الصفحات

الاثنين، 8 مايو 2017

الطعن 78930 لسنة 75 ق جلسة 29 / 7 / 2008 مكتب فني 59 ق 63 ص 344

جلسة 29 من يوليو سنة 2008
برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طه سيد قاسم، محمد سامي إبراهيم، هاني عبد الرحمن نواب رئيس المحكمة علاء البغدادي.
------------
(63)
الطعن 78930 لسنة 75 ق
(1) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحصيل الحكم من أقول الشهود ما له صداه وأصله في الأوراق. ينتفي معه الخطأ في الإسناد. 
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(2) إثبات "خبرة". ضرب "أفضى إلى موت".
إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. ليس بلازم. 
مثال.
(3) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفوع "الدفع باستحالة حصول الواقعة". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً. 
الدفع باستحالة حصول الواقعة. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً. ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة.
(4) جريمة "أركانها". قصد جنائي.
القصد الجنائي في جريمة إحداث الجروح عمداً. متى يتوافر؟
(5) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". رابطة السببية. ضرب "أفضى إلى موت". قصد جنائي. مسئولية جنائية.
رابطة السببية في المواد الجنائية. علاقة مادية. تقدير توافرها. موضوعي. ما دام سائغاً. 
الجاني في جريمة الضرب أو إحداث الجرح عمداً. مسئول عن جميع النتائج المحتملة نتيجة سلوكه الإجرامي. ما لم تتداخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله والنتيجة. 
مرض المجني عليه من الأمور الثانوية التي لا تقطع رابطة السببية. 
مثال لتسبيب سائغ لتوافر رابطة السببية في جريمة ضرب أفضى إلى موت.
(6) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته. موضوعي. 
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله. لا يعيب الحكم. متى استخلص الحقيقة من أقواله بما لا تناقض فيه. 
تطابق أقوال الشهود والدليل الفني. ليس بلازم. كفاية أن يكون الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق.
(7) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع الإعراض عن قالة شهود النفي. ما دامت لا تثق بما شهدوا به. إشارتها إلى أقوالهم. غير لازم. ما دامت لم تستند إليها. قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها. دلالته: عدم اطمئنانها لأقوالهم فاطرحتها.
(8) دعوى مدنية "مصاريفها". رسوم قضائية.
عدم سداد رسوم الدعوى المدنية لا تعلق له بإجراءات المحاكمة من حيث الصحة أو البطلان.
-----------
1 - لما كان البين من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أقوال شاهدي الإثبات وهما ...... له صداه وأصله الثابت في الأوراق فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الشأن لا يكون له محل بما تنحل معه منازعته في سلامة استخلاص الحكم لأدلة الإدانة في الدعوى إلى جدل موضوعي حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة ومصادرة لها في عقيدتها وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض.
2 - لما كان الحكم قد حصل من التقرير الطبي الشرعي أن "(1) وجود جرح لازم الحواف يقع بفروة الرأس بطول حوالي 4 سم يبعد عن صيوان الإذن اليمنى بحوالي 8 سم ويبعد عن الخط المنتصف للجسم بحوالي 7 سم وأعلى الحاجب الأيمن بحوالي 14 سم. (2) كدم أحمر اللون بأبعاد حوالي 2×2 سم يقع يمين فروة الرأس يقع على بعد حوالي 7 سم من الخط المنتصف للجسم ويبعد عن الحاجب الأيمن بحوالي 12 سم عدا ذلك لم نلاحظ بعموم جسد المذكور ثمة أثار إصابية حديثة أخرى. - الرأس - بتشريح فروة الرأس تبينا وجود انسكابات دموية غزيرة بالجانب الأيمن من الفروة مقابل الإصابتين الموصوفتين في الكشف الظاهري تحت بندي 1، 2 وعظام القبوة والقاعدة خالية من الكسور أو الآثار الإصابية والسحايا خالية من التكهنات أو الآثار الإصابية والمخ تبينا خلوه من الآثار الإصابية ظاهرياً مع وجود احتقان بأوعيته الدموية وانتهى التقرير الطبي الشرعي إلى إنه نتيجة لحدوث مشاجرة بين المجني عليه المتوفى إلى رحمة الله وآخرين متمثلة في التعدي عليه وإسقاطه أرضاً على درج العقار وسرعة حدوث الوفاة فإن تلك الأفعال من شأنها أن تكون قد مهدت وعجلت بحدوث الوفاة نظراً للحالة المرضية المتقدمة والمزمنة التي يعانى منها المجني عليه" فأن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراد مضمون التقرير الطبي الشرعي لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه.
3 - لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها، وكان الدفع باستحالة حصول الواقعة على نحو معين من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي يوردها الحكم.
4 - لما كان الطاعن لا ينازع في أن ما أورده الحكم نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية له معينه الصحيح من هذا التقرير وكان مؤداه أن نتيجة لحدوث مشاجرة بين المجني عليه المتوفى إلى رحمة الله وآخرين متمثلة في التعدي عليه وإسقاطه أرضاً على درج العقار وسرعة حدوث الوفاة فأن تلك الأفعال من شأنها أن تكون قد مهدت وعجلت بحدوث الوفاة نظراً للحالة المرضية المتقدمة والمزمنة التي يعاني منها المجني عليه. لما كانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته، ويكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً عن وقائع الدعوى كما أوردها الحكم، وهو ما تحقق في واقعة الدعوى.
5 - لما كان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك، على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه تشاجر مع المجني عليه ودفعه على درج العقار هو وشقيقه قاصداً من ذلك إيذاءه وحيث إن ذلك هو السبب الأول المحرك لعوامل أخرى متنوعة تعاونت بطريق مباشر على إحداث وفاة المجني عليه كحالته المرضية المزمنة فإن في ذلك ما يحقق مسئوليته - في صحيح القانون - عن هذه النتيجة التي كان من واجبه أن يتوقع حصولها لما هو مقرر من أن الجاني في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمداً يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ولو كانت عن طريق غير مباشر ما لم تتدخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله وبين النتيجة ومن أن مرض المجني عليه إنما هو من الأمور الثانوية التي لا تقطع هذه الرابطة ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الوجه يضحى غير قديم.
6 - لما كان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات، كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان من المقرر أن تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق وكان يبين مما سلف أن ما حصله الحكم من أقوال شاهدي الإثبات لا يتناقض مع ما نقله من تقرير الصفة التشريحية بل يتلاءم معه، فإن دعوى التناقض بين الدليلين القولي والفني تكون لا محل لها.
7 - لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها ،فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول.
8 - لما كان عدم سداد رسوم الدعوى المدنية - بفرض صحته - لا تعلق له بإجراءات المحاكمة من حيث صحتها أو بطلانها.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من (1) ...... طاعن (2) ...... (3) ...... بأنهم: - ضربوا عمداً المجني عليه ... بأن تعدوا عليه ودفعوه على درج سلم العقار سكنهم فسقط وحدثت إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ولم يقصدوا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته على النحو المبين بالتحقيقات
وأحالتهم إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، وادعت زوجة المجني عليه ...... مدنياً قبل المتهمين بمبلغ .....، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 1/236 من قانون العقوبات بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبراءة كل من ...... 
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
--------------
المحكمة
ينعي الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع؛ ذلك بأنه استند في قضائه بالإدانة إلى أقوال الشاهدين ...... وحصل من أقوالهما ونسب إليهما أن الأول أبصر الطاعن حال دفعه المجني عليه على درج العقار وسقوطه وحدوث إصابته، وللثانية أنها شاهدت الطاعن يحمل قطعه من الحديد رغم أن أقوالهما في التحقيقات لا تساند الحكم فيما حصله منها، كما أنه لم يورد ما تضمنه تقرير الصفة التشريحية بأكمله، كما أن الحكم لم يرد على دفاع الطاعن باستحالة وقوع الحادث حسب تصوير الشهود، كما أن وفاة المجني عليه ناتجة من حالة مرضية، هذا إلى أنه عول في الإدانة على أقوال شهود الإثبات وتحريات الشرطة رغم وجود تعارض بينهما وبين الدليل الفني، كما أنه أعرض عن أقوال شهود النفي ولم يرد عليها. وأخيرا فقد قضى الحكم بأسبابه بإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة دون سداد رسومها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وتحريات المباحث وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أقوال شاهدي الإثبات وهما .... له صداه وأصله الثابت في الأوراق فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الشأن لا يكون له محل بما تنحل معه منازعته في سلامة استخلاص الحكم لأدلة الإدانة في الدعوى إلى جدل موضوعي حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة ومصادرة لها في عقيدتها وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل من التقرير الطبي الشرعي أن "(1) وجود جرح لازم الحواف يقع بفروة الرأس بطول حوالي 4 سم يبعد عن صيوان الإذن اليمنى بحوالي 8 سم ويبعد عن الخط المنتصف للجسم بحوالي 7 سم وأعلى الحاجب الأيمن بحوالي 14 سم. (2) كدم أحمر اللون بأبعاد حوالي 2×2 سم يقع يمين فروة الرأس يقع على بعد حوالي 7 سم من الخط المنتصف للجسم ويبعد عن الحاجب الأيمن بحوالي 12 سم عدا ذلك لم نلاحظ بعموم جسد المذكور ثمة أثار إصابية حديثه أخرى. - الرأس - بتشريح فروة الرأس تبينا وجود انسكابات دموية غزيرة بالجانب الأيمن من الفروة مقابل الإصابتين الموصوفتين في الكشف الظاهري تحت بندي 1, 2 وعظام القبوة والقاعدة خالية من الكسور أو الآثار الإصابية والسحايا خالية من التكهنات أو الآثار الإصابية والمخ تبينا خلوه من الآثار الإصابية ظاهرياً مع وجود احتقان بأوعيته الدموية وانتهى التقرير الطبي الشرعي إلى إنه نتيجة لحدوث مشاجرة بين المجني عليه المتوفى إلى رحمة الله وآخرين متمثلة في التعدي عليه وإسقاطه أرضاً على درج العقار وسرعة حدوث الوفاة فإن تلك الأفعال من شأنها أن تكون قد مهدت وعجلت بحدوث الوفاة نظراً للحالة المرضية المتقدمة والمزمنة التي يعاني منها المجني عليه" فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراد مضمون التقرير الطبي الشرعي لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها، وكان الدفع باستحالة حصول الواقعة على نحو معين من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي يوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما أورده الحكم - نقلاً - عن تقرير الصفة التشريحية له معينه الصحيح من هذا التقرير وكان مؤداه أن نتيجة لحدوث مشاجرة بين المجني عليه المتوفى إلى رحمة الله وآخرين متمثلة في التعدي عليه وإسقاطه أرضاً على درج العقار وسرعة حدوث الوفاة فإن تلك الأفعال من شأنها أن تكون قد مهدت وعجلت بحدوث الوفاة نظراً للحالة المرضية المتقدمة والمزمنة التي يعاني منها المجني عليه. ولما كانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته، ويكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في واقعة الدعوى، وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك، على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه تشاجر مع المجني عليه ودفعه على درج العقار هو وشقيقه قاصداً من ذلك إيذاءه وحيث إن ذلك هو السبب الأول المحرك لعوامل أخرى متنوعة تعاونت بطريق مباشر على إحداث وفاة المجني عليه كحالته المرضية المزمنة فإن في ذلك ما يحقق مسئوليته في صحيح القانون عن هذه النتيجة التي كان من واجبه أن يتوقع حصولها لما هو مقرر من أن الجاني في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمداً يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ولو كانت عن طريق غير مباشر ما لم تتدخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله وبين النتيجة ومن أن مرض المجني عليه إنما هو من الأمور الثانوية التي لا تقطع هذه الرابطة ومن ثم فأن النعي على الحكم في هذا الوجه يضحى غير قويم. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات، كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان من المقرر أن تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق وكان يبين مما سلف أن ما حصله الحكم من أقوال شاهدي الإثبات لا يتناقض مع ما نقله من تقرير الصفة التشريحية بل يتلاءم معه، فإن دعوى التناقض بين الدليلين القولي والفني تكون ولا محل لها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان عدم سداد رسوم الدعوى المدنية - بفرض صحته - لا تعلق له بإجراءات المحاكمة من حيث صحتها أو بطلانها فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق