الصفحات

الخميس، 6 يونيو 2019

الطعن 10453 لسنة 61 ق جلسة 2 / 11 / 1993 مكتب فني 44 ق 143 ص 909


جلسة 2 من نوفمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم نائبي رئيس المحكمة ومحمد شعبان وعلي شكيب.
-------------------
(143)
الطعن رقم 10453 لسنة 61 القضائية

(1) تعدي على موظفين عموميين. سلاح. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الركن الأدبي في الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً "أ" عقوبات. مناط تحققه؟
 (2)نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض.
 (3)جريمة "أركانها". تعدى على موظفين عموميين. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن".
كفاية استعمال القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف المجني عليه لتوافر الجريمة المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً عقوبات. حدوث إصابات بالمجني عليه. غير لازم.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة". 
لمحكمة الموضوع الجزم بما لا يجزم به الخبير.
 (5)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جدوى النعي على الحكم تعويله على سوابق المتهم. ما دام أنه لم يستند إليها.
(6) حكم "بطلان الحكم" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لا ينال من سلامة الحكم ما استطرد إليه تزيداً طالما لم يكن له من أثر في منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في وزن عناصر الدعوى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى أمام محكمة النقض. غير جائز.
 (8)حكم "حجيته". قوة الشيء المحكوم فيه.
أحكام البراءة متى تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة؟
 (9)إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. حق لمحكمة الموضوع.
 (10)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام استخلاصه سائغاً.
تقدير الأدلة. تستقل به محكمة الموضوع.
 (11)إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهادة".
إعراض المحكمة عن سماع شهود نفي لم يعلنوا وفقاً للمادة 214 مكرراً المضافة بالقانون 170 لسنة 1981 إجراءات. لا تثريب عليها.

------------------
1 - من المقرر أن الركن الأدبي في الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات لا يتحقق إلا إذا توافرت لدى الجاني نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام تتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدي عملاً لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجب لرغبة المعتدي فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه، وأن الشارع قد أطلق حكم هذه المادة لينال بالعقاب كل من يستعمل القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف العام أو الشخص المكلف بخدمة عامة متى كانت غايته من الاعتداء أو التهديد حمل الموظف أو المكلف بالخدمة العامة على قضاء أمر غير حق أو اجتناب أداء عمله المكلف به، ويستوي في ذلك أن يقع الاعتداء أو التهديد أثناء قيام الموظف بعمله لمنعه من المضي في تنفيذه أو في غير فترة قيامه به لمنعه من أدائه في المستقبل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد من وقائع الاعتداء الحاصلة من الطاعن ما يكفي لتوافر الركن المادي للجناية المذكورة، قد استظهر استظهاراً سليماً من ظروف الواقعة أن نية الطاعن مما وقع منه من أفعال مادية تمثلت في إطلاق الأعيرة صوب رجال الشرطة المجني عليهم قد انصرفت إلى منعهم من أداء أعمال وظيفتهم لعدم تمكينهم من استيضاح حقيقة أمره وقد تمكن بما استعمله في حقهم من وسائل العنف والتعدي من بلوغ مقصده، فإن جنايتي استعمال القوة والعنف إحراز سلاح ناري وذخيرة تكون متوافرة الأركان.
2 - لما كان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة إجراء معاينة لمكان الضبط، فلا يحل له من بعده أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً في الطعن.
3 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعن طبقاً للفقرتين الأولى والثانية من المادة 137 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات وهما لا تستلزمان لانطباقهما إحداث إصابات بالموظف المعتدى عليه، بل يكفي استعمال القوة أو العنف أو التهديد، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي لم تورد في حكمها سبب إصابة المجني عليه.... ولا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم في هذا الصدد، ما دام أن الحكم قد أثبت واقعة إطلاق النار على المجني عليه المذكور وهي ضرب من ضروب القوة أو العنف المؤثم في صورة الدعوى يستوي في ذلك أن يحدث أيهما إصابات أم لا، هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته ما يفيد أن الطاعن أطلق النار على المجني عليه سالف الذكر فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الكشف الطبي، وأنه بمسلكه هذا حال بين المجني عليهم وأداء عملهم المكلفين به قانوناً.
4 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها
5 - من المقرر أنه لا جدوى من النعي على الحكم أنه عول على سوابق المتهم التي حررها ضابط الواقعة ما دام لم يتساند في قضائه على تلك السوابق.
6 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم ما استطرد إليه تزيداً في مقام الرد على دفاع الطاعن من أن سوابقه واتهاماته المرفقة بالأوراق تشير إلى أنه من معتادي السرقات إذ لم يكن بحاجة إلى هذا الاستطراد في مجال الاستدلال ما دام أنه أقام قضاءه بثبوت الجريمة على ما يحمله وكان لا أثر لما تزيد إليه في منطقة أو في النتيجة التي انتهى إليها.
7 - لما كان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجرائم التي دين بها كاف وسائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
8 - لما كانت أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة إلا إذا كانت البراءة مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً.
9 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولا ينازع الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق.
10 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها. وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال ضابط الواقعة، فإن تناقض روايته في بعض تفاصيلها أو مع أقوال غيرها من الشهود - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولما كان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال ضابط الواقعة واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي بها، وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية حدوث الواقعة، فلا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكانية حدوثها على الصورة التي قررها ضابط الواقعة فإن ما يثيره الطاعن من ذلك لا يكون مقبولاً.
11 - لما كان الطاعن لا يدعي بأسباب طعنه أنه اتبع الطريق الذي رسمه قانون الإجراءات الجنائية في المادة 214 مكرراً المضافة بالقانون رقم 70 لسنة 1981 لإعلان الشهود الذين يطلب المتهم سماع شهادتهم أمام محكمة الجنايات ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذا هي أعرضت عن طلب سماع شهود النفي الذين طلب سماعهم بجلسة المحاكمة ولم تستجب إليه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر (قضي ببراءته) بأنه أولاً: - استعمل القوة والعنف مع موظفين عموميين هما (النقيب.... وقوة الشرطة المرافقة لحملهم بغير حق على الامتناع على أداء عمل من أعمال وظيفتهم وبلغ من ذلك مقصده حال كونه يحمل سلاحاً على النحو المبين بالتحقيقات ثانياً: - أتلف عمداً مالاً منقولاً (سيارة الشرطة رقم..... بأن أطلق صوبها عدة أعيرة نارية وقد ترتب على ذلك ضرراً مالياً قيمته أكثر من خمسين جنيهاً وتعويض حياة الناس وأمنهم للخطر. ثالثاً: ( أ ) أحزر بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً (بندقية) (ب) أحرز ذخيرة (طلقات) مما تستعمل في السلاح الناري دون أن يكون مرخصاً له في حيازته أو إحرازه. وأحالته إلى محكمة جنايات قنا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 137/ مكرراً أ، 1، 2، 3، 361 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2، 5 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم وإحراز سلاح ناري وذخيرة بغير ترخيص والإتلاف قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والتناقض والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه لم يستظهر أركان جريمتي استعمال القوة والعنف وإحراز سلاح ناري وذخيرة بغير ترخيص اللتين دانه بهما، فضلاً عن خلو الأوراق من معاينة مكان الضبط، ولم يبين علاقة السببية بين إصابات المجني عليه..... وفعل الاعتداء عليه، وقطع بحدوث تلفيات سيارة الشرطة من السلاح المضبوط في حين أن تقدير فحص السلاح لم يقطع بذلك، هذا إلى أنه اعتمد على ما أثبته ضابط الواقعة من وجود سوابق له رغم عدم صدورها من الجهة المختصة ودانه رغم خلو الأوراق من أي دليل قبله وقضائه ببراءة المتهم الثاني في ذات الاتهام كما عول على أقوال ضابط الواقعة رغم عدم معقوليتها وتناقضها فيما بينها وبين أقوال باقي الشهود، وأخيراً فقد أعرضت المحكمة عن سماع شهود النفي، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك. وكان من المقرر أن الركن الأدبي في الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات لا يتحقق إلا إذا توافرت لدى الجاني نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام تتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدي عملاً لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجب لرغبة المعتدي فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه، وأن الشارع قد أطلق حكم هذه المادة لينال بالعقاب كل من يستعمل القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف العام أو الشخص المكلف بخدمة عامة متى كانت غايته من الاعتداء أو التهديد حمل الموظف أو المكلف بالخدمة العامة على قضاء أمر غير حق أو اجتناب أداء عمله المكلف به، ويستوي في ذلك أن يقع الاعتداء أو التهديد أثناء قيام الموظف بعمله لمنعه من المضي في تنفيذه أو في غير فترة قيامه به لمنعه من أدائه في المستقبل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد من وقائع الاعتداء الحاصلة من الطاعن ما يكفي لتوافر الركن المادي للجناية المذكورة، قد استظهر استظهاراً سليماً من ظروف الواقعة أن نية الطاعن مما وقع منه من أفعال مادية تمثلت في إطلاق الأعيرة صوب رجال الشرطة المجني عليهم قد انصرفت إلى منعهم من أداء أعمال وظيفتهم لعدم تمكينهم من استيضاح حقيقة أمره وقد تمكن بما استعمله في حقهم من وسائل العنف والتعدي من بلوغ مقصده، فإن جنايتي استعمال القوة والعنف وإحراز سلاح ناري وذخيرة تكون متوافرة الأركان ويضحى منعى الطاعن بصدد ذلك غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة إجراء معاينة لمكان الضبط، فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً في الطعن. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعن طبقاً للفقرتين الأولى والثانية من المادة 137 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات وهما لا تستلزمان لانطباقهما إحداث إصابات بالموظف المعتدى عليه، بل يكفي استعمال القوة أو العنف أو التهديد، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي لم تورد في حكمها سبب إصابة المجني عليه.... ولا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم في هذا الصدد، ما دام أن الحكم قد أثبت واقعة إطلاق النار على المجني عليه المذكور وهي ضرب من ضروب القوة أو العنف المؤثم في صورة الدعوى يستوي في ذلك أن يحدث أيهما إصابات أم لا، هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته ما يفيد أن الطاعن أطلق النار على المجني عليه سالف الذكر فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الكشف الطبي، وأنه بمسلكه هذا حال بين المجني عليهم وأداء عملهم المكلفين به قانوناً فإن النعي عليه في هذا يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها، وكانت المحكمة قد انتهت في استدلال سليم ومنطق سائغ إلى أن التلفيات التي حدثت بسيارة الشرطة كان نتيجة إطلاق أعيرة نارية من السلاح المضبوط فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان لا جدوى من النعي على الحكم أنه عول على سوابق المتهم التي حررها ضابط الواقعة ما دام لم يتساند في قضائه على تلك السوابق ولا ينال من سلامة الحكم ما استطرد إليه تزيداً في مقام الرد على دفاع الطاعن من أن سوابقه واتهاماته المرفقة بالأوراق تشير إلى أنه من معتادي السرقات إذ لم يكن بحاجة إلى هذا الاستطراد في مجال الاستدلال ما دام أنه أقام قضاءه بثبوت الجريمة على ما يحمله وكان لا أثر لما تزيد إليه في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجرائم التي دين بها كاف وسائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان الواضح من مدونات الحكم المطعون فيه أن القضاء ببراءة المتهم الثاني بني على أسباب شخصية لصيقة بذات المتهم الذي جرت محاكمته استناداً إلى عدم ثبوت أي أفعال تمثل مقاومة للسلطات ولا تتصل بذات واقعة استعمال القوة والعنف مع رجال الشرطة التي ارتكبها الطاعن وثبتت في حقه، وكانت أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة إلا إذا كانت البراءة مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً وهو الأمر الذي لم يتوفر في الدعوى المطروحة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولا ينازع الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال ضابط الواقعة، فإن تناقض روايته في بعض تفاصيلها أو مع أقوال غيرها من الشهود - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولما كان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال ضابط الواقعة واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي بها، وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية حدوث الواقعة، فلا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكانية حدوثها على الصورة التي قررها ضابط الواقعة فإن ما يثيره الطاعن من ذلك لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يدعي بأسباب طعنه أنه اتبع الطريق الذي رسمه قانون الإجراءات الجنائية في المادة 214 مكرراً المضافة بالقانون رقم 70 لسنة 1981 لإعلان الشهود الذين يطلب المتهم سماع شهادتهم أمام محكمة الجنايات ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذا هي أعرضت عن طلب سماع شهود النفي الذين طلب سماعهم بجلسة المحاكمة ولم تستجب إليه. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق