الصفحات

الخميس، 30 ديسمبر 2021

الطعن 5 لسنة 4 ق جلسة 2 / 6/ 1984 دستورية عليا مكتب فني 3 دستورية ق 12 ص 67

جلسة 2 يونيه سنة 1984م

المؤلفة برياسة السيد المستشار الدكتور فتحي عبد الصبور رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين: محمد على راغب بليغ ومصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن ومنير أمين عبد المجيد ورابح لطفى جمعة وفوزي أسعد مرقس أعضاء،

وحضور السيد المستشار الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين - المفوض،

وحضور السيد/ أحمد على فضل الله - أمين السر.

---------

قاعدة رقم (12)
القضية رقم 5 لسنة 4 القضائية "دستورية"

(1) دستور - حريات عامة - حريات شخصية.
حرص دستور سنة 1971 على كفالة الحرية الشخصية لاتصالها بكيان الفرد، فأتى في المواد من 41 إلى 45 منه بقواعد أساسية تقرر ضمانات عديدة لحماية الحرية الشخصية وما يتفرع عنها من حريات وحرمات.
(2) حرمة المسكن - تفتيش المسكن.
حرص الدستور على التأكيد على عدم انتهاك حرمة المسكن سواء بدخوله أو تفتيشه ما لم يصدر أمر قضائي مسبب دون أن يستثنى من ذلك حالة التلبس بالجريمة.
(3) دستور - المادة 44 من الدستور.
نص المادة 44 من الدستور جاء عاماً مطلقاً لم يرد عليه ما يخصصه أو يقيده مما مؤداه أن هذا النص الدستوري يستلزم في جميع أحوال تفتيش المساكن صدور الأمر القضائي المسبب وذلك صوناً لحرمة المسكن التي تنبثق من الحرية الشخصية.
(4) دستور - التلبس والتفتيش - المادة 47 إجراءات جنائية.
تخويل مأمور الضبط القضائي الحق في تفتيش مسكن المتهم في حالة التلبس بجناية أو جنحة دون أن يصدر له أمر قضائي مسبب ممن يملك سلطة التحقيق وفقاً لحكم المادة 47 إجراءات جنائية يخالف حكم المادة 44 من الدستور - بيان ذلك:

--------------------
1 - 4 - أن الدستور قد حرص - في سبيل حماية الحريات العامة - على كفالة الحرية الشخصية لاتصالها بكيان الفرد منذ وجوده فأكدت المادة 41 من الدستور على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس" كما نصت المادة 44 من الدستور على أن "للمساكن حرمة" ثم قضت الفقرة الأولى من المادة 45 منه بأن "لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون" غير أن الدستور لم يكتف في تقرير هذه الحماية الدستورية بإيراد ذلك في عبارات عامة كما كانت تفعل الدساتير السابقة التي كانت تقرر كفالة الحرية الشخصية وما تفرع عنها من حق الأمن وعدم القبض أو الاعتقال وحرمة المنازل وعدم جواز دخولها أو مراقبتها (المواد 8 من دستور سنة 1923، 41 من دستور سنة 1956، 23 من دستور سنة 1964) تاركة للمشرع العادي السلطة الكاملة دون قيود في تنظيم هذه الحريات، ولكن أتى دستور سنة 1971 بقواعد أساسية تقرر ضمانات عديدة لحماية الحرية الشخصنة وما يتفرع عنها من حريات وحرمات ورفعها إلى مرتبة القواعد الدستورية - ضمنها المواد من 41 إلى 45 منه - حيث لا يجوز للمشرع العادي أن يخالف تلك القواعد وما تضمنته من كفالة لصون تلك الحريات وإلا جاء عمله مخالفاً للشرعية الدستورية.
وحيث إن المشرع الدستوري - توفيقاً بين حق الفرد في الحرية الشخصية وفى حرمة مسكنه وحياته الخاصة وبين حق المجتمع في عقاب الجاني وجمع أدلة إثبات الجريمة ونسبتها إليه قد أجاز تفتيش الشخص أو المسكن كإجراء من إجراءات التحقيق بعد أن أخضعه لضمانات معينة لا يجوز إهدارها تاركاً للمشرع العادي أن يحدد الجرائم التي يجوز فيها التفتيش والإجراءات التي يتم بها. ولذلك نصت الفقرة الأولى من المادة 41 من الدستور على أنه "الحرية الشخصية حق طبيعي وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقاً لأحكام القانون" ثم نصت المادة 44 من الدستور على أن "للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون" وهذا النص الأخير وإن كان قد ميز بين دخول المساكن وبين تفتيشها إلا أنه جمعها في ضمانات واحدة متى كان يمثلان انتهاكاً لحرمة المساكن التي قدسها الدستور.
وحيث إنه يبين من المقابلة بين المادتين 41 ،44 من الدستور سالفتي الذكر أن المشرع الدستوري قد فرق في الحكم بين تفتيش الأشخاص وتفتيش المساكن فيما يتعلق بضرورة أن يتم التفتيش في الحالين بأمر قضائي ممن له سلطة التحقيق أو من القاضي المختص كضمانة أساسية لحصول التفتيش تحت أشراف مسبق من القضاء، فقد استثنت المادة 41 من الدستور من هذه الضمانة حالة التلبس بالجريمة بالنسبة للقبض على الشخص وتفتيشه فضلاً عن عدم اشتراطها تسبيب أمر القاضي المختص أو النيابة العامة بالتفتيش في حين أن المادة 44 من الدستور لم تستثن حالة التلبس من ضرورة صدور أمر قضائي مسبب ممن له سلطة التحقيق أو من القاضي المختص بتفتيش المسكن سواء قام به الآمر بنفسه أم إذن لمأمور الضبط القضائي بإجرائه، فجاء نص المادة 44 من الدستور المشار إليه عاماً مطلقاً لم يرد عليه ما يخصصه أو يقيده مما مؤداه أن هذا النص الدستوري يستلزم في جميع أحوال تفتيش المساكن صدور الأمر القضائي المسبب وذلك صوناً لحرمة المسكن التي تنبثق من الحرية الشخصية التي تتعلق بكيان الفرد وحياته الخاصة ومسكنه الذي يأوي إليه وهو موضع سره وسكينته، ولذلك حرص الدستور - في الظروف التي صدر فيها - على التأكيد على عدم انتهاك حرمة المسكن سواء بدخوله أو بتفتيشه ما لم يصدر أمر قضائي مسبب دون أن يستثنى من ذلك حالة التلبس بالجريمة التي لا تجيز- وفقاً للمادة 41 من الدستور - سوى القبض على الشخص وتفتيشه أينما وجد. يؤكد ذلك أن مشروع لجنة الحريات التي شكلت بمجلس الشعب عند إعداد الدستور كان يضمن نص المادة 44 استثناء حالة التلبس من حكمها غير أن هذا الاستثناء قد أسقط في المشروع النهائي لهذه المادة وصدر الدستور متضمناً نص المادة 44 الحالي حرصاً منه على صيانة حرمة المساكن على ما سلف بيانه.
لما كان ما تقدم وكان نص المادة 44 من الدستور واضح الدلالة - على ما سبق ذكره - على عدم استثناء حالة التلبس من الضمانتين اللتين أوردهما - أي صدور أمر قضائي وأن يكون الأمر مسبباً - فلا يحق القول باستثناء حالة التلبس من حكم هاتين الضمانتين قياساً على إخراجها من ضمانة صدور الأمر القضائي في حالة تفتيش الشخص أو القبض عليه، ذلك بأن الاستثناء لا يقاس عليه كما أنه لا محل للقياس عند وجود النص الدستوري الواضح الدلالة. ولا يغير من ذلك ما جاء بعجز المادة 44 من الدستور بعد إيرادها هاتين الضمانتين سالفتي الذكر من أن ذلك "وفقاً لأحكام القانون" لأن هذه العبارة لا تعنى تفويض المشرع العادي في إخراج حالة التلبس بالجريمة من الخضوع للضمانتين اللتين اشتراطهما الدستور في المادة 44 سالفة الذكر، والقول بغير ذلك إهدار لهاتين الضمانتين وتعليق أعمالهما على إرادة المشرع العادي وهو ما لا يفيده نص المادة 44 من الدستور وإنما تشير عبارة "وفقاً لأحكام القانون" إلى الإحالة إلى القانون العادي في تحديد الجرائم التي يجوز فيها صدور الأمر بالتفتيش وبيان كيفية صدوره وتسبيبه إلى غير ذلك من الإجراءات التي يتم بها هذا التفتيش. لما كان ذلك وكانت المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950- المطعون فيها - تنص على أن "لمأمور الضبط القضائي في حالة التلبس بجناية أو جنحة أن يفتش منزل المتهم ويضبط فيه الأشياء والأوراق التي تفيد في كشف الحقيقة إذا اتضح له من أمارات قوية أنها موجودة فيه" مما مفاده تخويل مأمور الضبط القضائي الحق في إجراء تفتيش مسكن المتهم في حالة التلبس بجناية أو جنحة دون أن يصدر له أمر قضائي مسبب ممن يملك سلطة التحقيق وهو ما يخالف حكم المادة 44 من الدستور على ما سلف بيانه، الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم دستورية المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية.


الإجراءات

بتاريخ 10 يناير سنة 1982 ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الجناية رقم 28 لسنة 1980 مخدرات الأزبكية المقيدة برقم 1014 لسنة 1980 كلى مخدرات القاهرة بعد أن قضت محكمة جنايات القاهرة بجلسة 28 أكتوبر سنة 1981 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها رفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة حيث التزمت هيئة المفوضين رأيها وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة أسندت إلى المتهمين في الجناية رقم 28 لسنة 1980 مخدرات الأزبكية المقيدة برقم 1014 لسنة 1980 كلى مخدرات القاهرة ارتكابهم جرائم صنع وإحراز وحيازة جواهر مخدرة بقصد الإتجار وفى غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأحيل المتهمون إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهم حيث رأت المحكمة أن رجال الضبطية القضائية قاموا بتفتيش مسكني المتهمين الأول والثاني دون إذن من النيابة العامة استناداً إلى قيام حالة التلبس أعمالاً لنص المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية التي أجازت لمأمور الضبط القضائي في حالة التلبس بجناية أو جنحة أو يفتش منزل المتهم. وإذ تراءى لمحكمة الجنايات بجلسة 28 أكتوبر سنة 1981عدم دستورية نص هذه المادة - وهو لازم للفصل في الدعوى - تأسيساً على أن ثمت تناقضا بين هذا النص وما تقضى به المادة 44 من الدستور من عدم جواز دخول المساكن ولا تفتشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون، فقد قضت بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية.
وحيث إن إدارة قضايا الحكومة قد طلبت رفض الدعوى استناداً إلى أن المادة 44 من الدستور وأن نصت على عدم جواز دخول المنازل ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب كقاعدة عامة إلا أنها تركت بيان ذلك إلى أحكام التشريع العادي، وإلى أن المادة 41 من الدستور تجيز تفتيش الشخص دون أمر قضائي في حالة التلبس مما يجوز معه من باب أولى تفتيش مسكنه في حالة التلبس بضبط الأشياء التي تفيد في كشف الحقيقة باعتبار أن الحرية الشخصية أسمى من حرمة المسكن.
وحيث أن الدستور قد حرص - في سبيل حماية الحريات العامة - على كفالة الحرية الشخصية لاتصالها بكيان الفرد منذ وجوده فأكدت المادة 41 من الدستور على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهى مصونة لا تمس" كما نصت المادة 44 من الدستور على أن "للمساكن حرمة" ثم قضت الفقرة الأولى من المادة 45 منه بأن "لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون" غير أن الدستور لم يكتف في تقرير هذه الحماية الدستورية بإيراد ذلك في عبارات عامة كما كانت تفعل الدساتير السابقة التي كانت تقرر كفالة الحرية الشخصية وما تفرع عنها من حق الأمن وعدم القبض أو الاعتقال وحرمة المنازل وعدم جواز دخولها أو مراقبتها (المواد 8 من دستور سنة 1923، 41 من دستور سنة 1956، 23 من دستور سنة 1964) تاركة للمشرع العادي السلطة الكاملة دون قيود في تنظيم هذه الحريات، ولكن أتى دستور سنة 1971 بقواعد أساسية تقرر ضمانات عديدة لحماية الحرية الشخصية وما يتفرع عنها من حريات وحرمات ورفعها إلى مرتبة القواعد الدستورية - ضمنها المواد من 41 إلى 45 منه - حيث لا يجوز للمشرع العادي أن يخالف تلك القواعد وما تضمنته من كفالة لصون تلك الحريات وإلا جاء عمله مخالفاً للشرعية الدستورية.
وحيث إن المشرع الدستوري - توفيقاً بين حق الفرد في الحرية الشخصية وفى حرمة مسكنه وحياته الخاصة وبين حق المجتمع في عقاب الجاني وجمع أدلة إثبات الجريمة ونسبتها إليه قد أجاز تفتيش الشخص أو المسكن كإجراء من إجراءات التحقيق بعد أن أخضعه لضمانات معينة لا يجوز إهدارها تاركاً للمشرع العادي أن يحدد الجرائم التي يجوز فيها التفتيش والإجراءات التي يتم بها. ولذلك نصت الفقرة الأولى من المادة 41 من الدستور على أنه "الحرية الشخصية حق طبيعي وهى مصونة لا تمس" وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقاً لأحكام القانون ثم نصت المادة 44 من الدستور على أن "للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون" وهذا النص الأخير وإن كان قد ميز بين دخول المساكن وبين تفتيشها إلا أنه جمعها في ضمانات واحدة متى كانا يمثلان انتهاكاً لحرمة المساكن التي قدسها الدستور.
وحيث إنه يبين من المقابلة بين المادتين 41، 44 من الدستور سالفتي الذكر أن المشرع الدستوري قد فرق في الحكم بين تفتيش الأشخاص وتفتيش المساكن فيما يتعلق بضرورة أن يتم التفتيش في الحالين بأمر قضائي ممن له سلطة التحقيق أو من القاضي المختص كضمانة أساسية لحصول التفتيش تحت إشراف مسبق من القضاء، فقد استثنت المادة 41 من الدستور من هذه الضمانة حالة التلبس بالجريمة بالنسبة للقبض على الشخص وتفتيشه فضلاً عن عدم اشتراطها تسبيب أمر القاضي المختص أو النيابة العامة بالتفتيش في حين أن المادة 44 من الدستور لم تستثن حالة التلبس من ضرورة صدور أمر قضائي مسبب ممن له سلطة التحقيق أو من القاضي المختص بتفتيش المسكن سواء قام به الآمر بنفسه أم إذن لمأمور الضبط القضائي بإجرائه، فجاء نص المادة 44 من الدستور المشار إليه عاماً مطلقاً لم يرد عليه ما يخصصه أو يقيده مما مؤداه أن هذا النص الدستوري يستلزم في جميع أحوال تفتيش المساكن صدور الأمر القضائي المسبب وذلك صوناً لحرمة المسكن التي تنبثق من الحرية الشخصية التي تتعلق بكيان الفرد وحياته الخاصة ومسكنه الذي يأوي إليه وهو موضع سره وسكينته، ولذلك حرص الدستور - في الظروف التي صدر فيها - على التأكيد على عدم انتهاك حرمة المسكن سواء بدخوله أو بتفتيشه ما لم يصدر أمر قضائي مسبب دون أن يستثنى من ذلك حالة التلبس بالجريمة التي لا تجيز- وفقاً للمادة 41 من الدستور - سوى القبض على الشخص وتفتيشه أينما وجد. يؤكد ذلك أن مشروع لجنة الحريات التي شكلت بمجلس الشعب عند إعداد الدستور كان يضمن نص المادة 44 استثناء حالة التلبس من حكمها غير أن هذا الاستثناء قد أسقط في المشروع النهائي لهذه المادة وصدر الدستور متضمناً نص المادة 44 الحالي حرصاً منه على صيانة حرمة المساكن على ما سلف بيانه.
لما كان ما تقدم وكان نص المادة44 من الدستور واضح الدلالة - على ما سبق ذكره - على عدم استثناء حالة التلبس من الضمانتين اللتين أوردهما - أي صدور أمر قضائي وأن يكون الأمر مسبباً - فلا يحق القول باستثناء حالة التلبس من حكم هاتين الضمانتين قياساً على إخراجها من ضمانة صدور الأمر القضائي في حالة تفتيش الشخص أو القبض عليه، ذلك بأن الاستثناء لا يقاس عليه كما أنه لا محل للقياس عند وجود النص الدستوري الواضح الدلالة. ولا يغير من ذلك ما جاء بعجز المادة 44 من الدستور بعد إيرادها هاتين الضمانتين سالفتي الذكر من أن ذلك "وفقاً لأحكام القانون" لأن هذه العبارة لا تعنى تفويض المشرع العادي في إخراج حالة التلبس بالجريمة من الخضوع للضمانتين اللتين اشتراطهما الدستور في المادة 44 سالفة الذكر، والقول بغير ذلك إهدار لهاتين الضمانتين وتعليق أعمالهما على إرادة المشرع العادي وهو ما لا يفيد نص المادة 44 من الدستور وإنما تشير عبارة "وفقاً لأحكام القانون" إلى الإحالة إلى القانون العادي في تحديد الجرائم التي يجوز فيها صدور الأمر بالتفتيش وبيان كيفية صدوره وتسبيبه إلى غير ذلك من الإجراءات التي يتم بها هذا التفتيش. لما كان ذلك وكانت المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 - المطعون فيها - تنص على أن "لمأمور الضبط القضائي في حالة التلبس بجناية أو جنحة أن يفتش منزل المتهم ويضبط فيه الأشياء والأوراق التي تفيد في كشف الحقيقة إذا اتضح له من أمارات قوية أنها موجودة فيه" مما مفاده تخويل مأمور الضبط القضائي الحق في إجراء تفتيش مسكن المتهم في حالة التلبس بجناية أو جنحة دون أن يصدر له أمر قضائي مسبب ممن يملك سلطة التحقيق وهو ما يخالف حكم المادة 44 من الدستور على ما سلف بيانه، الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم دستورية المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية.

لهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق