيوب
التدليل: الفساد في الاستدلال". محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة للمسئولية
التقصيرية والتعويض عنها".
(1) رجوع المضرور بالتعويض على صاحب العمل.
مناطه. ثبوت أن إصابة العمل أو الوفاة نشأت عن خطا شخصي من جانبه يرتب مسئوليته
الذاتية عن هذا التعويض. م 68 ق 79 لسنة 1975.
(2) استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية. من سلطة
محكمة الموضوع. شرطه. أن يكون سائغا ومستمدا من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى.
(3) تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض
بأنه خطأ من عدمه. خضوعه لرقابة محكمة النقض. امتداد الرقابة إلى تقدير الوقائع
والظروف المؤثرة في استخلاص الخطأ.
(4) فساد الحكم في الاستدلال. ماهيته.
(5) تمسك الطاعن بصفته بانتفاء الخطأ الشخصي
الذي أدى إلى إصابة المطعون ضده أثناء العمل. قضاء الحكم المطعون فيه المؤيد لحكم
أول درجة بثبوت خطا الطاعن بصفته استنادا إلى أقوال شاهدي المطعون ضده من تقاعس
الطاعن عن الإنفاق على علاجه بعد الإصابة. خلو تقرير الطب الشرعي مما يدل على أن
فقد إبصار عين المطعون ضده اليسرى كان ناجما عن التقاعس في العلاج بعد إصابة
العمل. فساد وقصور.
---------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن نص المادة 68 من قانون التأمين
الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 مفاده أن مناط رجوع المضرور بالتعويض على صاحب العمل
أو الوفاة قد نشأت عن خطأ شخص من جانبه يرتب مسئولية الذاتية عن هذا التعويض.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن
استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، إلا أن
ذلك مشروط بأن تبين استخلاصها سائغا ومستندا من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تكييف
الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه من المسائل التي
تخضع فيها قضاء الموضوع لرقابة محكمة النقض التي تمتد إلى تقدير الوقائع فيما
يستلزمه التحقق من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التي كان لها أثر في
تقدير الخطأ واستخلاصه.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن أسباب
الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط،
ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية
الموضوعية للاقتناع بها، أو إلى فهم خاطئ للعناصر الواقعية التي ثبت لديها، أو
وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت
إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي ثبت لديها.
5 - إذ كان البين من الأوراق أن الطاعن بصفته
قد تمسك أمام محكمة الموضوع بانتفاء خطاء الشخصي الذي أدى إلى إصابة المطعون ضده،
وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد انتهى إلى ثبوت خطأ الطاعن
بصفته وألزمه بالتعويض المحكوم به استنادا إلى ما ورد بأقوال شاهدي المطعون ضده من
أن الطاعن قد تقاعس عن الإنفاق على علاجه بعد إصابته، مع أن ذلك - بفرض صحته - لا
ينهض دليلا على خطأ الطاعن الشخصي في معنى المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي
سالف الإشارة إليها، لا سيما وأن تقرير الطبيب الشرعي الذي ندبته المحكمة قد خلا
مما يدل على أن فقد إبصار عين المطعون ضده اليسرى كان ناجما عن التقاعس عن العلاج
بعد الإصابة، فمن ثم يكون ما استخلصه الحكم غير سائغ، ولا يؤدي إلى النتيجة التي
انتهى إليها، مما يعيبه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
-------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن بصفته الدعوى رقم ... لسنة 2001 مدني
شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائتي ألف جنيه
تعويضا ماديا وأدبيا عما حاق به من أضرار بسبب نكول الطاعن عن مساعدته بعد إصابته
أثناء عمله لديه، مما تسبب في فقد البصر بالعين اليسرى. أحالت المحكمة الدعوى
للتحقيق، واستمعت لأقوال الشهود، وبعد أن أودع الخبير الذي ندبته المحكمة تقريره
حكمت بالتعويض الذي قدرته. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة
بالاستئناف رقم ... لسنة 9 ق، واستأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم ... لسنة 91 ق
أمام ذات المحكمة، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض
الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فرأت أنه جدير بالنظر بعد
استبعاد السبب الأول لعدم قبوله، وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق
القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه وفقا
للمادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 لا يجوز للعامل المصاب
مطالبة رب العمل بتعويض عن الإصابات التي حدثت أثناء العمل إلا إذا كانت قد نشأت
عن خطئه الشخصي، وقد تمسك أمام محكمة الموضوع بانتفاء الخطأ في جانبه، وإذ ألزمه
الحكم المطعون فيه بالتعويض دون أن يقوم دليل في الأوراق على ثبوت خطأ من جانبه،
فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سيد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن
النص في المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 على أنه "لا
يجوز للمصاب أو المستحقين عنه التمسك ضد الهيئة المختصة بالتعويضات التي تستحق عن
الإصابة طبقا لأي قانون آخر ... كما لا يجوز لهم ذلك أيضا بالنسبة لصاحب العمل إلا
إذا كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ من جانبه "مفاده أن مناط رجوع المضرور
بالتعويض على صاحب العمل أن يثبت أن إصابة العمل أو الوفاة قد نشأت عن خطأ شخص من
جانبه يرتب مسئوليته الذاتية عن هذا التعويض، وأنه ولئن كان استخلاص الخطأ الموجب
للمسئولية يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن تبين
استخلاصها سائغا ومستندا من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى، وأن تكييف الفعل
المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطا أو نفي هذا الوصف عنه من المسائل التي يخضع فيها
قضاء الموضوع لرقابة محكمة النقض التي تمتد إلى تقدير الوقائع فيما يستلزمه التحقق
من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التي كان لها أثر في تقدير الخطأ
واستخلاصه، وأن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب
يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير
صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها، أو إلى فهم خاطئ للعناصر الواقعية التي
ثبتت لديها، أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي
للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها. لما كان
ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن بصفته قد تمسك أمام محكمة الموضوع بانتفاء
خطأه الشخصي الذي أدى إلى إصابة المطعون ضده، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم
المطعون فيه قد انتهى إلى ثبوت خطأ الطاعن بصفته وألزمه بالتعويض المحكوم به
استنادا إلى ما ورد بأقوال شاهدي المطعون ضده من أن الطاعن قد تقاعس عن الإنفاق
على علاجه بعد إصابته، مع أن ذلك - بفرض صحته - لا ينهض دليلا على خطأ الطاعن
الشخصي في معنى المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي سالف الإشارة إليها، لا سيما
وأن تقرير الطبيب الشرعي الذي ندبته المحكمة قد خلا مما يدل على أن فقد إبصار عين
المطعون ضده اليسرى كان ناجماً عن التقاعس عن العلاج بعد الإصابة، فمن ثم يكون ما
استخلصه الحكم غير سائغ ولا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، مما يعيبه بالفساد
في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق