الصفحات

الجمعة، 2 أكتوبر 2020

الطعن 8 لسنة 43 ق جلسة 19 / 11 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 أحوال شخصية ق 270 ص 1426

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي، وسعد الشاذلي، والدكتور رفعت خفاجى، وحسن مهران حسن.

--------------------

(270)
الطعن رقم 8 لسنة 43 ق "أحوال شخصية"

 (1)أحوال شخصية. حكم "إصدار الحكم". قضاة.
القضاء على المسلم. حظر توليه على غير المسلم. اقتصاره على ما يتحقق به الفصل في الخصومة. مجرد اشتراك القاضي غير المسلم في تلاوة الحكم. خروجه من نطاق هذا الخطر.
 (2)أحوال شخصية " التطليق". خبرة.
حق الزوجة في طلب التفريق للعيب في الرجل. شرطه. جواز الاستعانة بأهل الخبرة لبيان مدى استحكام المرض ومدى الضرر. المادتان 9 و11 ق 25 لسنة 1920.
 (3)أحوال شخصية "التطليق".
إباحة حق التطليق للزوجة بسبب العنة عند الحنفية. شرطه. ألا يكون زوجها قد وصل إليها في النكاح. العيب الحادث بعد الدخول. لا يثبت به خيار العيب. جواز التطليق - خلافاً لذلك - دون يمين على الزوج. م 9 ق 25 لسنة 1920.
(4) أحوال شخصية "التطليق". محكمة الموضوع. نقض.
سلطة محكمة الموضوع في تقدير وجود العيب المستحكم بالزوج. بلا رقابة عليها من محكمة النقض متى قام قضاؤها على أسباب سائغة.
(5) أحوال شخصية "الطلاق للضرر".
إضرار الزوج بزوجته بما لا يستطاع معه دوام العشرة. شرطه. العنة النفسية. عدم اعتبارها إضراراً في معنى المادة 6 ق 25 لسنة 1929.
 (6)حكم. نقض "السبب غير المنتج".
لا يعيب الحكم متى أصاب النتيجة ذكر مادة في القانون غير منطبقة على واقعة الدعوى. النعي عليه. غير منتج.

-----------------
1 - إذ كان القضاء على المسلم المحظور في الشريعة الإسلامية توليه على غير المسلم، هو القضاء الذي تتمكن به ولاية غير المسلم على المسلم لانتفاء هذه الولاية شرعاً، فإنه تمشياً مع علة الأصل يقتصر هذا الحظر على ما يتحقق به الفصل في الخصومة لأن هذا الفصل هو مناط تمكن الولاية، ومن ثم يخرج عن نطاق الحظر مجرد اشتراك القاضي غير المسلم في الهيئة التي نطقت بالحكم بدلاً من زميل له شارك في الفصل والخصومة وعرض له مانع من تلاوة الحكم، ذلك أن الاقتصار على المشاركة في تلاوة الحكم لا يعدو كونه عملاً إجرائياً بحت يحكمه قانون المرافعات والقوانين المكملة له عملاً بنص المادة الخامسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية.
2 - مؤدى نص المادتين التاسعة والحادية عشرة من القانون رقم 25 لسنة 1920 بأحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية أن المشرع جعل للزوجة حق طلب التفريق من الرجل إن ثبت به عيب "مستحكم" لا يمكن البرء منه أصلاً أو بعد زمن طويل بحيث لا يتسنى للزوجة الإقامة مع زوجها المعيب إلا بضرر شديد. وتوسع القانون في العيوب المبيحة للفرقة فلم يذكرها على سبيل الحصر مخولاً الاستعانة بأهل الخبرة لبيان مدى استحكام المرض ومدى الضرر الناجم عن الإقامة مع وجوده كل ذلك على شريطة ألا تكون الزوجة قد رضيت بالزوج مع علمها بعيبه صراحة أو دلالة.
3 - إذ كانت المذكرة الإيضاحية للقانون - رقم 25 لسنة 1920 - قد أوضحت أن التفريق للعيب في الرجل قسمان. قسم كان معمولاً به بمقتضى مذهب أبي حنيفة وهو التفريق للعيوب التي تتصل بقربان الرجل لأهله وهى عيوب العنة والجب والخصاء وباق الحكم فيه وفقه، وقسم جاء به القانون وزاده على ما كان معمولاً به وهو التفريق لكل عيب مستحكم لا تعيش الزوجة معه إلا بضرر، وكان المقرر في مذهب الحنفية أن من شرائط إباحة حق التطليق للزوجة بسبب العنة ألا يكون زوجها قد وصل إليها في النكاح، فإن كان قد وصل إليها ولو مرة واحدة لم يثبت لها هذا الحق، لأن حقها إنما هو في أن يباشرها مرة واحدة وقد استوفته، وما زاد عن ذلك لا يؤمر به قضاء بل ديانة فإن ما قرره الأحناف من أن القول للزوج بيمينه إذا وجدت الزوجة ثيباً أو كانت ثيباً من الأصل قاصر عندهم على العيب الذي يتبين بالزوج قبل الدخول وقبل الوصول إلى زوجته دون العيب الحادث بعد الدخول لأن هذا النوع الأخير لا يثبت به خيار العيب عندهم، وعلى خلاف هذا المذهب أجازت المادة التاسعة من القانون رقم 25 لسنة 1920 التطليق للعيب الحادث بعد الدخول دون أن توجب يميناً على الزوج، وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليها قررت أن الطاعن دخل بها وفض بكارتها وأن الضعف الجنسي طرأ بعد الدخول، فإن تحليفه اليمين يكون في غير موضعه.
4 - تقدير وجود العيب المستحكم بالزوج الذي لا يرجى زواله أو لا يمكن البرء منه إلا بعد زمن طويل ويحول دون مباشرة العلاقة الزوجية بما تتضرر منه الزوجة هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض متى كان قضاؤها يقوم على أسباب سائغة.
5 - الإضرار الذي تعنيه المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية يشترط فيه أن يكون الزوج قد قصده وتعمده سواء كان ضرراً إيجابياً من قبيل الإيذاء بالقول أو الفعل، أو ضرراً سلبياً يتمثل في هجر الزوج لزوجته ومنعها مما تدعو إليه الحاجة الجنسية على أن يكون ذلك باختياره لا قهراً عنه، يؤيد ذلك أن المشرع استعمل لفظ "الإصرار" لا الضرر، كما يؤيده أن مذهب المالكية مأخذ هذا النص يبيح للزوجة طلب التفريق إذا ما ضارها الزوج بأي نوع من أنواع الإيذاء التي تتمخض كلها في أن للزوج مدخلاً فيها واردة متحكمة في اتخاذها. والعنة النفسية لا يمكن عدها بهذه المثابة من قبيل الإضرار في معنى المادة السادسة سالفة الإشارة لأن الحيلولة دون ممارسة الحياة الزوجية بسببها لابد للزوج فيها بل هي تحصل رغماً عنه وبغير إرادته.
6 - إذ كان الحكم قد أصاب في النتيجة وأن تنكب الوسيلة، فلا يعيبه ما ورد به من تقريرات قانونية خاطئة إذ ذكر مادة في القانون غير منطبقة على واقعة الدعوى ويضحى النعي عليه لهذا السبب غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 75 لسنة 1970 أحوال شخصية "نفس" على الطاعن أمام محكمة قنا الابتدائية طالبة تطليقها منه، وقالت بياناً لها إنها تزوجت به بصحيح العقد الشرعي في 22/ 12/ 1965 وانه دخل بها إلا أن حياتهما الزوجية لم تدم سوى أيام إذ أصيب الطاعن بعنة حالت بينه وبين مباشرة مهامه الزوجية وأنها تخشى على نفسها الفتنة، ومن ثم أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان، وبتاريخ 1/ 9/ 1970 حكمت المحكمة بندب الطبيب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي على طرفي الخصومة لبيان مدى قابلية كل منهما للمواقعة الجنسية وما إذا كان الطاعن مصاباً بعنة أم لا وتاريخ إصابته بها ومدى احتمال شفائه منها، وبعد أن قدم الطبيب الشرعي تقريره وبتاريخ 22/ 3/ 1971 حكمت المحكمة بوقف الدعوى لمدة سنة قمرية، وبتاريخ 30/ 4/ 1972 حكمت المحكمة بتوجيه اليمين للطاعن بأنه خالط المطعون عليها منذ زواجهما وحتى خروجها من منزل الزوجية فحلفها، وبتاريخ 19/ 6/ 1972 حكمت المحكمة بإعادة عرض الطاعن على الطبيب الشرعي لبيان ما إذا كان قد شفي من العنة النفسية أم لا زالت ملازمة له، وبعد أن قدم الطبيب الشرعي ملحق تقريره حكمت بتاريخ 27/ 12/ 1972 برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 10 س 47 ق أسيوط طالبة إلغاءه. وبتاريخ 22/ 3/ 1973 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبتطليق المطعون عليها من الطاعن بائناً.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فقررت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة هذا الرأي.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب، ينعى الطاعن في أولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه صدر وتلي علناً من هيئة أحد أعضائها غير مسلم هو المستشار......، وأنه يشترط في القاضي - وفقاً لمذهب الإمام أبي حنيفة - أن يكون مسلماً لأن الإسلام شرط في جواز الشهادة على المسلم، وأنه لهذا لا يجوز لغير المسلم القضاء على المسلم مطلقاً سواء كان القضاء من غير المسلم نطقاً بالحكم أو فصلاً في النزاع لأن النطق بالحكم عمل قضائي يجب أن يصدر من محكمة لها ولاية قضائية ولأن الحكم لا يخلص له صفته القضائية إلا بالنطق به من قاض يتعين أن يكون مسلماً في قضايا الأحوال الشخصية للولاية على النفس بين المسلمين وأن مخالفة الحكم المطعون فيه لما تقدم تصمه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان القضاء على المسلم المحظور في الشريعة الإسلامية توليه على غير المسلم هو القضاء الذي تتمكن به ولاية غير المسلم لانتفاء هذه الولاية شرعاً فإنه تمشياً مع علة الأصل يقتصر هذا الحظر على ما يتحقق به الفصل في الخصومة لأن هذا الفصل هو مناط تمكن الولاية، ومن ثم يخرج عن نطاق الحظر مجرد اشتراك القاضي غير المسلم في الهيئة التي نطقت بالحكم بدلاً من زميل له شارك في الفصل في الخصومة وعرض له مانع من حضور تلاوة الحكم، ذلك أن الاقتصار على المشاركة في تلاوة الحكم لا يعدو كونه عملاً إجرائياً بحت يحكمه قانون المرافعات والقوانين المكملة له عملاً بنص المادة الخامسة من القانون رقم 462 سنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمجالس الملية، لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الهيئة التي سمعت المرافعة الختامية ووقعت على مسودة الحكم وفق المادة 170 من قانون المرافعات مكونة من المستشارين..... و...... و.......، وكان الطاعن لم يدع قيام مانع بأيهم يحول دون نظر الدعوى المعروضة والفصل فيها، فإن الحكم في واقع الأمر - يعتبر قد صدر من هذه الهيئة دون ما اعتداد بأن المستشار....... قد حضر جلسة النطق بالحكم على الرغم منه أنه ممنوع من نظر الدعوى وفقاً للمبدأ المتواضع عليه في التشريع الإسلامي والسابق الإشارة إليه، ويكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث أن حاصل النعي بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال، وفى بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم استند في قضائه بالتطليق إلى أن الثابت من تقريري الطبيب الشرعي أنه مصاب بعنة نفسية ولا ينتظر أن يؤتي العلاج ثمرته ما دام الشقاق بين الزوجين قائماً وحائلاً دون المودة والتعاطف من جانب الزوجة لمعاونته على اجتياز هذه المرحلة من العلاج، وذلك عملاً بالمادة 11 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1920 الذي أجاز الاستعانة بأهل الخبرة في إثبات العيب المجيز للتطليق، في حين أن ما تضمنه التقريران ليس إلا رأيا ظنياً لا يستند إلى دليل فني أو علمي يعتد به شرعاً خاصة وأنهما غير قاطعين في ثبوت إصابة الطاعن بالعنة النفسية التي لا يمكن الوقوف عليها بالفحص الإكلينيكي، وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال. هذا إلى أن الحكم لم يستدل على الإصابة بالعنة النفسية بقاعدة الإثبات الموضوعية في الشريعة الإسلامية طبقاً للراجح من مذهب أبي حنيفة، والتي تجعل القول للزوج بيمينه إن كانت الزوجة ثيباً ولهذه الأخيرة إن كانت بكراً، وإذ قضى الحكم بالتطليق على الرغم من ثبوت أن المطعون عليها ليست بكراً وإقرارها بأنه فض بكارتها بعد الدخول مهدراً دلالة اليمين التي حلفها الزوج أمام محكمة الدرجة الأولى فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النص في المادة التاسعة من القانون رقم 25 لسنة 1920 بأحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية على أن "للزوجة أن تطلب التفريق بينها وبين زوجها إذا وجدت به عيباً مستحكماً لا يمكن البرء منه أو يمكن البرء منه بعد زمن طويل ولا يمكنها المقام معه إلا بضرر كالجنون والجزام والبرص سواء كان ذلك العيب بالزوج قبل العقد ولم تعلم به أم حدث بعد العقد ولم ترض به فإن تزوجته عالمة بالعيب أو حدث العيب بعد العقد ورضيت به صراحة أو دلالة بعد علمها فلا يجوز التفريق وفى المادة الحادية عشرة على أن "يستعان بأهل الخبرة في العيوب التي يطلب فسخ الزواج من أجلها" يدل على أن المشرع جعل للزوجة حق طلب التفريق من الرجل أن ثبت به عيب مستحكم لا يمكن البرء منه أصلا أو بعد زمن طويل بحيث لا يتسنى للزوجة الإقامة مع زوجها المعيب إلا بضرر شديد وتوسع القانون في العيوب المبيحة للفرقة فلم يذكرها على سبيل الحصر مخولاً الاستعانة بأهل الخبرة لبيان مدى استحكام المرض ومدى الضرر الناجم عن الإقامة مع وجوده كل ذلك على شريطة ألا تكون الزوجة قد رضيت بالزوج مع علمها بعيبه صراحة أو دلالة. ولما كانت المذكرة الإيضاحية للقانون قد أوضحت أن التفريق للعيب في الرجل قسمان. قسم كان معمولاً به بمقتضى مذهب أبي حنيفة وهو التفريق للعيوب التي تتصل بقربان الرجل لأهله وهو عيوب العنة والجب والخصاء وباق الحكم فيه وفقه، وقسم جاء به القانون وزاده على ما كان معمولاً به وهو التفريق لكل عيب مستحكم لا تعيش الزوجة معه إلا بضرر، وكان المقرر في مذهب الحنفية أن من شرائط إباحة حق التطليق للزوجة بسبب العنة ألا يكون زوجها قد وصل إليها في النكاح، فإن كان قد وصل إليها ولو مرة واحدة لم يثبت لها هذا الحق، لأن حقها إنما هو في أن يباشرها مرة واحدة وقد استوفته، وما زاد عن ذلك لا يؤثر به قضاء بل ديانة فإن ما قرره الأحناف من أن القول للزوج بيمينه إذا وجدت الزوجة ثيباً أو كانت ثيباً من الأصل قاصر عندهم على العيب يتبين بالزوج قبل الدخول وقبل الوصول إلى زوجته دون العيب الحادث بعد الدخول لأن هذا النوع الأخير لا يثبت به خيار العيب عندهم، وعلى خلاف هذا المذهب أجازت المادة التاسعة من القانون رقم 25 لسنة 1920 التطليق للعيب الحادث بعد الدخول دون أن توجب يميناً على الزوج، وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليها قررت أن الطاعن دخل بها وفض بكارتها وأن الضعف الجنسي طرأ بعد الدخول فإن تحليفه اليمين يكون في غير موضعه. لما كان ذلك وكان تقدير وجود العيب المستحكم بالزوج الذي لا يرجى زواله أو لا يمكن البرء منه إلا بعد زمن طويل ويحول دون مباشرة العلاقة الزوجية بما تتضرر منه الزوجة هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض متى كان قضاؤها يقوم على أسباب سائغة، وكان البين من التقرير الطبي الشرعي الذي أخذ به الحكم المطعون فيه أن الطاعن أقر فيه بأن عدم تعاون المطعون عليها معه في ممارسة العملية الجنسية سببت له الكثير من الضيق وكان له أسوأ الأثر في نفسيته وقد نتج عن ذلك تغير في قوة الانتصاب... كما أثبت التقرير في نتيجته أنه مع استمرار الشقاق والتنافر بين الزوجين فليس من المحتمل أن تزول هذه العنة النفسية، وكان الحكم المطعون فيه عقب على ذلك التقرير بقوله "فإن قيام هذه الحالات بالزوج حتى الآن لا شك تضر بالزوجة المستأنفة ضرراً بليغاً وقد تسبب لها اضطراب أعصابها وقد بارحت منزل الزوجية خشية أن يصيبها الضرر من إجراء هذه الحالة، فإذا أضيف إلى ما تقدم أن ملازمة هذه الحالة عند الزوج هذه المدة الطويلة وهى حوالي أربعة سنوات دون أن يشفى أو تتحسن حالته وكانت الزوجة شابة يخشى عليها من الفتنة فإن قيام هذه الحالة يؤدي إلى التعاسة والضرر وينتفي معه الغرض السامي من الحياة الزوجية من الرحمة والمودة. وكان يبين من هذا الذي أورده الحكم أنه استخلص أن الطاعن مصاب بعنة نفسية لا يرجى زوالها منعته من الاتصال الجنسي بالمطعون عليها - هي عيب يبيح للزوجة طلب التطليق - واستند في ذلك إلى أسباب سائغة، وما أثاره الطاعن لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير موضوعي لا يقبل أمام محكمة النقض ويكون النعي على الحكم بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم ذهب إلى أن العنة النفسية بأعراضها من صنوف الإضرار التي لا يمكن معها للزوجة الاستمرار في المعاشرة الزوجية ويوجب التطليق، أخذاً بالمادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 في حين أن هذه المادة يقتصر نطاقها على الإضرار المتعمد من الزوج بالزوجة ويقصد به حالات الشقاق لسوء العشرة وليست العنة النفسية من قبيل الإضرار المعني بها وإنما هي عيب يجيز التطليق عملاً بالمادة التاسعة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1920 إذا توافرت شرائطه الشرعية والقانونية الأمر الذي يعيب الحكم.
وحيث إنه لما كان النص في المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية على أنه إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق... يدل على أن الإضرار الذي تعنيه المادة يشترط فيه أن يكون الزوج قد قصده وتعمده سواء كان ضرراً إيجابياً من قبيل الإيذاء بالقول أو الفعل، أو ضرراً سلبياً يتمثل في هجر الزوج لزوجته ومنعها مما تدعوا إليه الحاجة الجنسية على أن يكون ذلك باختياره لا قهراً عنه، يؤيد ذلك أن المشرع استعمل لفظ الإضرار لا الضرر، كما يؤكده أن مذهب المالكية مأخذ هذا النص يبيح للزوجة طلب التفريق إذا ما ضارها الزوج بأي نوع من أنواع الإيذاء التي تتمخض كلها في أن للزوج مدخلاً فيها وإرادة متحكمة في إتخاذها. ولئن كانت العنة النفسية لا يمكن عدها بهذه المثابة من قبيل الإضرار في معنى المادة السادسة سالفة الإشارة لأن الحيلولة دون ممارسة الحياة الزوجية بسببها لا يد للزوج فيها بل هي تحصل رغماً عنه وبغير إرادته مما يكون معه الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون، إلا أنه لما كانت هذه العنة النفسية تعد عيباً يستوجب تطبيق المادة التاسعة من القانون رقم 25 لسنة 1920 على ما سلف تفصيله بالسبب السابق وتوجب عند توافرها التطليق طلقة بائنة فإن الحكم يكون قد أصاب في النتيجة وأن تنكب الوسيلة ولا يعيبه ما ورد بأسبابه من تقريرات قانونية خاطئة إذ ذكر مادة في القانون غير منطبقة على واقعة الدعوى ويضحى النعي عليه لهذا السبب غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته متعين الرفض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق