الصفحات

الجمعة، 2 أكتوبر 2020

الطعن 13 لسنة 44 ق جلسة 11/ 2 /1976 مكتب فني 27 ج 1 أحوال شخصية ق 89 ص 432

جلسة 11 من فبراير سنة 1976

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي، وسعد أحمد الشاذلي، والدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد الباجوري.

-----------------

(89)
الطعن رقم 13 لسنة 44 ق "أحوال شخصية"

(1 و2) أحوال شخصية "التطليق". خبرة.
(1) حق الزوجة في طلب التفريق للعيب في الرجل. شرطه. جواز الاستعانة بأهل الخبرة لبيان مدى استحكام المرض ومدى الضرر الناجم عن الإقامة مع وجوده.
 (2)حق الزوجة في طلب التطليق بسبب العنة. وجوب الأخذ فيه بأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة. تحقيق عيب العينة المسوغ للفرقة عند الحنفية. مناطه. عدم إمهال الحكم للزوج مدة سنة لإمكان مباشرة زوجته بدعوى أنه لم يصل إليها مدة أكثر من سنة سابقة على رفع الدعوى. خطأ.

---------------
1 - مؤدى نص المادتين 9 و11 من القانون رقم 25 لسنة 1920 بشأن أحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة -  (1)  أن المشرع جعل للزوجة حق طلب التفريق من الزوج إن ثبت به عيب مستحكم لا يمكن البرء منه أصلاً أو يمكن البرء منه بعد زمن طويل بحيث لا يتسنى لها الإقامة معه إلا بضرر شديد وأنه توسع في العيوب المبيحة للفرقة فلم يذكرها على سبيل الحصر مخولاً الاستعانة بأهل الخبرة لبيان مدى استحكام المرض ومدى الضرر الناجم عن الإقامة مع وجوده، كل ذلك شريطة ألا تكون الزوجة قد رضيت بالزوج مع علمهما بعيبه صراحة أو دلالة.
2 - إذ كانت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 25 لسنة 1920 قد أوضحت أن التفريق للعيب في الرجل قسمان قسم كان معمولاً به بمقتضى مذهب أبي حنيفة وهو التفريق للعيوب التي تتصل بقربان الرجل لأهله وهي عيوب العنة والجب والخصاء وباق الحكم فيه وفقه، وقسم جاء به القانون وزاده على ما كان معمولاً به وهو التفريق لكل عيب مستحكم لا تعيش الزوجة معه إلا بضرر، وكان ما نصت عليه المادة 11 من هذا القانون من الاستعانة بأهل الخبرة من الأطباء يقصد به تعرف العيب وما إذا كان متحققاً فيه الأوصاف التي أشارت إليها، ومدى الضرر المتوقع من المرض وإمكان البرء منه والمدة التي يتسنى فيها ذلك، وما إذا كان مسوغاً لطلب التطليق أولاً وكان القانون رقم 25 لسنة 1920 قد سكت عن التعرض للإجراء الواجب على القاضي اتباعه للوصول إلى الحكم بالفرقة، فلم يعين الزمن الطويل الذي لا يمكن بعد فواته البرء من المرض، أو يبين ما يرتبه على تقارير أهل الخبرة من الأطباء بعد ثبوت وجود العنة من الحكم بالفرقة في الحال أو بعد التأجيل مما يوجب الأخذ بأرجح الأقوال من مذهب الحنفية طبقاً للمادة 270 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية. إذا كان ذلك، وكان المقرر في هذا المذهب أنه إذا ادعت الزوجة على زوجها أنه عنين وأنه لم يستطع مباشرتها بسبب هذا العيب وثبت أنها لا زالت بكراً، وصادقها الزوج على أنه لم يصل إليها، فيؤجله القاضي سنة ليبين بمرور الفصول الأربعة المختلفة ما إذا كان عجزه عن مباشرة النساء لعارض يزول أو لعيب مستحكم، وبدء السنة من يوم الخصومة إلا إذا كان الزوج مريضاً أو به مانع شرعي أو طبيعي كالإحرام والمرض فتبدأ من حين زوال المانع ولا يحسب من هذه السنة أيام غيبتها أو مرضها أو مرضه إن كان مرضاً لا يستطاع معه الوقاع، فإن مضت السنة وعادت الزوجة إلى القاضي مصرة على طلبها لأنه لم يصل إليها طلقت منه. لما كان ما تقدم، وكان البين من تقرير الطبيب الشرعي أن المطعون عليها ما زالت بكراً تحتفظ بمظاهر العذرية التي ينتفي معها القول بحدوث معاشرة، وأن الطاعن وإن خلا من أسباب العنة العضوية الدائمة إلا إنها قد تنتج عن عوامل نفسية وعندئذ تكون مؤقتة ويمكن زوالها بزوال بواعثها مما يمهد للشفاء واسترجاع القدرة على الجماع، فإن الحكم إذ قضى بالتفريق على سند من ثبوت قيام عيب العنة النفسية به دون إمهال يكون قد خالف القانون، لا يشفع في ذلك تقريره أن عجز الطاعن عن الوصول إلى زوجته المطعون عليها استمر لأكثر من سنة قبل رفع الدعوى، لأن مناط تحقق عيب العنة المسوغ للفرقة عند الحنفية ليس بمجرد ثبوت عجز الزوج من الوصول إلى زوجته بل استمرار هذا العجز طيلة السنة التي يؤجل القاضي الدعوى إليها وبالشروط السابقي الإشارة إليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 185 لسنة 1972 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة الجيزة الابتدائية ضد الطاعن طالبة الحكم بفسخ عقد زواجها منه الموثق في 24/ 2/ 1971 وبتطليقها منه، وقالت بياناً لها إنها تزوجته بالعقد الشرعي الصحيح المشار إليه ولكنه عجز عن معاشرتها معاشرة الأزواج رغم مضي أكثر من عام ونصف لأن به عنة يجعله لا يقدر بطبيعته على مباشرة النساء، وإذ ألحقت حالته هذه بها ضرراً جسيماً تمثل في حرمانها من حقها في حياة طبيعية إذ لا تزال بكراً هذا فضلاً عما لقيته من سوء معاملة كأثر لقيام هذا العيب الثابت تحققه من بقاء عذريتها على ما كانت عليه عند العقد الأمر الذي دفعها إلى إقامة دعواها، أنكر الطاعن قيام العيب به، حكمت المحكمة بتاريخي 12/ 11/ 1972 و18/ 2/ 1973 بندب مكتب الطب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي على طرفي الخصومة لبيان ما إذا كان بالطاعن عيب مستحكم لا يمكن البرء منه أو يمكن بعد زمن طويل ولا يمكن للمطعون عليها المقام معه إلا بضرر وأنه لا يقوى على القيام بواجباته الزوجية الجنسية، وبعد أن قدم الطبيب الشرعي تقريره حكمت بتاريخ 30/ 6/ 1973 بتطليق المطعون عليها بائناً استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 110 لسنة 90 ق أحوال شخصية القاهرة طالباً إلغاءه ورفض الدعوى، وبتاريخ 31/ 1/ 1974 حكمت المحكمة الاستئنافية بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم للأسباب الثلاثة الأول، وبعرض الطعن على هذه الهيئة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم بنى قضاءه بالتفريق على سند من القول بأنه وقد ثبت أن المطعون عليها لا زالت بكراً رغم فوات مدة طويلة على زواجها فلا محل للاستجابة لطلب الإمهال، باعتباره كان الوسيلة المتاحة قبلاً لتحقق الدليل على العنة نفسية كانت أو عضوية، وقد استعيض عنه بالنص في المادة 11 من القانون رقم 25 لسنة 1920 على الاستعانة بأهل الخبرة، في حين أن المادة المشار إليها إنما تستهدف من اللجوء إلى الأطباء مجرد ثبوت قيام العيب المبرر لفسخ عقد الزواج، ولا يجوز للقاضي - وفق رأي الأئمة الأربعة - الحكم بالتفريق للعنة إلا بعد التأجيل سنة تحتسب من الوقت الذي يزول فيه المانع، وإذ خالف الحكم هذا الإجماع ولم يمهل الطاعن فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة التاسعة من القانون رقم 25 لسنة 1920 بشأن أحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية على أنه "للزوجة أن تطلب التفريق بينها وبين زوجها إذا وجدت به عيباً مستحكماً لا يمكن البرء منه أو يمكن البرء منه بعد زمن طويل ولا يمكنها المقام معه إلا بضرر كالجنون والجزام والبرص سواء كان ذلك العيب بالزوج قبل العقد ولم تعلم به أم حدث بعد العقد ولم ترض به فإن تزوجته عالمه بالعيب أو حدث العيب بعد العقد ورضيت به صراحة أو دلالة بعد علمها فلا يجوز التفريق" وفي المادة الحادية عشرة على أن "يستعان بأهل الخبرة في العيوب التي يطلب فسخ الزواج من أجلها"، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع جعل للزوجة حق طلب التفريق من الزوج إن ثبت به عيب مستحكم لا يمكن البرء منه أصلاً أو يمكن البرء منه بعد زمن طويل بحيث لا يتسنى لها الإقامة معه إلا بضرر شديد، وأنه توسع في العيوب المبيحة للفرقة فلم يذكرها على سبيل الحصر مخولاً الاستعانة بأهل الخبرة لبيان مدى استحكام المرض ومدى الضرر الناجم عن الإقامة مع وجوده، كل ذلك شريطة ألا تكون الزوجة قد رضيت بالزوج مع علمها بعيبه صراحة أو دلالة. ولما كانت المذكرة الإيضاحية للقانون قد أوضحت أن التفريق للعيب في الرجل قسمان: قسم كان معمولاً به بمقتضى مذهب أبي حنيفة وهو التفريق للعيوب التي تتصل بقربان الرجل لأهله وهي عيوب العنة والجب والخصاء وباق الحكم فيه وفقه، وقسم جاء به القانون وزاده على ما كان معمولاً به وهو التفريق لكل عيب مستحكم لا تعيش الزوجة معه إلا بضرر، وكان ما نصت عليه المادة 11 سالفة الذكر من الاستعانة بأهل الخبرة من الأطباء يقصد به تعرف العيب وما إذا كان متحققاً فيه الأوصاف التي أشارت إليها، ومدى الضرر المتوقع من المرض وإمكان البرء منه والمدة التي يتسنى فيها ذلك وما إذا كان مسوغاً لطلب التطليق أولاً، وكان القانون رقم 25 لسنة 1920 قد سكت عن التعرض للإجراء الواجب على القاضي اتباعه للوصول إلى الحكم بالفرقة، فلم يعين الزمن الطويل الذي لا يمكن بعد فواته البرء من المرض، أو يبين ما يرتبه على تقارير أهل الخبرة من الأطباء بعد ثبوت وجود العنة من الحكم بالفرقة في الحال أو بعد التأجيل مما يوجب الأخذ بأرجح الأقوال من مذهب الحنفية طبقاً للمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، لما كان ذلك وكان المقرر في هذا المذهب أنه إذا ادعت الزوجة على زوجها أنه عنين وأنه لم يستطع مباشرتها بسبب هذا العيب وثبت أنها لا زالت بكراً، وصادقها الزوج على أنه لم يصل إليها، فيؤجله القاضي سنة ليبين بمرور الفصول الأربعة المختلفة ما إذا كان عجزه عن مباشرة النساء لعارض يزول أو لعيب مستحكم، وبدء السنة من يوم الخصومة إلا إذا كان الزوج مريضاً أو به مانع شرعي أو طبيعي كالإحرام والمرض فتبدأ من حين زوال المانع، ولا يحسب من هذه السنة أيام غيبتها أو مرضها أو مرضه إن كان مرضاً لا يستطاع معه الوقاع، فإن مضت السنة وعادت الزوجة إلى القاضي مصرة على طلبها لأنه لم يصل إليها طلقت منه. لما كان ما تقدم وكان البين من تقرير الطبيب الشرعي أن المطعون عليها ما زالت بكراً تحتفظ بمظاهر العذرية التي ينتفي معها القول بحدوث معاشرة، وأن الطاعن وإن خلا من أسباب العنة العضوية الدائمة إلا أنها قد تنتج عن عوامل نفسية وعندئذ تكون مؤقتة ويمكن زوالها بزوال بواعثها مما يمهد للشفاء واسترجاع القدرة على الجماع، فإن الحكم إذ قضى بالتفريق على سند من ثبوت قيام عيب العنة النفسية به دون إمهال، يكون قد خالف القانون، لا يشفع في ذلك تقريره أن عجز الطاعن عن الوصول إلى زوجته المطعون عليها استمر لأكثر من سنة قبل الدعوى، لأن مناط تحقق عيب العنة المسوغ للفرقة عند الحنفية ليس بمجرد ثبوت عجز الزوج من الوصول إلى زوجته بل استمرار هذا العجز طيلة السنة التي يؤجل القاضي الدعوى إليها وبالشروط السابق الإشارة إليها، ومن ثم يتعين نقض الحكم لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إنه وإن كانت المحكمة قد انتهت إلى وجوب الاعتداد بفترة الإمهال أخذاً بالراجح من مذهب أبي حنيفة عملاً بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والتي أبقى عليها القانون رقم 462 لسنة 1955 إلا أنه لا يفوتها الإشارة إلى أن الإمهال لا موجب له في خصوص العنة طبقاً لمذهب الإمام مالك الأمر الذي يحفز المحكمة إلى الإهابة بالمشرع للمبادرة إلى إصدار تشريع ينص فيه على الأحكام الموضوعية لكل مسألة على حدتها غير متقيد بمذهب معين من مذاهب الشريعة الإسلامية بما فيه تحقيق العدالة وفقاً لمقتضيات التطور.


(1) نقض 19/ 11/ 1975 مجموعة المكتب الفني السنة 26 ص 1426.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق