الصفحات

الخميس، 21 مايو 2015

الطعن 9886 لسنة 65 ق جلسة 2 / 12 / 1997 مكتب فني 48 ق 202 ص 1324

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومصطفى عبد المجيد وزغلول البلشي نواب رئيس المحكمة وعبد الرحمن فهمي.

---------------

(202)
الطعن رقم 9886 لسنة 65 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) حكم "بيانات الديباجة".
مواد الاتهام. ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم. إيراد الحكم مواد القانون التي أخذ المتهمين بها. كفايته بياناً لمواد القانون التي حكم بمقتضاها.
(3) اختلاس أموال أميرية. قانون "تفسيره". موظفون عموميون.
المادتين 112، 113، عقوبات. نطاقهما؟
المقصود بالموظف العام والأموال العامة في حكم المادتين 119/ ح، 119/ هـ مكرراً عقوبات؟
(4) اختلاس أموال أميرية. قانون "تفسيره". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مراكز الشباب تعد من الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة. مؤدى ذلك: اعتبار أموالها من الأموال العامة في تطبيق قانون العقوبات. إثبات الحكم أن المتهم يعمل بمركز للشباب وأن الأموال المختلسة المستولى عليها مملوكة للمركز وسلمت للمتهم بسبب وظيفته. النعي عليه في هذا الشأن. غير مقبول.
(5) اختلاس أموال أميرية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قصد جنائي. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 عقوبات تحققه بتصرف الموظف في المال الذي بعهدته على اعتبار أنه مملوك له. تخلص المتهم من بعد من المال المختلس. لا يؤثر في قيام الجريمة. علة ذلك؟
تحدث الحكم استقلالاً عن توافر هذا القصد. غير لازم. كفاية أن يكون فيما أورده من وقائع ما يدل على قيامه.
مثال لتسبيب كاف وسائغ في توافر نية الاختلاس.
(6) محاماة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده. موكول إلى تقديره حسبما يمليه عليه ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته.
(7) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق المحكمة في الأخذ باعتراف المتهمين بالتحقيقات وبمحضر الجلسة. باعتباره حجة عليهم. متى اطمأنت إليه.
(8) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبب الطعن.
مثال.
(9) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بالرد على دفاع لم يثر أمامها.
(10) دفوع "الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش. دفاع موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن رداً عليه.
(11) اشتراك. فاعل أصلي. مسئولية جنائية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تغير وصف الفعل الجنائي الذي حصل الاشتراك فيه بالنسبة للفاعل الأصلي بسبب ظرف خاص به. مساءلة الشريك بالظرف الخاص بالفاعل. شرطه: العلم.
نعى الطاعن الثالث أن الواقعة بالنسبة له سرقة بطريق الكسر لانتفاء علمه بصفة الطاعن الأول الوظيفية وطبيعة المال موضوع الاتهام. في حين أن الحكم المطعون فيه أورد صفة الأخير وطبيعة ذلك المال. منازعة في الصورة التي اعتنقها الحكم وجدل موضوعي في سلطة المحكمة في استخلاص صورة الواقعة.
(12) اشتراك. فاعل أصلي. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إفصاح الحكم عما إذا كان المتهم فاعلاً أصلياً أو شريكاً. غير لازم.
إثبات الحكم اتفاق الطاعن مع باقي المتهمين على ارتكاب الجريمة التي دانهم بها. كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً.
(13) فاعل أصلي. اشتراك. نقض "المصلحة فيه".
انتفاء مصلحة الطاعن في النعي على الحكم عدم بيان دور كل متهم وما إذا كان فاعلاً أو شريكاً. علة ذلك؟
(14) غرامة. عقوبة "تطبيقها".
الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 عقوبات. نسبية تضامن المتهمين في الالتزام بها. فاعلين كانوا أو شركاء. ما لم ينص القانون على خلافه. أساس ذلك؟
(15) اختلاس أموال أميرية. غرامة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ضبط الأشياء المختلسة. لا يمنع الحكم بالغرامة النسبية. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. لا خطأ.
مثال:
(16) عقوبة "الإعفاء منها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نقض أسباب إعفاء المتهم من العقاب. غير لازم. إلا إذا دفع بذلك أمام المحكمة. إثارته أو النعي على الحكم قعوده عن التحدث عنه لأول مرة أمام النقض. غير جائز.

------------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية.
2 - لما كان من المقرر أن مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجرائم المسندة إلى الطاعنين وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة، ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى المواد التي أخذ الطاعنين بها بقوله "لذلك وعملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية تعيين معاقبتهم بالمواد 40/ ثانياً وثالثاً، 41/ 1، 48/ 1 - 2 112/ 1، 113/ 1، 118، 119/ ح/ 119 مكرراً/ هـ من قانون العقوبات "فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون الذي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون.
3 - لما كان قانون العقوبات إذ عاقب بمقتضى المادتين 112، 113 الموظف العام أو من في حكمه إذا اختلس شيئاً مسلماً إليه بحكم وظيفته، أو استولى بغير حق على مال عام أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة - فقد دل على اتجاهه إلى التوسع في تحديد مدلول الموظف العام في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات. وأراد - على ما عددته المادة 119 مكرراً منه - معاقبة جميع فئات العاملين في الحكومة والجهات التابعة لها فعلاً أو الملحقة بها حكماً مهما تنوعت أشكالها وأياً كانت درجة الموظف أو من في حكمه في سلم الوظيفة، وأياً كان نوع العمل المكلف به، لا فرق بين الدائم والمؤقت وسواء كان العمل بأجر أو بغير أجر، طواعية أو جبراً. ولما كان البند (هـ) من هذه المادة قد نص على أن يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالاً عامة طبقاً للمادة السابقة - وكانت الفقرة (ح) من المادة 119 من القانون المذكور قد نصت على أن المقصود بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب أموال أية جهة ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
4 - لما كانت المادة 15 من القانون رقم 77 لسنة 1975 بإصدار قانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة، قد نصت على اعتبار الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة - ومنها مراكز الشباب المنصوص عليها في الباب السادس في المواد 98، 99/ 100 منه - من الهيئات الخاصة ذات النفع العام، واعتبار أموالها من الأموال العامة في تطبيق أحكام قانون العقوبات. ولما كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول يعمل بمركز شباب...، وإن الخزينة التي تم اختلاسها والاستيلاء على ما بها من أموال - كانت في عهدته وأنه تسلمها بموجب إيصال مؤرخ... وأن الأموال التي تم الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء عليها مملوكة لمركز الشباب المذكور، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد استظهر صفة الطاعن الأول الوظيفية، وأن تسلمه الخزينة كان بسبب وظيفته، وأن الأموال موضوع الاتهام المسند إليه من الأموال العامة.
5 - لما كان من المقرر أنه يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات أن يكون الموظف المتهم قد تصرف في المال الذي بعهدته على اعتبار أنه مملوك له، ومتى ثبت ذلك في حقه، فإنه لا يؤثر في قيام الجريمة قيام المتهم من بعد بالتخلص من المال المختلس بأي وجه، لأن الظروف التي قد تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفي قيامها، كما أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت قيام الطاعن الأول باختلاس الخزينة عهدته بالاشتراك مع الطاعنين الثاني والثالث والاستيلاء على ما بها من مبالغ مالية واقتسامها فيما بينهم وقيامهم بالتخلص من الخزينة الفارغة بإلقائها في ترعة المنصورية حيث تم انتشالها بعد أن أرشد عنها الطاعن الثاني، وكان ما أورده الحكم من ذلك يكفي لتوافر القصد الجنائي لدى الطاعنين.
6 - من المقرر أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يمليه عليه ضميره ويوحي به اجتهاده وتقاليد مهنته.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد مؤدى اعتراف الطاعنين بالتحقيقات على نحو مفصل حصل ما ورد بمحضر جلسة المحاكمة من أن المتهمين سئلوا عن التهم المسندة إليهم اعترفوا جميعاً بها، وأن المحكمة سألت المتهم الأول عن الخزينة فقرر أنها عهدته وأن ثمنها لا يزيد على أربعمائة جنيه فإنه يصح الأخذ بهذا الاعتراف باعتباره حجة على الطاعنين ما دامت المحكمة قد اطمأنت إليه.
8 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يثيروا شيئاً عما ينعوه في أسباب طعنهم عن بطلان استجوابهم بمحضر الضبط، فليس لهم من بعد أن يثيروا هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن.
9 - لما كان الطاعنون لم يدفعوا أمام محكمة الموضوع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل الإذن بهما، فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد على دفاع لم يثر أمامها.
10 - من المقرر أن الدفع بحصول الضبط والتفتيش قبل صدور الإذن يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها.
11 - لما كان من المقرر أنه إذا كان الفعل الجنائي الذي حصل الاشتراك فيه قد تغير وصفه بالنسبة للفاعل الأصلي بسبب ظرف خاص به، فإن المتهم بالاشتراك يكون مسئولاً على أساس وجود هذا الظرف ما دام أنه يعلم ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه يفيد علم الطاعن الثالث بصفة الطاعن الأول الوظيفية وأن المال موضوع الاتهام المسند إليه يعتبر من الأموال العامة، وتتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاشتراك في الاختلاس والاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على مال عام، التي دان الطاعنين بها، فإن ما يثيره الطاعن الثالث من أن الواقعة بالنسبة له مجرد سرقة بطريق الكسر لانتفاء علمه بصفة الطاعن الأول وأن المال موضوع الاتهام مال عام، لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقها الحكم وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها، مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب.
12 - من المقرر أنه ليس بلازم أن يفصح الحكم صراحة عما إذا كان المتهم فاعلاً أصلياً أو شريكاً بل يكفي أن ذلك مستفاداً من الوقائع التي أثبتها الحكم، كما أنه ليس بلازم أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل مساهم على حده ودوره في الجريمة التي دانه بها ما دام قد أثبت في حقه اتفاقه مع باقي المتهمين على ارتكاب الجريمة التي دانهم بها، واتفاق نيتهم على تحقيق النتيجة التي وقعت واتجاه نشاطهم الإجرامي إلى ذلك - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن هذا وحده يكفي لتضامنه في المسئولية الجنائية باعتباره فاعلاً أصلياً.
13 - من المقرر أنه لا مصلحة للطاعن فيما أثاره من أن الحكم لم يبين دور كل متهم وما إذا كان فاعلاً أم شريكاً، لكون العقوبة المقررة للفاعل الأصلي هي بذاتها العقوبة المقررة للشريك لأن من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها طبقاً لنص المادة 41 من قانون العقوبات.
14 - لما كان من المقرر أن الغرامة التي نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات وإن كان الشارع قد ربط لها حداً أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه، إلا أنها من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 من القانون سالف الذكر، وبالتالي يكون المتهمون أياً كانت صفاتهم متضامنين في الالتزام بها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك بأن المشرع في المادة 118 من قانون العقوبات ألزم بها الجاني بصفة عامة دون تخصيص، وجاءت عبارة المادة 44 مطلقة شاملة للفاعلين أو الشركاء دون تقيد بأن يكون من حكم بها عليه موظفاً أو من في حكمه.
15 - لما كان من المقرر أن ضبط الأشياء المختلسة لا شأن له بالغرامة النسبية الواجب القضاء بها، وكان الحكم المطعون فيه قد حدد المال المستولى عليه بمبلغ.... جنيه مضافاً إليه مبلغ.... جنيه ثمن الخزينة التي تم اختلاسها لتصير جملة الغرامة النسبية مبلغ.... جنيه وهو ما قضى به الحكم المطعون فيه، فإنه لا يكون قد خالف القانون.
16 - لما كان قصارى ما أثبته المدافع عن الطاعن الثاني بمحضر جلسة المحاكمة هو طلب استعمال الرأفة إذ هو الذي أرشد عن الخزينة ولم يتمسك بطلب الإعفاء من العقاب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها إلا إذا دفع بذلك أمامها، فإذا هو لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقاب إعمالاً للمادة 118 مكرراً (ب) من قانون العقوبات فليس له من بعد أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض، ولا أن ينعى على الحكم قعوده عن التحدث عنه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بوصف أنهم أولاً: - المتهم الأول والثاني والثالث: اشتركوا في اتفاق جنائي القصد منه ارتكاب جنايات اختلاس الخزينة المملوكة لمركز شباب... والاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على ما بها من مبالغ على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: المتهم الأول: بصفته موظفاً عاما "عام بمركز شباب..." اختلس الخزينة المبينة الوصف بالأوراق والمملوكة لجهة عمله سالفة الذكر والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته 2 - بصفته آنفة البيان استولى بغير حق على مبلغ.... جنيه والمملوكة لجهة عمله سالفة الذكر على النحو المبين بالتحقيقات. 3 - بصفته آنفة البيان سهل للمتهمين الثاني والثالث الاستيلاء بغير حق وبنية التملك على مبلغ.... جنيه والمملوكة لجهة عمله على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثاً: المتهمان الثاني والثالث: اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة الاختلاس وتسهيل الاستيلاء بأن اتفقا معه على ارتكابها وساعداه بأن قاما بنزع الخزينة من المكان المخصص لها ونقلاها خارج مركز شباب.... بواسطة سيارة الثاني واقتسموا ما بها من مبالغ وألقاها الأول والثاني عقب ذلك بترعة المنصورية فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً.... عملاً بالمواد 40/ ثانياً وثالثاً، 41/ 1، 48/ 1 - 2، 112/ 1، 113/ 1، 118، 119 فقرة/ ح، 119 مكرراً هـ من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمهم جميعاً على سبيل التضامن مبلغ وقدره 88400 جنيه وإلزامهم متضامنين برد مبلغ ستين جنيهاً وعزل المتهم الأول من وظيفته.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم الاتفاق الجنائي والاختلاس والاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على مال عام والاشتراك في ذلك - قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه الإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم خلا من بيان واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانهم بها، كما خلت ديباجته من نص القانون الذي حكم بموجبه، ولم يستظهر صفة الطاعن الأول الوظيفية، وكيف أنه تسلم الخزينة بسبب وظيفته، ولم يتحر ملكية الدولة للمال المستولى عليه. وأن الطاعن الأول لم يقصد اختلاس الخزينة ولم تتجه نيته إلى تملكها، وإنما قصد الاستيلاء على ما بها من أموال، وأن المدافعين عن الطاعنين لم يبدوا دفاعاً حقيقياً في الدعوى، واكتفوا بطلب استعمال الرأفة، وعول الحكم على اعتراف الطاعنين بمحضر الجلسة ولم يورد مضمونه، كما عول على اعترافهم بمحضر الضبط رغم أنه وليد استجواب باطل، ولم يرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما، وأن الواقعة بالنسبة للطاعن الثالث مجرد سرقة بطريق الكسر لانتفاء علمه بصفة الطاعن الأول الوظيفية وكون المال المستولى عليه يعتبر مالاً عاماً. ولم يحدد الحكم دور كل من الطاعنين في الجريمة وما إذا كان فاعلاً أصلياً أم شريكاً فيها، وقضى بتغريمهم متضامنين مبلغ 88400 جنيه على خلاف أحكام القانون، والتفت عن طلب الطاعن الثاني بإعفائه من العقاب طبقاً لنص المادة 118 مكرراً (ب) من قانون العقوبات. وإن ذلك كله مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعترافات الطاعنين في التحقيقات وبجلسة المحاكمة، وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجرائم المسندة إلى الطاعنين وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة، ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى المواد التي آخذ الطاعنين بها بقوله "لذلك وعملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية تعين معاقبتهم بالمواد 40/ ثانيا وثالثاً، 41/ 1، 48/ 1 - 2، 112/ 1، 113/ 1، 118، 119/ ح، 119 مكرراً/ هـ من قانون العقوبات "فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون الذي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون. لما كان ذلك، وكان قانون العقوبات إذ عاقب بمقتضى المادتين 112، 113 الموظف العام أو من في حكمه إذا اختلس شيئاً مسلماً إليه بحكم وظيفته، أو استولى بغير حق على مال عام أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة - فقد دل على اتجاهه إلى التوسع في تحديد مدلول الموظف العام في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، وأراد - على ما عددته المادة 119 مكرراً منه - معاقبة جميع فئات العاملين في الحكومة والجهات التابعة لها فعلاً أو الملحقة بها حكماً مهما تنوعت أشكالها وأياً كانت درجة الموظف أو من في حكمه في سلم الوظيفة، وأياً كان نوع العمل المكلف به، لا فرق بين الدائم والمؤقت وسواء كان العمل بأجر أو بغير أجر، طواعية أو جبراً. ولما كان البند "هـ" من هذه المادة قد نص على أن يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالاً عامة طبقاً للمادة السابقة - وكانت الفقرة "ح" من المادة 119 من القانون المذكور قد نصت على أن المقصود بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب - أموال أية جهة ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة. وكانت المادة 15 من القانون رقم 77 لسنة 1975 بإصدار قانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة، قد نصت على اعتبار الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة - ومنها مراكز الشباب المنصوص عليها في الباب السادس في المواد 98، 99/ 100 منه - من الهيئات الخاصة ذات النفع العام، واعتبار أموالها من الأموال العامة في تطبيق أحكام قانون العقوبات. ولما كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول يعمل بمركز شباب.... وأن الخزينة التي تم اختلاسها والاستيلاء على ما بها من أموال - كانت في عهدته وأنه تسلمها بموجب إيصال مؤرخ.... وأن الأموال التي تم الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء عليها مملوكة لمركز الشباب المذكور، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد استظهر صفة الطاعن الأول الوظيفية، وأن تسلمه الخزينة كان بسبب وظيفته، وأن الأموال موضوع الاتهام المسند إليه من الأموال العامة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات أن يكون الموظف المتهم قد تصرف في المال الذي بعهدته على اعتبار أنه مملوك له، ومتى ثبت ذلك في حقه، فإنه لا يؤثر في قيام الجريمة قيام المتهم من بعد التخلص من المال المختلس بأي وجه، لأن الظروف التي قد تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفي قيامها، كما أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت قيام الطاعن الأول باختلاس الخزينة عهدته بالاشتراك مع الطاعنين الثاني والثالث والاستيلاء على ما بها من مبالغ مالية واقتسامها فيما بينهم وقيامهم بالتخلص من الخزينة الفارغة بإلقائها في ترعة المنصورية حيث تم انتشالها بعد أن أرشد عنها الطاعن الثاني، وكان ما أورده الحكم من ذلك يكفي لتوافر القصد الجنائي لدى الطاعنين، فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المدافعين عن الطاعنين ترافعوا في موضوع التهم المسندة إليهم ولم يقصروا في إبداء أوجه الدفاع، وكان من المقرر أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يمليه عليه ضميره ويوحي به اجتهاده وتقاليد مهنته، فإنه لا وجه لما يتحدى به الطاعنون من أن المحامين المدافعين عنهم لم يكونوا ملمين بوقائع الدعوى ولم يبدوا دفاعاً حقيقياً فيها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد مؤدى اعتراف الطاعنين بالتحقيقات على نحو مفصل حصل ما ورد بمحضر جلسة المحاكمة من أن المتهمين سئلوا عن التهم المسندة إليه اعترفوا جميعاً بها، وأن المحكمة سألت المتهم الأول عن الخزينة فقرر أنها عهدته وأن ثمنها لا يزيد على أربعمائة جنيه، فإنه يصح الأخذ بهذا الاعتراف باعتباره حجة على الطاعنين ما دامت المحكمة قد اطمأنت إليه. ولما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يثيروا شيئاً عما ينعوه في أسباب طعنهم على بطلان استجوابهم بمحضر الضبط، فليس لهم من بعد أن يثيروا هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن. ولما كان الطاعنون لم يدفعوا أمام محكمة الموضوع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل الإذن بهما، فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد على دفاع لم يثر أمامها، هذا إلى أن المقرر أن الدفع بحصول الضبط والتفتيش قبل صدور الإذن يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كان الفعل الجنائي الذي حصل الاشتراك فيه قد تغير وصفه بالنسبة للفاعل الأصلي بسبب ظرف خاص به، فإن المتهم بالاشتراك يكون مسئولاً على أساس وجود هذا الظرف ما دام أنه يعلم، ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه يفيد علم الطاعن الثالث بصفة الطاعن الأول الوظيفية وأن المال موضوع الاتهام المسند إليه يعتبر من الأموال العامة، وتتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاشتراك في الاختلاس والاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على مال عام، التي دان الطاعنين بها، فإن ما يثيره الطاعن الثالث من أن الواقعة بالنسبة له مجرد سرقة بطريق الكسر لانتفاء علمه بصفة الطاعن الأول وأن المال موضوع الاتهام مال عام، لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقها الحكم وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها، مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن يفصح الحكم صراحة عما إذا كان المتهم فاعلاً أصلياً أو شريكاً بل يكفي أن يكون مستفاداً من الوقائع التي أثبتها الحكم، كما أنه ليس بلازم أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل مساهم على حده ودوره في الجريمة التي دانه بها ما دام قد أثبت في حقه اتفاقه مع باقي المتهمين على ارتكاب الجريمة التي دانهم بها، واتفاق نيتهم على تحقيق النتيجة التي وقعت واتجاه نشاطهم الإجرامي إلى ذلك - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن هذا وحده يكفي لتضامنه في المسئولية الجنائية باعتباره فاعلاً أصلياً. هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعن الثاني فيما أثاره من أن الحكم لم يبين دور كل متهم وما إذا كان فاعلاً أم شريكاً، لكون العقوبة المقررة للفاعل الأصلي هي بذاتها العقوبة المقررة للشريك لأن من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها طبقاً لنص المادة 41 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الغرامة التي نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات وإن كان الشارع قد ربط لها حداً أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه، إلا أنها من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 من القانون سالف الذكر، وبالتالي يكون المتهمون أياً كانت صفاتهم متضامنين في الالتزام بها ما لم ينص القانون على خلافه، ذلك بأن المشرع في المادة 118 من قانون العقوبات ألزم بها الجاني بصفة عامة دون تخصيص، وجاءت عبارة المادة 44 مطلقة شاملة للفاعلين أو الشركاء دون تقييد بأن يكون من حكم بها عليه موظفاً أو من في حكمه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن ضبط الأشياء المختلسة لا شأن له بالغرامة النسبية الواجب القضاء بها، وكان الحكم المطعون فيه قد حدد المال المستولى عليه بمبلغ... جنيه مضافاً إليه مبلغ.... جنيه ثمن الخزينة التي تم اختلاسها لتصير جملة الغرامة النسبية مبلغ.... جنيه وهو ما قضى به الحكم المطعون فيه، فإنه لا يكون قد خالف القانون. لما كان ذلك، وكان قصارى ما أثبته المدافع عن الطاعن الثاني بمحضر جلسة المحاكمة هو طلب استعمال الرأفة إذ هو الذي أرشد عن الخزينة ولم يتمسك بطلب الإعفاء من العقاب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها إلا إذا دفع بذلك أمامها، فإذا هو لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقاب إعمالاً للمادة 118 مكرراً (ب) من قانون العقوبات فليس له من بعد أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض، ولا أن ينعى على الحكم قعوده عن التحدث عنه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق