الصفحات

الخميس، 6 يونيو 2019

الطعن 21039 لسنة 61 ق جلسة 18 / 10 / 1993 مكتب فني 44 ق 128 ص 828


جلسة 18 من أكتوبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر ومجدي منتصر وحسن حمزه ومصطفى كامل نواب رئيس المحكمة.
------------------
(128)
الطعن رقم 21039 لسنة 61 القضائية

(1) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالأمارات والمظاهر التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ على توافر نية القتل في حق الطاعن.
 (2)قتل عمد. سلاح. تلبس. قبض. مأمورو الضبط القضائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير حالة التلبس". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير توافر أو انتفاء حالة التلبس. لرجل الضبط القضائي. تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع بغير معقب. حد ذلك؟ 
التلبس صفة تلازم الجريمة. لا شخص مرتكبها.
مشاهدة الضابط للطاعن على سطح منزله حاملاً رشاشاً مما لا يجوز الترخيص به. تتوافر به حالة التلبس بالجناية.
مثال لرد سائغ على دفع ببطلان القبض والتفتيش.
 (3)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
 (4)إثبات "بوجه عام" "شهود" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الإقرار الصادر من المجني عليه - ولو تضمن عدولاً عن اتهام الطاعن - قول جديد. حق المحكمة في تقديره وإطراحها له دون بيان سبب. أساس ذلك؟
 (5)اختصاص "الاختصاص الولائي". محكمة الجنايات "اختصاصها". محكمة أمن الدولة "طوارئ". قانون "تفسيره".
المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة. محاكم أمن الدولة المنشأة طبقاً لقانون الطوارئ. استثنائية. إحالة بعض الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام. لا يسلب المحاكم العادية اختصاصها بالفصل في هذه الجرائم. أساس ذلك؟

---------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن في قوله "ومن حيث إنه بالنسبة لنية القتل فهي متوافرة في حق المتهم فقد انصرفت نيته بإرادته إلى إتيان الفعل وإلى تحقيق النتيجة وهي تعمده إزهاق روح المجني عليه التي شاءت عناية الله أن يتدارك إصابته بالعلاج الذي لا دخل لإرادته فيه ويشفى من إصابته القاتلة بطبيعتها فالمتهم أسرع إثر الشجار العارض بينه وبين المجني عليه لسب كلبه وأصحابه إلى منزله حتى أحضر السلاح الناري القاتل بطبيعته والمجرم حيازته والممنوع الترخيص به وهو رشاش بور سعيد واستمر في إطلاق العديد من الأعيرة النارية صوب المجني عليه أصابه اثنين منها نفذ إحداهما من بطنه إلى ظهره واستقر الآخر وهي كلها مواضع قاتلة في جسم المجني عليه كما وجد أعيرة فارغة أثناء معاينة النيابة أصابت البرميل وكوفريه الكهرباء الموضوعين بمنزل الشاهدة الأولى واستمرار المتهم في موالاة إطلاق النار حتى حضر ضابط المباحث الشاهد السادس وضبطه وهو ممسك بسلاحه ورفضه الاستسلام ومحاولته الفرار ولا يفت في عقيدته القتل أنها نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتيه ولا جدال أن الاستفزاز في حد ذاته لا ينفي نية القتل ولا تناقض بين قيام نية القتل عن المتهم وكونه ارتكب فعله تحت تأثير الغضب لأن الغضب ينفي سبق الإصرار فقط ولا تلازم بين القصد الجنائي وسبق الإصرار فقد يتوافر القصد الجنائي مع انتفاء سبق الإصرار الذي هو مجرد ظرف مشدد عام، هذا وتطمئن المحكمة إلى توافر نية القتل في حق المتهم من إحضاره سلاحاً نارياً مششخناً سريعاً وإطلاق العديد من الطلقات صوب المجني عليه إثر المشادة السريعة التي حدثت بينهما بسبب سب الأخير لكلب الأول وأصحابه واستمراره في إطلاق النار رغم إصابة المجني عليه بطلقتين بها ونقله للمستشفى لإسعافه وإبعاده عن مكان الجريمة حتى لا يستمر المتهم في إطلاق النار عليه" وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وما دام الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلاً سائغاً فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
2 - لما كان الحكم قد رد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش بقوله "ومن حيث إنه بالنسبة للدفع ببطلان القبض على المتهم لعدم توافر حالة من حالات التلبس أو إذن من النيابة العامة فمردود عليه بأن الشاهد السادس معاون المباحث انتقل فور تبليغه ببلاغ الشاهد الخامس إلى مسرح الحادث حيث شاهد المتهم فوق سطح منزله حاملاً رشاشاً فطلب منه الاستسلام بعد أن أفهمه شخصه فحاول الهرب فأسرع خلفه وضبطه ومعه السلاح وضبط حقيبة بجواره بها خزنة هذا السلاح وخزنة لمسدس ويكون المتهم قد وضع نفسه في إحدى حالات التلبس بحمله السلاح المجرم الترخيص به أو حيازته فيكون من حق مأمور الضبط القضائي ضبطه وتفتيشه دون أن يعد ذلك خروجاً على مأموريته وعلى الحق الذي منحه له قانون الإجراءات الجنائية"، لما كان ذلك، وكان تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحتة التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع - وفق الوقائع المعروضة عليها - بغير معقب، ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها، كما أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها. وإذ كان ما رتبه الحكم - على الاعتبارات السائغة التي أوردها فيما سلف بيانه - من إجازة القبض على الطاعن صحيحاً في القانون. وذلك على تقدير توافر حالة التلبس بجناية إحراز السلاح، حين انتقل فور إبلاغه بجناية الشروع في القتل حيث شاهد الطاعن على سطح منزله حاملاً رشاشاً مما لا يجوز الترخيص به فقد توافرت بذلك حالة التلبس بالجناية - على اتهام الطاعن بما يبيح لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمراً بالقبض عليه. ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد.
3 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم، مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات، مرجعة إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة عليها من محكمة النقض، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى أقوال شهود الإثبات وعول عليها، فإن ما يثيره الطاعن من تشكيك في هذه الأقوال أنما ينحل إلى جدل موضوعي لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم التفاته عن الإقرار الصادر من المجني عليه - على فرض صحة أنه يتضمن عدولاً منه عن اتهام الطاعن - في معرض نفي التهمة عن الطاعن إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولاً جديداً من الشاهد يتضمن عدولاً عن اتهامه، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل، ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها يؤدى دلالة إلى إطراح ما تضمنه هذا الإقرار، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
5 - لما كان قرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ، وأمر رئيس الجمهورية رقم (1) لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة طوارئ، ومنها الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له، قد خلا كلاهما، كما خلا أي تشريع آخر، من النص على أفراد محاكم أمن الدولة المشكلة وفق قانون الطوارئ بالفصل وحدها - دون سواها - في جرائم القانون رقم 394 لسنة 1954 آنف البيان، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن محاكم أمن الدولة محاكم استثنائية اختصاصها محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، ولو كانت في الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها، وكذلك الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام وتحال إليها من رئيس الجمهورية أو ممن يقوم مقامه، وأن الشارع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئاً البتة من اختصاصها الأصيل الذي أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر به القانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل، ليشمل الفصل في الجرائم كافة - إلا ما استثنى بنص خاص - وبالتالي يشمل هذا الاختصاص الفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 54 المعدل فإن النعي بصدور الحكم من محكمة غير مختصة ولائياً يكون على غير أساس.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: شرع في قتل..... عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد وذلك بأن أطلق عليه أعيرة نارية من سلاح ناري معمر (مدفع رشاش) قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركه المجني عليه بالعلاج. ثانياً: أحرز سلاحاً نارياً مششخناً مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه (مدفع رشاش). ثالثاً: أحرز بغير ترخيص ذخائر (طلقات) مما تستعمل في الأسلحة النارية سالفة الذكر. رابعاً: أطلق أعيرة نارية داخل قرية. وأحالته إلى محكمة جنايات بنها لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46، 234/ 1، 377/ 6 من قانون العقوبات والمواد 1/ 2، 6، 26/ 3، 5، 30/ 1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والقسم الثاني من الجدول رقم 3 المرفق مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الشروع في القتل وإحراز سلاح ناري مما لا يجوز الترخيص به وإحراز ذخيرة بدون ترخيص وإطلاق أعيرة نارية داخل القرية قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه دلل على توافر نية القتل لدى الطاعن بما لا يسوغ، كما رد على الدفع ببطلان القبض لعدم توافر حالة التلبس ولعدم وجود إذن من النيابة العامة بما لا يصلح رداً، كما عول الحكم في إدانة الطاعن على أقوال الشهود رغم تناقضها، وأطرح الإقرار الصادر من المجني عليه متضمناً عدوله عن اتهام الطاعن كما أن اتصال محكمة الجنايات بالدعوى جاء مخالفاً لأمر الإحالة الذي صدر بإحالة الدعوى إلى محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ المختصة بنظرها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من التقرير الطبي الشرعي وتقرير المعمل الجنائي لفحص السلاح والذخيرة ومحضر المعاينة، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن في قوله "ومن حيث إنه بالنسبة لنية القتل فهي متوافرة في حق المتهم فقد انصرفت نيته بإرادته إلى إتيان الفعل وإلى تحقيق النتيجة وهي تعمده إزهاق روح المجني عليه التي شاءت عناية الله أن يتدارك إصابته بالعلاج الذي لا دخل لإرادته فيه ويشفى من إصابته القاتلة بطبيعتها فالمتهم أسرع إثر الشجار العارض بينه وبين المجني عليه لسب كلبه وأصحابه إلى منزله حتى أحضر السلاح الناري القاتل بطبيعته والمجرم حيازته والممنوع الترخيص به وهو رشاش بور سعيد واستمر في إطلاق العديد من الأعيرة النارية صوب المجني عليه أصابه اثنين منها نفذ إحداهما من بطنه إلى ظهره واستقر الآخر وهي كلها مواضع قاتلة في جسم المجني عليه كما وجد أعيرة فارغة أثناء معاينة النيابة أصابت البرميل وكوفريه الكهرباء الموضوعين بمنزل الشاهدة الأولى واستمرار المتهم في موالاة إطلاق النار حتى حضر ضابط المباحث الشاهد السادس وضبطه وهو ممسك بسلاحه ورفضه الاستسلام ومحاولته الفرار ولا يفت في عقيدته القتل أنها نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتية ولا جدال أن الاستفزاز في حد ذاته لا ينفي نية القتل ولا تناقض بين قيام نية القتل عن المتهم وكونه ارتكب فعله تحت تأثير الغضب لأن الغضب ينفي سبق الإصرار فقط ولا تلازم بين القصد الجنائي وسبق الإصرار فقد يتوافر القصد الجنائي مع انتفاء سبق الإصرار الذي هو مجرد ظرف مشدد عام، هذا وتطمئن المحكمة إلى توافر نية القتل في حق المتهم من إحضاره سلاحاً نارياً مششخناً سريعاً وإطلاق العديد من الطلقات صوب المجني عليه إثر المشادة السريعة التي حدثت بينهما بسبب سب الأخير لكلب الأول وأصحابه واستمراره في إطلاق النار رغم إصابة المجني عليه بطلقتين بها ونقله للمستشفى لإسعافه وإبعاده عن مكان الجريمة حتى لا يستمر المتهم في إطلاق النار عليه" وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وما دام الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلاً سائغاً فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش بقوله "ومن حيث إنه بالنسبة للدفع ببطلان القبض على المتهم لعدم توافر حالة من حالات التلبس أو إذن من النيابة العامة فمردود عليه بأن الشاهد السادس معاون المباحث انتقل فور تبليغه ببلاغ الشاهد الخامس إلى مسرح الحادث حيث شاهد المتهم فوق سطح منزله حاملاً رشاشاً فطلب منه الاستسلام بعد أن أفهمه شخصه فحاول الهرب فأسرع خلفه وضبطه ومعه السلاح وضبط حقيبة بجواره بها خزنة هذا السلاح وخزنة لمسدس ويكون المتهم قد وضع نفسه في إحدى حالات التلبس بحمله السلاح المجرم الترخيص به أو حيازته فيكون من حق مأمور الضبط القضائي ضبطه وتفتيشه دون أن يعد ذلك خروجاً على مأموريته وعلى الحق الذي منحه له قانون الإجراءات الجنائية"، لما كان ذلك، وكان تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحتة التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع - وفق الوقائع المعروضة عليها - بغير معقب، ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها، كما أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها. وإذ كان ما رتبه الحكم - على الاعتبارات السائغة التي أوردها فيما سلف بيانه - من إجازة القبض على الطاعن صحيحاً في القانون. وذلك على تقدير توافر حالة التلبس بجناية إحراز السلاح، حين انتقل فور إبلاغه بجناية الشروع في القتل حيث شاهد الطاعن على سطح منزله حاملاً رشاشاً مما لا يجوز الترخيص به فقد توافرت بذلك حالة التلبس بالجناية - على اتهام الطاعن بما يبيح لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمراً بالقبض عليه. ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم، مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات، مرجعة إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة عليها من محكمة النقض، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى أقوال شهود الإثبات وعول عليها، فإن ما يثيره الطاعن من تشكيك في هذه الأقوال إنما ينحل إلى جدل موضوعي لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم التفاته عن الإقرار الصادر من المجني عليه - على فرض صحة أنه يتضمن عدولاً منه عن اتهام الطاعن - في معرض نفي التهمة عن الطاعن إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولاً جديداً من الشاهد يتضمن عدولاً عن اتهامه، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل، ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها يؤدى دلالة إلى إطراح ما تضمنه هذا الإقرار، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان قرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ، وأمر رئيس الجمهورية رقم (1) لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة طوارئ، ومنها الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له، قد خلا كلاهما، كما خلا أي تشريع آخر، من النص على أفراد محاكم أمن الدولة المشكلة وفق قانون الطوارئ بالفصل وحدها - دون سواها - في جرائم القانون رقم 394 لسنة 1954 آنف البيان، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن محاكم أمن الدولة محاكم استثنائية اختصاصها محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، ولو كانت في الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها، وكذلك الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام وتحال إليها من رئيس الجمهورية أو ممن يقوم مقامه، وأن الشارع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئاً البتة من اختصاصها الأصيل الذي أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر به القانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل، ليشمل الفصل في الجرائم كافة - إلا ما استثنى بنص خاص - وبالتالي يشمل هذا الاختصاص الفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 54 المعدل فإن النعي بصدور الحكم من محكمة غير مختصة ولائياً يكون على غير أساس. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق