الصفحات

الثلاثاء، 18 أغسطس 2020

الطعن 38 لسنة 3 ق جلسة 23 / 11 / 1933 مج عمر المدنية ج 1 ق 145 ص 262

جلسة 23 نوفمبر سنة 1933

برياسة سعادة عبد الرحمن إبراهيم سيد أحمد باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى بك وحامد فهمى بك ومحمد نور بك المستشارين.

-------------

(145)
القضية رقم 38 سنة 3 القضائية

(أ ) نزع الملكية للمنفعة العامة. 
إجراءاته. وجوب اتباع أحكام القانون الذى نظمه. متى يرجع إلى أحكام القانون المدني فيه؟
(ب) نزع الملكية. 
معناه. فوائد مقابل العقار المنزوعة ملكيته مع إيداع هذا المقابل بالخزانة. لا إلزام. 
(ج) المعارضة في تقرير الخبير 
الذي قدّر المقابل. متى تكون موجبة للفوائد التعويضية؟
(القانون رقم 5 الصادر في 14 أبريل سنة 1907 المعدّل)
(في 18 يونيه سنة 1931 والمادتان 330 مدني و115 مرافعات(

---------------
1 - إن المشرع المصري قد نظم إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة بقانون خاص هو القانون رقم 5 الصادر في 14 أبريل سنة 1907 المعدّل في 18 يونيه سنة 1931وهذا القانون واجب الاتباع فيما نص عليه فيه. فاذا خلا من النص على مسألة من مسائل نزع الملكية فيرجع في حلها إلى نصوص القانون المدني التي لا تتعارض مع نصوص قانون نزع الملكية.
2 - نزع الملكية في نظر الشارع معناه حرمان مالك العقار من ملكه جبرا عنه للمنفعة العامة مقابل تعويضه عما ناله من الضرر بسبب هذا الحرمان، أو حرمان مالك العقار من ملكه جبرا عنه للمنفعة العامة مقابل ثمنه الذى يشمل أحيانا شيئا آخر زيادة على قيمة العقار. فعلى المعنى الأوّل لا يكون نزع الملكية بيعا ولا شبه بيع، وعلى المعنى الثاني يكون أشبه بالبيعوعلى كلا المعنيين متى أودعت الحكومة المقابل الذى قدّره الخبير للأرض المطلوب نزع ملكيتها للمنفعة العامة قبل استيلائها على هذه الأرض فإنها لا تكون ملزمة - لا بمقتضى قانون نزع الملكية ولا بمقتضى القانون المدني - بدفع فوائد هذا المقابل لمجرّد معارضتها أمام المحكمة في تقرير الخبير الذى قدّره حتى ولو أنذرها رب العقار بالدفع، لأن الفوائد إنما يقضى بها في الديون الحالّة التي يحصل التأخير في سدادها بلا حق أو في الديون المؤجلة إذا حصل اتفاق طرفي العقد على ذلك. والمعارضة في تقدير ثمن العقار أو تعويضه تجعل هذا التقدير مؤجلا إلى أن يحصل الفصل فيه نهائيا، فهو لا يعتبر حالا قبل الفصل نهائيا في المعارضة، ولا تجوز المطالبة بهولا يصح في هذا الصدد التمسك بالمادة 330 مدني، لأن طالب نزع الملكية لم يجمع في يده بين الثمن والمبيع، فشروط استحقاق الفائدة المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من هذه المادة غير متوافرة.
3 - إن استعمال الحق المخوّل قانونا في المعارضة في تقرير الخبير الذى قدّر ثمن العقارات المنزوعة ملكيتها أو التعويض عنها لا يترتب عليه عند عدم النجاح إلزام رافعها بفوائد تعويضية إلا إذا كانت تلك المعارضة حصلت بطريق المكيدة كما تقضي بذلك المادة 115 مرافعات.


الوقائع

بما أن وقائع الدعوى تتلخص، حسب الوارد في الحكم المطعون فيه والأوراق والمستندات المودعة في ملف الطعن، في أنه بتاريخ 18 يناير سنة 1928 صدر مرسوم بنزع ملكية الأرض اللازمة لإنشاء منتزه على ضفة النيل الغربية ببندر المنيا، وبناء عليه نزع مجلس ببلدي المنيا ملكية 4 أفدنة و13 قيراطا و8 أسهم من الدكتور نصيف منقريوس و6 قراريط و7 أسهم من ملك فهيم أفندي سدره و7 قراريط و7 أسهم من ملك نخله بك مرقس و11 قيراطا و8 أسهم من وقف سلطان باشا. ولعدم اتفاق المجلس البلدي أمام المدير على الثمن مع ملاك هذه المقادير أحيلت الأوراق على رياسة المحكمة فانتدبت خبيرا قدّر قيمة الأرض جميعا بمبلغ 11418 جنيها و680 مليما مع أن لجنة التثمين كانت قدّرت قيمتها بمبلغ 2277 جنيها و814 مليما. ولما كان الفرق بين التقديرين جسيما أودع المجلس البلدي المبلغ الذى قدّره الخبير في قلم كتاب المحكمة بتاريخ 20 يناير سنة 1929 طبقا للمادتين 8 و17 من القانون رقم 5 لسنة 1907 الخاص بنزع الملكية للمنفعة العامّة، واشترط في محضر الإيداع أن يكون صرف مبلغ 2277 جنيها و814 مليما، الذى لا يعارض فيه، إلى الملاك بعد تقديمهم شهادة خلو العقارات من الرهن كنص المادة الثامنة، وأن لا يصرف ما زاد على هذا المبلغ حتى يفصل نهائيا في المعارضة التي يرفعها عن تقرير الخبير. ثم عارض في تقرير الخبير طالبا اعتماد الثمن الذى قدّرته لجنة التثمين، وعارض ملاك العقارات المنزوع ملكيتها طالبين اعتبار ثمن المتر 2 جنيه. ضمت المحكمة المعارضات إلى بعضها وقرّرت الانتقال إلى نقطة النزاع لمعاينتها. وفى أثناء قيام المعارضات أمام المحكمة أنذر المدّعى عليهم في الطعن المجلس البلدي بتاريخ 31 مايو سنة 1930 بالموافقة على صرف المبلغ المودع جميعه أو الجزء الذى قدّرته لجنة التثمين وهو مبلغ 2277 جنيها و814 مليما وإلا يلزم المجلس بالفوائد الماية تسعة من تاريخ صدور المرسوم بنزع الملكية أو من 30 أبريل سنة 1928 لغاية السداد.
وبعد المعاينة حكمت المحكمة بقبول المعارضات شكلا وفى الموضوع بتعديل تقرير الخبير وجعل ثمن الأطيان المملوكة للدكتور نصيف منقريوس مبلغ 4048 جنيها و78 مليما وثمن القدر المملوك لنخله بك مرقس 182 جنيها و280 مليما وثمن أطيان فهيم أفندي سدره 129 جنيها و34 مليما وثمن أطيان الوقف 283 جنيها و333 مليما مع إلزام كل معارض بمصاريف معارضته والمقاصة في أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنف المجلس الحكم في 19 و25 أغسطس سنة 1931 طالبا الحكم بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف واعتبار ثمن الـ 5 أفدنة و14 قيراطا و6 أسهم المنزوع ملكيتها مبلغ 2277 جنيها و814 مليما مع إلزام المستأنف عليهم بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين مع عدم صرف الثمن إلا بعد تقديم الشهادات العقارية الدالة على خلو العين من جميع التصرفات طبقا للمادة 8 من قانون نزع الملكية. كما استأنفه الدكتور نصيف منقريوس ومن معه بتاريخ 5 سبتمبر سنة 1931 طالبين قبول الاستئناف وتعديل الحكم المستأنف واعتبار ثمن المتر الواحد جنيهين مصريين مع الفوائد من يوم الإيداع حتى السداد بواقع الماية 9 وإلزام المستأنف عليه بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين. ضمت المحكمة الاستئنافات إلى بعضها ثم قرّرت الانتقال إلى الأرض موضوع النزاع لمعاينتها مع الخصوم والخبير الذى سبق تعيينه من محكمة أوّل درجة. وبعد تمام المعاينة، وبعد تعيين خبير جديد لمعاينة الأرض وإثبات حالتها وتقديم تقريره، حكم في 2 مارس سنة 1932 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المجلس البلدي بأن يدفع أيضا لكل من الدكتور نصيف منقريوس وفهيم سدره ونخله بك مرقس فوائد المبلغ المحكوم به بواقع الماية خمسة سنويا اعتبارا من 25 يوليه سنة 1929 تاريخ المعارضة وهى المطالبة الرسمية حتى السداد، وألزمت كل مستأنف بمصاريف استئنافه مؤسسة الحكم بالفوائد على أن المجلس البلدي لم ينازع في استحقاقهم للفوائد. أعلن هذا الحكم للمجلس البلدي في 2 أبريل سنة 1933، فطعن فيه بطريق النقض والإبرام بتاريخ 30 أبريل سنة 1933، ثم أعلن الطعن للمدّعى عليهم في 6 و9 مايو سنة 1933 وقدّم طرفا الخصومة المذكرات والمستندات في المواعيد القانونية وقدّمت النيابة مذكراتها في 18 أكتوبر سنة 1933.
وبجلسة يوم الخميس 9 نوفمبر سنة 1933 صمم كل من طرفي الخصومة على طلباته وأصرت النيابة على ما تدوّن بمذكرتها ثم أجل الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد سماع المرافعة والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
بما أن الطعن رفع صحيحا في الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلا.
وبما أن مبنى الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطاء في تطبيقه إذ قضى بالزام المجلس البلدي بأن يدفع لكل من الدكتور نصيف منقريوس وفهيم سدره ونخله بك مرقس فوائد المبلغ المحكوم به بواقع الماية خمسة سنويا اعتبارا من 25 يوليه سنة 1929 حتى السداد مع أن المجلس البلدي قد أودع الثمن حسب تقرير الخبير على ذمة المنزوع ملكيتهم وفقا لأحكام قانون نزع الملكية. لذا يكون الحكم بالفوائد في هذه الحالة مخالفا للقانون المدني الذى يقضى بأن الفوائد لا تستحق إلا على المبالغ الحالة الواجبة الدفع فورا عند التأخير في دفعها، ولأحكام قانون نزع الملكية المدوّنة في المواد 8 و17 و21، 28.
وبما أن المشرع المصري قد نظم إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة بقانون خاص هو قانون نمرة 5 الصادر في 14 أبريل سنة 1907 المعدّل في 18 يونيه سنة 1931 فيجب اتباعه وتطبيقه فيما نص عليه؛ وإذا خلا عن النص على مسألة من مسائل نزع الملكية يرجع في حلها إلى القانون المدني لتطبيق النصوص التي لا تتعارض مع نصوص قانون نزع الملكية.
وبما أن قانون 14 أبريل سنة 1907 عبر عن مقابل العقارات المنزوع ملكيتها تارة بالثمن وتارة أخرى بالتعويض كما جاء في المادة السابعة منه، فيكون نزع الملكية في نظر الشارع هو حرمان مالك العقار من ملكه جبرا عنه للمنفعة العامة مقابل تعويضه عما ناله من الضرر بسبب هذا الحرمان، أو هو حرمان مالك العقار من ملكه جبرا عنه للمنفعة العامة مقابل ثمنه الذى يشمل أحيانا شيئا آخر زيادة عن قيمة العقار. فعلى الاعتبار الأوّل لا يكون نزع الملكية بيعا ولا شبه بيع، وعلى الاعتبار الثاني قد يكون أشبه بالبيع.
وبما أن قانون نزع الملكية يلزم طالب نزع الملكية - في حالة عدم اتفاق ودّيا مع ملاك العقارات المطلوب أخذها للمنفعة العامة على الثمن أو التعويض وبعد تعيين خبير بمعرفة رئيس المحكمة المختصة لتقدير الثمن أو التعويض عن تلك العقارات وبعد تقدير الثمن أو التعويض بواسطة الخبير - بأن يودع في خزينة المحكمة المقابل الذى قدّره الخبير قبل استيلائه على العقار، ويمنح كلا من طالب نزع الملكية ومالك العقار حق المعارضة في تقرير الخبير أمام المحكمة إذا لم يرضه تقديره، ويرتب على معارضة طالب نزع الملكية في تقرير الخبير منع ملاك العقارات من صرف القدر المعارض فيه ولكنه يجيز لهم صرف ما لا معارضة فيه من قبل طالب نزع الملكية بعد تقديم شهادات عقارية بخلو الأعيان المنزوع ملكيتها من الرهن والحقوق العينية.
وبما أنه ثابت من محضر إيداع المجلس البلدي للمبلغ الذى قدّره الخبير ثمنا للعقارات المنزوع ملكيتها المحرّر في 20 يناير سنة 1929 أن المجلس لم يعارض في صرف المدّعى عليهم في الطعن لمبلغ 2277 جنيها و814 مليما بعد القيام بما أوجبته المادة 8 من قانون نزع الملكية من تقديم شهادات عقارية بخلو المنزوع ملكيته من الرهن والحقوق العينية وبعد قيام وقف سلطان باشا بإجراءات الوقف بخصوص 11 قيراطا و8 أسهم المأخوذة من الوقف، وعارض فقط في صرف الباقي مما قدّره الخبير حتى يحكم نهائيا في أمر تقرير الخبير.
وبما أن القضاء بفوائد بالنسبة لمبلغ 2277 جنيها و814 مليما المودع في خزينة المحكمة من المجلس البلدي ضمن ما قدّره الخبير على ذمة الملاك للعقارات المنزوع ملكيتها والمعلوم لهم إيداعه من الإعلان الإداري بقرار الاستيلاء الحاصل في 9 ديسمبر سنة 1929 مخالف للقانون، لأن عدم صرفه إلى المدّعى عليهم ناشئ عن إهمالهم القيام بتقديم شهادات بخلو العقار من الرهن والحقوق العينية الواجب تقديمها بمقتضى المادتين 8 و21 من قانون نزع الملكية، ولم يكن ناشئا عن تقصير المجلس في شيء أو عن اشتراطه شروطا للصرف لم يأمر بها القانون. والإجراءات الخاصة بالوقف لا تعوق المدّعى عليهم من صرف ما يخصهم لأن أرضهم ملك، ولا رابطة بينها وبين الوقف.
وبما أنه بالنسبة للمبلغ الزائد عن 2277 جنيها و814 مليما من القدر المودع في خزينة المحكمة حسب تقرير الخبير فمعارضة المجلس البلدي في صرفه حتى يقضى نهائيا في المعارضة الحاصلة في تقرير الخبير هي حق خوّله له القانون في المادة 20 منه، ويترتب عليها طبقا للمادة 21 عدم جواز صرفه أو تأجيل الصرف إلى أن يقضى في المعارضة نهائيا. وسواء أكان مقابل العقار تعويضا أو ثمنا فان المعارضة جعلت تقديره مؤجلا إلى الوقت الذى يفصل فيه في المعارضة نهائيا، فهو لا يعتبر حالا قبل الفصل النهائي في المعارضة، ولا تجوز المطالبة به ولا صرفه. وعليه لا يلزم طالب نزع الملكية بفوائد ثمن أو تعويض معلق تقديره على حكم المحكمة أو مؤجل إلى ذلك الحكم ولو أنذره المنزوع ملكيته بالدفع، لأن الفوائد يقضى بها في الديون الحالة التي يحصل التأخير في سدادها بلا حق أو في الديون المؤجلة إذا حصل اتفاق طرفي العقد على ذلك.
وبما أنه لا يمكن التمسك بالمادة 330 من القانون المدني على كلا الاعتبارين السابقين، حتى على اعتبار أن نزع الملكية أشبه شيء بالبيع، لأن هذه المادة تلزم المشترى بفائدة الثمن إذا استلم المبيع المثمر ولم يدفع الثمن للبائع حتى لا يجمع بين ثمرة المبيع وفائدة الثمن. والحال هنا غير ذلك لأن طالب نزع الملكية استولى على العقار بعد أن أودع الثمن الذى قدّره الخبير له فلم يجمع بين الثمن والمبيع. وعليه لا تتحقق شروط استحقاق الفائدة المبينة في الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة.
وبما أنه فوق ما تقدّم فان استعمال الحق المخوّل قانونا في المعارضة في تقرير الخبير لا يترتب عليه عند عدم النجاح إلزام رافعها بفوائد تعويضية إلا إذا كانت قد حصلت بقصد المكيدة كما تقضى بذلك المادة 115 من قانون المرافعات، ولم يثبت أن معارضة المجلس البلدي في تقرير الخبير كانت بقصد المكيدة، بل قد قام الدليل في هذه القضية على أن طالب نزع الملكية كان محقا في معارضته في تقرير الخبير من نفس الحكم المطعون فيه الدال على أن المحكمة قد أنقصت قيمة العقارات المنزوع ملكيتها عما قدّره الخبير إلى النصف تقريبا.
وبما أنه مما تقدّم يكون وجه النقض مقبولا ويتعين نقض الحكم المطعون فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق