الصفحات

الجمعة، 19 سبتمبر 2014

(الطعن 1648 لسنة 56 ق جلسة 11 / 4 / 1996 مكتب فني 47 ج 1 ق 121 ص 647)

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي، شكري جمعه حسين، فتيحه قره نواب رئيس المحكمة وماجد قطب.
---------------------
1 - المقرر ـ في قضاء محكمة النقض ـ أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها وللخصوم والنيابة العامة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن.
 
2 - مسألة الاختصاص الولائي تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائما على المحكمة إذ الحكم في موضوع الدعوى يشتمل حتما على قضاء ضمني في الاختصاص والطعن على الحكم الصادر في الموضوع ينسحب بالضرورة وبطريق اللزوم على القضاء في الاختصاص سواء أثار الخصوم مسألة الاختصاص أو لم يثيروها وسواء أبدتها النيابة العامة أو لم تبدها فواجب المحكمة يقتضيها أن تتصدى لها من تلقاء نفسها.
 
3 - المقرر ـ في قضاء محكمة النقض ـ أن للدولة على الأموال العامة حق استعمالها أو استثمارها ويجرى ذلك وفقا لأوضاع وإجراءات القانون العام وأن تصرف السلطة الإدارية في الأموال العامة لانتفاع الأفراد بها لا يكون إلا على سبيل الترخيص وهذا يعتبر بذاته وبطبيعته مؤقتا وغير ملزم للسلطة العامة التي لها دائما لداعي المصلحة العامة الحق في إلغائه والرجوع فيه قبل حلول أجله ثم هو ـ عدا ذلك ـ خاضع لحكم الشروط والقيود الواردة فيه وإعطاء الترخيص ورفضه والرجوع فيه كل ذلك من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام ولا تخضع للقانون الخاص، وكون الترخيص يصرف بمقابل رسم يدفع لا يخرجه من طبيعته تلك ولا يجعله عقد إيجار.
 
4 - نص المادة 87 من القانون المدني ـ يدل ـ وعلى ما أفصحت عنه أعماله التحضيرية ـ بأن المشرع لم يحدد الأشياء العامة بل جمعها في عبارة موجزة واضحة وتجنب فقط تعدادها بما وضعه من معيار التخصيص للمنفعة العامة وهو معيار يضع تعريفا عاما تتعين بمقتضاه الأموال العامة دون حاجة لتعدادها كما هو الحال في القانون المدني القديم ومن ثم فإن الطرق والميادين والأسواق العامة تعتبر من الأموال العامة بحكم تخصيصها للمنفعة العامة.
 
5 - إذ كان ترخيص السلطة الإدارية للأفراد بالانتفاع بالأموال العامة قد تنظمه القوانين واللوائح كما هو الحال في الطرق العامة إذ أصدر المشرع القانون 140 لسنة 1956 في شأن اشغال الطرق العامة ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 395 لسنة 1956 ونصت المادة الثانية من القانون المذكور على بعض صور الأشغال كأعمال الحفر والبناء والأكشاك الخشبية، كما حددت اللائحة أنواع الطرق العامة ودرجاتها والإشغالات التي يجوز الترخيص بها وأنواعها وكيفيتها وشروطها والرسوم والتأمينات المستحقة على كل نوع حسب نوع الطريق العام ودرجته، وأن الرسم المستحق على الأشغال المشار إليه يختلف تماما عن الأجرة ولو كانت جهة الإدارة قد اعتبرته أجرة أو وصفت العلاقة بأنها إيجار إذ العبرة في تكييف العلاقة التي تربط جهة الإدارة بالمنتفع بالمال العام ـ وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض ـ هو بحقيقة الواقع وحكم القانون ما دام العقد قد تعلق بمال عام وكانت جهة الإدارة تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة.
 
6 - لما كان الثابت بالأوراق أن محل العقد ركاز الدعوى المؤرخ 1979/4/25 هو الترخيص باستغلال كشك خشبي بالجزيرة الوسطى أمام مدخل حديقة الأورمان من شارع الجامعة بغرض بيع الحلويات والسجاير والمياه الغازية واتفق في البند الثاني على تحديد مقابل الانتفاع، وفى البند الثالث على التزام المنتفع ـ المطعون ضده ـ بشروط العقد المرفقة وأي شروط أخرى يقتضيها الصالح العام، ومن بين شروط العقد أيضا أحقية حي جنوب الجيزة ـ الطاعن الأول بصفته ـ بسحب الالتزام دون اتخاذ أي إجراء قضائي فإن محل العلاقة بين الطاعن الأول بصفته المطعون ضده تكون قد وردت على مال عام مخصص للنفع العام عملا بالمادة87 من القانون المدني...، وأن انتفاع المطعون ضده به على سبيل الترخيص يعتبر من الأعمال الإدارية وتعتبر المنازعة بشأنها منازعة إدارية وينعقد الاختصاص بنظرها لجهة القضاء الإداري ـ وتخرج من ولاية المحاكم العادية ـ عملا بالمادتين 15، 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 والمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر العلاقة بين الطاعن الأول بصفته والمطعون ضده علاقة إيجاريه وعقد لنفسه الاختصاص بنظر موضوعها فإنه يكون قد قضى ضمنا باختصاص المحاكم العادية بنظرها بالمخالفة لقاعدة من قواعد الاختصاص الولائى وهى قاعدة آمره متعلقة بالنظام العام مما يعيب الحكم.
 
7 - المادة 269 /1 من قانون المرافعات تنص على أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تبين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص القضاء العادي ولائيا بنظر الدعوى واختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظرها دون الإحالة إعمالا بصريح نص المادة 269/1 من قانون المرافعات.
---------------------
  بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنين بصفتهما الدعوى رقم 5662 لسنة 1979 كلي الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 25/4/1979 المبرم بينه وبين الطاعن الأول بصفته ورد ما دفعه من مبالغ، وإلزامهما متضامنين بأداء مبلغ 2000 ج تعويضا له. وقال بيانا لذلك إنه قد رسا عليه مزاد استغلال الكشك المبين بالصحيفة بموجب العقد المشار إليه وإذ أخل الطاعن الأول بصفته بالتزامه بتمكينه من الانتفاع به لاستحالة توصيل التيار الكهربائي إليه فأقام الدعوى. ومحكمة أول درجة بعد أن ندبت خبيرا في الدعوى وقدم تقريريه الأصلي والتكميلي، حكمت برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 33270 لسنة 102 ق القاهرة، وبتاريخ 19/3/1986 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبفسخ العقد مع إلزام الطاعن الأول بصفته برد ما دفعه له المطعون ضده من مبالغ، وإلزام الطاعنين بصفتهما بأن يؤديا للأخير مبلغ 1000 ج على سبيل التعويض. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه. وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه إذ قضى ضمنا برفض الدفع المبدي منهما أمام محكمة أول درجة - ويعد مطروحا أمام محكمة الاستئناف إعمالا للأثر الناقل للاستئناف - بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى واختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظرها، وأقام قضاءه على أساس أن العلاقة بينهما وبين المطعون ضده علاقة إيجارية تسري بشأنها أحكام عقد الإيجار وما تفرضه من التزامات على عاتق المؤجر بضمان العيوب الخفية في العين المؤجرة ومسئوليته عن تعويض المستأجر عن الخطأ الذي يقع منه في حين أن هذه العلاقة هي ترخيص إداري للمطعون ضده باستغلال الكشك الخشبي إذ تصرف السلطة الإدارية في الأموال العامة لانتفاع الأفراد بها لا يكون إلا على سبيل الترخيص وهو عمل إداري لا يمنح المرخص له حقا من الحقوق التي ينظمها القانون المدني وإنما تخضع حقوقه فيه لأحكام القانون العام وتكون المنازعة في شأنه من اختصاص القضاء الإداري وليس المحاكم العادية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد. ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها وللخصوم والنيابة العامة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن، وأن مسألة الاختصاص الولائي تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائما على المحكمة إذ الحكم في موضوع الدعوى يشتمل حتما على قضاء ضمني في الاختصاص، والطعن على الحكم الصادر في الموضوع ينسحب بالضرورة وبطريق اللزوم على القضاء في الاختصاص سواء أثار الخصوم مسألة الاختصاص أو لم يثيروها وسواء أبدتها النيابة العامة أو لم تبدها فواجب المحكمة يقتضيها أن تتصدى لها من تلقاء نفسها. ومن المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة أن للدولة على الأموال العامة حق استعمالها أو استثمارها ويجرى ذلك وفقا لأوضاع وإجراءات القانون العام، وأن تصرف السلطة الإدارية في الأموال العامة لانتفاع الأفراد بها لا يكون إلا على سبيل الترخيص، وهذا يعتبر بذاته وبطبيعته مؤقتا وغير ملزم للسلطة العامة التي لها دائما لداعي المصلحة العامة الحق في إلغائه والرجوع فيه قبل حلول أجله ثم هو - عدا ذلك - خاضع لحكم الشروط والقيود الواردة فيه أو إعطاء الترخيص ورفضه والرجوع فيه، كل ذلك من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام ولا تخضع للقانون الخاص وكون الترخيص يصرف بمقابل رسم يدفع لا يخرجه من طبيعته تلك ولا يجعله عقد إيجار. ولما كان النص في المادة 87 من القانون المدني يدل - وعلى ما أفصحت عنه أعماله التحضيرية - بأن المشرع لم يحدد الأشياء العامة بل جمعها في عبارة موجزة واضحة وتجنب فقط تعدادها بما وضعه من معيار التخصيص للمنفعة العامة وهو معيار يضع تعريفا عاما تتعين بمقتضاه الأموال العامة دون حاجة لتعدادها كما هو الحال في القانون المدني القديم ومن ثم فإن الطرق والميادين والأسواق العامة تعتبر من الأموال العامة بحكم تخصيصها للمنفعة العامة، وإذ كان ترخيص السلطة الإدارية للأفراد بالانتفاع بالأموال العامة قد تنظمه القوانين واللوائح كما هو الحال في الطرق العامة إذ أصدر المشرع القانون 140 لسنة 1956 في شأن إشغال الطرق العامة ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 395 لسنة 1956 ونصت المادة الثانية من القانون المذكور على بعض صور الأشغال كأعمال الحفر والبناء والأكشاك الخشبية، كما حددت اللائحة أنواع الطرق العامة ودرجاتها والإشغالات التي يجوز الترخيص بها وأنواعها وكيفيتها وشروطها والرسوم والتأمينات المستحقة على كل نوع حسب نوع الطريق العام ودرجته، وأن الرسم المستحق على الأشغال المشار إليه يختلف تماما عن الأجرة ولو كانت جهة الإدارة قد اعتبرته أجرة أو وصفت العلاقة بأنها إيجار إذ العبرة في تكييف العلاقة التي تربط جهة الإدارة بالمنتفع بالمال العام - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو بحقيقة الواقع وحكم القانون مادام العقد قد تعلق بمال عام وكانت جهة الإدارة تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة. لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن محل العقد ركاز الدعوى المؤرخ 25/4/1979 هو الترخيص باستغلال كشك خشبي بالجزيرة الوسطى أمام مدخل حديقة الأورمان من شارع الجامعة بغرض بيع الحلويات والسجائر والمياه الغازية واتفق في البند الثاني على تحديد مقابل الانتفاع، وفي البند الثالث على التزام المنتفع - المطعون ضده - بشروط العقد المرفقة وأي شروط أخرى يقتضيها الصالح العام، ومن بين شروط العقد أيضا أحقية حي جنوب الجيزة - الطاعن الأول بصفته - بسحب الالتزام دون اتخاذ أي إجراء قضائي، فإن محل العلاقة بين الطاعن الأول بصفته والمطعون ضده تكون قد وردت على مال عام مخصص للنفع العام عملا بالمادة 87 من القانون المدني على ما سلف بيانه وأن انتفاع المطعون ضده به على سبيل الترخيص يعتبر من الأعمال الإدارية وتعتبر المنازعة بشأنها منازعة إدارية وينعقد الاختصاص بنظرها لجهة القضاء الإداري - وتخرج من ولاية المحاكم العادية - عملا بالمادتين 15، 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 والمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر العلاقة بين الطاعن الأول بصفته والمطعون ضده علاقة إيجارية وعقد لنفسه الاختصاص بنظر موضوعها فإنه يكون قد قضى ضمنا باختصاص المحاكم العادية بنظرها بالمخالفة لقاعدة من قواعد الاختصاص الولائي وهي قاعدة آمرة متعلقة بالنظام العام مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. لما كان ذلك وكانت المادة 269/1 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة"، فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص القضاء العادي ولائيا بنظر الدعوى واختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظرها دون الإحالة إعمالا لصريح نص المادة 269/1 من قانون المرافعات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق