الصفحات

الأحد، 27 يناير 2019

الطعن 5 لسنة 35 ق جلسة 3 / 1 / 1973 أحوال شخصية مكتب فني 24 ج 1 ق 5 ص 18

جلسة 3 من يناير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، وإبراهيم السعيد ذكري، والدكتور محمد زكي عبد البر.

----------------

(5)
الطعن رقم 5 لسنة 35 القضائية "أحوال شخصية"

(1) نقض. "إيداع الأوراق". أحوال شخصية. "الطعن بالنقض". بطلان.
وجوب إيداع الطاعن في مسائل الأحوال الشخصية صورة من الحكم المطعون فيه، والحكم الابتدائي الذي أحال عليه. يغني عن ذلك أمر رئيس المحكمة بضم ملف الدعوى في الميعاد القانوني. علة ذلك.
(2) أحوال شخصية. "الطعن في الحكم". حكم. قانون.
الطعن من غير المحكوم عليه إذا تعدى إليه الحكم. طريق للطعن في الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية في ظل المادة 431 من لائحة المحاكم الشرعية وقبل إلغائها. سريانها على الأحكام التي صدرت في ظلها.
(3) وقف. "التنازل عن الوقف". بطلان. "بطلان التصرفات".
بطلان إقرار الموقوف عليه أو تنازله لغيره عن كل أو بعض استحقاقه في الوقف. علة ذلك.
(4) حكم. "الطعن في الحكم". محكمة الموضوع. تنفيذ. وقف
القبول المانع من الطعن في الحكم. شرطه. أن يكون قاطع الدلالة على الرضاء بالحكم وترك الحق في الطعن. تقدير ذلك من سلطة محكمة الموضوع. مثال بشأن تنفيذ الحكم في دعوى وقف.
(5 و6) وقف. "وكالة ناظر الوقف". حكم. "حجية الحكم". وكالة.
وكالة ناظر الوقف. حدودها. الحكم ضد ناظر الوقف بصفته ممثلاً له بما يمس استحقاق المستحقين الذين ليسوا طرفاً في الخصومة لا يعتبر حجة عليهم.
حجية الأحكام قاصرة على أطراف الخصومة. المستحق في الوقف لا يعد ممثلاً في الخصومة إذا لم يخاصم بنفسه أو بوكيله أو بوصية.
(7) نقض. "حالات الطعن". وقف. قوة الأمر المقضي.
الطعن بالنقض في أي حكم انتهائي. شرطه. صدور حكم آخر سبق أن فصل في ذات النزاع بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم به. مثال في دعوى وقف.

---------------
1 - إنه وإن كان يتعين على من يطعن بطريق النقض في الأحكام المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية وفقاً للفقرة الثانية من المادة 881 من الكتاب الرابع من قانون المرافعات رقم 77 لسنة 1949 والمادة 432 من قبل تعديلهما بالقانون رقم 401 لسنة 1955 والذي ألغى بموجب المادة 3/ 2 من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 - أن يودع قلم كتاب محكمة النقض خلال ميعاد الطعن صورة من الحكم المطعون فيه وصورة من الحكم الابتدائي إذا كان الحكم المطعون فيه قد أحال إليه في أسبابه، إلا أنه لما كان يبين من الاطلاع على الأوراق أن الطاعن تقدم يوم التقرير بالطعن بطلب ضم ملف الدعوى، وأصدر السيد رئيس محكمة النقض أمراً في ذات اليوم - وقبل فوات ميعاد الطعن - بضم هذا الملف استعمالاً للرخصة المخولة له بمقتضى المادة 882 من قانون المرافعات، وكان ضم ملف الدعوى بناء على أمر رئيس المحكمة في الدعاوى المتعلقة بالأحوال الشخصية من شأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يتيح للخصوم في الطعن تأييد وجهات نظرهم، استناداً إلى ما حواه من مستندات أو أوراق دون أن يحاج الطاعن في هذه الحالة بأنه لم يقدم في المواعيد التي حددها القانون المستندات المؤيدة لطعنه، فإن الدفع ببطلان الطعن - لعدم إيداع صورة رسمية من الحكم المطعون فيه - يكون متعين الرفض.
2 - إذ تضمنت المادة 341 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 - الملغاة بالقانون رقم 462 لسنة 1955 - قاعدة من قواعد المرافعات، تنظم طريقاً من طرق الطعن - الطعن من غير المحكوم عليه إذا تعدى إليه الحكم - فإن حكمها يبقى سارياً في شأن الطعن على الأحكام التي صدرت في ظلها إعمالاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة الأولى من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968.
3 - تنص المادة 20 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 - الواجبة التطبيق عملاً بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والمادة الخامسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 - على أنه "يبطل إقرار الموقوف عليه لغيره بكل أو بعض استحقاقه، كما يبطل تنازله عنه" وتقرير البطلان طبقاً لتلك المادة دعت إليه الرغبة في حماية المستحقين الذين يتخذون من الإقرار أو التنازل وسيلة لبيع استحقاقهم بثمن بخس مما يؤدي إلى تفويت غرض الواقف، وانتفاع غير الموقوف عليهم بريع الوقف.
4 - يشترط في القبول المانع من الطعن في الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون قاطع الدلالة على رضاء المحكوم عليه بالحكم، وتركه الحق في الطعن فيه، وتقدير ذلك مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع متى بني على أسباب سائغة. وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى أن قيام المطعون عليهم بتنفيذ الأحكام المعترض عليها التي حددت نصيب الطاعن في الاستحقاق باستلام أنصبتهم في الغلة من الحارس على الوقف، لا يعتبر قبولاً مانعاً من الطعن في هذه الأحكام لأن النزاع حول الأنصبة في الوقف المذكور قطع شوطاً كبيراً أمام المحاكم على اختلاف درجاتها إلى أن فصل فيه نهائياً بأن نصيب العقيم يرجع لإخوته الأحياء فقط وهو استخلاص موضوعي سائغ، وكان لا محل للتحدي بأن قبول تنفيذ الأحكام قد تم بعد صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 الذي جعل الاستحقاق في الوقف ملكاً، ذلك أن هذا القبول كان بالنسبة لنصيب المطعون عليهم في الغلة، ولم ينصرف إلى الاستحقاق في الوقف، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
5 - وكالة ناظر الوقف عن المستحقين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - تقف عند حد المحافظة على حقهم في الغلة وفي العناية بمصدر هذا الحق وهو الأعيان دون أن تمتد إلى ما يمس حقوقهم في الاستحقاق، مما ينبني عليه أن الحكم الذي يصدر ضد ناظر الوقف بصفته ممثلاً للوقف ومنفذاً لكتاب الواقف ماساً باستحقاق مستحقين لم يمثلوا بأشخاصهم في الخصومة لا يلزم هؤلاء المستحقين، ولا يعتبر حجة عليهم، بل يبقى لهم حق الاعتراض على ذلك القضاء بالطرق المقررة قانوناً.
6 - حجية الأحكام - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(2)] - تقتصر على أطراف الخصومة فيها ولا تتعداهم إلى الخارجين عنها، وفي ضوء هذا الأصل الوضعي، نصت المادة 341 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن "كل حكم يكون متعدياً لغير المحكوم عليه مباشرة يجوز لغير المحكوم عليه أن يطعن فيه". وفي نطاق هذه المادة قبل إلغائها جرت المحاكم الشرعية على أن المستحق في الوقف لا يعتبر ممثلاً في الخصومة ولا طرفاً فيها إذا لم يخاصم بنفسه أو بوكيله أو بوصية، والحكم الصادر فيها لا يكون حجة عليه.
7 - ما تجيزه المادة 249 من قانون المرافعات من الطعن بالنقض في أي حكم انتهائي أياً كانت المحكمة التي أصدرته مشروط بأن يكون هناك حكم آخر سبق أن فصل في النزاع ذاته بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم به حتى يجوز الطعن بالنقض في الحكم الانتهائي الثاني الذي فصل في النزاع على خلاف الحكم الأول. وإذ كان الثابت أن الأحكام في الدعوى الابتدائية الشرعية واستئنافها والالتماس الذي رفع عنه قد صدرت ضد المطعون عليه الثاني بصفته ناظراً على الوقف، ثم حارساً عليه، ولم يكن المطعون عليهم وهم من المستحقين في الوقف ممثلين في هذه الخصومة، فإن الأحكام الصادرة فيها لا تكون حجة عليهم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، وقضى بعدم تعدية هذه الأحكام، إلى المطعون عليهم، فإنه لا يكون قد فصل في النزاع على الخلاف حكم سابق، ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون في غير محله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 22 من يونيو سنة 1953 استصدرت السيدة لمعان مصطفى بصفتها وصية على ابنها محمد صلاح الدين محمد توحيد أمر الله - الطاعن - حكماً في الدعوى رقم 1 لسنة 1951 الجيزة الابتدائية الشرعية المرفوعة منها ضد محمود أحمد فاروق الشهير بفاروق أحمد بهجت - المطعون عليه الثاني - بصفته ناظراً على وقف المرحوم أحمد عبد الله البكباشي ثم حارساً عليه، قضى باستحقاق ولدها المشار إليه لقيراطين وخمس القيراط من أربعة وعشرين قيراطاً ينقسم إليها الوقف، وبتاريخ 20 من ديسمبر سنة 1953 تأيد هذا الحكم من المحكمة العليا الشرعية في الاستئناف رقم 112 لسنة 1953، فرفع المحكوم عليه التماساً عن هذا الحكم قيد برقم 10 لسنة 1954 وقضى فيه بالرفض بتاريخ 21 من مارس سنة 1954، وإذ كان من شأن هذه الأحكام أن تنتقص من استحقاق المطعون عليهم في الوقف وتتعدى إليهم بالضرر مع أنهم لم يكونوا طرفاً فيها، فقد أقاموا الدعوى رقم 13 لسنة 84 ق أمام محكمة استئناف القاهرة - باعتبارها حلت محل المحكمة العليا الشرعية - ضد الطاعن والمطعون عليه الثاني بصفته ناظراً ثم حارساً على الوقف المذكور طالبين القضاء بعدم تعدية أثر الأحكام سالفة الذكر إليهم. دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لمساسها بأحكام حائزة حجية الأمر المقضي ولسابقة قبول المطعون عليهم لهذه الأحكام، وبتاريخ 26 من يناير سنة 1969 حكمت محكمة استئناف القاهرة بطلبات المطعون عليهم. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض في 25 من مارس سنة 1969 وتقدم في ذات اليوم إلى السيد رئيس المحكمة بطلب ضم ملف الدعوى وأجيب إلى طلبه، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها ببطلان الطعن، لأن الطاعن لم يودع خلال الميعاد القانوني صورة رسمية من الحكم المطعون فيه، وأبدت الرأي في الموضوع برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع ببطلان الطعن في غير محله، ذلك أنه وإن كان يتعين على من يطعن بطريق النقض في الأحكام المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية - وفقاً للفقرة الثانية من المادة 881 من الكتاب الرابع من قانون المرافعات رقم 77 لسنة 1949 والمادة 432 منه قبل تعديلها بالقانون رقم 401 لسنة 1955 والذي ألغي بموجب المادة 3/ 2 من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 - أن يودع قلم كتاب محكمة النقض خلال ميعاد الطعن صورة من الحكم المطعون فيه وصورة من الحكم الابتدائي إذا كان الحكم المطعون فيه قد أحال إليه في أسبابه، إلا أنه لما كان يبين من الاطلاع على الأوراق أن الطاعن تقدم يوم التقرير بالطعن بطلب ضم ملف الدعوى، وأصدر السيد رئيس محكمة النقض أمراً في ذات اليوم - وقبل فوات ميعاد الطعن - بضم هذا الملف استعمالاً للرخصة المخولة له بمقتضى المادة 882 من قانون المرافعات، وكان ضم ملف الدعوى بناء على أمر رئيس المحكمة في الدعاوى المتعلقة بالأحوال الشخصية من شأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يتيح للخصوم في الطعن تأييد وجهات نظرهم استناداً إلى ما حواه من مستندات أو أوراق دون أن يحاج الطاعن في هذه الحالة بأنه لم يقدم في المواعيد التي حددها القانون المستندات المؤيدة لطعنه. لما كان ذلك فإن الدفع ببطلان الطعن يكون متعين الرفض.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم طبق على الأحكام موضوع النزاع نص المادة 341 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي تجيز لغير المحكوم عليه الطعن في الحكم إذا تعدى إليه، في حين أن هذه المادة قد ألغيت بموجب المادة 13 من القانون رقم 462 لسنة 1955 المعمول به من 21 سبتمبر سنة 1955، فلا يمكن تطبيقها على الأحكام الصادرة في ظلها أو التالية لإلغائها، مما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المادة 341 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية الملغاة بالقانون رقم 462 لسنة 1955 - وقد تضمنت قاعدة من قواعد المرافعات تنظم طريقاً من طرق الطعن، فإن حكمها يبقى سارياً في شأن الطعن على الأحكام التي صدرت في ظلها إعمالاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة الأولى من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968. لما كان ذلك، وكانت الأحكام في الدعوى رقم 1 لسنة 1951 الجيزة الابتدائية الشرعية واستئنافها رقم 112 لسنة 1953 والالتماس رقم 10 لسنة 1954 - وهي الأحكام المطلوب عدم تعدية أثرها إلى المطعون عليهم - قد صدرت أثناء سريان المادة 341 سالفة الذكر، فإن الحكم المطعون فيه إذ طبق هذه المادة على الأحكام المشار إليها لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ويقول بياناً لذلك إنه دفع بعدم قبول الطعن على الأحكام المطلوب عدم تعدية أثرها إلى المطعون عليهم لأنهم قبلوا تنفيذها وظلوا يقبضون أنصبتهم المحكوم لهم بها من الحارس على الوقف مدة تزيد على أربعة عشر عاماً، ورد الحكم المطعون فيه بأن ذلك لا يعد رضاء مانعاً من الطعن على الحكم، ولأن استحقاق المستحق في الوقف لا يقبل إسقاطه، في حين أن الراجح في فقه الحنفية أن الاستحقاق في الوقف حق شخصي للمستحق يملك إسقاطه كله أو بعضه بعوض أو بغير عوض، وأن قبول المطعون عليهم قد تم بعد صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات الذي جعل الاستحقاق ملكاً يجوز التنازل عنه، وأكدوا ذلك بمحضر الصلح المؤرخ أول يوليه سنة 1962 الذي ارتضوا فيه معاملتهم طبقاً للأحكام المعترض عليها، فلا يحق لهم التذرع بحكم المادة 341 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، وإذ طبق الحكم المطعون فيه هذه المادة على واقعة النزاع، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 20 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 الواجبة التطبيق عملاً بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والمادة الخامسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 تنص على أنه "يبطل إقرار الموقوف عليه لغيره بكل أو بعض استحقاقه كما يبطل تنازله عنه"، إذ أن تقرير البطلان طبقاً لتلك المادة دعت إليه الرغبة في حماية المستحقين الذين يتخذون من الإقرار أو التنازل وسيلة لبيع استحقاقهم بثمن بخس مما يؤدي إلى تفويت غرض الواقف وانتفاع غير الموقوف عليهم بريع الوقف، ولما كان يشترط في القبول المانع من الطعن في الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون قاطع الدلالة على رضاء المحكوم عليه بالحكم، وتركه الحق في الطعن فيه، وتقدير ذلك مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع متى بني على أسباب سائغة، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه خلص إلى أن قيام المطعون عليهم بتنفيذ الأحكام المعترض عليها التي حددت نصيب الطاعن في الاستحقاق باستلام أنصبتهم في الغلة من الحارس على الوقف لا يعتبر قبولاً مانعاً من الطعن في هذه الأحكام لأن النزاع حول الأنصبة في الوقف المذكور قطع شوطاً كبيراً أمام المحاكم على اختلاف درجاتها إلى أن فصل فيه نهائياً بأن نصيب العقيم يرجع لإخوته الأحياء فقط، وهو استخلاص موضوعي سائغ وكان لا محل للتحدي بأن قبول تنفيذ الأحكام قد تم بعد صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 الذي جعل الاستحقاق في الوقف ملكاً، ذلك أن هذا القبول كان بالنسبة لنصيب المطعون عليهم في الغلة ولم ينصرف إلى الاستحقاق في الوقف، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثالث من السبب الأول وبالسبب الثالث أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى أن الأحكام المطالب بعدم تعدية أثرها إلى المطعون عليهم صدرت ضد ناظر الوقف وحده ولم يمثل فيها سائر المستحقين وأنه بهذه المثابة لا حجية لها قبل المطعون عليهم، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون ذلك لأن المادة 50 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 تعتبر الناظر أميناً على مال الوقف ووكيلاً عن المستحقين فيه مما مقتضاه أنه يمثل جهة الوقف في كافة ما لها وما عليها من حقوق، وأن كل حكم يصدر في مواجهته يلزمهم، وقد صدر الحكم في الدعوى رقم 1 لسنة 1951 الجيزة الابتدائية الشرعية ضد ناظر الوقف وتأيد استئنافياً ورفض فيه الالتماس فيكون حجة على المطعون عليهم وهم من المستحقين في الوقف، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم تعدية أثر هذه الأحكام إليهم لأنهم لم يمثلوا بأشخاصهم في تلك الدعاوى، فإنه يكون قد خالف قضاء سابقاً صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي، مما يجوز الطعن فيه بالنقض عملاً بالمادة 249 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه لما كانت وكالة ناظر الوقف عن المستحقين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تقف عند حد المحافظة على حقهم في الغلة وفي العناية بمصدر هذا الحق وهو الأعيان دون أن تمتد إلى ما يمس حقوقهم في الاستحقاق مما ينبني عليه أن الحكم الذي يصدر ضد ناظر الوقف بصفته ممثلاً للوقف ومنفذاً لكتاب الواقف ماساً باستحقاق مستحقين لم يمثلوا بأشخاصهم في الخصومة لا يلزم هؤلاء المستحقين، ولا يعتبر حجة عليهم، بل يبقى لهم حق الاعتراض على ذلك القضاء بالطرق المقررة قانوناً. وكانت حجية الأحكام - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تقتصر على أطراف الخصومة فيها ولا تتعداهم إلى الخارجين عنها، وفي ضوء هذا الأصل - الوضعي - نصت المادة 341 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن "كل حكم يكون متعدياً لغير المحكوم عليه مباشرة يجوز لغير المحكوم عليه أن يطعن فيه"، وفي نطاق هذه المادة قبل إلغائها جرت المحاكم الشرعية على أن المستحق في الوقف لا يعتبر ممثلاً في الخصومة ولا طرفاً فيها إذا لم يخاصم بنفسه أو بوكيله أو بوصية والحكم الصادر فيها لا يكون حجة عليه وكان ما تجيزه المادة 249 من قانون المرافعات من الطعن بالنقض في أي حكم انتهائي أياً كانت المحكمة التي أصدرته مشروطاً بأن يكون هناك حكم آخر سبق أن فصل في النزاع ذاته بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم به حتى يجوز الطعن بالنقض في الحكم الانتهائي الثاني الذي فصل في النزاع على خلاف الحكم الأول، ولما كان الثابت من الأوراق أن الأحكام في الدعوى رقم 1 لسنة 1951 الجيزة الابتدائية الشرعية واستئنافها والالتماس الذي رفع عنه قد صدرت ضد المطعون عليه الثاني بصفته ناظراً على الوقف، ثم حارساً عليه، ولم يكن المطعون عليهم وهم من المستحقين في الوقف ممثلين في هذه الخصومة، فإن الأحكام الصادرة فيها لا تكون حجة عليهم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى بعدم تعدية هذه الأحكام إلى المطعون عليهم، فإنه لا يكون قد فصل في النزاع على خلاف حكم سابق، ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن برمته.


[(1)] نقض 1/ 12/ 1971 مجموعة المكتب الفني السنة 22 ص 963.
[(2)] نقض 19/ 4/ 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 844.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق