جلسة 9 من يناير سنة 2020
برئاسة السيد القاضي/ د. حسن البدراوي "نائب رئيس المحكمة"،
وعضوية السادة القضاة/ سمير حسن، عبد الله لملوم، صلاح الدين كامل سعد الله وأبو
بكر أحمد إبراهيم "نواب رئيس المحكمة".
-------------
(13)
الطعن 282 لسنة 89 ق
(1) معاهدات "معاهدة نيويورك لتنفيذ
أحكام المحكمين الأجنبية".
تنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة من بلد أجنبي. الأصل فيه. تقديم طلب
التنفيذ إلى المحكمة الابتدائية التي يراد التنفيذ بدائرتها. المواد 296، 297، 298
مرافعات. الاستثناء. حالة وجود معاهدة. م301 مرافعات. انضمام مصر إلى اتفاقية
نيويورك الخاصة بأحكام المحكمين. أثره. اعتبارها القانون الواجب التطبيق ولو
تعارضت مع أحكام أي قانون آخر بمصر.
(2 ، 3) تحكيم "تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي".
(2) تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية وفق اتفاقية نيويورك. تمامه وفقا لقواعد
المرافعات المتبعة في الإقليم المطلوب إليه التنفيذ مع اتخاذ الإجراءات الأكثر
يسرا واستبعاد الإجراءات الأكثر شدة. م 3 من الاتفاقية. ماهية هذه القواعد. أي
قانون ينظم الإجراءات في الخصومة وتنفيذ الأحكام الصادرة فيها. مؤداه. اتساع نطاقه
ليشمل أي قواعد إجرائية في قانون المرافعات أو أي قانون آخر ينظم هذه الإجراءات
ومنها قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994. تضمن القانون الأخير قواعد مرافعات أقل شدة
في الاختصاص أو التنفيذ من تلك الواردة في ق المرافعات. أثره. وجوب تطبيقها دون
حاجة لاتفاق الخصوم.
(3) تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية. سبيله. تقديم أمر على عريضة لرئيس
محكمة استئناف القاهرة. وجوب التحقق من عدم معارضته لحكم سابق في مصر أو مخالفته
للنظام العام وصحة إعلانه. التظلم من رفض الأمر بالتنفيذ أمام محكمة استئناف
القاهرة. المواد 9، 56، 58 من قانون التحكيم 27 لسنة 1994. وجوب تطبيقها دون حاجة
لاتفاق الخصوم. عله ذلك. تطبيق الحكم المطعون فيه تلك القواعد. صحيح.
(4) أمر على عريضة "التظلم منه".
الأوامر على عرائض. كيفية استصدارها. عدم حيازتها للحجية وجواز
مخالفتها بأمر جديد مسبب. حق ذوي الشأن في التظلم منها أمام المحكمة المختصة
بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى. المواد 194، 195، 197، 199 مرافعات.
(5 ، 6) تحكيم "تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي".
(5) تنفيذ أحكام المحكمين في التحكيم التجاري الدولي. مناطه. استصدار أمر
على عريضة بالتنفيذ إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة. شرطه. عدم اتفاق الطرفين على
اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر. جواز التظلم من أمر رفض الطلب لنفس القاضي
الآمر بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى خلال ثلاثين يوما من صدوره. المواد 9، 56،
58 ق 27 لسنة 1994.
(6) الأمر الذي يصدره القاضي بوضع الصيغة التنفيذية على أحكام المحكمين.
خضوعه لأحكام الأوامر على عرائض من ناحية إصدارها والتظلم منها والطعن على الأحكام
الصادرة فيها. عله ذلك. مثال بشأن طلب استصدار أمر بتنفيذ حكم تحكيم.
(7 - 11) تحكيم "تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي:
حدود سلطة القاضي الآمر بالتنفيذ".
(7) تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية. وجوب التحقق من عدمه معارضته لحكم سابق
صادر في مصر أو مخالفته للنظام العام وصحة إعلانه. م 58/ 1، 2 ق التحكيم. مقتضاه.
المشرع حدد الحالات الواجب التحقق منها على سبيل الحصر.
(8) الحكم الأجنبي. ليس للمحكمة عند الأمر بتنفيذه التطرق لموضوعه.
(9) النعي على حكم التحكيم بمخالفة قواعد التحكيم المؤسسية التي اتفق
عليها طرفا التحكيم وقضاؤه بأكثر من المطلوب. لا يندرج ضمن حالات عدم قبول طلب
تنفيذ حكم التحكيم.
(10) مخالفة حكم التحكيم الأجنبي للنظام العام في مصر يوجب على القاضي
المصري رفض تنفيذه. الشق من الحكم الذي لا يخالف النظام العام. جواز الأمر بتنفيذه
متى أمكن فصله عن الشق الآخر باعتبار أن ذلك تنفيذ جزئي للحكم. تطرق القاضي إلى
بحث مدى سلامة أو صحة قضاء التحكيم غير جائز. عله ذلك. الفقرتين 1(ج)، 2(ب) م5 من
اتفاقية نيويورك الخاصة بأحكام المحكمين.
(11) قضاء حكم التحكيم إلزام الطاعنة بفوائد تجاوز الحد الأقصى المقرر في
المواد التجارية في القانون المدني المصري مخالف للنظام العام في مصر. امتناع
تنفيذ هذا الشق من الحكم وتنفيذه فيما دون ذلك. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا
النظر. خطأ ومخالفة للقانون.
--------------
1 - مفاد المواد 296، 297، 298، 301 من قانون
المرافعات المدنية والتجارية أن الأصل هو أن يقدم طلب الأمر بتنفيذ الأحكام
والأوامر الصادرة في بلد أجنبي إلى المحكمة الابتدائية التي يراد التنفيذ في
دائرتها وذلك بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى، إلا أن المشرع خرج على هذا الأصل في
المادة 301 مرافعات في حالة وجود معاهدة، ومؤدى ذلك أن تكون المعاهدة بعد نفاذها
القانون الواجب التطبيق في هذا الصدد ولو تعارضت مع أحكام القانون المشار إليه،
لما كان ذلك، وكانت مصر قد انضمت إلى الاتفاقية الخاصة بالاعتراف بأحكام المحكمين
الأجنبية وتنفيذها في 8 من يونيو سنة 1959 والتي أقرها مؤتمر الأمم المتحدة الخاص
بالتحكيم التجاري الدولي المنعقد في نيويورك في المدة من 20 من مايو إلى 10 من يونيه
سنة 1958، وصدر بشأنها قرار رئيس الجمهورية رقم 171 لسنة 1959 وصارت نافذة في مصر
اعتبارا من 8/ 6/ 1959، ومن ثم فإنها تكون قانونا من قوانين الدولة واجبة التطبيق
ولو تعارضت مع أحكام قانون المرافعات أو أي قانون آخر بمصر.
2 - مفاد نص المادة الثالثة من اتفاقية
نيويورك لعام 1958 أن تنفيذ (حكم التحكيم) يتم طبقا لقواعد المرافعات المتبعة في
الإقليم المطلوب إليه التنفيذ مع الأخذ بالإجراءات الأكثر يسرا واستبعاد الإجراءات
الأكثر شدة منها، والمقصود بعبارة قواعد المرافعات الواردة بالمعاهدة أي قانون
ينظم الإجراءات في الخصومة وتنفيذ الأحكام الصادرة فيها، وبالتالي لا يقتصر الأمر
على القانون الإجرائي العام وهو المرافعات المدنية والتجارية، وإنما يشمل أي قواعد
إجرائية للخصومة وتنفيذ أحكامها ترد في أي قانون آخر ينظم تلك الإجراءات، والقول
بغير ذلك تخصيص بلا مخصص، وإذ صدر قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 متضمنا القواعد
الإجرائية الخاصة بالتحكيم من بدايتها حتى تمام تنفيذ أحكام المحكمين، وهو في هذا
الخصوص قانون إجرائي يدخل في نطاق عبارة "قواعد المرافعات" الواردة
بنصوص معاهدة نيويورك لعام 1958، فإن تضمن قواعد مرافعات أقل شدة سواء في الاختصاص
أو شروط التنفيذ- لعموم عبارة النص الوارد بالمعاهدة- من تلك الواردة في قانون
المرافعات المدنية والتجارية، فيكون الأول هو الواجب التطبيق بحكم الاتفاقية التي
تعد من قوانين الدولة، ولا حاجة بالتالي لاتفاق الخصوم في هذا الشأن.
3 - إذ كان تنفيذ أحكام المحكمين يتم طبقا
لنصوص المواد 9، 56، 58 من القانون رقم 27 لسنة 1994 وبعد استبعاد ما قضت به
المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة 58- والذي جاء قاصرا
على حالة عدم جواز التظلم من الأمر الصادر بتنفيذ الحكم دون باقي ما تضمنه النص-،
فإن التنفيذ يتم بطلب استصدار أمر على عريضة بالتنفيذ إلى رئيس محكمة استئناف
القاهرة، ويصدر الأمر بعد التحقق من عدم معارضة حكم التحكيم المطلوب تنفيذه مع حكم
سبق صدوره في مصر، وأنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام وتمام الإعلان الصحيح، فإن
رفض رئيس المحكمة إصدار الأمر يقدم التظلم إلى محكمة الاستئناف، مما مفاده أن
الاختصاص ينعقد لرئيس محكمة الاستئناف المذكورة بطلب أمر على عريضة، ويتم التظلم
من أمر الرفض لمحكمة الاستئناف، وهي إجراءات أكثر يسرا من تلك الواردة في قانون
المرافعات المدنية والتجارية، وهو ما يتفق مع مؤدى ما تضمنه تقرير اللجنة المشتركة
من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة الشئون الاقتصادية عن مشروع قانون
التحكيم رقم 27 لسنة 1994 ومؤدى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لذات القانون، من أن
قواعد المرافعات المدنية والتجارية لا تحقق الهدف المنشود من التحكيم بما يتطلبه
من سرعة الفصل في المنازعات وما ينطوي عليه من طبيعة خاصة اقتضت تيسير الإجراءات،
ولا جدال في أن الإجراءات المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية أكثر شدة
من تلك المقررة في قانون التحكيم إذ يجعل الأمر معقودا للمحكمة الابتدائية، ويرفع
بطريق الدعوى وما تتطلبه من إعلانات ومراحل نظرها إلى أن يصدر الحكم الذي يخضع
للطرق المقررة للطعن في الأحكام، وما يترتب عليه من تأخير ونفقات ورسوم قضائية
أكثر ارتفاعا، ومن ثم وإعمالا لنص المادة الثالثة من معاهدة نيويورك والمادة 23 من
القانون المدني التي تقضي بأولوية تطبيق أحكام المعاهدة الدولية النافذة في مصر
إذا تعارضت مع تشريع سابق أو لاحق، والمادة 301 من قانون المرافعات، فإنه يستبعد
من النزاع المطروح تطبيق قواعد تنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي
الواردة في قانون المرافعات المدنية والتجارية باعتبارها أكثر شدة من تلك الواردة
في قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994، ويكون القانون الأخير- وبحكم الشروط التي
تضمنتها معاهدة نيويورك لعام 1958 التي تعد تشريعا نافذا في مصر- لا يحتاج تطبيقه
لاتفاق أولي بالتطبيق باعتباره تضمن قواعد إجرائية أقل شدة من تلك الواردة في
القانون الأول، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أعمل صحيح
القانون ويضحى النعي عليه بهذه الأوجه (مخالفة القانون) على غير أساس.
4 - مفاد نصوص المواد 194، 195، 197، 199 من
قانون المرافعات أن طلب استصدار الأوامر على عرائض يقدم على عريضة من نسختين
متطابقتين ومشتملة على وقائع الطلب وأسانيده مع تعيين موطن مختار للطالب في البلدة
التي بها مقر المحكمة وتشفع بها المستندات المؤيدة لها، وأن تلك الأوامر لا تحوز
حجية ولا يستنفد القاضي الآمر سلطته بإصدارها، إذ يجوز له مخالفتها بأمر جديد
مسبب، كما لذوي الشأن التظلم منه إلى المحكمة المختصة ما لم ينص القانون على خلاف
ذلك، ويكون التظلم بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى أمام المحكمة خلال عشرة أيام
من تاريخ صدور الأمر بالرفض، ويكون للخصم- الذي صدر ضده الأمر- التظلم منه إلى نفس
القاضي الآمر بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى.
5 - تنفيذ أحكام المحكمين يتم وطبقا لنصوص
المواد 9، 56، 58 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بإصدار قانون في شأن التحكيم في
المواد المدنية والتجارية بطلب استصدار أمر على عريضة بالتنفيذ إلى رئيس محكمة
استئناف القاهرة- إذا كان التحكيم تجاريا دوليا- والذي يختص بإصدار الأمر أو من
يندبه من قضاتها ما لم يتفق طرفا التحكيم على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر،
فإن أصدر رئيس المحكمة الأمر بالرفض يقدم التظلم إلى محكمة الاستئناف، وذلك خلال
ثلاثين يوما من تاريخ صدوره.
6 - الأمر الذي يصدره القاضي في طلب ذوي
الشأن وضع الصيغة التنفيذية على أحكام المحكمين هو في حقيقته أمر على عريضة يخضع
لأحكام الأوامر على العرائض من ناحية إصدارها والتظلم منها والطعن على الأحكام
الصادرة فيها، وقد أجاز المشرع لذوي الشأن التظلم من الأمر الصادر لنفس القاضي
الآمر أو للمحكمة المختصة التابع لها وفقا للإجراءات القانونية بكل عمل، وهذه
قواعد عامة تنطبق على كافة الأحوال التي يجوز فيها إصدار أمر على عريضة، لما كان
ذلك، وكان الواقع في الدعوى أن المطعون ضدها تقدمت للسيد القاضي رئيس محكمة
استئناف القاهرة بطلب استصدار أمر بتنفيذ حكم التحكيم الصادر لصالحها فقيد برقم
..... لسنة 135ق القاهرة، وبتاريخ 21/ 5/ 2018 أشر سيادته برفض الطلب، وإذ قامت
المطعون ضدها بالتظلم بالإجراءات العادية لرفع الدعوى من هذا الأمر أمام محكمة
استئناف القاهرة والتي أصدرت حكمها المطعون فيه، وهو ما يتفق مع صحيح القانون، إذ
إن أمر الرفض لا يحوز حجية ولا يستنفد القاضي الآمر سلطته بإصداره، ومن ثم يكون
النعي على الحكم المطعون فيه على غير أساس.
7 - النص في المادة 58/ 1، 2 من قانون
التحكيم رقم 27 لسنة 1994 على أنه "(1) لا يقبل طلب تنفيذ حكم التحكيم إذا لم
يكن ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد انقضى (2) لا يجوز الأمر بتنفيذ حكم التحكيم
وفقا لهذا القانون إلا بعد التحقق مما يأتي: (أ) أنه لا يتعارض مع حكم سبق صدوره
من المحاكم المصرية في موضوع النزاع (ب) أنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام في
جمهورية مصر العربية (ج) أنه قد تم إعلانه للمحكوم عليه إعلانا صحيحا". مما
مفاده، أن المشرع عدد في هذا النص على سبيل الحصر، الحالات التي يجب التحقق منها
قبل أن تأمر المحكمة بتنفيذ الحكم الأجنبي.
8 - حدود ولاية المحكمة تقتصر على تنفيذ
الحكم الأجنبي دون التطرق لموضوعه.
9 - إذ كان ما تثيره الشركة الطاعنة (مخالفة
حكم التحكيم الأجنبي قواعد التحكيم المؤسسية "قواعد محكمة لندن L C I A" التي اتفق عليها الطرفان) لا يدخل في إحدى الحالات التي أوردتها
المادة 58/1، 2 من قانون التحكيم، فإن النعي يكون على غير أساس.
10 - مؤدى الفقرتين 1 (ج)، 2 (ب) من المادة
الخامسة من اتفاقية نيويورك الخاصة بأحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها أنه وإن كان
يتعين على القاضي المصري رفض تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي متى وجد فيه ما يخالف
النظام العام في مصر- ولا يكفي في ذلك تعارضه مع أية قاعدة قانونية ولو كانت آمرة
مادامت غير متعلقة بالنظام العام- إلا أنه إذا كانت مخالفة للنظام العام قاصرة على
جزء فقط من الحكم أمر القاضي بتنفيذ الشق الذي لا مخالفة فيه طالما أمكن فصله عن
الآخر، وهو في هذا لا يتجاوز حدود سلطته، إذ إن ذلك لا يعدو أن يكون تنفيذا جزئيا
للحكم فرضته مقتضيات النظام العام دون مساس بموضوع الحكم الأجنبي ذاته، أما إذا
تطرق القاضي إلى بحث مدى سلامة أو صحة قضاء التحكيم في موضوع الدعوى فإنه يكون قد
خرج عن حدود ولايته لأنه لا يعد هيئة استئنافية في هذا الصدد وليس له إلا أن يأمر
بالتنفيذ أو أن يرفضه.
11 - إذ كان الثابت بالأوراق أن حكم التحكيم
محل النزاع قد تضمن قضاءه إلزام الطاعنة بفوائد بسعر 8% على القيمة الرئيسية
للفواتير فضلا عن فائدة مركبة 4% على المبلغ الرئيسي من تاريخ الاستحقاق حتى تاريخ
السداد أي بما يجاوز نسبة الـ 5% الحد الأقصى للسعر القانوني للفوائد في المواد
التجارية في القانون المدني المصري، وهو وفقا للمقرر- في قضاء محكمة النقض- مما
يتصل بالنظام العام في مصر، لذا كان ممتنعا تنفيذ هذا الحكم فيما يجاوز ذلك الحد،
أما ما دون ذلك فكان متعينا الأمر بتنفيذه، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا
النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق-
تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها تقدمت بطلب إلى السيد رئيس محكمة استئناف القاهرة
قيد برقم .... لسنة 135ق أوامر تحكيم لإصدار الأمر بوضع الصيغة التنفيذية على
الحكم التحكيمي الصادر لها من محكمة لندن بتاريخ 10/ 5/ 2017 في الدعوى التحكيمية
رقم ........، إلا أنه أصدر أمره في 21/ 5/ 2018 برفض طلبها، فتظلمت من هذا
الأمر بالدعوى رقم .... لسنة 135ق لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه ووضع
الصيغة التنفيذية على حكم التحكيم سالف البيان، وبتاريخ 21/ 11/ 2018 قضت المحكمة
بإجابة المطعون ضدها لطلباتها، طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض،
وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا، وإذ عرض
الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه القاضي المقرر،
والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب السبب الأول مكون من أربعة أوجه
والسبب الثاني من خمسة أوجه، تنعى الطاعنة بالوجه الأول من السبب الأول وبالأوجه من
الأول حتى الرابع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، إذ أقامت
المطعون ضدها دعواها بطريق الأمر على عريضة وليس بطريق الدعوى، وأمام محكمة غير
مختصة، إذ إن أحكام اتفاقية نيويورك لسنة 1958 تقضي بإعمال قواعد المرافعات في
الإقليم المطلوب التنفيذ إليه بما تكون المحكمة الابتدائية التي يراد التنفيذ في
دائرتها هي المختصة بنظر النزاع، وعلى الفرض بأن قانون التحكيم أكثر يسرا فإن
محكمة استئناف الإسماعيلية تكون هي المختصة بنظره، فضلا عن أن القضاء المصري غير
مختص أصلا بنظر النزاع لخلو الأوراق من اتفاق الأطراف على اختصاصه، وإذ خالف الحكم
المطعون فيه هذا النظر ومضى في نظر النزاع فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 296 من قانون
المرافعات المدنية والتجارية على أن "الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي
يجوز الأمر بتنفيذها بنفس الشروط المقررة في قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام
والأوامر المصرية فيه"، وفي المادة 297 منه على أن "يقدم طلب الأمر
بالتنفيذ إلى المحكمة الابتدائية التي يراد التنفيذ في دائرتها وذلك بالأوضاع
المعتادة لرفع الدعوى" وفي المادة 298 منه حدد الشروط الواجب التحقق منها قبل
إصدار الأمر بتنفيذ الحكم أو الأمر الأجنبي، ثم نص في المادة 301 مرافعات والتي
اختتم بها المشرع الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية على أن
"العمل بالقواعد المنصوص عليها في المواد السابقة لا يخل بأحكام المعاهدات
المعقودة أو التي تعقد بين الجمهورية وغيرها من الدول في هذا الشأن" ومفاد
ذلك أن الأصل هو أن يقدم طلب الأمر بتنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي
إلى المحكمة الابتدائية التي يراد التنفيذ في دائرتها وذلك بالأوضاع المعتادة لرفع
الدعوى، إلا أن المشرع خرج على هذا الأصل في المادة 301 مرافعات السالف بيان نصها
في حالة وجود معاهدة، ومؤدى ذلك أن تكون المعاهدة بعد نفاذها القانون الواجب
التطبيق في هذا الصدد ولو تعارضت مع أحكام القانون المشار إليه، لما كان ذلك،
وكانت مصر قد انضمت إلى الاتفاقية الخاصة بالاعتراف بأحكام المحكمين الأجنبية
وتنفيذها في 8 من يونيو سنة 1959 والتي أقرها مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بالتحكيم
التجاري الدولي المنعقد في نيويورك في المدة من 20 من مايو إلى 10 من يونيه سنة
1958، وصدر بشأنها قرار رئيس الجمهورية رقم 171 لسنة 1959 وصارت نافذة في مصر
اعتبارا من 8/ 6/ 1959، ومن ثم فإنها تكون قانونا من قوانين الدولة واجبة التطبيق
ولو تعارضت مع أحكام قانون المرافعات أو أي قانون آخر بمصر، وإذ نصت المادة
الثالثة من اتفاقية نيويورك لعام 1958 على أن "تعترف كل من الدول المتعاقدة
بحجية حكم التحكيم وتأمر بتنفيذه طبقا لقواعد المرافعات المتبعة في الإقليم
المطلوب إليه التنفيذ وطبقا للشروط المنصوص عليها في المواد التالية، ولا تفرض
للاعتراف أو تنفيذ أحكام المحكمين التي تطبق عليها أحكام الاتفاقية الحالية شروطا
أكثر شدة أو رسوما قضائية أكثر ارتفاعا بدرجة ملحوظة من تلك التي تفرض للاعتراف
وتنفيذ أحكام المحكمين الوطنيين" ومفاد ذلك أن التنفيذ يتم طبقا لقواعد
المرافعات المتبعة في الإقليم المطلوب إليه التنفيذ مع الأخذ بالإجراءات الأكثر
يسرا واستبعاد الإجراءات الأكثر شدة منها، والمقصود بعبارة قواعد المرافعات
الواردة بالمعاهدة أي قانون ينظم الإجراءات في الخصومة وتنفيذ الأحكام الصادرة
فيها، وبالتالي لا يقتصر الأمر على القانون الإجرائي العام وهو المرافعات المدنية
والتجارية، وإنما يشمل أي قواعد إجرائية للخصومة وتنفيذ أحكامها ترد في أي قانون
آخر ينظم تلك الإجراءات، والقول بغير ذلك تخصيص بلا مخصص، وإذ صدر قانون التحكيم
رقم 27 لسنة 1994 متضمنا القواعد الإجرائية الخاصة بالتحكيم من بدايتها حتى تمام
تنفيذ أحكام المحكمين، وهو في هذا الخصوص قانون إجرائي يدخل في نطاق عبارة
"قواعد المرافعات" الواردة بنصوص معاهدة نيويورك لعام 1958، فإن تضمن قواعد
مرافعات أقل شدة سواء في الاختصاص أو شروط التنفيذ- لعموم عبارة النص الوارد
بالمعاهدة- من تلك الواردة في قانون المرافعات المدنية والتجارية، فيكون الأول هو
الواجب التطبيق بحكم الاتفاقية التي تعد من قوانين الدولة، ولا حاجة بالتالي
لاتفاق الخصوم في هذا الشأن، ولما كان تنفيذ أحكام المحكمين يتم طبقا لنصوص المواد
9، 56، 58 من القانون رقم 27 لسنة 1994 وبعد استبعاد ما قضت به المحكمة الدستورية
بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة 58- والذي جاء قاصرا على حالة عدم جواز
التظلم من الأمر الصادر بتنفيذ الحكم دون باقي ما تضمنه النص-، فإن التنفيذ يتم
بطلب استصدار أمر على عريضة بالتنفيذ إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة، ويصدر الأمر
بعد التحقق من عدم معارضة حكم التحكيم المطلوب تنفيذه مع حكم سبق صدوره في مصر،
وأنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام وتمام الإعلان الصحيح، فإن رفض رئيس المحكمة
إصدار الأمر يقدم التظلم إلى محكمة الاستئناف، مما مفاده أن الاختصاص ينعقد لرئيس
محكمة الاستئناف المذكورة بطلب أمر على عريضة، ويتم التظلم من أمر الرفض لمحكمة
الاستئناف، وهي إجراءات أكثر يسرا من تلك الواردة في قانون المرافعات المدنية
والتجارية، وهو ما يتفق مع مؤدى ما تضمنه تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون
الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة الشئون الاقتصادية عن مشروع قانون التحكيم رقم 27
لسنة 1994 ومؤدى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لذات القانون، من أن قواعد المرافعات
المدنية والتجارية لا تحقق الهدف المنشود من التحكيم بما يتطلبه من سرعة الفصل في
المنازعات وما ينطوي عليه من طبيعة خاصة اقتضت تيسير الإجراءات، ولا جدال في أن
الإجراءات المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية أكثر شدة من تلك المقررة
في قانون التحكيم إذ يجعل الأمر معقودا للمحكمة الابتدائية، ويرفع بطريق الدعوى
وما تتطلبه من إعلانات ومراحل نظرها إلى أن يصدر الحكم الذي يخضع للطرق المقررة
للطعن في الأحكام، وما يترتب عليه من تأخير ونفقات ورسوم قضائية أكثر ارتفاعا، ومن
ثم وإعمالا لنص المادة الثالثة من معاهدة نيويورك والمادة 23 من القانون المدني
التي تقضي بأولوية تطبيق أحكام المعاهدة الدولية النافذة في مصر إذا تعارضت مع
تشريع سابق أو لاحق، والمادة 301 من قانون المرافعات، فإنه يستبعد من النزاع
المطروح تطبيق قواعد تنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي الواردة في
قانون المرافعات المدنية والتجارية باعتبارها أكثر شدة من تلك الواردة في قانون
التحكيم رقم 27 لسنة 1994، ويكون القانون الأخير- وبحكم الشروط التي تضمنتها
معاهدة نيويورك لعام 1958 التي تعد تشريعا نافذا في مصر- لا يحتاج تطبيقه لاتفاق
أولي بالتطبيق باعتباره تضمن قواعد إجرائية أقل شدة من تلك الواردة في القانون
الأول، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون
ويضحى النعي عليه بهذه الأوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجهين الثاني والثالث من السبب الأول على
الحكم المطعون فيه البطلان لخلو الأوراق من ترجمة رسمية مقبولة لحكم التحكيم
المراد تنفيذه، واتفاق التحكيم، وأن الترجمة المقدمة بالأوراق عرفية وغير مطابقة
للأصل، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ومن ثم غير مقبول، إذ أن الثابت من مطالعة
صورتي ترجمة حكم وقرار التحكيم أنهما ممهوران بخاتم كلية الألسن جامعة عين شمس،
وهي جهة معتمدة للترجمة بما يضحى معه النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه على
غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الرابع من السبب الأول على الحكم المطعون
فيه البطلان لعدم صلاحية السيد رئيس الدائرة مصدرة الحكم المطعون فيه المستشار/
........ لنظر الدعوى محل التظلم لسبق إبدائه رأيه في النزاع بإصداره قرارا برفض
الطلب رقم .... لسنة 135ق القاهرة المقدم من الشركة المطعون ضدها، بما يجعله غير
صالح لنظر هذا التظلم، ويبطل الحكم المطعون فيه إعمالا للمادتين 146، 147 من قانون
المرافعات ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن مفاد نصوص المواد 194، 195، 197،
199 من قانون المرافعات أن طلب استصدار الأوامر على عرائض يقدم على عريضة من
نسختين متطابقتين ومشتملة على وقائع الطلب وأسانيده مع تعيين موطن مختار للطالب في
البلدة التي بها مقر المحكمة وتشفع بها المستندات المؤيدة لها، وأن تلك الأوامر لا
تحوز حجية ولا يستنفد القاضي الآمر سلطته بإصدارها، إذ يجوز له مخالفتها بأمر جديد
مسبب، كما لذوي الشأن التظلم منه إلى المحكمة المختصة ما لم ينص القانون على خلاف
ذلك، ويكون التظلم بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى أمام المحكمة خلال عشرة أيام
من تاريخ صدور الأمر بالرفض، ويكون للخصم- الذي صدر ضده الأمر- التظلم منه إلى نفس
القاضي الآمر بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، وطبقا لنصوص المواد 9، 56، 58 من
القانون رقم 27 لسنة 1994 بإصدار قانون في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية
فإن تنفيذ أحكام المحكمين يتم بطلب استصدار أمر على عريضة بالتنفيذ إلى رئيس محكمة
استئناف القاهرة- إذا كان التحكيم تجاريا دوليا- والذي يختص بإصدار الأمر أو من
يندبه من قضاتها ما لم يتفق طرفا التحكيم على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر،
فإن أصدر رئيس المحكمة الأمر بالرفض يقدم التظلم إلى محكمة الاستئناف، وذلك خلال
ثلاثين يوما من تاريخ صدوره مما مفاده أن الأمر الذي يصدره القاضي في طلب ذوي
الشأن وضع الصيغة التنفيذية على أحكام المحكمين هو في حقيقته أمر على عريضة يخضع
لأحكام الأوامر على العرائض من ناحية إصدارها والتظلم منها والطعن على الأحكام
الصادرة فيها، وقد أجاز المشرع لذوي الشأن التظلم من الأمر الصادر لنفس القاضي
الآمر أو للمحكمة المختصة التابع لها وفقا للإجراءات القانونية بكل عمل، وهذه
قواعد عامة تنطبق على كافة الأحوال التي يجوز فيها إصدار أمر على عريضة، لما كان
ذلك، وكان الواقع في الدعوى أن المطعون ضدها تقدمت للسيد القاضي رئيس محكمة
استئناف القاهرة بطلب استصدار أمر بتنفيذ حكم التحكيم الصادر لصالحها فقيد برقم
....... لسنة 135ق القاهرة، وبتاريخ 21/ 5/ 2018 أشر سيادته برفض الطلب، وإذ قامت
المطعون ضدها بالتظلم بالإجراءات العادية لرفع الدعوى من هذا الأمر أمام محكمة
استئناف القاهرة والتي أصدرت حكمها المطعون فيه، وهو ما يتفق مع صحيح القانون، إذ
إن أمر الرفض لا يحوز حجية ولا يستنفد القاضي الآمر سلطته بإصداره، ومن ثم يكون
النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الخامس من السبب الثاني على الحكم
المطعون فيه مخالفة نص المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك- الواجبة التطبيق-
لمخالفة حكم التحكيم الأجنبي قواعد التحكيم المؤسسية (قواعد محكمة لندن L C I A) التي اتفق عليها الطرفان، وأن هناك عدد 11 (أحد عشر) تحكيما بين
الطرفين تشير إلى ذلك الاتفاق، فضلا عن أن حكم التحكيم قضى بأكثر من المطلوب بما
مقداره 36117.99 دولار بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن النص في المادة 58/ 1، 2 من قانون
التحكيم رقم 27 لسنة 1994 على أنه "(1) لا يقبل طلب تنفيذ حكم التحكيم إذا لم
يكن ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد انقضى (2) لا يجوز الأمر بتنفيذ حكم التحكيم
وفقا لهذا القانون إلا بعد التحقق مما يأتي: (أ) أنه لا يتعارض مع حكم سبق صدوره
من المحاكم المصرية في موضوع النزاع (ب) أنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام في
جمهورية مصر العربية (ج) أنه قد تم إعلانه للمحكوم عليه إعلانا صحيحا". مما
مفاده، أن المشرع عدد في هذا النص على سبيل الحصر، الحالات التي يجب التحقق منها
قبل أن تأمر المحكمة بتنفيذ الحكم الأجنبي، كما أن حدود ولاية المحكمة تقتصر على
تنفيذ الحكم الأجنبي دون التطرق لموضوعه، لما كان ذلك، وكان ما تثيره الشركة
الطاعنة بهذا الوجه لا يدخل في إحدى الحالات التي أوردتها المادة 58/ 1، 2 من
قانون التحكيم سالفة البيان، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون والإخلال بحق الدفاع، إذ تمسكت أمام المحكمة المطعون في حكمها بمخالفة حكم
التحكيم الأجنبي- محل التظلم- للنظام العام في مصر وما نصت عليه المادتان 226، 227
من القانون المدني المصري من تحديد سعر الفائدة بـ 4% من المسائل المدنية، 5% في
المسائل التجارية، وألا تتجاوز الفائدة الاتفاقية 7%، إلا أن الحكم المطعون فيه لم
يعرض لهذا الدفاع وقضى بتذييل حكم التحكيم الأجنبي- بالصيغة التنفيذية- الذي احتسب
فائدة 8% سنويا على القيمة الرئيسية للفواتير من تاريخ الاستحقاق وحتى تاريخ
السداد، وكذا احتسب فائدة مركبة 4% على المبلغ الرئيسي لإشعارات المدين، رغم خلو
الأوراق من وجود اتفاق على الفائدة، بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن مؤدى الفقرتين 1 (ج)، 2 (ب) من المادة
الخامسة من اتفاقية نيويورك الخاصة بأحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها أنه وإن كان
يتعين على القاضي المصري رفض تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي متى وجد فيه ما يخالف
النظام العام في مصر- ولا يكفي في ذلك تعارضه مع أية قاعدة قانونية ولو كانت آمرة
مادامت غير متعلقة بالنظام العام- إلا أنه إذا كانت مخالفة للنظام العام قاصرة على
جزء فقط من الحكم أمر القاضي بتنفيذ الشق الذي لا مخالفة فيه طالما أمكن فصله عن
الآخر، وهو في هذا لا يتجاوز حدود سلطته، إذ إن ذلك لا يعدو أن يكون تنفيذا جزئيا
للحكم فرضته مقتضيات النظام العام دون مساس بموضوع الحكم الأجنبي ذاته، أما إذا
تطرق القاضي إلى بحث مدى سلامة أو صحة قضاء التحكيم في موضوع الدعوى فإنه يكون قد
خرج عن حدود ولايته لأنه لا يعد هيئة استئنافية في هذا الصدد وليس له إلا أن يأمر
بالتنفيذ أو أن يرفضه، لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن حكم التحكيم محل
النزاع قد تضمن قضاءه إلزام الطاعنة بفوائد بسعر 8% على القيمة الرئيسية للفواتير
فضلا عن فائدة مركبة 4% على المبلغ الرئيسي من تاريخ الاستحقاق حتى تاريخ السداد
أي بما يجاوز نسبة الـ 5% الحد الأقصى للسعر القانوني للفوائد في المواد التجارية
في القانون المدني المصري، وهو وفقا للمقرر- في قضاء هذه المحكمة- مما يتصل بالنظام
العام في مصر، لذا كان ممتنعا تنفيذ هذا الحكم فيما يجاوز ذلك الحد، أما ما دون
ذلك فكان متعينا الأمر بتنفيذه، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه
يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه نقضا جزئيا في هذا الخصوص.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق