الصفحات

الاثنين، 1 سبتمبر 2014

الطعن 30095 لسنة 69 ق جلسة 3 / 3 / 2002 مكتب فني 53 ق 61 ص 334

جلسة 3 من مارس سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي، عادل الشوربجي، حسين الصعيدي نواب رئيس المحكمة وهاني عبد الجابر.

----------------

(61)
الطعن رقم 30095 لسنة 69 القضائية

(1) استيلاء على مال عام. إثبات "بوجه عام". حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً معينًا لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤديًا إلى تفهم الواقعة بأركانها وظرفها.
(2) استيلاء على مال عام. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التحدث عن توافر القصد الجنائي في جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام. غير لازم. كافية أن يكون ما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في تكوين اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه. ما دام له مأخذ من الأوراق.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة شاهد مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. أمام محكمة النقض. غير جائز.
(5) وصف التهمة. إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم إضافة وقائع لم يشملها وصف الاتهام. غير صحيح. طالما أن الواقعة المسندة للطاعن هي بذاتها التي دارت عليها المرافعة بجلسات المحاكمة وقضي بإدانته عنها.
(6) استيلاء على مال عام. نقض "المصلحة في الطعن". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
خطأ الحكم بإضافة جريمة أخرى للطاعن لم تقع منه. لا ينال من صحته طالما لم يوقع عليه سوى عقوبة واحد هي المقررة للجريمة التي وردت بقرار الاتهام ودارت عليها المرافعة واقتصرت أسباب الحكم عليها.
(7) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الخطأ في الإسناد. متى لا يعيب الحكم؟
مثال.
(8) إثبات "بوجه عام".
عدم تقيد القاضي عند محاكمة متهم بحكم آخر صادر في ذات الواقعة على متهم آخر.
(9) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفوع "الدفع بنفي التهمة". حكم "تسبيبه - تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نفى التهمة. دفاع موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(10) أمر الإحالة. بطلان. إجراءات "إجراءات التحقيق".
أمر الإحالة عمل من أعمال التحقيق. قصوره لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على صحة لجراءات.
إبطال أمر الإحالة. مفاده: إعادتها لمرحلة الإحالة وهذا أمر غير جائز. علة ذلك؟
(11) مسئولية جنائية. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحديد مسئولية المتهم بما يسند إليه من وقائع.
نعي الطاعن على الحكم بالقصور في التدليل على توافر جريمة الاشتراك في تسهيل الاستيلاء. غير مجد. ما دام ثبت ارتكابه لجريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق للغير على المال العام.
(12) استيلاء على مال عام. عقوبة "تطبيقها". غرامة. دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها".
الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 عقوبات من الغرامات النسبية المشار إليها في المادة 44 عقوبات. وجوب الحكم بها على المتهمين معا. التنفيذ عليهما بأكثر من المقدار المحدد في الحكم، غير جائز.
التضامن بين المتهمين في الغرامات النسبية. شرطة: صدور حكم واحد بها على المتهمين.
الحكم على غير المتهم المقامة عليه الدعوى. غير جائز.

----------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان ما أورده الحكم كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققًا لحكم القانون لارتكاب الطاعن لجناية تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال مما نص عليه في المادة 113 من قانون العقوبات.
2 - لما كان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه.
3 - لما كان من المقرر أنه لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، كما لها أيضًا أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليمًا متفقًا مع حكم العقل والمنطق.
4 - لما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مرجعة إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد إنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - لما كان البين من الأوراق أن النيابة العامة أسندت للطاعن أنه وآخرين سبق الحكم عليهم بصفتهم موظفين عموميين سهلوا الاستيلاء بغير حق على مواد البضاعة المملوكة للشركة وهي بذاتها الواقعة التي دارت عليها المرافعة بجلسة المحاكمة وقضى الحكم بإدانته عنها، فإن زعم الطاعن بأن الحكم أضاف واقعة لم يشملها وصف الاتهام يكون غير صحيح.
6 - من المقرر أن خطأ المحكمة بإضافة جريمة أخرى للطاعن لم تقع منه لا ينال من صحته طالما لم توقع عليه سوى عقوبة واحدة هي المقررة للجريمة التي وردت بقرار الاتهام ودارت عليها المرافعة واقتصرت أسباب الحكم عليها.
7 - لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
8 - لما كان من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهما يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر، ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر.
9 - لما كان الدفع بعدم ارتكاب الطاعن للجريمة مردودًا بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
10 - لما كان من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق فلا محل لإخضاعه لما يجرى على الأحكام من قواعد البطلان ومن ثم فإن القصور في أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على صحة إجراءاتها. كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضى إعادتها إلى مرحلة الإحالة وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة.
11 - لما كان من المقرر أن مسئولية المتهم تتحدد بما ينسب إليه من وقائع ولا يحاج بما يقضى به على متهم آخر ومن ثم فلا جدوى للطاعن من نعيه على الحكم بالقصور في التدليل على توافر جريمة الاشتراك في تسهيل الاستيلاء ما دام الثابت من الوقائع التي أثبتها ارتكاب الطاعن لجريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق للغير على المال العام التي دين بها.
12 - لما كانت المادة 44 من قانون العقوبات تنص على أنه "إذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد لجريمة واحدة فاعلين كانوا أو شركاء فالغرامات يحكم بها على كل منهم على انفراد خلافًا للغرامات النسبية فإنهم يكونون متضامنين في الالتزام بها ما لم ينص في الحكم على خلاف ذلك، وكان من المقرر أن الغرامة التي نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات وإن كان الشارع قد ربط لها حدا أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه إلا أنها من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 سالفة الذكر والتي يجب الحكم بها على المتهمين معا ولا يستطاع التنفيذ عليهم بأكثر من مقدارها المحدد في الحكم سواء في ذلك أن يلزمهم الحكم بهذا المقدار متضامنين أو يخص كلاً منهم بنصيب منه. بيد أنه لما كان التضامن بين المتهمين في الغرامات النسبية طبقًا لصريح نص المادة 44 آنفة البيان - مشروطًا - بأن يكون قد صدر بها على المتهمين حكم واحد وكان الطاعن والمحكوم عليهم الآخرين قد صدر ضد كل منهم حكم مستقل فإن شرط تضامنهم في الغرامة يكون قد تخلف هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الأصل أن الرد هو بمثابة تعويض وليس عقوبة وعند تعدد المحكوم عليهم يتعين الحكم عليهم بالرد متضامنين إعمالاً لنص المادة 169 من القانون المدني وهو الأمر الذي تخلف في الدعوى المطروحة - لأن القول بإلزام الطاعن وآخرين سبق الحكم عليهم متضامنين يخالف ما هو مقرر لنص المادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه لا يجوز الحكم على غير المتهم المقامة عليه الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم: - بصفتهم موظفين عموميين "الأول" رئيس قسم العقود..... والآخرون مديرو ورؤساء..... سهلوا للمتهمين السابع والثامن الاستيلاء على مواد البضاعة المبينة الوصف بالتحقيقات والبالغ قيمتها..... والمملوك للشركة التي يعملون بها سالفة الذكر بأن تعاقدوا مع المتهمين سالفي الذكر على تسويق مواد البضاعة محل العقد المبرم بينهما وأعفوهما بغير حق من تقديم الضمانات المقررة لتحصيل مستحقات الشركة عن هذه البضاعة عند استحقاقها وذلك على النحو المبين تفصيلا بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة جنايات... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف والواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 113/ 1، 118، 119/ ب، 119 مكررًا/ 1/ هـ من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ خمسة وثمانية ألفًا وتسعمائة وثلاثة جنيهات ومائة مليم وإلزامه برد مثله للشركة المجنى عليها وبعزله من وظيفته.
فطعن الأستاذ/...... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة

وحيث أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه بجريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه خلال من بيان واقعة الدعوى بما تتحقق به أركان الجريمة والأفعال التي قارفها الطاعن ومؤدى أدلة الثبوت كما لم يدلل على توافر القصد الجنائي في حق الطاعن تدليلاً سائغًا واعتنق صورة للواقعة تخالف الحقيقة والواقع واستدل على ثبوت الجريمة بأدلة غير مقبولة بدلالة أن المحكمة أضافت تهمة جديدة للطاعن بوصف التسبب بإهماله في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعمل بها إلا أنها أغفلت التصدي لها، وعول في قضائه على أقوال شهود الإثبات مع أنها لا تصلح للإدانة، هذا إلى أن الحكم أسند إلى.... أن تحرياته السرية دلت على أن الموزع .... يوجد ثمة تواطؤ بينه وبين الطاعن وآخرين في عملية إبرام عقد التوزيع وعقود البيع معه في حين أن هذا الشاهد لم يقل بأن هناك تواطؤ بين الموزع والطاعن وتمسك المدافع عن الطاعن بأسباب الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم... لسنة..... والمقدم صورته - والذي قضى بنقض الحكم السابق صدوره بإدانة باقي المتهمين وذلك تدليلاً على انتفاء التهمة المسندة إليه إلا أن الحكم أغفل هذا الدفاع إيرادًا ورداً وأطرح بما لا يصلح ردًا دفاع الطاعن القائم على بطلان أمر الإحالة لتجهيله وتعميمه للوصف إذ أسند للطاعن تعاقده مع باقي المتهمين مع الموزع على تسويق البضاعة بغير تقديمه للضمانات في حين أن الطاعن لم يتعاقد وليس من وظيفته هذا التعاقد فضلاً عن انتفاء مسئوليته لخلو الأوراق من دليل على اشتراك المتهمين...... و.... مع الطاعن بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة تسهيل الاستيلاء على مال الشركة وانصراف نيته إلى هذا التسهيل وأخيرًا فإن الحكم أنزل عقوبة الغرامة البالغ قدرها 100 مليم 85903 جنيه على الطاعن وإلزامه برد مثل هذا المبلغ في حين كان يتعين إلزام الطاعن وآخرين سبق الحكم عليهم متضامين بها إلا أن الحكم لم يلتزم بهذا النظر. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما قرره المحكوم عليهما..... و ...... بالتحقيق الإداري للشركة وبتحقيقات النيابة العامة ومما ثبت من تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات وتقرير إدارة خبراء وزارة العدل ومن وصف وتجديد اشتراطات شغل وظيفة رئيس قسم الوكلاء والموزعين. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون لارتكاب الطاعن لجناية تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال مما نص عليه في المادة 113 من قانون العقوبات مما يضحى معه منعاه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في استظهار القصد الجنائي يكون في غير محله، ومع ذلك فإن الحكم عرض لتوافر العقد الجنائي لدى الطاعن فأثبته في حقه بقوله: "أما عن توافر القصد الجنائي في حق المتهم بعنصرية: العلم والإرادة مما يدل عليه ما يلي. 1 - معرفة المتهم السابقة بالموزع وانتماؤهما إلى بلدة واحدة ينبئ في ظل ظروف الدعوى وملابساتها عن إحاطته بسوء سمعته وحقيقة مركزه المالي. 2 - إغفاله الإشارة إلى سوء سمعة الموزع وحقيقة مركزه المالي والحكم عليه في قضايا جنائية وهروبه من العدالة لا يصح عدة وليد إهمال في التحري، يدل على ذلك أن اللجنة التي كفلها رئيس مجلس إدارة الشركة بمحاولة تحصيل مستحقات الشركة من الموزع بالطرق الودية توجهت إليه بتاريخ...... وكان من بينها المتهم ولم تجد صعوبة في الوقوف على حقيقة أمره، وإذا كان المتهم قد استشعر أن الزعم بأن عدم مطابقة تحرياته لحقيقة مركز المتهم الأخلاقي والجنائي والمالي كان وليد خطأ غير عمدي هو مما يستعصى على القبول فاعتصم بتحقيقات النيابة بأن معاينته كانت بقصد الوقوف على مدى ملائمة المحل لعرض منتجات الشركة، وأنه ليس مختصًا بالتحري عن الموزع، وإن هذه التحريات لا يستلزمها تحرير عقد التوزيع، فإن هذا القول مردود بما قرره رئيس مجلس الإدارة وكذلك ما قرره كل من.... مدير المبيعات بالشركة و..... رئيس قسم العقود بها "سبق الحكم عليهما" وما ثبت من وصف وظيفة رئيس قسم الوكلاء والموزعين مصدقًا لأقوالهم على النحو المبسوط آنفًا. 3 - قيام المتهم بإعداد بيانات عقد التوزيع والتوقيع عليه ثم عرضه بمعرفته على مدير المبيعات لاعتماده بالرغم من أن هذه المرحلة من العقد مما يختص بها قسم العقود. 4 - سعى المتهم لدى قسم العقود لإعفاء الموزع من الضمانات وتقديمه طلبًا بذلك ذيل بموافقة منسوبة إلى مدير المبيعات. 5 - ما قرره رئيس مجلس إدارة الشركة من وجود تواطؤ بين المتهم وآخرين من موظفي الشركة - سبق الحكم عليهم - وبين الموزع وضح مظهره على نحو ما سلف. 6 - ما دلت عليه تحريات الشرطة من حصول مثل هذا التواطؤ. وهذا الذي أورده الحكم من أدلة وشواهد سائغ وكاف للتدليل على ثبوت قصد تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال الشركة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، كما لها أيضًا أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليمًا متفقًا مع حكم العقل والمنطق وهو الحال في الدعوى المطروحة في شأن استقرار إتيان الطاعن الأفعال المكونة لجريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام التي دين بها، كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن النيابة العامة أسندت للطاعن أنه وآخرين سبق الحكم عليها بصفتهم موظفين عموميين سهلوا الاستيلاء بغير حق على مواد البضاعة المملوكة للشركة وهي بذاتها الواقعة التي دارت عليها المرافعة بجلسة المحاكمة وقضى الحكم بإدانته عنها، فإن زعم الطاعن بأن الحكم أضاف واقعة لم يشملها وصف الاتهام يكون غير صحيح. هذا فضلاً عن أن خطأ المحكمة بإضافة جريمة أخرى للطاعن لم تقع منه لا ينال من صحته طالما لم توقع عليه سوى عقوبة واحدة هي المقررة للجريمة التي وردت بقرار الاتهام ودارت عليها المرافعة واقتصرت أسباب الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. وكان البين من الحكم المطعون فيه أن ما ينعاه عليه الطاعن من خطئه في الإسناد فيما حصله من أقوال العقيد..... من أن تحرياته السرية دلت على أن الموزع...... يوجد ثمة تواطؤ بينه وبين الطاعن - على فرض قيامه - لم يكن له أثر في منطق الحكم أو النتيجة التي انتهى إليها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصد لا يكون مقبولاً، لما كان ذلك وكان من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهما يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر، ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديدًا، لما كان ذلك، وكان الدفع بعدم ارتكاب الطاعن للجريمة مردودا بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق فلا محل لإخضاعه لما يجرى على الأحكام من قواعد البطلان ومن ثم فإن القصور في أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على صحة إجراءاتها. كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضى إعادتها إلى مرحلة الإحالة وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة. مما يكون معه نعى الطاعن في هذا الصدد غير مقبول، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن في شأن انتفاء مسئوليته لخلو الأوراق من دليل على اشتراك آخرين مع الطاعن في ارتكاب جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام وأطرحه بقوله: "وغني عن البيان أن الجريمة تكتسب تكييفها بالنظر إلى نشاط الفاعل, وقد عد الشارع الموظف العام في جريمة تسهيل الاستيلاء لمصلحته، ومن ثم لا وجه لاحتجاج الدفاع بعدم توافر عناصر اشتراك الموزع وزوجته مع المتهم في ارتكاب الجريمة إذ استظهار هذه العناصر مما يلزم لتقرير مسئولية الشريك - لا مسئولية الفاعل التي تقوم بمجرد اتجاه إرادته إلى تضييع المال على ربه مع علمه بسائر أركان الجريمة وعناصره التكوينية. لما كان من المقرر أن مسئولية المتهم تتحدد بما ينسب إليه من وقائع ولا يحاج بما يقضى به على متهم آخر ومن ثم فلا جدوى للطاعن من نعيه على الحكم بالقصور في التدليل على توافر جريمة الاشتراك في تسهيل الاستيلاء ما دام الثابت من الوقائع التي أثبتها ارتكاب الطاعن لجريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق للغير على المال العام التي دين بها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك وكانت المادة 44 من قانون العقوبات تنص على أنه "إذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد لجريمة واحدة فاعلين كانوا أو شركاء فالغرامات يحكم بها على كل منهم على انفراد خلافا للغرامات النسبية فإنهم يكونون متضامنين في الالتزام بها ما لم ينص في الحكم على خلاف ذلك، وكان من المقرر أن الغرامة التي نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات وإن كان الشارع قد ربط لها حدا أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه إلا أنها من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 سالفة الذكر والتي يجب الحكم بها على المتهمين معا ولا يستطاع التنفيذ عليهم بأكثر من مقدارها المحدد في الحكم سواء في ذلك أن يلزمهم الحكم بهذا المقدار متضامنين أو يخص كلاً منهم بنصيب منه. بيد أنه لما كان التضامن بين المتهمين في الغرامات النسبية طبقًا لصريح نص المادة 44 آنفة البيان - مشروطًا - بأن يكون قد صدر بها على المتهمين حكم واحد وكان الطاعن والمحكوم عليهم الآخرين قد صدر ضد كل منهم حكم مستقل فإن شرط تضامنهم في الغرامة يكون قد تخلف هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الأصل أن الرد هو بمثابة تعويض وليس عقوبة وعند تعدد الحكم عليهم يتعين الحكم عليهم بالرد متضامنين إعمالاً لنص المادة 169 من القانون المدني وهو الأمر الذي تخلف في الدعوى المطروحة - لأن القول بإلزام الطاعن وآخرين سبق الحكم عليهم متضامنين يخالف ما هو مقرر لنص المادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه لا يجوز الحكم على غير المتهم المقامة عليه الدعوى، ومن ثم فإن هذا الوجه من النعي يكون غير سديد، لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق