الصفحات

الأربعاء، 22 ديسمبر 2021

الطعن 19 لسنة 38 ق جلسة 1 / 4 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 أحوال شخصية ق 88 ص 545

جلسة أول إبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ صبري أحمد فرحات، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين حنفي.

----------------

(88)
الطعن رقم 19 لسنة 38 ق: "أحوال شخصية"

حكم. "عيوب التدليل". "قصور. ما يعد كذلك". أحوال شخصية. "دعوى التطليق للضرر". استئناف.
إقامة الحكم الابتدائي قضاءه بالتطليق على دعامتين مختلفتين مستقلتين. تعرض الحكم الاستئنافي لإحدى هاتين الدعامتين دون الأخرى. قصور.

--------------
إذا أقام الحكم الابتدائي قضاءه بتطليق الطاعنة على دعامتين مختلفتين تستقل إحداهما عن الأخرى، واكتفى الحكم المطعون فيه - في إلغائه للحكم الابتدائي - بالرد على إحدى هاتين الدعامتين دون أن يعرض لبحث الدعامة الأخرى وهي دعامة جوهرية فإنه يكون قاصراً بما يوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة/ سونيا أفاديس تشاكجيان أقامت الدعوى رقم 730 سنة 1965 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد زوجها أغاس نيقول زهراب مدغشيان تطلب فيها الحكم بتطليقها منه طلقة بائنة للضرر، وبعدم تعرضه لها في أمور الزوجية مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقالت شرحاً لدعواها إنها تزوجت بالمدعى عليه بعقد رسمي مؤرخ 8/ 4/ 1957 موثق بمكتب الشهر العقاري بالقاهرة برقم 5060 سنة 1957 وأشهر في بطريركية الأرمن الأرثوذكس بالقاهرة في 5/ 5/ 1957، وقد رزقت منه بابنتين في حضانتها. ولكنها ما لبثت أن تكشفت أنه شاب عصبي، تلازمه نوبات ضجر وسأم تتطور إلى هياج شديد، وكلما حاولت رده إلى حالته الطبيعية أساء معاملتها واعتدى عليها بالضرب ومنعها من زيارة والديها، بل وكثيراً ما تظهر عليه علامات تهيج شديد تفقد أثناءها الأمن في كنفه، كما أنه يأتي معها تحت الضغط والإكراه أفعالاً تبلغ من القبح وسوء السلوك غايتهما مما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما، وأنها صبرت عليه طويلاً دون جدوى مما اضطرها إلى ترك منزل الزوجية، وقد طال هذا الخلاف واستمرت الفرقة لمدة جاوزت الخمس سنوات فشلت خلالها كل محاولات الصلح أو الإصلاح فاتفقا على إنهاء العلاقة الزوجية، وتحرر بذلك إقراراً تاريخه 12/ 5/ 1965 وقع عليه الزوج وأقر فيه بوجود الخلف واستمراره وإخفاق المساعي التي بذلت في إزالة أسبابه، وإذ كانت هي مسيحية بروتستانية وهو مسيحي أرثوذكسي وتخضع أحوالهما الشخصية لأحكام الشريعة الإسلامية التي تجيز التطليق للضرر، فضلاً عن أن المدعى عليه كان قد اعتنق الدين الإسلامي ثم ارتد عنه، مما يوجب الفرقة بين الزوجين. فقد انتهت إلى طلب الحكم لها بطلباتها. وأنكر المدعى عليه اعتناقه الإسلام وردته عنه. ثم طلب الحكم برفض الدعوى مستنداً في ذلك إلى أنه والمدعية أرمن أرثوذكس ومتحدان في الطائفة والملة وتحكمهما شريعتهما. وبتاريخ 25/ 3/ 1965 حكمت المحكمة حضورياً وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المدعية بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها شهادة الشهود أن المدعى عليه أضر بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما على أن يكون للمدعى عليه النفي بذات الطرق. وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين، عادت بتاريخ 16/ 12/ 1965 فحكمت حضورياً بتطليق المدعية من المدعى عليه طلقة بائنة وألزمته بالمصروفات وبمبلغ 200 قرشاً مقابل أتعاب المحاماة. واستأنف المدعى عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وقيد هذا الاستئناف برقم 127 سنة 84 قضائية. وبتاريخ 25/ 5/ 1968 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وبإلغاء الحكم المستأنف موضوعاً ورفض الدعوى وألزمت المستأنفة بالمصروفات وخمسة عشر جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة. وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه، أن الحكم الابتدائي أقام قضاءه بتطليقها من المطعون عليه على نتيجة التحقيق الذي تولته المحكمة وعلى سبب أساسي آخر هو إقرار المطعون عليه في عقد الاتفاق المؤرخ 12 مايو سنة 1965 الموقع عليه منه والذي أقر فيه بصحة سبب الدعوى فضلاً عن الأوراق الأخرى التي أشار إليها الحكم تفصيلاً. ولكن الحكم المطعون فيه - وهو بسبيل إلغاء الحكم الابتدائي - اكتفى باستبعاد الدليل المستمد من البينة مستنداً في ذلك إلى ما قرره من أن نصاب الشهادة في هذه الدعوى رجلان أو رجل وامرأتان وأن شرط صحة شهادة المرأتين سماعهما معاً في مجلس واحد، ثم خلا خلواً تاماً مما يدل على أن المحكمة اطلعت على عقد 12 مايو سنة 1965 الذي هو أساس الدعوى أو على غيره من الأوراق أو أنها عنيت ببحث هذه المستندات، وأنه لما كان القضاء ببطلان التحقيق لا يؤثر في الأدلة الأخرى التي أقيم عليها الحكم الابتدائي وهي أدلة جوهرية وكافية وحدها لحمل قضائه فإن الحكم المطعون فيه وقد أبطل البينة ثم أغفل ما عداها من الأدلة يكون مشوباً بالقصور وبالإخلال بحق الطاعنة في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي يبين أنه أقام قضاءه بتطليق الطاعنة من المطعون عليه على ما قرره من أن "الثابت من أقوال شهود الإثبات الذين تطمئن المحكمة إلى أقوالهم أن الزوج المدعى عليه اعتدى على زوجته المدعية اعتداءاً جسيماً وأساء معاملتها" وأن ذلك تأيد "من مجريات الظروف المحيطة بالنزاع والأوراق المقدمة ومدلول الاتفاق الصادر في 12 مايو سنة 1965 الذي أقر فيه المدعى عليه باستحكام الخلف بينه وبينها وكانت الأفعال التي قارفها المدعى عليه والتصرفات المهينة لكرامتها والمؤذية لشعورها وهي طالبة جامعية مما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالها" وهو بذلك يكون قد أقام قضاءه بتطليق الطاعنة - من المطعون عليه - على دعامتين مختلفتين تستقل إحداهما عن الأخرى "أولاهما" ما حصلته المحكمة من أقوال شهود الإثبات "وثانيهما" ما استخلصته من مجريات الظروف المحيطة بالنزاع والأوراق المقدمة ومدلول الاتفاق المؤرخ 12 مايو سنة 1965. وإذ كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه اقتصر في قضائه بإلغاء الحكم الابتدائي على ما قرره من أنه "من ضمن الشروط الموضوعية اللازمة لصحة الدليل أن تكون الاثنين من النساء معاً في مجلس واحد عند سماع الشهادة لأن الفقه الحنفي نص على أن القاضي لا يفرق بين الشاهدتين كما يفرق بين الشاهدين" وأن "محكمة أول درجة قد أخطأت حينما استمعت إلى شهادة كل من الشاهدتين الثانية والرابعة على انفراد" وأنه بذلك "لم يبق في الدعوى سوى شهادة الشاهد الثالث وعلى فرض صحتها فهي لا يبنى عليها حكم لأنها شهادة فرد ولابد لمثل هذه الدعوى من النصاب في الشهادة وهو رجلان أو رجل وامرأتان" فإنه بذلك يكون قد عرض لإحدى دعامتي الحكم الابتدائي وهي "البينة" وغفل عن دعامته الثانية وهي "الظروف المحيطة بالنزاع والأوراق المقدمة ودلالة الاتفاق الصادر في 12 مايو سنة 1965" وإذ اكتفى الحكم المطعون فيه في إلغائه للحكم الابتدائي بالرد على إحدى دعامتيه المختلفتين دون أن يعرض لبحث دعامته الباقية وهي دعامة جوهرية فإنه يكون قاصراً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق