الصفحات

الأحد، 7 ديسمبر 2014

الطعن 63909 لسنة 74 ق جلسة 26 / 1 / 2006 مكتب فني 57 ق 19 ص 157

جلسة 26 من يناير سنة 2006
برئاسة السيد المستشار / حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / فريد عوض ، علي فرجاني ، حمدي ياسين نواب رئيس المحكمة وعبد الله فتحي .
-------------
(19)
الطعن 63909 لسنة 74 ق
(1) رشوة . جريمة " أركانها " .
جريمة الرشوة . مناط تحققها ؟
مثال .
(2) إثبات " خبرة " "قرائن" . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب".
عدم إيراد المحكمة مؤدى الدليل المستمد من التسجيلات الصوتية . لا يعيب الحكم . ما دام استند إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردها .
(3) إثبات " شهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم . غير لازم . كفاية إيراد مضمونه .
حق المحكمة في تجزئة الدليل والأخذ منه بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به . شرط وأثر ذلك ؟
(4) إثبات " بوجه عام " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد لإيراده طلب الطاعن من المبلغة معاشرتها جنسياً مقابل إسناد دور تمثيلي لها . غير مقبول . ما دام الثابت خلو الحكم من ذلك .
(5) رشوة . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
القصد الجنائي في جريمة الرشوة . مناط تحققه ؟
استنتاج القصد الجنائي في جريمة الرشوة من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة .
مثال لتسبيب سائغ في استظهار القصد الجنائي في جريمة رشوة .
(6) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بتلفيق التهمة وكيدية الاتهام . موضوعي . لا يستلزم ردا صريحاً . كفاية الأخذ بأدلة الثبوت رداً عليه .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) رشوة . جريمة " أركانها " . موظفون عموميون . حكم " تسبيبه . تسبب غير معيب " .
جريمة الرشوة . ما لا يؤثر في قيامها ؟
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر جريمة الرشوة في حق الطاعن .
(8) رشوة . جريمة " أركانها " . موظفون عموميون . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".
جريمة الرشوة . تمامها . بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله ولو كان العمل الذي يدفع الجعل لتنفيذه غير حق ولا يستطيعه أو لا ينتوي القيام به لمخالفته للقانون . ما دام زعم الاختصاص كافياً لتمام الجريمة . علة ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر أركان جريمة رشوة موظف عمومي .
(9) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال . علة ذلك ؟
تجريح أدلة الدعوى ومناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع . غير جائز أمام محكمة النقض .
(10) تسجيل المحادثات . دفوع " الدفع ببطلان إذن التسجيل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
عدم جواز النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يبد أمامها.
الدفع بصدور إذن التسجيل بعد إجرائه . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة إلي تمام التسجيلات بناء على الإذن رداً عليه .
(11) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشاهد . مفاده ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(12) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
حق المحكمة في الإعراض عن طلب الدفاع إذا كانت الواقعة قد وضحت لديها وكان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى . شرطه : بيان العلة .
الدفاع الذي لا يتجه إلي نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة . موضوعي . عدم التزام المحكمة بإجابته .
مثال .
(13) تسجيل المحادثات . استدلالات . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نيابة عامة .
إصدار النيابة إذن تسجيل المحادثات بعد اطلاعها على محضر التحريات المقدم إليها . كفايته سنداً لتسبيب الإذن .
(14) مأمورو الضبط القضائي " اختصاصاتهم " . تفتيش " إذن التفتيش . بياناته .
 تنفيذه " . دفوع " الدفع ببطلان إذن التسجيل " " الدفع ببطلان إذن النيابة بالضبط " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع ببطلان إذني التسجيل والضبط لعدم تحديد اسم المرخص له بإجراء كل منهما . عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . علة ذلك ؟
عدم تعيين اسم المأذون له بالتسجيل أو بالضبط والتفتيش . لا يعيب الإذن . لأي من مأموري الضبط القضائي المختصين تنفيذه .
(15) قانون " تفسيره " . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . نيابة عامة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم وجوب تسبيب أمر التفتيش إلا حين ينصب على المسكن . أساس ذلك ؟
مثال .
(16) تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " .
إذن النيابة بالتفتيش . شرط صحته ؟
عدم اطلاع النيابة على التسجيلات الصوتية المأذون بإجرائها . لا ينال من صحة الإذن بالضبط والتفتيش .
(17) تسجيل المحادثات . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
طريقة تنفيذ إذن تسجيل المحادثات الشفوية السلكية واللاسلكية والتصوير . موكولة إلي رجل الضبط المأذون له بإجرائها تحت رقابة محكمة الموضوع . حقه في الاستعانة في تنفيذ الإذن بالفنيين ورجال الضبط القضائي وغيرهم . ما دام تحت إشرافه .
(18) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . استجواب . تلبس . إجراءات " إجراءات التحقيق " . محاماة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود في غير أحوال التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة إلا بعد دعوة محاميه إن وجد . شرط ذلك ؟ المادة 124 إجراءات.
النعي ببطلان الاستجواب لعدم دعوة محامي المتهم . غير مقبول . ما دام المتهم لم يعلن اسم محاميه بالطريق القانوني .
(19) دفوع " الدفع ببطلان المواجهة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لا تثريب على المحكمة التفاتها عن الرد على الدفع ببطلان المواجهة التي أجراها وكيل النيابة المحقق بين الطاعن والمبلغة . ما دامت لم تعول في الإدانة عليها .
(20) حكم " بيانات التسبيب " .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤدياً إلي تفهم الواقعة بأركانها وظروفها . أساس ذلك؟
(21) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
(22) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بنفي التهمة . موضوعي . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أورها الحكم .
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلي المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . مفاد التفاته عنها : اطراحها .
(23) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
(24) إثبات " اعتراف " . رشوة . عقوبة " الإعفاء منها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
شرط الاعتراف الذي يؤدي إلي إعفاء الراشي أو الوسيط من عقوبة الرشوة . أن يكون صادقاً كاملاً يغطي جميع وقائع الرشوة وأن يكون لدي جهة الحكم . حصوله أمام جهة التحقيق والعدول عنه أمام المحكمة . لا ينتج أثره . أساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــ
1 - لما كان البين مما أورده الحكم المطعون فيه أن الطاعن طلب مواقعة المبلغة مقابل إسناد دور تمثيلي لها في عمل فنى يقوم بإخراجه لصالح قطاع الإنتاج التابع .... الذي يعمل مخرجاً أول به ، وكانت جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن ، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون غير سديد .
2 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج عن تفريغ الأشرطة ، وإنما استندت إلى هذه التسجيلات كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها ، فإنه لا جناح على الحكم إن هو لم يورد مؤدى هذه التسجيلات على نحو مفصل ما دام أنه قد عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه، ولم يتخذ من هذه التسجيلات دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل الطاعنين ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من عدم بيان مؤدى الدليل المستمد من التسجيلات الصوتية وقصور الحكم في الرد على دفاعه بشأنها يكون غير مقبول .
3 - من المقرر أنه لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد الذي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ منه بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها كما هو الحال في الدعوى المطروحة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله .
4 - لما كان البين مما حصله الحكم المطعون فيه من تقرير تفريغ المحادثات التليفونية أنه خلا من أن الطاعن طلب من المبلغة معاشرتها جنسياً مقابل إسناد دور تمثيلي لها خلافاً لما يزعمه الطاعن في أسباب طعنه ، فإن ما ينعاه على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الصدد لا يكون له محل .
5 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو للإخلال بواجباته وأنه ثمن لإتجاره بوظيفته واستغلالها ، ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن طلب الطاعن مواقعة المبلغة جنسياً كان مقابل إسناد دور تمثيلي لها في العمل الفني الذي يقوم بإخراجه ، فإن ذلك ما يتحقق به معنى الإتجار بالوظيفة ويتوافر به القصد الجنائي كما هو معرف به في القانون ، فإن ما يثيره من أن المحكمة لم تتعرض لدفاعه بانتفاء القصد الجنائي لديه لا يكون له محل .
6 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة وكيدية الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد الرد عليه دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7 - من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة وألا يكون الراشي جاداً فيما عرضه على المرتشي متى كان عرضه الرشوة جدياً في ظاهره وكان الموظف المتهم قد قبله على أنه جدي منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي أو غيره ، وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن هو الذي سعى بنفسه إلى المبلغة في مكتب الطاعن الثاني الذي اتفقا على اللقاء فيه ، وأنه هو الذي طلب منها مواقعتها جنسياً بناء على الاتفاق الذي جرى بينهما ، فإن مفاد ذلك أن الطاعن هو الذي انزلق إلى مقارفة طلب الرشوة ، وكان ذلك منه عن إرادة حرة طليقة ، وإذ كان ما أثبته الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً لإدانة الطاعن ، فإن ما يثيره عن القول بأن المبلغة هي التي حرضت على ارتكاب الجريمة بإيعاز من عضو الرقابة الإدارية لا يكون صحيحاً .
8 - من المقرر أن جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله ، ولو كان العمل الذي يدفع الجعل لتنفيذه غير حق ، ولا يستطيعه الموظف أو لا ينتوي القيام به لمخالفته لأحكام القانون ، ما دام العمل المطلوب في ذاته وبصورة مجردة داخلاً في اختصاص الموظف ، وما دام أن زعم الاختصاص يكفي لتمام الجريمة لأن تنفيذ الغرض من الرشوة بالفعل ليس ركناً في الجريمة ، ولأن الشارع سوى في نطاق جريمة الرشوة بما استنه في نصوصه التي استحدثها بين ارتشاء الموظف وبين احتياله باستغلال الثقة التي تفرضها الوظيفة فيه وذلك عن طريق الإتجار فيها ، وأن الشارع قدر أن الموظف لا يقل استحقاقاً للعقاب حين يتجر في أعمال الوظيفة على أساس موهوم عنه حين يتجر فيها على أساس من الواقع إذ هو يجمع بين إثمين هما الاحتيال والارتشاء ، فلا جدوى للطاعن من جراء ما يثيره من استحالة تنفيذ الغرض من الرشوة لكون المبلغة ليست عضواً بنقابة .... ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد تفطن إلى المعاني القانونية المتقدمة في رده على دفاع الطاعن فإنه لا يكون قد أخطأ في شيء ويكون النعي عليه في هذا الصدد في غير محله .
9 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال ، إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن التفات الحكم عن دفاعه بأن ما طلبه من المبلغة كان مقابل إسناد دور تمثيلي لها في عمل فني آخر لا يتصل بوظيفته ، لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح , وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض .
10 - لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان التسجيلات لحصولها قبل صدور الإذن ، فليس له من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يبد أمامها ، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن الدفع بصدور الإذن بعد إجراء التسجيلات هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى أن تلك التسجيلات قد تمت بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها .
11 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم من أقوال المبلغة وعضو هيئة الرقابة الإدارية له أصله الثابت بالأوراق ، فإن ما يثيره بشأن تعويل الحكم على أقوالهما رغم عدم صدقها يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
12 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن التصريح له باستخراج صورة رسمية من فواتير هاتفه المشار إليها بأسباب الطعن ورد عليه بقوله : " وحيث إنه بالنسبة لطلب الدفاع التصريح له باستخراج صورة رسمية من شركة ..... تحوي بياناً للمكالمات الهاتفية التي تمت بين المتهمين والمبلغة بواسطة هواتفهم المحمولة عن الفترة من .... حتى .... أو اعتماد الصورة العرفية المقدمة منه للمحكمة - بهيئة سابقة - والتي تتضمن ذلك ، فالواقع أن الدفاع يهدف من وراء هذا الطلب إلى إثبات وجود علاقة سابقة بين المتهم الأول والمبلغة قبل صدور إذن النيابة العامة بتسجيل المحادثات الهاتفية بينهما ، بل إن الدفاع ذهب في دفاعه إلى القول بأن هذه العلاقة السابقة كانت علاقة جنسية ، والمحكمة لا تطمئن إلى وجود مثل هذه العلاقة خاصة وأن المتهم الأول لم يذكر ثمة شئ يدل على ذلك عند سؤاله بالتحقيقات ولو كانت هناك أية علاقة سابقة بينهما أياً كان نوعها لبادر إلى ذكر ذلك أمام النيابة العامة كوجه من أوجه دفاعه بل إن أقواله بالتحقيقات جاءت نافية لوجود مثل هذه العلاقة السابقة مقرراً أنه تعرف على المذكورة بواسطة المتهم الثاني وأن الأخير هو الذي مهد لإنشاء هذه العلاقة ، الأمر الذي ترى معه المحكمة أن ذلك الطلب الذي أبداه الدفاع في هذا الشأن ليس إلا محاولة منه للإفلات بهذا المتهم من المسئولية الجنائية ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عنهما " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه دفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة ، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً ويستقيم به اطراح طلب الطاعن سالف البيان ، وكان هذا الطلب لا يتجه في صورة الدعوى إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما روتها المبلغة وإنما المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة ، ومن ثم يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد .
13 - لما كان البين من المفردات المضمومة أن النيابة العامة حين أصدرت أمرها بالتسجيل مثار الطعن إنما أصدرته بعد اطلاعها على محضر التحريات المقدم إليها من عضو الرقابة الإدارية - طالب الأمر - وما تضمنه من أسباب توطئة وتسويغاً لإصداره ، فإنه بحسب أمرها كي يكون محمولاً على هذه الأسباب بمثابتها جزءاً منه وبغير حاجة إلى إيراد تلك الأسباب في الأمر نفسه ، ومن ثم يكون هذا الأمر مسبباً في حكم المادة 95 من قانون الإجراءات الجنائية التي لم ترسم شكلاً خاصاً للتسبيب ، ويكون هذا الوجه من النعي في غير محله .
14 - لما كان الطاعن لم يثر الدفع ببطلان إذني التسجيل والضبط لعدم تحديد اسم المرخص له بإجراء كل منهما أمام محكمة الموضوع فلا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ، هذا إلى أن عدم تعيين اسم المأذون له بالتسجيل أو بالضبط والتفتيش لا يعيب الإذن ويكون لأي من مأموري الضبط القضائي المختصين تنفيذ الإذن في هذه الحالة متى كان لم يعين مأموري بعينه .
15 - من المقرر أن المادة 46 من الدستور ، والمادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1972 لا توجبان تسبيب أمر التفتيش إلا حين ينصب على المسكن ، والحال في الدعوى الراهنة أن أمر النيابة العامة انصب على شخص الطاعنين ومكتب ثانيهما دون مسكنيهما فلا موجب لتسبيبه ، ومع هذا فإن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن النيابة أصدرت هذا الأمر بعد اطلاعها على محضر التحريات المقدم إليها من عضو هيئة الرقابة الإدارية - طالب الأمر - وما تضمنه من أسباب توطئة وتسويغاً لإصداره وهذا حسبه كي يكون محمولاً على هذه الأسباب بمثابته جزءاً منه .
16 - من المقرر أن كل ما يشترط لإذن النيابة بالتفتيش هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحريته أو لحرمة مسكنه ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقر النيابة في شأن إصدارها الإذن وجدية التحريات وكفايتها ، فإن عدم اطلاع النيابة على التسجيلات الصوتية المأذون بإجرائها لا ينال من صحة الإذن بالضبط والتفتيش، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير أساس .
17 - من المقرر أن طريقة تنفيذ الإذن موكولة إلى رجل الضبط المأذون له بإجراءات تسجيل المحادثات الشفوية والسلكية واللاسلكية والتصوير يجريها تحت رقابة محكمة الموضوع فله أن يستعين في ذلك بالفنيين ورجال الضبط القضائي وغيرهم بحيث يكونون تحت إشرافه وهو الحال في الدعوى المطروحة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير قويم .
18 - من المقرر أن المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه : " في غير حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة لا يجوز للمحقق في الجنايات أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد ، وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير يكتب في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإقرار أو الإعلان " . وكان مفاد هذا النص أن المشرع تطلب ضمانة خاصة لكل متهم في جناية هي وجوب دعوة محاميه إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة فيما عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة وذلك تطميناً للمتهم وصوناً لحرية الدفاع عن نفسه وللتمكن من دعوة محامي المتهم تحقيقاً لهذه الضمانة العامة يجب على المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو أن يتولى محاميه هذا الإقرار أو الإعلان ، وإذ كان الطاعن لم يزعم أنه أعلن اسم محاميه بالطريق الذي رسمه القانون ، فضلاً عن أنه كان في حالة تلبس ، ومن ثم فإن استجوابه في تحقيق النيابة العامة يكون قد تم صحيحاً في القانون ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم .
19 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يعول في الإدانة على المواجهة التي أجراها وكيل النيابة المحقق بين الطاعن وبين المبلغة ولم يشر إليها في مدوناته ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد .
20 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد .
21 - من المقرر أنه لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، ومن ثم فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن استناد الحكم إلى أقوال المبلغة رغم أن شهادتها لا تفيد بذاتها تدليلاً على مقارفته الجريمة لا يكون مقبولاً .
22 - لما كان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها .
23 – لما كان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه مخالفة أقواله التي حصلها الحكم وعول عليها في قضائه للثابت بالتحقيقات بل ساق نعيه مرسلاً مجهلاً ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
24 - من المقرر أنه يشترط في الاعتراف الذي يؤدي إلى إعفاء الراشي أو الوسيط من العقوبة وفقاً لنص المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات أن يكون صادقاً كاملاً يغطي جميع وقائع الرشوة التي ارتكبها الراشي أو الوسيط ، دون نقص أو تحريف ، وأن يكون حاصلاً لدى جهة الحكم حتى تتحقق فائدته ، فإذا حصل الاعتراف لدى جهة التحقيق ثم عدل عنه لدى المحكمة ، فلا يمكن أن ينتج الإعفاء أثره ، وإذ كان الثابت بالحكم المطعون فيه ومحضر الجلسة أن الطاعن أنكر التهمة أمام المحكمة ولم يعترف بها ، فإن الحكم لا يكون مخطئاً إذا لم يعمل في حقه الإعفاء المنصوص عليه في المادة 107 مكرراً سالفة الذكر .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما : المتهم الأول : بصفته موظفاً عمومياً " مخرجاً أول .... " طلب لنفسه عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب من .... " عضو نقابة ..... " معاشرتها جنسياً على سبيل الرشوة مقابل إسناد دور تمثيلي لها في عمل فنى يقوم بإخراجه لقطاع الإنتاج ..... على النحو المبين بالتحقيقات . المتهم الثاني : توسط في جريمة الرشوة موضوع التهمة السابقة على النحو المبين بالتحقيقات . وأحالتهما إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا ..... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 103 ، 107/1 مكرر من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات والمتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليهما وبتغريم كل منهما مبلغ ألف جنيه .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ .
ومحكمة النقض قضت بقبول طعن كل من الطاعنين شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا .... للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى بالنسبة للطاعنين . ومحكمة الإعادة قضت حضورياً أولاً : بمعاقبة ..... بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وتغريمه مبلغ ألف جنيه لما أسند إليه ثانياً : بمعاقبة ..... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ألف جنيه لما أسند إليه .
فطعن المحكوم عليهما للمرة الثانية في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
أولاً : عن الطعن المقدم من الطاعن الأول ....... :
من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه بمذكرتي الأسباب أنه إذ دانه بجريمة الرشوة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه خلا من استظهار أركان جريمة الرشوة في حق الطاعن ، ولم يورد مؤدى التسجيلات الصوتية التي عول عليها في الإدانة بطريقة وافية ، ولم يعرض لما قام عليه دفاع الطاعن من أن تلك التسجيلات لا تصلح دليلاً لتعرض الأحاديث التي تضمنتها للعبث ، وأغفل في تحصيله لأقوال الشاهد ...... ما قرره من أن الطاعن تقدم بكشوف تضمنت أسماء الممثلين للاعتماد قبل بدء العمل وليس من بينها اسم المبلغة ، ونقل الحكم عن تقرير تفريغ المحادثات أن الطاعن طلب من المجني عليها معاشرتها جنسياً مقابل إسناد دور تمثيلي لها وهو ما خلا منه ذلك التقرير ، ولم يعرض الحكم لدفاع الطاعن بانتفاء القصد الجنائي لديه وكيدية الاتهام وتلفيقه ، كما اطرح ما دفع به من أن الجريمة إنما وقعت بتحريض من المبلغة وعضو الرقابة الإدارية ، ورد بما لا يصلح رداً على دفاع الطاعن باستحالة تنفيذ الغرض من الرشوة لكون المبلغة ليست عضواً في نقابة ..... خلافاً لما ورد بقرار الاتهام ، كما أغفل الحكم الرد على دفاعه بأن الفائدة التي طلبها من المبلغة كانت مقابل إسناد دور تمثيلي لها في عمل فنى آخر لا يتصل بوظيفته ، هذا إلى أن دفاع الطاعن قام على بطلان التسجيلات لتمامها قبل صدور إذن النيابة العامة ، وعدم صدق أقوال المبلغة وعضو الرقابة الإدارية ، وطلب تحقيقاً لهذا الدفاع استخراج صورة رسمية من الفاتورة التفصيلية للهاتف الخاص به ، إلا أن المحكمة لم تعن بالرد على دفاعه ولم تستجب لطلبه وأطرحته بما لا يسوغ به اطراحه ، كما أن الطاعن دفع ببطلان إذني التسجيل والضبط والتفتيش لخلو كل منهما من الأسباب التي دعت لإصداره واسم المأذون له بإجرائه ولصدور الإذن الثاني دون قيام عضو النيابة بالاستماع إلى أشرطة التسجيل ، إلا أن الحكم أغفل الرد على هذه الدفوع ، كما اطرح برد غير سائغ دفعي الطاعن ببطلان التسجيلات لإجرائها بمعرفة فنيين وهم ليسوا من مأموري الضبط ، وببطلان استجواب النيابة للطاعن لعدم حضور محام معه ، هذا فضلاً عن بطلان المواجهة التي أجراها المحقق بين الطاعن وبين المبلغة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله : " إن المتهم الأول .... كان يعمل مخرجاً أول بقطاع الإنتاج التابع .... وقد بدأ عمله بهذا القطاع العام منذ عام .... والمتهم الثاني .... كان يمارس العمل في الإنتاج السينمائي وذلك من خلال مكتب أعده لذلك كان بدائرة قسم ..... وكان يتردد عليه بهذا المكتب العديد من الممثلين والممثلات الراغبين في الاشتراك في أحد الأعمال الفنية التي يقوم بإنتاجها ، وقد حضرت إليه بمكتبه المجني عليها ...... وطلبت منه مساعدتها في الحصول على فرصة عمل في أحد الأعمال الفنية ، ونظراً لوجود صلة بينه وبين المتهم الأول ولعلمه بأن الأخير في سبيله لإخراج مسلسل تليفزيوني بتكليف من قطاع الإنتاج ...... فقد قام بالاتصال به وعرض عليه إسناد دور في هذا المسلسل لها مقابل ممارسة الجنس معها ، وقد وافق المذكور على ذلك وعندئذ رتب المتهم الثاني لقاء لهما بمكتبه عرض خلاله المتهم الأول على المذكورة الاشتراك بالتمثيل في مسلسل يعد لإخراجه اسمه " ..... " وأسند لها فيه دور شخصية تدعى " .... " وطلب منها مقابل ذلك ممارسة الجنس معها إلا أن المذكورة توجهت في اليوم التالي لهذا اللقاء وأبلغت الرقابة الإدارية بذلك حيث قام عضو الرقابة الإدارية ..... بإجراء التحريات اللازمة عن تلك الواقعة والتي أكدت صحة هذا البلاغ وبناءً على ذلك استصدر بتاريخ .... إذناً من النيابة العامة بتسجيل المحادثات الهاتفية واللقاءات التي تتم بين المبلغة والمتهمين والتي تبين منها أن المتهم الأول طلب من المذكورة من خلال وساطة المتهم الثاني معاشرتها جنسياً نظير موافقته على أدائها إحدى الشخصيات بالمسلسل التليفزيوني الذي أسند إليه إخراجه من قطاع الإنتاج ..... وقد حدد لها المتهم الأول من خلال تلك المحادثات اسم الشخصية التي ستقوم بأدائها في هذا المسلسل وكذا عدد الحلقات التي ستظهر فيها ، وكان يتعجل لقاءه بها كما أنه كان يبدد مخاوفها من عدم الوفاء بوعده لها بعد أن يكون قد مارس الجنس معها ، وقد تم خلال تلك المحادثات تحديد موعد لمقابلتها في مكتب المتهم الثاني وذلك بتاريخ .... لتنفيذ ما طلبه منها بمعاشرتها جنسياً وقد تم ضبط المتهمين في الزمان والمكان سالفي الذكر بناء على إذن صادر من النيابة العامة بتاريخ .... وذلك حال تواجدهما مع المجني عليها ، وقد قرر المتهم الأول بالتحقيقات أن المتهم الثاني تردد عليه بمقر عمله بالتلفزيون وأبلغه بوجود صلة بينه وبين المذكورة من خلال عملها السابق بالوسط الفني وأنها ترغب في الحصول على دور في العمل الذي يتولى إخراجه وعرض عليه أن يقوم بمعاشرتها جنسياً مقابل إسناد العمل لها ، وقرر المتهم الثاني بالتحقيقات أن المذكورة حضرت إليه للبحث عن فرصة عمل في أحد الأعمال الفنية فأبلغها أنه سيتوسط لها لدى المتهم الأول لإسناد دور لها في مسلسل تاريخي يقوم بإخراجه لحساب قطاع الإنتاج ، وعرض ذلك على المتهم الأول وأبلغه أن المذكورة مستعدة لمباشرة الجنس معه إذ إنه يعلم أن المتهم سالف الذكر اعتاد على معاشرة الممثلات الناشئات جنسياً مقابل إسناد أدوار لهن ، وقد قرر المتهمان الأول والثاني بالتحقيقات بتطابق بصمة صوتهما على ما هو ثابت بالتسجيلات الهاتفية ، وقد تم تسجيل واقعة ضبط المتهمين بالصوت والصورة " . وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعنين أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ومن اعتراف الطاعنين بالتحقيقات وما أسفرت عنه التسجيلات التي تمت بين المبلغة والطاعنين ومما ثبت من المستندات المقدمة من قطاع الإنتاج .... ، وهي أدلة سائغة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان البين مما أورده الحكم المطعون فيه أن الطاعن طلب مواقعة المبلغة مقابل إسناد دور تمثيلي لها في عمل فني يقوم بإخراجه لصالح قطاع الإنتاج التابع ...... الذي يعمل مخرجاً أول به ، وكانت جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن ، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج عن تفريغ الأشرطة ، وإنما استندت إلى هذه التسجيلات كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها ، فإنه لا جناح على الحكم إن هو لم يورد مؤدى هذه التسجيلات على نحو مفصل ما دام أنه قد عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ، ولم يتخذ من هذه التسجيلات دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل الطاعنين ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من عدم بيان مؤدى الدليل المستمد من التسجيلات الصوتية وقصور الحكم في الرد على دفاعه بشأنها يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد الذي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ منه بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها كما هو الحال في الدعوى المطروحة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البين مما حصله الحكم المطعون فيه من تقرير تفريغ المحادثات التليفونية أنه خلا من أن الطاعن طلب من المبلغة معاشرتها جنسياً مقابل إسناد دور تمثيلي لها خلافاً لما يزعمه الطاعن في أسباب طعنه ، فإن ما ينعاه على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو للإخلال بواجباته وأنه ثمن لإتجاره بوظيفته واستغلالها ، ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن طلب الطاعن مواقعة المبلغة جنسياً كان مقابل إسناد دور تمثيلي لها في العمل الفني الذي يقوم بإخراجه ، فإن ذلك ما يتحقق به معنى الإتجار بالوظيفة ويتوافر به القصد الجنائي كما هو معرف به في القانون ، فإن ما يثيره من أن المحكمة لم تتعرض لدفاعه بانتفاء القصد الجنائي لديه لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الدفع بتلفيق التهمة وكيدية الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد الرد عليه دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة وألا يكون الراشي جاداً فيما عرضه على المرتشي متى كان عرضه الرشوة جدياً في ظاهره وكان الموظف المتهم قد قبله على أنه جدى منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي أو غيره ، وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن هو الذي سعى بنفسه إلى المبلغة في مكتب الطاعن الثاني الذي اتفقا على اللقاء فيه ، وأنه هو الذي طلب منها مواقعتها جنسياً بناء على الاتفاق الذي جرى بينهما ، فإن مفاد ذلك أن الطاعن هو الذي انزلق إلى مقارفة طلب الرشوة ، وكان ذلك منه عن إرادة حرة طليقة ، وإذ كان ما أثبته الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً لإدانة الطاعن ، فإن ما يثيره عن القول بأن المبلغة هي التي حرضت على ارتكاب الجريمة بإيعاز من عضو الرقابة الإدارية لا يكون صحيحاً . لما كان ذلك ، وكانت جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله ، ولو كان العمل الذي يدفع الجعل لتنفيذه غير حق ، ولا يستطيعه الموظف أو لا ينتوي القيام به لمخالفته لأحكام القانون ، ما دام العمل المطلوب في ذاته وبصورة مجردة داخلاً في اختصاص الموظف ، وما دام أن زعم الاختصاص يكفي لتمام الجريمة لأن تنفيذ الغرض من الرشوة بالفعل ليس ركناً في الجريمة ، ولأن الشارع سوى في نطاق جريمة الرشوة بما استنه في نصوصه التي استحدثها بين ارتشاء الموظف وبين احتياله باستغلال الثقة التي تفرضها الوظيفة فيه وذلك عن طريق الإتجار فيها ، وأن الشارع قدر أن الموظف لا يقل استحقاقاً للعقاب حين يتجر في أعمال الوظيفة على أساس موهوم عنه حين يتجر فيها على أساس من الواقع إذ هو يجمع بين إثمين هما الاحتيال والارتشاء ، فلا جدوى للطاعن من جراء ما يثيره من استحالة تنفيذ الغرض من الرشوة لكون المبلغة ليست عضواً بنقابة ..... ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد تفطن إلى المعاني القانونية المتقدمة في رده على دفاع الطاعن فإنه لا يكون قد أخطأ في شيء ويكون النعي عليه في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال ، إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن التفات الحكم عن دفاعه بأن ما طلبه من المبلغة كان مقابل إسناد دور تمثيلي لها في عمل فني آخر لا يتصل بوظيفته ، لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح , وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان التسجيلات لحصولها قبل صدور الإذن ، فليس له من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يبد أمامها ، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن الدفع بصدور الإذن بعد إجراء التسجيلات هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى أن تلك التسجيلات قد تمت بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها . لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم من أقوال المبلغة وعضو هيئة الرقابة الإدارية له أصله الثابت بالأوراق ، فإن ما يثيره بشأن تعويل الحكم على أقوالهما رغم عدم صدقها يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن التصريح له باستخراج صورة رسمية من فواتير هاتفه المشار إليها بأسباب الطعن ورد عليه بقوله : " وحيث إنه بالنسبة لطلب الدفاع التصريح له باستخراج صورة رسمية من شركة ..... تحوي بياناً للمكالمات الهاتفية التي تمت بين المتهمين والمبلغة بواسطة هواتفهم المحمولة عن الفترة من .... حتى ..... أو اعتماد الصورة العرفية المقدمة منه للمحكمة - بهيئة سابقة - والتي تتضمن ذلك ، فالواقع أن الدفاع يهدف من وراء هذا الطلب إلى إثبات وجود علاقة سابقة بين المتهم الأول والمبلغة قبل صدور إذن النيابة العامة بتسجيل المحادثات الهاتفية بينهما ، بل إن الدفاع ذهب في دفاعه إلى القول بأن هذه العلاقة السابقة كانت علاقة جنسية ، والمحكمة لا تطمئن إلى وجود مثل هذه العلاقة خاصة وأن المتهم الأول لم يذكر ثمة شيء يدل على ذلك عند سؤاله بالتحقيقات ولو كانت هناك أية علاقة سابقة بينهما - أياً كان نوعها - لبادر إلى ذكر ذلك أمام النيابة العامة كوجه من أوجه دفاعه بل إن أقواله بالتحقيقات جاءت نافية لوجود مثل هذه العلاقة السابقة مقرراً أنه تعرف على المذكورة بواسطة المتهم الثاني وأن الأخير هو الذي مهد لإنشاء هذه العلاقة ، الأمر الذي ترى معه المحكمة أن ذلك الطلب الذي أبداه الدفاع في هذا الشأن ليس إلا محاولة منه للإفلات بهذا المتهم من المسئولية الجنائية ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عنهما " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه دفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة ، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً ويستقيم به اطراح طلب الطاعن سالف البيان ، وكان هذا الطلب لا يتجه في صورة الدعوى إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما روتها المبلغة وإنما المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة ، ومن ثم يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من المفردات المضمومة أن النيابة العامة حين أصدرت أمرها بالتسجيل مثار الطعن إنما أصدرته بعد اطلاعها على محضر التحريات المقدم إليها من عضو الرقابة الإدارية - طالب الأمر - وما تضمنه من أسباب توطئة وتسويغاً لإصداره ، فإنه بحسب أمرها كي يكون محمولاً على هذه الأسباب بمثابتها جزءاً منه وبغير حاجة إلى إيراد تلك الأسباب في الأمر نفسه ، ومن ثم يكون هذا الأمر مسبباً في حكم المادة 95 من قانون الإجراءات الجنائية التي لم ترسم شكلاً خاصاً للتسبيب ، ويكون هذا الوجه من النعي في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يثر الدفع ببطلان إذني التسجيل والضبط لعدم تحديد محل اسم المرخص له بإجراء كل منهما أمام محكمة الموضوع فلا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ، هذا إلى أن عدم تعيين اسم المأذون له بالتسجيل أو بالضبط والتفتيش لا يعي بالإذن ويكون لأي من مأموري الضبط القضائي المختصين تنفيذ الإذن في هذه الحالة متى كان لم يعين مأمور بعينه . لما كان ذلك ، وكانت المادة 46 من الدستور ، والمادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1972 لا توجبان تسبيب أمر التفتيش إلا حين ينصب على المسكن ، والحال في الدعوى الراهنة أن أمر النيابة العامة انصب على شخص الطاعنين ومكتب ثانيهما دون مسكنيهما فلا موجب لتسبيبه ، ومع هذا فإن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن النيابة أصدرت هذا الأمر بعد اطلاعها على محضر التحريات المقدم إليها من عضو هيئة الرقابة الإدارية - طالب الأمر - وما تضمنه من أسباب توطئة وتسويغاً لإصداره وهذا حسبه كى يكون محمولاً على هذه الأسباب بمثابته جزءاً منه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن كل ما يشترط لإذن النيابة بالتفتيش هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحريته أو لحرمة مسكنه ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقر النيابة في شأن إصدارها الإذن وجدية التحريات وكفايتها ، فإن عدم اطلاع النيابة على التسجيلات الصوتية المأذون بإجرائها لا ينال من صحة الإذن بالضبط والتفتيش ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن طريقة تنفيذ الإذن موكولة إلى رجل الضبط المأذون له بإجراءات تسجيل المحادثات الشفوية والسلكية واللاسلكية والتصوير يجريها تحت رقابة محكمة الموضوع فله أن يستعين في ذلك بالفنيين ورجال الضبط القضائي وغيرهم بحيث يكونون تحت إشرافه وهو الحال في الدعوى المطروحة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه : " في غير حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة لا يجوز للمحقق في الجنايات أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد ، وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير يكتب في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإقرار أو الإعلان " . وكان مفاد هذا النص أن المشرع تطلب ضمانة خاصة لكل متهم في جناية هي وجوب دعوة محاميه إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة فيما عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة وذلك تطميناً للمتهم ، وصوناً لحرية الدفاع عن نفسه وللتمكن من دعوة محامي المتهم تحقيقاً لهذه الضمانة العامة يجب على المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو أن يتولى محاميه هذا الإقرار أو الإعلان ، وإذ كان الطاعن لم يزعم أنه أعلن اسم محاميه بالطريق الذي رسمه القانون ، فضلاً عن أنه كان في حالة تلبس ، ومن ثم فإن استجوابه في تحقيق النيابة العامة يكون قد تم صحيحاً في القانون ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول في الإدانة على المواجهة التي أجراها وكيل النيابة المحقق بين الطاعن وبين المبلغة ولم يشر إليها في مدوناته ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ثانياً : عن الطعن المقدم من الطاعن الثاني ...... ..... : 
من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الوساطة في رشوة موظف عمومي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه خلا من بيان واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجريمة ولم يورد مضمون الأدلة التي استند إليها في قضائه ، واستدل بأقوال المبلغة رغم أن شهادتها لا تفيد بذاتها تدليلاً على مقارفة الطاعن لما أسند إليه ، وأورد الحكم مؤدى أقوال الطاعن التي اعتمد عليها في الإدانة على نحو يخالف الثابت بالتحقيقات ، هذا إلى أن الطاعن لم يرتكب الجريمة المسندة إليه بدلالة خلو التحقيقات والتسجيلات من ثمة دليل قبله ، هذا فضلاً عن أن الحكم لم يعف الطاعن من العقاب عملاً بحكم المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات مع أنه اعترف بالواقعة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الوساطة في الرشوة التي دان بها الطاعن ، وساق على ثبوتها في حقه أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ومن اعتراف الطاعنين بالتحقيقات وما أسفرت عنه التسجيلات التي تمت بين المبلغة والطاعنين ومما ثبت من المستندات المقدمة من قطاع الإنتاج .... ، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها ، وأورد الحكم مؤدى كل منها في بيان واف . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كما هو الحال في الدعوى المطروحة كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، ومن ثم فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن استناد الحكم إلى أقوال المبلغة رغم أن شهادتها لا تفيد بذاتها تدليلاً على مقارفته الجريمة لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه مخالفة أقواله التي حصلها الحكم وعول عليها في قضائه للثابت بالتحقيقات بل ساق نعيه مرسلاً مجهلاً ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان يشترط في الاعتراف الذي يؤدي إلى إعفاء الراشي أو الوسيط من العقوبة وفقاً لنص المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات أن يكون صادقاً كاملاً يغطي جميع وقائع الرشوة التي ارتكبها الراشي أو الوسيط ، دون نقص أو تحريف ، وأن يكون حاصلاً لدى جهة الحكم حتى تتحقق فائدته ، فإذا حصل الاعتراف لدى جهة التحقيق ثم عدل عنه لدى المحكمة ، فلا يمكن أن ينتج الإعفاء أثره ، وإذ كان الثابت بالحكم المطعون فيه ومحضر الجلسة أن الطاعن أنكر التهمة أمام المحكمة ولم يعترف بها ، فإن الحكم لا يكون مخطئاً إذا لم يعمل في حقه الإعفاء المنصوص عليه في المادة 107 مكرراً سالفة الذكر . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون كسابقه على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق