الصفحات

الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

الطعن 1768 لسنة 34 ق جلسة 5/ 4/ 1965 س 16 ج 2 ق 72 ص 352


برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي, وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري, وقطب فراج, وعبد المنعم حمزاوي, ونصر الدين عزام.
-----------
- 1  حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب". إثبات "بوجه عام".
العبرة في الأحكام الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة بإدانة المتهم أو ببراءته لا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين عدا الأحوال التي قيده القانون فيها بذلك ، كما هو الحال بالنسبة الي محضر الجلسات أو الأحكام فيما تضمنته اعتبار هذه الأوراق حجة لا يعني أن المحكمة تكون ملزمة بالأخذ بها ما لم يثبت تزويرها أو ما ينفيها المقصود هو أن المحكمة تستطيع الأخذ بما ورد فيها دون أن تعيد تحقيقه بالجلسة لها تقدير قيمتها بمنتهى الحرية فترفض الأخذ بها ولو لم يطعن فيها علي الوجه الذي رسمه القانون .
من المقرر أن العبرة في الأحكام الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة بإدانة المتهم أو ببراءته، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين فيما عدا الأحوال التي قيده القانون فيها بذلك كما هي الحال بالنسبة إلى محاضر الجلسات أو الأحكام فيما تضمنته، على أن اعتبار هذه الأوراق حجة لا يعني أن المحكمة تكون ملزمة بالأخذ بها ما لم يثبت تزويرها أو يثبت ما ينفيها بل إن المقصود هو أن المحكمة تستطيع الأخذ بما ورد فيها دون أن تعيد تحقيقه بالجلسة، ولكن لها أن تقدر قيمتها بمنتهى الحرية فترفض الأخذ بها ولو لم يطعن فيها على الوجه الذي رسمه القانون. وإذا كان الحكم الابتدائي الذي أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه قد أطرح ما جاء بأسباب الحكم الصادر في الدعوى المضمومة ورجع إلى التحقيقات ذاتها يستهدي منها الحقيقة وواقع الحال وأخذ بأقوال المجني عليه بتلك التحقيقات فلا يجوز للطاعن مصادرة المحكمة في عقيدتها أو مجادلتها في عناصر اطمئنانها. ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون له محل.
- 2  قوة الأمر المقضي .
حجية الشيء المقضي به عدم ورودها في الأحكام الا لما يكون مكملا للمنطوق ومرتبطا به ارتباطا وثيقا غير متجزئ
الأصل في الأحكام ألا ترد حجية الشيء المقضي به إلا لما يكون مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطا وثيقاً غير متجزئ بحيث لا يكون للمنطوق قوام إلا به.
---------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يومي 9، 10 مايو سنة 1958 بدائرة بندر أسيوط: ارتكبا تزويرا في محررين عرفيين هما الورقتين المؤرختين في 15/1/1958، 1/5/1958 وذلك بجعلهما واقعة غير صحيحة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بذلك بأن أثبتا في الأولى أن ..... باع لهما عقارات مبنية بشارع رياض بأسيوط بمبلغ 6000ج ستة آلاف جنيه دفعا له منها خمسة آلاف جنيه وأثبتا في الثانية أنهما دفعا له مبلغ الألف جنيه الباقية وقدما هاتين الورقتين إليه زاعمين أنهما عقد بيع صوري لأطيان كائنة بناحية ولجا وورقة الضد الخاصة بهذا البيع فوقع على الورقتين بناء على ذلك وطلبت عقابهما بالمادتين 213، 215 من قانون العقوبات وقد ادعى ...... عن نفسه وبصفته وكيلا عن ..... و...... و...... بحق مدني قبل المتهمين وطلبت القضاء لهم بمبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة بندر أسيوط قضت حضوريا بتاريخ 9 ديسمبر سنة 1961 عملا بمادتي الاتهام بحبس كل من المتهمين ستة شهور مع الشغل وكفالة ألف قرش لكل منهما لوقف التنفيذ وألزمتهما بأن يؤديا متضامنين للمدعين بالحق المدني ألف جنيه والمصروفات وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحـاماة ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. فاستأنف المتهمان هذا الحكم. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة أسيوط الابتدائية تنازل المدعون مدنيا عن مخاصمة المتهم الآخر مؤقتا وتوجيه الدعوى ضد الطاعن. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا بتاريخ 21 ديسمبر سنة 1963 (أولا) بقبول استئناف الطاعن (ثانيا) وفي الموضوع بالنسبة للدعوى الجنائية برفض وتأييد الحكم المستأنف وبالنسبة للدعوى المدنية إلزام الطاعن أن يدفع للمدعين بالحق المدني مبلغ خمسمائة جنيه والمصروفات. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تزوير محررين عرفيين قد شابه خطأ في القانون وقصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع. ذلك بأن الطاعن طلب من المحكمة الاستئنافية ضم الجنحة رقم 1428 سنة 1958 بندر أسيوط لأن المجني عليه أقر فيها ببيع المنازل موضوع جريمة التزوير إلى الطاعن والمتهم الآخر بيعاً صورياً وبأنه وقع على عقد البيع وورقة الضد ومع أهمية هذا الطلب فقد امتنعت المحكمة عن إجابته ومن ناحية أخرى فإن محكمة أول درجة أشارت في حكمها إلى الحكم الصادر في هذه القضية وقالت في شأنه إن ما ذكر فيه من إقرار المجني عليه بتوقيعه على عقد بيع المنازل والإيصال موضوع الاتهام إنما كان خطأ مادياً وأن المجني عليه إنما أقر في التحقيقات بتوقيعه على ورقتين أخريين خلاف المطعون بتزويرهما في حين أن الأحكام متى صدرت حازت حجيتها وأصبحت قرينة على صحة مدوناتها فما كان يجوز للمحكمة أن تعتبر ما جاء في ذلك الحكم خطأ مادياً وبالإضافة إلى هذا فإن المحكمة لم تبين الظروف والملابسات التي استخلصت منها أن تلك العبارة إنما كانت مجرد خطأ مادي وإذ ما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بأسباب الحكم الابتدائي فيما أورده بهذا الشأن فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه ثم إن المدعيين بالحق المدني أقاما دعوى حراسة قيدت برقم 106 سنة 1961 مستعجل أسيوط وقد قدم فيها إقرار مؤرخ 9/3/1961 أقر فيه أحد المدعيين بالحق المدني بصحة عقد البيع موضوع الاتهام وبتنازله عن دعواه المدنية إلا أن المحكمة لم تعن ببحث موضوع هذا الإقرار والرد عليه
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن الطاعن والمتهم الآخر كانا يجاوران المجني عليه إذ يسكن أحدهما بحجرة ملحقة بمنزله ويقيم الآخر بمنزل آخر مملوك للمجني عليه ومجاور للمنزل الأول وإذ كان المجني عليه يمتلك أطياناً زراعية قدرها 4ف و12ط و6س بناحية ولجا وقد تعذر عليه استغلالها فقد أقنعه المتهمان بالتخلص منها بأن يبيعها إليهما بيعاً صورياً يحرر عنه ورقة ضد حتى يمكنهما التصرف فيها لحسابه إلا أنهما استغلا علاقتهما الوطيدة به وثقته فيهما وضعف بصره وعدم إلمامه بقراءة وكتابة اللغة العربية وعرضا عليه ورقتين وقعهما على أنهما عقد بيع هذه الأطيان وورقة الضد المتعلقة به ثم سافر بعد ذلك إلى القاهرة لقضاء بضعة أيام ولما عاد إلى أسيوط اكتشف سرقة بعض محتويات مسكنه وورقة الضد فأبلغ الأمر إلى الشرطة وحرر عن ذلك محضر الجنحة رقم 994 سنة 1958 بندر أسيوط ولما توجه لتحصيل إيجار منازله أخبره المستأجرون بأن المتهمين أرسلا إليهم إنذارات بعدم سداد الإيجار إليه لأنهما اشتريا تلك المنازل منه فأيقن أن المتهمين لابد وقد خدعاه واستوقعاه زوراً عقود بيع عنها وقد أنكر المتهمان ما نسب إليهما وقرر أنهما اشتريا فعلاً تلك المنازل من المجني عليه بموجب عقد بيع تاريخه 15/1/1958 وسددا باقي الثمن بمخالصة مؤرخة 1/5/1958 وقدما عقد البيع والمخالصة وزعم المتهم الآخر بأنه تمكن من سداد نصيبه من الثمن وقدره 2500 جنيه لأنه عثر على كنز في منزله احتوى على ثمانمائة جنيه من الذهب باعها إلى الحجاج مما عاد عليه بأرباح وفيرة وقرر الطاعن أنه دفع ما يخصه من الثمن عن طريق سرقة مبلغ ألفي جنيه من والده كما أنه كان يدير محلاً (كانتين) ربح منه 700 جنيه بيد أن شريكه في هذا المحل شهد بأن رأس المال كان 25 جنيهاً وقد خسر مشروعهما مما حدا به إلى الانفصال عنه فاستمر الطاعن في إدارته نحو من ثمانية وأربعين يوماً ثم سلمه لآخر وتبين من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن عقد البيع المؤرخ 15/1/1958 والإيصال المؤرخ 1/5/1958 موقع عليهما بإمضاء المجني عليه وإن كانت بعض عبارات هذا الإيصال قد حررت بمداد يختلف عن المداد الذي حررت به باقي مدوناته كما تبين من أقوال شيخ الختامين أن الختم الموقع به على عقد البيع المذكور والمنسوب إلى المجني عليه ليس ختمه الحقيقي إذ أنه يحمل سنة 1359 هجرية في حين أن ختم المجني عليه نقش في سنة 1376 هجرية. لما كان ذلك, وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة الابتدائية أن الدفاع طلب ضم القضية رقم 1428 سنة 1958 جنح بندر أسيوط فأجابته المحكمة إلى طلبه وأجلت الدعوى لجلسة مقبلة وأمرت بضم هذه القضية ثم أثبت الحكم الابتدائي إطلاع المحكمة على القضية المنضمة وسجل البيانات التي استقاها منها, أما دفاع الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية فقد جاء خلواً من الإشارة إلى سلخ هذه القضية من ملف الدعوى وبالتالي فإنه لم يطلب إعادة ضمها. ولما كان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن أن ملف القضية رقم 1428 سنة 1958 جنح بندر أسيوط مرفق بالأوراق وكان الثابت من مذكرة الطاعن المقدمة لمحكمة ثاني درجة أنه أشار صراحة إلى أن هذه القضية منضمة فعلاً لملف الدعوى فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قالة الإخلال بحق الدفاع لامتناعه عن ضم القضية يكون نعياً غير صحيح. لما كان ذلك, وكان الحكم الابتدائي الذي تبنى أسبابه الحكم المطعون فيه قد أورد ما حصله من واقع القضية المضمومة في قوله "ثبت من الاطلاع على محضر الجنحة 1428 سنة 1958 قسم ثان أسيوط أنه حرر بناء على بلاغ من المجني عليه وقرر في 21/5/1958 أن المتهمين يتعرضان له في منازله ونفى بيعها لهما كما قررا وأنه يخشى أن يكون زورا عليه بيعاً من هذا القبيل وسئل المتهمان فقررا بأن المجني عليه باع لهما المنازل" ثم عرض الحكم إلى دفاع المتهمين بشأن تمسكهما بما تضمنته أسباب الحكم الصادر في القضية المضمومة من إقرار المجني عليه بتوقيعه على عقد بيع المنازل وأن ادعى بصوريته ورد عليه بقوله "إن القول بأن الحكم في الدعوى رقم 1428 سنة 1958 قسم ثان أسيوط المنضمة أثبت اعتراف المجني عليه بعقد بيع منزل صوري أمر يجافيه واقع الاطلاع على الجنحة نفسها إذ ثبت من أقوال المجني عليه أنه ينكر هذا القول تماماً ويتخوف من ادعاء البيع بعقود مزورة". ولما كان الثابت من الاطلاع على القضية المضمومة أنها تختلف عن الدعوى المطروحة سبباً وموضوعاً وإن اتحدتا في أشخاص الخصوم إذ الأولى مقيدة ضد المتهمين بالمادة 370 من قانون العقوبات لدخولهما منزلاً مسكوناً في حيازة المجني عليه بقصد منع حيازته بالقوة أما الثانية فقد قيدت ضدهما بالمادتين 213 و215 من قانون العقوبات لارتكابهما تزويراً في محررين عرفيين فلكل من القضيتين ذاتية خاصة ووقائع مستقلة عن الأخرى مما تتحقق معه المغايرة التي يمتنع معها التمسك بحجية الشيء المقضي به, وكان الأصل في الأحكام ألا ترد هذه الحجية إلا على منطوقها ولا يمتد أثرها إلى الأسباب إلا لما يكون مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ بحيث لا يكون للمنطوق قوام إلا به, وكان من المقرر أيضاً أن العبرة في الأحكام الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة بإدانة المتهم أو ببراءته فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين فيما عدا الأحوال التي قيده القانون فيها بذلك كما هي الحال بالنسبة إلى محاضر الجلسات أو الأحكام فيما تضمنته على أن اعتبار هذه الأوراق حجة لا يعني أن المحكمة تكون ملزمة بالأخذ بها ما لم يثبت تزويرها أو ما ينفيها بل إن المقصود هو أن المحكمة تستطيع الأخذ بما ورد فيها دون أن تعيد تحقيقه بالجلسة ولكن لها أن تقدر قيمتها بمنتهى الحرية فترفض الأخذ بها ولو لم يطعن فيها على الوجه الذي رسمه القانون, وإذ ما كان الحكم الابتدائي الذي أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه قد أطرح ما جاء بأسباب الحكم الصادر في الدعوى المضمومة ورجع إلى التحقيقات ذاتها يستهدي منها الحقيقة وواقع الحال وأخذ بأقوال المجني عليه بتلك التحقيقات فلا يجوز للطاعن مصادرة المحكمة في عقيدتها أو مجادلتها في عناصر اطمئنانها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك, وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من إغفاله التعرض لما أقر به أحد المدعيين بالحق المدني في دعوى الحراسة رقم 106 سنة 1961 مستعجل أسيوط في صحة عقد البيع موضوع الاتهام فمردود بأنه فضلاً عن خلو دفاع الطاعن الثابت بمحضر جلسات المحاكمة بدرجتيها من ذكر هذه الدعوى أو طلب ضمها أو الإشارة إلى ما تضمنته من إقرارات فإن الثابت من الاطلاع على المفردات أن هذه القضية لم ترفق أصلاً بملف الدعوى وخلت مذكرتا الطاعن من الإشارة إلى هذا الإقرار أو بيان ماهيته ومن ثم لا يقبل منه أن ينعى على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثره أمامها لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق