الصفحات

الخميس، 30 ديسمبر 2021

الطعن 18 لسنة 42 ق دستورية عليا "منازعة تنفيذ".جلسة 4 / 12 / 2021

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من ديسمبر سنة 2021م، الموافق التاسع والعشرين من ربيع الآخر سنة 1443 ه.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 18 لسنة 42 قضائية "منازعة تنفيذ".

المقامة من
أحمد رفعت خطاب خطاب
ضد
1- وزير العدل 2- النائب العام 3- وزير الداخلية 3- مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة السجون

--------------

" الإجراءات "

بتاريخ الثاني عشر من أغسطس سنة 2020، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، أولًا: بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 5 لسنة 4 قضائية "دستورية" بجلسة 2/ 6/ 1984. ثانيًا: عدم الاعتداد بحكم محكمة جنايات بنها، في الدعوى رقم 7411 لسنة 2015 جنايات مركز كفر شكر، المقيدة برقم 3542 لسنة 2015 كلى شمال بنها، الصادر بجلسة 6/ 2/ 2017، والمؤيد بالحكم الصادر من محكمة النقض، بجلسة 26/ 10/ 2019، في الطعن رقم 8320 لسنة 87 قضائية. وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى. وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. ونظرت الدعوي على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعى، وآخرين، بأنهم في يوم 22/ 8/ 2015، بدائرة مركز شرطة كفر شكر، بمحافظة القليوبية: 1- حازوا وأحرزوا سلاحين ناريين مششخنين " بندقيتين آليتين" مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه. 2- سرقوا السيارة الرقيمة " 21512 ملاكي البحر الأحمر " والمنقولات والمبلغ النقدي، المبينة وصفًا وقدرًا بالأوراق المملوكة للمجنى عليه/ ............، وكان ذلك ليلاً، بالطريق العام وبطريق الإكراه الواقع عليه. 3- حازوا وأحرزوا بغير ترخيص سلاحًا ناريًّا مششخنًا. 4- حازوا وأحرزوا ذخائر نارية مما تستعمل في الأسلحة النارية السالفة، بغير ترخيص، ومما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها. 5- حازوا وأحرزوا بغير ترخيص صديري واقٍ من الرصاص على النحو المبين بالتحقيقات. وقد أحالت النيابة المتهمين إلى محكمة جنايات بنها.
وبجلسة 6/ 2/ 2017، حكمت المحكمة حضوريًا بمعاقبة المدعى، وباقي المتهمين، - عن التهم السالفة البيان - بالسجن المؤبد وتغريمه مبلغ عشرين ألف جنيه، ومصادرة المضبوطات. لم يرتض المدعى هذا القضاء فطعن عليه بطريق النقض، بالطعن رقم 8320 لسنة 87 قضائية. وبجلسة 26/ 10/ 2019، قضت المحكمة برفض الطعن.
وإذ ارتأى المدعى أن الحكمين المشار إليهما، إذ سوغا دخول وتفتيش المسكن في حالة التلبس تطبيقًا للمادة (47) من قانون الإجراءات الجنائية، قد جاءا مناقضين لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 2/ 6/ 1984، في الدعوى رقم 5 لسنة 4 قضائية "دستورية"، الذى قضى بعدم دستورية نص تلك المادة، ومن ثم يُعد الحكم الصادر بإدانته، المؤيد من محكمة النقض عقبة في سبيل تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، فقد أقام دعواه المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قوامها أن التنفيذ لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا - بمضمونها أو أبعادها - دون اكتمال مداه، وتعطل تبعًا لذلك، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. فمن ثم، تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التى تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها.
وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ، وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فاعليته.
بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها كاملة في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها - قد حالت فعلاً أو من شأنها أن تحول دون تنفيذ أحكامها تنفيذًا صحيحًا مكتملاً ، أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسناد هذه العوائق إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها، ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن منازعة التنفيذ تدور وجودًا وعدمًا، مع نطاق حجية الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، ولا تتعداه إلى غيرها من النصوص التشريعية، ولو تشابهت معها، ذلك أن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في الدعوى الدستورية، يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التى كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلًا حاسمًا بقضائها، دون تلك التى لم تكن مطروحة على المحكمة ولم تفصل فيها بالفعل، فلا تمتد إليها تلك الحجية. كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم، وما يتصل بهذا المنطوق من أسباب اتصالاً حتميًا، بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها، فمن ثم لا يجوز الارتكان إلى تلك الأسباب إلا إذا تعلقت العقبة التى تحول دون تنفيذ الحكم الصادر في المسألة الدستورية بما ورد بأسباب ذلك الحكم المرتبطة بالمنطوق، للقول بأن هناك عقبات تحول دون سريان تلك الأسباب.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 2/ 6/ 1984، في الدعوى رقم 5 لسنة 4 قضائية " دستورية "، بعدم دستورية المادة ( 47 ) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950، التي كانت تجيز لمأمور الضبط القضائي في حالة التلبس بجناية أو جنحة أن يفتش منزل المتهم، لمخالفته للمادتين ( 44،41 ) من دستور 1971.
وإذ كان ما تقدم، وكان الحكم الصادر بجلسة 6/ 2/ 2017، في الدعوى رقم 7411 لسنة 2015 جنايات كفر شكر، المقيدة برقم 3542 لسنة 2015 جنايات كلى شمال بنها، قد أدان المدعى عن التهم التى قدم بسببها إلى المحاكمة، بالسجن المؤبد وتغريمه عشرين ألف جنيه والمصادرة، قد جاء مرتكنًا إلى أن المحكمة اطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى، واستخلصت منها أن المتهمين كونوا تشكيلًا عصابيًا لسرقة السيارات وتهديد مستقليها بالأسلحة النارية والاستيلاء عليها ومساومة المجنى عليهم لإعادتها مرة أخرى مقابل مبالغ مالية. وتناول الحكم الرد على الدفع المبدى من المتهمين ببطلان تفتيش مساكن كل منهم لعدم وجود إذن من النيابة العامة، بأن هذا الدفع مردود بما هو ثابت بالأوراق من أن المتهمين تم ضبطهم ضبطًا قانونيًا بعد توافر الدلائل الكافية على ارتكابهم واقعة السرقة على النحو السالف البيان، وقد أقر كل منهم على نفسه وعلى الآخرين باحتفاظهم بالمسروقات والأقنعة والذخيرة المستخدمة في الحادث بمساكنهم، ومن ثم فإن انتقال الضابط إلى منازلهم وضبط المضبوطات - المسروقات والذخيرة والأقنعة - بإرشادهم يكون إجراءً صحيحًا في القانون، إعمالًا للمادة (47) من قانون الإجراءات الجنائية. وقد أيدت محكمة النقض هذا الحكم، وجاء في أسباب حكمها ردًا على الدفع المبدى ببطلان تفتيش منازل المتهمين، أن ما قاله الحكم من ذلك سائغ وصحيح في القانون، ذلك أن الرضا بالتفتيش يكفى فيه أن تكون المحكمة قد استبانته من وقائع الدعوى وظروفها، واستنتجته من دلائل مؤدية إليه، فإن التفتيش على الصورة التى انتهت إليها المحكمة يكون صحيحًا مشروعًا، وتكون المحكمة إذ اعتبرته كذلك وأدانت الطاعنين استنادًا إلى الدليل المستمد منه لم تخالف القانون في شيء. وكان لا يعيب الحكم ما استطرد من تقريرات قانونية خاطئة مما لم يكن الحكم بحاجة إليها ولم يكن لها أثر في منطوقه أو في النتيجة التى خلص إليها.
وحيث كان ما تقدم، وكان ما أورده الحكمان المعتبران عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، لا صلة لهما بقضاء هذه المحكمة. ولا ينال من ذلك استناد المدعى إلى ما أورده حكم محكمة الجنايات، المؤيد بحكم محكمة النقض من إشارة إلى المادة (47) من قانون الإجراءات الجنائية، إذ إن ذلك لا يعدو أن يكون من قبيل التقريرات القانونية الخاطئة التي لا تنال من النتيجة التي خلص إليها الحكم، الذى أقام قضاءه على رضا المتهم بالتفتيش، وليس استنادًا إلى سلطة مأمور الضبط القضائي التي كانت ترتكن إلى المادة (47) من قانون الإجراءات الجنائية. ومن ثم لا يكون حكما محكمة جنايات بنها ومحكمة النقض المشار إليهما مصادمين لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 4 لسنة 5 قضائية "دستورية" السابق بيانه، ولا يشكلان عقبة في تنفيذه، لتنحل الدعوى المعروضة إلى طعن على هذين الحكمين، لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة، إذ لا تُعد منازعة التنفيذ طريقًا للطعن في الأحكام، مما يتعين معه القضاء بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق