الصفحات

الأحد، 13 يناير 2019

الطعن 1965 لسنة 50 ق جلسة 12 / 2 / 1985 مكتب فني 36 ج 1 ق 57 ص 253

جلسة 12 من فبراير سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: مدحت المراغي، جرجس إسحق، عبد الحميد سليمان والسيد السنباطي.

---------------

(57)
الطعن رقم 1965 لسنة 50 القضائية

(1) نقل. مسئولية "مسئولية الناقل الجوي".
مسئولية الناقل الجوي عن الضرر الذي يقع في حالة وفاة أو إصابة الراكب. مناطها. أن يقع الحادث على متن الطائرة أو أثناء عملية الصعود أو الهبوط. أساسها خطأ مفترض من جانب الناقل لا يرتفع عنه إلا إذا أثبت أنه وتابعيه قد اتخذوا كل التدابير اللازمة لتفادي الضرر أو كان من المستحيل عليه اتخاذها. م 17، 20، 22 اتفاقية فارسوفيا.
(2) تحكيم. نظام عام. اختصاص.
المتعاقدين الاتفاق على التحكيم لنظر ما ينشأ بينهم من نزاع. م 501 مرافعات. جواز الاتفاق على أن يتم بالخارج على يد غير مصريين دون أن يمس ذلك النظام العام.
(3) دعوى "دعوى الضمان".
دعوى الضمان. استقلالها عن الدعوى الأصلية. عدم اعتبارها طلباً عارضاً.

----------------
1 - المستفاد من نصوص المواد 17 و20 و22 من اتفاقية فارسوفيا الدولية للطيران المدني المعدلة ببروتوكول لاهاي الذي وافقت عليه مصر بالقانون رقم 644 لسنة 1955 وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الناقل الجوي يكون مسئولاً عن الضرر الذي يقع في حالة وفاة أو إصابة أي راكب إذا كانت الحادثة التي تولد عنها الضرر قد وقعت على متن الطائرة أو أثناء عمليات الصعود أو الهبوط وهذه المسئولية مبنية على خطأ مفترض في جانب الناقل ولا ترتفع عنه إلا إذا أثبت أنه هو وتابعيه قد اتخذوا كافة التدابير اللازمة لتفادي وقوع الضرر أو كان من المستحيل عليهم اتخاذها.
2 - تنص الفقرة الأولى من المادة 501 من قانون المرافعات على أنه "يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بوثيقة تحكيم خاصة، كما يجوز الاتفاق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ في تنفيذ عقد معين". فإن مفاد هذا النص. وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة تخويل المتعاقدين الحق في الالتجاء إلى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به المحاكم أصلاً، فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع، وإن كان يرتكن أساساً إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء، إلا أنه ينبني مباشرة وفي كل حالة على حدة على اتفاق الطرفين، كما أن المشرع لم يأت في نصوص قانون المرافعات بما يمنع أن يكون التحكيم في الخارج على يد أشخاص غير مصريين، إلا أن حكمة تشريع التحكيم تنحصر في أن طرفي الخصومة يريدان أن يمحص إرادتهما واتفاقهما تفويض أشخاص ليست لهم ولاية القضاء في أن يقضوا بينهما أو يحسموا النزاع بحكم أو يصلح يقبلان شروطه؛ فرضاء طرفي الخصومة هو أساس التحكيم، وكما يجوز لهما الصلح دون وساطة أحد فإنه يجوز لهما تفويض غيرهما في إجراء هذا الصلح أو في الحكم في النزاع يستوي في ذلك أن يكون المحكمون في مصر وأن يجري التحكيم فيها أو أن يكونوا موجودين في الخارج ويصدر حكمهم هناك فإرادة الخصوم هي التي تخلق التحكيم بطريق استثنائي لفض المنازعات وقد أقر المشرع جواز الاتفاق عليه ولو تم في الخارج دون أن يمس ذلك النظام العام.
3 - دعوى الضمان مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية فلا تعتبر طلباً عارضاً فيها، وكانت اتفاقية فارسوفيا لا تنتظم سوى مسئولية الناقل عن إخلاله بالتزاماته الناشئة عن عقد النقل الجوي. فلا تسري ما تضمنته نصوصها من قواعد الاختصاص على العلاقة بين مؤسسة الخطوط الجوية الليبية والشركة المطعون ضدها الأخيرة الناشئة عن عقد التشغيل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول أقاموا الدعوى رقم 5459 سنة 1974 مدني كلي جنوب القاهرة ضد مؤسسة الخطوط الجوية الليبية التي يمتلكها الطاعنين بطلب إلزامها بأن تدفع لهم مبلغ عشرين ألف جنيه وقالوا بياناً لذلك إن مورثتهم كانت ضمن ركاب إحدى طائرات المؤسسة في طريقها للقاهرة يوم 21/ 2/ 1973 وقد انحرف قائد الطائرة عن مسارها المرسوم فدخل بمنطقة سيناء التي كانت محتلة وقتذاك بالقوات الإسرائيلية فاعترضته الطائرات الحربية الإسرائيلية وأجبرته على الهبوط بيد أنه ما لبث أن حاول الهرب بالطائرة قبل أن تتم هبوطها فلاحقته وأطلقت النيران على الطائرة فاحترقت بركابها وأنهم يقدرون التعويض عن الضرر الذي لحق بهم بسبب موت مورثتهم بالمبلغ المطالب به. أقامت المؤسسة دعوى فرعية ضد الشركة المطعون ضدها الرابعة بطلب الحكم عليها بما عسى أن يقضى به ضدها. حكمت المحكمة بإلزام مؤسسة الخطوط الجوية الليبية بأن تؤدي للمطعون ضدهم الثلاثة الأول مبلغ 200000 فرنك يوانكارية محسوباً بالجنيه المصري ومقوماً بسعره في يوم صدور الحكم في حدود مبلغ عشرين ألف جنيه مصري وبقبول الدفع المبدى من المطعون ضدها الرابعة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى الفرعية - استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 4814 سنة 96 ق القاهرة كما استأنفه المطعون ضدهم الثلاثة الأول بالاستئناف رقم 3010 سنة 97 ق القاهرة. وبجلسة 16/ 6/ 1980 قضت محكمة الاستئناف برفض الاستئناف الأول وبعدم قبول الاستئناف الثاني، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيقه القانوني والقصور في التسبيب وقالا بياناً لذلك إنهما تمسكا بانعدام مسئولية المؤسسة عن الحادث نظراً لقيام سبب أجنبي أدى لوقوعه يتمثل فيما ارتكبته الطائرات الإسرائيلية من اعتداء على الطائرة بإطلاق المدافع عليها مما أدى إلى سقوطها؛ وأنه إذا كان قائد الطائرة قد أخطأ بالانحراف عن مسارها المرسوم فإن خطأ الطائرات الإسرائيلية - وهو خطأ عمدي - قد استغرق خطأ قائد الطائرة بما تنتفي معه مسئولية المؤسسة هذا إلى أن الضرر قد وقع بسبب القتل الذي حدث نتيجة احتراق الطائرة وهو ما لا صلة بينه وبين عقد النقل - وبالرغم من تمسكها بذلك إلا أن الحكم لم يعرض لدفاعهما رغم أنه جوهري بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المستفاد من نصوص المواد 17، 20، 22 من اتفاقية فارسوفيا الدولية للطيران المدني المعدلة ببروتوكول لاهاي الذي وافقت عليه مصر بالقانون 644 سنة 1955 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الناقل الجوي يكون مسئولاً عن الضرر الذي يقع في حالة وفاة أو إصابة أي راكب إذا كانت الحادثة التي تولد عنها الضرر قد وقعت على متن الطائرة أو أثناء عمليات الصعود أو الهبوط وهذه المسئولية مبنية على خطأ مفترض في جانب الناقل ولا ترتفع عنه إلا إذا أثبت هو أنه وتابعيه قد اتخذوا كافة التدابير اللازمة لتفادي وقوع الضرر أو كان من المستحيل عليهم اتخاذها؛ لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع وتقدير عمل الخبير في الدعوى ولا رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض متى كان استخلاصها قائماً على أسباب سائغة وحسبها أن تقيم قضاؤها على ما يكفي لحمله؛ وكان الحكم المطعون فيه قد أحال إلى أسباب الحكم الابتدائي والتي تضمنت استناداً إلى التقرير الفني المقدم في الدعوى بياناً بأخطاء عديدة ارتكبها قائد الطائرة وأدت لوقوع الحادث أضاف لها قوله "بأن الحادث وقع نتيجة خطأ قائد الطائرة الذي بلغ أقصى درجات الرعونة وعدم الاكتراث عندما هبطت الطائرة استجابة لتهديد الطائرات الإسرائيلية ثم يعود قائدها بها خلسة محاولاً الفرار بشكل بطولي لا مبرر له غير عابئ بأنه في منطقة عسكرية معلن عنها دولياً مما أدى بالطائرات الإسرائيلية إلى إطلاق النار على الطائرة الليبية...." ثم استطرد قائلاً "فإن خطأ الطيران الإسرائيلي كان نتيجة حتمية لخطأ قائد الطائرة الليبية الذي قالت عنه محكمة أول درجة بحق أنه خطأ يعادل الغش مما يعتبر معه خطأ الغير قائد الطائرة - مستغرقاً لخطأ الطيران الإسرائيلي مما تنهار معه كل حجة للمستأنفين في دفع مسئوليتهما بالسبب الأجنبي" وإذ كان ذلك وكانت هذه الأسباب سائغة وتكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه فإن النعي عليه بهذا السبب لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه فيما قضى به بالنسبة للدعوى الفرعية مخالفة القانون وقالا بياناً لذلك إن الحكم أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة ولائياً بالفصل في دعوى الضمان الفرعية على سند من عقد التشغيل المبرم بين الطاعنة والمطعون ضدها الرابعة في حين أن هذه الدعوى لا تعدو أن تكون طلباً عارضاً مما يختص به القضاء المصري تبعاً لاختصاصه بالدعوى الأصلية التي أبدى فيها رأيه عملاً بالمادتين 33، 110 من قانون المرافعات ولا تسوغ قواعد النظام العام الاتفاق على استبعاد اختصاصه بها وتخليه عنه لقضاء أجنبي، هذا إلى أن اتفاقية فارسوفيا تحظر الاتفاق على تعيين قواعد الاختصاص المعقود لمحكمة جهة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 501 من قانون المرافعات تنص على أنه "يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بوثيقة تحكيم خاصة كما يجوز الاتفاق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ عقد معين" فإن مفاد هذا النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تخويل المتعاقدين الحق في الالتجاء إلى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به المحاكم أصلاً، فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع وإن كان يرتكن أساساً إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء إلا أنه ينبني مباشرة وفي كل حالة على حده على اتفاق الطرفين، كما أن المشرع لم يأت في نصوص قانون المرافعات بما يمنع أن يكون التحكيم في الخارج على يد أشخاص غير مصريين، لأن حكمة تشريع التحكيم تنحصر في أن طرفي الخصومة يريد أن يمحض إرادتهما واتفاقهما تفويض أشخاص ليست لهم ولاية القضاء في أن يقضوا بينهما أو يحسموا النزاع بحكم أو يصلح يقبلان شروطه، فرضاء طرفي الخصومة هو أساس التحكيم؛ وكما يجوز لهما الصلح دون وساطة أحد فإنه يجوز لهما تفويض غيرهما في إجراء هذا الصلح أو في الحكم في النزاع، يستوي في ذلك أن يكون المحكمون في مصر وأن يجري التحكيم فيها أو أن يكونوا موجودين في الخارج ويصدر حكمهم هناك، فإرادة الخصوم هي التي تخلق التحكيم كطريق استثنائي لفض المنازعات، وقد أقر المشرع جواز الاتفاق عليه ولو تم في الخارج دون أن يمس ذلك النظام العام، لما كان ما تقدم وكانت دعوى الضمان مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية فلا تعتبر طلباً عارضاً فيها وكان اتفاقية فارسوفيا لا تنظم سوى مسئولية الناقل عن إخلاله بالتزاماته الناشئة عن عقد النقل الجوي فلا تسري ما تضمنته نصوصها من قواعد الاختصاص على العلاقة بين مؤسسة الخطوط الجوية الليبية والشركة المطعون ضدها الأخيرة الناشئة عن عقد التشغيل - وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأقام قضاءه بعدم الاختصاص الولائي بنظر الدعوى الفرعية على أنها تستند إلى العقد المبرم بين مؤسسة الخطوط الجوية الليبية والشركة المطعون ضدها الأخيرة بتاريخ 2/ 2/ 1972 والمتضمن لشرط التحكيم وأن هذا الشرط صحيح ولا مخالفة فيه للنظام العام أو القانون فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين القضاء برفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق