الصفحات

الجمعة، 24 أبريل 2020

الطعن 1491 لسنة 50 ق جلسة 24 / 12 / 1980 مكتب فني 31 ق 216 ص 1117


جلسة 24 من ديسمبر سنة 1980
برياسة السيد المستشار محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان؛ وحسين كامل حنفي، ومحمد سالم يونس؛ ومحمد رفيق البسطويسي.
--------------------
(216)
الطعن رقم 1491 لسنة 50 القضائية

 (1)قانون. "تفسيره". "تطبيقه". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". خلو رجل. إيجار أماكن. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التحرز في تفسير القوانين الجنائية واجب. غموض النص. لا يحول دون تفسيره على هدي قصد المشرع. القياس في مجال التأثيم. محظور.
 (2)إيجار أماكن. خلو رجل. قانون. "تفسيره" "تطبيقه". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". اشتراك.
اقتضاء المؤجر بالذات أو بالواسطة. مقدم إيجار أو أية مبالغ إضافية بسبب تحرير عقد الإيجار. أو خارج نطاقه. زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليها في العقد. مؤثم.
حصول المؤجر من المستأجر على مقدم إيجار. أو تقاضيه أية مبالغ إضافية بسبب تحرير عقد الإيجار. هما مناط حظر اقتضاء المبالغ الإضافية. أساس ذلك؟.
قصر الإعفاء من العقوبة المنصوص عليها في المادة 45 من القانون 52 لسنة 1969 على الوسيط أو المستأجر دافع خلو الرجل كشريك للمؤجر في الجريمة.
اقتضاء المستأجر بالذات أو بالواسطة من المؤجر أو المالك أو من الغير أية مبالغ في مقابل إنهاء عقد الإيجار وإخلاء المكان المؤجر. لا تأثيم. مخالفة ذلك. خطأ في تأويل القانون.
مدى التزام المالك بدفع المبالغ المحددة بالمواد 49 وما بعدها من القانون 49 لسنة 1977 كتعويض في حالات إخلاء العين المؤجرة لهدمها وإعادة بنائها؟.
 (3)حكم. "بياناته. بيانات حكم الإدانة". "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن، ما يقبل منها".
الحكم بالإدانة. وجوب اشتماله على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة. المادة 310 إجراءات.

------------------
1 - الأصل أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل، وأنه في حالة غموض النص، فإن الغموض لا يحول دون تفسيره على هدي ما يستخلص من قصد الشارع، مع مراعاة ما هو مقرر من أن القياس محظور في مجال التأثيم.
2 - إن الشارع إنما يؤثم بالإضافة إلى فعل اقتضاء المؤجر من المستأجر مقدم إيجار - أن يتقاضى منه أية مبالغ إضافية بسبب تحرير عقد الإيجار أو خارج نطاقه زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليها في العقد - وفي حدود ما نص عليه القانون - سواء كان ذلك المؤجر مالك العقار أو مستأجره الذي يروم تأجيره إلى غيره فتقوم في جانبه حينئذ صفة المؤجر وسببية تحرير عقد الإيجار، وهذا مناط حظر اقتضاء تلك المبالغ الإضافية، وذلك بهدف الحيلولة دون استغلال حاجة الطرف المستأجر الملحة إلى شغل المكان المؤجر نتيجة ازدياد أزمة الإسكان المترتبة على زيادة عدد السكان زيادة كبيرة وعدم مواكبة حركة البناء لتلك الزيادة مما حمل الشارع على التدخل لتنظيم العلاقة بين مؤجري العقارات ومستأجريها بقصد حماية جمهور المستأجرين من استغلال بعض المؤجرين. فأرسى الأسس الموضوعية لتحديد أجرة الأماكن في المواد 10، 11، 12 من القانون 52 لسنة 1969 وحظر على المؤجرين في المادتين 17، 45 اقتضاء أية مبالغ بالذات أو بالوساطة تزيد عن الأجرة والتأمين المنصوص عليهما في العقد وفي الحدود التي نص عليها القانون. وإذ كان ذلك فإن الحظر المشار إليه لا يسري على المستأجر الذي ينهي العلاقة الإيجارية ويتنازل للمؤجر أو للغير عن العين المؤجرة لتخلف الصفة والسببية مناط التأثيم. ولا يغير من ذلك ما ورد في المادة 45 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إعفاء المستأجر والوسيط من العقوبة إذا أبلغ أو اعترف بالجريمة، ذلك أن الثابت من المناقشات التي دارت بمجلس الأمة عند نظر مشروع هذا القانون أن الشارع قصد بالإعفاء المنصوص عليه في تلك المادة، المستأجر الذي يدفع مبلغ الخلو المحظور إلى المؤجر فيكون قد شارك بفعله هذا في وقوع الجريمة محل التأثيم. وكذلك الحال بالنسبة للوسيط، فرأى المجلس قصر الإعفاء عليهما فحسب - دون المؤجر - باعتبار أن هذه هي الوسيلة الناجعة لضبط جرائم خلو الرجل، ولذلك فإن حكم الإعفاء لا ينصرف البتة إلى حالة المستأجر الذي يتقاضى (خلو الرجل) بوصفه مؤجراً من الباطن إلى غيره، ومما يزيد الأمر وضوحاً في تحديد نطاق التأثيم كما عناه الشارع وأنه مقصور على المؤجر، أنه عند صياغة حكم الحظر في المادة 26 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن - وهي التي حلت محل المادة 17 من القانون رقم 52 لسنة 1969 دون أي تغيير في مضمون القاعدة - أفصح الشارع بجلاء لا لبس فيه عن هذا المعنى بالنص في تلك المادة على أن "لا يجوز للمؤجر مالكاً أو مستأجراً بالذات أو بالوساطة اقتضاء أي مقابل أو أتعاب بسبب تحرير العقد أو أي مبلغ إضافي خارج نطاق عقد الإيجار زيادة على التأمين والأجرة المنصوص عليهما في العقد كما لا يجوز بأية صورة من الصور للمؤجر أن يتقاضى أي مقدم إيجار". بل إنه لما يؤكد قصد الشارع في عدم تأثيم ما يتقاضاه المستأجر من مبالغ تعويضاً عن ترك العين المؤجرة ما نص عليه في المواد 49 وما بعدها من القانون رقم 49 لسنة 1977 سالف الذكر بأن يدفع للمستأجر المبالغ المحددة في هذه المواد على سبيل التعويض في حالات الإخلاء المترتبة على ما استحدثه من أحكام في شأن هدم المباني لإعادة بنائها بشكل أوسع. ولما كان مفاد ذلك كله أن تقاضي المستأجر بالذات أو بالوساطة أية مبالغ مقابل إنهاء عقد الإيجار وإخلاء المكان المؤجر هو فعل مباح يخرج عن دائرة التأثيم سواء طبقاً لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 أو الأمر العسكري رقم 6 لسنة 1973 اللذين استند إليهما الحكم المطعون فيه في إدانة الطاعن، أو أي قانون أو أمر عسكري آخر.
3 - المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة، حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه. بصفته مستأجراً تقاضى من المستأجر اللاحق مبلغ ثلاثة عشر ألف جنيه كخلو رجل. وطلبت عقابه بالمادتين 17، 45 من القانون رقم 52 لسنة 1969 المعدل بالقانون رقم 63 لسنة 1970 وأمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 6 لسنة 1973. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ عشرين ألف جنيه. ومحكمة جنح مصر الجديدة الجزئية قضت حضورياً ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية. فاستأنفت النيابة العامة كما استأنف المدعي بالحق المدني - ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بحبس المتهم شهراً مع الشغل وإلزامه بأداء مبلغ 13000 جنيه قيمة الخلو للمدعي بالحق المدني وبأن يؤدي له مبلغ 100 جنيه تعويضاً شاملاً للأضرار التي لحقت به. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه - وهو مستأجر - بجريمة خلو الرجل وألزمه بالرد والتعويض المدني عن واقعة اقتضائه من المطعون ضده مبلغاً من النقود مقابل تنازله له عن الشقة المؤجرة له من مالكها قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يعن ببيان أركان الجريمة والتدليل على توافرها في حقه، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن المدعي بالحقوق المدنية (المطعون ضده) أبلغ النيابة العامة بأن الطاعن - الذي يستأجر شقة يستعملها كعيادة لطب الأسنان - قبل أن يسلمه العيادة المذكورة خالية وأن يحصل له على عقد إيجار من المالك شريطة أن يحرر عقد بينهما يثبت فيه أنه باعه منقولات وأثاثاً بالشقة نظير مبلغ ألفي جنيه وأن يدفع له مبلغ ثلاثة عشر ألف جنيه، وفي الموعد المحدد سلم المطعون ضده المبلغ المتفق عليه إلى الطاعن الذي سلمه لزوجته التي انصرفت به وتوجها معاً إلى المالك الذي حرر عقد الإيجار للمطعون ضده، وخلص الحكم إلى ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن استناداً إلى أقوال المطعون ضده وشهادة الشهود، وانتهى إلى مؤاخذته بالمادتين 17، 45 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين والمادة الأولى من الأمر العسكري رقم 6 لسنة 1973 لتقاضيه مبلغاً إضافياً خارج نطاق الإيجار. لما كان ذلك وكان الأصل أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل، وأنه في حالة غموض النص، فإن الغموض لا يحول دون تفسيره على هدي ما يستخلص من قصد الشارع؛ مع مراعاة ما هو مقرر من أن القياس محظور في مجال التأثيم، وكان يبين من استقراء التشريعات والأوامر العسكرية التي تناولت تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين أن أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 جاءت - عند صدوره - خلواً من النص على تأثيم ما عسى أن يتقاضاه المؤجرون من المستأجرين من مبالغ إضافية خارج نطاق عقد الإيجار، مما حدا بالشارع إلى إصدار القانون رقم 11 لسنة 1962 بإضافة فقرة جديدة إلى المادة 16 من القانون رقم 121 لسنة 1947 تنص على أنه "يعاقب بالعقوبة المشار إليها كل مؤجر يتقاضى أي مبلغ إضافي خارج نطاق عقد الإيجار كخلو أو ما يماثله من المستأجر مباشرة أو عن طريق وسيط في الإيجار، وفي الحالة الأخيرة تطبق العقوبة ذاتها على الوسيط" وأفصح الشارع عن الهدف الذي تغياه من هذا التعديل فيما تضمنته المذكرة الإيضاحية للقانون من أن "بعض المؤجرين ما زالوا يحصلون على مبالغ إضافية خارج نطاق عقد الإيجار كخلو رجل تحايلاً منهم على قوانين تخفيض إيجار الأماكن التي قصد منها حماية المستأجرين من مغالاة المؤجرين في تقدير الإيجار وأن المادة السادسة من القانون رقم 121 لسنة 1947 تنص على التزام المؤجر برد أية مبالغ يحصل عليها من المستأجر خارج نطاق عقد الإيجار، سواء حصل عليها مباشرة أو عن طريق وسيط في الإيجار، وهذه المبالغ هي ما يعرف اصطلاحاً بخلو الرجل، أو أي مبالغ أخرى يحصل عليها المؤجر دون سبب مشروع والغرض من تقرير هذا الحكم هو حماية الآثار التي استهدفها المشرع في تحديد الإيجار لصالح المستأجرين، إلا أن القانون لم يضع جزاء جنائياً على مخالفة هذه المادة ضمن العقوبات التي نصت عليها المادة 16 منه لذلك يقتضي الأمر إدراج هذه المخالفة ضمن المخالفات الأخرى التي تستوجب الجزاء الجنائي الوارد بهذه المادة وتطبيقها على المؤجر أو وسيط الإيجار في حالة الحصول على هذه المبالغ....." ثم بعد ذلك، وإذ صدر القانون رقم 52 لسنة 1969 - الذي حصلت واقعة الدعوى في ظله - فقد نص في المادة 17 منه على أنه "لا يجوز للمؤجر بالذات أو بالوساطة اقتضاء أي مقابل أو أتعاب بسبب تحرير العقد أو أي مبلغ إضافي خارج نطاق عقد الإيجار زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليها في العقد، ويسري هذا الحظر أيضاً على المستأجر، كما لا يجوز بأي صورة من الصور للمؤجر اقتضاء مقدم إيجار كما نصت المادة 40 من هذا القانون على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور وبغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف أحكام المادة 17 سواء كان مؤجراً أو مستأجراً أو وسيطاً ويعفى من العقوبة كل من المستأجر والوسيط إذا أبلغ أو اعترف بالجريمة". وإبان مناقشة هذا المشروع في مجلس الأمة أجاب رئيس المجلس على تساؤل أحد الأعضاء بأن الحكمة من إضافة الفقرة التي تقضي بسريان الحظر على المستأجر إلى المادة 17 - هي منع المؤجر من الباطن من أن يقتضي مقدماً من الذي يؤجر له". كما وأن المادة الأولى من الأمر العسكري رقم 6 لسنة 1973 نصت على أنه "لا يجوز للمالك أن يقتضي من المستأجر أية مبالغ سواء كمقدم أجرة أو تأمين أو أية صفة أخرى غير ذلك بما يجاوز مجموع أجرة شهرين، ويعاقب المؤجر أو المالك على مخالفة ذلك بالحبس وبغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه ولا تقل عن قيمة المبالغ المدفوعة زيادة عن الحد المذكور، مع إلزامه برد المبالغ التي يحصل عليها، ويعاقب بنفس العقوبة كل من حصل من المستأجر على مقابل للتأجير (خلو رجل) بأية صورة وتحت أي ستار، مع إلزامه برد المبالغ التي حصل عليها". ولما كان البين من استقراء هذه النصوص والأعمال التشريعية التي اقترنت بإصدار بعضها، أن الشارع إنما يؤثم - بالإضافة إلى فعل اقتضاء المؤجر من المستأجر مقدم إيجار - أن يتقاضى منه أية مبالغ إضافية بسبب تحرير عقد الإيجار أو خارج نطاقه زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليها في العقد - وفي حدود ما نص عليه القانون - سواء كان ذلك المؤجر مالك العقار أو مستأجره الذي يروم تأجيره إلى غيره فتقوم في جانبه حينئذ صفة المؤجر وسببية تحرير عقد الإيجار، وهما مناط حظر اقتضاء تلك المبالغ الإضافية، وذلك بهدف الحيلولة دون استغلال حاجة الطرف المستأجر الملحة إلى شغل المكان المؤجر نتيجة ازدياد أزمة الإسكان المترتبة على زيادة عدد السكان زيادة كبيرة وعدم مواكبة حركة البناء لتلك الزيادة مما حمل الشارع على التدخل لتنظيم العلاقة بين مؤجري العقارات ومستأجريها بقصد حماية جمهور المستأجرين من استغلال بعض المؤجرين، فأرسى الأسس الموضوعية لتحديد أجرة الأماكن في المواد 10، 11، 12 من القانون رقم 52 لسنة 1969 وحظر على المؤجرين في المادتين 17، 45 اقتضاء أية مبالغ بالذات أو بالوساطة تزيد عن الأجرة والتأمين المنصوص عليهما في العقد وفي الحدود التي نص عليها القانون. وإذ كان ذلك فإن الحظر المشار إليه لا يسري على المستأجر الذي ينهي العلاقة الإيجارية ويتنازل للمؤجر أو للغير عن العين المؤجرة لتخلف الصفة والسببية مناط التأثيم. ولا يغير من ذلك ما ورد في المادة 45 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إعفاء المستأجر والوسيط من العقوبة إذا أبلغ أو اعترف بالجريمة، ذلك أن الثابت من المناقشات التي دارت بمجلس الأمة عند نظر مشروع هذا القانون أن الشارع قصد بالإعفاء المنصوص عليه في تلك المادة، المستأجر الذي يدفع مبلغ الخلو المحظور إلى المؤجر فيكون قد شارك بفعله هذا في وقوع الجريمة محل التأثيم، وكذلك الحال بالنسبة للوسيط، فرأى المجلس قصر الإعفاء عليهما فحسب - دون المؤجر - باعتبار أن هذه هي الوسيلة الناجعة لضبط جرائم خلو الرجل، ولذلك فإن حكم الإعفاء لا ينصرف البتة إلى حالة المستأجر الذي يتقاضى (خلو الرجل) بوصفه مؤجراً من الباطن إلى غيره ومما يزيد الأمر وضوحاً في تحديد نطاق التأثيم كما عناه الشارع وأنه مقصور على المؤجر، أنه عند صياغة حكم الحظر في المادة 26 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن - وهي التي حلت محل المادة 17 من القانون رقم 52 لسنة 1969 دون أي تغيير في مضمون القاعدة - أفصح الشارع بجلاء لا لبس فيه عن هذا المعنى بالنص في تلك المادة على أن "لا يجوز للمؤجر مالكاً أو مستأجراً بالذات أو بالوساطة اقتضاء أي مقابل أو أتعاب بسبب تحرير العقد أو أي مبلغ إضافي خارج نطاق عقد الإيجار زيادة على التأمين والأجرة المنصوص عليهما في العقد، كما لا يجوز بأية صورة من الصور للمؤجر أن يتقاضى أي مقدم إيجار". بل إنه لمما يؤكد قصد الشارع في عدم تأثيم ما يتقاضاه المستأجر من مبالغ تعويضاً عن ترك العين المؤجرة ما نص عليه في المواد 49 وما بعدها من القانون رقم 49 لسنة 1977 سالف الذكر بأن يدفع للمستأجر المبالغ المحددة في هذه المواد على سبيل التعويض في حالات الإخلاء المترتبة على ما استحدثه من أحكام في شأن هدم المباني لإعادة بنائها بشكل أوسع. ولما كان مفاد ذلك كله أن تقاضي المستأجر بالذات أو بالوساطة أية مبالغ مقابل إنهاء عقد الإيجار وإخلاء المكان المؤجر هو فعل مباح يخرج عن دائرة التأثيم سواء طبقاً لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 أو الأمر العسكري رقم 6 لسنة 1973 اللذين استند إليهما الحكم المطعون فيه في إدانة الطاعن، أو أي قانون أو أمر عسكري آخر، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة، حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا - على ما سلف بيانه - من إيراد واقعة الدعوى في صورة من الصور التي يؤثمها القانون رقم 52 لسنة 1969 أو الأمر العسكري رقم 6 لسنة 1973 - سواء بتوافر صفة المؤجر في حق الطاعن وتقاضيه المبلغ المشار إليه في الحكم بسبب تحريره عقد إيجار بالمكان الذي سلمه للمطعون ضده، أو بوصف كونه شريكاً للمؤجر لهذا المكان في تقاضي المبلغ المذكور أو وسيطاً لديه في ذلك، وإيراد الأدلة على ذلك الاشتراك أو تلك الوساطة، فإنه يكون - فوق خطئه في تأويل القانون - قاصر البيان بما يوجب نقضه والإعادة مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف المدنية وذلك دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق